آسیا، أکبر قارات العالم وأکثرها سکاناً، تبلغ مساحتها 44 ملیون کم2 تقریباً، أي مایعادل   مساحة الکرة الأرضیة، و عدد نفوسها 2722 ملیون نسمة (1982م). تقع في النصف الشمالي من الکرة الأرضیة، بین القسم الشمالي من المنطقة الحارة والقطب الشمالي. ویقع أقصی حد شمالي لهذه القارة في شبه جزیرة تایمیر الواقعة علی دائرة عرض   و 40‌′ شمالاً في المحیط المنجمد الشمالي، وأقصی نقطة جنوبیة لها رأس شبه جزیرة مالاکا الواقعة علی دائرة عرض   و 60‌′ شمالاً بالقرب من خط الاستواء (نیف، 211).

تسمیتها

لایعرف بالضبط منشأ اسم آسیا. ویری هیرودوتس (تـ حـ 425ق.م) أن الیونانیین کانوا یتصورون أن اسم آسیا من (برومیثیوس). وکما یعتقد اللیدیون أنه من آسیس بن کوتیس (م.ن، 285). أما المتأخرون فیرون أن کلمة آسیا من الکلمة الآشوریة أو الفینیقیة آشو أو آسو، والتي تعني شروق الشمس والأرض الواقعة شرقاً. و یقابلها في هذه اللغات، لفظة أرب، التي تعني غروب الشمس ومنها اشتقت کلمة أوروبا (اعتماد السلطنة، 64)، و شبه جزیرة العرب (برونینغ، 9).

القسم الأول – طبیعتها

الموقع الجغرافي

تعتبر آسیا أکثر أجزاء الیابسة تنوعاً من حیث التضاریس الأرضیة والمناخ، وتتمتع بموقع ممتاز لاتصالها ببقیة القارات. ویمکن اعتبار البحر الأحمر وقناة السویس الحد الفاصل بین آسیا و أفریقیا رغم وجود الشکوک حول إمکانیة اعتبار شبه جزیرة العرب جزءاً من قارة آسیا من حیث البنیة الطبیعیة، وذلک للوشائج الثقافیة الموجودة بینها (برونینغ، 10).

أما الحد الفاصل بین آسیا و أوروبا فأکثر وضوحاً نسبیاً. فالحدود القدیمة والتقلیدیة بین هاتین القارتین هي جبال الأورال و امتدادها الشمالي و جزیرة نووایا زملیا (الأرض الجدیدة)، إلا أنه لایمکن اعتبار هذه الجبال حداً فاصلاً بین القارتین. وکذلک فإن لفظة أوراسیا تدل علی أن أوروبا لیست إلا شبه جزیرة من آسیا الکبری (نیف، 211). أما القسم الجنوبي من الحدود بین أوروبا و آسیا و نعني به مضیق الدردنیل و البوسفور و بحر مرمرة فیعتبر أکثر وضوحاً بالنظر الی الصلات التاریخیة – الثقافیة (برونینغ، 10). و تتصل آسیا من الجهة الشمالیة الشرقیة بسواحل أمریکا الشمالیة تقریباً، حیث یفصل مضیق بیرنغ الضیق الذي یبلغ عرضه 85 کم بینهما. و یمکن أن نعد جزر سوندا و هالما هیرا الحد الطبیعي والثقافي لآسیا من الجنوب الشرقي، حیث تقع غینیا الجدیدة علی حافة قارة أسترالیا الغائرة، ویختلف سکانها المحلیون عرقاً وثقافة عن أکثر سکان هذه الجزر الملاویین (ن.م).

طبیعتها الجیولوجیة و تضاریسها

تتکون طبیعة قارة آسیا الجیولوجیة من ثلاثة عناصر مختلفة ساهمت في تکوینها، ‌‌في الشمال والشرق والأقسام الوسطی نجد الکتل القدیمة المختلفة، التي تکوّن النواة الأصلیة للقارة، وتقع تحتها سیبریا الوسطی (انگارالاند) التي تعتبر بدایة لها وتشتمل علی أکبر قسم منها (نیف، 211؛ شاباد، 10-11). ویقع مقابل ذلک وفي الجنوب کتلتا الهند و شبه الجزیرة العربیة اللتین تعرضتا لحرکات أرضیة؛ أي قسمان من الأرض القدیمة جوندوانالاند (بلنک، 55؛ بومون، 20-23). وبین هذین القسمین یوجد حزام واسع من السلاسل الجبلیة أکثر حداثة تعود إلی آخر العصر الوسیط (المیزوزویک) وقد تکونت إثر التواءات العهد الثالث (بلنک، 66 و مابعدها). وفي الوقت الذي کانت فیه الکتل الصلبة المنجمدة الشمالیة في العصور الجیولوجیة الأولی یتصل بعضها ببعض بواسطة المواد المنصهرة، وتکوّن نواة قارة آسیا، نجد أن القارة الجنوبیة الکبیرة جوندوانالاند التي کانت تضم الهند وشبه جزیرة العرب وأفریقیا وأسترالیا تتعرض في العصر الجوراسي للانقسام و تظهر الأقسام القارّیة التي نراها الیوم (نیف، 212؛ اشمیدر، 10-11). کماکان للضغط الناجم من ترسب الکتل الرسوبیة في بحر تتیس في العصر الثالث أکبر الأثر في ظهور التضاریس ذات الالتواءات الشدیدة والممتدة الیوم من القفقاس الی جنوبي شرقي آسیا (گروسه، 5؛ بومون، 20). وقد ظهرت آسیا الشمالیة والجنوبیة کقارة منفصلة نتیجة لهذه العملیات الباطنیة (التکتونیة). وانقسم جزء من المناطق التي تعرضت سابقاً الی حرکات أرضیة الی عدة أقسام وظهرت علی شکل جزر أو ارتفاعات أو انخفاضات واسعة، ولاشک في أنه کان للکتل البرکانیة في الأعماق السحیقة من الأرض نشاط یتصل بالبراکین السطحیة التي لاتزال نشطة حتی الیوم. ولحرکات القشرة الأرضیة صلة بالمرحلة النهائیة لهذه الالتواءات الباطنیة، حیث بدأت بصورة رئیسة في العصر الحدیث القریب البلیوسیني (برونینغ، 13). وإثر هذه الحرکات الأرضیة الالتوائیة انفصلت آسیا الجنوبیة والشرق الأوسط الحار والجاف وآسیا الوسطی ذات الشتاء البارد الجاف والأقسام الحارة والموسمیة لآسیا الجنوبیة الشرقیة بعضها عن بعض (بلنک، 55). والیوم، وکما تشیر الزلازل المتعددة، لاتزال الحرکات الأرضیة في آسیا مستمرة (نیف، 213). وتعدّ الجبال الالتوائیة الحدیثة الممتدة في قارة آسیا من الغرب الی الشرق بصورة عامة القاعدة الاساسیة لهذه القارة. وقد أدت هذه الجبال إلی تکوین الهضاب والسهول المرتفعة في الغرب وفي آسیا الوسطی غالباً والتي تعتبر من أهم عناصر البنیة السطحیة للأرض في آسیا. وتشتمل مثل هذه الأشکال علی سهول وهضاب مختلفة الارتفاع من هضبة التیبت التي یبلغ معدل ارتفاعها 4000 م عن سطح البحر وحتی منخفض تورفان الذي ینخفض عن مستوی سطح البحر (ایست، 2). وتشکل المصاطب الضبیة عنصراً آخر من التضاریس في آسیا والتي تقع علی حافات الجبال الالتوائیة والسهول المرتفعة؛ ومن أبرزها هضبة شبه جزیرة العرب وسیبریا والهند (برونینغ، 13). والی جانب الأشکال السالفة، توجد السهول المنخفضة الواقعة عند حافات الجبال والتي تختلف بنیتها الجیولوجیة، وتجري فیها الأنهار الکبیرة، حیث توفر أسباب نشوؤ الحضارات الانسانیة وتطویرها، وکذلک البیئة الملائمة لحیاة نصف سکان العالم. وأهم هذه المناطق مند العصور القدیمة هي سهول دجلة والفرات والسند والکنَج و البراهمابوترا وسهول الأنهار الواقعة في جنوب شرقي آسیا وآسیا الجنوبیة وکذلک سهول سیبریا الواسعة (ن.م؛ بلنک، 61 و مابعدها) وللبراکیَن في آسیا دور مهم في البناء الجیولوجي والأشکال التضاریسیة (بومون، 25). وتکثر البراکین الخامدة أو النشطة في الجزر الیابانیة وجزر جنوبي شرقي آسیا أکثر من أي مکان آخر. وتتزامن نشاطات هذه البراکین عادة مع الزلازل في الیابسة والبحار والتي تحدث إثر الحرکات الأرضیة الباطنیة (التکتونیة) فقط وتلحق الخسائر عادة بسکان تلک المناطق (نیف، 213؛ وآن، 13-17). والسواحل في آسیا متنوعة في تکونها وأهمیتها (بلنک، 77-78؛ سینغ، 11-13؛ ایست، 450-451). واستناداً الی هذه الخصائص، فان آسیا تنفرد بین القارات الأخری في وجود الکتل والسلاسل الجبلیة المتفرعة عنها. وتؤدي الاختلافات الشیدیدة في التضاریس من حیث الارتفاع والانخفاض أي وجود الأراضي السهلیة المنخفضة الواسعة الی جانب الأراضي المرتفعة الواسعة والسلاسل الجبلیة، وکذلک اختلاف هذه السلاسل الجبلیة من حیث التکوین إلی وجود ظروف خاصة و تنوع إقلیمي في هذه القارة، لایمکن مشاهدته في مناطق أخری من الکرة الأرضیة (گروسه، 6-8؛ برونیغ، 10).

ویمکن تقسیم التضاریس في آسیا الی أربعة اقسام: الف. السهول الشمالیة المنبسطة؛ ب. المثلث الأوسط للجبال والهضاب؛ ج. الهضاب الجنوبیة القدیمة؛ د. أودیة الأنهر الواسعة (ألوي، 151). وتحتل الجبال معظم مساحة آسیا.

وتشکل السهول   مساحتها، کما ترتفع حوالي   مساحتها أکثر من 1000 م عن سطح البحر (بروشرت، 5/2). وتحیط الهضاب والسهول المنبسطة بالکتل الجبلیة الوسطی من جمیع الجهات. ولاتحتوي آسیا علی أعلی القمم الجبلیة في العالم فق (جبال الهملایا مع القمم الکثیرة التي یزید ارتفاعها عن 8000م وقمة ایڤرست التي ترتفع 8848م عن سطح البحر) (بلنک، 282)، بل تحتوي في حافتها الشرقیة علی أعمق المنخفضات البحریة (حیث یبلغ منخفض الفلیبین حوالي 10516م) (نیف، 290).

المناخ

تتمتع هذه القارة بأنواع مختلفة من المناخ و ذلک بسبب امتداد رقعتها وتنوع العوامل الجغرافیة المؤثرة في المناخ، کدائرة العرض، وتباعد التضاریس واشکالها والقرب والبعد عن البحر (نیف، 214). وتقع القمم الاسیویة المرتفعة من الناحیة الاقلیمیة في المناطق التي یغطیها الصقیع دائماً. ومن جهة أخری فان الأقسام الواسعة من هضاب التیبت ترتفع الی درجة أن کثافة الهواء فیها تقل عن نصف کثافة الهواء في المناطق التي تقع علی مستوی سطح البحر. وتفصل الجبال الممتدة في المناطق الوسطی من آسیا من الغرب الی الشرق أقساماً واسعة من شمالي القارة عن جنوبیها والشرق الأوسط، وتؤدي إلی إیجاد خط اقلیمي مستقیم معین، بینما توجد في الأراضي المرتفعة عند الحافات الجبلیة سهولاً ذات مناخات مختلفة (بلنک، 76-77). ویختلف المدی الحراري في آسیا أکثر مما هو علیه في القارات الأخری. و یعود السبب في ذلک الی موقعها الجغرافي ومساحتها الواسعة جداً باعتبارها أرضاً یابسة متصلة. وتوجد في آسیا أبرد المناطق في العالم، حیث تنخفض درجات الحرارة في سیبریا إلی -   (فرخویانسک)، بینما ترتفع درجة الحرارة في صیفها القصیر الی  . کما أن الأقسام الجنوبیة منها باردة جداً في الشتاء أیضاً. فعلی سبیل المثال یبلغ معدل درجة حرارة کانون الثاني-   في شرق بحیرة بایکال (بریتاینکا، پوکشیشفسکي، 237؛ شاباد، 26-27). ومن جهة أخری، فان أکثر مناطق العالم حرارة تقع في آسیا أیضاً، حیث نجد مثلاً أن یعقوب آباد الواقعة علی الحدود الشرقیة لبلوچستان تحتفظ بأعلی معدل شهري لدرجة الحرارة علی الکرة الأرضیة یبلغ   (برونینغ، 14.).

کما تختلف کمیات الأمطار المتساقطة علیها. فمعدل سقوط الأمطار یقل عن 200 ملم سنویاً في مناطق واسعة من بلادما بین النهرین و شبه جزیرة العرب و سهول آسیا الوسطی والشرق الأوسط (فیشر، 65-68؛ شاباد، 25). وعلی العکس من ذلک فان معدل هطول الأمطار سنویاً في تشیرا بونتشي في آسام والسفوح المطلة علی البراهماپوترا یصل إلی 11430 ملم (چادهوري، 37).

إن آسیا بمساحتها الواسعة جداً واتصال بعضها ببعض أدی بصورة طبیعیة الی تعدیل هبوب الریاح في العالم. ونجد أن للتضاریس دوراً مهماً في هذا المجال. ونظراً لوقوع أکثر مناطق شمالي آسیا ضمن هبوب الریاح الغربیة القاریة، تسیطر علیها في الشتاء نتیجة لاختلاف تعرضها لحرارة الشمس، منطقة ضغط عال مستمرة تؤدي الی هبوب الریاح الباردة جداً من قمم الجبال والمرتفعات نحو بحر أُخوتسک ومنشوري (منچوري) کما تؤدي منطقة الضغط العالي هذه الی هبوب ریاح شدیدة وعواصف في الأقسام المکشوفة والمستویة من شمالي آسیا (نیف، 221). أما التیارات الدوریة العکسیة الشتویة في آسیا الشمالیة فانها تؤثر علی الحافات الشمالیة للمرتفعات و تؤدي الی هبوب بریاح شرقیة علی هذه الأقسام فقط دون أن تصل الی هضبة التیبت والجبال المرتفعة حولها. وتعمل المناطق السهلیة المنفصلة علی تکوین نطاقات من الریاح الشتویة الباردة حیث ترتبط شدة البرودة في هذه المناطق بخصائص الجبال والمرتفعات المحیطة بها (برونینغ، 15). ولیس للریاح الموسمیة التي تهب من شمال الهند وجنوبي شرقي آسیا في الشتاء أیة علاقة مباشرة بالتیارات الدوریة العکسیة في آسیا الشمالیة (بلنک، 47 ومابعدها). وفي المقابل، نحد أن الریاح الموسمیة الشمالیة الشرقیة تهب من منطقة الضغط العالي الآسیویة الشمالیة باتجاه الیابان وبحر الصین الشمالي (ایست، 357؛ نیف، 256). ویقع مرکز الضغط العالي للهواء الشتوي في القسم الشمالي من جبال آلتاي (برونینغ، 15). وتکون الریاح الشتویة جافة جداً؛ وتکتسب الرطوبة بعد اجتیازها البحار فتؤدي الی هطول الأمطار (برونینغ، 16). وتعتبر الریاح الموسمیة الشتویة في جنوبي شرقي آسیا العامل الأساس في تساقط الأمطار. کما أن هذه الریاح تعتبر ریاحاً موسمیة غربیة في سومطرة وبورنیو وجاوة التي تختلف عن الریاح الموسمیة الغربیة الصیفیة التي تهب علی الهند (بلنک، 47 وما بعدها) وتترکز في الصیف، منطقة ضغط منخفض علی قارة آسیا، تؤدي إلی اتجاه الریاح الغربیة للمناطق الداخلیة الحارة الی الأقسام الشمالیة، وعلینا أن نأخذ بنظر الاعتبار أیضاً التأثیر الیسیر لمرتفعات غات الغربیة والهملایا التي تؤدي إلی تصاعد ریاحها الموسمیة الصیفة.

وتصبح الریاح الموسمیة الغربیة حارة في الأقسام الداخلیة من الهند، أي في المناطق التي تبعد عن جبال هملایا. وتبدأ الأمطار الموسمیة کظاهرة طبیعة وفي زمن خاص. وعلاوة علی أن الریاح الموسمیة الصیفیة في آسیا الشرقیة ضعیفة جداً یجب ألاتعتبر کالرباح الموسمیة الحارة في آسیا الجنوبیة (برونینغ، 16). وبالاضافة إلی الریاح المتغیرة والمنتظمة في آسیا الجنوبیة، یجب ذکر التایفون أو العواصف. وتتکون هذه الریاح في شمال خط الاستواء، وتهب باتجاه الشمال الغربي والشمال، ومن ثم تغیّر اتجاها نحو الشمال الشرقي والشرق. وتهب ریاح مشابهة، في فترات تغییر الفصول، علی بحر عمان والخلیج‌الفارسي أي في حزیران وتشرین الأول. ویشتد هبوب هذه الریاح علی خلیج البنغال خلال شهري تموز وأیلول. کما تشتد علی شرق بحرالصین خلال شهر أیلول (برونینغ، 17).

المیاه: تعتبر هذه القارة أکبر الأحواض المائیة في العالم بسبب اتساع الأقالیم الحافة في الأقسام الداخلیة منها. وتبلغ مساحة هذا الحوض حوالي 13،000،000کم2، أي حوالي   الیابسة في العالم (برونینغ، 19). وبالاضافة إلی ذلک، توجد أحواض أقل مساحة في شبه جزیرة العرب و سوریا و آسیا الصغری (بومون، 82). کما یشاهد فیها أنهار کبیرة کـ سیر دریا وآمودریا (سیحون و جیحون) أوتاریم تصب في بحیرات داخلیة أوتغور في رمال الصحراء (اشمیدر، 369-370؛ نیف، 216). وتعتبر شبکات الأنهار الکبیرة في آسیا من أکبر شبکات المیاه علی سطح الأرض. وتنبع هذه الأنهار من سلاسل الجبال المرتفعة، وتتجه نحو الشمال والشرق والجنوب الشرقي لتصب في البحار المحیطة بها (برونینغ، 20). وتختلف کمیات المیاه الجاریة في الأنهار الآسیویة اختلافاً کبیراً باختلاف الفصول واسنوات (بومون، 82-83؛ کول، 39). وتتجمد میاه الأنهار الواقعة في سیبریا في بعض فصول السنة، إلا أنها تبدأ بالجریان في الربیع وأوائل الصیف من الجنوب إلی الشمال، مسببة بعض السیول والفیضانات نتیجة لذوبان الثلوج (شاباد، 22-23). وتفیض المیاه في أنهار جنوبي شرقي آسیا صیفاً إثر تماقط الأمطار الموسمیة (بلنک، 62). کما تفیض میاه نهري دجلة والفرات في أیام الربیع، وتقل في هذین النهرین في الخریف (اشمیدر، 74-75). وتوجد في آسیا بحیرات کثیرة، منها الداخلیة في المنخفضات کالخزر وآرال والبحیرات الواقعة في سهول قرقیزستان والبحیرات المتکونة نتیجة العوامل الباطنیة (التکتونیة) (کبحیرة بایکال التي یزید عمقها عن 1700 م) (شاباد، 23). کما توجد من جهة أخری، البحیرات التي تتکون نتیجة لانغلاق اطراف الودیان والسهول أو لانسداد الدلتاوات الکبیرة للأنهار (کالبحیرة الواقعة في دلتا الهوا نگهو والیانغ تسه کیانغ، والمیکونع). کما توجد بحیرات صغیرة کثیرة في فوهات البراکین الخامدة (کجاوة ومنچوري) (برونینغ، 20).

النباتات والحیوانات

تحتوي آسیا علی أکثر أنواع النباتات ‌في العالم (نیف، 218). ولایمکن دراسة النبات الطبیعي في تنوعه وخصائصه إلا علی ضوء الظروف المناخیة للأقالیم و ذلک لارتباطها ارتباطاً وثیقاً بهذه الظروف. و تمتاز المراعي الطبیعیة في الشرق الأوسط عامة بشجیراتها المتناثرة ونباتاتها الشوکیة (بومون، 109؛ مینشینغ، 31). کما یمتاز مناخ الغابات في جمیع الجزر الواقعة في آسیا الجنوبیة بالرطوبة. حیث تتساقط الأمطار في جمیع أیام فصول السنة وتوفر الظروف المناخیة الملائمة للأراضي السفناء، والتي یطلق علیها اسم إقلیم الغابات الموسمیة (سینغ، 42 و مابعدها) أما مناخ الأراضي السفناء الجاف فیسود الهند أکثر من أي مکان آخر في الوقت الذي لایتوفر في جنوب شرقي آسیا بسبب طبیعتها الجبلیة. ومن الممیزات الخاصة للنباتات الطبیعیة في آسیا الشرقیة أنها تربط بین نطاق الغابات الشمالیة التي تقع إلی الشمال من الغابات الصیفیة الخضراء، و بین نطاق الغابات الاستوائیة بینما نجد في المناطق الأخری نطاقاً من النباتات الصحراویة و من الأعشاب السهلیة (الاستیبس) بین النطاقین المذکورین. کما توجد في الصین مناطق واسعة من السهول التي تتحلّلها الأشجار (ایست، 360). أما الجزر الیابانیة فتغطیها أنواع الأشجار الخاصة بمناطق الغابات الأستوائیة و نصف الاستوائیة (وآن، 32-33). و یرتبط تکوین المناطق ذات الحشائش والصحاري باختلاف کمیات تساقط الأمطار في مختلف الفصول و تغیر درجات الحرارة، وذلک في نطاق الضغط العالي نصف الاستوائي. و تنفصل الصحاري الواسعة في آسیا غالباً عن مناطق (الاستبس) (شاباد، 31).

وتتکون النباتات الطبیعیة في وسط آسیا و شمالها من النباتات الشوکیة والمقاومة للملوحة في المناطق الصحراویة، ومن الغابات في المناطق الجبلیة المرتفعة قلیلاً. ومن الغایات الصنوبریة في الأقسام التي یزید ارتفاعها عن ذلک و تنتهي في الأقسام الشمالیة بالمراعي والأعشاب الألبیة، حیث تقع بعدها الودیان الجرداء والثلاجات (پوکشیشفسکي، 195؛ کول، 47).