اهل الحق

التناسخ لدى أهل الحق

  كما هو معروف فإن أهل الحق، وكما هو الحال بالنسبة إلى سائر المعتقدین بالتناسخ لايعتبرون الموت النهاية الحتمیة للحياة والمتضمن لانقطاع تواجد الروح في هذا العالم واجتيازه نحو العالم الآخر. فبداية كل حياة هي استقبال للموت وكل موت هو بداية حياة جديدة (نیک نژاد، گنجینه، 114)؛ ولكن الحياة والموت المتتاليين هما لخلاص الإنسان («خرده سر أنجام» 577- 578). وهذا الاجتياز للطريق الطویل هو جزء من عهد الله علی الناس وقد قدر لكل إنسان أن يجتاز ألف «دون»، أو ألف وواحداً في العالم (جیحون آبادي، 44، 77). ويقوم التناسخ عند أهل الحق على أساس فكري وأخلاقي، ورغم أنهم لم يدلوا بأحاديث كثيرة في هذا المجال، إلا أننا يمكن أن نجد بين الحين والآخر إشارات في هذا الاتجاه تدل على اهتمامهم بقانون يشبه قانون الكَرَمة لدى الهندوس (م.ن، 79-80). 
وعلى كل شخص أن يجتاز ألف دون طوله 50 سنة، وإذا ما تطهّر خلال هذه المدة فإنه «سيلتحق بالحق في يوم الحساب» وإلا فعلیه أن يجتاز دونات أخرى (م.ن، 44). وقيل أيضاً إن الشخص السيء العمل والخارج عن قواعد الحقيقة سوف يتحول في الحياة الأخرى إلى حيوان قذر وسيرى جهنم «ذیل تذکرۀ أعلی»، 168). 
وقد ورد الحديث، في المسيرة التكاملية للروح، عن «برديور» (كعبة أهل الحق). وبرديور (= هذا الجانب من الجسر) هو بناء شيده السلطان إسحاق إلى جوار نهر سيروان وهو حسب فكر المؤمنين بهذا المذهب، تشبه منزلة الصراط بمفهومه القرآني، ذلك لأن الروح تجتازه أخيراً بعد استبدالها ألف ثوب وثوب؛ ولكن اجتياز هذا الجسر لايتيسر إلا للصالحين وأما الأشرار فسوف یقعون في جهنم (ظ: صفي زاده، المقدمة، 391). کما أن شهرزور اکتسبت مكانة أسطورية، وارتبطت بالمصیر النهائي للناجين؛ واستناداً إلى «بارگه بارگه» فإن أرواح الذين يستحقون الخلاص الحتمی سوف يلتحقون بالسرمدية في شهرزور (ن.م، 33). 

كيفية ظهور العالم والإنسان

  دار الحديث في کثیر من الأحيان عن «الخلق» في نصوص أهل الحق الدينية، خلال الحديث عن كيفية إيجاد العالم، ولكن من المستبعد أن يكون المراد من ذلك الخلق هو الإيجاد من العدم. فالروح الكلية المهيمنة على فكر يارسان هي وحدة الوجود وعلى هذا الأساس، فإن الإيجاد لابد أن يكون قد حدث عن طريق الصدور والبروز والظهور. 
وقد حدث الصدور عن ذات الباري خلال مراحل ومراتب متتالية، ولكن أول تحقق أو ظهور لذات الحق كان في وجوده حيث ورد ذكره في «بارگه بارگه» (ص 102). 
وقد امتزجت هذه الفكرة الصوفیة الخالصة مع العناصر الأسطورية في هذا المذهب، لتوجد مجموعة بديعة. ووردت الإشارة في نصوص أهل الحق إلى الوجود الأول للعالم على شكل المحيط الأول. ولم ترد الإشارة إلى كيفية صدور هذا المحیط الأول عن الذات الإلهية، وعلى هذا فلعل من الممكن القول إن العالـم كان له وجود أزلي على شكل الهاوية أو خاؤوس ــ كما هو الحال بالنسبة إلى الكثير من المذاهب القديمة الأخرى ــ ، وأن الله بادر إلى العمل فيه، وأوجد الشكل الحالي للعالم (جیحون آبادي، 34، 35). كما نرى أن الله حل أولاً في البحر المحيط وبسبب هذا الحلول «ظهر [فيه] جوهر» («بارگه بارگه، 179). وجاء أيضاً في «دوره عابدين» أن الله کان في البدء عندما لم يكن هناك لا سماء ولا أرض «بين الدُر، وكان الدر في قعر البحر» (ص 538). كما تفيد «دوره هفتوانه»، بأن الله كان له عندما كان کامناً في «الدر»، لباس «جسمي» يدعى «يا» (ص 255؛ أیضاً ظ: صفي زاده، الحاشیة، 255). ومن جهة أخرى، فإن قول أوغلي: یقول كانت ذات الحق في دون «يا» عندما خلقت السماء والأرض (نیک نژاد، گنجینه، 18)؛ وعلى أي حال، فإن «الدر» الأول كان موضع حلول الله، كما جاء في «بارگه بارگه» (ص 95). 
ويدلي جيحون آبادي (ص 281، الأبيات 419,5-420,5) بحديث آخر يصعب إيضاحه: فقد كان ظهور الإلهية في «سرّبيا» أولاً ثم في «دُرّ الإله» وثالثاً في «خاوندكار»، وقصارى مانعمله أن «سرّبيا» أو «سرّيا» هو على الأرجح «دُريا» وربما يمكن القول إن المراد منها «البذرة الأولى» أو «البذرة الذهبية» في أساطير الأديان القديمة. وهذه البذرة الأولى، كانت، حسب تعبير أهل الحق، موضع حضور الذات الألهية، وقد حدثت مراتب التجلي اللاحقة منها. ومن الممكن أن نوضح تعابير أهل الحق هذه بأن نقول إن الألوهية كانت في وقت من الأوقات في حالة الاختفاء البحت (في درّيا) وإنها اكتسبت التعين بالخروج من هذه الحالة. وبخروجها من مطلقيتها أصبحت تمتلك الأسماء والصفات وبلغت مرحلة بحيث يمكن تسمیتها في تلك الحالة «خاوندكار» أو «الإله»، وفي الحد الفاصل بين هذین الحالين كانت في وضع اكتسبت فيه اسم «الإله»، ومن الملفت للنظر أن هناك جهوداً بذلت في «دوره هفتوانه» لكي تتطابق الرؤية الكونية لمذهب الحقيقة مع الرؤية الكونية الإسلامية وقيل إن الله عندما شق ثوب «يا» وخرج، فإن ذلك يعادل زمان «ألست بربكم» (ص 258). 
وتصرح «دوره عابدين» بأنه «كان يضئ كالشمس عندما خرج من الدر»  (ن.ص). ويمكن أن نجد الرواية المكملة لهذه الأطروحة في شاهنامه حقيقت حيث تفيد بأن الدر الأول عندما انشق، ظهر منه نور ونار؛ فتحول النور إلى الملائكة، والنار إلى الشياطين والجن (جیحون آبادي، 61-62). وعلى هذا فإن الملائكة هي في صف الذوات الأولى الصادرة عن الألوهية. واستناداً إلى «دوره عابدين» (ص 538- 539) فإن الله خلق أولاً الملائكة الأربعة الأولى ثم الشمس والقمر. 
وتوجد أيضاً رواية أخرى عن تلك المرحلة من الخلق توضح خلق الملائكة أو الأشخاص السبعة (جیحون آبادي، 41-43).  
وعلى أي حال، فإن الله استقر مرة أخرى داخل الدر في البحر بعد خلق أو (ظهور) الأشخاص السبعة وبقي فيه بضعة آلاف من السنين. وتعهد فيه بأنه سيخلق هفتوانه بعد خروجه، وهذا هو مافعله («دورۀ هفتوانه»، 252-353؛ أیضاً ظ: صفي زاده، الحاشیة،   252). وکانت المرحلة التالية من الظهور، إيجاد الأجرام السماوية («تذکرۀ أعلی»، 11). 
ورغم أن هذا التقرير هو الرواية الشاملة نسبياً حول كيفية الخلق من وجهة نظر أهل الحق، إلا أنها ليست الرواية الوحيدة لهذه الجماعة في هذا المجال. فنحن نلاحظ في الآثار التي وصلتنا، روايات أسطورية مختلفة حول تكوين العالم. فنحن نطالع في «تذكرۀ أعلى» بياناً آخر لهذا الأمر (ص 5-10). ويلاحظ هذا الطرح القديم الذي يدل على اتكاء العالم على الحيوانات، في بيان آخر عن تكوين العالم على حد قول يارسان. حيث تم تبيين تركيبة العالم بشكل مفصل في هذا الطرح أيضاً (جیحون آبادي، 56- 58). 
وتوجد رواية أخرى أيضاً حول سير تكوين العالم وهي تتطابق مع ماجاء في «دوره چهل تن» (ص 434- 438). كما تتمتع «الألواح السماوية» بمكانة خاصة في الرؤية الكونية لأهل الحق. فقد ذكرت في الغالب الألواح السماوية السبعة (صفي زاده، الحاشیة، 440؛ «دوره چهل تن»، 439-440). ويرى أهل الحق أن صور الكائنات منقوشة في اللوح العقیق المستقر في أعلى السماء الثانية (صفي زاده، الحاشیة، 262). 
والجنات والجحيم في السماء وترتبط بالأفلاك. وبالإضافة إلى ذلك فإن الجنات والجحيم تعود إلى الأشخاص الثمانية (السلطان إسحاق والأشخاص السبعة) وبعبارة أخرى فإنها تعتبر الحيّز الملکوتي لهم (جیحون آبادي، 357). ويذكر أهل الحق الجحيم باسم «ساج نار». وقد جاء في «تذكرۀ أعلى» أن جهنم خلقت من شـرارة ساج نـار (ص 10-11). يقول شـاه إبراهيم في هذا المجـال الساج هو السماء والنار هي الشمس (نیک نژاد، ن.م، 19) ولذلك فإن ساج نار، هو الشمس والسماء، والجحیم وجدت من الشمس. إلا أن هذا الرأي وهو أن جهنم وجدت من الشمس، لايتناسب مع أطروحة الرؤية الكونية المذكورة. 
وقـد قيل فيمـا يتعلق بأوائـل تكويـن العالـم أسطـورة أخـرى دار الحديث فيها عن كيفية عمل الجن والقوى الشيطانية في بداية الخلق و من الواضح أنها تحمل تأثيرات الأفكار الإيرانية القديمة («بارگه بارگه»، 153-154). ويتطابق خلق الإنسان وأحوال آدم وحواء لدى أهل الحق في الغالب مع الروايات الإسلامية في هذا المجال (مثلاً ظ: جیحون آبادي، 6- 8؛ «دورۀ عابدین»، 538- 539). وبالطبع فقد اعتبر الشيطان صراحة هو المضل لآدم و حواء في «دورۀ عابدين» (ن.ص). والملاحظة التي تبدو خاصة بمذهب الحقيقة في الطرح المذكور، كيفية ظهور الجن والشياطين، فقد دار الحديث في شاهنامه حقيقت عن زوج قديم باسم «جان» و«مرجان» أو «مرجانة» وجدا على الأرض من النار (جیحون آبادي، 60، 73). فظهر الجن من ذريتهما (م.ن، 74). ومن الملفت للنظر أن «مرجانة» وهي في الظاهر تصحيف لكلمة «مشيانه»، خلقت من جنب «جان» (م.ن، 73). 

آخر الزمان من وجهة نظر أهل الحق

  يقسم جيحون آبادي مسيرة حركة العالم والموجودات إلى 3 مراحل: مرحلة «الروح» التي تستبدل فيها الروحانيات ألف ثوب وثوب حتى تحل مرحلة «جان» (النفس) وفي هذه المرحلة تجتاز مرحلة النفسانيات ألف ثوب وثوب حتى يحل زمان نزول بني آدم، ويجب أن يطوى اعتباراً من هذا الزمان ألف ثوب وثوب حتى يحل آخر الزمان، وحینئذ سیکون زمان الخلود وتوقف حرکة العالم (ص 60). 
وقد تنبأ أهل الحق وخاصة طائفة من کبارهم، ببعض التنبؤات بشأن أحوال آخر الزمان وبعبارة أدق الأحداث التي تنتهي إلیه حیث تعتبر بحد ذاتها ملفتة للنظر (القاصي، 79، 81، 88- 89). ویعتقد الیارسان کالشیعة الاثني عشریة أن الانتقام للحسین (ع) سوف یعم العالم في آخر الزمان (م.ن، 70). کما ستحدث بناء علی تنبؤوات أهل الحق، حروب عظیمة قبل حلول آخر الزمان حیث عبرت عن تلک الأحوال بـ «العالم الطوفاني» أیضاً (م.ن، 77، 80- 81). 
ولاشک أن الإمام علیاً (ع) سیظهر ویحضر في هذا «العالم الطوفاني»، کأسمی تجسم للألوهیة (م.ن، 79). یقول إیل بیگي إن جمیع الأدیان ستصبح دیناً واحداً في آخر الزمان (مذهب أهل الحق) وإن السلطان إسحاق سیتزعم الجمیع. وفي ذلک الزمان سیکون الفائزون بلاهموم وبلاأحزان ولا یحتاجون إلی الطعام (م.ن، 88) کما قیل أیضاً إن الله یتجلی في آخر الزمان في جسد هفتوانه («دورۀ هفتوانه»، 288؛ «بارگه بارگه»، 108). 

الأحكام، الآداب والأخلاق

  إن «قرار الحقيقة» أو شرط الانضمام في زمرة أهل الحق هو كما يقول السلطان إسحاق أن «يعتبروا الحق حاضراً و موجوداً» و«يؤمنوا بأن الله حاضر في كل مكان» («ذیل تذکرۀ أعلی»، 161). وأهل الحق مأمورون بأن تبرّأوا من الشيطان («دورۀ عابدین»، 529-530). وإذا كان الشرط المعنوي لأهل الحق الميل إلى الحق والحقيقة والابتعاد عن الشر والكذب، فإن الشرط الصوري ــ والواجب التنفيذ لهم ــ هو الإذعان والتسليم، وعلى سبيل المثال فإن الدخول ضمن  الأصحاب لايمكن إلا بحضور مراسم الإذعان والقيام بآدابه. ومن الواجب حضور «شيخ» و«دليل» في تنفيذ الطقوس المتعلقة بالإذعان، بالنسبة إلى طالب الإذعان حيث إن لكل منهما دوراً خاصاً به. علماً أن مرتبة الشيخ أعلى من مرتبة الدليل (ظ: صفي زاده، المقدمة، 24). 
وترتبط الشعيرة المقدسة الأخرى لأهل الحق بالجم أو الجمع (نیک نژاد، گنجینه، 128) ويشكل الجم (الجمع) وجمخانة (جمعخانه) محور طقوس يارسان الدينية: حيت تتم فيه تسمية الوليد، الإذعان والزواج («خرده سر أنجام»، 552-565). وتبلغ أهمية طقوس الجم في مذهب يارسان حداً بحيث أن هذه الطقوس أقيمت في الأزل وبعد ظهور هفتوانه، ولأنه لم‌يكن هناك وجود آخر يضحى به سوى الهفتوانه أنفسهم، فقد كانت إحدى الذوات المكونة للهفتوانه تقدم نفسها قرباناً في كل مرة، فيما كان المتبقون يقومون بالتناول منها («دورۀ هفتوانه»، 258-263). 
وحسب تعليمات السلطان إسحاق فإن «الجمع هو كعبة الحقيقة، وإناث أهل الحقيقة وذكورهم يزورون الكعبة صباحاً مساء. وعلى أهل الحقيقة أن يكون لهم جمع صباحاً ومساء، و أن لايكونوا دون جمع في ليلة الجمعة، ولايكونوا دون جمع في أول الشهر، وأن يغتسلوا، وينضموا إلى الجمع بملابس طاهرة، وأن لايجلس الشخص الذي لم يبلغ حد التكليف في قطار الجمع. وأن يقدموا إلى الجمع فروض الشكر إلى الجم الأول، ثم يبدؤوا بعد ذلك بالدعاء ثم يقدموها بعد ذلك إلى خارج الجمع. وإذا حضر الجمع ألف شخص، فإن عليهم أن يقسموا القربان وفرض الشكر والنذر والحاجة بشكل بحيث يصل كل ذلك إلى كل أهل الجمع. وأن لا يقدموا شيئاً إلى الشخص الذي لم يسلم نفسه لطريق الحقيقة» («ذیل تذکرۀ أعلی»، 167). ومن جملة المراسم التي تقام في الجمع، أداء النذر. حيث ينقسم النذر في شريعة أهل الحق إلى 6 أقسام (صفي زاده، التعلیقات، 569). 
ويجب أن تقترن التوبة والإقلاع عن الذنب بإهداء «الحاجة» إلى الجمع كي یعفو الجم عن تقصيره (ظ: «ذیل تذکرۀ أعلی»، 158). والاسم الآخر للحاجة، هو «سبز كردن» وله وقت معين. وتتم أزمنة تقديم الحاجة باسم السلطان إسحاق والأشخاص السبعة والقولطاسيين والآخرين (جیحون آبادي، 347-349). 
ومن الشعائر الأخرى لأهل الحق صيامهم الخاص الذي يختلف عن صيام المسلمين الآخرين بل إن صيام شهر رمضان ممنوع عليهم أساساً. فقد حرم قرمزي أو شاه ویس قلي صيام الشهر الكامل على أهل الحق وأعلن أن من يصوم من أهل الحق شهراً كاملاً، فإنه خارج عن هذه الطائفة («تذکرۀ أعلی»، 109-110). وعلى العكس من ذلك، فإن من الواجب على كل فرد من اليارسان أن يصوم 3 أيام متتالية صيام «الغار» ووقته من اليوم الثاني عشر من الشهر القمري الموافق لـ «چلّه» [= الأربعينية] الشتاء لدى الأكراد؛ وبعد 3 أيام متتالية من الصوم، يحتفلون باليوم الخامس عشر من ذلك الشهر ويطلق عليه اسم «عيد خاوندكاري» (نیک نژاد، ن.م، 98-99؛ أیضاً ظ: صفي زاده، ن.م، 570- 571؛ قا: جیحون آبادي، 342، الذي یعتبر طول الصیام 6 أیام). وهذا الصيام هو تكريم لذكرى الأيام و الساعات التي أمضاها السلطان إسحاق وأصحابه في إحدى المغاور (م.ن، 341، 342). 
ويمثل «پردیور» أقدس موضع وكعبة مقصودة بالنسبة إلى أهل الحق: ففي بساتين قرية شيخان، إلى جوار نهر سيروان في أورامان بكردستان، صخرة كبيرة تحدد موضع السلطان وأصحابه ويسمى هذا الموضع پرديور وهو مزار اليارسانيين وموضع أدعيتهم ومناجاتهم. 
وتصرح نصوص أهل الحق بأن پرديور يعادل عندهم الكعبة («بارگه بارگه»، 107، 111؛ جیحون آبادي، 364). وفي الحقيقة فإن بناء پرديور رشيد على مزار إيوت بأمر السلطان إسحاق كي يكون قبلة اليارسان (ن.ص). وقد جاء في «بارگه بارگه» أن السلطان إسحاق تعاهد في پرديور مع أصحابه (ص 102) وأن حرمة پرديور تبلغ حداً بحيث قيل إن الألوهیة حلت في پرديور (ص 108). 

الأصول الأخلاقية

  تقوم أخلاق اليارسان على تعالیم أساسية تنسب إلى السلطان إسحاق: الطهارة، الصدق، الفناء والردا (التسامح أو الحلم) و تسمى بـ «الأركان» أو «الأركان الأربعة» («دورۀ عابدین»، 547؛ «خرده سرانجام»، 573-574؛ نیک نژاد، ن.م، 110). و«الطهارة» هي الطهارة الكلية، سواء في الجسم أم الثبات و سواء في اللسان أو الفكر أو السلوك. و«الصدق» هو سلوك الطريق المستقيم والصدق في القول والسلوك والحياة طبقاً لإرادة الله. و«الفناء» هو إفناء الغرور والأنانية والهوى والأهواء النفسية والشهوات. و«الردا» (= رادي) هو العطاء والخدمة والمساعدة (صفي زاده، الحاشیة، 282-283). 
وبالإضافة إلى هذه «الأركان الأربعة» الأخلاقية، فمن البديهي أن هذه الشريعة أكدت أيضاً على خصال أخلاقية أخرى («دورۀ عابدین»، 524 ومابعدها)؛ ومن جملة ذلك فإنهم يحرمون النظرة السيئة إلى غير المحارم (حتى إلی غير أهل الحق) (ذیل تذکرۀ أعلی، 156). ووردت الإشارة في أقوال اليارسان إلى وجوب حفظ أسرار المذهب عن الأجانب والتستر علی حكمته («دورۀ چهل تن»، 453-454). ويحرم إيذاء مخلوقات الله، لأن أهل الحق يجب أن «لا يتعذبوا ولايعذّبوا» («ذیل تذکرۀ أعلی» 162). وورد التأكيد في «دوره عابدين» (ص 525-526) ومواضع أخرى على وجوب الزراعة والإعمار. وهم لايؤمنون بالاعتكاف لمدة أربعين يوماً والاعتزال، بل يعتبرونهما ذنباً (القاصي، 104). وأما من تعالیمهم الأخری فهو القناعة وأن من المحرم الطمع إلى مال شخص آخر، او التطاول عليه («ذیل تذکرۀ أعلی»، 161-162). 
ويبدو أن التدخين لايجوز لليارسان (ن.م، 158، 171)، ولكن قيل أيضاً إن أسرة آتش بيگي هي وحدها التي حرمت التدخين من بيـن أهل الحق وأن هذا التحريم لايشمل جميع اليارسـان (ظ: القاصي، 105). وبالطبع فإن استعمال المسكرات محرم دون أي شك وشبهة (نیک نژاد، گنجینه، 133، مخ‍ ). 
ويقول أهل الحق عند الالتقاء ببعضهم البعض «ياعلي» بدلاً من السلام، استناداً إلى تقليدهم وعادتهم القديمة (القاصي، 106). وهم يشعلون النيران على سطوح منازلهم في ليلة النيروز (أفضلي، قاسم، 3 / 3). كما يشعلون النار على قبر المتوفی في الليلة الأولى بعد الموت (ن.ص). ويمارس أهل الحق أيضاً التیمم والغسل وغسل الميت («خرده سرانجام»، 574- 578). 
ويحرم أهل الحق حلق الشارب أو تقصيره ويعدونه ذنباً كبيراً وقد أكد السلطان إسحاق نفسه على ذلك (ظ: نیک نژاد، ن.م، 119 ومابعدها). ويرى القلندر، وهو من كبار اليارسان، أن الشارب هو العلامة الميزة لأهل الحق (ن.م، 122). وبسبب قدسية الشارب، فإن من الواجب الاحتفاظ بالخصل المنفصلة عنه في موضع ما (ن.م، 123).