الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن الجوزي، ابوالفرج /

فهرس الموضوعات

ابن الجوزي، ابوالفرج


تاریخ آخر التحدیث : 1443/7/28 ۱۳:۴۷:۴۹ تاریخ تألیف المقالة

المجتمع

لابن الجوزي آراء عجیبة حول فئات الناس: فهو یقسم الناس أولاض إلی عالم و جاهل ثم یقسم الجهال إلی الفئات التالیة و یعد صفات کل فئة:
السلاطین: هؤلاء تربوا في الجهل، یلبسون الحریر و یشربون الشراب و یظلمون، و لهم أعوان مثلهم، فهؤلاء. بمعزل عن الخیر بالجملة؛ التجار: همهم الاکتساب وجمع المال و لایدفع معظمهم الزکاة و لایأبون الربا، إنهم أناس في صور الناس؛ أصحاب الحرف: هؤلاء یطففون المکیال و یخسرون المیزان و یتعاملون بالربا و یمضون جمیع الیوم في السوق و لایهتمون بشيء سوی ماهم منهمکون فیه، و ینامون حین اللیل کالسکران أیضاً لایفکرون إلا بالأکل و التلذذ … إنهم في عدد البهائم؛ الأراذل: هؤلاء سفلة و حقراء في جمیع أمورهم، منهم الکناسون والزبالون و الطحانون، إنهم أرذل القوم (!)؛ العاطلون وقطاع الطرق: هؤلاء لایفکرون سوی الملذات القصیرة … و نهایتهم الصلب و القتل؛ المزارعون: إنهم جمیعاً في الجهل و معظمهم لایکترثون بالنجاسة و هم في عداد الأبقار (!)؛ النساء: بعضهن جمیلات و سیئات العمل و بعضهن یخن الأزواج … (ن.م، 449-450).
یقول حول أخلاق عامة الناس: ینامون لیلاً، رغم أنهم في الحقیقة نیام نهاراً دیضاً فإذا أصبحوا سعوا في تحصیل شهواتهم بحرص خنزیر و تبصبص کلب و افتراس أسد و غارة ذئب و روغان ثعلب (ن.م، 47).
ویقسم العلماء إلی المبتدئین و المتوسطین و المشهورین و یقول إن هدف کثیر من المبتدئین من کسب العلم هو التفاخرلا العمل. وظنّاً أن العلم یردعهم من الذنوب صاروا یمیلون إلی الذنب. و یخشی معظم المتوسطین  المشهورین من أصحاب السلطة و یسکتون مقابل المنکرات. إن عدداً قلیلاً فقط من العلماء لهم نیة طیبة و أهداف محمودة (ن.م، 450-451).
وینتقد العلماء الذین یتبحرون في بعد واحد فقط و یعتبر الذین ینشغلون بعلوم مثل الکیمیاء بلهاً و یشبه عملهم بالهذیان (ن.م، 410-411). و یضیف أن جماعة من العلماء والوعاظ الذین یعانن من ضیق المعاش، یلجأون إلی بلاط السلاطین لینالوا مال الدنیا، في حین اجتمعت ثروة جمیع الملوک تقریباً عن طریق غیرصحیح (ن.م، 508). و یحذر أهل العلم من مجالسة أصحاب السلطة و یوصیهم بأن یتبعوا أسلوب رسول الله و الصحابة و التابعین و أن لایمتنعوا عن مجالسة العلماء و الاهتمام بأقوالهم المختلفة و مطالعة الکتب و اغتنام الفرصة و العمل بالعلم (ن.م، 411-412).
خصص ابن الجوزي في صید الخاطر فصلاً للفقر و آثاره و یحذر الذین لایملکون أساس المعیشة أمثال العلماء و المساکین، من الالتجاء إلی الملوک أو خداع الناس. و یمتدح جماعة من العلماء الذین یمضون أیامهم بالقناعة مما یحصلون علیه بما یمتهنون و باستنساخ الکتب و ینقص بعضاً من علماء زمانه الذین لجأوا إلی بلاط الملوک أو خداع الناس بسبب حب الدنیا (ص 510-512).

الحکومة و السیاسة

یقول ابن الجوزي في الباب السابع من تلبیس إبلیس: الشریعة سیاسة إلهیة و محال أن یقع في سیاسة الإله خلل، واستناداً إلی الآیة «… مافرّطنا في الکتاب من شيء …» (الأنعام / 6/38) یعتبر رأي الذین یرون السیاسة أفضل من الشریعة رأیاً باطلاً (ص 132). و في مسألة الحکومة یعتبر مقولة «المأمور معذور» باطلة، لأنه یعتقد أن الحاکم الأعلی یصدر أحیاناً الأمر بالظلم، و إطاعة أمره یعتبر عوناً للظالم (ن.م، 134).
ویعتقد أن الولایة و الحکومة تعتبر أخطر و أسمی مرتبة بعد النبوة علی شرط مراعاة مصالح الرعیة و تطبیق العدالة و الابتعاد عن الظلم (المصباح، 1/300) و یعتقد أن إحسان السلطان إلی الرعیة و عدالته تکون سبباً لزیادة النعمة، ویؤدي سوء المعاملة و الظلم إلی القحط (ن.م، 1/289). و یری أن الرعیة تنقسم إلی قسمین: الخواص و العوام. فالخواص تجب مراقبتهم أکثر، لأنهم یعتبرون أداة الحکومة و یجب أن لاتنقطع هذه المراقبة، لأن الأمین یخون أحیاناً و یکون المحسن محتالاً (ن.م، 1/276). أما العوام فیجب إبقاؤهم بین الخوف و الرجاء، و معاملتهم بالرفق و الحلم و یجب عدم ترتیب أثر علی تقوّل بعضهم ضد بعض، لأن الناس غالباً ما یغطون أغراضهم الشخصیة بالمکر (ن.م، 1/280).
لم یجوّز ابن الجوزي استخدام لقب «ملک الملوک» للملوک ویقول إن الروایات الصحیحة تدل علی منع استخدام هذه العبارة: عندما أضیف لقب «شاهنشاه الأعظم»، أي ملک الملوک في 429هـ/1038م علی ألقاب جلال‌الدولة أبو کالیجار، أمر الخلیفة القائم ذکر هذا اللقب في الخطب. فثار الناس لسماع ذلک و رجموا الخطباء. فاستفتي الفقهاء في هذا الشأن، واعتبر معظمهم جواز ذلک بقیاس هذا اللقب مع ألقاب قاضي القضاة و کافي الکفاة و بدلیل أن المقصود من ملک الملوک هو الرئاسة علی ملوک الأرض. و بعد أن ینقل ابن الجوزي هذا الموضوع في المنتظم، یؤید رأي قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي الذي کان من أقرب الناس إلی جلال الدولة، ولکنه لم یجوّز استعمال ذلک (8/97-98؛العلیمي، 2/200-201).

هیئته و شخصیته

وصف ابن الجوزي بأنه لطیف الوجه حلو الشمائل رخیم النغمة موزون الحرکات. وقد جاء في المصادر أن لحیته تساقطت یسبب شربه البلاذر و أصبحت قصیرة جداً، و کان یستعمل الحناء [الخضاب] حتی نهایة العمر. واعتقد ابن الجوزي باعتماده علی التجارب التي کسبها من فترة الطفولة أن الطعام غیر المناسب یسبب الضعف و المرض و یمنع الإنسان من العبادة و أعمال الخیر (ظ: صید الخاطر، 578). و من هنا کان یراقب صحة جسمه و یستخدم کل ما ینفع قوه العقل و حدّة الفکر. کان طیب الطعام و معظم طعامه فراخ الدجاج والمأکولات الخفیفة و کان یتناول بدل الفواکه العصیر و المعجونات و لم یکن یأکل مایشتبه فیه. کانت ثیابه أفضل الثیاب: الأبیض الناعم المطیب (ابن رجب، 1/412-413؛ ابن کثیر، 13/32؛ ابن العماد، 4/330). کان معجباً بالکتاب و المطالعة، و عندما کان یری کتاباً لم یکن قدرآه من قبل، کانت حالته کمن یعثر علی کنز (ظ: صید الخاطر، 71). کان صاحب ذوق سلیم، ذاق حلاوة المناجاة، یصوم نهاره و یقوم لیله، و یذهب لزیارة الصلحاء حتی آخر اللیل. له مداعبات حلوة و لطیفة، وذهن وقاد و جواب حاضر (ابن رجب، 1/412-413). و کان یجیب بأجوبة حلوة و لطیفة بالبداهة، و عندما سأله شخص: أیهما أفضل التسبیح أم الاستغفار؟ أجاب: الثوب الوسخ أحوج إلی الصابون من البخور؛ سألوه حول الغناء، فأجاب: أقسم بالله لَهُوَ لَهوٌ (ابن الجوزي، یوسف، مرآة، 8(2)/490؛ ابن رجب، 1/421-422).
کان لشخصیة ابن الجوزي العلمیة و الدینیة أن أطلقوا علیه ألقاباً کانت لاتخلو أحیاناً من المبالغة الکبیرة فدعي بشیخ العراق و إمام الآفاق (ابن الجزري، 1/375) و الإمام الحافظ العلامة (ابن تغري بردي، 6/175) و شیخ الوقت (الذهبي، دول، 2/79) و عالم العراق و واعظ الآفاق (م.ن، تذکرة، 4/1342) و الإمام الأوحد (ابن جبیر، 196) و الحبر المتکلم (م.ن، 198).

أبناؤه

خلف ابن الجوزي ثلاثة أولاد بأسماء أبي بکر عبدالعزیز و أبي القاسم علي و أبي محمد یوسف وست بنات بأسماء رابعة (أم یوسف بن قزأوغلي، المعروف بسبط ابن الجوزي)، و شرف النساء، و زینب، و جوهرة، وستّ العلماء الکبری، وستّ العلماء الصغری، وقد سمعت هؤلاء البنات الحدیث عن أبیهن و غیره.
تعلم عبدالعزیز الفقه علی مذهب أحمد بن حنبل، و سمع الحدیث من أبي الوقت و ابن ناصر والأُرموي و جماعة آخرین من شیوخ أبیه و سافر إلی الموصل و شرع بالوعظ هناک ولاقی قبولاً کاملاً. قالوا إن أسرة الشهرزوري حسدته و دست له السم و توفي في 554هـ. سمع أبوالقاسم علي الحدیث عن ابن البطي و غیره. و عندما نفي أبوه إلی واسط وصلت یده إلی مکتبته في درب دینار فأخذ منها ما أراد، و باعها بسعر لایعادل سعر حبرها. توفي في 630هـ حین کان أبوه قد ترکه ومات من دون أن یراه. سمع أبومحمد یوسف الملقب بمحیي‌الدین الحدیث کثیراً و تعلم الفقه و نشأ بشکل سلیم و علی أخلاق حمیدة. کان هو السبب في إطلاق سراح أبیه، و قام بالوعظ بعد موت الأب وواصل عمل أبیه علی أحسن وجه. تولی فترة حسبة بغداد، و فترة إنشاء رسائل الخلفاء إلی الملوک و أصبح في النهایة «أستاذ دار» المستعصم (ابن الجوزي، یوسف، مرآة، 8(2)/ 502-503).
مرض ابن الجوزي بعد آخر موعظة في 17 رمضان 597 و بعد 5 أیام توفي لیلة الجمعة بین صلاتي المغرب و العشاء في داره في قَطُفتا (محلة في شرقي بغداد).
و تعکس الأخبار المتوفرة حول تشییع جنازته، شخصیته الاجتماعیة و نفوذه بین الناس: اجتمع أهل بغداد لتشییعه و غلقت الأسواق، و بلغ الزحام حداً بحیث لم تصل جنازته، حتی دنو وقت صلاة الجمعة، إلی القبر الذي أُعدّله في مقبرة أحمد بن حنبل، و لم یستطع زعماء المذهب الصلاة علیه و لم یبق من کفنه إلا جزء قلیل (ابن الجوزي، یوسف، مرآة، 8(2)/499-500؛ ابن رجب، 1/428-429؛ ابن تغري بردي، 6/175).

آثاره

بدأ ابن الجوزي التألیف منذ الثالثة عشرة من عمره (ابن رجب، 1/416) و بما أنه لم یتوقف عن التألیف حتی نهایة العمر، فإن آثاره کثیرة. و قد ساعده توقد ذهنه المدهش أیضاً. یقول ابن الدبیثي: «لاأعرف أحداً ألّف أکثر من ابن الجوزي في الفروع العلمیة المختلفة. رأیت کراساً أفرد أسماء کتبه» (ظ: الذهبي، المختصر، 238). تقول ناجیة عبدالله إبراهیم أنا صححت هذا الکراس المکون من ورقتین، وأعددته للنشر (ص 26).
یقول ابن تیمیة في أجویة المصریة: کان ابن الجوزي کثیر التصنیف والتألیف و له مصنفات في أمور کثیرة حتی عددتها فرأیتها أکثر من ألف مصنف، و رأیت بعد ذلک له مالم أره (ظ: ابن رجب، 1/415). جا في المصادر سئل ابن الجوزي عن مؤلفاته فقال في الجواب: «أکثر من 360 مصنف بعضها من 20 مجلداً وبعضها کرّاس واحد فقط» (ابن رجب، 1/413). یقول سبط ابن الجوزي: و سمعته یقول علی المنبر في أواخر عمره: «کتبت بأصبعيّ 2,000 مجلد» (ابن الجوزي، یوسف، مرآة، 8(2)/482).
قیل حول کثرة مؤلفاته: لوقسموا عدد الکراریس التي کتبها علی أیام عمره لتبین أنه کتب کل یوم 9 کراریس (ابن خلکان، 3/141؛ قا: الذهبي، سیر، 21/377). و لهذا السبب یمکن مقارتنته بأبي جعفر محمد بن جریر الطبري الذي قیل إنه کان یکتب 40 صفحة کل یوم. و قیل کذلک إن ابن الجوزي جمع بُرایة أقلامه التي کتب بها أحادیث الرسول الأکرم (ص)، وأوصی حین وفاته أن یسخن بها ماء غسله، فغعلوا ذلک. فکفت وزادت عن الحاجة (ابن خلکان، نص).
أبدی بعض الباحثین استغرابهم من کثرة مؤلفات ابن الجوزي، ولکن لاداعي للاستغراب، لأنه عاش حوالي 90 سنة ولم یکن یهدر وقته أبداً وقد ذکر في استثمار الوقت ما مضمونه أنّ عدداً کثیراً یزورونني، کما اعتاد الناس ذلک. و بما أنني اعتبر الوقت أغلی الأشیاء، فلا أرضی بهذه الزیارات، ولکني إذا امتنعت عن ذلک، فإن العلاقات المألوفة تنقطع وإذا ما وصلنا هذه الزیارات، فإن الوقت یهدر. إذن أتهرب من الزیارة ما استطعت وإذا اضطررت لزیارة أن تقع، أتحدث قلیلاً حتی تقصر فترة الزیارة. مضافاً إلی ذلک أحضر أعمالاً مسبقاً لأدائها في أثناء الزیارة، حتی لایمضي الوقت سدی. إذن أترک تقطیع الأوراق و برایة القلم و تصفیف الدفاتر و أموراً أمثالها حیث لاتحتاج إلی التفکیر  حضور الذهن – والتي یجب أن یصرف وقت لأجلها – لمثل هذه الأوقات (صید الخاطر، 306 – 307).
وبالنظر إلی ماقاله ابن الجوزي عن عدد مؤلفاته (2,000 مؤلف)  کذلک مایستنتج من المصادر عن العدد الباقي منها (حوالي 384 مؤلفاً)، لابد من القبول بضیاع کثیر من مؤلفاته بسبب الکوارث الطبیعیة و الحروب و الحرائق (ظ: المنتظم، 10/190؛ وأیضاً ظ: ابن الجوزي، یوسف، مرآة، 8(1)/232؛ العلیمي، 1/80).

نقد آثاره

رغم علو مقام ابن الجوزي في التألیف، لم یسلم من طعن العلماء  انتقاصهم، و ربما کان السبب الأساس هو غروره و إعجابه بنفسه. بالإضافة إلی ذلک کان انتقاده الکثیر لعلماء بقیة المذاهب و حتی علماء مذهبه أحیاناً (ابن الأثیر، 12/17؛ ابن کثیر، 13/32) سبباً لبعض هذا العطعن. و علی أي حال فإنه ارتکب أخطاء کثیرة تلاحظ في تآلیفه یمکن إرجاعها إلی کثرة التألیف و عدم إعادة النظر فیها بعد التصنیف ومیله إلی التأویل في بعض القضایا، و لا سیما أنه لم یکن متبحراً في حل شبهات المتکلمین و بیان بطلان آرائهم (ظ: ابن رجب، 1/414).
أبدی العلماء في تقییم آثار ابن الجوزي آراء مختلفة: یقول ابن تیمیة في أجوبه المصریة: له في الحدیث و الوعظ و المباحث المتعلقة بهما مصنفات لم یصنف أحد مثلها. و من أفضل تصانیفه الکتب التي جمعها في أخبار الأولین، من بینها کتب المناقب. فإنه ثقة کثیر الاطلاع علی مصنفات الآخرین و له قدرة في حسن الترتیب و التبویب و الجمع و التألیف.  لانظیر لابن الجوزي في تمییز الصحیح عن غیر الصحیح خلافاً لکثیر من المؤلفین الذین لایعرفون الصحیح من الکذب (ظ: ابن رجب، 1/415-416)، و لکن قیل بالمقابل إنه کان یعظم أبا الوفاء ابن عقیل کثیراً و کان من أتباعه رغم رفضه رأیه في بعض القضایا، و کان ینقل مایأخذه منه. و بما أن ابن عقیل ورغم تبحره في الکلام لم یکن مطلعاً بشکل تام علی الحدیث و الآثار فقد جاءت أقواله في هذا الباب مضطربة و غیر منسقة، فانتقل هذا الاضطراب و عدم التنسیق إلی أقوال ابن الجوزي أیضاً (ابن العماد، 4/331).
یقول الذهبي نقلاً عن الموفق عبداللطیف: «کان کثیر الغلط فیما یصنفه، فإنه کان یفرغ من الکتاب ولا یعتبره». ثم یضیف مؤیداً هذا الکلام: هکذا هو له أوهام و ألوان من ترک المراجعة و صنف شیئاً لو عاش عمراً ثانیاً، لما لحق أن یحرره و یتقنه (السیر، 21/378). و یقول ابن رجب أیضاً: فیصنف الکتاب و لایعتبره، بل یشتغل بغیره، و ربما کتب في الوقت الواحد تصانیف عدیدة، و لولا ذلک لم یجتمع له هذه المصنفات الکثیرة (1/414). کذلک یقول ابن الفرات: یشیر صاحب المعجم الذي قرأ عنده مراراً کتاب ابن الجوزي زاد المسیر إلی أعالیط کثیرة في کتبه (4(2)/211).
یجب اعتبار تألیفاته في الفروع العلمیة المختلفة اختصاراً لکتب الآخرین. إا إنه کان ینقل من الکتب [حول علم] دون دراسة عند أستاذ و یکون صاحب رأي فیه. ومن هنا نقلوا عنه أنه قال: «إنني جامع و لست مصنفاً» (ابن رجب، 1/414).

في الحدیث

قال ابن الجوزي حول اطلاعه علی الأحادیث: ما مضمونه: بما أن معظم اشتغالي کان في الحدیث و العلوم المرتبطة به، أستطیع تقریباً أن أقول حول کل حدیث یعرض علي صحیح، أو حسن أ محال (القصاص، 118). و هذا الکلام یختلف عما جاء به علماء الحدیث أمثال الذهبي (سیر، 21/382) والسیوطي (طبقات الحفاظ، 480، اللآلي، مخـ).
یقول السیوطي حوله نقلاً عن الذهبي: «لایوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة، بل باعتبار کثرة اطلاعه و جمعه» (طبقات الحفاظ، ن.ص). و إنه کان بارزاً في التفسی رو الوعظ و التاریخ و متوسطاً في الفقه الحنبلي و ذا اطلاع کامل في متون الحدیث، إلا أنه لم یکن له ذوق المحدّثین و نقد الحافظین الکبار في معرفة صحة و سقم الأحادیث (م.ن، طبقات المفسرین، 51). قال السیوطي في مقدمة کتاب اللآلي المصنوعة الذي ألّف في الرد علی کتاب الموضوعات لابن الجوزي: إنه لم یأت في هذا الکتاب فقط بأحادیث ضعیفة کثیرة، بل اعتبر الصحیح و الحسن أحادیث موضوعة و بالطبع فقد أشار أئمة و حفظة الحدیث، و منهم ابن الصلاح و أتباعه إلی هذه المسألة، إلا أنني قررت أن اختصر و انتقد کتابه هذا و أبین أغلاطه (1/2: و أیضاً ظ: ابو غدة، 191-195).
تشیر بعض الشواهد إلی أن ابن الجوزي لم یکن لدیه اطلاع یذکر علی التاریخ العام و أوضاع العالم و أحواله في عهده، فقد قال مثلاً في صید الخاطر (ص 530): بعد أن قتل قیصر (في الفتحات الإسلامیة الأولی)، لم یصل قیصر آخر إلی السلطة.

في الشعر

یقول عمادالدین الکاتب بعد نقله خمسة نماذج من شعر ابن الجوزي مختلفة القوافي: إن له عبارات مصنوعة و إشارات بدیعة و جذابة و له رغبة کثیرة في الجناس (3(1)/260-265). قال بعض الباحثین إن مجموعة أشعاره تصل إلی عشرة مجلدات (أبوشامة، 24). یمتدح ابن رجب أشعاره بالجمال ثم ینقل عنه أبیاتاً (1/423-424)، بالإضافة إلی الأشعار التي ذکرها أبو شامة. وأورد ابن الجوزي في المنتظم قصیدة نظمها في مدح الخلیفة المستضيءتتضمن 25 بیتاً بقافیة «ان» (10/263-264). و نُسب إلی ابن الجوزي ثلاثة مجموعات شعریة هي: إحکام الأشعار بأحکام الأشعار و ماقلته من الأشعار و المختار من الأشعار (العلوجي، 234).

آثاره

إن مابلغه ابن الجوزي من شأن علمي و غزارة في التألیف و ما قدمه من خدمات عظیمة للتراث الإسلامي دفع عدداً من الباحثین إلی دراسة آثاره و استقصائها، و إزالة مافیها من غموض و أخطاء لاسیما و إن کثیراً من نسخ آثار ابن الجوزي المخطوطة موزعة في مکتبات شرق العالم و غربه و لایزال قسم منها مجهولاً أیضاً.
وابن الجوزي أول من فهرس آثاره بنفسه (ابن رجب، 1/416). یقول ابن رجب قبل الإشارة إلی آثار ابن الجوزي إن ابن القطیعي شاهد فهرست آثار ابن الجوزي الذي کتبه الأخیر بخطه هو و یحتمل أنه أضاف إلیها أسماء کتب أخری له (ن.ص).
إذا صرفنا النظر عن فهارس الأولین، فقد کتب السید عبدالحمید العلوجي کتاباً بعنوان مؤلفات ابن الجوزي، وقام فیه بإحصاء و ترتیب آثاره. و عرض في هذا الکتاب الآثار المطبوعة و المخطوطة و المفقودة له استناداً إلی مصادر کثیرة و فهارس الکتب المخطوطة والمفقودة العدیدة (باللغة العربیة و اللغات الأخری، الموجودة في مکتبات العالم المختلفة). طبع هذا الکتاب في بغداد (1385هـ/1965م). کتب السید محمدباقر استدراکاً علی هذا الکتاب طبع في مجلة المورد (ص 181-190). و ذکر في هذا الاستدراک أسماء 11 کتاباً لم تذکر في کتاب العلوجي، و قد صحح السید محمدباقر عناوین بعض آثاره استناداً إلی الفهارس المتعددة التي لم تصل ید العلوجي إلیها و بإلاضافة إلی ذلک ذکر معلومات کثیرة حول المکتبات التي تحفظ فیها آثار ابن الجوزي، وذکر في الختام أسماء کتب ابن الجوزي المخطوطة التي طبعت بعد نشر کتاب العلوجي (إبراهیم، 27-28). و یقول محمد بهجة الأثري في حاشیة کتاب خریدة القصر لعمادالدین الکاتب أن هلال ناجي أضاف أیضاً في مجلة المورد مستدرکات علی کتاب العلوجي (3(1)/261).
وقد أجرت ناجیة عبدالله إبراهیم تحقیقات جدیدة حول آثار ابن الجوزي. و قدمت للطبع نقاطاً سقطت من قلم العلوجي و السید محمد باقر، و خاصة الکتب التي أطلعت علیها بنفسها و هي بعنوان المستدرک علی مصنفات ابن الجوزي (ابراهیم، 29). وقد رتب العلوجي آثار ابن الجوزي حسب المواضیع بالشکل الآتي: الف – 27 کتاباً في القرآن والعلوم القرانیة؛ ب – 42 کتاباً في الحدیث و الرجال و علوم الحدیث؛ ج – 54 کتاباً في المذاهب و الأصول و الفقه و العقائد؛ د – 143 کتاباً في الوعظ و الأخلاق و الریاضات و معظم تألیفاته في هذه المجالات؛ هـ - 10 کتب في الطب؛ و – 16 کتاباً في الشعر و اللغة؛ ز – 92 کتاباً في التاریخ و الجغرافیة و السیر و الحکایات، حیث یبلغ مجموعها 384 کتاباً (ص 222-236).
و من بین کتب ابن الجوزي الباقیة التي سنذکرها و ندرسها لأهمیتها الخاصة، المنتظم و تلبیس إبلیس:

الصفحة 1 من5

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: