الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / الأزد /

فهرس الموضوعات

الأزد

الأزد

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/11 ۱۸:۵۲:۱۲ تاریخ تألیف المقالة

و مع الاقتدار التدريجي لبني مضر و خاصة الفرع القرشي في مكة، فمن الطبيعي أن يخيم التوتر علی علاقتهم الحميمة السابقة بخزاعة و تدل بعض الشواهد و الروايات أيضاً علی أن هذه العلاقة و إلی القرن 5م كانت قد اتجهت تدريجياً نحو البرود. وفي النصف الثاني من القرن 5م تجلت ذروة الخصومة بشكل معارك ضارية بين قريش و خزاعة و وفرت الظروف التي مكنت قريش من إخراج كثير من الخزاعيين من تلك البلاد. و في نفس تلك الفترة تولی قُصي بن كلاب زعيم قريش سدانة الكعبة التي كانت قبل ذلك بأيدي الخزاعيين، و منذ ذلك الحين بقي هذا المنصب في أيدي أولاده؛ و بطبيعة الحال تجدر الإشارة إلی ماورد في بعض الروايات من أن انتقال منصب سدانة الكعبة من خزاعة إلی قصي قد تم بشكل ودّي (ظ: ابن‌هشام، السيرة، 1/109، 114-115؛ الأزرقي، 1/103 و مابعدها؛ السهيلي، 2/32-33).

و مهما يكن، و مع وجود منافسين مثل قريش و إلی حد ما قبيلة كنانة من بني مضر، فإن نفوذ خزاعة في القرن 6م كان قد تقلّص بشكل كبير في مكة، و حافظت علی تواجد محدود لها في تلك البلاد حتی ظهور الإسلام و بطبيعة الحال في الفترة التي تلت ذلك (ظ: الأزرقي، ن.ص؛ البلاذري، 30). و إن ما وفّر الظروف لبقاء خزاعة المحدود في مكة، كان ظهور المنافسات والنزاعات الداخلية بين شتی أرهاط قريش عقب وفاة قصي بن كلاب الذي هيأ الفرصة لظهور تحالفات بين شتی أرهاط قريش وشتی قبائل الأزد و القبائل الأخری (للاطلاع علی إشارة عامة بهذا الصدد، ظ: ابن‌هشام، ن.م، 1/130-131؛ ابن حبيب، 166-167).

و في القرن 6م كانت هناك في مكة أحلاف بين قريش وبشكل خاص أبناء قصي المتصارعين و بين شتی قبائل أزد تهامة، التي يمكن ذكر نماذج لها مثل حلف الرهط الأزدي أسلم مع أحد أرهاط قريش (ابن‌النديم، 108)، و حلف قسم من الأزد مع بني‌عبدالدار (ابن‌سعد، 4(1)/91)، و حلف بعض الأزديين مع رهط دوس و غيرهم مع بني عبدشمس (ظ: الواقدي، 3/938؛ ابن‌سعد، 4(1)/86). و خلال ذلك يبدو أن علاقات خزاعة برهط بني‌هاشم كانت قد أصبحت أكثر ودّاً؛ و أبرز دليل علی ذلك وجود حلف بين خزاعة و عبدالمطلب (ظ: ابن‌النديم، ن.ص). وفضلاً عن ذلك تجدر الإشارة إلی حالات الزواج بين القبيلتين مثل زواج هاشم بن عبدمناف بقيلة بنت عامر من خزاعة، وعبدالمطلب بن هاشم بلُبنی بنت هاجر من خزاعة (ظ: ابن‌هشام، ن.م، 1/98، 100)، و أجحم بن دِندنة الخزاعي بحية بنت هاشم (السهيلي، 1/434-435). و عن وجود نفوذ للأزد في مدينة الطائف و بصـورة عامـة فـي المناطـق المحيطة بها ــ أي السراة الشمالية ــ لاتتوفر إشارات واضحة في القصص الواردة بهذا الشأن؛ و الرواية المهمة عن سكنی الأزديين في الطائف، خطابة ظبيان المرادي بين يدي النبي الأكرم (ص) التي طلب فيها أن ينتصف له من ثقيف، حيث كان الأزديون بموجبه يعدّون أنفسهم خلفاء حمير في تلك البلاد، وكانوا يعتقدون أنه عقب خروج عمرو ابن عامر و تفرق الأزد فإن أسلافهم جاؤوا إلی الطائف وعمروها كثيراً (ظ: ابن‌عبدربه، 2/37؛ الهمداني، صفة، 330-331؛ أيضاً عن الحميريين في الطائف، ظ: ياقوت، 3/496).

و في الجنوب، و في الحديث عن مدينة نجران لم‌ترد أية إشارة إلی هيمنة الأزديين علی تلك البلاد (قا: ابن‌خلدون، 2/515: رواية غريبة)؛ و لم‌يرد سوی ما جاء في قصة خروج عمروبن‌عامر من مأرب، عند ذكر اجتياز مجموعة الأزديين بلاد نجران، بأن عدة قليلة منهم مكثت في تلك المدينة (ظ: البلاذري، 30؛ الهمداني، ن.م، 326). و في كتب الأنساب، عُدّ الأزديون القاطنون في نجران من ذرية ذُهل‌بن‌عمرو‌بن‌عامر (ظ: الكلبي، جمهرة، 617؛ ابن‌دريد، الاشتقاق، 435؛ ابن‌حزم، 331).

إن البحث في تاريخ أزديي السراة الذي لم‌ترد عنه حتی في الروايات القصصية حكاية منسقة، أمر في غاية الصعوبة و التعقيد؛ ومن خلال جمع و تحليل المعلومات و الروايات الفرعية مثل المعلومات الخاصة بهجرات الأزد إلی عمان و الاطلاعات الخاصة بأصنام العرب، و الروايات الخاصة بعلاقات الأزد بقبائل بني مضر و أخيراً المعلومات المتوفرة من سيرة الشاعر الأزدي حاجز ابن‌عوف و أشعاره المتبقية، فحسب، يمكن تبيين بعض المنعطفات التاريخية في حياة هذه القبائل العريقة. و جدير بالذكر أنه بتحليل هذه الروايات المتناثرة، و بمعونة المعلومات المتوفرة في كتب الأنساب و الاستنتاج منها، تمت الاستفادة من طريقة تسلسل الأجيال استناداً إلی فترات زمنية تمتد لثلاثين عاماً.

و جاء الحديث في الروايات الخاصة بعُمان عن هجرة مجموعة كبيرة من أزد السراة بقيادة مالك بن‌فهم من رهط دوس، إلی عمان و البحرين، وقُدِّر تاريخ تلك الهجرة بأواخر القرن 2م. وترتبط معلوماتنا عن تاريخ أزد السراة خلال النصف الثاني من القرن 2م و كذلك في القرن 3م ارتباطاً خاصاً بصنم مَنـاة. فاستناداً إلی الروايات العربيـةـ الإسلامية فقد كانت مناة قبيل ظهور الإسلام تحظی باحترام شتی قبائل الحجاز و تهامة (ظ: الكلبي، الأصنام، 15؛ أيضاً الإشارة الواردة في القرآن الكريم، النجم /53/20)، وكانت في فترة متقدمة معبودة لأرهاط الأزد، من بينها أزد السراة (ظ: أديان الأزد في هذه المقالة). و إن دراسة أولی نزعات غير الأزديين نحو عبادة مناة يمكنه أن يكون معلماً بارزاً في تحديد علاقات أزديي السراة الشمالية بجيرانهم من بني مضر. ويعود أول أنموذج لذلك إلی أُدّ ابن‌طابخة بن ‌إلياس‌بن‌مضر (عاش فيما يحتمل خلال النصف الثاني من القرن 2م) الذي سمی أحد أبنائه باسم «عبدمناة» (ظ: الكلبي، ن.م، 18؛ ابن قتيبة، 74). و الأنموذج الآخر تسمية أحد أبناء كنانة من أحفاد إلياس بن‌مضر بهذا الاسم (ظ: م.ن، 65، 112)، الذي عدّه النسابون ثمرة زواج كنانة بهالة بنت سويد ابنة أحد زعماء أزد شنوءة [أزد السراة] (ظ: ابن‌هشام، السيرة، 1/86؛ أيضاً حول التسمية بـ «زيدمناة» في أحفاد أٌد، ظ: الكلبي، ن.ص؛ عن انتشار عبادة مناة بين بني هذيل من أرهاط إلياس بن مضر، ظ: ن.م، 14).

يتزامن تاريخ السراة في القرن 4م مع ظهور التفرق بين القبائل الأزدية و تعدد محاور الزعامات السياسية و الدينية. إذ يوجد في هذا القرن 4 محاور دينية ـ سياسية بين الأزديين علی الأقل يمكن التمييز بينها تنتهي جميعها إلی الرهطين المهمين: بني زهران ودوس: في البدء تجدر الإشارة إلی سلالة الغطاريف الذين ينتمون إلی عامربن‌بكر بن يشكر بن‌مبشر المعروف بالغِطريف الأكبر؛ فقد كانت هذه السلالة حتی أواخر القرن 5م من أكثر الزعامات التي تولت قيادة الأزد هيمنة و كان أبناؤها يتولون كابراً عن كابر سدانة صنم مناة الصنم الرئيس للأزديين (ظ: ابن‌حبيب، 316). و من المحور الآخر، أي بني جُعْثُمة الذين ينتمون إلی جُعثمة بن‌يشكر بن مبشر بوصفه الشخصية البارزة، تجدر الإشارة إلی عمرو [أو عامربن‌عمرو] بن جعثمة الذي اهتم بالخدمة في بيـت الكعبة، و لمـا كان قـد أعاد بنـاء جدار الكعبـة فقد عُرف ب‍ـ «عمروالجادِر» و أبناؤه بـ‍ «الجَدَرة» (ظ: ابن‌هشام، ن.م، 1/97؛ الأزرقي، 1/86؛ ابن‌سعد، 1(1)/36؛ اليعقوبي، 1/204).

و كان المحور‌ الثالث مرتبطاً بأسرة الحارث بن يشكر بن‌ مبشر التي اتجهت إلی عبادة صنم قَبَلي اسمه ذو الشّـَری (ظ: الكلبي، ن.م، 38)، لكن حدث فيما بعد أن عبده معهم كثيرون من أزديي دوس (ظ: ابن‌سعد، 4(1)/176؛ أيضاً عن أنموذج لاسم «عبد ذي الشری» بين الدوسيين: ابن‌حجر، 4/202). أما المحور الرابع فكانوا بني مُنهب من أرهاط دوس الذين عبدوا صنمـاً آخر اسمه ذوالكفين، وكان من رجالهم البارزين عمروبن‌حُمَمة الدوسي الــذي عُرف حتی ظهور‌ الإسلام بوصفـه داعية لذلك الصنـم (ظ:‌ الكلبي،‌ ن.م، 37؛ ابن‌‌سعد، ‌2(1)/113-114،‌ 4(1)/177؛ السيوطي، 1/76).

كانت الاتجاهات المذكورة سالفاً فضلاً عن الجانب الديني مظهراً من مظاهر التشتت، أو الاتحاد السياسي بين قبائل أزد السراة أيضاً، مما وجد له انعكاساً في بيت من الشعر علی لسان أحـد الغطاريف يتحدث عن مجابهتهم الدامية لعُبّاد ذي الشری (ظ: الكلبي، ن.م، 38). و في هذه الفترة و كما هو المستفاد من المصادر فإن جعثمة عقد مع بني الديل من أرهاط كنانة حلفاً ضمنت العلاقات الزوجية المتكررة فـي الأجيال اللاحقة دوامه (ظ: ابن‌هشام، ن.م، 1/96؛ ابن‌سعد، 1(1)/36). و من بين المحاور الأخری لأزد السراة، يبدو أنه حتی أواخر القرن 5م كان اقتدار بقية القبائل يفقد تألقه نسبياً أمام الزعامة الدينية و السياسية للغطارفة إلی الحد الذي ورد في الروايات أن شتی قبائل أزد السـراة كانت ملزمة بأن تدفـع إليهم ربـع ماتغنمـه من غنائـم (ظ: أبوالفرج، 12/50).

و في القرن 5م، أدت الصراعات الداخلية و الضغوط المتزايدة للقبائل المجاورة و بشكل خاص قبائل من قيس عيلان، إلی أن تتقلص مواطن الأزديين في السراة بشدة. فقد أدی اندفاع قبائل قيس عيلان و بشكل خاص عَدوان و ثقيف اللتين كان عدد أفرادهما يتزايد بسرعة في شمال تهامة، إلی إبعاد الأزديين تدريجياً عن السراة الشمالية، ثم عن السراة الوسطی و جعل موطنهم مقتصراً علی السراة الجنوبية. و برغم صعوبة تحديد هجمة تواريخ هذه التنقلات، لكن يمكن تقدير تاريخ أوج هجمة قبيلة عدوان بالقرن 5م و التأكيد علی أنه خلال هذه التنقلات كان دور عدوان قد سبق دور ثقيف بعدة أجيال، و فيما بعد فإن عدوان نفسها قد طُردت من جراء هجمة ثقيف و بنفس الاتجاه إلی الجنوب. و إن الروايات الخاصة باستيلاء ثقيف علی الطائف وطرد العدوانيين من السراة الشمالية (ظ: السهيلي، 7/264؛ ابن‌الأثير، الكامل، 1/684-687؛ القلقشندي، 1/364)، و الرواية القديمة التي تتحدث عن سيطرة ثقيف علی السراة الشمالية وإقامة عدوان في السراة الوسطی في مناطق معدن البُرم و تحديد إقامة الأزديين في السراة الجنوبية في أطراف اليمن (ظ: ياقوت، 3/66-67)، يمكن أن يكون مؤشراً علی مراحل من التاريخ التي تحدد أزمان هذا التراجع.

كانت هيمنة عدوان علی الطائف و بشكل عام علی السراة الشمالية في حقيقتها نهاية اقتدار الأزديين في البلاد الواقعة في شمالي الطائف و مكة أيضاً. و إن الغطاريف الذين كانوا في الماضي يتولون سدانة مناة في بلاد المشلّل (قرب مرفأ ينبع الحالي) في شمالي مكة من جهة، و من جهة أخری يقومون بحماية القوافل التجارية علی طريق اليمن المتجه إلی الشام، تحوّلوا في أواخر القرن 5م إلی قوة ضئيلة الأهمية في السراة الجنوبية. و إن هذا الأمر الذي أُكّد في عدد من المصادر التي تحدثت عن اقتصار عبدة مناة علی الأوس و الخزرج (مثلاً ظ: الكلبي، الأصنام،13-14؛ ابن هشام، السيرة، 1/79؛ أيضاً السيوطي، 6/127)، دالٌّ علی أن الأزديين الذين اقتصرت إقامتهم علی السراة الجنوبية قد أقاموا أصنامهم القَبَلية الخاصة بهم بدلاً من مناة.

و تبعاً لهذه الضغوط المتزايدة اتجه قسم من الأزديين في السراة الشمالية أيضاً إلی الشرق؛ و فيما يحتمل أن يكون النصف الثاني من القرن 5م يوجد لدينا مايدل علی هجرة كبيرة لأزديي السراة إلی شمالي عمان كان رائدها علی مايبدو عبدعز بن معولة (ظ: أزد عمان في هذه المقالة). كما يشاهد في القرن 5م تفرّق داخلي للأزد و تحالف لهم مع قبائل أخری كما كان عليه الحال في السابق، مما تجدر الإشارة إلی نماذج منه في العلاقات الزوجية التي تمت بين الرهطين الأزديين بارق و الجدرة مع كبار شخصيات قريش أمثال مرة بن كعب و كلاب بن مرة (ظ: ابن‌هشام، السيرة، 1/96؛ ابن‌حبيب، 52؛ ابن‌دريد، الاشتقاق، 40). وفي أواخر القرن 5م كان الخناق قد ضاق علی الغطارفة بسبب المعارك الطاحنة مع كنانة إلی الحد الذي اضطر معه زعيمهم الحارث بن‌عبدالله إلی إعطاء امتيازات لرهط بني سلامان الأزدي لقاء عونهم له (ظ: أبوالفرج، 12/50).

و في القرن 6م لم‌تعد السراة الجنوبية أيضاً موطناً هادئاً للأزديين، ذلك أن القبيلتين الشقيقتين خَثعَم و بَجيلة اليمانيتين ضيقتا الخناق علی أزد السراة (القلقشندي، 1/330؛ أيضاً ظ: الطبري، 3/320). و قد ورد في بعض المصادر ذكر لهجمات قامت بها خثعم ضد الأزد (مثلاً ظ: م.ن، 3/131)، و كانت بعض أرهاط الأزد مثل بني‌سلامان تری في خثعم العدو الأول لها (ظ: أبوالفرج، 12/49، 51-52)، لكن ليس من المعلوم عما إذا كانت حالة العداء الشديدة هذه تجاه خثعم تنطبق علی جميع أزد السراة. ففي مدينة تبّالة في السراة الجنوبية كان الصنم ذوالخَلَصة المعبود المشترك للأزديين (و بشكل خاص رهط دوس) و خثعم و بجيلة، و كان يشكل عاملاً لتعزيز الصداقة بينهم (ظ: الكلبي، ن.م، 35؛ ابن‌هشام، ن.م، 1/79؛ الطبري، 3/322). كما أن تحالف قسم من الأزد مع خثعم و بجيلة في حوادث الردة التي أعقبت وفاة النبي (ص)، يشكل دليلاً علی وجود تفاهم جذري مشترك بينهم (ظ: م.ن، 3/320).

و من الأرهاط ذات النفوذ الكبير لأزد السراة في هذا القرن، يجدر ذكر بني‌سلامان الذين كان موطنهم في نواحي تبالة (ظ: أبومسحل، 1/224). فهذا الرهط الذي كان يعد نفسه منافساً للغطارفة (ظ: أبوالفرج، 12/50) خلافاً للاتجاه السائد لدی الغطارفة في توفير الحماية لطرق قريش التجارية (كأنموذج علی أحلافهم مع تجار قريش، ظ: الكلبي، نسب...، 2/504)، كان يغير علی قوافل قريش خلال اجتيازها منطقة السراة (مثلاً ظ: أبوالفرج، 2/80)، لكنه كان قد عقد حلفاً بشكل منفصل مع رهط بني مخزوم مـن قريش (م.ن، 12/49). كما كان بنوسلامـان ــ فضلاً عن خثعم ــ في حرب مع بعض القبائل الشمالية لهوازن مثل بني هلال‌بن‌عامر (م.ن، 12/50، 52).

و قبل فترة طويلة من ظهور الإسلام و ربما منذ القرن 5م، كان أزد السراة الذين كانوا يقطنون غالباً في السراة الجنوبية، يُدعون بأزد شنوءة و هو ما كان يرد في آثار العصر الإسلامي الأول مرادفاً لأزد السراة و أحياناً بوصفه قسماً منهم (مثلاً ظ: ابن‌هشام، التيجان، 282؛ المبرد، 4/33؛ الجاحظ، 1/314؛ الهمداني، صفة، 326؛ أبوالفرج، 19/95). إن الاستنتاج القائل بأن أزد شنوءة رهط في عرض أزد السراة و يختلف عنهم، غير دقيق و متأخر (ظ: ياقوت،3/330؛ قا: الجوهري، 1/440). إن تقديم آراء غير جازمة حول اشتقاق كلمة شنوءة (مثلاً ظ: ابن‌هشام، السيرة، 1/86؛ أيضاً ابن‌منظور، مادة شنأ)، و قبول علماء العصر الإسلامي المتقدم بنسبة «شنئي» بوصفها نسبة علی غير قياس من شنوءة (ظ: ابن‌السكيت، 146؛ الأزهري، 11/422؛ ابن‌منظور، ن.ص)، دال علی قدم هذا الاسم و عزوب اشتقاقه عن الأذهان في ذلك العصر. و برغم أن البعض من أمثال شترنسيوك تصوروا أن «شنوءة» هو اسم شخص و عزوه إلی اسم أحد أجداد الأزد (ظ: EI2؛ للاطلاع علی رأي كهذا في آثار المتقدمين، ظ: ابن‌هشام، ن.ص)، لكن ينبغي النظر باهتمام بالغ أيضاً للمصادر التي رأت في شنوءة اسمَ منطقة في اليمن (مثلاً ظ: الطبري، 3/320؛ ياقوت، 3/330).

 

أزد عُمان

خلال دراسة تاريخ عمان القديم، و برغم اكتشاف آثار عن الألفين الثالثة والثانية قبل الميلاد، فإن فقدان اللقی الأثرية و نقص التقارير التاريخية عن الألف الأولی قبل الميلاد حتی ظهور الإسلام، يؤديان إلی أن تواجه معالجة هذه الفترة من تاريخ التحولات في عمان معضلات جادة. و مهما يكن فإن الـروايـات العربيـة ـ الإسلامية تتحدث عن أنه في العصر الذي سبق قدوم الأزديين إلی عمان، كانت مجاميع من بقية القبائل العربية الجنوبية تعيش هناك في ظل حكام معينين من قبل إيران (للاطلاع علی هذه الروايات، ظ: باجر، 6؛ أيضاً ظ: كشف الغمة...، 213).

و استناداً إلی الروايات أيضاً، فإنه تزامناً مع بداية أولی هجرات الأزديين عقب خروج عمروبن‌عامر من مأرب، توجهت مجموعة قليلة من رهط بني نصر الأزديين إلی عمان و قطنوا فيها بعد قبولهم التبعية للحكام الإيرانيين (ظ: باجر، 6). إن هذه الهجرة هي التي أشار إليها الهمداني عندما قال إن قسماً من أخلاف نصر ابن الأزد خلال خروجهم إلی المناطق الساحلية في الشحر وريسوت كانوا قد رحلوا حتی نواحي فارس (صفة، 330-331). وقدّر باجر استناداً إلی تحليل الروايات، تاريخ هذه الهجرة بحوالي سنة 120م (ص 6)، و قدّر الشطي بشكل عام مايتعلق بحوادث هجرة الأزديين إلی عمان بأنها حدثت خلال القرنين 1و2م (ص 274-275؛ أيضاً ظ: ويلكينسون، 73).

و استناداً إلی الروايات، فإن تاريخ أول هجرة واسعة للأزديين إلی عمان و بلادها الشمالية التي تمت بقيادة مالك بن فهم من زعماء رهط دوس، يرجع إلی فترات أعقبت مكوث الأزديين في تهامة. و رغم أن المصادر القصصية تعزو سبب خروج مالك من السراة بشكل مدهش إلی تأثره عقب مقتل كلبةٍ لأحد جيرانه، لكن الواضح أن جماعة من الأزديين المقيمين في السراة و بعد فترة من سكنهم فيها ضاقت بهم فاتجهوا نحو الشرق بحثاً عن موطن مناسب لهم (عن القصة، ظ: ابن‌هشام، التيجان، 282؛ الجاحظ، ن.ص؛ اليعقوبي، 1/204؛ الطبري، 1/609-612؛ الأزدي، 96-97؛ كشف الغمة، 211-213). إن إشارة الكلبي الأسطورية تماماً من أن هذه هجرة حدثت في عهد دارا (ظ: ن.م، 213)، تُصحح في ضوء النص الذي لالبس فيه للطبري من كون هذه الهجرة قد حدثت علی عهدملوك الطوائف [أي الأشكانيين] وقبل ظهور أردشير بابكان (ظ: الطبري، 1/610). و في بحث لباجر أيضاً قدّر سيطرة الأزديين بزعامة مالك بن فهم علی بلاد عمان و البحرين بحوالي سنة 190م، أي بثلاثة عقود قبل قيام حكم السلالة الساسانية (ص7).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: