الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أصحاب الحدیث /

فهرس الموضوعات

أصحاب الحدیث


تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/28 ۱۱:۲۴:۲۵ تاریخ تألیف المقالة

نماذج من النظرية الكلامية

استناداً إلى رواية عن أحمد‌بن حنبل، كان في أوساط أصحاب الحديث (الأثر) خلال النصف الأول من القرن 2ه‍ ، أسلوبان في كيفية التعامل مع القدرية: كان البعض مثل أيوب السختياني و سعيد بن إياس الجريري يتجنبون بمنتهى الحزم مخاصمة القدرية، بينما لم‌يكن البعض الآخر أمثال سليمان بن طرخان التيمي (تـ‍ 143ه‍ ‍(، ليتورّعوا عن خصام كهذا. ولم‌يكن تجنب أيوب و من يشاطره الرأي، الخصامَ الكلاميَّ خالياً من الحكمة. و كان ذلك الفريق من أصحاب الحديث الذين يشغلون أذهانهم بالمباحث الكلامية بشكل أكبر، يبلغون بأنفسهم مرتبة من النظرية الكلامية. و استناداً إلى المصادر، فإنه في أواسط القرن 2ه‍ تحدث علماء من أصحاب الأثر في الكوفة مثل منصور (يبدو أنه منصور بن المعتمر، ظ: ابن سعد، 6 / 235) والأعمش و مسعر بن كدام في مجال الاعتزال و القدر (ظ: ابن تيمية، 5 / 35)، لكن يجب الانتباه إلى أن القول بالقدر في أوساط المحدِّثين كان يتم تحمّله بصعوبة مبدئياً. 
و لدى التوسع في الحديث عن الإيمان، يجدر القول إن موقف أصحاب الحديث كان أكثر اعتدالاً، و كانت في أوساطهـم ــ إلى حدّ ما ــ إمكانية تحمّل أفكار المرجئة. و قد بلغ هذا التحول حداً أن اشتهر معه أواسط القرن 2ه‍ ــ سواء في الكوفة و إيران، أم في مكة ــ رجال من بين صفوف مدرسة أصحاب الحديث مثل مسعر ‌ابن كدام و عبد العزيز بن أبي روّاد و إبراهيم بن طهمان بشكل رسمي بأنهم من المرجئة (ظ: ابن سعد، 5 / 362، 6 / 253-254؛ الذهبي، ميزان، 1 / 38)، من غير أن تحدث لهم مشاكل حقيقية في اختلاطهم مع أصحاب الحديث المعاصرين لهم، و من غير أن يطال ثلبُ الأجيال القادمة شخصياتهم بسبب سوء معتقدهم. 
و إلى جانب المرجئة المعلنين، ينبغي أن نذكر علماء سلكوا بشكل ما و بتقديمهم نظريات شتى، طريق التقريب بين أصحاب الحديث و المرجئة، رغم إعلانهم التزامهم بشعار أصحاب الحديث في الإيمان. 
و في البدء، تجدر الإشارة إلى رأي لسفيان الثوري الذي كان يذكّر أن الناس من وجهة النظر الفقهية للأحكام و المواريث، يُعدّون مؤمنين جميعاً، لكن مكانتهم عند الله خافية علينا، ويحدونا الأمل فحسب في أن يكونوا مؤمنين حقاً (ظ: عبدالله بن أحمد، 73). و بغض النظر عن العبارة المتكررة و ذات الاتجاه الفردي «الإيمان يزيد و ينقص»، فإن هذا أنموذج لنظرية في باب الإيمان من الجانب الاجتماعي قلما وُجد لها مثيل بين أصحاب الحديث. و في مقارنة بين هذه النظرية و نظرية الإرجاء عند أبي حنيفة (ظ: ن.د، 4 / 518-519، 521)، يتضح جلياً كيف أن هذين العالمين الكوفيين المعاصرين لبعضهما اقتربا من بعضهما في نظرية اجتماعية برغم الصراع المرير في الشعائر. 
و فـي البصرة اجتهـد حمـاد بـن زيـد (تـ 179ه‍ ( و من خلال طرحـه علاقـة العمـوم و الخصوص بيـن الإسـلام و الإيمـان (ظ: عبدالله بن أحمد، 74)، إلى أن يجد جواباً مقنعاً للمتكلمين لنظرية درجات الإيمان في عقيدة أصحاب الحديث، و هي العلاقة التـي طُرحت قبـل ذلك مراراً فـي تعاليم الأئمة من أهل البيـت (ع) (ظ: الكليني، 2 / 24 و ما بعدها). و في مكة كان سفيان بن عيينة يعدّ السؤال حول صحة عبارة «أنا مؤمن إن شاء الله»، أو ما يسمى «الاستثناء في الإيمان»، بدعة. و كان يقف سداً في مواجهة هجوم المرجئة بطرحه شعار «أنا لا أشك في إيماني»، لكنه و في مقام انسجام هذا القول مع شعار أصحاب الحديث، لم‌يكن يعدّ القول بأن الإيمان قابل للنقصان، أمراً باطلاً؛ و لم‌يكن يعد الاستثناء فـي الإيمان مكروهـاً، و كان يعتقـد أن هـذا الاستثنـاء ــ خلافاً لادعاء المرجئـة ــ ليس من مصاديق الشك (ظ: عبدالله‌ ابن أحمد، 73). 
و فـي أوائل القرن 3ه‍ ، ينبغي أن نذكر أبا عبيد القاسم بـن سلام (تـ 224ه‍ ( الذي كان له موقف تحليلي لمسألة الصفات والنصوص المتعلقة بها، و كان يتجنب الخوض في التشبيه. وبرغم أن أبا عبيد و على كثرة مؤلفاته، أقدم في باب العقائد فحسب، على تأليف كتاب الإيمان في الرد على المرجئة، إلا أنه طرح أيضاً في مواضع شتى من آثاره الأخرى وبحسب مقتضى الحال بحوثاً في باب الصفات. 
و من خلال تقديمه تحليلاً لنظرية عدم خلق القرآن، استخرج أبو عبيد فكرة « القرآن من الله» من القرآن الكريم نفسه (السجدة / 32 / 2). و عدَّ، استناداً إلى آية أخرى (النحل / 16 / 40)، القولَ أقدمَ من «الشيء»، و رأى أن هذا القول تعبير عن كلام الله (ظ: عبد الله بن أحمد، 28). كما عدّ أبو عبيد التأويل جائزاً في التعامل مع النصوص الموهمة بالتشبيه (ظ: الناسخ، 86-87). ولدى شرحه أحاديث من هذا النوع، اتجه إلى الاستنتاجات التأويلية (مثلاً ظ: غريب...، 2 / 145 و ما بعدها).. 
و في النصف الأول من القرن 3ه‍ ، طرحت مسألة خلق القرآن في أوساط أصحاب الحديث بتحريض من ابن أبي دؤاد المعتزلي و بخلفية سياسية، و تداول عدد من أصحاب الحديث خلال الواقعة الشهيرة بالمحنة (ن.ع) و خوفاً على أنفسهم، القولَ بخلق القرآن، لكن هناك روايات تدل على أن بعض الشخصيات المعروفة من أصحاب الحديث في هذه الفترة التاريخة و بعدها بقليل، كانوا حقاً يقولون بخلق القرآن، و من بين هؤلاء ينبغي أن نخـص بالذكـر العـالـم البصـري إسماعيـل بـن عـليـة (تـ 193ه‍ ( (ظ: الخطيب، تاريخ، 6 / 237-239؛ الذهبي، ميزان، 1 / 219-220) والعالـم البغدادي علي بـن المدينـي (تـ 234ه‍ (والعالـم الشامـي هشـام بـن عمـار (تـ 245ه‍ ( )ظ: الذهبي، ن.م، 4 / 303). و يجدر هنا أن نذكر أن يحيى بن معين العالم المعاصر لعلي بن المديني كان قد وصف عدداً من علماء البصرة (من أصحاب الحديث) بالقدرية، و إن هذا بحدّ ذاته يُظهر أن تأثير أفكار المعتزلة في أوساط أصحاب الحديث كان أبعد من مسألة القول بخلق القرآن. و جدير بالذكر أن علي بن المديني انبرى في رسالة لدحض آراء يحيى بشأن هؤلاء العلماء (للاطلاع على المخطوطة، ظ: GAS,I / 108؛ عن متكلمي أهل السنة مثل ابن كلاب والأشعري وعلاقتهما بأصحاب الحديث، ظ: ن.د، الإسلام، الأفكار الكلامية في القرنين 2و 3ه‍ ، أيضاً الأشاعرة).

الاقتصار على النص و منع التأويل

كان طرح فكرة الاقتصار على النص و تجنب التأويل في باب أحاديث الصفات، يطوي في النصف الثاني من القرن 2ه‍ مراحل تبلوره. و بهذا الشأن تجدر الإشارة في البدء إلى قول مالك الذي كان يعدّ فيما يتعلق بالاستواء على العرش، أصل الصفة ثابتاً و كيفيتها مجهولة، و يرى أن الاعتقاد بهذا الإجمال سنّة (ظ: ابن أبي زيد، 153-156؛ الذهبي، العلو، 123). و بطبيعة الحال، فإنه ينبغي التذكير بأن مالكاً خلافاً لعلماء مثل يزيد بن هارون الذين كانوا يرون أن الاستواء هو بمعناه المتبادر عند العامة (عبد الله بن أحمد، 12)، كان يتعامل بشدة مع الأحاديث الموهمة بالتشبيه، و يمنع رواية أغلبها (أيضاً الذهبي، ميزان، 2 / 419-420).
كما طُرحت نظرية «الكيفية مجهولة» ببيان مختلف و مضمون قريـب في أقوال بقية علماء الحجاز مثل عبد العزيز ابن الماجشون (تـ 164، أو 166ه‍ (، و فيمـا بعد عبد الله بن الزبير الحميـدي (تـ 219ه‍ (؛ كما في روايتين منقولتين عن هذين الاثنين من أنه يجب أن يتم القبول فيما يتعلق بصفات الباري بما كان منطوق القرآن و الحديث من غير زيادة و تفسير، و ينبغي التوقف عند ما ذكر في النص (ظ: م.ن، العلو، 105-106، 122-123؛ للاطلاع على القول المنسوب إلى ابن الماجشون في خلق القرآن، ظ: الأشعري، 586). 
و كانت النظرية الحجازية القائلة بالاقتصار على النص في أحاديث الصفات، خلال النصف الأول من القرن 3ه‍ ، أساس الفكر الكلامي لأحمد بن حنبل في البحوث العقائدية، لكن ما كان يميز تعاليم أحمد بن حنبل عن أصحاب الأثر المتقدمين مثل مالك هو عدم تجنبهم رواية الأحاديث الموهمة بالتشبيه (مثلاً ظ: أحمد بن حنبل، 1 / 285، 5 / 170). و إلى جانب عدم الابتعاد عن ترويج أحاديث الصفات، فإن تجنب أحمد الشديد لأي شكل من أشكال التأويل و الاستنباط العقلي من النصوص القرآنية و الروايات، والتأكيد على قبول ظواهر النص من غير نقاش، و السعي إلى تناولها كلامياً، جعل النظام العقائدي لأصحاب الحديث المتأثرين بأحمد يظهر على شكل مجموعة غير مسوغة من القوالب المأثورة التي تدرج في الحقيقة القسم الرئيس من النظام الكلامي في اعتقاد واقعي، و هو الاعتقاد بصحة النصوص المأثورة التي فُهم مضمونها بشكل مجمل (للاطلاع على عقائد منقولة عن أحمد، ظ: ابن أبي يعلى ، 1 / 241-246، 294-295، 341-345). 
و في تعليمه لعقائده، كان أحمد قد لخّص القسم الأعظم من علم الكلام في عقيدة واحدة تقوم على الاعتقاد بصحة النصوص المأثورة التي يُعلم مفهومها بشكل مجمل فقط(مثلاً ظ: ن.صص)، لكن لاشك في أنه من وجهة نظر معارضيه، فإن اعتقاده في الصفات يمكن أن يوصف بالتشبيه بسهولة، و كان هذا الأمر هو ما مهّد الأرضية لتأليف كتاب لأبي الهذيل العلاف عنوانه كتاب على أصحاب الحديث في التشبيه (ظ: ابن النديم، 204). وفي بعض الردود لضرار بن عمرو و أبي يحيى الجرجاني مثلاً، أُطلق على هذا الفريق من أصحاب الحديث لقب الحشوية الذميم (مثلاً ظ: م.ن، 215؛ النجاشي، 455) الذي استمر استخدامه حتى القرون المتأخـرة أيضاً (لمزيد من التفصيل بهذا الشأن، ظ: هوتسمـا، 196-202؛ هالكين، 1-28؛ عن استمرار أفكار هذا الفريق من أصحاب الحديث، ظ: ن.د، الحنابلة، أيضاً السلفية). 
و كما ذُكر في التعاليم الفقهية، فإن تعاليم إسحاق بن راهويه وتلامذته كانت تختلف في العقائد أيضاً مع مدرسة أحمد، وكانت له جهود في عرض صورة أكثر قبولاً للعقيدة القائمة على الحديث. و في نفس الوقت الذي كان فيه ابن قتيبة و هو أحد التلامذة الأثيرين لدى إسحاق و المروّجين لأفكاره، يصر على مواجهة أصحاب الحديث بأصحاب الكلام، تناول بالتفسير في كتابه تأويل مختلف الحديث مجموعة من النصوص الروائية غير المنسجمة مع الأسس الكلامية التي وُجهت إليها نقود من المتكلمين و ردّ على الشبهات بأجوبة ليست كلامية، لكنها قابلة للفهم من قبل المخاطبين من أهل الكلام. 
و بشأن الآثار العقائدية لأصحاب الحديث خلال القرنين 3و4ه‍ فإنه فضلاً عن الأجزاء المتعلقة بكتب الحديث الستة، تجدر الإشارة إلى آثار ذات عناوين الرد على الجهمية و كتاب الإيمان المشتركـة التي تبقت نمـاذج منها أيضاً (لفهرست بهذه الآثـار، ظ: ابن النديم، 285- 288؛ ابن تيمية، 5 / 10، 15؛ الكتاني، 37-39، 44-45، مخ‍ (. 

المعارف الدينية الأخرى لدى أصحاب الحديث

 ألف ـ أصحاب الحديث و الزهد و الأخلاق

برغم أن أصحاب الحديث في القرن 2ه‍ لم‌يكونوا بعيدين عن التعاليم الأخلاقية، لكن تعاليمهم في هذا المضمار كان متنوعاً كل التنوع، و في مجال التعاليم المتداولة في عصرهم غالباً و كمثال فإن رسالة مالك بن أنس التي وجّهها إلى الخليفة هارون هي رسالة موعظة كتبت بأسلوب درائي لايمكن معه على الإطلاق اعتبارها نابعة من تعاليم أصحاب الحديث. و هذ الأمر يصدق أيضاً بشكل ما على مواعظ الأوزاعي و الجمل القصار للشافعي و بقية النماذج (لمزيد من الاطلاع، ظ: ن.د، 6 / 267-269، 272). 
إن الشيء الذي يمكن أن يُعدّ أنموذجاً بارزاً للتعاليم الأخلاقية بوصفه تياراً داخل مدرسة أصحاب الحديث في القرن 2ه‍ ، هي التعاليم المتداولة في أوساط الكوفة في النصف الثاني من ذلك القرن التي كان سفيان الثوري على رأسها. و سرعان ما تحول هذا التيار الذي ظهر في البدء من الكوفة و من مجلس سفيان، إلى تيار منسِّق بين المراكز التعليمية في العراق و الشام و الحجاز، يضفي على التعاليم الأخلاقية في أوساط أصحاب الحديث طابعاً موحداً و مدوَّناً. 
كان سفيان الثوري محدثاً ذا اتجاه شبه صوفي سلك في الرد على سؤال قديم بشأن مخالطة الناس، أو العزلة عنهم، طريقة تجمع بين زهد الزاهدين في الدنيا و الحياة الاجتماعية مع الناس. و توجد نظريات الثوري في الزهد و الأخلاق في عدة وصايا خلّفها، موجهة إلى عباد بن عباد العتكي (ابن أبي حاتم، 86-89؛ أبو نعيم، 6 / 376-377) و علي بن الحسين السليمي (م.ن، 7 / 24-25، 35، 71-72، 85-86)، و كذلك نقول عديدة من نصائحه في كتب شتى؛ و في مجال السلوك الاجتماعي آثر طريقاً معتدلاً بإزاء عزلة الزاهدين و سكوتهم، أما في حياته الخاصة، فقد كان له أسلوب زاهد في المأكل و الملبس (ظ: ن.صص). 
إن الدور الخطير لعلماء أصحاب الحديث في الكوفة و خراسان و مكة من أمثال سفيان الثوري و ابن المبارك و سفيان بن عيينة في تبلور الحلقات الصوفية الأولى هو بحدّ لايمكن معه أن تخلو كتب طبقات الصوفية من ذكرهم. و كان عدد من أوائل شخصيات المدارس الصوفية كإبراهيم بن أدهم و شقيق البلخي و حاتم الأصم و بشر الحافي قد أمضوا شطراً مهماً من مراحل دراستهم في أوساط أصحاب الحديث. و على هذا، يمكن القول إن لأصحاب الحديث دوراً أساسياً لايمكن تجاهله في وضع أسس التصوف. 
و في بحث مكانة علماء أصحاب الحديث في تدوين الآثار الخاصة بالأخلاق و الزهد ينبغي أن يُعدّ أتباع مدرسة الثوري روّاداً في هذا المجال. و في الحقيقة فإننا لو أردنا اجتياز مرحلة تسجيل الأحاديث في النسخ الحديثية الأولية غير المدونة، إلى البحث عن النصوص المدوّنة و المستقلة في هذا المضمار، ينبغي لنا أن نبحث عـن بـدء عمليـة التدويـن تلك في مدرسـة أصحـاب الحديـث و قاعدتها في الكوفة. 
إن الحركة التي ابتدأها ابن المبارك المروزي (تـ 181ه‍ ( أحد تلامذة سفيان الثوري الخراسانيين بتأليفه كتاب الزهد و كتاب البرّ و الصلة (ظ: ن.د، 4 / 51)، تواصلت في نفس تلك الفترة على مجموعة من تلامذة الثوري الكوفيين، فأُلفت آثار قائمة على الأخبار ذات عنوان مشترك هو الزهد. و من بينها يمكن إيراد مـؤلفـات الـمـعـافـى بـن عـمـران (عن مـخطـوطـة كـتـابـه، ظ: GAS,I / 636)، و محمد بن فضيل الضبي (الذهبي، سير، 9 / 173)، و وكيع بن الجراح ( ط المدينة، 1404ه‍ / 1984م). 
و في النصف الأول من القرن 3ه‍ ، و في ضوء التحولات الحادثة في بعض أوساط أصحاب الحديث، تلاحظ اختلافات في وجهات النظر تجاه الزهد و الأخلاق أيضاً. و على رأس قائمة أصحاب الحديث المتأخرين كان أحمد بن حنبل يفسر الزهد فقط ضمن إطار اتّباع السنن المروية في الأحاديث، و لم‌يكن يطيق الاتجاهات شبه الصوفية الموجودة في تعاليم الثوري. و برغم أن هذا التحول لايعني تعميم هذا الاتجاه في أوساط أصحاب الحديث بأسرها، لكن ينبغي البحث من الناحية العملية عن استمرار تعاليم الثوري و نظرائه في الفكر منذ القرن 3ه‍ في المدارس الصوفية بشكل أكبر. 
و في القرن 3ه‍ تتابع تأليف كتب في الزهد على نطاق واسع في بلدان شتى من العراق و إيران و الحجاز و إفريقية، بحيث شكلت الآثار التي تحمل عنوان الزهد شطراً كبيراً من مؤلفات أصحاب الحديث في تلك الفترة. و من النماذج الباقية من تلكم الآثار يمكن ذكر كتاب الزهد لأحمد بن حنبل (تـ 241ه‍ ؛ ط مكة، 1357ه‍ ( وآثـار تحمل هـذا العنـوان لهناد بن السـري (تـ 243ه‍ ) وأبي داود السجستاني (تـ 275ه‍ ( وأبـي حاتم الـرازي (تـ 277ه‍( و ابن أبي عاصم (تـ 287ه‍ ؛ ط بيروت، 1405ه‍ ) (للاطلاع على المخطوطات، ظ: GAS,I / 111,152,153)؛ إلا أن تأليف أحمد بن حنبل لكتاب الورع (ط القاهرة، 1340ه‍ ( كان مؤشراً على خصوصية رؤية أحمد في تعامله مع الزهد و الأخلاق مما استمر من بعده على نطاق محدود في مختلف البلدان (للاطلاع على أمثلة من ذلك، ظ: ن.م، I / 162,221,494). 
إن البدء بتأليف آثار في هذا المضمار ضمن نطاق حلقات درس أصحاب الحديث من المالكية الذي يبدو أنه بدأ في أواخر القرن 3ه‍ بمصر (ظ: الذهبي، سير، 12 / 67) مع ابن وهب الفهري (تـ 197ه‍ ‍)، تواصل في القرن 3ه‍ مع مؤلفات مثل الزهد لأسد بن موسـى (تـ 212ه‍ ) في إفريقية (ط الخوري، فيسبادن، 1976م) ولمحمد ابن سحنون (تـ 256ه‍( من نفس تلك البلاد (ظ: ابن خير، 301-302؛ أيضـاً ظ: م.ن، 269). لقـد أعـدّ ابن حبيب المالكـي (تـ 238ه‍ ) أول مؤلَّف جامع معروف يحمل عنوان مكارم الأخلاق (ظ: م.ن، 290)، استؤنف في العراق خلال النصف الثاني من نفس القرن بكتاب مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ط بلمي، بيروت، 1973م).

الصفحة 1 من5

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: