اضطربت الإِمامة الزیدیّه منذ القرن 11ھ/17م وتبدّلت الی إمارات متفرقة، وکانت إمامة هؤلاء في هذا القرن مقرونة بالثورات والاضطرابات الکثیرة، فکان وراءها القبائل والمنافسون السیاسین والمحلّیون، مثل ثورة الهمدانیین و بني حشیش و بني الحارث في 1102ھ/1691م و 1256ھ/1840م، والتمرّد في صنعاء سنة 1260ھ/1844م، والصراعات المستمرة بین هؤلاء وبني رسول وآل طاهر، وکثیراً ماکان یثور أفراد عدیدون یدّعن الإِمامة ویتنافسون علی کسب النفوذ السیاسي، مثل المعارک التي کانت بین المهدي صاحب المواهب و بین ابن عمه المنصور حسین بن قاسم من جهة و بین المهدي والمتکل قاسم بن الحسین منجهة أخری في القرن 13ھ/19م، ولذلک کان یحکم الزیدیة عدد من الأئمة في عصر واحد. وفي 1269ھ/1853م خرجت الإِمارة من آل قاسم، ووصل المنصور محمد بن عبداللَّه الی السلطة؛ و کان یحکم صنعاء وأطرافها في هذا القرن 5 أئمة. وقد أدی هذا النزاع المستمر لاضطراب الأمور و تجزئة سلطة دولة الزیدیین السیاسیة والاجتماعیة. وکما استولی الأتراک العثمانیون – الذین کان قد طردهم المؤید سنة 1045ھ/1635م – علی الیمن مرة أخری في 1252ھ/1836م وأنهوا إمارة آل منصور، وقد وصل الی الإِمامة من هذا البیت سنة 1307ھ/1890م الامام المنصور محمد بن یحیی حمیدالدین. واستمرت سلطظ العثمانیین علی الیمن إلی نهایة الحرب العالمیة الأولی (1332-1337ھ/1914-1918م) وانضوت تحت سلطة الامام المتوکل یحیی بن محمد حمیدالدین شمال و جنوب الیمن أیضاً بعد انهیار الخلافة العثمانیة سنة 1337ھ/1918م، وعرف عهده و عهد ابنهُ أحمد بعهد الحکومة المتوکلیة واستمرمنذ 1332-1382ھ/1914-1962م (الأمین، حسن، 11/72). وانتهت حکومة الأئمة کلیّاً باندلاع الثورة الیمنیة بقیادة عبدالله السلال وإعلان الجمهوریة في هذه البلاد في 1962م.

ویذکر لین پول أشخاصاً آخرین من هذه السلالة حکموا في صعدة وصنعاء (طبقات سلاطین الاسلام، 92-95)، ولکن لاتوجد معلومات عن دولتهم وأحوالهم.

العلماء والفقهاء الرسّیون في الیمن

بعد أن شق الفقهاء والعلماء الطباطبائیون الرسّیون طریقهم في الیمن مُنذ أواخر القرن 2ھ/8 م وأنشؤوا دولة فیها، ظهر علماء ومحقّقون و متکلّمون وأدباء وفقهاء مشهورون عملوا خلال 12 قرناً علی تطویر و نشر عقائد الشیعة الزیدیین وفقههم وحدیثهم و علم کلامهم وثقافتهم، فبالإِضافة إلی العلماء الحکّام من هذه الطائفة ظهر في الیمن علماء آخرون من أتباع هذا المذهب، منهم:

1. الحسین بن بدرالدین بن محمد (582-662ھ/1186-1264م)

فقیه وأصولي و محدّث و محقّق ومؤلّف، من سلالة الإِمام یحیی الهادي، ولد في هجرة في منطقة رغافة، ودرس هناک، ومن تألیفاته: شفاء الأوام في أحادیث الأحکام في علم الحدیث؛ المدخل؛ الذریعة؛ التقریر، 6 مجلدات في الفقه؛ غرة الأفکار في حرب البغاة الکفّار؛ ینابیع النصیحة في أصول الفقه؛ والنظام (شرف‌الدین، 4/256). وتوفط في رغافة.

2. الحسین بن محمد بن بدرالدین (تـ 663/1265)

فقیه و محدّث، ینتسب الی الامام یحیی الهادي، ولد في هجرة من منطقة رغافة وفیها نشأ وترعرع و درس العلوم الاسلامیة، وکان تلامذته من العلماء البارزین في الیمن (ن.م).

3. دهماء بنت یحیی بن المرتضی (تـ 837ھ/1434م)

فقیهة وأدیبة و شاعرة ومحقّقة، وهي أخت الإِمام المهدی أحمد بن یحیی. درست علی أخیها وارتقت الی مراتب علمیة رفیعة، تزوّجها السیدمحمد بن أبي الفضائل، عاشت في مدینة «ثلاء» وقضت عمراً في التألیف والتحقیق وتوفیّت هناک، وقد کتبت شرحاً لکتاب الأزهار لأخیها أحمد في 4 مجلدات (ن.م، 4/258).

4. أحمد بن صلاح‌الشرفي (975-1055ھ/1567-1645م)

فقیه و مؤرخ ومحقّق و مؤلّف، یصل نسبه الی القاسم الرسيّ نعتوه بالعلم والزهد والتقوی، ومن تألیفاته: شرح کتاب الأساس للإِمام قاسم؛ شرح کتاب الأزهار للإِمام أحمد بن یحیی في 4 مجلدات؛ شرح کتاب البسامة للسید صارم‌الدین بن الوزیر باسم اللآلی المضیئة في 3 مجلدات (ن.م، 4/242).

5. أحمد بن محمد بن لقمان (تـ 1029ھ/1620م)

عالم وأدیب وفقیه و محقّق و مؤلّف، یصل نسبه إلی الامام المهدي أحمد بن یحیی، وکان من تلامذة السید أحمد الشرفي (أحمد بن صلاح)، وکانت له حوزة دراسیة في المسجد الجامع في مدینة شهارة. له مؤلفات عدیدة منها: شرح الأساس؛ شرح الکافل في أصول الفقه، طبع في صنعاء سنة 1360ھ/1941م؛ شرح التهذیب للتفتازاني في المنطق؛ حاشیة علی الفصول اللؤلؤیة؛ و شرح علی لامنهاج تألیف الامام المهدي أحمد بن یحیی. وقد توفّي في حصن «غمار» في خولان الشام (ن.م، 4/243).

6. الحسن بن أحمد جلال (1014-1048ھ/1605-1638م)

فقیه و عالم و محقّق و مؤلّف و شاعر. یصل نسبه الی أحمد ناصر. ولد في هجرة من رغافة، ودرس علی کبار علماء عصره في صعدة و شهارة و صنعاء؛ وأصبح من أبرز الفقهاء آنذاک، و مهر في علوم مختلفة، وکان یعیش في عصر المتوکّل علی اللَّه اسماعیل و یحظی باحترامه الوافر، وقد أقام في أخریات حیاته في «جراف» إحدی القری التي تمتاز بنقاوة الهواء و عذوبة الماء، حوالي شمالي صنعاء. وتوفيّ فیها. وله تألیفات کثیرة منها: ضوء النهار وهو شرح کتاب الأزهار لأحمد بن یحیی؛ شرح کتاب الفصول اللؤلؤیة للسید صارم‌الدین بن الوزیر في أصول الفقه؛ شرح مختصر المنتهی؛ شرح التهذیب في المنطق؛ عصام المتورعین، في أصول‌الدین؛ شرح کتاب القلائد لأحمد بن یحیی؛ حاشیة علی حاشیة سعد للکشاف؛ وله أشعار أیضاً (ن.م، 4/249-250).

7. عبدالله بن أحمد الشرفي، عالم ومفسر للقرآن

عاش في القرن 11ھ/17م ویعد من أبرز علماء هذا القرن، وله المصابیح في تفسیر القرآن في 6 مجلدات (ن.م، 4/266).

8. عبدالله بن عامر بن علي الحسني (تـ 1061ھ/1651م)

عالم و أدیب و شاعر. ابن عم الإِمام المنصور قاسم بن محمد. کان ممثلاً للدولة في عصره في «ذیبین» و «وادعة»، ومن تألیفاته: التصریح بالمذهب الصحیح، وهو مختارات من آرائه وآراء الامام یحیی الهادي. وقد أقام في هجرة (حموس) وتوفي في حوث (ن.م).

9. ابراهیم بن محمد بن قاسم (تـ 1145ھ/1732م)

عالم و فقیه و مؤرخ و قاضٍ، حفید الامام محمد (المؤید) بن قاسم بن محمد و من مؤرخي الیمن في القرن 12ھ/18م، ومن آثاره: طبقات الزیدیة الذي ألفه في 1134ھ/1722م، وقد ولّاه الإِمام المنصور علی منصب القضاء (ن.م، 4/233).

الفقهاء والعلماء الطباطبائیون في مصر

هاجر عدد من أولاد وأحفاد قاسم الرسيّ، وبعض إخوته أي الحسن بن إبراهیم و أحمد بن إبراهیم و أولاد عبداللَّه بن إبراهیم إلی مصر وأقاموا فیها (ابن عنبة، عمدة الطالب، 172، 176). وقد أنشأ هؤلاء بیتاً کبیراً في مصر، برز منهم خلال عدة قرون علماء وفقهاء واحیاناً ثوّار بارزون وکان یتمتع أحد افراد الطباطبائیین المتنفذین بمنصب «نقیب السادات». ولاتوجد لدینا معلومات وافیة عن أولئک العلماء، ولذلک یتعذّر الحدیث عن حیاتهم ودورهم العلمي والاجتماعي. وفیما یلي سرد لتراجم العلماء الطباطبائیین في مصر:

1. أحمد بن عبداللَّه بن ابراهیم الطباطبائي

عالم وثائر یسمیه ابن الأثیر أحمد بن محمد بن عبداللَّه بن ابراهیم ویذکر أنه ثار في 255ھ/869م، کما یذکر ابن عنبة أنه ثار عام 270ھ/883م، في منطقة بین برقة والاسکندریة بمصر مطالباً بالخلافة، ثم ذهب الی الصعید، وکثر أتباعه هناک وتقدّم في ثورته، وقدأرسل احمد بن طولون (220-270ھ/835-883م) جیشاً للقضاء علیه، فقتل أحمد في المعرکة التي احتدمت بینهم، وتفرّق أتباعه (الکامل، 7/217؛ عمدة الطالب، 172).

2. محمد بن اسماعیل بن قاسم الرسيّ المعروف بالشعراني

عالم ومحدّث ونقیب السادات الطباطبائیین في مصر في القرن 3ھ/9م، تولّی النقابة بعده ابنه اسماعیل ثم ابنه الآخر أحمد (ابن عنبة، 175).

3. أحمد بن محمدبن اسماعیل (281-345ھ/894-956م)

عالم و أدیب و شاعر و نقیب السادات الطباطبائیة في مصر. لایعرف عن حیاته شيء، ولکن من المعروف أنه توفي في مصر و دفن فیها، وقد ذکرت أشعاره في یتیمة الدهر للثعالبي و بعض الکتب الأخری (ابن خلکان، 1/129-130). وذکر ابن نظیف أنه توفي في 346ھ/957م (ص 137).

4. أبوالبرکات هادی بن الحسین بن محمد العلوی الرسّي

عالم و محدّث (ابن ماکولا، 4/205 الهامش).

5. أبوعبدالله الحسن بن ابراهیم الرسيّ (ن.م).

6. أبوابراهیم إسماعیل بن إبراهیم

من أحفاد الحسن بن ابراهیم طباطبا، توفيّ في مصر سنة 337ھ/948م (ابن عنبة، عمدة الطالب، 173).

7. أبوالحسن بن أبي محمد الحسن بن علي الملقّب بالجمل

من نسل الحسن بن ابراهیم طباطبا، عاش في مصر و توفيّ فیها (م.ن).

8. محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن ابراهیم طباطبا المعروف بـ «محمد الصوفي المصري»

عالم و متصوف (م.ن).

9. محمدشجاع بن أحمد بن الحسن بن طباطبا المعروف بالمستجدّ

مؤسس المستجدیة في مصر (م.س).

10. محمدبن أحمدبن الحسن بن طباطبا المعروف بـ «محمدالرئیس» (م.ن).

11. أبوالحسن علي بن محمد الصوفي

من نسل أحمد بن الحسن، ومؤسس سلالة (الکرکي) في مصر (م.ن).

12. علي بن محمد بن موسی المعروف بابن بنت فرعة

من أحفاد قاسم الرسّي (ابن عنبة، ن.م، 181).

13. أبومحمد عبدالله بن أحمد بن علي بن الحسن بن ابراهیم طباطبا (286-348ھ/899-959م)

من العلماء والأثریاء الطباطبائیین البارزین في مصر، ولد في الحجاز ثم أقام في مصر و توفيّ فیها، وکان مشهوراً بالجود والعطاء (ابن خلکان 3/81؛ ابن الدواداري، 1 (6)/ 145-146).

14. أبوالحسن علی بن الحسن بن ابراهیم طباطبا.

15. محمدبن أحمد بن علي (م.س).

16. محمدبن طاهربن علي بن أحمد

من کبار الأسرة، ومن المحدّثین المشهورین (م.س).

17. الحسن بن عبدالله بن محمد بن قاسم (م.ن).