الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / الأزهر /

فهرس الموضوعات

الأزهر

الأزهر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/12 ۱۵:۲۸:۴۹ تاریخ تألیف المقالة

الأزهر في العصر العثماني

أطاح السلطان سلیم الأول (سل‍ 918-926ه‍( في 923ه‍، بالأسرة المملوکیة لمصر، فقرئت خطبة صلاة الجمعة في الجامع الأزهر باسم هذا السلطان العثماني الفاتح الذي کان یعتبر نفسه خلیفة المسلمین (ولي، 513). ورغم أن الصراعات المتواصلة بین الممالیک المحلیین و الباشاوات العثمانیین (ظ: حتّي، 2/903-904)، و نهب الأموال و الاعتداء علی حرمة المساجد الجامعة، و اعتقال الکثیر من العلماء و القضاة، وانتقال نخبهم إلی القسطنطینیة، جعل الجامع الأزهر یعاني من مظاهر الفوضی الإداریة و التعلیمیة، إلا أن العفو عن الهاربین اللاجئین إلی الأزهر، و مشارکة السلطان سلیم و القادة العثمانیین في شعائر صلاة الجمعة في هذا الجامع، کانت بمثابة أول تعاطف في التعامل أبداه العثمانیون تجاه هذه المنشأة القدیمة. فمشارکة عدد من أئمة المذاهب الأربعة و الذین کانوا في غالبیتهم من علماء الأزهر البارزین، في مجالس الدیوان العالي الاستشاریة، أحیت إلی حدما المکانة العلمیة للأزهر. و فضلاً عن ذلک، فإن حاجة الأتراک إلی علماء الدین، و النظام القضائي القائم علی الفتاوی الشرعیة، و الدعاوی المتعلقة بالمذاهب الفقهیة، والاهتمام بالموقوفات و شؤون إدارة البلاد، أبرز الدور السیاسي ـ الاجتماعي للأزهر أكثر من ذي قبل في إقرار العدالة الاجتماعیة، و المحافظة علی التراث الثقافي للإسلام و اللغة العربیة (خفاجي، 1/77، 79، 85؛ داج، 78، 81، 82).

و ذکر ابن‌ملیح أبوعبدالله القیسي، السائح المغربي الذي زار القاهرة بین السنوات 1040-1042ه‍ علی عهد خلیل باشا لمصر، جامع الأزهر باعتباره أکبر منشأة عبادیة ـ تعلیمية في ذلک البلد، لها دور في إقامة الصلاة و تلاوة القرآن و تدریس العلوم الإسلامية تزدان بعدد کبیر من طلاب العلم من شرق العالم الإسلامي و غربه، و الذین کانوا یسکنون في 5 أروقة من هذا الجامع متمتعین بمزایا الطعام و اللباس، و ذکر الشیخ أباالحسن علي الأجهوري المالکي و أبا العباس أحمدبن عيسی المالکي المشهور بالکلبي باعتبارهما من مدرسي الأزهر البارزین (ولي، 514-515).

و منذ منتصف القرن 11ه‍/17م، کان الحکام العثمانیون يعينون أحد علماء العلوم الدینیة المشهورین کشیخ لرئاسة الأزهر. وقد استمر هذا التقلید، أي مشیخة الأزهر الذي تمتد جذوره إلی العصر الفاطمي، حتی أواخر القرن 13ه‍/19م (ماهرمحمد، 1/185). و قد کان الشیـخ محمـد بـن عبـد الله الخرشـي (تـ‍ 1101ه‍/1690م)، وإبراهيـم بـن محمـد الـبـرمـاوي (تـ‍ 1106ه‍/1695م) و محمد النشرتي (ت‍ـ 1120ه‍/1708م)، من الفقهاء المشهورین، و أوائل مشایخ الأزهر في العصر العثماني (خفاجي، 1/88، 142؛ ولي، 516). و في هذه الفترة، کان رئیس الأزهر یشرف علی جمیع أمور هذا الجامع، وکان هناک شیخ یرعی کل واحدة من الوحدات السکنیة في الأزهر.

و منذ هذه الفترة، کان شیخ الأزهر یتمتع بمکانة بحیث کان من المستشارین الذین تثق بهم الحكومة في المسائل المهمة لهذا الجزء من الإمبراطوریة العثمانیة، هذا بالإضافة إلی رعایته لجمیع منشآت مصر التعلیمیة (ماهرمحمد، 1/185؛ داج، 82-83). و مع کل ذلک، فإن انتشار الفقر و انعدام الأمن و انتشار الأوبئة، جعل المجتمع المصري یتجه إلی التصوف حتی‌إن مشایخ الأزهر کانوا یجيزون الابتهالات الصوفیة و السماع و الرقص و کانت تربطهم علاقات وثیقة مع أولیاء التصوف (م.ن، 84). و لذلک، فقد آلت مناهج الأزهر التعلیمیة إلی الضعف الشدید، حتی‌إن أحمدباشا والي مصر في 1161ه‍/1748م، طالب رئیس الأزهر الشیخ عبدالله الشبراوي إلی معالجة ذلك (ماهرمحمد، 1/169؛ خفاجي، 1/79، 3/71).

و في هذه الفترة لم‌تکن هناک ضوابط للتسجیل في الأزهر وحضور المدرسین و الطلاب و غیابهم. و کان اختیار الدرس والأستاذ حراً و دون برنامج. و لم‌یکن تعیین المدرسین یحمل طابعاً رسمياً، و کان الأمر بشکل بحیث إن العالم البارز کان یجلس علی کرسي التدریس باعتباره شیخاً، عند إحدی أسطوانات المسجد المخصصة له، و یتحلق التلامیذ حوله. و کانت ساعات إقامة الدرس لاتعین سلفاً، و یقل حضور التلامیذ عندالبرد، أو الحر الشدیدین. و رغم أن الأزهر کان من أکثر المراکز التعلیمیة قیمة في البلدان العربية التابعة للعثمانیین، و کان یشتغل فیه مایقرب من 60-70 أستاذاً و عدد کبیر من الطلاب المحلیین وغیر المحلیین بالتدریس و الدراسة، إلا أنه کان عدیم الحظ من التطور التعلیمي الذي كان سائداً في عصر الممالیک، وکانت المواد الدراسیة تتألف في الغالب من المباحث الصرفیة والنحویة والمعاني و البيان و الأدب العربي و المسائل الفقهیة، ولم‌تکن علوم الطب و الریاضیات و الکیمیاء و الفلک تحظی باهتمام کبیر؛ حتـی ‌إن الإکسیـر و رؤیـة الطالع کانـا شائعیـن إلـی درجـة کبیرة بالقیاس إلی علم الکیمیاء و الفلک (داج، 92-93، 104- 107).

 

جهاد مشایخ الأزهر في عهد احتلال جیش نابولیون لمصر

إثر اعتداء الجیش الفرنسي علی مصر (1213ه‍/1798م)، طلب مشایخ الأزهر من نابولیون أن یحسن جنوده معاملة الأهالي. و من أجل کسب رضاهم أمر نابولیون 10 من أساتذة الأزهر بتشکیل مجلس تولی رئاسته شیخ الأزهر عبدالله الشرقاوي (تـ 1227ه‍/ 1812م). ولکن المصریین ثاروا في غیاب نابولیون علی قائدهم العسکري وقتلوه، و عندما لم‌یتلق نابولیون عند عودته إلی القاهرة جواباً من مشایخ الأزهر لمنع الثورة، و أذعن الشرقاوي تحت ضغط الرأي العام لإعلان المقاومة أمام المحتلین الفرنسیین، اضطر نابولیون إلی قصف الأزهر بالمدفعیة، و اعتقل الشرقاوي وزملاءه، و أعدم جماعة منهم رمیاً بالرصاص (زکي، 256؛ خفاجي، 1/92؛ داج، 110-111). و رغم أن هذا النزاع و القتل والنهب، جرّ الأزهر إلی فوضی وتعطیل موقتین، إلا أن عملیات الإعمار الواسعة التي قام بها نابولیون و المتمثلة في تأسیس المصانع والمستشفیات و المطابع وعرض التطور العلمي الغربي للمصریین، فتحت آفاقاً جدیدة أمام الأزهریین، ولم‌یمض طویل وقت حتی تعرف الکثير من رجال الـعلـم و مشـایـخ الأزهـر ومــهنـم عـبــدالــرحمــان الـجـبــرتــي (تـ.1237ه‍/1822م)، والشیخ حسن العطار (تـ‍ 1250ه‍/1834م) علی اللغة الفرنسیة والثقافة الغربیة (م.ن، 112-113؛ أیضاً ظ: الزرکلي، 2/220).

و انتهی الاحتلال السریع لمصر علی ید الجیش الفرنسي بالهجوم المشترک للقوات الإنجلیزیة و العثمانیة في 1216ه‍/1801م. فدخل الصدرالأعظم العثماني القاهرة و حضر صلاة الجمعة في الأزهر، و لکن اهتمام المجتمع المصري والطلاب الأزهریین بعلوم الغرب الحدیثة، أدی إلی ظهور آثار عجیبة، ودفع بالمجتمع المصري إلی مرحلة من التجدید کانت نقطة انطلاق عصر النهضة العلمیة و الأدبیة في العالم العربي (ضیف، 12-13). و تولی رئاسة الأزهر، أو التدریس فیه شخصیات علمیة معروفة مثل أحمد الدمنهوري (ت‍ 1192ه‍/ 1778م)، الأدیب والمؤرخ و المطلع علی العلوم الیونانیة والحساب و الهندسة وعلم النبات و الطب، و الشیخ محمد النشرتي، الطبيب والفیلسوف والمهندس المطلع علی العلوم الیونانیة، و الشریف السید قاسم التونسي (ت‍ 1193ه‍(‍ (عیسی بک، 166؛ خفاجي، 1/75، 2/113؛ داج، 93-94).

 

الأزهر في عهد محمد علي باشا و خلفائه

إثر الاضطرابات السیاسیة ـ الاقتصادیة الناجمة عن سیطرة العثمانیین المجددة علی مصر، عطل مشایخ الأزهر حلقات تدریسهم تعبیراً عن احتجاجهم، و في 1220ه‍/1805م طلبوا من محمد علي قائد الجیش الانكشاري التابع للعثمانیین أن یعزل الباشا الترکي، و یتولی هو نفسه زمام الأمور. ورغم اتساع نطاق مظاهر الفوضی السیاسیة، واضطراب الأزهر، و مصادرة الأوقاف، و سخط شخصیاته العلمیة منذ بدایة صراع مؤیدي محمد علي مع الممالیک المحلیین وحتی سیطرته الکاملة علی مصر (1226ه‍/1811م)، إلا أن إنجازاته الإصلاحية المتمثلة في إرسال عدد من الطلاب المصریین و طلبة الأزهر إلی أوروبا، کانت تبعث الأمل بمستقبل زاهر في تغییر النظام التعلیمي للأزهر (الفاخوري، 650)؛ حتی إن رفاعة الطهطاوي، أول طالب من هذه المجموعة، بعد عودته من أوروبا سنة 1241ه‍، و بفضل تدریسه للعلوم الإنسانیة و العلوم الغربیة الأخری و الذي استمر حوالي 40 سنة، کان من مشایخ الأزهر القلائل الذین أدوا دوراً فاعلاً في نقل العلوم الأوروبیة الحدیثة إلی هذا البلد و تشجیع محمدعلي علی تعیین المدراء المفکرین ونشر مناهج التعلیم الحدیثة إلی جانب المناهج التقلیدیة (ولي، 521). و استمرت بعد محمدعلي هذه السیاسة التجددیة في الأزهر، و لکن سیاسة عباس حلمـي (حک‍ 1264-1270ه‍/1848-1854م) کانت تبدو غیر متناسبة مع انتشار الثقافة الأوروبیة في مصر. ومع کل ذلک، فإن تعرف الأوروبیین علی مخطط بناء الأزهر، واتباع نظام الشوری في الإدارة و تحسین وضعها المالي بالمصادقة علی قانون الأراضي في 1274ه‍، و ذلک القانون المصادق علیه في 1288ه‍، فیما یتعلق بانتخاب الأستاذ و الطالب و امتحان المواد الدراسیة و تأسیس دارالعلوم التابعة للأزهر في 1325ه‍، و اهتمام أساتذة الأزهر بتدریس التاریخ و الهندسة والموسیقی، کل ذلک حول هذه المنشأة التقلیدیة إلی جامعة حدیثة. و في هذه الفترة کان الأزهر یضم 314 مدرساً و حوالي 10 آلاف طالب من مذاهب أهل السنة (مبارک، 1/221-222؛ خفاجي، 2/14- 15، 118؛ داج، 118-120).

 

السید جمال الدین الأسدآبادي و جامع الأزهر

استطاع السید جمال‌الدین الذي کان يسعى في الفترة بین 1288-1297ه‍/1871-1880م لتوعية الشعب و توحید المسلمین في مصر، أن یحقق نجاحات کبیرة رغم ردود الفعل الشدیدة لمشایخ الأزهر المحافظین، فنفخ روحاً جدیدة من الفکر الحر و الوطني والاتجاه إلی العلوم الحدیثة في هذه المنشأة العلمیة ـ التعلیمیة الکبیرة (الفاخوري، 750؛ خفاجي، 2/4،3/3، 76). و کان من النتائج المتمیزة لـهـذه الـنـهضة الـفـکـریـة، نـشـاطـات الـشیخ مـحـمـد عـبـده (ت‍ ‍1323ه‍/1905م)، أحد تلامذة و أنصار السید جمال الدین في الأزهر، الذي أصبح فیما بعد بفضل کفاءته العلمیة و الفکریة المفتي الأعظم لمصر، و رئیس جامعة الأزهر. فقد أزال من خلال أفکاره البناءة و الفاعلة، الأفکار التقلیدیة من أذهان أساتذة الأزهر و طلابه (ضیف، 218-223؛ خفاجي، 2/3،150؛ داج، 133-134).

و في الفترة بین 1289-1317ه‍/1872-1899م، تمت المصادقة علی قوانین قیمة مثل إصلاح المناهج الدراسیة و إضافة الدروس و البحوث العلمیة الجدیدة، و تأسیس مکتبة مرکزیة وتنظیم المیزانیة السنویة و تعیین زي رسمي للأساتذة و إصدار الشهادة الأهلیة و الشهادة العالمیة، وجعل النظام الإداري علی شکل شوری، مستقبلاً زاهراً في مسیرة البرامج الإداریة ـ التعلیمية للأزهر (خفاجي، 1/125، 2/114-122؛ داج، 135- 138).

و في 1315ه‍/1897م تم إلحاق مدرستي الأقبغاوية والطیبرسیة إلی الجامع الأزهر باقتراح من رئیس الجامعة، و بذلک وضع الحجر الأساس لمکتبة الأزهر المرکزیة في هاتین المدرستین (خفاجي، 2/151-154؛ الطنطاوي، 86). وخلال هذه الفترة، تولی الشیخ محمد عبده رئاسة الأزهر، و أسهم في توجیه الأزهر إلی استغلال العلوم الحدیثة و المناهج التعلیمیة المفیدة رغم العقبات التي کان یضعها المعارضون، وذلک من خلال إلقاء الخطب، و مطابقة الآیات القرآنیة مع الکثیر من الاکتشافات العلمیة الحدیثة، و تشجیع طلبة الأزهر علی تألیف الدراسات البحثية (داج، 135-136). و من بین الإنجازات المهمة للشیخ محمد عبده في الأزهر، جذب الطلاب النخبة والمثقفین إلى الحلقات الدراسیة، حیث کان من أشهرهم مصطفی لطفي المنفلوطي، و محمدرشیدرضا و سعد زغلول (ت‍ 1346ه‍( وطه حسین (ت‍ 1393ه‍/1973م)، حیث کان لهم دور مؤثر في الحرکة العلمیة، و الیقظة الفکریة للجیل المصري الجدید (الفاخوري، 650، 754؛ ضیف، 222، 224، مخ‍؛ خفاجي، 2/4-7، 12-13؛ الزرکلي، 1/200، 6/126، 252، 7/239).

و استمرت برامج الشیخ الإصلاحیة علی‌يد حسونة النواوي والبعض الآخر من مدراء الأزهر، و تحققت إنجازات قیمة في إدارة الأزهر و مناهجه التعلیمیة منذ بدایة القرن 20م من خلال المصادقة علی حوالي 10 مقترحات إصلاحیة (داج، 136-142). ومع کل ذلک، یبدو من بعض التقاریر أن الأزهر ظل حتی النصف الأول من القرن 20م یعاني من بعض المشاکل المالیة والتعلیمیة والجمود الفکري بحیث إن العطاء العلمي للطلاب بعد قضاء 12 سنة في المراحل الدراسیة المختلفة، کان ضحلاً للغایة. فقد ظلت الشهادات الدراسیة تصدر بنفس الأسلوب التقلیدي وهو إصدار الإجازات، کما أن تولي الرؤساء المحافظین مثل سلیم البشري وعبدالرحمان الشربیني، و تدخلات الخدیو في العقد الأول من القرن 20م، کانت تحول دون الإصلاحات (داج، 143-144). حتی تم إعلان الأزهر بموجب القانون المصادق علیه في 1329ه‍/1911م، باعتباره أعلی منشأة تعلیمیة في مصر، و ألحقت بالأزهر المدارس الواقعة في مدن طنطا و دسوق و دمیاط والإسکندریة، و کذلک مدرسة القضاء الشرعي. و تولت لجنة مؤلفة من رئیس الأزهر و ممثله، و مفتي مصر، و أساتذة الکلیات البارزین، و ممثلي وزارات المالیة و العدل و المعارف و الأوقاف و 4 من العلماء و الأساتذة المعروفین، إدارة الأزهر و الإشراف علیه تحت عنوان «مجلس الأزهر الأعلی» (خفاجي، 1/125، 2/84؛ داج، 145).

و في 1328ه‍/1910م کان جامع الأزهر یضم 10 آلاف طالب في 3 مراحل ابتدائیة ومتوسطة و عالیة مع 177 صفاً دراسیاً و316 مدرساً، حيث يساوي هذا العدد ما کان الوضع علیه في عهد محمد علي باشا (م.ن، 149-150). و مع نشوب الحرب العالمیة الأولی، تولی طلبة الأزهر قیادة المظاهرات المعارضة للاستعمار من خلال تأجیج الشعور الوطني للمجتمع المصري (م.ن، 150-151).

و کان فؤاد الأول، أول ملوک مصر، یبدي اهتماماً خاصاً بهذه المنشأة العریقة، و في 1342ه‍/1923م، تأسست مرحلة الماجستیر في فروع الأزهر التقلیدیة، و أوکلت إدارة مدرسة القضاء الشرعي، و دارالعلوم من بعدها إلی الأزهر. و مع تولي سعد زغلول الوزارة، وضعت موقوفات الأزهر تحت تصرف الحکومة، و کان الملک و رئیس الوزراء هما اللذان یتولیان أي نوع من التعیین في الأزهر (ضیف، 182؛ داج، 151-152).

و خلال الحرب العالمیة الأولی، حیث کانت القاهرة مرکز العملیات الحربیة لبریطانیا في الشرق الأوسط، ظل التفکیر القدیم یسود الأزهر رغم توظیف مصر للعلوم و الفنون الغربیة. و مع کل ذلک، فقد تولی رئاسة الأزهر علماء ذوو میول إصلاحیة مثل الشیخ مصطفی المراغي و محمد الأحمدي الظواهري و الشیخ محمود شلتوت (خفاجي، 1/165،169). و إثر جهودهم تحول الأزهر في1349ه‍/ 1930م، بعد مصادقة فؤاد، إلی جامعة شاملة وحقیقیة. فقد تأسست في مدن مصر المهمة المدارس التمهیدیة (المعاهد المدنیة) التابعة للأزهر. و تأسست مراحل الدراسات العلیا في 3 کلیات هي أصول الدین و الشریعة الإسلامیة و اللغة العربیة. و أرسل عدد من طلبة هذه الدورة إلی الخارج، و مع تأسیس المطبعة، صدرت أول نشرة للأزهر تحت عنوان نور الإسلام، ثم مجلة الأزهر (م.ن، 2/81؛ داج، 151،157،184).

و في عهد فاروق (1936-1952م)، کان الأزهر یعاني من الاضطرابات السیاسیة. ومع ذلک، فإن بناء جامعة جدیدة وکلیتین للشریعة الإسلامیة و اللغة العربیة في شرق البناء القدیم في 1369-1370ه‍، حول الأزهر من مسجد قدیم إلی جامعة تتمتع بالمظاهر الحدیثة. و في هذه الفترة کانت هذه الجامعة مسرحاً للمظاهرات السیاسیة و العقائدية مع انتماء الکثیر من أساتذة الأزهر و طلابه إلی حرکة الإخوان المسلمین، حتی دخل الأزهر أخیراً مرحلة أخری من التطورات السیاسیة و العلمیة مع انقلاب الضباط الشباب و إعلان النظام الجمهوري في مصر منذ 1371ه‍/1952م (م.ن، 161-162).

و في عهد الثورة، اتجهت هذه الجامعة نحو التطور بفضل التعاون المتبادل بین رؤساء الجمهوریة و أساتذة الأزهر، و جذبت الکثیر من طلاب العلم من بلدان آسیا و أفریقیا. و کانت مشارکة رئیسي جمهوريتي مصر و سوریة عند طرح مشروع تشکیل الجمهوریة العربیة المتحدة في 1379ه‍/1958م، في صلاة الجمعة بالأزهر، تعید إلی الأذهان عظمة و جلال مشارکة الخلفاء الفاطمیین في هذه المنشأة القدیمة (م.ن، 165-166).

و من جملة إنجازات الأزهر القیمة في الفترة الأخيرة تأسيس کرسي الفقه الشیعي الجعفري، حیث تم ذلک باعتباره عملاً متقابلاً، بعد تأسیس کرسي الفقه الحنفي و الشافعي في کلیة الإلٰهیات و المعارف الإسلامیة بجامعة طهران في 1335ش (کسائي، کارنامۀ...، 58).

و في هذه الفترة، کان المجلس المرکزي الأعلی تحت عنوان «مجلس الأزهرالأعلی» المرجع الأعلی لمتابعة جمیع شؤون هذه الجامعة. و کان أعضاء الهیئة التدریسیة في الأزهر یقومون بالتدریس في 3 درجات: الأستاذ ذو الکرسي، و الأستاذ المساعد، والمدرّس (داج، 168). وفي الفترة بین السنوات الدراسیة 1364-1366ه‍، کان عدد الطلاب الأجانب في الأزهر من بلدان أفریقیا وآسیا و أوروبا الشرقیة، حوالي ألف طالب، و أضیفت إلی دروس الأزهر التقلیدیة، فروع علم النفس و علم الاجتماع والتاریخ السیاسي و الفیزیاء و الکیمیاء و علم الأحیاء و التربیة البدنیة، وتولت مؤسسة الوعظ و الدعوة إرسال البعثات إلى الدول المختلفة، خاصة أفريقيا، و تم تأسيس المراكز الثقافية التابعة للأزهر في بلدان مثل السودان و بریطانیا و أميرکا. وفي 1958م بلغ عدد طلاب هذه الجامعة في جمیع المراحل الدراسیة مایقرب من 40 ألفاً (م.ن، 174-175، 178، 183-184، 191، الهامش).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: