الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الإباضیة /

فهرس الموضوعات

الإباضیة


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/23 ۱۲:۵۹:۳۴ تاریخ تألیف المقالة

وقد أدّی ظلم الأمویین لأهل الیمن إلی خروج أبي یحیی عبدالله بن یحیی بن عمر بن الأسود… ابن الحارث الکندي (من أهالي حضرموت)وکان قاضیاً مجتهداً وعابداً في تلک الدیار (أبوالفرج، 23/324؛ لویتسکي، ن.م، 6) ویبدو أنه کان لتشجیع الناس له أثر، فقد کتب إلی أبي عبیدة مسلم و إلی غیره من مراجع الإباضیة في البصرة یشاورهم في الخروج، فکتبوا له: أن یخرج إن لم یکن قادراً علی الصبر (أبوالفرج، ن.ص).
وأرسل له أبوعبیدة أباحمزة المختاربن عَوف الأزدي وبَلج بن عقبة الأزدي لمساعدته، و تنظیم أمور الإمامة في حضرموت، والتقی هؤلاء المبعوثون بعبدالله في مکة في أواخر عام 128هـ/ 747م، وقدّموا له کتب کبار الإباضیة في البصرة، و فیها یوصونه بعدم الغلو إذا خرج، والاقتداء بالسلف الصالح (ن.ص؛ و أیضاً ظ: الطبري، 7/348). کما قدّموا للقادة الخارجین 10,000 درهم کانوا قد جمعوها لشراء السلاح و غیره ممّا یحتاجون إلیه (الدرجیني، 2/262). ثمّ توجه مبعوثوا الإباضیة مع عبداله بن یحیی إلی حضرموت (129هـ/ 746م) وبایعوه (الطبري، ن. ص؛ أبوالفرج، 23/225-226)، وبذلک تأسّست أول إمامة إباضیة. وبعد احتلال دار الإمارة واعتقال الوالي، تولّی عبدالله بن یحیي الحکم باسم «طالب الحق» (أبوالفرج، ن. ص).
وکانت خطوة الإباضیة الثانیة أنهم توجّهوا بـ 200 رجل نحو صنعاء (عاصمة الیمن وأهم مدینة في جنوب الجزیر العربیة آنذاک) وقاتلوا عامل مروان بن محمد فیها، وانتصروا علیه واستولوا علی الحکم فیها (ن. ص) وبعد هذا النصر ألقی طالب الحق عبدالله بن یحیی خطبة دعا الناس فیها إلی حب من أحب الله و بغض من أبغضه وقال إنه لاسبیل إلا سبیل الله و رسوله، وأعلن أن من زنی فهو کافر ومن سرق فهو کافر و من شرب الخمر فهو کافر و من شکّ في أنه کافر فهو کافر (م. ن، 23/226-227). ثم اتخذ من صنعاء عاصمة له، واستخلف عبدالله بن سعید الحضرمي علی حضرموت، و قصد مکة والمدینة لاحتلالهما. و کان آنذاک أفضل وقت لنشر الحرکة الإباضیة، ذلک أن العباسیین کانوا قد بدأوا ثورتهم في هذه السنة (129هـ/747م) بخراسان، وکان الخلفاء الأمویون یسعون لإخمادها؛ فکان ذلک سبب انتصارهم في أوائل خروجهم في الحجاز (لویتسکي، ن.م، 7).
وفي هذا العام وجّه عبدالله بن یحیی أباحمزظ المختار و بَلج بن عُقبة إلی مکة لدعوة الناس إلی «لاحکم إلا لله» وإثارتهم علی مروان بن محمد (الطبري، أبوالفرج، ن.ص). وکان أبوحمزة و هو من إباضیي البصرة یختلف کل سنة إلی مکة للحج، و من المحتمل أنه کان یدعو إلی مخالفة آل مروان خلال نشره لمذهبه بین الناس (الطبري، ن. ص)، وقد توجّه الإباضیون و کانوا 700 شخص (أو 900 أو 1,000 أو 1,100) إلی مکة للحج و هم یضعون العمائم السود علی رؤوسهم و یحملون الرایات السود. و حینما کشفوا عن هدفهم، غادر والي مکة والمدینة عبدالواحد بن سلیمان مکة فسقطت بید أبي حمزة بلاقتال (الطبري، 7/374-375؛ المسعودي، 3/242؛ أبو الفرج، ن.ص؛ لویتسکي، ن.م، 8). نزلت قوّات الأمویین بعد الهرب من مکة في موضع یدعی قُدَید، ویبدو أن عدداً کبیراً من أهل المدینة التحقوا بهم، فخرج أبو حمزة من مکة قاصداً احتلال المدینة، فوجّه إلی أهلها نداء أنه لایرید قتالهم، و أنه یودّ أن یمر من المدینة لقتال من جار في الحکم علی الناس. فردّ أهل المدینة دعوته، و دارت حرب في قُدَید، انتهت بهزیمتهم و هزیمة القوات الأمویة هزیمة نکراء، حیث بلغ عدد قتلاهم 700 أو 2,230 رجلاً، وقد تمّ هذا النصر و احتلال المدینة في صفر 130/ تشرین الأول 747 (الطبري، 7/394-395؛ أبو الفرج، 23/232-234، 237؛ ابن الأثیر، 5/388-389). وحکم أبو حمزة في المدینة ثلاثة أشهر (م. ن، 5/390)، و ألق خطبة في أهلها ذات أهمیة خاصة في تاریخ الإباضیة، دافع فیها عن أعمالهم، و أشار إلی حقهم، ودع الناس إلی التفرّق عن آل مَروان، و أعلن أن خروجه إنما هو لإحقاق الحق والعدل، و برئ من ثلاثة أشخاص أو فئات: من حاکم لم یجب داعي الله، و من یتّبع مثل هذا الحکاکم، و من رضي بعمله. ثم انتقد خلافة عثمان والإمام علي (ع)، ولعن معاویة و وصف یزید بأسوأ الصفات، و قیل إنه استثنی عمر بن عبدالعزیز فقط، و قیل إنه لعنه (الجاحظ، 2/99-103؛ الطبري، 7/395؛ ابن عبدربه، 4/228-231؛ أبو الفرج، 23/237-244؛ الدرجیني، 2/264).
وبعد احتلال الإباضیة لمکة و المدینة تعرّض الحکم الأموي لخط شدید فوجّه الخلیفة مروان جیشاً قوامه 4,000 مقاتل بقیادة عبدالملک ابن محمد بن عطیة السعدي لقتالهم. فتصدّی له أبو حمزة و أرسل لمواجهته 600 رجل بقیادة بلج بن عقبة (جمادی الأولی 130/ تشرین الثاني 748)، ودار القتال بین الجانبین في وادي القری، وانتهی بهزیمة الإباضیین (المسعودي، 3/242؛ أبوالفرج، 23/244-246؛ ابن الأثیر، 5/291). و حینما بلغ أبا حمزة خبر هذه الهزیمة استخلف عدداً من أفراده في المدینة ثم مضی إلی مکة (الطبري، 7/399) و في 130 هـ دارت حرب ضاریة في مکة بین الأمویین و الإباضیین، و کان أهل مکة مع الأمویین، فقتل ابوحمزة ومعه امراأته علی «فم الشعب» وصلب ابوحمزة مع ثلاثة من رؤساء الإباضیة هناک (الطبري، المسعودی، ن. ص؛ أبو الفرج، 23/247). و حینما بلغ هذا الخبر أهل المدینة شدّوا علی أصحابه و قتلوهم (الطبري، ن.ص).
لما علم عبدالله بن یحیی بمقتل أبي حمزة، تولّی بنفسه قیادة الإباضیة في صنعاء، و خرج من المدینة لمواجهة الأمویین کما سار ابن عطیة إلی صنعاء، لمتابعة مهمّته، ودارت حرب شدیدة بین الجانبین هزمت فیها الإباضیین الهرب إلی حضرموت. وقد حدث کل ذلک بعد شهر من مقتل أبي حمزة (الطبري، 7/400؛ المسعودي، ن. ص؛ أبوالفرج، 23/254-255). حاصر الأمویون بقیادة ابن عطیة حضرموت، غیر أن مروان أمره بالعودة إلی مکة، وفي الطریق هاجمه عدد من الخوارج و قتلوه (أبوالفرج، ن. ص).
ولم یبق علی مذهب الإباضیة من المناطق التي حکمها عبدالله بن یحیی سوی حضرموت، ویذک المسعودي أن أکثر أهالیها کانوا في عهده (سنة 332هـ/ 944م) علی المذهب الإباضي، لافرق بینهم و بین من بعمان من الخوارج في هذا المذهب (3/242). ویبدو أن أغلب الإباضیة في جنوب الجزیرة العربیة من أتباع الفرع الوهبي الذي یعتبر أهم فرقة إباضیة، کما کان بینهم من أتباع الفرع الطریفي، وربّما جماعة من فرقة النُّکّاریة أیضاً (لویتسکي، ن.م، 15).
وبعد فترة شبّت الاختلافات بین إباضیة حضرموت والتحقوا شیئاً فشیئاً بإمامة الإباضیة في عمان (ن.م، 12-9).

الإباضیة في عمان

لابد أن یکون اعتناق أهالي عمان لمذهب الإباضیة قد بدأ منذ أوائل تأسیس الفرقة وانتشارها، و یصدق هنا ما ذکرنا عن العلاقة بین مرکز الإباضیة في البصرة و بین فروع من قبیلة الأزد، ذلک أن فرعاً کبیراً من هذه القبیلة کانت قد هاجرت من داخل الجزیرة العربیة إلی عمان في القرن 6م، و أقاموا فیها و سیطروا علی المطقة بع أن سمح لهم الملوک الساسانیون بذلک 0ظ: ن.د، الأزد).
وفي إبّان خروج الخوارج و حروبهم في العهد الأموي تسرّب بعض زعماء فرقة الإباضیة إلی عمانف و استطاعوا أن ینشروا مذهبهم، ویکسبوا أنصاراً کثیرین (دروزة، 9/161)، و لاشک في أن انتشار المذهب الإباضي و لاسیما بین الأزد في عمان کان واسعاً وعمیقاً نسبیاً، ذلک لأن أول إمام من الإباضیة هناک کان جُلندي بن مسعود و هو منهم، و استطاع بدعم من قبیلته القویة أن یحقّق نجاحات کبیرة، کما سیرد فیما بعد، و کانت قدرة الحاکم تستمد بشکل تقلیدي من قبیلة الأزد، و أغلبس الأئمة منها. والأسرة الحاکمة الیوم في عمان إباضیة المذهب و من هذه القبیلة.
و کما أن العمانیین استقبلوا منذ البدایة العقائد الإباضیة فإنهم لایزالون کذلک. یقول ابن حوقل في القرن 4هـ/10م یغلب علی عمان الشُّراة (ن. ع) (1/38)؛ ولابدّ من أنه یشیر في ذلک إلی الفرع المذکور من الإباضیة. أمّا في القرنین 7 و 8 هـ/ 13 و 14م فقد ذکر یاقوت (3/171) وابن بطوطة (ص 272) أن الأکثریة منهم تقریباً علی المذهب الإباضي، وأن عمان البلد الوحید علی هذا المذهب، وکانت معاملة أهالي عمان للخوارج من غیر الإباضیة سیئة و عدائیة خلافاً لما ذکره ابن الأثیر (5/584). یدل علی ذلک قتالهم لشیبان الصُّفري المذهب، کما أن خوارج النَجَدات احتلوا عمان لفترة، و لکن دولتهم لم تستمر طویلاً وانقرضت لذلک السبب في 73 هـ/ 692م (ظ: الیري، 253).
و کان إباضیو عمان ینتظرون الفصة المناسبة لإقامة إمامة مستقلة، فبعد هزیمة وادي القری و زوال الإمامة في حضرموت عام 130هـ/748م، لجأ بقیة الإباضیین إلی عمان و کوّنوا نواة قویة (ظ: لویتسکي، ن.م، 10). وبعد انقراض السلالة الأمویة في 134هـ/ 750 م و ما أصاب السلطة المرکزیة من ضعف و اضطراب سنحت الفرصة للإباضیة في عمان لتحقیق هدفهم القدیم، فبایعوا بالإمامة أحداً منهم یدعی جُلَندي (أو جُلُندي) بن مسعود بن جَیفر بن جلندي الأزدي (ابن الأثیر، 5/355). ولاشک في أن البیعة له بالإمامة تمّت في الثلث الأول من القرن 2 هـ/ 8م (دروزة، 9/162). کما ذکرت السنوات 135هـ/ 752م (ڤالیري، 255؛ لویتسکي، ن. ص) و 133 أو 134 هـ/ 751م (بریتانیکا، XIII/886) ولکن یشک في صحتها، ذلک لأن هزیمته و مقتله لابدّ أنه وقع کما سنری في عام 134هـ/751م.
ویبدو أن اسم جُلَندي أو جُلُندي کان لقباً عاماً لجمیع القادة الأزدیین، ثم أصبح اسماً خاصاً لتمییز القادة الأوائل في عمان (ڤالیري، 256؛ لوند، 5) و کان قائداً تقیّاً یحبه الناس، و یری أن تکون السلطة بیدالمجتمع (دروزة، 9/162؛ ڤالیري، 257)، وقد حکم جمیع أرجاء عمان (دروزة، 9/161) و جزءاً من حضرموت (لویتسکي، ن. ص). ولذلک حافظت حضرموت علی علاقاتها الأخویة مع عمان (ن.م، 11).
لم تتحمل‌الدولة العباسیة الحدیثة وجود دولة عمان الإباضیة المستقلة، فبادر السفاح في أول الأمر إلی قمع ثورة شیبان الحروري الصُّفري، الذي هرب مع أصحابه إلی عمان، غیر أن الجلندي لم یستقبلهم و هزمهم بعد حرب شدیدة، وقتلهم جمیعاً، فأرسل السفاح خازم بن خُزَیمة، للقضاء علی الإباضیة في عمان، ودارت حرب ضروس بین الجانبین لم تحقّق القوات العباسیة نجاحاً یذکر فیها، فأحرق خازم بیوت أصحاب الجلندي الخشبیة، فاشتغلوا بها و بمن فیها من أهالیهم، فحمل خازم وأصحابه علیهم و وضعوا فیهم السیف و قتلوهم جمیعاً. وکان عدد القتلی في هذه المعارک 10,000 قتیل، و منهم الجلندي (134هـ/751م)، وبعث برأسه و رؤوس أصحابه إلی السفاح (الطبري، 7/462-463؛ ابن ڤالأثیر، 5/452). وولي حکم عمان حاکم غیر إباضي من بني الجلندي خاضع لسلطان الخلافة (دروزة، 9/162؛ ڤالیري، 258).
و في عهد هارون الرشید، سعی شیوخ عمان إلی انتخاب إمام من بینهم، فبایعوا محمد بن عبدالله بن أبي عفان (177هـ/793م)، ثم خلعوه بعد سنتین لأنه شذّ عن شروط البیعة (دروزة، 9/163؛ الباروني، 58؛ ڤالیري، ن. ص) وبایعوا الوارث بن کعب الخَروصي، أحد قادة عمان البارزین في أول دورة للإمامة هناک، وقد أعلن نزوی عاصمة له (دروزة، ن. ص)، وقاتل العباسیین بضراوة للمحافظة علی استقلال عمان، فقد سیّر هارون الرشید حملة بقیادة عیسی بن جعفر لإخضاع الإباضیین فیها، ولکنها هزمت. وأمّ الوارث الإباضیة 12 سنة و نیف و توفيّ في 192هـ/ 808م أو 190 هـ (الباروني، دروزة، ڤالیري، ن.ص). وقد قوی سلطان عمان في عهد خلفه غَسّان بن عبدالله الیحمدي، و کانت أحکام الشریعة نافذة، و قیل إنه کان یسعی للاقتداء بسیرة الرسول (ص) و أبي بکر و عمر في حکمه. حتی صارت نزوی تلقب في عهده بـ «بیضة الإسلام» (دروزة، ن. ص) ومات غسّان في 208هـ/ 823م (ن. ص) أو 207 هـ (الباروني، ن. ص)، فبویع بالإمامة عبدالملک بن حمید، وکان کسلفه مؤمناً بعقائد الإباضیة، وظل إماماً حتی وفاته (226هـ/ 841م) (دروزة، الباروني، ن. ص؛ الیری، 259)، فبویع بالإمامة المُهَنّا بن جیفر الیحمدي، واجتمعت له قوة بریة وبحریة عظیمة، و قدثار بنو الجلندي من غیر الإباضیین في عهده، ولکنهم قمعوا (دروزة، الباروني، ن. ص).
ویقول ڤالیري: إن الإمام قام بأعمال فظّة لاتفق و سیرة الإمام الإباضي، ویبدو أن الإمامة وقعت بعد ذلک بأیدي أفراد غیرصالحین (ظ: ن. ص). فلمّا توفّي المهنّا (237هـ/ 851م) بویع بالإمامة الصَّلت بن مالک الخَروصي، وبقي إماماً حتی 272هـ/885م. وتنازل عن الإمامة لأنه ضعف وأحدث ما أنکره علیه العلماء فطلبوا منه التخلّي فتخلّی (دروزة، 9/164-165). و بایع الإباضیون بعده راشد بن النظر، واختلف في إمامته، و خلع عام 277 هـ/ 890م، و تولّی الإمامة عَزّان بن تمیم الخروصي، ولکن اختلف في أعماله أیضاً، وانقسم الأهالي بین مناصرین و ناقمین، واتصل الناقمون بالعباسیین الذي رحّبوا بالفرصة وأنزلوا ضربة قاضیة بالحکم الإباضي (280هـ/893م). وهکذا قضي علی أول إمامة في عمان بعد حوالي 150 سنة (دروزة، 9/165؛ الباروني، 59)، وتقوض استقلال المجتمع الإباضي، وهاجر أکثرهم ولجأوا إلی هرمز وشیراز والبصرة، ولم یکتف القادة العباسیون بالقتل والنهب والنفي، بل حرقوا کتب الإباضیة للقضاء علی آثارهم الثقافیة (ڤالیري، 261). ودامت سلطة العباسیین علی عمان مدة، إلا أن الإباضیین لم یتوقّفوا عن النضال، فقد ثاروا عام 320هـ/932م، لکنهم هزموا (المسعودي، 2/139). و حینما استولی آل بویه علی بغداد خضعت عمان لهم أیضاً، ثم قویت طائفة باسم بني نبهان فیها تدریجیاً مع تعاظم سلطان البویهیین. وحکمت عمان فیما بعد لقرون، وقد وصلت دولةبني نبهان للسلطة في 363هـ/ 974م، و تولّی الحکم فیها شخص باسم عمر بن نبهان الطائي، وخطب باسم عضد‌الدولة الدیلمي (ابن الأثیر، 8/646).
أما الإباضیون فقد لجأوا في هذه الفترة إلی الجبال، وکانوا یدافعون عن أنفسهم، ویترقّبون الفرصة لنیل استقلالهم، و یقومون بثورة کلّما أمکنهم ذلک (ڤالیري، 265، 263). و من الحرکات التي تذکر لهم في هذه الفترة ثورتهم بقیادة حفص، فقد بایع الإباضیون بالإمامة حفص بن راشد في مقرهم الجبلي، وسعوا إلی تجدید الإمامة السابقة، وذکرت بعض المصادر اسمه راشد بن الولید، الذي لایعلم تاریخ حیاته بدقّة، وکل مانعرفه أنه أمّ الإباضیة بین عامي 328 و 400هـ/ 940-1010 م (م.ن، 266)، وقد بدأ إمامته بتنظیم القوی، وأخذ المکوس بالعدل والشرع، وحسن السیرة بین الناس، والإعراض عن المصالح الشخصیة، لکن معاملة الناس له کانت لاتتناسب وأعماله الخیّرة، وأخیراً دارت حرب شدیدة في نزوی، فتخلّوا عنه، و لمّا لم یجد القدرة علی مواجهة العدو، و هاجمه أصحابه أیضاً، لاذبالفرار (م. ن، 267-268؛ وأیضاً ظ: الباروني، 60)،
وفي 442هـ/ 1-5-م قامت حرکة إباضیة أخری بقیادة رجل یدعی ابن راشد، و کان یحکم عمان آنذاک أبوالمظفر بن أبي کالیجار الدیلمي، الذي کان یسیء معاملة أهلها و یظلم، فهاجم الإباضیون الذین أغضبهم هذا الوضع العاصمة بقیادة ابن راشد، فانهزموا و عادوا إلی مقرّ إقامتهم في الجبال، ثم عادوا بحشد جدید، وهزموا الدیالمة الحاکمین، وأسروا الأمیر أباالمظفر و کثیراً من الدیالمة، ثم تلقّب ابن الراشد بالراشید بالله و خطب لنفسه، ولیس الصوف، وهدم دار الإمارة و بنی موضعاً علی شکل مسجد، وأسقط المکوس والضرائب، واقتصر علی دفع عشر مایرد إلیهم، غیر أن هذه الحرکة لم تدم طویلاً، وسرعان ماهزمت (ابن الأثیر، 9/565-566؛ ڤالیري، 266).
کان الملوک المستقلون أو نواب البویهیین في الحکم علی عمان، من بني نبهان غیر الإباضیین، وقد استمر حکمهم تحت سلطان الدیالمة حتی 447هـ/1055م (م. ن، 269، 268). ثم غلب الحکام السلاجقة لفترة، فحکم عمان أحد الأمراء السلاجقة باسم عمادالدین قرة أرسلان قاورد، کما حکمها خلف أرسلان‌شاه حتی أواخر عام 536هـ/1142م. ثم مالبث بنونبهان أن حکموا ثانیة شبه مستقلین، بینما کان الإباضیون (أکثر أهالي البلاد) ینعمون بحریة نسبیة في العقیدة (م.ن، 269، ظ: دروزة، 9/166). و یبدو من المصادر أن بني نبهان کانوا لایزالون یحکمون عمان في 664هـ/ 1266م، و أن سلطانها في 781هـ/1389م کان منهم أیضاً (ڤالیري، 271-270). ولم یکن الإِباضیون خلال ذلک هادئین، بل کانوا في صراع دائم مع‌الدولة النبهانیة، حتی إنهم کانوا یصلون أحیاناً الی السلطة؛ ففي 809هـ/1406م بویع الحواري بن مالک بالإمامة واستطاع السیطرة علی معظم مناطق دولة بني نبهان، واستمرت إمامته حتی 833 هـ/ 1430م (دروزة، 9/167).
واشتدّ نشاط الإباضیین الجدید في نهایة القرن 9هـ/15م (ڤالیري، 271) فعقدوا الإمامة في 885هـ/1480 م لعمر بن الخطاب الخروصي (الباروني، 60؛ ظ: ڤالیري، ن.ص). ثم غلب بنو نبهان علی عمان، فبویع الحاکم النبهاني محمد بن إسماعیل بالإمامة في 906هـ/ 1500 م. ولم یحکم علی طریقة الإباضیة، ب تجبّر في حکمه حتی وصفته بعض المصادر بالکافر کما وصفت ابنه بذلک. وبعد وفاته (942هـ/1535م) آل الحکم إلی ابنه برکات الذي کان السبب في ظهور الخلاف بین الإباضیة، فکان بعضهم یقولون إن محمداً خلع ابنه برکات من الإمامة بعده، ولذلک بایعوا في 967هـ/ 1560م إماماً آخر. کما أدّی هذا الانشقاق إلی بروز مراکز عدیدة للسلطة في عمان، وفصل الإمامة عن الحکم (الباروني، ڤالیري، ن. ص؛ دروزة، 9/168).
ومن الأحداث المهمة التي وقعت في أواخر هذه الفترة استیلاء البرتغالیین عالی الخلیج الفارسي، فقد هاجموا في 1507م (913هـ) عمان بأسطولهم بقیادة آلبوکرک. واستقروا شیئاً فشیئاً في الموانئ الکبری، وجعلوا من مسقط مرکز وقاعدة لهم، ولم یکن لهذه الهجمات تأثیر فوري علی مصیر الإباضیة، ذلک أن البرتغالیین کانوا یحکمون في الموانئ الکبری، ولایفتربون من المناطق الجبلیة، وکانت المناطق الداخلیة في عمان آنذاک مضطربة، والفرصة مواتیة تماماً الوصول الیعاربة الإباضیة إلی السلطة (ڤالیري، 272-271؛ دروزة، ن. ص).

الصفحة 1 من6

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: