الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / آخر الزمان /

فهرس الموضوعات

آخر الزمان

آخر الزمان

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/2 ۲۰:۰۱:۰۹ تاریخ تألیف المقالة

آخر الزمان، اصطلاح ورد في الأدیان الکبری، له أهمیة خاصة و بارزة في الأدیان الابراهمیمیة. و تدور المعتقدات المتعلقة بآخرالزمان حول ما یتعلق بنهایة هذا العالم و ظهور عالم آخر تحدثت عنه الأدیان الکبری. و سنستعرض في هذه المقالة أولاً دراسة عقائد المسلمین، ثم عقائد الدیانتین الیهودیة و المسیحیة لما بینهما و بین الاسلام من نقاط مشترکة، ثم نتبعها بعقائد الزرادشتیة للاطلاع علی ما في الثقافة الایرانیة القدیمة قبل الاسلام حول آخر الزمان.

 

1. في الاسلام

لم ترد في القرآن آیة صریحة حول آخر الزمان، و قد جاء هذا الاصطلاح في الأحادیث و الکتب الاسلامیة. کما أورد کثیر من المحدثین أحادیث تتعلق بآخر الزمان منهم البخاري (شرح الکرماني، 19/49) و أبو داود (4/113) و ابن‌ماجه (1/49) و أحمدبن حنبل (3/5) و المجلسي (52/185، 207، 212، 261).

و قد جاء هذا الاصطلاح في کتب التفسیر و الحدیث في معنیین: الأول، و یشمل عصر النبوة و فقاً لاعتقاد المسلمین و الذي یبدأ ببعثة النبي و ینتهي بقیام الساعة. و الثاني یشمل الفترة الأخیرة من العصر المذکور و الذي یظهر فیه المهدي المنتظر و یشهد العالم تطورات عظیمة. و مما دعا المسلمین لاعتبار الرسول الکریم (ص) نبیاً لآخر الزمان، أنه کان خاتم‌الأنبیاء، و ان شرائعه قائمة حتی نهایة هذا العالم، و أنه نبي آخر فترة تتصل بیوم القیامة، علاوة علی أن فئةً من المسلمین في الفترة الأولی للاسلام کان یذهب إلی أن قیام الساعة قریب، و أن الرسول (ص) ظهر في عصر یتصل بالقیامة.

و کان هذا الاعتقاد یستند إلی روایات و أحادیث مأثورة عن النبي تفید بأنه لیس بین عصره و قیام الساعة فترة تذکر. وجاء في إحدی الروایات أن النبی (ص) قال لأصحابه في مغرب أحد الأیام: «إنما مثل مابقي من الدنیا فیما مصی منها کبقیة یومکم هذا فیما مضی منه» (الطبري، 1/10). و جاء في روایة أخری أن النبي (ص) قال: «بعثت أنا و الساعة کهاتین» و ضم السبابة و-الوسطی (مسلم، 2/581). و قد ترکت هاتان الروایتان رغم حاجتهما إلی مزید من التحقیق لاثبات اسناد هما إلی الرسول (ص) أثراً في تفکیر المسلمین، و جعلتهم یتصورون أن الفترة الزمنیة بین ظهور الاسلام و قیام ‌الساعة قصیرة جداً.

و قد تأثر المسلمون في تصور هم بما کان سائداً قبلهم حول تحدید زمن هذا العالم. فکان الأقدمون یظنون أنه لم یمض علی بدء هذا العالم أکثر من عدة آلاف من السنین حیث إن فترة العالم المادي قصیرة تقترب نهایتها من بدایتها. یقول الطبري و هو ینقل آراء السلف و عقائدهم حول عمر هذا العالم: اعتبر البعض الفترة بین خلق العالم و فنائه ستة آلاف سنة، و اعتبرها البعض الآخر سبعة آلاف سنة، و ذهب القدماء إلی أنها أربعة عشر ألف سنة؛ سبعة آلاف منذ بدایة الخلق حتی خلق آدم أبي البشر و سبعة آلاف بعد ذلک حتی قیام الساعة (تاریخ، 1/54-55). و تطرق ابن الأثیر لمثل هذه الموضوعات أیضاً (الکامل، 1/14). و اعتبرت فئة من علماء المسلمین مانقله الطبري و ابن الأثیر حول تحدید عمر العالم و مابقي منه، من الاسرائیلیات و رفضوها. و یعتقد هؤلاء، استناداً إلی آیة «و عنده علم الساعة» (لقمان/ 31/34؛ الزخرف/ 43/85) و آیات أخری مشابهة لها، ان اللَّه وحده یعلم عمر هذا العالم، و لیس لاحد أن یتنبأ بما تبقی منه.

ویعني اصطلاح آخر الزمان لدی أوساط المسلمین ولاسیما الشیعة، عصر ظهور المهدي المنتظر حیث یتعرض العالم لتطورات خاصة. و قد أوردت الروایات الاسلامیة میزات خاصة لهذا العصر تحت عنوان (علامات آخر الزمان).

و نستنتج من الروایات المتواترة في کتب الحدیث و التفسیر و التاریخ حول عصر ظهور المهدي موضوعیین یتناولان میزات آخر الزمان بمعنی عصر ظهور المهدي المنتظر. الأول: انتشار الفساد الخلقي و الجور و الظلم في جمیع المجتمعات البشریة حیث تتحکم مثل هذه الصفات في العلاقات بین الناس بصورة عامة، و-الثاني: حدوث تطور عظیم في المجتمعات بعد ظهور المهدي، حیث یزول الفساد و الظلم و الجور و ینتشر التوحید و العدل و النضج العقلي و العملي الکاملین في جمیع نواحي الحیاة الانسانیة. و أشهر حدیث ورد بعبارات مختلفة في هذا المجال یشیر إلی أن العدل یبسط جناحیه علی جمیع أنحاء العالم في عصر حکومة المهدي في آخر الزمان حیث یقول: یملأ اللَّه به الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلماً و جوراً (ابن ماجه، 2/1366؛ المجلسي، 52/267). و قد لخص البعض صفات و ملامح و علامات آخر الزمان المختصة بعصر المهدي المنتظر من الأحادیث الکثیرة التي ذکرت في هذا المجال وهي: تحقق الصلاح و العدالة و الحریة و قیام ‌الدولة العالمیة الواحدة و إعمار الأرض و وصول البشریة إلی النضج العقلي و التحرر من أنواع الحتمیة الطبیعیة و الاجتماعیة و توزیع الثروة بالتساوي بین الناس و القضاء علی الفساد الخُلقي والحروب و تحقیق الانسجام بین الطبیعة و الانسان (المطهري، 60).

و نقلت بعض الروایات الاسلامیة لآخر الزمان علامات أخری أیضا، کظهور الدجال و ظهور دابة الأرض و خروج یأجوج و مأجوج (ن. م) و نزول عیسی و ظهوره بین الناس (البخاري، کتاب 92/ باب: 27؛ المجلسي، 52/181).

و علی‌الرغم من أن هذه الروایات التي تشیر إلی وقوع ظواهر غیرعادیة، وردت في کثیر من کتب الحدیث و بقیة المؤلفات الاسلامیة إلا أنه لم یجر بعد التحقیق اللازم لبیان صحة إسناد هذه الروایات، کما لایوجد تفسیر متفق علیه، لمحتویاتها و مضامینها. فیعتقد البعض من العلماء المسلمین أن الهدف الحقیقي من هذه الأحادیث هو ما یُستنتح من ظواهر ألفاظها، ویسعی البعض الآخر إلی تفسیر هذه الأحادیث بالرمز و التمثیل.

و بالاضافة إلی اصطلاح علامات آخر الزمان یوجد اصطلاح مشابه آخر في ثقافة المسلمین و هو «اشراط الساعة» (علامات یوم القیامة). و علی‌الرغم من اختصاص هذا الاصطلاح بعلامات قیام الساعة، یستنتج من دراسة الروایات المنقولة في کتب الحدیث تحت هذا العنوان أن مضامین هذه الروایات تحتوي علی موضوعات مشترکة کثیرة مع الروایات المتعلقة بآخر الزمان، حیث ذکرت علامات کثیرة في هذه الروایات تتعلق بالاصطلاحین هذین (ابن ماجه، 2/1341-1343). و مع وجود نقاط مشترکة في مضامین الروایات المذکورة إلا أنه فُرق بشکل واضح بین موضوعي آخر الزمان و یوم القیامة في جمیع العهود و الفترات الخاصة بالتاریخ الاسلامي. فالمسلمون یعتقدون بأن القیامة هي تلک التغییرات التي تحدث بعد فناء هذا العالم المادي بینما فترة آخر الزمان هي القسم الأخیر من هذا العالم، و ترتبط بفکرة فناء هذا العالم الدنیوي و نهایة الزمان.

و یری بعض المفسرین المسلمین المتأخرین أن في القرآن بالاضافة إلی الروایات التي ذکرت، آیات تتحدث عن مستقبل المجتمعات الانسانیة، و تبین بعض الموضوعات حول دولة التوحید و العدل في مستقبل الحیاة الانسانیة. و یعتقدون أیضاً بأن الآیات المتعلقة باستحلاف الانسان في الأرض، و وراثة الصالحین، و انتصار الحق علی الباطل علی ‌الرغم من استمرار جولات الباطل ما هي إلا آیات تنبئ عن مصیر البشریة و تتعلق بصورة مباشرة بموضوع آخرالزمان. و قد وضح هذه الفکرة کل من محمد رشیدرضا (9/80) و محمدحسین الطباطبائي (14/330) وسید قطب (5/3001، 3002) علی التوالي في تفسیرهم للآیات القرآنیة: 128 من السورة 7 (الأعراف) و 105 من السورة 21 (الأنبیاء) و 171 – 173 من السورة 37 (الصافات).

و یری هؤلاء أن هذه الآیات و الروایات التي تتعلق بالتغییرات التي تحدث في آخر الزمان نوع من فلسفة التاریخ. و تأثُّر هؤلاء المفسرین بالخصائص السائدة في عصرنا الحاضر، أي البحث و التنقیب عن فلسفة لتاریخ الانسان، دفعهم للبحث عن فلسفة التاریخ من وجهة النظر الاسلامیة، و قد وجدوها في هذه الآیات و أمثالها. و یری هؤلاء أن التطورات التي تحدث في آخر الزمان و أوضحتها الروایات لیست إلا المستقبل الطبیعي للمجتمع الانساني. فعصر آخر الزمان ما هو إلا عصر ازدهار التکامل الطبیعي والاجتماعي للنوع البشري، و ان مثل هذا المستقبل أمر حتمي، و علی المسلمین أن یتحملوا انتظاره.

و یعتقد بعض العلماء أن هذا الانتظار یجب ألایکون ولید العاطفة بحیث یعول فیه الانسان علی حدوث الحوادث، بل ینبغي أن یکون مفعماً بالنشاطات و الآمال و یجب علی المسلمین الساعین نحو إصلاح المجتمع الانساني و الواعین لحتمیة تحقق الأهداف التاریخیة لهذا الانتظار أن یکونوا مفعمین بالأمل و الاعداد و السعي الجدید بالانتظار، فالانتظار – بحب أن یکون إیجابیاً لاسلبیاً. و لیس آخر الزمان في إطار هذا الاستنتاج الفلسفي إلافترة محدودة من تاریخ النوع البشري.

ولانری مقابل هذا التصور الذي یعتبر تخطیطاً لفلسفة التاریخ، أن موضوع آخر الزمان یرتبط بالفلسفة في أکثر مؤلفات المسلمین القدماء و آثارهم سواء کانوا من الشیعة أو السنة. اذلم یتحدث العلماء القدامی فيتفسیر الآیات عن التيور الطبیعي للمجتمع الانساني لتحقیق دولة التوحید والعدل، کما أنهم لم یربطوا الروایات الخاصة بآخر الزمان بمثل فلسفة التاریخ هذه، وفي رأي هؤلاء أن التطورات التي تحدث في آخر الزمان هي أمور غیر عادیة و غیر طبیعیة تقع في القسم الأخیر من حیاة النوع الانساني و لیست لها أیة علاقة بالتطورات التي حدثت قبل ذلک في المجتمع الانساني، و التاریخ في مؤلفات هؤلاء، ما-هو إلّا عبارة عن مجموعة من الحوادث المتفرقة، و لیس انتصار الحق علی الباطل في آخرالزمان إلا حدثة خاصة بذلک العصر نفسه ولیس بفلسفة یسیر التاریخ علی أساسها. و قد تبنوا فکرة قیام دولة التوحید و العدل وفقاً لما جاءت في الروایات، ولم یکونوا علی‌ علم بفکرة التکامل الاجتماعي للانسان خلال أدوار التاریخ و لذلک فان أیة مرحلة من مراحل تاریخ النوع الانساني یمکن أن تکون في تصورهم آخرالزمان، والله وحده هو الذي یعلم أیة مرحلة ستکون، خلافاً للاستنتاج الفلسفي لآخر الزمان.

و الخلاف بین علماء السنة و الشیعة القدامیٰ في هذا الموضوع هو أن علماء السنة یرجعون الآیات التي تَعِد بانتصار الحق علی الباطل و وراثة المؤمنین للأرض و استخلافهم علیها إلی انتصارات صدر الاسلام؛ بینما یعتقد علماء الشیعة أن هذه الآیات تتعلق بعصر المهدي المنتظر. و قد نقلوا عندالحدیث عن هذه الآیات، روایات عن أئمة لشیعة تفید أنها تختص بالتيورات التي تحدث في آخر الزمان (الطوسي، 7/283-284، 8/129). و علی هذا الأساس نجد أن التنبؤ عند الشیعة بدولة التوحید و العدل في آخر الزمان لم یعتمد علی الروایات فحسب، بل یمکن اعتبار القرآن أحد مصادر هذا التنبؤ. وبالاضافة إلی ذلک، فان فکرة الشیعة و-اعتقادهم بأن المهدي المنتظر قد ولد في 256ه/870 م من صلب الامام الحسن العسکري (ع) و أن غیبته الکبری بدأت بعد سبعین سنة من ولادته و أنه سیظهر في المستقبل، قد رسّخت فکرة الانتظار بین الشیعة. و قد أدت هذه العوامل کلها إلی أن یبدو الشیعة بشکل أقلیة معارضة و مناضلة قامت بانتفاضات عدیدة واسعة و مؤثرة علی مدی التاریخ. غیر أن الاختلاف الموجود في التصور بین السنة و الشیعة حول آخر الزمان لایعني أن الشیعة القدامی قد جاؤوا بنوع من فلسفة التاریخ، و أنهم یعتقدون بالتکامل الاجتماعي للنوع الانساني طوال التاریخ. فقد جاء في کتب علماءالشیعة القدامی التي ألفت حول المهدي المنتظر تأکیدات کثیرة علی دولة التوحید و العدل في عصر المهدي، ولکنها لم تتحدث عن الرؤیة أو الادراک الفلسفي للتاریخ. و یمکن الاستدلال علی هذا الموضوع بکتابي الغیبة للطوسي و-أکمال‌الدین لابن بابویه.

وکل ما قیل عن عدم وجود فلسفة التاریخ في مؤلفات أکثر العلماء المسلمین القدامی، فإن ذلک لایعني عدم وجود مثل هذا الاستنباط في أي من النصوص القدیمة للمسلمین. حیث یتطرق بعضها إلی الحدیث عن مستقبل المجتمعات البشریة التي یمکن فهمها في إطار فلسفة التاریخ أکثر من فهمها بأنها نوع من الحدس و التخمین. و قد جاء في رسائل إخوان الصفا مایلي: «… و ظهور‌الدولة في بعض الناس و الأمم، و زیادة القوة في بعض السلاطین، و خروج بعض الخوارج، و تجدید ولایات في الملک، وما شاکل ذلک … و القصد منها و فیها هو صلاح شأن الکائنات، و الغرض منها هو إبلاغها إلی الکمال و التمام، ولکن ربما تعرض أسباب الفساد مثل إثارة الحروب و الفتن، و النصب في طلب الغارات، فیخرب بعض البلدان، و ترول دولة قوم، و یذهب نعیمهم، ولکن عاقبتها تعود إلی الصلاح» (3/264).

کما کان ابن خلدون من القائلین أیضاً بنوع من فلسفة التاریخ في «مقدمته». و تعتبر الأصول العامة للعقائد المتعلقة بآخر الزمان من المسائل التي اتفقت جمیع الفرق الاسلامیة الکبیرة علی قبولها تقریباً ولکن الخلاف یتلخص في أمرین هما: هل ان تطورات آخر الزمان تحدث عند ظهور المهدي المنتظر؟ و من هو المهدي المنتظر؟

 

المصادر

 ابن الأثیر، عزالدین، الکامل، بیروت، دار صادر، 1979 م؛ ابن‌بابویه، محمد بن علي، إکمال‌الدین، النجف، المطبعة الحیدریة، 1389 هـ (مخـ)؛ ابن حنبل، مسند، بیروت، دار صادر، 3/13، 38، 5/235؛ ابن ماجه، محمد بن یزید، سنن، بیروت، دار الفکر، 1395 هـ؛ أبو داود، سلیمان بن الأشعث، سنن، دار إحیاء السنة النبویة؛ رسائل اخوان الصفا، طهران، مکتب الاعلام الاسلامي، 1405 هـ؛ البخاري، محمدبن اسماعیل، صحیح (کتاب الفتن)، بیروت، دار إحیاء التراث العربي،1981 م؛ الترمذي، محمد بن عیسی، الجامع الصحیح، تقـ : ابراهیم عطوة عوض، مصر، مصطفی البابي الحلبي، 4/48، 50؛ رشید رضا، محمد، المنار، بیروت، دار المعرفة؛ الزمخشري، محمود بن عمر، الکشاف، بیروت، دارالمعرفة للطباعة و النشر، 1/62؛ الطباطبائي، محمدحسین، المیزان، بیروت، مؤسسة الأعلمي، 1391 هـ؛ الطبري، محمدبن جریر، تاریخ، تقـ : دي خویة، لیدن، 1881-1882 م؛ الطوسي، محمد بن حسن، التبیان، تقـ : أحمدحبیب قصیر العاملي، بیروت، دار احیاء التراث العربي؛ م.ن، الغیبة، النجف، مکتبة الصادق، 1385 هـ (مخـ)؛ قطب، سید، في ظلال القرآن، بیروت، دارالمشرق، 1982 م؛ المجلسي، محمدباقر، بحار الأنوار، بیروت، مؤسسة الوفاء، 1983 م؛ مسلم، أبوالحسین، صحیح، بیروت، دارالکتب العلمیة، 1397 هـ؛ مطهري، مرتضی، جامعه و تاریخ، طهران، صدرا، 45-65؛ م.ن، قیام وانقلاب مهدي، طهران، صدرا، 1398 هـ.

 

محمدمجتهد الشبستري

 

2. في الدیانة الیهودیة

 

1. في فترة ماقبل الأسر

ظهرت فکرة «آخر الزمان» عندالیهود بمعنی نهایة حیاة العالم و الانتقال إلی القیامة الکبری منذالقرنین الثالث و الثاني قبل میلاد المسیح. و کان بنو إسرائل، الذین اعتروا أنفسهم شعب‌اللَّه المختار، قبل الأسر ینتظرون تلک الفترة التي یتحقق فیها الوعد الالهي حیث یُسکن الله شعبه المختار في «أرض المیعاد» و یسحق أعداءهم و ینشر عدله و إحسانه علی جمیع أنحاءالعالم. و في الفترات التي تلت حکم داود و سلیمان، و التي ابتلي فیها هؤلاء القوم في حیاتهم الاجتماعیة بمزید من الخوف والاختلاف، و من الناحیة‌ الدینیة والاخلاقیة بالظلم و الفساد والانحطاط والاتجاه نحو الشرک والالحاد، أصبحت غایة أملهم و انتظارهم هذا هو العودة إلی امتلاک القدرة، و الوحدة، والاخلاص التي کانت سائدة في الفترة السابقة و کانوا ینتظرون عهداً یبعث اللَّه فیه أنبیاء و قادة بینهم أمثال موسی یوشع و داود و سلیمان لکي یعاقبوا الفاسدین و المسیئین و ینقذوا هؤلاء القوم من سوءالحظ و الهوان.

وقد تحدث النبي عاموس (القرن الثامن ق. م)، عن اقتراب هذا الزمان و أطلق علیه اسم «یوم اللَّه» (یوم یهوه). وکان في أکثر حدیثه منذراً و محذراً إلا أن هذا الیوم، هو یوم الانتقام الالهي، الیوم الذي یعاقب فیه الله بني اسرائیل علی ما ارتکبوه من ذنوب و خطایا «ویل للذین یشتهون یوم الرب. لماذا لکم یوم الرب. هو ظلام لانور. کما إذا هرب إنسان من أمام الأسد فصادفه الدب أو دخل البیت فلدغته الحیة. ألیس یوم الرب ظلاماً لانوراً و قتاماً ولانور له» (5/18-20).

لکن أحادیث عاموس لم تکن کلها إنذارات و تهدیدات، بل کانت تتوقع لبني إسرائیل یوم سعادة و خیر بعد أن رأوا العقابَ الذي حل بالمذنبین و الخائنین للعهد: «إني لاأبید بیت یعقوب تماماً یقول الرب… في ذلک الیوم أقیم مظلة داود الساقطة… ولن یقلعوا بعد من أرضهم التي أعطیتهم قال الرب الهک» (9: 8-15).

و یشاهد أیضا مثل هذه الانذارات و التهدیدات في کتاب یوشعٍ المعاصر لعاموس وفي بعض کتب العهد القدیم التي تختص جمیعاً بمرحلة ماقبل الأسر (597 ق. م) مثل (میخا، ناحوم، أرمیا و أجزاء من أشعیاء). و جاء في بعض أجزاء کتاب النبي أشعیاء (القرن 8 ق. م) الذي لایکاد یشک في نسبته إلیه (القرن 8 ق. م)، أنه عند مایحل «یوم الله» سیباد جمیع العاصین و المذنبین – من الیهود و غیرهم –(2: 12-17) و ستحل العواصف و الزلازل الشدیدة بالعالم و تنتشر ألسنة النیران في جمیع الأنحاء نتیجة لغضب اللّهَ (29: 6-7). و في نفس الوقت ستشمل رحمة اللَّه و عنایته جماعة المؤمنین و الصالحین (الذین یدعوهم أشعیاء بـ «أبناء إسرائیل» و«أبناء یعقوب» و«بقیة قوم اللَّه») وسیعودون إلی بارئهم (10: 21-22، 12: 1-6، 28: 5-6).

و سیظهر ملک من ذریة یسي (والد داود) الذي «ترفرف علیه روح اللَّه» و هو حکیم یخاف الله وسیملأ العالم عدلاً وخیراً و برکة، حیث «فیسکن الذئب مع الخروف و یربض النمر مع الجدي حینئذ تتفتح عیون العمي و آذان الصّمّ تتفتحّ… ویترنم لسان الأخرس (35: 5-6).

و تحدث کتابا یوشع و میخا، اللذان کانا من معاصري أشعیاء أیضا عن حلول هذا الیوم وعن السلام و السعادة الخالدین اللذین سیعمان العالم بعد ذلک الیوم (یوشع، 2: 20-25) کما أخبرا بمجيء ملک عادل «مخارجه منذ القدیم منذ الأیام الأزل» (میخا، 5: 2-6).

و بعد قرن من ذلک الزمن، و في أواخر القرن 7 ق. م یخبر کل من صفنیا و أرمیا وناحوم عن حلول «یوم اللَّه» و نزول نار الغضب الالهي علی العالم المملوء بالذنوب و الظلم و الفساد، ویری کل من صفنیا و أرمیا أن «یوم الله الکبیر» قریب جداً. و-جاء في کتب هؤلاء الأنبیاء أن الجماعة التي کانت بعیدة عن الذنوب و العصیان ستعتبر فرقة ناجیة، کما یخبرنا أرمیا، کأشعیاء و میخا، عن ظهور ملک من نسل داود یحقق العدل الالهي في العالم (أرمیا، 23: 5-6).

و یلاحظ أن «یوم اللَّه» في هذه الکتب التي تعود إلی مرحلة ماقبل الأسر، لیس هو بنهایة العالم، کما لم تتحدث عن البعث في آخر الزمان و الجزاء و العقاب الأخروي. و سیکون القهر و الغضب الالهیین و «یوم اللَّه» کلها في هذا العالم وستحل بعصاة و أعداء بني إسرائیل. و سیظهر ملک یحقق العدل و إرادة الله کما یعتقد بهما الیهود و تقتضیه مصالحهم وسیجدد المیثاق الذي کان قد عقد في طور سیناء.

 

2. مرحلة مابعد الأسر

هاجم نبوخذ نصر، ملک بابل (605-562 ق. م) أورشلیم عدة مرات و نهب المدینة و هدم الهیکل الذي کان منذ زمان سلیمان مرکزاً للحیاة‌ الدینیة والاجتماعیة لبني إسرائیل، و أسر معظم أولئک القوم وحملهم إلی بابل، و قد استمرت هذه الفترة حتی سنة 539 ق. م عندما فتح کوروش الأخمیني هذه المدینة. وفي هذه السنة أعاد کوروش بني إسرائیل إلی أورشلیم و أمر بتعمیر خرائب المدینة و إعادة بناء الهیکل. و عادت أورشلیم إلی سابق عهدها وتم إسکانهم خلال عهد الأخمینین و حمایتهم، و بني سور حصین حول المدینة في عهد نحمیا (القرن 5 ق. م).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: