الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أبومسلم الخراساني /

فهرس الموضوعات

أبومسلم الخراساني

أبومسلم الخراساني

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/12 ۱۷:۳۳:۴۶ تاریخ تألیف المقالة

وعلی أیة حال، فإن ولادة أبي مسلم في أصفهان قد أدت إلی تعلقه بهذه المدینة في العصور التالیة. و قد ذکر حمزة الأصفهاني، اسمه ولقبه الإیراني في کتاب أصفهان (ظ: مجمل التواریخ...، 315). وقد ورد في روایة منقولة عن المدائني أن أبا مسلم سأل أبا بکر الهذلي الذي کان من القصاصین، عن کیفیة فتح «بلده أصفهان» (ظ: أبونعیم، 1/27). کما ورد ذکره و حدیث عنه في تراجم محدثي أصفهان و علمائها (م.ن، 2/109). وفیما بعد أیضاً، نری الکتّاب الأصفهانیین الذین وصفوا مدینة أصفهان، یذکرون في الغالب اسمه و نسبه الإیراني. و قد نقلوا عن أبي مسلم أنه کان یقول: أنا وسلمان نلتقي في النسب (المافروخي، 25). کان علي بن حمزة بن عمارة بن حمزة – الأدیب المعاصر لحمزة الأصفهاني وله کتاب حول أصفهان – یرفع نسبه إلی شقیق أبي مسلم الخراساني (ظ: یاقوت، الأدباء، 13/204؛ ابن خلکان، 3/149؛ ابن حجر، 4/227؛ مجمل التواریخ، 328، وهناک احتمال خلط في هذا المصدر بین علي بن حمزة المذکور و شخصیة أخری). ومن الملاحظات المهمة الأخری فیما یتعلق بالصلة التي ربطت أبا مسلم فیما بعد بأهل أصفهان، أن محمد بن أحمد المقدسي قال إن کنیة «أبومسلم» کانت من أشهر الکنی في أصفهان (ص 398). وربما لهذا یُلاحظ مالایقل عن 12 محدثاً أصفهانیاً مشهوراً ممن ذکرهم أبونعیم، کانوا یحملون اسم عبدالرحمان و کنیة «أبومسلم»(ظ: 2/111- 124).

وفضلاً عن ذلک، فقد رأی البعض أن مسقط رأسه أو أبیه هو مدینة بوشنج (حوالي هراة: یاقوت، البلدان، 1/758)، أو خُطَرنیة (حوالي الکوفة: البلاذري، 3/120؛ الطبري، 7/360).

وهکذا نلاحظ إلی أيّ مدیً یتناقض کون أبي مسلم عبداً مع کونه عربیاً، وکونه عربیاً مع کونه مجهول النسب، ولکن هناک بعضع روایات قدیمة أخری وردت في کتاب أخبار الدولة العباسیة تنفق مع بعض روایات المصادر الأخری، ولعلنا نستطیع من خلالها أن نصل إلی بعض النتائج: فهناک روایة تعده من أسرة دهاقنة أصفهان (ص 225). وتفید روایة مهمة أخری أن والده وأسرته کانا یقطنان في قریة بأصفهان تعود لرجل خزاعي، وأنه کان یتعسف معهم في أخذ الخراج، فلاذوا بالفرار ولجؤوا إلی إدریس بن معقل العجلي الذي کان بدوره من إقطاعي تلک المنطقة (ظ: ن.م، 263). وتتطابق هذه الروایة مع ماذکرناه آنفاً عن اطلاع أبي مسلم علی اسمه و نسبه الإیرانیین، وکذلک سعي طبقة الدهاقین للحفاظ علی سلسلة نسبهم التي غالباً ماکانت تبدأ بالملوک البیشدادیة و الکیانیة الأسطوریین و تتواصل حتی القرن 4هـ علی الأقل. ویدور الحدیث أیضاً في هذه الروایة عن جده لأمه الذي تکفل رعایته. و بناء علیه، فمن المحتمل أن یکون والده قد توفي مبکراً قبل ولادته أن بعدها بقلیل، وهذا ما یتفق مع قول أبيمسلم: «لقد هلک أبي في غیر بلده» (ظ: ن.م، 283). وهذه الملاحظة تشیر أیضاً إلی أنه کان مطلعاً علی ما انتهی إلیه مصیر أبیه. و بالإفادة من روایة أخری یمکننا إلقاء الضوء إلی حدما علی مصیره: فبناء علی هذه الروایة المنقولة عن آل معقل والممتزجة ببعض إضافاتهم، فإن والده کان یَعرِفُ من قبل إدریسَ بن معقل، وإنه ذهب فیما بعد إلی الحرب في الثغور و توفي هناک (ظ: ن.م، 264-265؛ أیضاً ظ: أبونعیم، 2/109، الذي تُعرف من روایته الصلة المسبقة بین آل معقل وأبیه). وهذه الملاحظة تتفق بحد ذاتها مع ماقاله أبومسلم عن أبیه، ومع التعرف المسبق بین آل معقل وأسرة أبي مسلم، ولعلهم لهذا السبب لجؤوا إلیهم.

ویعتبر أبوموسی السراج أول مؤیدي العباسیین الذین تعرف إلیهم أبومسلم، و معلوماتنا عنه قلیلة للغایة. ولاشک أن معرفتنا به سیعیننا إلی حدما للتعرف علی حیاة أبي مسلم. فقد أشارت روایة في أخبارالدولة (ص 191) عن أوائل من أبیدوا العباسیین في الکوفة الذین شکلوا أول تنظیم لهم حوالي سنة 100هـ، إلی موسی بن سُرَیج (تاریخ الخلفاء، 503: شریح) السراج. وأشیر في روایتین أخریین إلی اسم أبي موسی السراج فقط (أخبارالدولة، 124، 195). وفي روایات أخری نصادف أسماء أخری تمثل کلها – دون شک – شخصاً واحداً، والأسماء هي: عیسی بن موسی السراج (الخطیب، 10/207؛ ابن الأثیر، 5/254)، وأبوموسی عیسی بن إبراهیم السراج (البلاذري، 3/84؛ أخبارالدولة، 253-254)، وأبوإسحاق [السراج] (ن.م، 260)، وبشکل مطلق أبوموسی السراج. ولایستبعد أن ذلک الشخص المذکور کان یغیر اسمه وکنیته لإخفاء نشاطه في الدعوة. ولکن لایمکننا الشک في أنه کان یعمل في السراجة وصناعة اللجم، وأنه کان یتردد علی نواحي الجبل وخاصة أصفهان لبیع مصنوعاته، وأنه کان کوفیاً و یُعد من کبار رجال الدعوة (أیضاً ظ: المقریزي، المقفی، 4/128). ویتضح أیضاً من فحوی خبر أن أباموسی هذا کان ینقل رسائل المؤیدین الکوفیین إلی محمد بن علي، وذلک لأنه لم یکن عرضة لسوء الظن بسبب مهنته (أخبارالدولة، 195). وتفید إحدی الروایات أن أبا موسی کان یعرف أیضاً والد أبي مسلم، وأن والده هو الذي أودعه ابنه، فقدم معه إلی الکوفة و هو في السابعة من عمره (الخطیب، ابن الأثیر، ن.صص)، وربما بولغ في صغر سنه.

وطبقاً لکل هذه الروایات التي یکمل بعضها الآخر، فلایبدو صحیحاً ولادة أبي مسلم من جاریة تدعی و شیکة (البلاذري،3/120)، وماورد من قصص عدیدة عن والده في بیت آل معقل. وبالإضافة إلی ذلک، فیبدو من روایتین أخریین أن آل معقل قد عرّفوا أبا مسلم لأبي موسی السراج وربما لیعمل معه في السراجة (ظ: ن.ص؛ المقریزي، ن.م، 4/135). وعلی أیة حال، فیحتمل إلی حد کبیر أن یکون جمیع هؤلاء قد عرفوا و ارتبطوا ببعضهم الآخر من ذي قبل. وتشیر بعض الروایات الأخری إلی أن أبا مسلم قدم العراق و الکوفة برفقة أبي موسی السارج في أواخر فترة حکم خالد بن عبدالله. وقد سُجن في هذه الفترة فریق من رجال الدعوة الذین اعتقلهم أسد بن عبدالله القسري (ن.ع) في خراسان وسیرهم للکوفة، کما کان عیسی العجلي و أخوه مودعین في السجن. وقد کان أبومسلم یتردد علیهم في السجن بصفته غلاماً لآل معقل، فکان الرابط بینهم و بین من کانوا خارجه مثل أبي موسی السراج. وقد کان رجال الدعوة السجناء یرسلون بدورهم أبامسلم إلی الکوفة لسد حاجاتهم حتی شق طریقه إلی إبراهیم الإمام (أخبار الدولة، 253-254)، إلا أن هناک ملاحضات لابد من التوقف عندها و هي أن إمارة خالد قد استمرت إلی 120هـ/ 738م، وأن أخاه أسداً توفي في نفس السنة (الطبري، 7/141). وعلی هذا، فإن هذه الحوادث لابد وأن تکون قد وقعت قبل هذا التاریخ، وأن محمد بن علي قائد الدعوة کان لم یزل حیاً في هذه الفترة. إذن لایبدو صحیحاً القسم الأخیر من الروایة المتعلق بإبراهیم الإمام، ولکن یمکن الحدس بأن أباموسی السراج قد کلف أبامسلم بالارتباط مع رجال الدعوة السجناء، وأن أبامسلم کان یعلن عن أنه غلام آل معقل لإخفاء بهامه، أو أنهم قدموه بهذه الصفة لتکون ذریعة لتردده علیهم في السجن. وفضلاً عن ذلک، فلیس معلوماً أن یکون تعرّفه إلی الدعوة العباسیة قد حدث في السجن، فهناک روایة أخری تشیر إلی أن أبا مسلم کان یتردد مع أبي موسی السراج علی محمد بن علي حینما کانا یعملان معاً في التجارة (أخبار الدولة، 254). ولکنه کان یتظاهر أحیاناً في العراق والشام بأنه غلام آل معقل کي لایثیر تردده بینهما شکوک عمال بني أمیة، کماکان یعمل أحیاناً في السراجة مع أبي موسی لنفس ذلک السبب (ظ: ن.م، 254-255). ولایمکن تحدید تاریخ دقیق لهذه الأحداث، ولکن یمکن حصره بین 115 و 120هـ حیث کان خالد یحکم العراق. ومن جانب آخر فالتعرف علی سنة میلاد أبي مسلم من شدنه أن یسعفنا إلی حدما في هذا الصدد: فقد ورد في روایة أنه کان في سن العشرین عند وفوده علی محمد بن علي ثم مجیئه مع أبي موسی إلی الکوفة (ن.ص). ومع الأخذ بنظر الاعتبار تاریخ وفاة محمد بن علي (124 أو 125هـ: ن.م، 239؛ ابن سعد، القسم المتمم/ 244)، فیمکن حصر تاریخ ولادته بین سنة 100 و 105هـ، وقد صرحت بعض المصادر بأنه ولد في 100 هـ (ظ: ابن قتیبة، المعارف، 420؛ ابن خلکان، 3/149؛ أیضاً ظ: «تاریخ خلفا»، الورقة 11، الذي أورده في 102هـ).

ومن جهة أخری، فهناک روایة نادرة للغایة و مهمة في نفس الوقت، تشیر إلی أن أبا مسلم کانت له صلة بالشیعة الآخرین في الکوفة. وتعود هذه الصلة إلی 119هـ حینما ثار المغیرة بن سعید في الکوفة. وقد کان المغیرة هذا وأعوانه ینزعون إلی أفکار مغالیة. وقیل في هذه الروایة إن أبا مسلم کان من أنصار مالک بن أعین الجهني الذي یعد من الشیعة المقربین من الإمام الصادق (ع) ویبدو أنه کان علی صلة بحرکة المغیرة (الطبري، 7/129). وفي الحقیقة فإن مالکاً أنکر ارتباطه بالمغیرة بعد قمع الأخیر و أنصاره القلائل. و حینما عاد فیما بعد إلی أنصاره الذین کان أبومسلم من بینهم، افتخر في أبیات له بدهائه وحنکته في التملص من تهمة مساندته للمغیرة. وقد کان أبومسلم یقول بعد أن ظهر أمره: «لو وجدته لقتله بإقراره علی نفسه» (ن.ص). ویبدو من هذه الروایة أن أبامسلم کان في الکوفة في حدود سنة 120هـ، أي حوالي ثورة المغیرة، کما کان علی صلة بالشیعة الآخرین، إلا أن طبیعة هذه الصلة غیر واضحة لدینا.

لاتتوفر أخبار أخری عن أنشطة أبي مسلم منذ حوالي سنة 120 حتی 124 هـ، رغم عدم استبعاد ممارسته أنشطة اقتصادیة في هذه السنین. فقد قیل إنه کان وکیل عیسی بن معقل في إحدی قراه (أخبارالدولة، 260). ولابد ألا نغفل عن الأوضاع العامة للدعوة آنذاک. و یحتمل کثیراً أن یکون هناک عاملین قد أدیا إلی رکودها بشکل موقت: الأول أن إجراءات خداش التعسفیة و آراءه المغالیة – و قد کان من الدعاة الموفدین إلی خراسان وقُتل في نهایة المطاف – کانت مؤثرة إلی حدما في آثارة الشعور بعدم الثقة بین قادة العدعوة العباسیة و دعاتها (ظ: الطبري، 7/141-142). ویبدو أن قادة الدعوة کانوا یسعون إلی إظهار تباین حرکتهم الشاسع عن سائر التحرکات المضادة للأمویین. وفي هذا الصدد، یمکننا الإشارة إلی موقفهم من حرکة زید بن علي (ع) في الکوفة (122هـ)، فقد کان قادة الدعوة الرئیسیین مثل بکیر بن ماهان الذي تعرض لضغوط کثیرة من قبل مؤیدي الدعوة للانضام إلی حرکة زید، یحذرون جمیع أباعهم من تقدیم العون إلیه (ظ: أخبار الدولة،230-231). والعالم الثاني یتعلق بموت محمد بن علي و خلافة إبراهیم الإمام الذي أخر علی کل حال لفترة تجدید ارتباط الدعوي وأحیاناً تنظیمها.

وعلی أیة حال، تفید الروایات الموجودة بأنسجن رجال الدعوة وآل معقل بالکیفیة التي حدثت في عهد خالد بن عبدالله، قد تکررت مرة أخری في عهد یوسف بن عمر، وفي هذه المرة کان أبومسلم ینتقل کعبد بین بکیر بن ماهان وصهره أبي سلمة الخلال و إبراهیم الإمام. ویمکن تعیین تاریخ هذه الأحداث إلی حدما: فعندما توفي محمد بن علي، توجه بکیر بن ماهان إلی الکوفة موفداً من عند إبراهیم الإمام، فأبلغ أتباع الدعوة بتغییر القیادة، ثم قدم الکوفة في 125هـ برفقة عدد منهم (ن.م، 240- 241). وقد التقوا کلهم بإبراهیم الإمام في مکة، وذهب معه بکیر وأبوسلمة إلی الشراة (ن.م، 241)،وهناک بلغهم خبر مقتل یحیی بن زید، وقد کان بکیر قد حرض أتباع الدعوة علی اعتزاله (ن.م، 242؛ الطبري، 7/228). وعندما حلّ بکیر و أبوسلمة في الکوفة، اعتُقل بکیر وأُودع السجن (أخبارالدولة، 245؛ الطبري، 7/198، رغم أن تاریخ 124هـ الوارد في الروایة لایکاد أن یکون دقیقاً). وقیل إن واحداً من آل معقل کان مودعاً في السجن نفسه، و إن أبا مسلم کان في خدمته، وأن بکیراً تظاهر بشرائه من آل معقل (ن.ص). و هناک روایة أخری تؤید هذه المعلومات و تفید أن أبا مسلم تعرف علی بکیر في السجن (ظ: أخبارالدولة، 249)؛ إلا أن بکیراً لم یبق حیاً أکثر من شهرین، فانتقلت زعامة الدعاة في رمضان أو شوال 126 کما یبدو إلی أبي سلمة الخلال (ن.م، 250).

وقد کان بکیر قد طلب قبل وفاته من أبي سلمة أن یذهب بـ «الرایات السود» إلی خراسان و یفرقها بین أتباع الدعوة (ن.ص). فتوجه أبوسلمة صوبها و أخذ معه أبامسلم. وهناک بعض الملاحظات لابد من بحثها بدقة: فبناء علی روایة لانجدها في المصادر الأخری اشتری أبوسلمة الذي کان یعمل – کما یبدو – صرافاً، أبا مسلم من عیسی ابن معقل العجلي وأخذه معه إلی خراسان بصفته خادماً (ن.م، 267). کما یبدو من روایة أخری أن أبامسلم – وربما حینما کان بکیر في السجن – کان یتردد علی أبي سلمة بأمر من بکیر (ن.م، 265). کما قیل إنه لاشک في أن أبا سلمة کان قد اشتری أبا مسلم (ن.م، 266). وقد بلغ إخفاء علم قادة الدعوة درجة بحیث إن أبا سلمة استخدم لفترة أبا مسلم في دکانه، وإن ظل أبومسلم یتردد علی أبي موسی السراج (ن.ص). فما ورد عن تنقل أبي مسلم باعتباره غلاماً وخادماً و عبداً بین آل معقل و أبي موسی السراج و بکیر بن ماهان و أبي سلمة الخلال، لم یکن له سبب آخر سوی السعي لإخفاء الأنشطة المضادة للأمویین، إلی درجة أن بعضاً من الرجال القریبین من شبکة الدعاة کانو یجهلون أمر أبي مسلم. و علی سبیل المثال فقد قال أحدهم لأبي سلمة إنه لایری في هذ الغلام هیئة العبید (ن.م، 263)، وتؤید ذلک أسماؤه العدیدة التي أطلقت علیه. و علی أي حال، فقد ذهب أبوسلمة إلی خراسان، و أشار إلی أتباع الدعوة بإعلان الثورة و ارتداء الملابس السوداء في 130 هـ الذي تم الاتفاق علیه آنفاً، وأوفد أبا مسلم لنفس الغرض إلی بعض المناطق (ن.م، 245، 268). و حینئذ دخل کلاهما الکوفة سویاً (127هـ) حینما کان الضحاک بن قیس الخارجي یسیطر علیها (ابن الأثیر، 5/334). وبعدها بمدة ذهب أبوسلمة مع أبي مسلم إلی إبراهیم الإمام في الشراة. ویبدو من بعض الأخبار أن أبا مسلم ربما یکون قد ذهب سابقاً إلی خراسان مرة أو مرتین بأمر من محمد بن علي (أخبار الدولة، 225)، ولکن لابد من الاحتیاط کثیراً في الأخذ بهذه الروایات، إذ لایستبعد اختلاطها بالأحداث اللاحقة.

کما یجب الالتفات إلی احتمال ذهاب أبي مسلم قبل ذلک إلی إبراهیم أیضاً (ن.م، 261) حتی قیل إن الأخیر کان قد رآه آنفاً لدی أبه محمد بن علي (ن.م، 256). ویبدو من قول لأبي مسلم إنه کان برفقة إبراهیم حوالي سنة 126 هـ عندما ألقی یزید الناقص أول خطبة له في مسجد دمشق (ن.م، 257؛ أیضاً ظ: الطبري، 7/268 و مابعدها). وعلی أیة حال، فإن إبراهیم الإمام الذي صُرح بانبهاره بدهاء أبي مسلم وحنکته، سأل أبا سلمة عنه، فأجابه – طبقاً لهذه الروایة – بأنه عتیقه ومستعد لإهدائه إلیه، فوافق إبراهیم علی ذلک (أخبارالدولة، 268).

مکث أبومسلم لدی إبراهیم مدة – سنة أو سنتین کما یبدو – فقرب منه حداً ظنه معه الجمیع عبداً له (ن.م، 261، 268؛ أیضاً ظ: البلاذري، 3/119). وقد قیل إن إبراهیم طلب من أبي مسلم حین التحاقه به تغییر اسمه و کنیته (أخبار الدولة، ن.ص). ثم قبل «ولاءه»، وبعدها أبلغ أنصاره الکوفیین بکل ذلک (ن.م، 254). ولابد لنا من تبیان أمرین هما: الأول أن استرقاق أبي مسلم لأبي سلمة – الذي کان بدوره من الموالي – ثم لإبراهیم الإمام، و شیوع ذلک بین الدعاة، کان علی الأرجح من سیاسات العباسیین للسیر قدماً بالدعوة إلی الأمام. وقد أدی ارتباط أبي مسلم بأبي سلمة ألی أن یَعد «بنو مُسلیة» و موالیهم أبا مسلم واحداً منهم، وقد کانوا أحد أهم أرکان الدعوة، وکان أبوسملة یَعد نفسه واحداً منهم بعد مصاهرته لبکیر مولی بني مُسلیة (ن.م، 266؛ عن بني مُسلیة، أیضاً ظ: ن.د، أبوالعباس السفاح). والثاني أنه في هذه الحالة کان بإمکان إبراهیم الإمام أن یبعثه بصفته أحد أفراد أسرته إلی الخراسانیین الذین طلبوا منه من قبل (الطبري، 7/353).

وقد نقلت المصادر روایات مضطربة حول ذهاب أبي مسلم إلی خراسان و ارتباطه بالدعاة المقیمین فیها. فمما یلفت الانتباه أن تردد الدعاة الخراسانیین علی الکوفة – وکان یتم في الغالب بذریعة الحج – قد حدث عدة مرات و أن أسماء الدعاة وردت مختلفة في مواضع عدة. وکما رأینا فقد توجه بکیر إلی خراسان بعد وفاة محمد بن علي و خلافة إبراهیم، فحرض طائفة من الدعاة علی التقاء إبراهیم، فوصلوا جمیعاً إلی الکوفة و دخلوها في 125هـ (أخبار الدولة، 240). والملاحظة المهمة أن اسم سلیمان بن کثیر زعیم دعاة خراسان لیس بینهم. و مهما یکن من أمر، فقد تعهد جمیعهم بالتقاء إبراهیم في مکة، فرحلوا إلیها بمعیة أبي سلمة وأودعوا إبراهیم المال الذي کانوا قد جمعوه (ن.م، 241). وقد تکررت هذه المعلومات في روایة أخری یُلاحظ فیها اسم سلیما بن کثیر بین الدعاة، وجاء فیها أن أبا مسلم رافقه إلی مکة فالتقیا إبراهیم الذي یبدو أنه لم یر أبا مسلم من ذي قبل (ن.م، 255-256)، إلا أن ذکر اسم سلیمان بن کثیر في هذه الروایة یرتبط باحتمال کبیر بأمر آخر حدث حوالي سنة 124هـ. فقد دخل سلیمان و عدد آخر من الدعاة الکوفة و هم في طریقهم إلی الحج، ورأوا لأول مرة أبا مسلم عند آل معقل والدعاة الآخرین، وعندما سألوا عنه، أُجیبوا: إنه غلام من السراجین المرافقین لنا (الطبري، 7/198-199؛ الأزدي، 50). ویبدو أن سبب عدم رغبتهم في إفشاء هویة أبي مسلم الحقیقیة للدعاة الخراسانیین، هو الاختلاف السیاسي بین الدعاة العراقیین و الخراسانیین علی الدعوة والثورة ضد الأمویین. فکما اتضح فیما بعد، فهناک مایشیر إلی هذا الاختلاف مثل وجود سلیمان بن کثیر وأشخاص مثله کانوا یشایعون الأسر الهاشمیة الأخری، وکذلک استشکالات الدعاة الخراسانیین – الذین رافقوا بکیراً – علی إبراهیم الإمام لتقاعسه عن نجدة زید و ترک ابنه یحیی وحیداً (أخبارالدولة، 241). وفي هذا المضمار یمکن أیضاً ذکر لاهز بن قریظ الذي کان ضمن من التقوا إبراهیم الإمام و هو واحد من الدعاة أیضاً، وقد أنقذ فیما بعد نصر بن سیار من ید أبي مسلم و ساعده علی الفرار بشکل ما، و لذا أمر أبومسلم بضرب عنقه (الیعقوبي، 2/342؛ الطبري، 7/384-385).

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: