الاستقراء
cgietitle
1442/9/13 ۲۳:۲۶:۲۹
https://cgie.org.ir/ar/article/236063
1445/11/10 ۰۷:۳۰:۲۶
نشرت
7
كان أبوبكر محمد الكرجي (تـ ح 410ه/ 1019م) أول من استخدم كلمة الاستقراء لأول مرة لحل المعادلات السيالة، و اتبعه علماء الرياضيات مثل السموأل. وفي الحقيقة فإن هذا المصطلح ــ بهذا المعنـی ــ ليسـت له أية علاقة بالاستقراء المطروح في المنطق الأرسطي. فقد ذكر الكرجي في كتاب «الفخري» في شرح هذا المصطلح: أن الاستقراء في الحساب هو أن يقدموا لك جملة [بمجهول واحد، أو بضعة مجهولات] من جنس واحد، أو جنسين، أو ثلاثة متوالية، و تكون هذه الجملة مربعاً كاملاً لبعض مقادير المتغيرات فقط، و يكون أمام المربع عدداً مجهولاً، ثم يكون عليك أن تجد هذه المقادير. ثم يضيف قائلاً: إن المعادلات السيالة لها في الحالة العامة إجابات عديدة، و لكننا لانأخذ من بين جميع الأجوبة، إلا تلك التي هي من بين الأعداد الصحيحة (ص 165-166). و مع الأخذ بعين الاعتبار أن علماء الرياضيات القدامی لميكونوا يرون قيمة للإجابات المعادلة للصفر، كما أنهم لميكونوا يستخدمون الأعداد السلبية، فكان الكرجي يقصد من الأعداد الصحيحة في العبارة المذكورة الأعداد الطبيعية؛ و لكنه أخذ في معادلات هذا الكتاب بالإجابات الكسرية أيضاً، و اختار من الناحية العملية مجموعة الأعداد الناطقة كنطاق للإجابات، و علی الرغم من أنه استعمل في ذلك الموضع كلمة المُنطق، إلا أنه ذكر في هذا التعريف الأعداد الصحيحـة بدلاً من الأعـداد المُنطقة ــ و ربما كان ذلك سهـواً ــ وقد عرف الكرجي في البديع هذا المصطلح قائلاً: «الاستقراء هو تتبع المقادير حتی تجد مطلوبك» (ص 62). و بنفس النسبة التي نری فيها أن هذا التعريف عام فإن له استخداماً أقل. و مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الكرجي استخدم في تعريفه اسماً واحداً لجميع المتغيرات، فإن بالإمكان التعبير عن مجموعة معادلاته السيالة بلغة الرياضيات الحديثة:
f1(xn,xm)=z2
f2(xn+2,xn+1,xn)=t2
و رغم أن أحد طرفي المعادلة هو مربع كامل دوماً في تعريف الكرجي، إلا أنه جاءت في «الفخري» و كذلك في البديع معادلات كثيرة لايستوعبها هذا التعريف. و قد قسم الكرجي في «الفخري» المعادلات إلی 5 طبقات، و ذكر المعادلات السيالة بشكل متفرق في الطبقات 2-5. و الطبقة الأولی من هذا الكتاب هي وحدها التي تخلو من المعادلة السيالة، و علی سبيل المثال فإن المعادلات رقم 22-33، 50 من الطبقة 2 و رقم 1-4، 36-45، 50 من الطبقة 3 هي معادلات سيالة، في حين أن المعادلات الأخری لهذين القسمين غير سيالة.
و قد كان الصينيون و الهنود و اليونانيون و المسلمون قد بحثوا و حلوا المعادلات السيالة قبل الكرجي، إلا أن الصينيين لميتجاوزوا حل المعادلات السيالة الخطية و خاصة المسائل المعروفة بـ «مسائل الطيور» (جعفري، 82). و من بين العلماء اليونانيين الذين تناولوا هذا الموضوع بالتفصيل ديوفانتوس في كتاب أريثمتيكا. و من بين العلماء المسلمين الذين اهتموا بهذه المسائـل قبـل الكرجـي كان أبـوكامـل شجـاع بـن أسلـم المصـري، و أبوجعفر الخازن، و أبي لوفاء البوزجاني، و يعد أبوكامل الوحيد من بينهم الذي تعمق في هذه المسائل. و لميثبت بعد تأثير كتاب أريثمتيكا لديوفانتوس علی أبي كامل، فمن الممكن أن يكون أسلوب أبيكامل في حل المعادلات الخطية من الدرجة الثانية حصيلة بحوث مستقلة (عن معادلات أبي كامل وبعض أساليب حل المعادلات الخطية، ظ: ن.د، أبوكامل)، في حين أن الكرجي اقتبس بالتأكيد عدداً من معادلاته السيالة من العالم الرياضي اليوناني ديوفانتوس، و قد أشار فرانتس فوبكه و جاك سزيانو إلى و جوه الشبه بين أساليبهما.
و قد كان أسلوب الهنود في حل هذه المعادلات يعد في عصرهم من الروائع الرياضية، و رغم أن هناك وجوه شبه بين هذه الأساليب، و الأساليب اليونانية في حل هذه المعادلات، إلا أن هذين الأسلوبين يختلفان عن بعضهما، في كل موضع يمكن أن يكون فيه اختـلاف (ظ: فـوبكه، 34). و سنذكر فيمايلي أمثلة للمقارنة بين الأساليب الاستقرائية الهندية و اليونانية، و أسلوب الكرجي:
بذل الهنود جهوداً كبيرة من أجل حل المعادلة المعروفة باسم بِل (جان بل) و هي كالتالي: 1=-Dy2x2 ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن القدماء لميكونوا يرون قيمة للأعداد السلبية، كانت هذه المعادلة تطرح بلغة الرياضيات الحديثة كالتالي: x2+1=Dy2 (الأجوبة المعدومة القيمة x=0, y=+1 خارجة عن البحث).
ألف ـ لمبرهمغوبته (تـ 598م): إذا كان (p,q) جواباً من المعادلة x2=Dy2+s و( ) جواباً من المعادلةx2=Dy2+ś فسيكون حينئذ أحد أجوبة المعادلة x2=Dy2+ss كالتالي:
خاصة إذا كـان s مساويـاً لـ ś، يكون x=p2+Dq2; y=2pq أحد أجوبة المعادلة x2=Dy2+s2.
ب ـ أسلوب بهاسكره الثاني (تـ 1185م): لقد قام بحل معادلة بل بأسلوب جميل باستخدام الأسلوب المعروف بالأسلوب الحَلَقي و بالاستناد إلی لمبرهمغوبته و نتائجه:
نختار العددين المتباينين pوp و المقدار s بشكل بحيث يصدقان في المعادلة p2=Dq2+s (1) (يجب أن يكون s صغيراً قدر الإمكان).
نعين عدداً مثل X بحيث يكون العدد p+qx/s صحيحاً، و في هـذه الحالة يكون العـدد p+q(x+ks)/s صحيحاً، فـي مقابل كل عدد صحيح k. و من أجل تبسيط عملية الحساب تختار k بشكل بحيث يكون المقدار 2= - D(x+ks) أقل مقدار. فتفترض أن:
و يری بهاسكره أن الأعداد pl وsl صحيحة أيضاً بالإضافة إلی q1 الذي هو عدد صحيح دون شك، و لكنه لميثبته. و إثبات ذلك بالغ السهولة و يمكن من خلال حذف s بين العلاقة (1) وعلاقة التعريف q1. ثم نحصل علی مقدار لـ s1، و إذا كان هذا المقدار مسـاويـاً لـ 1، أو 2 ، فإن بالإمكان حسب لمبرهمغوبته الحصول علی جواب لمعادلة بل (لمزيد من التوضيحات و الاطلاع علی مثال، ظ: مصاحب، 2/1335- 1338).
نمثل بالمعادلة x3+y3=z2
(ديوفانتوش، الكتاب 4، المسألة 1؛ الكرجي، «الفخري»، الطبقة 5، الرقم 1؛ فوبكه، 124؛ سزيانو، 179-180) ثم يفترض كمثال: m=2 وn=6. و لكن الكرجي يعين هذه المقادير منذ البدء. و في بعض المواضع تكون المسألة التي طرحها ديوفانتوس و الكرجي واحدة، و لكن الأعداد التي ذكرت كمثال، و بالتالي فإن الأجوبة مختلفة كهذا المثال:
و يفترض ديوفانتوس: y=ntو n=1؛ و بالتالي سيكون لدينا t=m/100 بفرض أن x=m+ t2 و هكذا سيكون جواب المعادلة بإزاء m=300 (و بالتالي t = 3) كالتالي:
x=2700; y=3; z3=27000=303
و أما الكرجي فقد حصل علی المقادير التالية بفرض (t=2)m=200:
x=8000; y=2; z3=8000=203
(ظ: ديوفانتوس، الكتاب 4، المسألة 6؛ الكرجي، ن.م، الطبقة 5، الرقم 15؛ فوبكه، 128؛ سزيانو، 191).
و بالطبع فإن الكرجي طرح في البديع معادلات جديدة. كما ألف أيضاً كتاباً مستقلاً حول الاستقراء بنفس الاسم لميتبق منه أثر.
و كتب مصاحب شرحاً كاملاً حول المعادلات السيالة والمسائل التاريخية المتعلقة بها (2/مخ(.
إن الاستقراء الرياضي هو في الحقيقة نفس استقراء المنطق الأرسطي. و يعد پيانو أول من تناوله بشكل منظم. و يتم بيان أصل الاستقراء في البدء من العدد الصحيح m كالتالي: إذا كان p خصوصية تتعلق بالأعداد الطبيعية، و كان لدينا (m)p (أي أن تكون الخصوصية p لـ m صحيحة)، وبإزاء كل عدد طبيعي m n إذا كان (n)p فحينئذ يكون (n+1)p.
و يسمی هذا النوع من الاستقراء بالاستقراء الضعيف (أو الاستقراء بمقدمة واحدة: (m)p). و إذا ما ذكر الاستقراء بشكل مطلـق فإن المقصود منه الاستقراء الضعيف الذي يبدأ من الواحد. و إذا كان عدد المقدمات أكثر من واحدة سمي الاستقراء بالاستقراء القوي. و علی سبيل المثال يكون الاستقراء القوي (بمقدمتين) و المبتدئ بالواحد كالتالي:
نفترض أن p خصوصية تتعلق بالأعداد الطبيعية بحيث يكون: (1) P و (2)P، وإذا كان بإزاء كل عدد طبيعي أكبر من واحد n، إذا كان (n-1)P و (n)P فحينئذ سيكون (n+1)P. و في هذه الحالة فإن جميع الأعداد الطبيعية لها خاصية p.
و يری محمد يادگاري (ص 259-262) أن الاستقراء الرياضي يمتد تاريخه حتى بين اليونانيين، كما استند إليه أبوكامل في إثبات إحدى المسائل. كما أشار أحمد سليم سعيدان (1/376) إلی استخدام السموأل لأسلوب مشابه. إلا أن هذين الأسلوبين كليهما يختلفان عما ذكر سابقاً، حيث يقوم الاستدلال فيهما علی أساس تعميم المشاهدات، و لذلك فإنهما يشبهان الاستقراء المستعمل في المباحث المنطقية الأخری.
ديوفانتوس، «المقالة الرابعة في المربعات و المكعبات...»، ترجمة قديمة لقسطا بن لوقا البعلبكي (ظ: مل، سزيانو)؛ سعيدان، أحمد سليم، تاريخ علم الجبـر في العالـم العربي، عمـان، 1983م؛ الكرجـي، محمـد، البديع فـي الحساب، تق: عادل أنبوبا، بيروت، 1964م؛ م.ن، «الفخري في الحساب» (ظ: هم، سعيدان)؛ مصاحب، غلام حسين، تئوري مقدماتي أعداد، طهران، 1355- 1358ش؛ و أيضاً:
Djafari Naini, A., Geschichte der Zahlentheorie im Orient, Brunswick,1982; Sesiano, J., Books IV to VII of Diofantus, Arithmetica…, New York, 1982; Woepcke, F., Extrait du Fakhrî, Paris, 1853; Yadegari, M., «The Use of Mathematical Induction…», Isis, Baltimore, 1978.
يونس كرامتي/خ.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode