الصفحة الرئیسیة / المقالات / أرغون، اسم /

فهرس الموضوعات

أرغون، اسم

أرغون، اسم

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/29 ۱۵:۵۱:۵۸ تاریخ تألیف المقالة

وفیما یتعلق بهجرة الأرغون إلی الغرب، یعتقد آریستوف أنهم اتجهوا نحو الغرب علی عهد جنکیزخان، و حتی في زمن متقدم علی هجرة النایمان وکذلک الکراییت [الکِریین]، و یقدِّر شاه کریم أن هذه الهجرة حدثت حوالي سنة 617هـ/ 1220م (ظ: ص 34؛ تینیشپاییف، ن.ص). إن إبداء رأي حول هذا التساؤل و هو إلی أي زمن اتّخذ الأرغون من قیالیق موطناً لهم، هو أمر عسیر، لکن من حیث الأوضاع السیاسیة لتلک المنطقة ینبغي التذکیر أنه بعد أن تمّ ترسیم حدود قبیلة جوچی و قبیلة جغتاي، فإن قیالیق و منطقة قاراتال صارتا ضمن نصیب قبیلة جوچي و کانتا خاصة بالمناطق التي تحت نفوذ المخیم الأبیض (ظ: منتخب‌التواریخ، 81؛ غفاري، 205). ولم‌یقد متینیشپاییف الذي یعتقد أن الأرغون کانوا حتی عهد الأمیر تیمور یقطنون في تلک المنطقة،أدلة رصینة و یمکن الرکون إلیها علی صحة ماذهب إلیه (ظ: ص 8).

ویحتمل في أن یکون تواجد الأرغون في منطقة قیالیق قد شکل لهم مرحلة انتقالیة لاندفاع أکبر باتجاه الغرب؛ لکن وراء هذا الاحتمال یکمن أمر تاریخي، ألا و هو النفوذ الواسع للأرغون وسط قبیلة جغتاي خلال العهد التیموري، فقد أقام الأرغون علاقة صداقة حمیمة مع تیمور (حکـ 771-807هـ) و خلفائه حولتهم إلی واحدة من أکثر القبائل الترکیة – المغولیة نفوذاً في تکوین قبیلة جغتاي؛ وقد أُشیر في تزوکات تیموري (ص 308) إلی هذا الأمر و هو أن قبیلة أرغون کانت واحدة من 12 قبیلة مختارة وذات نفوذ في جهاز الحکم التیموري (أیضاً ظ: باخروشین، II/ 38). لقد أخذ تواجد الأرغون في ماوراءالنهر یزداد بسرعة بحیث کان لهم في حوالي سنة 850هـ مخیم کبیر قرب بخاری (دولتشاه، 364).

وفي 853هـ/ 1449م و مع تصاعد وتیرة الصراع بین ألغ‌بیک و ابنه عبداللطیف، اغتنم أحد الأمراء المتنافسین المدعو أبوسعید، الفرصة لیدعو أبناء قبیلة أرغون إلیه ویتجه بدعم منهم إلی سمرقند. و في البدء لم‌یحقق حصاره للعاصمة شیئاً فاضطر للعودة إلی مخیم أرغون الواقع حوالي بخاری، لکنه تمکن أخیراً و بدعم منهم أن یهزم منافسه في أواخر سنة 854هـ و یجلس في أوائل سنة 855هـ علی عرش سمرقند (ظ: أبوبکر الطهراني، 306؛ میرخواند، 6/ 759-762).

و برغم أن اختیار القادة العسکریین من قبیلة أرغون کان أمراً متداولاً منذ عهد الأمیر تیمور علی مایبدو (ظ: تزوکات، 310)، لکن خلال عهد أبي سعید کانت أرغون في حقیقة الأمر تعد مصدر الاقتدار العسکري للأمیر في ماوراءالنهر. وعندما غادر أبوسعید ماوراء النهر لفترة طویلة و انبری لتفح البلدان في خراسان، عیّن الأمیر مزید – من زعماء أرغون – خلیفة له في سمرقند، و عندما شن الأمراء المتنافسون في 865هـ/ 1461م هجومهم علی ماوراءالنهر، ظل الأمیر مزید علی وفائه لأبي سعید حتی قمع حرکة التمرد (ظ: أبوالغازي، 187-188). وحین قتل أبوسعید خلال هجومه علی آذربایجان سنة 873هـ/ 1468م، تسنم ابنه أحمد العرش في سمرقند. لکن من جهة أخری، فإن محموداً الابنش الآخر لأبي سعید الذي کان معه في هجومه علی آذربایجان، تمکن من النجاة بمعونة مجموعة من أمراء أرغون و ذهب مع مناصریه إلی خراسان (ظ: عبدالرزاق، 2(3)/ 1354-1358). استمر حکم السلطان أحمد لماوراءالنهر مع هدوء نسبي حتی 899هـ، لکن من بعده لم‌یعطِ أمراء أرغون فرصةً للامراء المنافسین لیتمکنوا من الاستیلاء علی العرش، وفي 899هـ تسنم السلطان محمود العرش بدعم من أمراء أرغون (ظ: بابر، الورقة 23 ألف).

کان العقد الأول من القرن 10 هـ، عقد شیوع الفوضی في دولة التیموریین في ماوراءالنهر، وأخیراً سقوطها علی أیدي الأوزبک. وفي هذه الفترة کان الأمراء التیموریون یخوضون صراعاً مع الأوزبک. وفي هذه الفترة کان الأمراء التیموریون یخوضون صراعاً مع الأوزبک في الشمال من جهة، و من جهة أخری صراعاً داخل أسرتهم نفسها. و کان أشهر هؤلاء الأمراء بدیع‌الزمان میرزا نجل السلطان حسین بایقرا، الذي کان متزوجاً ببنت الأمیر ذي النون أحد زعماء أرغون، وکان طوال سنوات الفوضی متمتعاً بدعم الأرغون و في الحروب التي خاضها الأرغون في بلاد أفغانستان الحالیة، کان یحدث أحیاناً أن تقاتل إلی جانبهم أیضاً بعض القبائل مثل القبچاق و الهزارة (ظ: عالم آرا...، 298-301، 320؛ میرخواند، 7/ 148-150؛ خواندمیر، 4/ 237). وفضلاً عن الأمیر ذي النون و أبنائه، کان بعض الأمراء الأرغون أمثال عاشق محمد و علی سلطان السجستاني قد واصلوا المقاومة أمام هجوم الأوزبک إلی آخر وقت ممکن (مثلاً ظ: بابر، الأوراق 205-206، 232ب).وأخیراً و عقب الهزیمة الماحقة التي مُني بها تیموریو ماوراءالنهر، أذعن أمراء أرغون للصلح مع الأوزبک و في 913هـ/ 1507م أرسل السلطان علی أرغون و الأمیر شجاع‌بیک نجل ذي النون هدایات إلی بلاط محمدخان الشیباني و أعلنا عن طاعتهما (ظ: روملو، 133). وخلال العصر الشیباني، فقد قبیلة أرغون دورها المهیمن في ماوراء النهر و لم‌تؤدّ دوراً تاریخیاً في تطورات هذه الفترة.

 

قبیلة أرغون بین ظهراني المخیم الأبیض و خانات القوزاق

کانت البلاد الشاسعة الممتدة من سیبیریا حتی أوروبا والتي عرفت بوصفها منطقة نفوذ قبیلة جوچي، قد قسمت منذ عهد أبناء جوچي إلی قسمین رئیسین: القسم الشرقي الذي کان منطقة نفوذ أبناء أورده [الابن البکر لجوچي]، عُرف بآق أردو، أو المخیم الأبیض؛ و القس الغربي الذي کان خاصاً بأبناء باتو [الابن الثاني لجوچي]، دُعي باسم گوک أردو، أو المخین اللازوردي. في طوال تاریخ قبیلة أرغون خلال القرون الثمانیة الأخیرة، کانت البلاد الواقعة في شرقي منطقة نفوذ المخیم الأبیض، الموطنَ الأصلي لهذه القبیلة دائماً، و وجود مجموعة من الأرغون في بلاد المخیم اللازوردي کان بحسب مقتضیات الظروف التاریخیة و بشکل محدود.

ولاتتوفر في المصادر التاریخیة معلومات دقیقة عن سعة موطن الأرغون ضمن منطقة نفوذ المخیم الأبیض خلال القرنین 7 و 8هـ، کما طرحت من قبل الباحثین بهذا الشأن آراء مختلفة. یشیر شاه‌کریم إلی وجودهم علی عهد تیمور في المناطق الجبلیة لتارباغاتاي [بین بحیرتي زایسان و آلاکول] (ص 40)، بینما أکد تینیشپاییف علی بقاء الأرغون في جنوبي بحیرة بالخاش في الأرض الواقعة بین نهر قاراتال و بحیرة آلاکول حتی نهایة القرن 8هـ (ص 8). واعتقد بعض مؤرخي قبیلة القوزاق، أن حدود وطن الأرغون أوسع من ذلک، و رأوا أن موطنهم خلال القرنین 8 و 9هـ یمتد من الساحل الغربي لنهر إرتش حتی المناطق الوسطی لکازاخستان الحالیة (ظ: «التاریخ القدیم»، 231)؛ وبطبیعة الحال، فإن الدور المهم للأرغون في التحولات التاریخیة للقرن 8 هـ من شرقي منطقة نفوذ المخیم الأبیض حتی غربیه، یدعم امتداد نفوذهم نحو المناطق الغربیة أکثر فأکثر.

و في التقاریر الخاصة بحروب تیمور، و في المناطق الحدودیة الواقعة شمالي شرق منطقة نفوذ تیمور، ورد ذکر لوجود قبیلة «أرکنوت» إلی جانب «الکراییت» الذین شارکوا باتحادهم مع جیش جته [الجغتائیون الشرقیون] في مواجهة تبمور، و کانت قیادتهم بید شخص یدعی أمیرحاجي بک (ظ: شرف‌الدین، 210، 282). بینما نری علی رأي جمع من الباحثین أن أرکنوت هي صیغة الجمع المغولیة لاسم قبیلة أرغون [آرگین + وت > آرگینوت، بحسب الشکل الفارسي: أرکنوت]، ویمکن أن یُعدّ هذا دلیلاً علی وجود الأرغون في المناطق الحدودیة من شرقي المخیم الأبیض و شمالي منطقة جغتاي [غیرالتیموریة].

إن القول بأنه کان هناک في القرن 8هـ و بجوار الحدود الشرقیة للمخیم الأبیض في قسم من غربي سیبیریا في منطقة توبول علی ضفاف نهر إرتش، اتحاد من القبائل ذات الحکومات المستقلة المشترکة في تکوین المخیم الوسیط للقوزاق و منها قبیلة أرغون، و احتمال کون قبیلة الکراییت تتمتع باقتدار سیاسي نسبیاً (ظ: پیشچولینا، 63)، هو أمر مایزال یشکل نظریة جدیرة بالبحث. و إلی الربع الثالث من القرن 8هـ تمتع المخیم الأبیض بالاستقرار الکافي بوجود حکوماتٍ عمرت طویلاً وهدوء نسبي، حکوماتِ خاناتٍ مثل إیسان [شکل هذه الکلمة غیر ثابت] وچیمباي و أوروس. و مهما یکن و سواء أکان نتیجة الثبات السائد في المخیم، أم بسبب الاستقلال النسبي الذي یتمتع به الأرغون في المناطق الحدودیة، أو حتی بسبب قلة المعلومات التاریخیة عن الفترة المبکرة للمخیم الأبیض، فإنه لایشاهد دور للأرغون في حوادث هذا المخیم خلال القرن 8هـ.

بدأ الدور المهمل لأرغون في الوقائع التاریخیة لبلاد المخیم الأبیض، منذ القرن 9هـ الذي تزامن مع تطورین مهمین في المنطقة: بدء تقدم قبائل القّلماق من جُنکارستان باتجاه الغرب مما أدی إلی إیجاد کوارث ومصاعب في تاریخ قبائل القوزاق و منها الأرغون من جهة؛ و من جهة أخری، ابتلي المخیم الأبیض بالتقسیم فأصبح الطریق ممهداً للأرغون للدخول إلی الغرب. ومن جراء التقسیم الحاصل في الأراضي التابعة للمخیم الأبیض سابقاً کان هناک مخیمان رئیسان: قسم واسع من أراضي المخیم في الشرق و الجنوب أصبح تحت سلطة أبي الخیرخان من أخلاف شیبان بن جوچي الذي کان حاکماً فیما مضی علی جزء من سیبیریا فقط؛ والقسم الثاني هو الذي عرف بمخیم نوقاي، ظل في أیدي أخلاف أوروس‌خان. وفي الجانب الشرقي بادر الأرغون و بعض القبائل المجاورة الذین کانوا یجابهون الاندفاع المتزاید للقلماق، ربما لاعتقادهم أن مخیم الشیباني سیکون قادراً علی إحیاء سطوة المخیم الأبیض و ثباته و یغلق الطریق بوجه الغزاة القادمین من الشرق، للانضمام إلی مخیم أبي الخیرخان و أعلنوا عن تبعیتهم له. و سرعان ما أدرک الأرغون و معهم القبائل ذات المصیر المشترک ممن عُبرّ عنهم في المصادر التاریخیة بـ «الأوزبک القوزاق» (ظ: فضل‌الله، 141، مخـ؛ دوغلات، 146) أن أبا الخیرخان لم‌یکن بأمل في إعادة الحیاة إلی المخیم الأبیض فحسب، بل في حکم الأراضي الجنوبیة. و کانت الهزیمة النکراء التي ألحقها القلماق بأبي الخیر سنة 860هـ (ظ: کوهستاني، الورقة339ب) نهایة تلک المصاحبة.

وحول انفصال الأرغون عن مخیم الشیباني، توجد أسطورة بین الأرغون جدیرة بالاهتمام. فاستناداً إلی هذه الأسطورة، فإن خلال الفترة التي کان فیها الأرغون متحالفین مع أبي الخیرخان و کان أقرب رجال المخیم إلی الخان، بطلین شهیرین: دایر خوجا الملقب بآق جول من قبیلة الأرغون و الآخر قوبلاندي باتیر من قبیلة قره قبچاق. وقد انتهت المنافسة بین هذین البطلین إلی صراع دامٍ قُتل فیه دایر خجا علی ید قوبلاندي. فضغط الأرغون علی أبي‌الخیرخان لیقتص لدم بطل الأرغون من قوبلاندي، فلما لم‌یلبِّ مطلبهم، أعرضوا عنه (ظ: تینیشپاییف، 8-9). ومهما یکن، إن مایستفاد من التواریخ ذات العلاقة بأسرة الشیباني هو أنه خلافاً لما هو علیه حال کثیر من القبائل التي قُسِّمت بنی مخیم الأوزبک – القوزاق و مخیم الأوزبک – الشیبانیین، لایُشاهد أي ذکر للأرغون ضمن أسماء القبائل التي قاتلت إلی جانب محمدخان الشیباني في حروبه (ظ: ن.ص). فإذا لم‌نعدَّ انفصال الأوزبک القوزاق عن أبي‌الخیرخان – خلافاً لما یُتصور أحیاناً – بدایة تکوّنٍ لخانات القوزاق، عندها یمکن القبول بأنه خلال الانفصال عن الشیبانیین کان تکوّن هؤلاء الخانات – و بشکل مبدئي التکون القومي للقوزاق – یشکل منعطفاً مهماً. ولاشک في أن الأرغون کانوا من أقدم الأقوام الذین أدّوا دوراً في هذا التطور.

ومن ناحیة أخری و في النصف الأول للقرن 9 هـ هذا، یلفت النظر توجه فریق من قبائل أرغون إلی مخیم نوقاي. فقد قام رهط من الأرغون [أو من ذوي العلاقة بهذه القبیلة] ممن یدعون باسم قانجیغالي و من خلال انضمامهم إلی بُراق‌خان حفید أوروس‌خان، بالمشارکة في هجومه علی طشقند و خجند سنة 823هـ (ظ: م.ن، 8). وقد حظي النزوع للهجرة إلی مخیم نوقاي بقبول عام‌لدی الأرغون و القبائل التي معهم عقب الانفصال عن أبي‌الخیرخان، و جاء سریعاً بعد قبول الأرغون و کذلک الکراییت تبعیتهم لجاني‌‌بک نجل براق‌خان (ظ: ن.ص). و بإشارته إلی بحث لدوغلات (ص 272-274) الذي تحدث عن هجرة جاني‌بک إلی المناطق المحیطة ببحیرة بالخاش من بلاد منغولیا في 860هـ/ 1456م، یری تینیشپاییف أن ذلک ذو علاقة بانفصال الأرغون عن أبي الخی رو عودتهم إلی الشرق، أي جبهات الحرب مع الغزاة القلماق (ظ: ص 9,43).

ومنذ ذلک الحین و ماتلاه، وإذا غضضنا الطرف عن هجرة مجموعة من الأرغون إلی مناطق المخیم الذهبي (ظ: تتمة المقالة)، فإنه ینبغي دراسة تاریخ قبیلة الأرغون مع تاریخ خانیات القوزاق المتحالفة، وخلال فترة التقسیم، مع تاریخ المخیم الوسیط للقوزاق. و بحسب مستلزمات الموقع الجغرافي، فإن الأرغون و جیرانهم في المخیم الوسیط کانوا علی الدوام في معرض هجمات القلماق بشکل مباشر ومستمر. وإن هذه المسألة لم‌تکن حادة بالنسبة للمخیم الکبیر و بشکل خاص للمخیم الصغیر. و في القرن 10 هـ کان القلماق قد احتلوا أجزاءمن موطن أرغون في منطقة إرتش العلیا و في شرقي تارباغاتاي و منطقة إیلي العلیا (ظ: پیشچولینا، 63)، و خلافاً لأمراء أسرة جاني‌بک الذین کانوا یتمتعون غالباً بدعم قوزاق المخیم الکبیر و لم‌یکونوا ینظرون إلی قضیة القلماق بوصفها قضیتهم الأولی، کانوا یبدون اهتماماً خاصاً بالخانات المنافسین لشیغاي [نجل قاسم خان] و أبنائه مثل توکل‌خان و أونان سلطان لمواجهة القلماق، و کانوا یتمتعون بدعم قوزاق المخیم الوسیط و منهم الأرغون. و في حوالي سنة 961هـ/ 1554م خاض توکل خان حرباً ضروساً في مواجهة القلماق، کما أن أخاه أونان سلطان قتل في حرب معهم سنة 993هـ/ 1595م (ظ: تینیشپاییف، 48-49).

وفي السنوات الأولی من القرن 11 هـ و ربما نتیجة الهدوء القصیر زمنیاً للجبهة الشرقیة مع القلماق، اتجه حکام المخیم الوسیط نحوالجنوب و هاجموا مدن ماوراءالنهر. و خلال ذلک شارک الأرغون القاطنون في جبال قاراتاو في الهجمات العسکریة التي قادها توکل‌خان وخلیفته إیشیم‌خان علی فرغانة و سمرقند و بخاری، و کانوا مع إیشیم‌خان في حربه التي خاضها ضد تورسون‌خان في طشقند سنة 1038هـ/ 1629م (ظ: م.ن، 10). وفي العقود الأولی من القرن 11هـ ومع الدور المهیمن لإمبراطور الصین، فإن الاشتباکات الحدودیة بین قوزاق المخیم الوسیط و القلماق کانت قد وصلت إلی أدنی مستوی لها (ظ: «داي تسین...»، 59-61)، لکن في 1135هـ/ 1723م بدأ هجوم شامل للقلماق من جدید. و خلال هذا الهجوم التجأ الأرغون إلی صحاری «بتباق دالا» الجافة فلم یکابدوا من هجمات القلماق، إلا أقل الخسائر. وعقب هذا الهجوم توحدت المخیمات الثلاثة بقیادة بولادخان، و خلال الحرب الشاملة في سنتي 1137-1138هـ التي کان فیها الأرغون في الصفوف الأولی منها، تمکنوا من إجبار العدو علی الانسحاب إلی مسافات بعیدة، لکن مع موت بولادخان الفجائي انفرط عقد اتحاد المخیمات الثلاثة و أصبح القلماق في موقع الاقتدار (ظ: تینیشپاییف، ن.ص).

و خلال السنوات التي أعقبت 1138هـ، تصالح أبوالخیرخان أحد المطالبین بخانیة المخیمات الثلاثة والذي هو عملیاً حاکم القسم الأهم من المخیم الصغیر،مع قلدان تسیرن خان القلماق، و مع استمرار تهدید القلماق للمخیم الوسیط، زوج ابنته في حوالي سنة 1144هـ من قلدان‌خان (ظ: «داي تسین»، 63). وفي 1148هـ/ 1735م، فان آبلاي نجل أحد الخانات الجنکیزیین الذي کان یتمتع في البدء بدعم المخیم الوسیط، اختیر بوصفه خاناً من قبل المخیم الکبیر و المخیم الوسیط وقسم من المخیم الصغیر بشکل مشترک، واستطاع – مستفیداً من اتحاد مخیمات القوزاق – من صد هجمات القلماق بشکل جید و طردهم من جزء من البلاد (ظ: شاه‌کریم، 27؛ «التاریخ القدیم»، 292-293). وهنا یجدر القول، إن قبائل مثل الأرغون و النایمان الذین تخلّوافیما بعد عن دعم آبلايفخان، کانوا یعدّون بسالةَ المقاتلین الأرغون و النایمان العالم الرئیس في هذا الانتصار (مثلاً ظ: أومبتاي، 66).

ومنذ 1155هـ/ 1742م بدأ آبلاي بإعادة النظر بشکل جذري لسیاسته تجاه القلماق، وقد ترک هذا الأمر بشکل خطیر أثره في تنظیم مخیمه؛ وفي 1155هـ عقد معاهدة صلح مع قلدان‌خان القلماق، کما تزوج إحدی بنات أسرة قلدان (ظ: شاه‌کریم، أیضاً «التاریخ القدیم»، ن.صص). وکان صلح آبلاي مع الأعداء القدامی للمخیم الوسیط من جهة، و عدم رضا قبائل هذا المخیم عن السیاسات الداخلیة لآبلاي تجاههم من جهة أخری، أعدّا الأرضیة المناسبة لظهور انشقاق آخر.

وقد انتقد شاعر الأرغون الشهیر بوقار ژیراو (للاطلاع علی نسبه، ظ: بوقار، 25؛ أیضاً ظ: قونگیر اتباییف، 42) في أشعاره الخاصة بهذه الفترة، بشدة سیاسة آبلاي‌خان في تعامله مع قبیلته، و رأی التحالف مع القلماق العدو التقلیدي للأرغون، غیر مبرَّر. و في مقطوعة نظمها بوقار حوالي سنة 1174هـ، ومع تذکیره بأن آبلاي قد تسنّم العرش بدعم من الناس، شکا من الضغوط السیاسیة و الضرائب المفروضة علی أبناء قبیلته (ص 20). و حذّر في بیان صاغه في قالب الشعر، آبلايَ برفعه شعار: لاتشعِلْ أوارَ الحرب (ص 18)، وکان هدفه واضحاً و هو إیقاف لآبلاي عن قمع الأرغون و القبائل ذات المصیر المشترک معها. وقد امتدح بوقار مشاهیر الأرغون أمثال آق‌میرزا ممن قتلوا خلال اعتداءات عمّال آبلاي (ظ: ص 25، أیضاً 12). کما عاب بوقار علاقة الصداقة بین آبلاي و قلدان‌خان (ص 33) و کذلک زواجه بإحدی خواتین القلماق (ص 21-22؛ أیضاً ظ: أومبتاي، 67-70).

وقد ظلت هذه القضیة تُتناقل شفاهیاً أیضاً في إحدی الأساطیر القدیمة. فاستناداً إلی هذه الأسطورة فإن آبلاي‌خان عندما کان یحدث الخاتون القلماقیة بسرورٍ عن قمعه لقبیلة الکراییت و یتباهي في کیفیة أخذه «بوتاخان» حاکم الکراییت أسیراً و إذلاله، قامت الخاتون القلماقیة بتحذیره من عواقب ذلک. وقد عدّ الشاعرُ الذي نظم القصة، الأذی الذي أُلحق ببوتاخان بدایة اشتداد معارضة الأرغون و النایمان (ظ: رادلوف، 280-281؛ آبلاي‌خان، 318-319).

وفي تبیان الخلیفیة التاریخیة لهذه القصة یمکن القول إن قبائل الأرغون و النیمان و بعد ظهور الخلاف بینهم و بین آبلاي خان، انفصلوا عن مخیمه و اتحدوا مع الکراییت و شکلوا مخیماً کبیراً ضم جمیع، أو قسماً مهماً من المخیم الوسیط للقوزاق. و في تقریر موجز، یتحدث الرمزي عن مخیم مستقل للکراییت [في النصف الأول للقرن 12هـ] (2/ 518). ومهما یکن، فإن تفرّق مخیم آبلاي‌خان و بصورة عامة عدة مجامیع من قبائل القوزاق في هذه الفترة، أمر نبهت إلیه المصادر الصینیة أیضاً (ظ: «داي‌تسین»، 67).

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: