الصفحة الرئیسیة / المقالات / الأفشاریة، اسم /

فهرس الموضوعات

الأفشاریة، اسم


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۰۹:۴۳:۰۶ تاریخ تألیف المقالة

الأفشارية في الأناضول والشام

يمكن تتبع تاريخ الأفشارية حتى انقضاء القرن 5ه‍ / 11م فحسب في المسار التاريخي لقبيلة الغز (التركمان) ولم تثمر المساعي للحصول على وثائق تاريخية مستقلة عن هذا الرهط من القبيلة؛ وإنما يعدّ هذا القرن منعطفاً في تاريخ قبائل الغز بسبب كون هجرة الغزيين إلى الغرب تمت فيه. ونتيجة لذلك استطاع المؤرخون كتابة موضوعات عن الطوائف المختلفة لهذه القبيلة. وفي القرن 5ه‍ / 11م كان وجود عائقين كبيرين في طريق هجمات الغز، أي الدولتين القراخانية في ماوراء النهر والسلجوقية في بلاد خراسان ـ خوارزم مرة أخرى عاملاً لتنقل الغز. والعامل المهم الآخر كان الهجرة الجديدة الكومانية ـ القپچاقية في القرن 10م نحو الغرب، وهو ما كان يشدد من هذه الموجة (ظ: هروات، 45-49). 
وخلال السنتين 442-443ه‍ / 1050-1051م، اتجه قسم من الغز نحو الغرب مرة أخرى، وبدحرهم الپچنكيين نحو الغرب، استوطنوا في مواطنهم السابقة في الجانب الآخر من الأورال (ن.ص)، لكن الغز المقيمين في شمال ماوراء النهر لايزالون يشعرون بالضغوط عليهم. وفي أواخر العصر السلجوقي كانت أوضاع رقعة حكمهم توفر الأرضية المناسبة للغز. وفي هذه المرة كانت البلدان الإسلامية في إيران وغربها هدف المهاجرين الغز، وهكذا وبمرور الزمن من القرن 5 إلى القرن 6ه‍ انطلقت موجة هجرة للتركمان الغز إلى إيران والبعض الآخر من البلدان الإسلامية (وصاف، 86). 
وعلى الرغم من أن قرب آسيا الوسطى من الموطن القديم للغز في شمال حوض سيحون في سهل القپچاق، أدى إلى أن يسكن قسم من الغز المهاجرين في هذه المناطق، ومن حيث النسيج القومي أيضاً عرفوا باسم الأحدث لهم وهو التركمان في هذه المنطقة بأسرها، لكن البحث عن القبائل الغزية القديمة مثل الأفشارية في آسيا الوسطى لم يحالفه النجاح. وفي الحقيقة، فإن التغيير الحاصل في تبويب القوميات التركمانية في آسيا الوسطى كان من الشمولية بشكل قلما تنسجم فيه أسماء القبائل المعروفة من التركمان في التاريخ المتأخر لآسيا الوسطى مع الأسماء القديمة لقبائل الغز، إلا في حالات نادرة. لذا ينبغي أن لانتعجب من أنه كيف لم يبق بين القبائل التركمانية في آسيا الوسطى وكذلك أفغانستان، اسم للأفشارية وكثير غيرها من القبائل الغز القديمة (مثلاً ظ: شاكريم، 63 ؛ بارتولد، 574-579؛ يغموروف، 111؛ عن بحث حول الغز في حوض سيحون، ظ: جيرمونسكي، 471-483). 
ولم يكن المؤرخون المسلمون طوال القرون الأولى لمعرفتهم بالتركمان يعرفونهم غالباً، إلا بأسماء عامة مثل «الغز» (الأغوز)، أو «التركمـان»، وهذا مـا أدى ــ عدا حالات نادرة مثل تاريـخ حكومة شملة وخلفائه في خوزستان (ظ: القسم السابق من المقالة).ــ إلى أن يقل الحديث عن أسماء القبائل لدى تدوين الوقائع التاريخية الخاصة بالأفشارية وبقية القبائل التركمانية. وقد أدت هذه الخصيصة إلى أن يواجه بحث تاريخ مترابط لقبيلة محددة مثل الأفشارية صعوبات جمة على الرغم وفرة الأخبار الخاصة بالتركمان في النصوص التاريخية المتعلقة بالقرون الإسلامية الوسيطة. 
جدير بالذكر أن شتى الطوائف الأفشارية تركت خلال قرون طويلة بصمات متواصلة، لكن ليست واضحة دائماً في تاريخ الأناضول والشام. وبرغم أن هذه القبيلة واصلت العيش حتى اليوم بثبات ملفت للنظر في أجزاء من هذه المناطق، إلا أن إعادة تقديم صورة لتأثيرهم في صفحات التاريخ مايزال يواجه صعوبات جمة بسبب قلة الروايات المباشرة. وفي هذا المضمار، نجح فاروق سومر في بحوثه في تقديم صورة أولية لهذا التاريخ. وقد استطاع وهو الذي نشر بحوثه حول الأفشارية لأول مرة ضمن مقالة في مجموعة «أرمغان كوپريلي»، أن يقدم دراساته بشكل أكثر شمولاً وانسجاماً في كتاب أغوزلر (ط الثانية، 1972م) (عن بعض المصادر الخاصة بلغة الأفشارية وثقافتهم، ظ: IA,II / 37-38). 

الأفشارية في الأناضول

كنقطة بدء لتواجد الأفشارية في الأناضول، يجدر الانتباه إلى أن المقاتلين الأفشارية واستناداً إلى الدلائل التاريخية لعبوا دوراً رئيساً في عملية فتح الأناضول؛ وفي الحقيقة وبحسب تحليل المؤرخين، فإن هذه الخصيصة كانت مدعاة ليكون انعكاس تواجد هذه القبيلة في الجغرافيا التاريخية للمنطقة واسعاً جداً (ظ: سومر، 264 ؛ أيضاً ظ: أوفيزوف، 160). 
واستناداً إلى سلجوق نامه ليازيجي أوغلي، فإن أسرة قرامان التي تعرف بالرعيل الأول للأسرات الإسلامية الحاكمة في آسيا الصغرى، كانت من المنتسبين إلى قبيلة الأفشارية (للاطلاع على مخطوطة طوب قابو، ظ: سومر، ن.ص). وينبغي أن نضيف أنه واستناداً إلى كتاب وقائع أرمني لمؤلف مجهول كتب في 699ه‍ / 1300م، فإن شخصاً يدعى إسلام بك، زعيم قبيلة الأفشارية تحدث في 652ه‍ / 1254م، عن هجومه على المناطق الحدودية غير‌المفتوحة (ظ: كاهن، 131). ويرى سومر أن هذا الزعيم كان على علاقة بحكام أسرة قرامان فيما يحتمل (ص 265). 
و كملاحظة تستحق التأمل، تجدر الإشارة إلى العلاقة التاريخية التي كانت قائمة بين بعض التجمعات الأفشارية في السواحل الجنوبية الشرقية من الأناضول وأفشاريي الشام؛ فإذا كانت الرواية التي قدمها القلقشندي أوائل القرن 9ه‍ / 15م، عن تواجد الأفشارية في صفوف تركمان حلب وكذلك طرسوس (7 / 190، 282)، كانت ملهِمة للمؤرخ بوجود علاقة كهذه فحسب، لكنه عرف جيداً وجود رابطة كهذه في حوالي القرن 9ه‍ / 15م. وفي حوالي نفس ذلك القرن، عرف فرع مهم من الأفشارية في منطقة سيس «في كيليكيا» انفصل عن أفشاريي شمال سورية نتيجة قيام بيكية «ذو القدري» وفتح سيس على أيدي المماليك (ظ: سومر، ن.ص). كذلك وفي حوالي القرن التالي، تجدر الإشارة إلى التشكل القومي «لتركمان ديار بكر» الذي كان يستند إلى قبيلة الأفشارية بوصفها أحد أركانه، والذي كان قد اتحد تاريخياً بتشكيلين شاميين، أي «تركمان حلب» (يضم قسماً من الأفشارية) و«أفشارية ذو القدري» (ظ: السطور التالية). 
وعلى أية حال، ينبغي الالتفات إلى أنه واستناداً إلى السجلات العثمانية، فإن أسماء جغرافية جمة سجلت في الأناضول منذ القرن 10ه‍ / 16م نُحتت من مفردة أفشار، أو تركيب منها. وبعملية مقارنة، يمكن القول إن الأفشارية من حيث كثرة التأثير في الأسماء الجغرافيـة في المنطقة لها المرتبة التالية بعد قبيلة رقيب‌ قايي. وإن أسماء كهذه قائمة على مفردة «أفشار» تلاحظ ــ فضلاً عن المناطق الوسطى والغربية للأناضول مثل قسطموني وقونية وكتاهيـة وأنقرة وقيصرية ــ حتى في روملي أيضـاً (ظ: م.ن، 213,264، أيضاً 434-436: من قوائم الأسماء؛ أيضاً ظ: كارابايف، 235؛ عن البحث في العشائر، ظ: رفيق، 20,47، مخ‍ (. 
الأفشارية في الشام: فيما يتعلق بالمراحل الأولى لشق الأفشارية طريقهم إلى بلاد الشام، لايمكن الحديث بشكل واضح، سوى عن المعلومات العامة بشأن تواجد التركمان. وفي الحقيقة فمنذ حوالي القرن 8ه‍ / 14م، ترك الأفشارية أثراً محدداً لهم وبشكل خاص في النصوص التاريخية. وخلال القرنين 8 و9ه‍ / 14و15م ومن بين رهط بوز ـ أوق من التركمان القاطنين في حلب وعينتاب وأنطاكية، تلاحظ قبيلة الأفشارية في المرتبة الأولى من حيث الأهمية، بل إنها نشرت ظلالها حتى على قبيلة مقتدرة مثل بيات (سومر، 265). 
وفي بداية القرن 9ه‍ ، أقدم البياتيون وكذلك الإينالويون على التعدي مستغلين النزاعات بين الأمراء المماليك، ولهذا، نظّم الأمير المملوكي، چكيم تحركاً شديداً ضدهم. وعلى الرغم هروبهم لفترة من المعركة، فإنهم عادوا إلى موطنهم بعد مقتل چكيم ولعبوا دوراً في صراعات القوى بين الأمراء المماليك. ومن ذلك، فإن رواية ترجع إلى 811 ه‍ التي تتحدث عن تواجد جماعة الأفشارية في عسكر الأمير دمرداش، نائب حلب (المقريزي، 4(1) / 86)، ورواية ترجع إلى 812 ه‍ تتحدث عن أداء بعض القادة الأفشاريين لمهام بوصفهم قادة للعسكر (ابن تغري بردي، 13 / 99)، ورواية أخرى ترجع إلى 820 ه‍ تتحدث عن تواجد عدد كبير من الجنود الأفشارية في جيش نائب الشام، السلطان آقباي (م.ن، 14 / 48)، وهي نماذج تستحق الذكر. 
ونعلم أن الأفشارية في تلك الفترة وبتحالفهم مع البياتيين والإينالويين أقدموا على تصرفات عنيفة ومنها أنهم نظموا هجوماً على بلاد ماردين. ولما كان الأفشارية، وحلفاؤهم يهددون مصالح القراقويونلويين، فإنهم وخلال هجوم قرا يوسف على عينتاب في 821 ه‍ وعلى الرغم من أنه كان يطارد عدواً آخر، غادروا المنطقة وهربوا إلى منطقة طرابلس، لكن مكوثهم في طرابلس لم يقابل بترحاب. ولم يمض طويل وقت حتى اضطرتهم الظروف مجتمعة للعودة إلى وطنهم (ظ: سومر، ن.ص). وكان لأفشارية الشام علاقات حسنة مع الآق قويونلويين وكان يُشاهد منصور بك من أفشاريي الشام بين أنصار أوزون حسن المقربين (أبو بكر الطهراني، 218، مخ‍ ). 
وطوال القرنين 10و11ه‍ / 16و17م، أسس أفشاريو الشام بعض التنظيمات القومية الجديدة التي ينبغي أن يشار من بينها إلى تنظيم تركمان حلب بمراكز ثقل مثل أفشارية كوپك وگوندوز ممن كانوا قد لعبوا منذ القرن الماضي دوراً بوصفهم الأسر المهيمنة من بين أفشارية الشام. وكان التنظيم الآخر هو «أفشارية ذو القدري» الذي كان بدوره يتألف من أرهاط متنوعة. وأخيراً تجدر الإشارة إلى تنظيم باسم «بوز ـ ألوس» كان قد ظهر نتيجة تحالف بين هذين التنظيمين الشاميين وبين تنظيم «تركمان ديار بكر»، (ظ: سومر، 175-178,272-276). وكملاحظة أخرى لإنعام النظر، تجدر الإشارة إلى إسكان الدولة العثمانية عدداً من القبائل ومنها الأفشارية في مناطق حران والرها والذي تم في القرن 11ه‍ / 17م (م.ن، 193). 
جدير بالذكر أنه في الروايات التاريخية الخاصة بأفشارية الشام في القرنين 12و13ه‍ / 18و19م، جرى الحديث بشكل أكبر عن أخلاف تنظيم «تركمان حلب» (لمزيد من التفصيل، ظ: م.ن، 278-286؛ عن مكانة الأفشارية بين تركمان الشام، أيضاً ظ: ساخات مرادوف، 192، أيضاً 208 ff.). 
وكإشارة إلى مكانة الأفشارية بين تركمان العراق، ينبغي التذكير هنا بأن بعض الباحثين رأوا أن دخول القبائل التركمانية العراق وبشكل خاص منطقة الموصل في شماله كان متزامناً مع اتسـاع هجرة التركمان إلى إيران وبقاعها الغربية (ظ: سومـر، 132-133؛ أوفيزوف، 160). وعلى الرغم من بقاء الشعب التركماني حتى اليوم أقلية صغيرة في بلاد العراق (ظ: بندر أوغلو، كافة أرجاء الكتاب)، فإنه لايوجد دليل على وجود تمايز بين القبائل التركمانية بالشكل الذي يشاهد في الأناضول والشام. وإن ما يثير الانتباه بوصفه أساساً لدراسة مكانة الأفشارية في العراق، يمكن أن يكون استخدام مفردة «أفشار» في الأسماء الجغرافية للمنطقة (ظ: أوفيزوف، 162). 

المصادر

ابن تغـري بردي، النجوم؛ أبوبكر الطهراني، ديار بكريه، تق‍‍ : نجاتـي لوغال و فاروق سومر، أنقرة، 1962-1964م؛ بندر أوغلو، عبد اللطيف، عراق تركمن ديلي، بغداد، 1976م؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشى، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة؛ المقريزي، أحمد، السلوك، تق‍ : سعيد عبد الفتاح عاشور، القاهرة، 1972م؛ هروات، آندراس پ.، پچنگها، كومانها وياسها، تج‍ : رقية بهزادي، طهران، 1375ش؛ وصاف، تاريخ، تحرير عبد المحمد آيتي، طهران، 1346ش؛ وأيضاً:

Barthold, W.W., «Ocherk istorii turkmenskogo naroda», Sochineniya, Moscow, 1963, vol. II(1); Cahen, C., «Quelques textes négligés concernant les Turcomans de Rûm au moment de l’invasion mongole», Byzantion, 1939, vol. XIV; IA; Jirmunskiy, V. M., «Sirderya boyunda Oğuzlara dair izler», Belleten, Istanbul, 1961, vol. XXV; Karabaev, B., «Turkmeny Turtsii», Turkmeny zarubezhnogo vostoka, Ashkhabad, 1993; Ovezov, K. & N. Gadzharov, «Turkmeny Iraka», Turkmeny zarubezhnogo vostoka, Ashkhabad, 1993; Refik, A., Anadoluda Türk aԫiretleri, Istanbul, 1989; Sakhatmuradov, A., «Türkmeny Sirii», Turkmeny zarubezhnogo vostoka, Ashkhabad, 1993; Shakarim Qudaiberdiuly, Türïk, qyrqyz-qazaq hăm Khandar shezhïresï , Almaty, 1991; Sümer, F., Oğuzlar (Türkmenler), Ankara, 1972; Yagmurov, A., «Turkmeny Afganistana», Turkmeny zarubezhnogo vostoka,Ashkhabad, 1993.

قسم علم الإنسان / ه‍

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: