الأزد
cgietitle
1442/9/11 ۱۸:۵۲:۱۲
https://cgie.org.ir/ar/article/236003
1446/4/5 ۱۴:۱۹:۴۴
نشرت
7
اَلْأَزْد، اسم عام لمجموعة من القبائل العربية العريقة. ومن حيث الاستخدام التاريخي للمفردة، فإن الأزد هو الاسم الذي تم استخدامه في مؤلفات القرون الهجرية الأولی بشكل منفرد غالباً، و أحياناً بشكل تركيب إضافة مثل أزد سَراة و أزد شَنوءة و أزد عُمان، أما في مشجّرات النسّابين و القصص القومية فإن الأزد هو اسم قبيلة عريقة و غفيرة العدد جداً تضم عدة قبائل مهمة وقد اعتبرت كل من الأوس و الخزرج و خُزاعة من أرهاطها، دون أن يطلق عليها اسم الأزد في الاستخدام العام.
كان اسم الأزد يُلفظ في العصور القديمة بشكل «الأسْد» أيضاً (مثلاً ظ: ابنهشام، السيرة...، 1/10)، و يری بعض اللغويين المتقدمين أن هذا اللفظ أكثر فصاحة (ظ: ابنالسكيت، 185؛ الجوهري، 1/440؛ أيضاً السمعاني، 1/213-214). و لايعرف المصدر الذي اشتق منه هذا الاسم، برغم أن البعض حاول أن يجد لاشتقاقه وجوهاً مثل اشتقاقه من الفعل «أَسِدَ» (بمعنی التشبه بالأسد، ظ: ابندريد، الاشتقاق، 435)، أو الفعل «أَسدی» (ظ: السمعاني، ن.ص)، لكن لايمكن الركون إلی أي من هذه الاحتمالات.
و يعتقد بعض الباحثين مثل شترنسيوك أنه لايمكن إثبات أية علاقة نَسَبية بين الأزديين؛ و يری أن أزد عمان و أزد سراة اتحدوا مع بعضهم في العصر الإسلامي الأول في بيئتي البصرة وخراسان، و قد أعدَّ هذا الاتحاد الأرضية لظهور قصص حول ماضيهم المشترك (ظ: EI2). و من غير إبداء رأي في هذه النظرية، ينبغي التذكير بأنه تم التأكيد في المصادر العربية ـ الإسلامية سواء في كتب الأنساب، أم التاريخ، أم الأخبار، علی وجود هذه القرابة، و رأی الهَمْداني النسابة اليماني أن هذا أمر يحظی بالقبول العام لدی المتقدمين (ظ: الإكليل، 1/204؛ أيضاً ابندريد، ن.م، 159).
فيما يتعلق بالتاريخ القديم للأزد، أو الأزديين، فإن المصدر الوحيد المباشر لها هو الحشد الهائل من الروايات المصحوبة بالقصص في الآثار العربية ـ الإسلامية، هذه الروايات التي لايمكن تقييمها، إلا بالتحليل الذي يعتمد علی المعلومات الجانبية الواردة في المصادر التاريخية؛ و اللقی الأثرية فحسب؛ و مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الروايات المتوفرة بشأن الأزديين القدامی، اتفقت جميعها علی أن الأزد قبيلة انحدرت من أصل واحد، فسيكون لزاماً بحث الماضي التاريخي ـ الأسطوري للأزد حتی انبثاق الإسلام بوصفه مسيرة مستمرة، من غير إصدار حكم جازم حول صلة هذه القبائل.
و استناداً إلی كتب الأنساب فقد كان الأزد هو اسم الجد المشترك لهذه القبائل الذي ينتهي نسبه إلی قحطان بالشكل التالي: الأزد بن الغوث بننبت بن مالك بنزيد بنكهلان بن سبأ بن يشجـب بنيعـرب بنقحطـان (مثـلاً ظ: ابنرسـول، 6، 19). و ورد في بعض المصادر أن الأزد هو لقب ذلك الجد وكُتب اسمه الحقيقي بأشكال: دِراء، دِرء ودَرّة (ظ: السمعاني، 1/213؛ ابنرسول20؛ النويري، 2/311؛ قا: السهيلي، 1/111).
عُرفت الأزد بين العرب بأنها إحدی القبائل القحطانية التي انحدرت من اليمن و بتعبير آخر من العرب العاربة، لكن لايخفی أنه استناداً إلی حديث عُزي للنبي (ص) خاطب فيه رماة من الأنصار (وفقاً لكتب الأنساب فإن الأوس و الخزرج من أرهاط الأزد) بـ «بني إسماعيل» (ظ: البخاري، 2/240، 266؛ الحاكم، 2/94)، فإن عدداً قليلاً من النسابين يرجعون أصل الأزد بشكل خاص و قحطان بشكل عام إلی إسماعيل (ع) (ظ: ابنهشام، السيرة، 1/8؛ المسعودي، 2/44؛ السهيلي، 1/102-103؛ أيضاً ظ: الهمداني، ن.م، 1/103-104؛ ابنهشام، التيجان...، 362).
و استناداً إلی القبول العام الذي تجلی في كتب الأنساب وبقية المصادر العربية القديمة فقد كان الأزد أبرز ممثلي رهط كهلان بن سبأ (مثلاً ظ: ابنرسول، 19) الذي عُرض بوصفه المنافس والنظير الدائم لحمير الابن الآخر لسبأ. و برغم أنه لميرد اسم لملوك الأزد في فهرس أسماء ملوك اليمن القصصيين، لكن تشاهد في بعض تلك الفهارس منافسة بين حمير و كهلان في الأحقية بتسنم عرش جدهما المشترك سبأ، وكذلك أسماء ملوك كهلانيين ضمن الحميريين (ظ: اليعقوبي، 1/195؛ المسعودي، 2/48-49). كما أن قصة إرسال وفد من الأزد إلی سليمان (ع) مع عدم معقوليتها من الناحية التاريخية، دليل آخر علی هذا القبول القديم لدی العرب من أن الأزد كانت تتمتع بأهمية خاصة وسط حكومات سبأ المقتدرة (عن القصة، ظ: ابنعبدربه، 1/157؛ أيضاً الزمخشري، 1/281).
يرد الكلام في القصص عن أقدم زعماء الأزديين، اسم ثعلبة ابنمازن بنالأزد الملقب بالعنقاء، و اسم ولده امرئ القيس الملقب بالبطريق، و حفيده حارثة بن امرئ القيس الملقب بالغِطريف، الذين توارثوا حكم الأزديين كابراً عن كابر (عن هؤلاء الثلاثة، ظ: الكلبي، جمهرة...، 616؛ حمزة، 90؛ السهيلي، 1/110؛ أيضاً مع اختلاف في ضبط الألقاب، ابن رسول، 20). و في أول الإشارات إلی مملكة الأزد القديمة في بلاد مأرب التي عُدّت الموطن الأصلي للأزديين، يرد اسم عامر بنحارثة الملقب بماء السماء و ابنه عمروبنعامر الملقب بمُزَيقياء الذي سردت قصص حول فترة حكمه (مثلاً ظ: ن.صص).
تتحدث القصيدة التي قيلت علی لسان شاعر أزدي بأن الأزديين في عهد حكم الملك عمروبنعامر في بلاد مأرب كانوا يعيشون في الرفاهية و النعيم (ظ: الهمداني، صفة...، 327). لكن استناداً إلی القصص، فإن اطلاع عمرو بالدمار العاجل الذي سيحل بسد مأرب، كان قد وضع حداً لعصر النعيم هذا. حول كيفية علمه بهذا الأمر، ورد في روايات عن الكهانة العربية وعُدّ ذلك من نبوءات الكهنة؛ و يرد اْحياناً بهذا الشأن اسم كاهنة تدعی طريفة (مثلاً ظ: الأزرقي، 1/92؛ الميداني، 1/276)، و يذكر أحياناً اسم الشقيق الأكبر للملك عمران بنعامر الذي كان كاهناً ماهراً (ظ: ابن هشام، ن.م، 264)، بل و ورد في بعض الروايات أن هذا الكاهن البعيد النظر كان عمروبنعامر نفسه (ظ: اليعقوبي، 1/203؛ السيوطي، 5/231-232). و عقب معرفة عمروبنعامر لهذا الأمر، الذي كان مايزال خافياً علی الآخرين، فكّر في حيلة يبيع بها أراضي الأزد الواسعة، ثم انطلق مع الأزديين و أخذ المواشي والنقود التي حصل عليها بحثاً عن موطن مناسب (ظ: ن.صص).
و في معرض البحث عن فترة قابلة للمقارنة من تاريخ حضارات جنوبي الجزيرة العربية بالفترة القصصية لمملكة الأزد في مأرب، تجدر الإشارة إلی أنه استناداً للوثائق التاريخية و اللقی الأثرية، فإنه مع هجوم الرومان و الأنباط علی اليمن خلال السنتين 25-24 ق.م و التدمير الهائل في شبكة ري مأرب، بدأت مرحلة من التدهور النسبي في حضارتها و في القرن 1م كان الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية قد فَقَدَ وحدته السياسية وظهرت حالة من العداء بين قسم من السبأيين في الغرب و بين الحميريين في الشرق. و تتوفر لدينا من هذه الفترة معلومات عن وجود أربع ممالك صغيرة في بلاد سبأ كان كل واحد من ملوكها يدعو نفسه «ملك سبأ» و كانوا يتناوبون علی تولي مقاليد الأمور في مأرب. كما أن تحول الطرق التجارية من الشرق إلی الغرب وحلول الطريق البحري محل الطريق البري من اليمن إلی الشام من التطورات الإقليمية التي كانت تقلل تدريجياً من ازدهار مأرب (ظ: مولر، 561). و في تحليل تاريخي لقصة عمروبنعامر مزيقياء و القصص ذات العلاقة بها (ظ: السطور التالية)، يمكن القبول بوجود مملكة صغيرة قصيرة الأمد في بلاد مأرب في القرن 1م و ربما في قسم من القرن 2م.
استناداً إلی القصص، فإن الأزديين عقب هجرتهم من وطنهم مأرب، أقاموا لفترة قصيرة مع زعيمهم عمروبنعامر وبحكم الصداقة في أراضي قبيلة جارة لهم هي عكّ، وفي هذه الفترة حدث أن توفي عمرو و خلفه ابنه ثعلبة (ظ: ابنهشام، التيجان، 270-271؛ أيضاً ظ: ابنرسول، 20). لكن لميمض طويل وقت حتی بدأ العكيون بمحاربتهم، فبادر الأزديون الذين لميقرروا منذ البدء الإقامة في تلك البلاد، إلی الرحيل عنها (ظ: ابنهشام، ن.م، 275، السيرة، 1/12؛ البلاذري، 29). و عقب مغادرتهم بلاد عك لمتؤد فترات إقامتهم القصيرة بجوار قبائل يمانية مثل خولان وعنس و همدان، إلا إلی زيادة مشاكلهم، و أما مصادر الثروة في تلك البلاد حتی في حالة مساعدة القبائل المجاورة فإنها لمتكن كافية لهذا الحشد الكبير من الأزد و لمواشيهم الكثيرة التي كانت معهم (ظ: الهمداني، ن.م، 326؛ أيضاً ظ: البلاذري، 30).
و تواصل الروايات حديثها عن استمرار قصة الهجرة فتقول إن الأزديين ــ و علی أمل العثور علی موطن دائـم ــ تـوجهوا نحو الشمال و مكثوا لفترة في تهامة (الهمداني، ن.م، 328-329؛ أيضاً ابن قتيبة، 645)، برغم وجود إشارات في المصادر تتحدث عن أن فريقاً صغيراً منهم ــ مـن بينهم أفـراد من أولاد عمروبـنعامـر ــ ظلوا في اليمن و لميؤثروا الهجرة (ظ: ابنهشام، ن.م، 1/11؛ ابنسعد، 5/382). و لايُلاحظ في نص القصة مايشير بوضوح إلی فترة بقاء الأزديين في تهامة، لكن مهما يكن فقد جری الحديث عن أنه عقب فترة لمتكن طويلة علی مجيء الأزديين إلی بلد تهامة، بدأ التفرق الرئيس لقبيلة الأزد.
بادرت القبائل الكثيرة العدد من الأزد الذين لميكونوا مرتاحين للإقامة في تهامة و لميكن لهم أمل في العثور علی موطن مناسب لجميع قبائل الأزد، إلى التفرق في عدة جهات وآثرت كل واحدة منها مصيراً مستقلاً، و استناداً إلی قصيدة لجماعة البارقي من الشعراء الأزديين المتقدمين فإنه و عقب هذه الفرقة، توجهت مجموعة من الأزد إلی العراق و أخری إلی الشام و ثالثة إلی عُمان و اليمامة و البحرين، كما آثرت مجموعة الإقامة في تهامة و أخری في السراة و أخری في نواحي مكة (ظ: الهمداني، صفة، 328-329). و يفصل الهمداني تفرّق الأزد بقوله إن من هاجر إلی العراق (الحيرة) هم دَوْس، و من هاجر إلی الشام، آل الحارث: محرَّق و آل جَفنة ابني عمروبنعامر، و أما الأزد الذين ذهبوا إلی عمان فكانوا يحمد و حدّان و عتيك وجُديد، و يواصل حديثه فيتحدث عن سكنی الأوس و الخزرج في يثرب (الاسم القديم للمدينة المنورة)، و رهط خزاعة في مكة و نواحيها، و مجموعة في الطائف، و أخيراً ذكر سكنی أرهاط مثل الحجربنالهنو ولهب و غامد في السراة. و أضاف أيضاً أن فريقاً من ولد نصربن الأزد قد هاجروا إلی المناطق الساحلية في الشِّحر و ريسوت و كذلك إلی أطراف بلاد فارس (ظ: ن.م، 330-331). لكن ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار أنه استناداً إلی القصص فإن هذه الهجرات لمتكن جميعها قد حدثت في وقت واحد.
يجد التفرق الكبير للأزد بوصفه أسطورة مأساوية، جذوراً له في تراث الأزديين، و في العصر الإسلامي المتقدم وجدت هذه الأسطورة انعكاساً لها في قصائد الشعراء الأزديين من أمثال عبدالله بنعبدالرحمان الأزدي و جماعة البارقي (كأنموذج علی هذه القصائد، ظ: ن.م، 326-330). وكانت هذه الأسطورة و الأخبار المتداولة بشأنها باعثاً لتأليف هشام ابنمحمد الكلبي (تـ 204ه) أثراً بعنوان تفرّق الأزد (ظ: ابنالنديم، 109)، لميتم العثور حتی الآن علی نسخة منه (أيضاً للاطلاع علی أثر بعنوان رايات الأزد لعبدالعزيز بنيحيی الجلودي، ظ: النجاشي، 243). و كان تفرق الأزد في التراث العربي أبرزَ معالم تفرق القبائل السبئية عقب سيل العرم (توجد إشارة له في القرآن الكريم، سبأ /34/15-16) (ظ: حمزة، 90)؛ التفرق الذي صار مضرباً للمثل لدی العرب، فحين يشيرون إلی الفراق الذي لااجتماع بعده يضربون المثل بتفرق أيدي سبأ (ظ: الميداني، 1/275؛ الزمخشري، 2/88-90؛ أيضاً نهج البلاغة، الخطبة 95).
يرتبط ذكر الأزديين المهاجرين إلی الحيرة و الشام بسلالتين ملكيتين مهمتين في تاريخ هذين البلدين، و هما سلالة آل لخم في الحيرة و سلالة الغساسنة في الشام. كان استيلاء الأزديين وبشكل أدق زعماء من الرهط الأزدي دوس علی الحيرة، و علی مشارف تأسيس السلالة الساسانية (224م)، و استناداً إلی الروايات، استمراراً لتغلغل الأزديين في بلاد عمان و البحرين والذي يقدّر باجِر تاريخه بحوالي سنة 190م (ظ: ص 7؛ أيضاً الشطي، 274-275). ورد في الروايات التي تتحدث عن استيلاء فريق من الأزديين علی الحيرة أن مالك بن فهم من رهط دوس، زعيم هذه المجموعة من المهاجرين، و بعد إلحاقه الهزيمة بالولاة التابعين لإيران في عمان و البحرين (لمزيد من التوضيح، ظ: أزد عمان في هذه المقالة)، استولی علی بلاد الحيرة أيضاً و أسس فيها مملكة مستقلة تولی الحكم فيها من بعده ابنه جذيمة الملقب بالأبرش (تـ ح 268م) أشهر الملوك التاريخيين للحيرة (ظ: الطبري، 1/611-612؛ أيضاً ظ: ابنرسول، 33). و في استنباط له من مجموع الروايات الخاصة بالحيرة و عمان، يعتقد باجر أن عمان علی عهد مالك بن فهم كانت تُعدّ تابعة لمملكة الحيرة (ظ: ن.ص). أوصی جذيمة الذي لميكن له ولد، أن يتسلم مقاليد حكم الحيرة بعد وفاته، ابنأخته عمروبن عدي من قبيلة لخم، و بذلك خرجت دولة الحيرة التي عمرت طويلاً من أيدي الأزديين. والملفت للنظر هو أن اسمي الملكين الأزديين الأولين يشاهدان فقط في بعض الفهارس التي عُرضت عن ملوك الحيرة (ظ: ابنقتيبة، 645؛ حمزة، 74؛ الخوارزمي، 110؛ المسعودي، 2/65-66).
و في الحديث عن سلالة الغساسنة في الشام في الروايات وكتب الأنساب، عُدّ جَفنة بنعمروبن عامر أول ملوك هذه السلالة، و بذلك فإن حكم عمرو بنعامر في مأرب اتصل بشكل مباشر بحكم ابنه في الشام (ظ: ابنرسول، 20). تروي القصص أنه بعد تفرق الأزد، توجهت مجموعة منهم بزعامة ثعلبة نجل عمروبنعامر و خليفته من تهامة إلی بادية الشام، و مالبث ثعلبة أن توفي بعد ذلك بقليل في الشام، فبادر ابنه حارثة الذي كان ثعلبة قد اختاره خليفة له مع ولديه أوس و الخزرج و كثير من الأزديين الذين لميكونوا يرون في الشام موطناً دائماً لهم، إلی المجيء إلی يثرب و سكنوا هناك (ظ: ابنهشام، التيجان، 283، 286؛ حمزة، 89؛ المسعودي، 2/83). وكانت زعامة المجموعة الباقية من الأزد في الشام قد أُنيطت بجفنة أخي ثعلبة الذي عُرف بوصفه أول ملك غساني واستمرت الملكية في سلالته لقرون (ظ: ابنهشام، ن.ص؛ اليعقوبي، 1/204-205؛ حمزة، 89 و ما بعدها).
أما بشأن إقامة الأزد في يثرب فتذكر الروايات أن الحكم في تلك البلاد كان قبل ذلك بأيدي المهاجرين من اليهود، لكن بعد معارك جرت بين الأزديين القادمين حديثاً و بشكل خاص قبيلتا الأوس و الخزرج (ن.ع.ع)، تمكن أبناء حارثة بن ثعلبة بن عمروبنعامر من التغلب على المهاجرين اليهود في يثرب (ظ: الأزرقي، 1/96؛ البلاذري، 30؛ اليعقوبي، 1/203-204؛ الهمداني، صفة، 329).
استناداً إلی الروايات التي تتحدث عن التفرق الكبير للأزد، فإنه بعد أن غادرت شتی القبائل الأزدية تهامة، ظلت قبائل منهم أيضاً في تلك البلاد و استقرت في رقعة شاسعة من تهامة. و فيما يتعلق ببقاء الأزديين في شمالي تهامة و اتساع نفوذهم في المدينتين المهمتين في المنطقة، مكة و الطائف، فإن الروايات تشير إلی أن هذا الأمر كان مصحوباً بالمنافسات وأحياناً بالحروب. و في مكة كانت جُرهُم القبيلة العريقة مهيمنة علی مقاليد الأمور، و بعد معارك متواصلة تمكن الأزد من إلحاق الهزيمة بها و رسخوا هيمنتهم علی مكة و نواحيها. كان حاكم الأزد في تهامة خلال هذه المعارك، ربيعة بنحارثة حفيد عمرو ابنعامر (ظ: الأزرقي، 1/90 ومابعدها؛ البلاذري، اليعقوبي، الهمداني، ابنرسول، ن.صص).
و عقب طردهم جرهم من مكة، قام الأزد من رهط خزاعة الذين هيمنوا علی مكة، بتولي سدانة الكعبة و كسوتها و التي كانت من قبل بأيدي الجرهميين (ظ: ن.صص). و استناداً إلی تقدير التاريخ المذكور سالفاً و الذي غادر فيه عمروبنعامر مأرب، فإن سيادة خزاعة علی مكة بدأت في النصف الثاني من القرن 2م و استناداً إلی المصادر الخاصة ببداية هيمنة قريش علی مكة، فإن هيمنة الخزاعيين هذه استمرت حتی النصف الأول من القرن 5م، و يمكن تدعيم هذا التصور اعتماداً علی ماذكره الأزرقي (1/103) في رواية هي مزيج من كلام ابنجريج وابنإسحاق مفادها أن استيلاء خزاعة علی مكة دام 300 سنة. ووفقاً للروايات، فإن بني مضر من العرب العدنانية الذين كانوا يقطنون في مكة بوصفهم أقلية قومية، التزموا جانب الحياد في الحرب التي جرت بين خزاعة و جرهم، و خلال عصر سيادة خزاعة أمكنهم أن يعيشوا بسلام إلی جوارها (ظ: م.ن، 1/96).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode