الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / آخر الزمان /

فهرس الموضوعات

آخر الزمان

آخر الزمان

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/2 ۲۰:۰۱:۰۹ تاریخ تألیف المقالة

و جاء في کتب هذه الفترة، ککتاب النبي حزقیال و أجزاء من کتاب أشعیاء المشهور بـ «اشعیاء الثاني» (أشعیاء، 40: 1 و 55: 13) و «أشعیاء الثالث» (أشعیاء، 56: 1 و 66: 24)، و کتاب زکریا و حزقیال و دانیال و عدد من الکتب. الأخری، ذکر للمصائب و المحن التي ألحقها البابلیون ببني إسرائیل الذین تحملوا الذّل و الهوان في فترة الأسر واعتبارها بمثابة العقاب الالهي و جزاءً لذنوبهم التي اقترفوها. و ان غایتهم و منتهی آمالهم و انتظارهم هو العودة إلی أورشلیم، و إعادة بناء الهیکل، و ظهور حاکم من ذریة داود و تحقق الوعد الالهي في أرض المیعاد «بقلب جدید، و روح جدیدة طاهرة من الذنب» (حزقیال، 11: 17-20 و 34: 11-24 و 36: 1-38 و 40: 1-48).

و من تکهنات حزقیال هو هجوم «جوج» (یأجوج) من أرض مأجوج علی بني إسرائیل، و بعد استقرارهم في أورشلیم سیبیده الله وجیوشه، ثم لاتستطیع أیة قوة أخری أن تتعلب علی هؤلاء القوم (38: 1 و 39: 29).

و في الفترة التي کلَّف فیها کوروش زرو بابل بإعادة الیهود الی أورشلیم و إعادة بناء المدینة نری أن زکریا اعتبره ذلک الحاکم المنتظر الذي هو من ذریة داود (4: 6-7) و اعتبر أشعیاء الثاني کوروش «المسیح» أو ذلک الحاکم الذي أرسله اللَّه لینفذ الیهود من الأسر و یمهد للدولة الالهیة (أشعیاء 44: 28 و 45: 1). و جاء معنی «آخر الزمان» في کتاب ملاخي الذي یبدو أنه أُلف في القرن 5 ق.م، بمعنی الایمان بالأخرویات کالبعث و-الحساب بشکل أوضح. و قبل أن یحل «الیوم العظیم و المهیب للَّه» سیظهر لانبي إیلیا (إلیاس) الذي کان قد صعد إلی السماء لیحیا هناک. و سیهبط اللَّه في معبد و سیقیم محکمة کبیرة و سینال جمیع الکافرین و المذنبین عقابهم (ملاخي، 3: 1-6 و 4: 5). و قد بشر کتاب زکریا الثاني، الذي یتکون من الأبواب الستة الأخیرة لکتاب زکریا، بمجيء المنقذ المنتظر أو الملک العادل الذي سیدخل أورشلیم منتصراً راکباً علی حمار و سیمتد حکمه من البحر إلی البحر و حتی أقصی الأرض (9: 9-19). و عندما یحل «یوم اللَّه» ستحدت تغییرات عالمیة کبیرة. فتظلم الشمس و الکواکب و یتحول اللیل إلی نهار «و یکون في ذلک الیوم أن میاها حیة تخرج من أورشلیم نصفها إلی البحر الشرقي و نصفها إلی البحر الغربي… و یکون ملکاً علی کل الأرض» (14: 8، 9). أما في کتاب أشعیاء الثاني فان «یوم اللَّه» سیحل عندما تصل مسیرة التاریخ العالمي إلی غایتها و کمالها و سیبدأ «خلق جدید» یعم الجمیع ولایخص بني إسرائیل فقط (41: 17-20 و 42: 5-7 و 43: 1 و 45: 8) و یسیر تیار التاریخ إلی الأمام بموجب مشروع عینه اللَّه وحدده منذ بدایة الخلقة و سیستمر حتی نهایة ذلک المسیر (41: 22، 23 و 42: 8-9 و 46: 8-13). و سیکون اسم الشخص المکلف باتمام هذا المشروع و إیصاله إلی نهایته «عبد یهوه» و علیه أن یعاني من بلایا ذئوب بني آدم الدائمة و المختلفة و أن یطهر عالم الوجود من الظلم و الذنوب و الفساد و أن یبدأ مرحلة جدیدة (52: 13 و 53: 12). و تحدث کتاب أشعیاء الثالث عن الحکم النهائي للَّه، و عن النار التي لاتنطفیء و التي ستحرق جمیع المذنبین، وعن الخلق الجدید للسماوات و الأرض (66: 22-24)، و عن عظمة و جلال أورشلیم الجدیدة و السرور و الفرح اللذین یعمان جمیع سکان العالم هناک (12: 60-62 و 65: 17-25). و جاء في أواسط کتاب أشعیاء (24: 1 و 27: 13) المشهور بـ «سفر الرؤیا لأشعیاء» (24: 56-66) و الذي یختص و یتعلق بالفترات المتأخرة، (القرن 3 أو 2 ق. م) الحدیث و الأخبار عن دمار العالم في آخر الزمان و بعث الموتی و یوم الجزاء.

و جاءت في کتاب النبي دانیال الموضوعات المتعلقة بتطورات آخر الزمان و ظهور «المنقذ» و بعث الموتی و جزاء الأعمال بصورة أوضح و أکثر صراحة من جمیع کتب العهد القدیم الأخری المعترف بها. و کان هذا الکتاب قد أُلف في عهد سلطنة آنتیوخوس اپیفانُس، حاکم سوریا و فلسطین (175-164 ق. م) و في وقت کان المجتمع الیهودي یعاني من الداخل من تأثیر الافکار الأجنبیة (الیونانیة والایرانیة) و یعاني من الخارج ظلم و اضطهاد موظفي الحکومة، و یشمل هذا الکتاب تکهنات حول مستقبل العالم و ظهور ملک «کمثل بني الانسان» یأتي مع «غیوم السماء» و تبدأ سلطنة خالدة لاتزول، هي دولة «المقدسین للحضرة العلیا» و مصادق لتحقق الملکوت الالهي علی سطح الأرض (2: 44 و 7: 13 -14، 27). و في هذا الزمن یبعث الموتی من القبور و یمیز الصالحون عن المذنبین وفق کتاب فیه أسماؤهم جمیعاً، و ستنال کل مجموعة نتیجة أعمالها و جزاءها المناسب لها (12: 1-4؛ ظ: تشارلز، 211-212).

و کما یلاحظ فإن الأفکار و التخیلات المتعلقة بهذا الموضوع في کتب العهد القدیم قد تطورت و اتسعت. و أصبح لـ «یوم یهوه» في العهود التالیة لفترة الأسر البابلي (عهد التشتت) معنی أوسع، و طرأ تطور کبیر في مفهوم «آخر الزمان» فأصبح یعني الحساب في الآخرة بعد أن کان المراد منه یوم الانتقام الالهي من المذنبین و الکافرین و الناکثین، و یتعلق بهذا العالم حین یستقر حکم یهوه علی شعبه «المختار». ولم یعد الجزاء و العقاب یختص بالأحیاء و یستثنی منهم بقیة الناس. بل غدا عاماً و شاملاً، یعود فیه الذین ماتوا منذ بدء التاریخ إلی الحیاة، حیث یقدمون للحساب و ینالون السعادة أو الشقاء الأبدیین. و لن یکون رائد هذا التيور الکبیر الملک الذي یحکم بني اسرائیل و إنما الذي سیفتح بوابات الملکوت الالهي و العالم السرمدي، الذي یختلف عن هذا العالم.

 

3. في الکتب التي ما بین العهدین

أُلفت في الفترة الواقعة بین آخر جزء من کتاب العهد القدیم (کتاب دانیال) و بین ترتیب الأناجیل و رسالات العهد الجدید و تدوینها، عدد من الکتب اصطلح مدونوها الیهود علی تسمیتها بـ «کتابات ما بین العهدین». وکانت لبعض هذه الکتب طابع تاریخي و قصصي. کما تناول البعض الآخر العبر و الحکم المنسوبة إلی الأنبیاء و العظماء في الأزمنة السابقة و دار بعضها حول الرؤی النبویة أو «المکاشفات» و التکهنات حول العالم و نهایته. ولاتحتل هذه الکتب الأهمیة التي تحتلها الأسفار و الصحف الرسمیة للعهد القدیم، کما لاتعترف الکنائس البر وتستانتیة بها رسمیاً، غیر أن الکنیسة الکاثولیکیة و الکنیسة الارثوذکسیة الشرقیة تعترف ببعض کتب هذه المجموعة التي تعرف في الترجمة القدیمة الیونانیة للعهد القدیم بالترجمة «السبعینیة» و جاءت في ترجمته اللاتینیة و أضیفت إلی الکتاب المقدس. و مهما کانت الأسباب في قبول أو رفض الیهود و المسیحیین لهذه الکتب فمما لاشک فیه أنها تعکس بشکل واضح کیف کانت عقائد الیهود و أفکارهم و تصوراتهم في هذه المرحلة و في قرن واحد أو قرنین بعد التهدیم الثاني للهیکل (70 م). و الحقیقة أن موضوع «آخر الزمان» و آثاره و علاماته التي جاءت في هذه الکتب ماهي إلا شرح و تکرار لنفس تلک الاشارات التي تشاهد في الأقسام الأخیرة من العهد القدیم و لکن أکثر تفصیلاً و تنوعاً.

و من العلامات السابقة لحلول «یوم یهوه» إضافةً إلی التطورات العالمیة الکبیرة کاظلام الشمس و القمر و سقوط الکواکب و النجوم من السماء و حدوث العواصف و الزلازل المروعة، و انتشار المجاعة و الطاعون، قیام حروب طاحنة ضد قوی الظلم و الشر و الفساد. أهمها هجوم یأجوج و مأجوج و فتنة (المسیح الکذاب) (الدجّال) و هما من مظاهر القوی الشیطانیة. حتی تتغلب القدرة و المشیئة الالهیة علی القوی الشیطانیة و یبدأ عالم جدید یسوده العدل و الرحمة الالهیة. و قد حاء في أغلب کتب ما بین العهدین أن أهم علامة لنهایة العالم هو ظهور «المنقذ» الذي یطلق علیه أسماء متعددة مثل «المسیح» و «المختار» و «الورع» و «ابن الانسان» و «ابن اللَّه» و «الانسان». و هو کائن سرمدي کان موعد ظهوره و مایجب أن یعمله مقرراً و محدداً قبل خلق العالم (خنوخ، 46: 1-3) و هو الآن الوسیلة لذلک التطور الکبیر واستعاضة عالم الشر و الذنب و الموت بعالم الخیر و السعادة و السرور الأبدي، غیر أن فترة حکمه ستنتهي مع بدایة البعث و الحساب الکبیر و تبدأ بعده حکومة اللَّه الخالدة التي لاتزول و لامنازع لها.

هذه الفکرة الشاملة لیست بمستوی واحد و عامة في جمیع کتابات ما بین العهدین، حیث تذکر بعض هذه الکتابات أن القوی الشیطانیة تثور علی «المنقذ» الذي سیفنیها و أنه هو الذي سیتولی الحساب الکبیر، و سیحکم العالم المنزه من الذنب و-الموت إلی الأبد. و جاء في بعض الکتابات الأخری أن أحد الأنبیاء الماضین (موسی، أرمیا أو إلیاس) سیظهر قبل ظهور «المنقذ» لیمهد له طریق الظهور (مکابي الثاني، 15: 14: حکمت یشوع بن سیراخ، 48: 10-11). کما جاء في سفر الرؤیا لعزرا (7: 29-33) أن «المنقذ» و هو ملک من نسل داود سیحکم أربعمائة سنة یقضي خلالها علی جمیع أسباب الظلم و الجور، و أنه وجمیع الخلق سیلقون حتفهم في نهایة هذا العالم، ثم یعودون إلی الحیاة بعد 7 أیام للحساب الأکبر و بدایة العالم التالي (ظ: تشارلز، 342).

و ینقسم کل من الزمان و عالم الوجود بصورة عامة إلی قسمین في أسفار الرؤیا: الأول، هذا العالم و هذا الزمان المليء بالشر و الفساد و الظلم و الذنوب و الذي ینشط فیه الشیطان و أتباعه بصورة مستمرة؛ و الثاني، العالم أو الزمان الآتي المليء من أقصاه إلی أقصاه بالنور و السرور و هو خالد و سرمدي یسوده العدل و الرحمة الالهیة. و جاء في بعض هذه الکتب أن العالم القادم هو استمرار لهذا العالم، و تاریخه في إطار هذا التاریخ و الزمان المتعارف علیه لدینا أي آنه «تاریخي» تماماً، و لکن البعض الآخر یعتقد بأن العالم القادم هو في عالم آخر و زمان غیر هذا الزمان و أنه في الجهة الأخری من التاریخ و الزمان المتعارف لدینا أي انه «ماوراء التاریخ». و یعتقد کثیر من الباحتین المعاصرین أن الفکرة الأولی التي تشاهد أیضاً في کتب العهد القدیم قبل عهد الأسر البابلي قدظهرت بین الیهود نتیجة للظروف و الأحوال التاریخیة الخاصة التي کانوا یعیشونها. أما الفکرة الثانیة فانها نابعة من مقتضی تلک الظروف و بموجب حاجاتهم المعنویة و متأثرة بالمانویة الایرانیة فیما یخص الایمان بالأخرویات و امتزجت بها (موینکل، 271-177؛ گینیوبر، 141، 153-154، 180؛ و المصادر التي أشار الیها في مذکراته المرقمة 426 و 472 و 474 و 580).

و من خصائص أسفار الرؤیا تقسیم تاریخ العالم إلی فترات معینة و التنبؤ بآخر الزمان أو عصر المسیح. وقد قسم تاریخ العالم منذ بدایة الخلقة و حتی نهایته في کتاب یوبیل المشهور بـ «سفر الرؤیالموسی» إلی فترات، مدة الواحدة خمسون سنة؛ أما في سفر الرؤیا لعزرا «المشهور بعزرا الرابع» (14: 11) و قصة حیاة آدم و حواء (24) فقد قسم إلی 12 فترة، مدة الواحدة أربعمائة سنة (تشارلز، 342؛ جودائیکا، 6/874). وجاء في سفر الرؤیا لخنوخ (المشهور بخنوخ الثاني) أن تاریخ العالم 6000 سنة، لأن الله خلق العالم في ستة أیام، ولما کان کل یوم من أیام الله یعادل ألف سنة (مزامیر، 90: 4-5) فسیکون عمر العالم 6000 سنة، و بما أن الله قد استراح في الیوم السابع، فستمر فترة ألف سنة یسودها السلام و العدل و الهدوء، و ذلک قبل أن ینتهي عمر العالم و یبدأ الخلق الجدید و العالم الخالد، و في فترة یحکم فیها المَسیح ثم یقع الحساب الأکبر و البعث في نهایتها (تشارلز، 315). وجاء في رقاق البحر المیت المتعلقة بإحدی فرق الیهود في هذه الفترة (ولعلها «اسني» أو فرقة قریبة منها، ظ: ریتگرن، 233-242؛ آلبرایت، 11-25) و التي عثر علیها أخیراً في منطقة «خربة قمران» الفلسطینیة، في السواحل الشمالیة الغربیة من البحر المیت، أن «یوم الحساب» و «یوم الله» سیکونان قریبین جداً، و علی المجتمع ان ینتظر وقوعه في کل لحظة. و یبدو أن هذه الجماعة أخرجت من أورشلیم بسبب سیطرة الأجانب علی المدینة في أواخر القرن الثاني ق. م و وقوع الهیکل بید عمال الحکومة الرومانیة، و کانت تحیا بصورة جماعیة حیاة زهد تقوم علی أسس و نظم صعبة عملاً بوصیة النبي أشعیاء (40: 3) حیث یقول «افتحوا طریق الله في الصحراء». و اعتبرت نفسها «الشعب المختار» و «بقیة إسرائیل» و أن جمیع الأقوام الأخری و منهم الیهود المنفصلین عنهم أعداء الله و «أبناء الظلام». و یتضمن أحد هذه الرقاق المسمی بـ « قتال أبناء النور لأبناء الظلام» و صفاً لحرب ضاریة تقع في آخر الزمان بین قوی الخیر و الشر، و أخیراً و بعد 40 سنة ینتصر أبناء النور بعون الله و الملائکة علی «أبناء الظلام» و القوی الشیطانیة التي تضم جیوش یأجوج و مأجوج. و أشیر في رق آخر (نشید الشکر) إلی الآفات و المحن التي یتعرض لها العالم بسبب هجوم القوی الشیطانیة قبل أن تُغلب (کجریان نهر عظیم من النار التي تحرق کل شيء و تذیب الجبال و الصخور) و إلی الحساب الأکبر و خلو العالم من الذنوب و الفساد و الموت و إلی الخلق الجدید (ظ: رینگرن، 156-166). و یدور الحدیث في کتابات هذه الفرقة أیضاً (کما یشاهد في کتاب زکریا، 4: 14) عن مسیحین: «مسیح إسرائیل» الذي هو قائد سیاسي و عسکري و «أن سیفه سیحاکم جمیع الأقوام» و «المسیح الهاروني»، من نسل هارون، الذي یحتل مقاماً دینیاً و روحانیاً و هو کاهن کبیر یتولی اجراء الآداب و الطقوس‌الدینیة في آخر الزمان. وبالاضافة إلی هذین الاثنین فسیظهر أیضا في هذا الزمان «نبي» قد یکون شخصاً کالیاس في کتابات العهد القدیم و کتابات ما بین العهدین، و سیمهد الطریق لظهور المسیح و یبدو أن هذه الفرقة کانت هدفاً لهجوم القوات الرومانیة في حوالي 70 م و أبیدت تماماً، و لکن نری تأثیرات بعض آرائها واضحة في المسیحیة والیهودیة في الفترات اللاحقة (رینگرن، 243-254؛ بلک، 79-106).

 

4. في التلمود

و یعتبر موضوع آخر الزمان و علاماته في التلمود استمراراً و شرحاً لنفس الموضوعات التي شوهدت في کتب فترة ما بین العهدین. و بصورة عامة فان کتابات هذه الفترة (من سنة 70 م إلی القرن 6 م) قد اعتبرت عم العام منذ ابتداء الخلق 6000 و في بعض الأحیان 7000 سنة، و ان الفترة التي تفصل زمان الدنیا عن زمان الآخرة هي «أیام المسیح»، و تستغرق 40 أو 70 أو 365 سنة (بعدد أیام السنة) أو 400 أو 1000 سنة علی اختلاف التقدیرات. و في هذه الفترة تحدث اضطرابات عظیمة في الظواهر الطبیعیة، و حوادث دمویة، و فتن قاسیة، و تظهر حیوانات عجیبة، و تجري حروب طاحنة ضد یأجوج و مأجوج و بقیة القوی الشیطانیة، حتی یطهر الله الأرض من هذه البلایا و یجدد الوجود.

و قد أدت الظروف الصعبة التي فرضت علی الیهود بعد تخریب عمال‌ الدولة الرومانیة للهیکل في سنة 70 م، و الاضطراب و القلق و التشرید و شدة وطأة الأیام المتزایدة علیهم، و الیأس و الحرمان و الهزائم المتلاحقة التي ترکت آثارها في قلوبهم و أنفسهم، کل هذه الظروف قد أدّت إلی تقویة مثل هذه الآمال و التصورات بینهم، حیث أیقن بعضهم بقرب وقوع مثل هذا التطور الکبیر، و کانوا مع نفاذ صبرهم یتنبأون بیوم هذا التحول و ساعته و یحددونه. و لما لم تتحقق هذه التنبؤات الواحدة تلو الأخری ولم یخف الأذی و التعذیب اللذین کانایمارسان بحقهما فقد اعتبر ربانیو الیهود و علماؤهم أي تنبؤ من هذا النوع مذموماً و غیرصحیح و صرحوا بأن عودة الحکم الداودي و زوال حکومات الظلم و الجور یعتبران من الاسرار الالهیة و لایعلم أحد بمودعهما (جودائیکا، 6/880).

و من الأفکار الجدیدة في الکتابات التلمودیة، والتي یبدو أنها ولیدة الأحداث السیاسیة و التاریخیة لهذه الفترة، هي انتظار ظهور مسیحین في آخر الزمان؛ الأول: هو «المسیح بن یوسف» من نسل النبي یوسف الذي یقتل في حربه مع یأجوج و مأجوج، و الآخر: هو «المسیح بن داود» من نسل داود الذي یقوم بالعمل و یبدأ الحساب الکبیر. و یعتقد بعض الباحثین المعاصرین أن «المسیح بن یوسف» ماهو في الحقیقة إلا صورة لـ «بارکوکبا»، زعیم المتمردین الیهود، الذي نهض لمحاربة الحکومة الرومانیة في الفترة بین 132-135م و قتل في هذه الحرب. و یبدو أن فئة من الیهود کانوا ینظرون إلی الحرب ضد الرومانیین بأنها حرب آخر الزمان ضد القوی الشیطانیة و کانوا یعتبرون استشهاد «بارکوکبا» تمهیداً لظهور المسیح في نهایة العالم (ظ: کلاوسنر، 400-401، 483-501).

وسیتم البحث حول الانتفاضات والحرکات التي ظهرت في الفترات اللاحقة باسم ظهور أیام المسیح في مادة «المسیح» (ظ: القیامة، المسیح، یأجوج و مأجوج).

 

المصادر

جودائیکا (مادة Eschatology)؛ الکتاب المقدس (العهد القدیم)؛ هستنجز (مادة Eschatology)؛ و أیضاً:

 

Albright, W. F. and Mann, C. S., “Qumran and the Essenes”, in the Scrolls and Christianity, London, 1969; Black, M., “The Dead Sea Scrolls and christian Origins”, Ibid; Charles, R. H., Eschatology the Doctrine of Future life in Israel, Judaism and Christianity, New York, 1963; Guignebert, Ch., Le mondjuifvers le temps de Jésus, Paris, 1969; Klausner, J., The Messianic Idea in Israel, London, 1956; Mowinkel, S., He that cometh The Messianic Concept in the Old Testament and later Judaism, London, 1956; Ringgren, H., The Faith od Qumran-Theology of the dead Sea Scrolls (Eng. Trans.), Philadelphia, 1963.

فتح‌الله مجتبائي

 

3. في المسیحیة

هناک اختلاف في النظریات التي وردت في الفصول المختلفة لکتاب العهد الجدید حول آخر الزمان، و یتعذر الحصول علی صورة واضحة و منسقة لها في هذا المجال. و یعود السبب في ذلک إلی: ان الأناجیل الأربعة و الأجزاء الأخری من کتاب العهد الجدید ما هي في الواقع إلّا أقوال و تقاریر حول أحادیث عیسی (ع) و أفعاله التي رواها تلامیذه و المقربون إلیه، و من الطبیعي أن تؤثر التصورات و المدرکات و الخلفیات الذهنیة المختلفة للرواة و الأسس الفکریة و الثقافیة للمریدین في البیئات المختلفة علی صور و معاني الروایات.

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: