الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفن و العمارة / أصفهان، المسجد الجامع /

فهرس الموضوعات

أصفهان، المسجد الجامع


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/9 ۱۲:۳۹:۰۸ تاریخ تألیف المقالة

وفضلاً عن استخدام العناصر العمارية، فإن وجود نقوش وزخارف هندسية مختلفة من الآجر لعب دوراً مهماً في تزيين قبة تاج الملك. ويضم البناء عدة نقوش آجرية بالخط الكوفي. ويحتوي النقش الواقع على قاعدة القبة على الآية 54 من سورة الأعراف والتي تنتهي باسم مشيِّد البناء وسنة تشييده. وتضم النقوش الاثنتان والثلاثون الواقعة في طرر العقود الصماء الستة عشر للطبقة الثانية من المنطقة الانتقالية، 32 اسماً من أسماء الله. وتحتوي المداخل الفرعية الثمانية والعقود الصماء التزيينية الجانبية الواقعة على الجدران الداخلية الأربعة للقبة، الآيتين 78، 79 من سورة الإسراء؛ بينما نقشت الآيتان 26و27 من سورة آل عمران على السطح الأسفل لعقد المدخل الرئيس للبناء على جداره الجنوبي (هنرفر، گنجينه، 77- 78). وتحتوي الواجهة الخارجية للعقد الأصم الجنوبي من الجدار الشرقي للقبة على نقش يضم قسماً من الآية 97 من سورة آل عمران (بلر، «النقوش»، 165). وقـد زينت التزيينات الهندسية التـي نجمت عن 3 طرق مختلفة ــ أي الربط بين الآجر ورصفه، التصاميم المختلفة الناتجة عن تركيب الآجر المنحوت و الأختام الجصية في صفوف تكحيل شقـوق الآجـر العمودية ــ جميع سطوح البناء. و قد ارتسمت إحدى أشهر وأجمل التزيينات الهندسية الآجرية التي تمت داخل السطح الكروي، على أسفل هذه القبة. 
وكانت المرحلة الثالثة من التغييرات الجذرية التي أجريت على المسجد خلال العصر السلجوقي، بناء إيواناته الأربعة والذي يحتمل أن يكون قد تمّ أثناء تجديد بناء المسجد بعد أن احترق على أيدي الباطنية وأصيب بأضرار بالغة (ابن الأثير، 10 / 595). ويقع أقدم جبهة مدخل بقي اليوم من المسجد، في الجانب الشمالي الشرقي منه، ويزينه نقش آجري بالخط الكوفي يضم الآية 114 من سورة البقرة والذي لم يبق سوى النصف الأول منه. و قد ورد في أسفل هذا النقش كلام عن تجديد بناء هذه البناية بعد حريق سنة 515ه‍ / 1121م (هنرفر، ن.م، 78-81، «قديمي ترين...»، 26-31). و في هذه المرحلة وعقب تشييد الإيوان الجنوبي تم تشييد الإيوانين الشرقي والغربي، وأخيراً الإيوان الشمالي، والتي تسمى اليوم بإيوانات الصاحب والأستاذ والتلميذ والدرويش على التوالي مع مراعاة نطاق المسجد القديم، مما أدى إلى حدوث تغييرات ملحوظة في بناء المسجد. ويحتمل أن يكون بناء الإيوان الجنوبي قد تم بهدف إزالة حالة الانفراد والانفصال في بناء قبة نظام الملك وكباحة مسقوفة تربط بين القبة والصحن. وكانت قد فتحت في الجدارين الجانبيين لهذا الإيوان فتحات بسعات مختلفة بغية ربطه بالباحات الشرقية والغربية من المسجد (غالديري، أصفهان، III / 30-31). 
و قد حددت الدراسات التي أجريت السمات والخصائص الأصلية للإيوان الجنوبي الذي كان خلال قرون عرضة لتغييرات كثيرة، بارتفاع لايزيد عن 9 أمتار عن أرضية الباحة. وكان سلَّمان للخدمة شبيهان بسلالم المقصورة يؤمنان الاتصال بالسطح عن طريـق هذا الإيوان. ويحتمـل أن يكون غطـاء الإيـوان الجنوبـي ــ شأنه شأن الغطاء العام للمسجد آنذاك ــ بشكل مسطح ومستو (ن.م، III / 33). وعلى أثر عمليات الترميم التي تمت خلال السنتين 1948-1949م / 1327- 1328ش وأعمال البحث الأخيرة تحت طبقات القاشاني التزيينية التي كانت تغطي الواجهة الأصلية للإيوان من جهة الصحن، كشفت عن آثار لمنظر سلجوقي منها عدة عقود صماء مزخرفة بترصيف آجري وأختام تزيينية في صفوف تكحيل شقوق الآجر (غودار، «تاريخ مسجد»، I(2) / 363؛ غالديري، ن.ص). كما أنه إثر إزالة طيات السطوح الجصية من فوق الواجهات الخارجية للجدارين الشرقي والغربي للإيوان، ظهرت عليهما العقود الصماء السلجوقية الأصلية (ن.ص). 
وبدورهما كان الإيوانان الغربي والشرقي يتصلان بالممرات الجانبية بواسطة الفتحات التي كانت تقع في جدران طرفيهما. وفي نهاية الإيوان الشرقي الذي يقع في موضع الحائط اللبني القديم للمسجد العائد للعصر العباسي، توجد فسحة غائرة بشكل مبنى جلوس الملك، وفسحتان أصغر على جانبيه كانتا متصلتين بمبنى جلوس الملك وبإيوانيهما. وكان الغطاء الداخلي للإيوان الشرقي في هيكله الأصلي من النوع المقرنص بأبعاد كبيرة يحتمل أن يكون قد تم تجديده في العصر الإيلخاني وأعيد بناؤه بهيكلية وتخطيط جديدين. و قد حافظ الإيوان الشرقي من بين بقية الإيوانات على أكثر آثار العصر السلجوقي على واجهة طرف صحنه. و قد أوضحت الأبحاث أن الخصائص التزيينية للواجهة الأصلية للإيوانين الشرقي والغربي كانت شبيهة بالإيوان الجنوبي. و قد شوهد هذا التشابه وبشكل خاص في البناء الآجري وكذلك الأختام الجصية في صفوف تكحيل الشقوق الآجرية (ن.م، III / 36,44,48,49). 
ويحتمل أن يكون بناء الإيوان الشمالي آخر عمل في هذه المرحلة من حيث التغييرات الأساسية في العصر السلجوقي. ولم‌يبق أثر لمظهره الأصلي الذي كان مايزال قائماً حتى 1934م / 1313ش واليوم تمت إعادة بنائه إلى عمق 5 / 3 أمتار من حافة الصحن (ن.م، III / 38-40). ويتطابق القسم الواقع في أقصى شمال هذا الإيوان مع الجدار اللبني الأول للمسجد. وكان مبنى جلوس الملك الواقع في نهاية الإيوان بشكله الأصلي يرتبط بساحتين جانبيتين واسعتين نسبياً. ويحتمل أن يكون مبنى جلوس الملك هذا مرتبطاً في القسم الأوسط بممر التشريفات الذي كان يبدأ من قبة تاج الملك ويصل إلى صحن المسجد بعد اجتيازه الإيوان الشمالي. و إن أحد ميزات الإيوان الشمالي، هو شكل بناء جداريه الشرقي و الغربي. وكانت قد استخدمت في كل طرف بدلاً من الجدار حيطاناً مستطيلة الشكل ينتهي كل واحد منها بنصفي دائرة، تشتمل في وسطها على مدخل للاتصال. وهكذا، فإن هذا البناء كان قد شيد بشكل نوع خاص من الإيوان كان مفتوحاً من الطرفين. و في الفترات اللاحقة ويحتمل أن يكون ذلك في الفترة التي تغير فيها شكل تغليف المسجد من النوع المسطح إلى شكل عقود صماء وثغرات، أغلقت الفتحات القابلة للاجتياز والموجودة في حيطان الطرفين بالآجر وحدث تغير أساسي في الشكل الظاهري للإيوان الشمالي (ن.م، III / 39). و إن إنشاء الإيوانات الأربعة التي يشكل المسجد الجامع بأصفهان نموذجها البارز، أصبح منذ ذلك الحين و ما أعقبه أحد السمات الخاصة بعمارة المساجد الإيرانية ونموذجاً لمساجد بقية البلدان الإسلامية. 
و من بين الإجراءات الأخرى التي اتخذت في المسجد الجامع بأصفهان في العصر السلجوقي يمكن أن نتحدث عن مواصلة البناء وتوسيعه في القسم الجنوبي الشرقي خارج نطاق الجدار اللبني القديم، مما أدى إلى تدمير جزء كبير من هذا الجدار. و لا يُعلم الغرض الذي استخدم لأجله هذا الجزء الذي يعرف اليوم باسم المكتبة. و قد أضعفت النتائج المستحصلة من الدراسات الأخيرة من احتمال وجود المكتبة التي ذكرها المافروخي إلى جانب المسجد في هذا الموضع الخاص (ن.م، III / 54-57؛ المافروخي، 85). و لا تتوفر في الوقت الراهن شواهد كافية لكشف الموضع الأصلي للمكتبة المذكورة. 

المسجد الجامع في العصرين الإيلخاني والمظفري

عقب الغزو المغولي وإلى عصر الحكم الإيلخاني لم يشهد المسجد الجامع في أصفهان تغيراً وتطوراً مهماً وملحوظاً. و مع استعادة أصفهان لازدهارها، حظي مسجد الجمعة في المدينة أيضاً بالاهتمام. و إن أحد الآثار النفيسة للعصر الإيلخاني في هذا المسجد هو المحراب الذي بقي من عهد السلطان محمد خدابنده أولجايتو والذي يدعى باسمه محراب أولجايتو. ويقع هذا المحراب على الواجهة الخارجية للجدار الشمالي من الإيوان الغربي داخل حرم، مشهور بـ «شبستان أولجايتو» (حرم أولجايتو) الواقع في القسم الشمالي من الضلع الغربي لصحن المسجد. ومحراب أولجايتو بعقوده الصماء المزدوجة نموذج جميل للمحاريب المجصصة في مساجد إيران، وهو يتضمن نقوشاً عديدة بخط الثلث ونقشاً بالخط الكوفي وكذلك تزيينات دقيقة من الزخارف النباتية والهندسية. واستناداً إلى النقش الذي حفر على اللوح المركزي للعقد الفوقاني لهذا المحراب باسم الملك آنذاك السلطان محمد (أولجايتو)، فإن هذا المحراب بني في 710ه‍ / 1310م برعاية الوزير سعد الحق والدين محمد الساوي وبإشراف عضد بن علي الماستري، و هو يعدّ من الأبنية التي زيدت، أو أعيد بناؤها آنذاك. و في حاشية هذا النقش ورد ذكر الأستاذ الفنان الصانع المجصِّص لهذا الأثر النفيس، المدعو «حيدر» (هنرفر، گنجينه، 116-120؛ غودار، «تاريخ مسجد»، I(2) / 235-236). 
و قد كشفت الدراسات الأخيرة للحرم الذي يقع فيه المحراب أنه وقبل بناء المحراب، فقد حصلت ابتداءً تغييرات في هذا القسم من المسجد القديم و أن حرماً ذا أعمدة كان قد بني في موضع القاعة الحالية وبشكل يختلف تماماً عنها و يضم عقوداً و فتحات مدورة على بقايا بناء المسجد في العصر السلجوقي والعصر الذي سبقه، ثم ضم المحراب إليه. وبعد هذه الإجراءات و في أواسط القرن 8ه‍ ، خرجت الواجهات المطلة على الصحن في هذا الجزء وفي الأجزاء الأخرى من المسجد من حالة الطابق الواحد القديمة وأصبحت على هيئة طابقين (غالديري، أصفهان، III / 57-60، «آثار...»، 71-79). 
 

كما يوجد في الممشى المسقوف للمدخل الشرقي للمسجد محراب مجصص جميل آخر من العصر الإيلخاني. وخلال عملية ترميم مقرنصات الطبقة العليا من فسحة مبنى جلوس الملك في الإيوان الشمالي والتي جرت في 1361ش، تم الكشف عن نقش جديد عند نزع الطيات الجصية عن سطوح هذا القسم. و قد ورد في هذا النقش الذي زال تاريخه، ذكر أمير بنيت بأمره الغرفة التي تعلو الإيوان الشمالي. وهذا النقش واستناداً إلى نوع الخط والتزيين الجصي فيه يحتمل أن يكون إيلخانياً و يعود إلى القرنين 7و8ه‍. وتحدد كتابة تذكارية تاريخها سنة 841 ه‍ / 1437م عثر عليها على الجدار الجانبي لهذه الغرفة، بناءَها في زمن يسبق هذا التاريخ («گزارشي كوتاه...»، 173-179؛ غالديري، أصفهان، III / 43). إن الكشف عن هذا النقش بوصفه عاملاً مهماً في تحديد تواريخ المراحل العمارية والتزيينية المختلفة لهذا القسم الذي لم‌تتحدد بوضوح تطوراته المتلاحقة الكثيرة، يحظى بأهمية. 
والحرم الشتوي، أو دار الشتاء الواقع في الضلع الغربي للمسجد خلف الإيوان الغربي خارج نطاق المسجد القديم وعلى امتداد موضع جداره اللبني، يحتل اليوم فسحة واسعة طولها 50 وعرضها 25 متراً. و قد كشفت الدراسات الأخيرة في هذا القسم عن وجود مصلى يعود للعهد المظفري اندثر قسم كبير منه على مدى القرون. وكانت السمات الرئيسة لهذا المصلى المكشوف عبارة عن صحن مركزي قياساته 25×21 متراً تقع في كل واحدة من وجهاته الأربع 5 فتحات، وكانت الفتحات الواقعة على ضلعيه الشمالي والجنوبي بنفس القياسات، بينما بنيت الفتحات الوسطى الـواقعـة علـى الـواجهتيـن الشرقيـة والغـربيـة ــ أي الـواقعـة علـى الأضـلاع الأكبـر لفسحـة المصـلـى ــ بقياسات أكبر مقارنة بالجانبين. و قد عثر على الآثار الباقية من محراب هذا المصلى في القسم الوسطي من جداره الجنوبي (ن.م، III / 64-72). ويحتمل أن يكون حرم دار الشتاء الحالي قد أنشىٔ فوق فسحة المصلى سنة 983ه‍ / 1575م أواخر حكم الشاه طهماسب الصفوي (ن.م، III / 70-71). 
و إن اكتشاف المصلى المظفري وتعيين تاريخ تحويله إلى الحرم المسقوف الحالي في العصر الصفوي يدحض فرضية غودار السابقة في نسبة هذا الحرم إلى العصر التيموري. و قد قُدِّمت هذه الفرضية بناء على الكتابة المؤرخة بـ 851 ه‍ / 1447م المدوّنة على جبهة مدخل قاعة أولجايتو، و رأى غودار أنها تعود إلى بوابة دار الشتاء (غودار، «تاريخ مسجد»، I(2) / 245-246). و لم يكن بناء هذه الجبهة في العصر التيموري متزامناً مع بناء دار الشتاء، بل تم تزامناً مع تغليف ممر المدخل الجنوبي منه وتغليف المسافات الواقعة على الجانبين الشمالي والجنوبي للإيوان الغربي (غالديري، ن.م، III / 69-70). 
و من الإجراءات المهمة الأخرى التي تمت خلال العصر المظفري في المسجد الجامع بأصفهان كان تشييد البناء المعروف بالمدرسة المظفرية بجوار الإيوان الشرقي وخارج نطاق المسجد العباسي على امتداد جداره القديم. و قد شيد هذا البناء استناداً إلى نقوشه في عهد قطب الدين شاه محمود حاكم أصفهان بين السنوات 759و776ه‍ / 1358و1374م (هنرفر، گنجينه، 136-146؛ غودار، ن.م، I(2) / 238,246). و المدرسة المظفرية بقياسات 25×65 متراً تضم صحناً كبيراً مستطيل الشكل يقع في قسمه الجنوبـي حسب الترتيب إيوان واسع، ثم قاعة على المحـور الشرقي ـ الغربي الذي يضم محراباً. كما كان القسم الشمالي من صحن المدرسة يتمتع في الأصل بوضع مماثل (غولومبك، I / 380-381). 
و قد تم الاتصال بين بناء المدرسة المظفرية في خلف الإيوان الشرقي عن طريق 3 مداخل تقع على التوالي في مبنى جلوس الملك و في غرفتين جانبيتين قديمتين تقعان في نهاية هذا الإيوان، وكانت هذه الفسحات الثلاث تستخدم كممرات. و في الفترات اللاحقة وعندما أغلقت الفسحات الثلاث المذكورة من جانب الإيوان، أصبح يستفاد منها فحسب كمخزن للأدوات المدرسية، أو غرفة للحارس. و في نهاية المطاف أغلقت هذه الفسحات الثلاث من جانب المدرسة أيضاً وهُجرت (غالديري، ن.م، III / 46). و من الآثار الأخرى للعصر المظفري جبهة المدخل الشمالي للمسجد في القسم الشمالي الشرقي من قبة تاج الملك والتي بنيت بتاريخ 768ه‍ / 1367م استناداً إلى نقش تأسيسها القاشاني المكتوب بالخط الكوفي (غودار، ن.م، I(2) / 236-239).

 

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: