الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن الجوزي، ابوالفرج /

فهرس الموضوعات

ابن الجوزي، ابوالفرج


تاریخ آخر التحدیث : 1443/7/28 ۱۳:۴۷:۴۹ تاریخ تألیف المقالة

تشیعه

إن مدائح ابن الجوزي لأهل البیت من قبیل ذکر فضائل علي (ع) (ابن الجوزي، یوسف، تذکرة، 284) و السیدة فاطمة (ع) (ن.م، 278) و ذکر روایات في مدح الإمام الحسین (ع) (ن.م، 245، 246، 252) ونقل الحدیث عن بعض الأئمة المعصومین (م، 324)، حملت بعض کبار الشیعة علی القول بتشیع ابن الجوزي، یقول الخوانساري (5/38): لیس بعیداً أن یکون ابن الجوزي شیعیاً و اقتضت المصلحة أن یتظاهر بالتسنن، ثم یسرد هذه الأدلة لإثبات رأیه: 1. نقل في المنبر روایة «رد الشمس» في شأن علي (ع). 2. کما روی جمهور العلماء أنه سئل یوماً بحضور أتباع المذهبین الشیعي والسني عن أیهما أفضل أبوبکر، أم علي (ع)؟ فقال في الجواب: «من کان بنته في بیته»، کذلک جاء في رجال المحدث النیشابوري أنه سئل حول عدد الأئمة، فأجاب «أربعة أربعة أربعة»؛ 3. سئل کیف ینسبون قتل الإمام الحسین (ع) إلی یزید في حین کان یزید بالشام و الإمام في العراق؟ فقرأ في الجواب هذا البیت للشریف الرضي:
سهم أصاب و رامیه بذي سلم / من بالعراق لقد أبعدت مرماک
(ظ: الشریف الرضي، 2/593).
إلا أن القبول بتشیعه لیس صحیحاً نظراً للملاحظات التالیة:
1. مایکتبه الخوانساري حول حدیث «ردّالشمس» یختلف عن تعابیر ابن الجوزي في تلبیس إبلیس (ص 99): «إن غلو الرافضة في حب علي (ع) حملهم علی جعل أحادیث کثیرة في فضائله حتی أننفسه یشمئز من هذه الأحادیث و یتألم و قد ذکرت بعضها في کتاب الموضوعات، منها حدیث رد الشمس». ویظهر أن الخوانساري أخطأ في هذا الحدیث في التمییز بین ابن الجوزي و بین سبطه. لأن سبط ابن الجوزي یرفض في تذکرة الخواص کلام جدّه حول کون هذا الحدیث موضوعاً و یقول إن کلام جدّي الذي قال «إن هذا الحدیث مجعول بلاشک» ادعاء مندون دلیل …، نقلت هذا الحدیث من الثقات العدول الذین لم یطعن في أحد منهم و لا في أسانیده [محدث] ضعیف (ص 53-54).
2. إن توریة ابن الجوزي في عبارة «من بنته في بیته» قبل أن تکون تقیة شیعي من أهل السنة، یمکن أن تکون تقیة حنبلي ذکي من سلطة الشیعة المتزایدة، خاصة أن الذهبي قال في سیر (21/371): إن هذا السؤال کان في زمن قدرة الشیعة و الجواب کان لإرضاء القریقین.
3. إنه یذکر في کتاب تلبیس إبلیس بعضاً من معتقدات الشیعة ویعتبرها تلبیس إبلیس (ظ: ص 22، 97). و کذلک یری بعض آراء الشیعة الفقهیة من البدع و الخرافات التي تتنافی مع الإجماع (ص 99).
4. إنه یعارض الفاطمیین صراحة – کما أنه یذکرهم في المنتظم بعنوان «دولة آل عبید» ویصف عن الخلیفة الفاطمي بـ «صاحب مصر» (10/196) – و عندما أسقط صلاح‌الدین الأیوبي دولتهم في (567هـ) وأعاد من جدید بعد 280 عاماً اسم الخلیفة العباسي في الخطب علیمنابر مصر، ألف بمناسبة هذه الحادثة کتاب النصر علی مصر و قدمه إلی المستضيء (ظ: ن.م، 10/237).
5. لقد بالغ في مواجهة البدع حتی أعلن علی المنبر: إن الخلیفة خرج بتوقیعه بتقویة یدي في إزالة البدع، فمن سمعتموه ینتقص الصحابة، حتی لوکان من الوعاظ، فأخبروني حتی أنقض داره، وأخلده الحبس (ن.م، 10/259؛ ابن رجب، 1/407). ویستنتج من الشواهد أنه اعتبر الشیعة ضمن هؤلاء.
6. یصرح ابن الجوزي نفسه في المنتظم أنه في 571هـ بعد أن تم منع جمیع الوعاظ من الخطابة، أجازوا ثلاثة: ابن الجوزي من الحنابلة، القزویني من الشافعیة و صهر أبي منصور المظفر بن أردشیر المروزي العبّادي من الحنفیة (10/259).
7. ینقل سبط ابن الجوزي السؤال و الجواب عن جده حیث یعرض عبدالرحمن فیه أحادیث بمنزلة نص علی خلافة أبي بکر (مرآة، 8(2)/498). و بالإضافة إلی ذلک ألف ابن الجوزي کتاب آفة أصحاب الحدیث حول الأحادیث المتعلقة بإقامة أبي بکر الصلاة في أیام مرض الرسول (ص)، حیث تعتبر من وجهة نظره نصاً علی خلافته. و مع هذه الحال لایمکن إنکار معرفته و حبه لعلي (ع). و قد خص فصلاً من کتاب صید الخاطر تحت عنوان «الحق مع علي بن أبي طالب» في بیان منزلته السامیة عند الرسول الأکرم (ص) و یقول: لایختلف العلماء أن علیاً (ع) لم یقاتل أحداً إلا والحق مع علي (ع) و یستشهد بهذا الحدیث النبوي المشهور «اللهم أَدِر معه الحق کیفما دار» (ص 503).

التصوف

وجه ابن الجوزي أشد الانتقادات للصوفیة و ینسب إلیهم معظم البدع حتی خصص للصوفیة أکبر فصول کتابه تلبیس إبلیس (الباب العاشر، ص 161-378) تحت عنوان «تلبیس إبلیس علی الصوفیة». و معهذا فقد أفرد کتباً مستقلة في مناقب العرفاء الکبار أمثال إبراهیم بن أدهم و بشر الحافي و رابعة و سفیان الثوري والفضیل بن عیاض (العلوجي، 237). و هکذا یجب التمییز من وجهة نظره بین الصوفیة و العرفاء الکبار.
إن نظرةً علی عنوان فصول الباب العاشر من تلبیس إبلیس تنم عن نموذج من آرائه في باب الصوفیة: مکرالشیطان في الطهارة، الصلاة، السکن، ترک المال، اللباس، الأکل و الشرب؛ ذکر أحادیث تکشف أفعال الصوفیة غیر الصحیحة، السماع و الرقص و الوجد، أدلة کراهیة الغناء و النواح، الغناء المجاز، صحبة الأحداث، ادعاء التوکل و ترک التکسب و التداويف ترک صلاة الجماعة و الجمعة واختیار العزلة، الخشوع و الخضوع المتکلفان، ترک النکاح، ترک طلب الأولاد، السفر من دون زاد، الأعمال المخالفة للشرع في أسفارهم، في قدومهم منالسفر، فیما إذا مات لهم میت، ترک العلم، بعض أحادیث الصوفیة حول تفسیر القرآن، الشطح، المنکرات، الإباحیة تحت ستار التصوف و رفض شبهات الإباحیة. و ابن الجوزي یستند في جمیع هذا الباب کما هو أسلوبه علی الآیات و الأحادیث و الأخبار، و من الأبحاث المهمة في هذا الباب هو البحث المفصل نوعاً ما حول الغناء و الوجد و السماع (ص 223-263)، حیث یقول بعد مقدمة قصیرة:
«وقد تکلّم الناس في الغناء فأطالوا. فمنهم من حرمه و منهم من أباحه من غیر کراهة و منهم من کرهه مع الإباحة، و فصل الخطاب أننقول ینبغي أن ینظر في ماهیة الشيء ثم یطلق علیه التحریم أو الکراهة أو غیر ذلک، و الغناء اسم یطلق علی أشیاء منها غناء الحجیج في الطرقات فإن أقواماً من الأعاجم یقدمون للحج فینشدون في الطریق أشعاراً یصفون فیها الکعبة و زمزم و المقام و ربما ضربوا مع إنشادهم بطبل فسماع تلک الأشعار مباح و لیس إنشادهم أیاها مما یطرب و یخرج عن الاعتدال و في معنی هؤلاء الغزاة فإنهم ینشدون أشعاراً یحرضون بها علی الغزو» (ص 223). ثم یتقدم في بحثه مستنداً علی الروایات، حیث یطعن في الأ\ادیث التي یبرر بها المتصوفة أعمالهم و یطعن برواتها و یبطل أراءهم (مثلا ص 250-251، وأیضاً ظ: 168-169).
إن معارضة ابن الجوزي الأساسیة لما اعتبره بدعة. جرّته إلی نقد و تجریح الحافظ أبي نعیم الأصفهاني بیبب ماذکره في حلیة الأولیاء. یقول في تلبیس إبلیس: و جاء أبو نعیم الأصفهاني فصنف لهم کتاب الحلیة.  ذکر في حدود التصوف أشیاء منکرة قبیحة و لم یستح أن یذکر في الصوفیة أبابکر و عمر و علیاً (ع) و سادات الصحابة (ص 165). ویقول کذلک في مقدمة کتاب صفة الصفوة الذي هو تلخیصه و تنقیحه، لکتاب حلیة الأولیاء: من عیوب حلیة هو ذکر أشیاء عن الصوفیة لایجوز القیام بها (ص 26-31).

علم الکلام

حول علم الکلام یقول ابن الجوزي: لیس علی العوام أضرّ من سماعهم علم الکلام، و إنما أن یحذر العوام من سماعه و الخوض فیه، کما یحذ الصبي من شاطئ النهر خوف الغرق. و إنما علی العامي أن یؤمن بالأصول الخمسة بالله و ملائکته و کتبه و رسله و الیوم الآخر، ویقنع بما قال السلف: القرآن کلام الله غیر مخلوق. و الاستواء حق والکیف مجهول. و لیعلم أن رسول الله (ص) لم یکلف الأعراب سوی مجرد الإیمان و لم تتکلم الصحابة في الجواهر و الأعراض، فم مات علی طریقهم مات مؤمناً سلیماً من بدعة و من تعرض لساحل البحر و هو لایحسن السباحة فالظاهر غرقه (صیدالخاطر، 459-460، وأیضاً ظ: 161-165).

رأیه حول الغزالي

مع أن ابن الجوزي مدح مثام أبي حامد محمد الغزالي (تـ 505هـ) العلمي و بعض کتبه، فإنه انتقصه بسبب بعصّ محتویات کتاب الإحیاء في علوم‌الدین و قال إنه أغفل في هذا الکتاب «قانون القه» و ألف کتابه وفق مذهب المتصوفة. ثم یکتب مع نقل قصة من ذلک الکتاب حول شخص ارتکب السرقة بهدف «إزالة الجاه و مجاهدة النفس»: إن هذه الأمور قبیحة و مخالفة لأحکام الفقه، و یضیف: إن مثل هذا الحدیث في هذا الکتاب کثیر. و إني جمعت هذه الأغلاط في کتاب و سمیته إعلام الأحیاء بأغلاط الإحیاء، وقد أشرت إلی بعضها في کتابي الآخر تلبیس إبلیس أیضاً. و بعد نقل روایة أخری من کتاب الإحیاء و نقدها والطعن فیها یقول: وردت في الإحیاء أحادیث مجعولة وغیر صحیحة کثیرة و سبب ذلک هو قلة اطلاع مؤلفه في نقل الحدیث (المنتظم، 9/169-170). وقد ذم ابن الجوزي أبا حامد أیضاً في أماکن مختلفة من مؤلفاته الأخری (کنموذج ظ: صید الخاطر، 453).
ویستنتج من خلال مطالعة مواضع انتقاد ابن الجوزي و مخالفته للغزالي أن الأبعاد الأصلیة للمخالفة هي نفس الأبعاد التي وجّه إلیها حربة حملته في تلبیس إبلیس، أي التصوف و الباطنیة. نقرأ في تلبیس إبلیس: کتب أبو حامد الغزالي کتاب الإحیاء علی مذهب المتصوفة و بینه بأحادیث باطلة لم یکن یعلم ببطلانها … و قال: «إن المراد من الکوکب والشمس و القمر اللواتي رآهن إبراهیم (ع) أنوار هي حجب الله عزوجل و لم یُرِد هذه المعروفات». و هذا من جنس کلام الباطنیة. وقال کذلک في کتابه المفصح بالأحوال: «إن الصوفیة في یقظتهم یشاهدون الملائکة و أرواح الأنبیاء و یسمعون منهم أصواتاً و یقتبسون منهم فوائد، ثم یترقی الحال من مشاهدة الصورظ إلی درجات یضیق عنها نطاق النطق». و کان السبب في تصنیف هؤلاء مثل هذه الأشیاء قلة علمهم بالسنن و الإسلام و الآثار (ص 166).

حدود العقل

یقول ابن الجوزي حول حدود العقل: «یجب الاحتراز من العقل بالعقل» و یوضح أنه إذا طلبت معرفة ذات الخالق سبحانه من العقل فزع إلی الحس فوقع التشبیه. فالاحتراز من العقل بالعقل هو أن ینظر فیعلم أنه لایجوز أن یکون جسماً و لاشبهاً لشيء و إذا نظر العاقل إلی أفعال الباري سبحانه رأی أشیاء لایقتضیها العقل مثل الآلام والذبح للحیوان و تسلیط الأعداء علی الأولیاء مع القدرة علی المنع و الابتلاء بالمجاعة للصالحین و … و أشیاء کثیرة من هذا الجنس یعرضها العقل علی العادات في تدبیره فیری أنه لاحکمة تظهر له فیها. فالاحتراز من العقل به أنه یقال له: ألیس قد ثبت عندي أنه مالک و أنه حکیم و أنه لایفعل شیئاً عبثاً، فیقول: بلی. فیقال فنحن نحترز من تدبیرک الثاني بماثبت عندک في الأول، فلم یبق إلا أنه خفي علیک وجه الحکمة في فعله، فیجب التسلیم له، لعلمنا أنه حکیم. حینئذ یذعن و یقول: قد سلمت. و کثیر من الخلق نظروا لمقتضی واقع العقل الأول فاعترضوا … و لقد أنس ببدیهة العقل خلق م الأکابر أولهم إبلیس و بذلک یقعون في هاویة الضلال. و قصة الخضر و موسی علیهما السلام و التي وردت في القرآن الکریم (الکهف 18/68، 78-82) تشیر إلی هذه النقطة، أي الاحتراز من العقل بالعقل (صید الخاطر ، 491-492).

 

الصفحة 1 من5

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: