الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / آل طباطبا /

فهرس الموضوعات

آل طباطبا

آل طباطبا

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/24 ۱۲:۱۰:۳۳ تاریخ تألیف المقالة

آل طباطبا، أسرة شیعیة إمامیة وزیدیة عاشت خلال 13 قرناً (2-14ھ/8-20م) في الحجاز والعراق والیمن والهند و مصر والشام وایران، حیث یتوزّع قسم منهم الیوم في العالم الاسلامي أیضاً.

 

نشأتها

یعتبر الامام الحسن بن علي (3-5ھ/624-670م) جد آل طباطبا الأکبر، ولهذا فقد اشتهروا بـ «السادات الحسنیّة»؛ وکان مؤسس هذه السلالة ابراهیم بن اسماعیل الدیباج بن ابراهیم بن الحسن بن الحسن (ع)؛ وابراهیم هو أول من اشتهر بـ «طباطبا»، وقد عزا البعض سبب اشتهاره بهذا اللقب إلی أنه کان یلفظ «القاف» طاءً، للثغة في لسانه، ولذلک کان یلفظ «قبا» «طبا» وعرف إثر تکرار هذه الکلمة بـ «ابراهیم طباطبا»، وأولاده وأحفاده بـ «ابن طباطبا» (الفیروزآبادي، 1/97)، وقال البعض الآخر إن: طباطبا تعني باللغة النبطیة «سیدالسادات»، و عندما أطلق سراح ابراهیم من سجن أبي جعفر المنصور الدوانیقي (تـ 158ھ/775م)، وسکن العراق مرغماً، دعاه الانباط المحلّیون في مابین النهرین بهذا الاسم، والرأي الأخیر أصبح (ابن‌عنبة، عمدة الطالب، 172) کان ابراهیم من أصحاب الامام الصادق (ع) ومن رواة الحدیث (المامقاني، 1/14)، وقد اتهم العلویون دولة الخلافة بالانحراف عن مبادئ الاسلام و غصب حق الامام علي (ع) وأولاده منذ البدایة، وخاصة عندما استولی الأمویون. علی العالم الاسلامي واستشهد الامام الحسین (ع) (4-61ھ/625-680م)، حیث کانوا یقومون أحیاناً بثوراث مسلحة. وکان ابراهیم نفسه شخصیة علویة معارضة للخلافة العباسیة، ولهذا السبب کانت الخلافة العباسیة تضایقه وتلاحقه دائماً، حیث سجن مدة طویلة و توفي في الکوفة دفن فیها (ابن عنبة، عمدة الطالب، 161)، وقد ثار أبوه اسماعیل الدیباج أیضاً في عصر خلافة الهادي العباسي (تـ 170ھ/786م) في المدینة مع أفراد آخرین مثل الحسین بن علی بن الحسن بن علي (ع) ویحیی وإدریس وعلي وعمر الأفطس،، وأخرجوا الحاکم العباسي من المدینة (المقدسي، 6/99)، وأخیراً قتل مع ابنه الآخر حسن (التج) في وقعة «الفخ».

و واصل ابنه محمد وأغلب أولاده و أحفاده الثورة بعده علی الخلفاء العباسین، وهاجروا الی أماکن أخری بسبب الظروف السیاسیة الصعبة في العراق والحجاز، ونظّموا القوی المعارضة للخلافة العباسیة سرّاً وعلانیة، وذهب محمدبن طباطبا أحد أحفاده إلی الیمن وتسنّم الحکم في سعدة (ابن خلدون، 4/245، 246) کما حکم أفراد آخرون من هذا البیت هذه المدینة وأقاموا دولة اتسعت رقعتها، حیث استمرت رغم حکمها المنقطع أحیاناً – إلی أواسط القرن 14ھ/20م (محیط، 41)، ولایعلم بدقة متی اعتنق هؤلاء المذهب الشیعي الزیدي بید أنهم کانوا ملتزمین بالآراء السیاسیة والفقهیة الزیدیة منذ أواخر القرن 3ھ/9م، حیث بدؤوا حکمهم في الیمن، وقد أجروا تغییرات في آراء هذا المذهب طوال القرون. وسافر قسم آخر من أحفاد ابراهیم طباطبا إلی ایران، وأقاموا في طبرستان والدیلم (مازندران و جیلان) وسعوا مع الشیعة الزیدیة الآخرین، بالعمل ضد العباسیین، إلی إیجاد حکومة شیعیة. وعندما توطّد حکم الطباطبائي في صعدة انجازوا إلیها ولاسیما من الناحیة السیاسیة والعقائدیة، ولم یتوانوا عن دعمها عسکریاً. وکان فرع من هذه السلالةیلقّب بـ (کیا) ویسکن في جیلان و مازندران أیضاً وکان لهم دور دیني وسیاسي واجتماعي مهم، وقد قتل أحدهم و هو «خرم کیا» في 674ھ/1276م ودفن في لاهیجان و نقش اسمه علی اللوح الحجري الذي نحت في سنة 1105ھ/1694م (ستوده، 2/98-100). ویبدو أنهم غیر السادات الأمیر کیائیة الحسینیین الذین کانوا یحکمون قسماً کبیراً من جیلان والمنطقة الشرقیة بمازندران منذ سنة 769 إلی 1000ھ/1368 إلی 1592م، (رابینو، فرمانروایان گیلان [حکام جیلان]، 131). کما ذهب حفید آخر لابراهیم الی أصفهان في أواخر القرن 3ھ/9م، وأقام فیها، وأکثر السادات الطباطبائیة في ایران من نسله، حیث رحلوا من أصفهان إلی زوارة وأردستان ثم ذهبوا إلی أماکن أخری وعهد إلی أغلب الذین رحلوا إلی تبریز في القرن 9ھ/15م منصب «شیخ‌الاسلام بآذربایجان» في عهد دولة الآق قویونلو، ثم انقسموا إلی بیوتات مختلفة بأسماء متنوعة مثل الوهابي والوکیلي والعدل و دیبا والقاضي (محیط، 41). وقد تزوّج زید الأسود وکان أحد السادة الطباطبائیة ابنة عضدالدولة «شاهان دخت» وذهب إلی شیراز وسکنها، والسادات الأنجویة في شیراز من نسله (ابن عنبة، الفصول الفخریة، 130)، وبرز من هذا البیت علماء وأ»راء وقضاة کثیرون؛ وکان الطباطبائیون في ایران کما یبدو من الشیعة الامامیة. وقد ذهب عدد من الطباطبائیین الی مصر، في القرن 3 و 4ھ/9 و 10م و تابعوا هناک حرکاتهم السیاسیة والفکریة والعلمیة، ولکنهم لمینجحوا في تأسیس حکومة لهم. وسکن بعضهم في الشام أیضاً منذ القرن 3ھ/9م؛ وتمکن یحیی بن قاسم بن ابراهیم الطباطبا الشهیر بالرسّی تولي إمارة الرملة بالشام، وکان قاسم‌بن محمدبن أحمد قاضي الشام منهم (ابن عنبة، عمدة الطالب، 175-176). ویبدو أن حماعة من أفراد هذا البیت وکذلک عدد من السادات الحسینیة اقاموا في الهند ایضاً منذ الأیام التي أبعد فیها قاسم الرسّی إلیها، وکان للسادة الطباطبائیة دور سیاسی ودینی واجتماعی مهم في شبه القارة الهندیة خلال القرون الوسطی والأخیرة، ولایعلم عنهم الکثیر. وقد ألف السید علي‌بن عزیزالله الطباطبائي الحسني في 1003ھ/1595م کتاباً بعنوان «تاریخ برهان مآثر» وطبع في دلهي سنة 1355ھ/1936م، و ورد في هذا الکتاب أسماء بعض کبار الطباطبائیین في الهند. منهم «سید شاه میرطباطبا» أحد علماء وأمراء هذه السلالة، وکان یعیش في الهند في القرن 10ھ/16م. ویقال إن شفاء مراکش أي – الشرفاء الحسنیین – الذین حکموا من 951ھ/1544م الی سنه 1069ھ/1659م، والشرفاء الفلالیین – الذین کانوا أمراء في مراکش من 1075 الی 1311ھ/1664 الی 1893م – کانوا من الطباطبائیین و من نسل قاسم بن ابراهیم (آیتي، 218).

ویبدو من المستحیل تدوین أنساب هذا البیت بشکل کامل رغم الشهرة الکبیرة التي حظی بها آل طباطبا في التاریخ. وفیما یلي سلالات آل طباطبا و شخصیاتهم العلمیة والسیاسیة استناداً إلی المراجع المتوفّرة:

 

دولة بني‌طباطبا في الکوفة

بدأت هذه‌الدولة في 199ھ/815م، ودامت سنتین، وأسسها أبوعبدالله محمدبن ابراهیم‌بن اسماعیل (173-199ھ/789-815م) المعروف بابن طباطبا، کان فقیها ومحدثاً وخطیباً وأدیباً وشاعراً ومنجّماً وثوریاً. ولد محمد في المدینة وقضی أکثر حیاته القصیرة فیها، ولعب کبقیة السادات العلوییّن دوراً مهمّاً في التيورات السیاسیة – الثوریة في عصره، وثار محمد في السنوات التي تلت وفاة هارون‌الرشید (148-193ھ/765-809م)، حیث نشبت الحرب حول الخلافة بین ولدیه الأمین (تـ 198ھ/814م) والمأمون (170-218ھ/786-833م) ودعا الناس الی البیعة لـ «الرضا من آل محمد»، وقیل إن نصر بن شبیب (شَبَث) التقاه، وکان أحد معارضي الخلافة العباسیة أیضاً. ویعتقد بأن محمداً أرفع شأناً من بقیة الشخصیات العلویّة المعارضة للعباسیین مثل عبدالله بن موسی بن عبدالله بن الحسن و علی بن عبیدالله بن الحسن بن الحسن (ع) الذین کانا لایریان جدوي من الحرب إلی خدما، ولهذا حثّه علی الثورة ضدالخلافة، وقد قدم محمّد الی العراق لتوسیع دائرة الحرکة الثوریة واستنجد بأتباع ومؤیدي نصر، ولکنهم لم یستجیبوا له في الکوفظ واعتذر نصر نفسه عن دعمه بسبب مخالفة قبیلته ومؤیدیه (الأصفهاني، 518-520)، فقصد المدینة مضطراً، ولکنه التقی وسط الطریق في «عانات» بأبي السرایا (السري بن منصور الشیباني)، الذي کان من قواد هرثمة بن أعین، وانفصل عنه. وبادر إلی تنظیم الثورة ضدالعباسیین، وکان کل منهما بحاجة الی مناصرة الآخر، فتعاهدا علی الثورة ضدالمأمون الذي سیطر علی العالم الاسلامي بعد انتصاره علی أخیه الأمین. وقد جمع أبوالسرایا ومحمد جیشاً یرتدي أفراده الملابس الخضراء، ودخلا الکوفة وفتحاها بعد هجوم صاعق سنة 199ھ/815م، فاستقبلهم الناس وبایعوا محمد (ابن کثیر، 10/244). وقد دعا الفاتحون حاکم الکوفة الفضل بن العباس للبیعة، ولکنه أبی واضطر للهرب الی بغداد، فارسل والي المأمون في العراق الحسن بن سهل (تـ 203ھ/818م) زهیر بن المسیّب مع عشرة آلاف مقاتل إلی الکوفة لإِخماد الثورة فیها، ولکنه تراجع مندحراً (العیون والحدائق، 3/345)، وفي الوقت الذي کانت تتسع ثورة الکوفه وتتوطّد دولة ابن طباطبا الجدیدة، توفي محمد فجأة. وقد ذکر أغلب المؤرخین أن أبا السرایا دسّ له السم، وذکروا أن سبب ذلک یعود الی أن محمداً کان قد عاتب أبا السرایا لهجومه المفاجئ ودخوله الکفوه قبل أن یدعو أهلها إلی التسلیم و‌ق المبادئ الاسلامیة، وکان وقع ذلک علی أبي السرایا کبیراً. کما ذکر أیضاً أن محمداً طلب من أبي السرایا أن یرجع جمیع أموال الکوفیین المسلوبة منهم وخالفه أبو السرایا في ذلک (الگردیزي، 172). کما قیل إنه خشي من شعبیة ابن طباطبا ونفوذه، وکان یراه عائقاً في طریق بسط نفوذه ووصوله الی الحکم (ابن الأثیر، 6/305، الأصفهانی، 531). ویبدو أن جمیع هذه العوامل دفعت أبا السرایا، الذي کان من الخوارج، کما کان لفترة رئیساً لعصابة من قطاع الطرق (الگردیزي، 171)، لإِزاحة محمداً من طریقه. وکان قد وصّی محمد في آخر لحظات حیاته أن یلي الإِمامه بعده علي بن عبیدالله، ولکنه لم یقبل ذلک، واختار أبوالسرایا، محمد بن محمدبن زیدبن علي لیقوم مقام ابن طباطبا وهو صبي (الأصفهاني، 532) وبهذا دصبح أبوالسرایا الأمیر المقتدر الذي لاینافسه أحد وقد أرسل المأمون قائده الشهیر هرثمة بن أعین لاخماد الثورة في الکوفه، فدارت حرب سجال في 200ھ/816 م بینه وبین أبي السریا وانتهت بهزیمة الأخیر، حیث أسر مع محمدبن محمد و أرسلهما هرثمة الی الحسن بن سهل في بغداد، فقتل الحسن بن سهل أبا السرایا و بعث بمحمد إلی المأمون في خراسان، ولکن محمد مات بعد مدة قصیرة أیضاً (الأشعری، 81).

وقد ذکر البعض أن الدافع لنهضة ابن طباطبا، هو أن نصر بن شبیب حثّه علی الثورة لأغراضه الشخصیة، ویعتقد البعض الآخر أن سلوک الحسن بن سهلٍ (154-202ھ/771-817م) التعسفي مع الناس وبني هاشم والعلویین في العراق، دفع محمداً إلی النهوض (ابن الأثیر، 6/302). ومع احتمال صحة هذه الآراء، إلّا أن عداء العلویین القدیم لسلطة الخلافة واعتقادهم بأنهم أولی بالامارة منهم، یؤکدان أن الحافز الأول والمهم لهذه الثورة وأمثالها هو إسقاط الخلافة الظالمة واستلام السلطة السیاسیة، ولهذا أعلن محمد نفسه خلیفة وأمیراً للمؤمنین بعد انتصاره بالکوفة وأخذ البیعة من الناس، وکان شعاره تنفیذ أحکام القرآن والعمل بالسنة النبویة، و نقش خاتمه الآیة القرانیة: «إن الله یحب الذین یقاتلون في سبیله صفاً کأنهم بنیان مرصوص» (الصف/ 61/4) (المقدسي، 6/109). ویدل أخذ محمد البیعة لنفسه وجعل الخلافة الاسلامیة باسمه مع وجود الامام الرضا (ع) في المدینة علی أن ثورته کانت مستقلة، أو علی الأقل لیست ذات علاقة مباشرة بالامام الرضا (ع).

وفي نفس السنّة التي شقّ فیها ابن طباطبا عصا الطاعة علی المأمون، ثار أهل المدینه بقیادة علويّ آخر هو محمدبن سلیمان‌بن داودبن الحسن‌بن الحسن بن علي (ع)؛ وقد ظهرت ثورة أخری أیضاً في ذلک الحین بقیادة الحسین بن الحسن بن علي [الأصغر] بن الحسین بن علي المعروف بـ «ابن الأفطس»، وکان ینحاز إلی محمد بن ابراهیم، في البدایة، ولکنه دعا الناس إلی البیعة لنفسه بعد وفاة محمد (المسعودي، 3/339-440). وفي ذلک الوقت بدأت ثورة في الیمن بقیادة ابراهیم بن موسی بن جعفر بن محمدبن علی‌بن الحسین (ع)، وثورة أخری في البصرة بقیادة علي بن محمدبن جعفر بن محمدبن علط بن الحسین (,) (ن.م، 3/439؛ الأشعري، 81).

 

دولة بني‌طباطبا الرسیّة في الیمن

انهارت دولة الطباطبائیین في العراق، ولم یصل الی السلطة من أولاد محمد بن ابراهیم أحد. ولکن أحد أحفاده «محمدبن الحسین بن جعفر بن محمد» ثار بعد مدة في الحبشة، کما ثار عمّه «محمدبن جعفر» في کرمان، ولکنه لم ینجح وأغدم شنقاً (ابن‌عنبة، عمدة الطالب، 173). وبعد أقل من قرن، أسس فرع من هذا البیت دولة في الیمن دامت سنین طویلةف ویذکر السیدحسن الأمین (11/70-71) أن الیمن – منذ البدایة وحتی التيورات الجدیدة للأوضاع السیاسیة والاجتماعیة في الیمن – حکمها 66 إماماً من هذا البیت، کان 59 منهم من نسل الهادي بن حسین بن قاسم بن ابراهیم طباطبا، و 5 منهم من ذریة أحد أحفاد الامام الحسن (ع)، واثنان من أحفاد علي بن محمد (ع) (214-254ھ/829-868م) إمام الشیعة العاشر. وقد مهّد لتأسیس هذه‌الدولة علی ید الهادي یحیی، فکریاً وسیاسیاً العالمان قاسم الرسّي وابنه الحسین.

وکان ترجمان‌الدین قاسم بن ابراهیم الرسّي (170-244ھ/786-858م) فقیهاً ومتکلّماً و محقّقاً ومؤلّفاً، ومکافحاً، ولد في المدینة ونشأ و تعلم عند أبیه و علماء آخرین من قومه، وعاش مدة في الرّس (جبل قرب‌المدینة) ولهذا عرف بالرسيّ (شرف‌الدین، 4/225-226)، وانتقل هذا اللقب إلی أولاده وأحفاده في الیمن ومصر والهند. طلبه المأمون بعد إخماد ثورة أخیه محمد في العراق، ولکنه هرب إلی الهند وتوفي هناک سنة 245/859 وعاد ابنه حسین إلی الیمن (القلقشندی، 5/47). واما ابن عنبة فیقول بانه أقام في جبل الرّس وکان یأخذ البیعة باسم «الرضا من آل محمد» (عمدة الطالب، 175). ویذکر أن أتباعه بایعوه في 221ھ/835 م وتوفي في الرسّ في 246ھ/860 م (ن م). وبهذا تولّی قاسم إمامة الزیدیة بعد أخیه و خلّص هذه الفرقه من التشتّت (المقریزي، 12). وهو یحظی عند الزیدیین باحترام ومنزلة خاصة، لکونه أولاً الجد الاعلی للملوک والأئمة الزیدیین في الیمن، وثانیاً کانت لأفکاره وآرائه الفقهیة من الأثر البلیغ في نشر المذهب الزیدي هناک فعرفت زیدیة الیمن بـ «القاسمیة» أیضاً (ابن الندیم، 274). وکان لقاسم أتباع له خارج الیمن، فقد ساعدت تعالیمه علی نشر المذهب الزیدي في أماکن أخری. وانتقل بعض أولاده وأحفاده ألی مصر وقاموا بنشر مذهبهم. وکان أحد أتباعه «جعفر بن محمد النیروسي، من إهالي مدینة نیروس رویان (ناحیة في الدیلمان القدیمة) فدعا إلی المذهب الزیدي في «رویان» و «کلار» و مهّد لنشر الاسلام في جیلان (مادلونغ، 4/179) ویری البعض أن قاسماً کان معتزلیاً (لین پول، تاریخ الدول الاسلامیة، الترجمة الفارسیة، 1/180)، ولکن یبدو أن هذا غیرصحیح. وله تألیفات في الفقه والکلام والتارخی هي: الدلیل علی الله الکبیر؛ المکنون؛ صفة العرش والکرسي وتفسیرها؛ الهجرة؛ العدل والتوحید ونفي الجبر والتشبیه؛ الدلیل الصغیر؛ مسألة الطّبریّین؛ الامامة؛ المسترشد؛ سیاسة النفس؛ القتل والقتال؛ المدیح الکبیر للقرآن المبین؛ المدیح الصغیر؛ الناسخ والمنسوخ؛ الرد علی الزندیق اللعین ابن المقفع؛ الرّد علی الملحد؛ الرد علی الروافض من أصحاب الغلو؛ الرد علی النصاری.

ویذکر بروکلمان أن أغلبها خطیة وموجودة في مکتبات انجلترا وألمانیا، وإیطالیا (تاریخ الأدب العربي، 3/325-327).

وکان ابنه الحسین الرسّي أیضاً من الفقهاء والمحقّقین المناظلین الطباطبائیین؛ نشر المذهب الزیدي وآراء هذه الفرقة الفقهیة في الیمن وأبوه علی قید الحیاة، وبذلک انتشر المذهب الشیعی الزیدي ونما في الیمن إلی جانب المذاهب الاسلامیة الأخری، وبعد مدة قصیرة أصبح أکثر المذاهب الاسلامیة نفوذاً في تلک المنطقة، ممّا ساعد علی التمهید لانشاء دولة بني طباطبا، وکان أئمتها:

 

1. الهادي الي الحق یحیی بن الحسین (245-298ھ/859-911م)

فقیه و متکلّم و محقّق ومحدّث و أدیب و شاعر و مناضل و أؤل إمام شیعي زیدي في الیمن. ویذکر أنه ولد سنة 220ھ/835 م(الزرکلي، 9/170) في المدینة (شرف‌الدین، 4/227)، وفیها نشأ وتررعرع، ودرس علوم زمانه علی أبیه و غیره من علماء قومه، واشتهر بالعلم والفقه، وکان موضع ثناء لعدله وشجاعته و ثباته و قیل أنه کان یلبس الصوف دائماً (ابن عنبة، عمدة الطالب، 177). وقد دعاه بعض الأمراء وعلماءالدین في الیمن لتولّي الامامة وإخماد نیران الفتنة والوقوف أمام تشتّت هذه الفرقة، فسافر إلیها سنة 280ھ/893م، ولکنه لم یجد أتباعاً مخلصین ذوي عزم؛ فقفل راجعاً إلی المدینة، ثم جاءه بعد ذلک رسل أوفدهم أعیان الیمن وطلبوا منه الرجوع إلیها، وعاهدوه علی الطاعة التامة وقتال أعدائه ومخالفیه، فتوجّه إلی الیمن ثانیة في 284ھ/897م، وأقام في صَعدة، ثم رحل إلی صنعاء سنة 286ھ/899 م وجعلها مرکزاً لامارته (شرف‌الدین، 4/226)، وهبّ الزیدیون في الیمن لمساعدته، وقد بدأت ثورته في عصر المعتضد العباسي أبي العباسي أحمدبن الموفق (تـ 289ھ/902م)، وأخذ نجمه یتألق بعد مدة قصیرة، فحارب ولاة العباسیین من جهة والحکام المحلیین في الیمن من جهة أخری، ولکن القوی المحلیة أمثال آل یَعفُر ویعتقد أنهم من أخلاف حمیر في صنعاء وکحلان (القلقشندي، 5/47)، وآل الضحاک و آل طریف ودعام والقرامطة وأتباع علي بن الفضل القرمطی (تـ 303ھ/915م)، وجدوا أنهم امام منافس سیاسی قوي وأن سلطتهم في خطر فتصدوا له، إلّا أن یحیی تغلّب علیهم و وسعّ مناطق نفوذه، کما بایعه أحد ملوک الیمن أبو العتاهیة الهمداني مع قبیلته وجمیع أتباعه، وبایعته بعض قبائل الخولان وبني الحارث بن کعب وبنی عبدالمدان (الزرکلي، 9/171؛ الأمین حسن، 11/71). وبعد استقرار إمامة یحیی انفصل جزء کبیر من الیمن عن الخلافة العباسیة عملیّاً فقد بایعه الناس إماماً وأمیراً للمؤمنین في 288ھ/901م وکان أبوه علی قید الحیاة، وتوطّدت إمارته في صنعاء وضرب النقود باسمه وهذا مایؤید استقلاله عن سلطة الخلافة. وقد اتّسع نفوذه إلی حد أن حاکم مکة کان ینقادله، وخطب باسمه في هذه المدینه لمدة سبعة أعوام، واستولی یحیی علی صنعاء ونجران و بقي مدة فیهما، ولکن أبناء یعفر استرجعوا صنعاء منه بعد مدة، وبهذا انتقلت دولة یحیی الی مدینة صعدة. وکان أحد اسباب بسط نفوذه أنه صالح بین المسلمین ونصاری نجران و کذلک بین القبائل المتطاحنة وتوفيّ في صعدة. (بروکلمان، تاریخ الشعوب الاسلامیة، 228؛ الزرکلي، 9/171).

وکان یحیی من فقهاء الزیدیة المشهورین، کما کان لآرائه الفقهیة والکلامیة دورٌ کبیر في تکوین المذهب الشیعي الزیدي وتدوینه، وقد خالف البعض آراءه بعده (شرف‌الدین، 4/225)، ویقرب فقهه من الفقه الحنفي (ابن عنبة، عمدة الطالب، 177). ومن فتاواه المشهورة أن أهل الذمّة (النصاری والیهود) لایستطیعون أن یمتلکوا في‌الدولة الاسلامیة إلّا الأراضي التي ورثوها من أجدادهم، ولهذا کانوا لایقدرون علی شراء الأراضي من المسلمین، وعلیهم أن یعیدوا الأراضي التي اشتروها بعد الفتح الاسلامي إلی أصحابها المسلمین. وکان یرید بهذه الفتوی أن یسدّ کل سبل حاجة المسلمین للکفار. وبناء علی ذلک کان یری من الواجب شراء الرقیق المسلمین و تحریرهم منِ الکفار واستخراج ذلک من بیت‌المال أوالزکاة. وله اقوال مأثورة وحکم مشهورة منها «لیس الإِمام من احتجب عن الضعیف في وقت حاجة مُلظّة» (شرف‌الدین، 4/228، 229). وکان في صراع دائم مع القرامطة والباطنیة وقیل إه اشترک في نیف وثمانین معرکة، کان یقود أغلبها بنفسه، وقد ذکر بعض حروبه في شعره (م.س)؛ وعمل حفیده یحیی بن محمدبن الهادي علی ترسیخ آرائه السیاسة والفقهیة في شمال ایران والدیلمان، التي تداخلت مع عقائد المذهب الزیدي الناصري الذي ینسب الی ناصر الاطروش، الداعي الکبیر لحسن بن زید (تـ 270ھ/883م) (ن.م، 4/227).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: