الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإباضیة /

فهرس الموضوعات

الإباضیة


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/23 ۱۲:۵۹:۳۴ تاریخ تألیف المقالة

لقد حفّزت هذه الاضطرابات و تشتُّت القوی، الإباضیین إلی التجمع، و مبایعة ناصر بن مرشد بن مالک بن أبي العرب من الأسرة الیعربیة (آل یعرب من قبیلة الأزد) (1034هـ/ 1624م) إماماً لهم. حیث کان أول إمام یعربي في عمان؛ وقد استمر حکم الأئمة في عمان حتی 1154هـ 1741م، وکان ناصر قوي الشخصیة، حیث استطاع خلال 20 عاماً من الحکم أن یبسط سلطانه علی الأجزاء الداخلیة الشرقیة، وأن یقضي علی الدویلات (کانت المناطق الساحلیة آنذاک بید البرتغالیین والداخلیة مقسّمة بین خمسة حکّام). فاتّخذ أولاً مدینة مُقری عاصمة له، ثم استولی علی نزوی و انتقل إلیها، و حارب البرتغالیین وانتصر علیهم وأخرجهم من عمان باستثناء مسقط، واضطر البرتغالیون إلی مصالحته علی أن یدفعوا له مبلغاً من المال سنویاً، کما استعاد قسماً من عمان کان بید الإیرانیین و تلقّب بـ «المعتصم بالله، المتوکّل علی الله، إمام المسلمین» و حکم باقتدار؛ وتحاول المصادر الإباضیة إثبات أنه کان یعمل بما یأمر به الکتاب والسنّة ویقتدي بسیرة الصحابة، ولکن یمکن القول إنه کان فاتحاً قویاً و سیاسیاً ذکیاً أکثر منه إباضیاً ملتزماً (دروزة، 9/169؛ ڤالیري، 275، 273؛ الباروني، 61؛ لوند، 6-5).
کانت فترة ناصر مقترنة بتقدم ثقافي واقتصادی عظیمین في عمان، فقد اهتمّ بشق الطرق، ومدّ شبکات المیاه التطویر الزراعة، وتقویة القوات البحریة التي ظهرت آثارها في الفترات التالیة، فقد ازدهرت عمان في عهد خلفاء ناصر وتقدّمت، وساعد التنظیم الإداري و توطُّد السلطة المرکزیة إلی بسط نفوذ‌الدولة وسلطتها (ڤالیري، 275، 274). إلا أن مبدأ انتخاب الإمام الذي یحظی بأهمیة کبیرة في المذهب الإباضي أصبح غیر ذي أهمیة، وحلّ محلّه الحکم الوراثي في البلاد، ولیس یعني ذلک أن انتقال الحکم کان من الأب إلی الابن الأکبر فقط، بل کان ینتخب أحد الأقارب خلیفة للإمام أیضاً (م.ن، 274).
توفيّ ناصر في 1050هـ/ 1640م فبویع ابن عمّه سلطان بن سیف بن مالک بالإمامة، فاستولی علی مسقط قاعدة البرتغالیین (1060هـ/1650م) وغنم منهم أموالاً عظیمة، واتخذ من ذلک المکان میناءً حربیاً له وأجلی البرتغالیین من سواحل الخلیج‌الفارسي، واستطاع بأسطوله القوي الذي أعدّه الاستیلاء علی مناطق من سواحل شرقي إفریقیة، ومنها باب المندب، علاوة علی مضیق هرمز. وفي 1090هـ/1679م توفي في عاصمته نزوی، وکان علماء الإباضیة ینحون باللأئمة علی سلطان لارتکابه بعض الأعمال المخالفة للشرع، ولکنه کان محبوباً لدی الناس بحیث کان یخرج في المدینة بلا حراسة تقریباً (دروزة، 9/169؛ الباروني، 61؛ ڤالیري، 275؛ لوند، 6). وبعد وفاة سلطان بویع بالإمامة ابنه بلعرب (ربما مخفّف «أبوالعرب») فحکم بجلال واقتدار، وتوفي في 1104هـ/1693م. فعقدت الإمامة لأخیه سیف بن سلطان بن سیف، فاستولی علی مومباسا والجزیرة الخضراء علی الساحل الإفریقي وهاجم سواحل إیران و الهند. ویبدو أنه احتل الریاض عاصمة آل سعود الجالیة (دروزة، 9/170؛ الباروني، 61)؛ وفي هذه الأثناء تمّ ضم جزیرة زنجبار إلی عمان (بریتانیکا، X/863).
وبعد وفاة سیف في 1123هـ/1711م عقدت الإمامة لابنه سلطان فبلغت عمان في عهده أوج قدرتها وامتدادها (دروزة، ن. ص؛ الباروني، 62؛ ڤالیري، 275)، وبوفاته (1131هـ/1719م) بدأت فترة انحطاط الیعاربة، ووقعت اشتباکات دامیة انتقل الحکم الیعربي إثرها إلی بوسعید (ظ، ن. د، آل بوسعید).

الإباضیة في إفریقیا

یبدو من الشواهد أن عدد الإباضیین ازداد في شمال إفریقیا في أوائل القرن 2هـ/8م، حتی إنهم أسسّوا دولة في النصف الأول من هذا القرن. یقول ابن حوقل إن جبل نَفوسة (الواقع في لیبیا، جنوب طرابلس) کان دار الهجرة للخوارج (الإباضیة والوهبیة) وفیها مات کل من عبدالله بن إباض و عبدالله بن وهب الراسبي (1/37، 95)، ولکن الذي نعلمه أن عبداله بن وهب قتل في النهروان، ویمکن الشک أیضاً في موت ابن إباض بنفوسة، ومع ذلک لم ینتشر المذهب الإباضي في هذه المناطق فحسب، بل انتشر المذهب الصُّفري أیضاً. وبعد اعتناق شمال إفریقیا لهذین المذهبین اعتنقت زناته – أکیر قبائل البربر في صحراء غربي إفریقیا – هذین المذهبین أیضاً (لویتسکي، «الصحراء الشرقیة …»، 45). ویبدو أن قبیلة نفوسة البربریة اعتنقت الإباضیة في هذه الفترة، کما اعتنقه سکان غدامس (ن. م، 58).
وبعد دخول الإسلام إلی إفریقیا غلب المذهب السني علی أهالي تلک المناطق، ثم لم یلبث أن انتشرت بین البربر عقائد الخوارج، وحلّت محل المذهب السني، وذلک لأسباب سیاسیة واجتماعیة؛ فثورة البربر الخوارج یمکن أن تعتبر من الناحیة السیاسیة ثورة السکان الأصلیین ضد الحکّمام الأجانب (العرب)، کما یمکن أن تعتبر من الناحیة الاجتماعیة ثورة البائسین والمظلومین، وهو مایصدق أیضاً علی الإباضیة والصفریة وحتی علی حکم الأدارسة الشیعي في المغرب (اشتروتمان، 259؛ ظ: آمریکانا، XX/416).
کان مذهب الإباضیة قویاً منتشراً بطرابلس في عهد مروان بن محمد (الباروني، 32)، وکان یرأسهم قبل ذلک عبدالله بن مسعود التُجیبي (تـ 126هـ/744م)، وهو أول رئیس إباضي عرف في المغرب (لویتسکي، «الإباضیون…»، 16). وبعد قتل عامل طرابلس إلیاس بن حبیب، أحد الإباضیین، أبدوا معارضتهم و طالبوا بدمه، و عقدوا الإمامة علیهم للحارث بن تلید، فاستطاع مع عبدالجبار بن قیس – وذکر بعضهم أنه کان قاضیه أو وزیره – أن ینتزعا بتعاونهما طرابلس من بعدالرحمن ابن حبیب حاکم المنطقة الأموي و کان تعاونهما في الحکم قد بلغ حدّاً جعل المؤرخین یختلفون في أیهما کان یتولّی منصب الإمارة والأخر منصب القضاء. وبعد فترة استطاع الحارث بعد له و حسن سیرته أن یمدّ سلطته علی جمیع أرجاء لیبیا، وقد حاول الحاکم الأموي خلال هذه المدة أن یقضي علی إمامته بالهجوم مرات عدیدة علی طرابلس، إلی أن وجد الحارث وعبدالجبار مقتولین في مقرّ حکمها، وقد ورد في المصادرالإباضیة أن عبدالرحمن بن حبیب هو الذي تآمر بالقضاء علیهما، حینما وجد نفسه غیر قادر علی مواجهتهما (الباروني، 32-33؛ معمر، 2(1)/45-47).
وبعد هذه الحادثة بایع الإباضیة خارج مدینة طرابلس أبا الخطاب عبدالأعلی بن سمح المعافري الحمیری، ثم دخلوا المدینة وشهروا السیوف في مرکزها وأعلنوا ثورتهم بنداء «لاحکم إلا لله، ولاطاعة إلاطاعة الله، وطاعة أبي الخطاب» و عزلوا والي المدینة، وسلّموا الحکم لأبي الخطاب (بدایة عام 140هـ/757م). ویعتبر أبوالخطاب أول إمام إباضي ثار علناً ورسمیّا إذا ما غضضنا الطرف عن قادة من الدرجة الثانیة والثالثة کانوا یدافعون عن الإباضیة أو کانوا مختفین، (الدرجیني، 1/22، 23، 26؛ معمّر، 2(1)/40، 50، 51؛ اشتروتمان، 263). فاختار طرابلس عاصمة له، ووسّع مناطق حکمه إلی بَرقة في شرق لیبیا، والقَیرَوان في الغرب، وفَزّان في الجنوب (جنوب غربي لیبیا)، ولکن لم تکن قبائل البربر کلّها تابعة له، کما کانت جماعات من المعتزلة أو الصُّفریة والأزارقة تعتبر نفسها خارج حدود حکمه، واحتل أبوالخطاب القیروان بصعوبة، فولّی علیها بعد فتحها عبدالرحمن بن رستم الفارسي (معمّر، 2(1)/41، 51-53، 2(2)/288؛ الباروني، 33؛  الدرجیني، 1/27-29).
ولمّا بلغ الخلیفة العباسي المنصور خبر انتصارات أبي الخطاب سیّر لقمع الإباضیة جیشاً کبیراً بقیادة محمد بن أشعث الخُزاعي، فاستنجد أبوالخطاب بعبد الرحمن بن رستم، وبادر إلی مواجهة ابن الأشعث، ولکن عدد أفراده کان أقل، فقتلوا جمیعاً تقریباً (144هـ/761م) رغم ما أبدو من شجاعة فائقة، کما کان أبوالخطاب بین القتلی (الدرجیني، 1/32-35؛ الباروني، 34؛ معمّر، 2(1)/53-61). وحینما وصل عبدالرحمن بن رستم إلی أرض المعرکة وجد جمیع أصحابه قتلی (الدرجیني، ن. ص).
وفي 151هـ/768م ولّی المنصور، عمر بن حفص إمارة إفریقیا، وبعد ثلاث سنوات ثار البربر ثانیة، وعقدوا إمامة الدفاع لیعقوب بن حبیب (الدرجیني، 1/36: لبیب) الملزوزي الهواري (154هـ/771م). فبادر والي طرابلس بجیشه لقتالهم، ولکنه هزم، وسقطت المدینة بید أبي حاتم، وهناک نادی أبوحاتم أتباعه للخروج إلی إفریقیا (ابن الأثیر، 5/598-601؛ الدرجیني، 1/36-38؛ معمّر، 2(1)/62؛ الباروني، 34). وکان عمر بن حفص منشغلاً بتشیید مدینة طُبنة حینما حاصره الخوارج من البربر باثني عشر عسکراً، وکان من قادتهم أبوقُرّة الصُّفري، ومن رؤساء الإباضیة عبدالرحمن بن رستم و عاصم السدراتي (الدرجیني، 1/29: کان عاصم قد قتل من قبل في حصار القیروان) ومسعود الزنّاتي. فلما رأی عمر أن الحصار أحکم علیه، عدل إلی إعمال الحیلة، فأوقع بین الجناحین، وارتحل الصُّفریون و کانوا 40,000 مقاتل، و لما لم یحقّق الإباضیون نجاحاً، فتفرّقوا. إلا أن نزاع الإباضیة بزعامة أبي حاتم ظلّ قائماً مع الحکّمام المحلّیین. ومن الحوادث التي وقعت في هذه الفترة القصیرة احتلال أبي حاتم للقیروان من جدید، فأرسل المنصور جیشاً قوامه 60,000 مقاتل بقیادة یزید بن حاتم بن قتیبة لقتال أبي حاتم، وفي عام 154 هـ وصل یزید إلی إفریقیا ولجأ أبوحاتم إلی جبال نفوسة، وفي ربیع الأول 155/ شباط 772 دارت حرب بینهما قتل إثرها أبوحاتم و هزم الإباضیون (ابن الأثیر، ن. ص؛ الدرجیني، 1/39-40؛ معمّر، 2(1)/62-65؛ الباروني، 34).
انتقل حکم الإباضیة بعد مقتل أبي حاتم من لیبیا إلی الجزائر، فبایع الإباضیون عبدالرحمن بن رستم بالخلافة، وبنوا مدینة تاهرت (تیهرت أو تیارت الحالیة علی بعد 230 کم جنوب غربي الجزائر). وأصحبت عاصمة الرستمیین (ن. ع) (معمرّ، 2(1)/75؛ الباروني، ن. ص).
کان الإباضیون في المغرب یتمتّعون بقدرة سیاسیة طیلة حکم‌الدولة الرستمیة (160-294هـ/ 777-907م) ثمّ فقدوا هذه القدرة بسقوطها. غیر أن نفوسة ظلّت تحتفظ باستقلالها باعتبارها مرکز الإباضیة في لیبیا حتی سیطرة العثمانیین علیها، ولکنهم لم یقیموا لهم دولة وإمامة في نَفوسة، بل کانوا یختارون من یتولّی شؤونهم، وقد نال بعضهم لقب «إمام الدفاع»، وکان واجبه الدفاع عن المجتمع الإباضي (معمر، 2(1)/145، 154؛ الباروني، 50-51؛ اسمیث، 279؛ زامباور، 100-101) أما إباضی و سدراته (بالقرب من ورغلة، ورقلة الیوم) فقدهاجروا إلی العطوف قرب المزاب بعد قرن من هجرتهم إلی تاهرت، ثم انتقلوا إلی المزاب نفسها، حیث الحیاة قاسیة فیها (بریتانیکا، VII/156, IX/994). والیوم یعیش إباضیو إفریقیا في هذه المناطق علی الأکثر.

العقائد

یقوم الاختلاف الأساسي بین الخوارج والمسلمین الآخرین علی اعتقادهم بأن مرتکب الخطیئة الکبیرة کافر (الأشعري، 1/157؛ المسعودي، 3/138؛ البغدادي، الملل، 58؛ الفرق، 45؛ ابن حزم، 2/13؛ الشهرستاني، 1/198). وانفصال الإباضیة عن الخوارج الآخرین یرجع إلی موقفهم الخاص من هذه المسألة أیضاً، فهم بنظرتهم الخاصة إلی هذا الموضوع، ابتعدوا عن إفراط بقیة الخوارج وغلوّهم، وانتهجوا طریقاً معتدلاً، ولاشک في أن السبب الرئیس لنموّ الفکر الإباضي یکمن البحث عنه في إدراکهم الخاص کفر مرتکب الکبیرة.

ألف. الشرک و الکفر والنفاق

المشرک عند الإباضیة هو المکذب لله، أو من أنکروجهاً من وجوه التوحید، أو حرفاً من القرآن، أوحلّل حراماً منصوصاً تحریمه، أو حرّم حلالاً منصوصاً فیه (الجیطالي، 1/253، 254). فهذا الشخص کافر بکفر الشرک (کفر الملّة). وکفر الشرک نوعان: کفر الإنکار وکفر المساواة، وکفر الإنکار عبارة عن إنکار وجود الله والأنبیاء والملائکة والکتب والمعاد والبعث والحساب والجنة والنار. وکفر المساواة أن یسوّي العبد بین الخالق والمخلوق في الذات و الصفات (طعیمة، 119 الشهرستاني، 1/245). فکفر الشرک إذن اصطلاح بمعنی «الخروج من‌الدین» أما الکفر الذي ینسب إلی الموحّد العاصي فالمراد به کفر النعمة، وبناء علی هذا فإن الأحکام الجاریة علی الموحّدین جاریة علی المسلم المرتکب للمعصیة أیضاً (الباروني، 22، 72-73). ولایمکن اعتبار مرتکبي الکبائر في مذهب الإباضیة مؤمنین، ذلک أن الطاعة إیمان ودین، وکل مافرض الله علی عباده جزء من الإیمان، ولذلک هم موحّدون ولیسوا بمؤمنین (الأشعري، 1/172، 175؛ الشهرستاني، 1/245).
ویقول الإباضیة: إن کفر لانعمة، ستر نعمة المنعم بالإنکار أو بعمل تکون المخالفة للمنعم فیه کالإنکار (معمر، 1/91؛ الجرجاني، 162) وهذا یقابل شکر النعمة، فلازمه قبول الأحکام والعمل بها فیما یوافق إرادة الخالق، وبناء علی هذا المعنی فإن الإباضیة یبنون الاصطلاح الذي یتفق ورأیهم علی آیات وأحادیث تتحدّث عن المقابلة بین الکفر والشرک، کالآیة 40 من سورة النمل (27)، وکثیر من الأحادیث النبویّة (معمر، 1/89). ویبدو أن الصُّفریة یشترکون في الظاهر مع الإباضیة في هذه العقیدة (الجیطالي، 1/290). فقد حکي عن زیاد بن الأصفر، وکان کما یبدو أحد قادة الصفریة، أن الکفر کفران: کفر بإنکار  النعمة، وکفر بإنکار الربوبیة (الشهرستاني، 1/251). وکانت بعض الفرق الأخری علی هذه العقیدة أیضاً، ولاتختص نظریة «الکفر بالنعمة» بالإباضیة فقط.
ویری الإباضیة أن مرتکب ما فیه الوعید مع معرفته بالله عزّوجل، وبما جاء من عنده، کافر کفران النعمة (البغدادي، الفرق، 70) و کان عبدالله بن یحیی، طالب الحق، قد أعلن في خطبته الشهیرة التي مرّ ذکرها، أن من زنا أوسرق و شرب الخمر کافر، ومن شکّ أنه کافر فهو کافر (أبوالفرج، 23/226). ویقول أبومحمد النهدي (من کبار الطبقة الثالثة من الإباضیة) في إتمام ذلک: إن أصحاب البدع من أهل القبلة، کفار لیسوا بمشرکین ولامؤمنین (الدرجیني، 2/257)؛ الإصرار علی الخطیئة والامتناع عن التوبة کفر (الأشعري، 1/173)؛ والتوبة مطهّرة للکفر؛ ویجب أن یقام الحدّ علی مرتکب الکبیرة، ثم علیه أن یتوب وإلاقتل (الأشعري، ن. ص؛البغدادي، ن. م، 63). وعلی کل حال فإن کل کافر نعمة غیر مقلع عن الکبیرة وتائب عنها مخلّد في النار (طعیمة، 122).
ولکن ماهي الخطیئة الکبری، و ما الفرق بینها و بین الصغری؟ یقول الجیطالي: کل ما یستوجب نکالاً في الدنیا و عذاباً في الآخرة کبیرة، و غیرها صغیرة (2/228). ویختلف الإباضیون المغاربة عن إباضیي المشرق في الذنوب الصغیرة، فیعتقدون بأنها مجهولة، ولو وجدت لکان وجودها إغراء بارتکابها، ذلک أنها کما ورد في القرآن الکریم معفو عنها باجتناب الکبائر: إن تَجتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ نُکَفِّر عَنکُم سَیِّئاتِکُم…» (النساء/4/ 31). أما إباضیة المشرق فقد ذهبوا إلی القول: إن الصغائر من الذنوب موجودة في الخارج و معلومة للبشر، ومثّلوا لها بالکذب الخفیف والرقص واللعب غیر المباح (طعیمة، 120).
ویعتقد الإباضیة بأن العبد إذا أصر علی الصغیرة فهو هالک، لأن صاحب الصغیرة من الذنوب عندهم إن أتی بها مُستَخِفّاً لنهي فیها، فإنه یکون مصرّاً علی الذنب، ویعتقدون بأن الإصرار یعبّر عنه بأشیاء منها: الإقامة علی الذنب والاستمرار فیه أو الإعراض عن التوبة، أو العزم علی الامتناع عن التوبة. ولکن مرتکب الصغیره موحّد لایوصف بالفسق، ولابالضلال و لا بالکفر، حتی یعلم منه الإصرار علیها و العزم علی عدم التوبة (ن. ص).
ویری الإباضیة أن مرتکب الکبیرة إذا أصر علیها منافقٌ کافرٌ (ولکن کفر النعمة ولیس کفر الشرک) و مخلّد في النار (الجیطالي، 1/286). فالتفاق یرتبط بمعنیي الکفر و الشرک، والجیطالي خصّ فصلاً في معنی الکفر والنفاق والشرک، ولکنّه تحدّث قلیلاً عن الکفر والشرک (وحتی کفر النعمة) ووجه اهتمامه إلی الحدیث عن موضوع النفاق، وذکر في هذا الباب خاصة روایات عن الحسن البصري (الجیطالي، 1/289-296). ولکن مایؤکد علیه الإباضیة هو الفرق بین الشرک و النفاق، فقالوا: إن المنافقین في عهد رسول الله (ص) کانوا موحدین (الشهرستاني، 1/246)، فلایمکن اعتبارهم مشرکین، فالکاذب علی الله منافق، وهذا ینتهي إلی الکفر کتأویل کتاب الله بشکل یؤدي إلی الضلال کما یمکن مشاهدة مثل هذا الانحراف عن حقیقة‌‌الدین في نفیهم خلق القرآن أو نفي تخلید أهل الکبائر (الجیطالي، 1/253). فالمنافق إذن لیس مشرکاً ولکنه کافر (ظ: الشهرستاني، ن. ص).
وممّا یجدر ذکره أن للإباضیة (قدماء الإباضیة علی الأقل) ثلاثة أو أربعة آراء: والرأي الغالب کما مرّ: أن النفاق کفر و لیس بشرک، والرأي الآخر: أن النفاق شرک لأنه یضادّ التوحید، و فرقة من الإباضیة یجیزون إطلاق صفة المنافق علی قوم عناهم الله بهذا الاسم، وفرقة أخری یعتبرون – کما یبدو – أن النفاق براءة  من الشرک والإیمان (الأشعري، 1/172؛ البغدادي، الفرق، 63) واستندوا في ذلک إلی الآیة القرآنیة: مُذَبذَبِینَ بَینَ ذلِکَ لا إلی هؤُلاءِ ولا إلی هؤُلاء …» (النساء/ 4/143).
ویری الإباضیة أن مخالفیهم من المسلمین کفّار (الأشعري، 1/171؛ البغدادي، الفرق، 61؛ الاسفرایني، 58)، ولکنّهم یسمّون دارهم دار التوحید لأنهم موحّدون، ماعدا معسکر السلطان فیسمّی دارالکفر ودار البغي ودار الظلم (الأشعري، ن. ص؛ الشهرستاني، 1/245) کما یطلقون علی دارهم أیضاً دار التقیة، لأنهم یریدون أن یعیشوا بین مخالفیهم والإباضیة خلافاً للخوارج یجیزون شهادة مخالفیهم علی أولیائهم و یحلّلون مناکحتهم و موارثتهم (ن. ص؛ و أیضاً البغدادي، ن. ص)، و حرّموا بالنتیجة الاستعراض مالم یکن للملوک الظلمة و حین الخروج علیهم؛ ودماء المسلمین وأموالهم و سبي ذراریهم حرام لأنهم موحّدون؛ وقتل الموحد ماعدا من زنی بعد الإحصان شرک بعد الإیمان؛ وقتل النفس حرام؛ وسفک دماء المسلمین المخالفین في الخفاء حرام، ولکنه في الجلاء وفي زمن الخروج حلال؛ و یجوز قتل من یدعو إلی الشرک في دار التقیة أو یکون مشرکاً (الجیطالي، 1/254؛ الباروني، 3؛ الأشعري، 1/171-172، 175؛ البغدادي، الفرق، 61-62؛ الاسفرایني، 58؛ طعیمة، 142).

 

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: