أَبوظَبي، إحدی الإمارات العربیة السبع تقع علی الساحل الجنوبي للخلیج الفارسي و هي مقر حاکمها. و أبوظبي – حسب الأسطورة – صیاد ذهب إثر ظبي إلی تلک الأرض و مات ظمآناً إلی جانب صیده (البستاني، 4/413).

الموقع و المساحة

تعتبر هذه الإمارة أکبر الإمارات العربیة المتحدة، وتبلغ مساحتها 67,340کم2، أو ما یعادل 86,67% من مساحة الإمارات بأسرها (الکتاب السنوي، 14)، وتمتد علی ساحل الخلیج الفارسي مسافة 450کم، ویتراوح عرضها الشمالي – الجنوبي بین 150 و 300کم. وأقصی نقطة في شرقها هي جبل علي المتاخم لحدود دبي، وأقصی غربها خورالعُدَید إلی الجنوب الشرقي من جزیرة قطر (اقتداري، خلیج فارس، 159). وتمتد حدودها الجغرافیة شمال خط الاستواء بین خطي عرض 22° و 5´ حتی 26° و بین خطي طول 51° و 5´ حتی 56° شرق غرینتش (الکتاب السنوي، ن.ص).

یحد أبوظبي من الشرق دبي، و من الغرب قطر و العربیة السعودیة، ومن الجنوب عمان («دلیل الإمارات...»، 135). وقد شکلت حوالي 200 جزیرة صغیرة و کبیرة واقعة بجوار ساحلها الممتد، أو أبعد منه داخل الخلیج الفارسي، قسماً من أراضیها (الکتاب السنوي، ن.ص). وهذه الجزر بعضها صخري و الآخر رملي، وکان أغلبها یشکل في الماضي موانئ طبیعیة و أماکن مناسبة لصید الأسماک و اللؤلؤ (البستاني، ن.ص). و أهم هذه الجزر: 1. أبوظبي، ومساحتها 60 کم2 وتقع فیها عاصمة الإمارة أیضاً؛ 2. داس، و مساحتها 3 کم2 و تقع علی بعد 170 کم شمال غرب العاصمة ولها أهمیة کبیرة للصناعة النفطیة؛ 3. مبرّز، وتحظی هي الأخری بأهیمة نفطیة؛ 4. صیربني یاس، الواقعة علی بعد 180 کم إلی الغرب من العاصمة، وفیها میناء مهم لتصدیر النفط؛ 5. سعدیات، تقع بجوار العاصمة وإلی الشرق منها، وفیها مرکز مهم للبحوث الزراعیة؛ 6. أم النار، وهي مرکز مهم لتکریر النفط (الکتاب السنوي، ن.ص؛ جناب، 158-159)؛ 7. ذَلما، التي کانت في الماضي مرکزاً لصید اللؤلؤ و یعمل سکانها الآن بالصید (مسعودي، 63). وکانت توجد في هذه الجزیرة یوماً شجرة‌تین واحدة فقط، إلا أنوجود مصفیً ینتج في الیوم 250 ألف لیتر من الماء العذب، حوّلها إلی إحدی المناطق السکنیة في الخلیج الفارسي (البستاني، 4/415).

طبیعة أبوظبي الجغرافیة

إن السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي أرض جافة تقع في الحد الفاصل بین خور العدید في الحافة الشرقیة لشبه جزیرة قطر و بین رأس مُسَنْدَم في مدخل مضیق هرمز بطول 650 کم تقریباً، وتحتل إمارة أبوظبي أکثر من ثلثیها (هاي، 113). وأبوظبي أرض مجدبة تشکل الصحاری المقفرة 70% منها (الکتاب السنوي، ن ص) وأراضي الجزء الساحلي و التي تشکل 2% من مجموع مساحتها، أغلبها أراض ملحیة و صحراویة من النوع المعروف بالسبخة، وفیها شقوق عدیدة و کذلک جزر متعددة تبعد عن الساحل مسافات مختلفة (هاي، 116).

وعلی امتداد مساحة هذه الإمارة لاتشاهد جبال تستحق الذکر عدا الأجزاء الشرقیة منها حیث یقع قسم من التلال السفحیة الغربیة لجبال حجر الواقعة داخل أراضي أبوظبي. وفي هذا القسم من أبوظبي ظهرت منطقة مساحتها 80×20 کم تدعی العین، وفیرة المیاه و السکان نسبیاً وتکثر فیها مزارع النخیل الواسعة و الواحات الخصبة (الکتاب السنوي، ن.ص؛ هاي، 118). و حین نتقدم في المضیق الساحلي نحو الجنوب، نجد الکثبان الرملیة العدیده و الواسعة الممتدة واحدة تلو الأخری حتی مسافة 160 کمعن الساحل، جافةً و بوراً. وهناک علی امتداد جنوب غربي أبوظبي، تقع مراعي ظفرة ولیوا، أو الجوا الغنیة والتي تکونت من 60 قریة تعج بمزارع النخیل (الکتاب السنوي، ن.ص).و بعد قری لیوا، تغطي الکثبان الرملیة الحمراء الخالیة من النبات جنوب أبوظبي بأسره حیث تتصل أخیراً بأشکال مشابهة لها في الربع الخالي بالعربیة السعودة. وعلی بعد 160 کم تقریباً من شرق أبوظبي وإلی الشمال من سلسلة جبال تدعی «جبل هَفِت» تقع واحة البریمي المعروفة المؤلفة من 8 قری تعود 6 منها لأبوظبي و 2 تحت تصرف مسقط (هاي، 118-119). و تؤمّن مزارع النخیل الواسعة و الأراضي الخصبة في هذه المنطقة جزءاً من احتیاجات الإمارظ.

وواحة البریمي متنازع علیها منذ سنوات بین أبوظبي والعربیة السعودية (ن.ص). و عمق میاه الخلیج الفارسي علی طول ساحل أبوظبي قلیل جداً و یقل عن 10 أمتار إلی مسافة بعیدة عن الیابسة. و هذا القسم من الخلیج المعروف برصیف اللؤلؤ یتألف من النتوءات المرجانیة التي غطتها ترسبات العصر الجیولوجي الثالث، ولاتشاهد فیها تعاریج ملحوظة (مستوفي، 7).

الخصائص المناخیة

إن العرض الجغرافي وانعدام التضاریس المهمة ووقوع أبوظبي بین صحراء العربیة السعودیة الجافة و الخلیج الفارسي الحار، هي عوامل جغرافیة مهمة تترک آثارها علی مناخ هذه الإمارة. و في الشهور الباردة من السنة، تنتقل التأثیرات الجانبیة لمنطقة سیبیریا الواسعة ذات الضغط العالي والبرودة الشدیدة المصاحبة لها والتي تغطي الجزء الأکبر من المناطق الجافة في آسیا و أوروبا، إلی السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي، فیکون الجو خلال هذه الأشهر بارداً ورائقاً والسماء صافیة في أغلب الأحیان (لوریمر، II/1431)، إلا أنه في هذه الفترة من السنة تحصل أبوظبي شأنها شأن بقیة نواحي المنطقة علی أمطارها القلیلة ببرکة المنخفضات الجویة المتوسطیة القلیلة الضغط التي تتحرک من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي في الخلیج الفارسي.

وفي أشهر السنة الحارة التي تبدأ في أبوظبي وبقیة السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي من کانون الثاني و شباط، تتراجع بسرعة منطقة الضغط العالي الشتویة لتحل محلها منطقة الضغط الواطئ الآسیویة التي تتمرکز فوق باکستان. و في هذا الفصل من السنة ترتفع درجة الحرارة بشدة، إلا أن السماء تظل صافیة خالیة من الغیوم مما یساعد بدوره علی ارتفاعها. و یندر جداً أن تهطل الأمطار في هذه الفترة (گنجي، 21-22). أما الریاح فتهب غالباً في الشتاء من الشمال الغربي إلی الجنوب الشرقي مصحوبة بمنخفضات جویة وسحب متوسطیة ممطرة أحیاناً. وخلال هذه الأشهر تهب الریاح الساحلیة من الجنوب إلی الشمال، أي من الیابسة إلی البحر بتناوب أکبر. و خلال أشهر الصیف تتبع التیارات الهوائیة لجنوب الخلیج الفارسي و السواحل و المناطق المجاورة له، الظروفَ الجویة لمنطقة باکستان ذات الضغط الواطئ، ویکون اتجاه الریاح في أغلب الأحیان من الشمال الغربي إلی الجنوب الشرقي (م.ن، 26، 27).

وأما في فصل الصیف فأبوظبي من المناطق الحارة جداً في الخلیج الفارسي، ویبلغ معدل أعلی درجة حرارة فیها أواسط الصیف 48° مئویة (أسعدي، 1/210)، کما یلاحظ فیها بکثرة ارتفاع درجة الحرارة لأکثر من 50° (هاي، 108). وإذا أخذنا بنظر الاعتبار اقتران هذه الظروف الحراریة بارتفاع نسبة الرطوبة (85%)، فینبغي لنا اعتبار أبوظبي من حیث إمکانیة عیش الإنسان فیها، من المناطق الصعبة جداً والتي لاتطاق. وفي المناطق الساحلیة تمنع الرطوبة العالیة الدائمة في فصل الصیف حدوث اختلاف واضح بین درجة الحرارة في اللیل و درجة الحرارة في النهار، إلا أن انخفاض الرطوبة في الواحات المرکزیة والجنوبیة في أبوظبي تساعد علی ظهور لیالٍ أرد و ظروف معیشیة أفضل. أما شتاء الإمارات فمعتدل و یتراوح معدل درجة الحرا فیه بین °10- °14 مئویة (أسعدي، ن.ص). ولایشاهد فیها صقیع، إلا أن شتاءها المعتدل قصیر جداً، ویمکن القول بصورة عامة إن شتاء هذه الإمارة یستغرق 4 أشهر و صیفها 8 أشهر.

والمنخفضات الجویة المتوسطیة التي هي السبب في أغلب أمطار النواحي الجنوبیة الغربیة من آسیا، و بسبب کونها تهب علی السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي بمحاذاة الساحل، أي من الشمال الغربي إلی الجنوب الشرقي، و کذلک بسبب عدم وجود موانع في المنطقة الساحلیة، قلما تسبّب هطول الأمطار، وبالنتیجة تکون أمطار أبوظبي قلیلة جداً لایزید متوسطها عن 25 ملیمتراً في الداخل و 125 ملیمتراً في السواحل (ن.ص). و یقتصر هطول هذه الأمطار القلیلة علی دفعات و في أیام قلیلة في النصف البارد من السنة، إلا أنه – و کما هي طبیعة المناطق الصحراویة – یمکن لهذه الکمیة القلیلة أن تکون علی شکل وابل شدید قصیر المدة ینتهي غالباً بحدوث السیول في الأودیة و إلحاق الخراب والدمار بالوحات و بالتالي إلی انجراف التربة. وفي ظروف کهذه یکون الجفاف و قلة المیاه ظاهرة سائدة و عادیة في أبوظبي (ن.ص).

الحیاة النباتیة و الحیوانیة

حالت قلة الأمطار و ملوحة التربة خاصة في النواحي الأکثر انخفاضاً من هذه الإمارة دون نمو غطاء نباتي ملحوظ. کما أن النباتات الصحراویة من قبیل أصناف الأقاقیا و أنواع الطرفاء و السَّمرْ و الأرطی و کذلک أنواع الأشواک، کالعاقول و الغاف، قلما تنمو في أبوظبي. وفي الواحات الشرقیة و الجنوبیة و خاصة في منطقة العین تنتج التمور بکمیات کبیرة (دانیلز، 1). وفي السنوات الأخیرة تم تنفیذ خطط استزراع الغابات الصناعیة علی حافات الکثبان الرملیة في منطقة لیوا. و تلاحظ في بعض الأقسام الساحلیة لأبوظبي نباتات المستنقعات من نوع المانغروف (موستین، 135). وفي صحاری أبوظبي تعیش الأنواع المختلفة من الغزلان و الماعز البري و بنات آوی والثعالب و الأرانب و الفئران الکبیرة و الضباب و العقارب. و یعتبر القبج و الطیهوج والحباری والسمانی من بین الطیور المحلیة لهذه المنطقة (لوریمر، II/1388). إضافة إلی ذلک، تشاهد في سواحلها أنواع من الطیور المهاجرة في أشهر السنة الباردة (البستاني، 4/415).

السکان

کانت هذه الإمارة وإلی حین اکتشاف النفط فیها – أواخر الخمسینات – من المناطق القلیلة السکان جداً في العالم، لایتعدی معدل سکانها نسمة واحدة لکل 3 کم2. وکانت المنطقة الوحیدة المسکونة بشکل دائم علی امتداد ساحلها البالغ طوله عدة مئات من الکیلومترات، هي قریة أبوظبي (هاي، 113). ولاتوجد معلومات دقیقة عن عدد سکانها في الماضي، إلا أنه قدر بین 20-30 ألف نسمة کان حوالي 8 آلاف منهم یسکنون في نفس أبوظبي (اقتداري، خلیج فارس، 159). وفور اکتشاف النفط و بدایة فترة الازدهار الاقتصادي في أبوظبي بدأ اندفاع المهاجرین الأجانب إلی هذه المنطقة واستمر بلا انقطاع طیلة الربع الأخیر من القرن. و یتألف سکان الإمارات العربیة المتحدة و منها أبوظبي في الوقت الحاضر من حیث الترکیب القومي من مزیج من الأعراق المختلفة، نتج عن استقبال المهاجرین و الازدهار الاقتصادي. ویحتمل أن تکون أبوظبي شأنها شأن الإمارات العربیة المتحدة إحدی بلدان العالم النادرة التي یشکل المهاجرون الأجانب حوالي 75% من سکانها؛ و من بین المهاجرین یقوم الإیرانیون بدور اقتصادي و بناء نشط. أما العنصر العربي المحلي في أبوظبي الذي یشکل 10% من مجموع السکان، فهو من عدنانیي شمال العربیة السعودیة. و یتألف العنصر العربي غیر المحلي الذي یشکل أغلبیة الموظفین الإداریین و الحکومیین في الغالب من فلسطینیین و مصریین ولبنانیین و عراقیین. ویذکر وجود مجموعة من الأفارقة السود بالأیام التي کانت فیها تجارة الرقیق مزدهرة في سواحل أبوظبي خلال القرنین 18 و 19 م (ن.م، 213). وفي 1984م کان عدد سکان أبوظبي 537,000 نسمة، مما رفع معدل سکانها من نسمة واحدة في کل 3 کم2 إلی 8 (فیشر ...، 562).

الدین

الدین السائد في أبوظبي هو الإسلام و المذهب الشائع هو المالکي، إلا أن أتباع المذهب الشیعي موجودون بشکل ملحوظ (جناب، 159). وأغلب المسلمین الیوم الذین یشکلون 96,7% من سکان هذه الإمارة هم من السنة أتباع المذهب المالکي، إلا أن مجموعة من الإباضیة و الوهابیین أیضاً تعیش في هذه المنطقة. ویعیش أتباع مختلف الفرق المسیحیة المقیمون في الإمارات الذین هم غالباً من المهاجرین، بحریة في ظل رعایة المسلمین، وقد سمح لهم بأن یکون لهم کنائس و جمعیات تبشیریة و مدارس خاصة بهم (أسعدي، 1/214-215).

اللغة

اللغة الرسمی للسکان هي العربیة القریبة من العربیة المتداولة في السعودیة و العراق، لکنها تختلف عن العربیة المتداولة في مصر و لبنان. أما اللغة الإنجلیزیة فمتداولة في أوساط المثقفین و العاملین في الحقلین التجاري و الحکومي، کما تدرس في المدارس المتوسطة بوصفها اللغة الثانیة. ویتکلم سکانها الإیرانیون الین یصل عددهم إلی 20% من سکان الإمارة (میریان، 171) بالفارسیة، بینما یتکلم المهاجرون الهنود والباکستانیون بلغاتهم الخاصة، ولهم مدارسهم الخاصة بهم (أسعدي، 1/214).

تاریخها

لاتوجد معلومات وافرة عن السواحل الجنوبیة للخلیج الفارسي في العصور القدیمة. و قد دلت کشوف علماء آثار في متحف آرهوس (الدانمارک) سنة 1953م علی امداد الساحل الجنوبي الخلیج الفارسي من الکویت إلی أبوظبي علی أن البحرینکانت المرکز الرئیس واحلد الفاصل و الرابط بین الحضارتین السومریة و الهندیة القدیمة (اقتداري، آثار...، 925). وقد حقق فریق علماء الآثار الدانمارکیین في جزیرة أم النار و کذلک في أرض البریمي ومنطقة هیلي، اکتشافات جدیرة بالاهتمام من العصر الحجري، وعثر علی کمیة من اللقی تعود إلی عصر التعدین. واکتشف في أم النار أربع طبقات للحیاة بتل یحتمل أن تعود إحدی طبقاته إلی نفس فترة قبور البحرین و تلال مقابرها (ن.م، 1001). واعتبرت الأواني الحجریة و المنقوشة التي عثر علیها في أم النار، عائدة للألف الثانیة ق.م (ن.م، 1010).

وخلال دراسة تاریخ أبوظبي، لاینبغي غض النظر عن الجهود المهمة جداً و الفاعلة لأسرة آل نهیان في استقرار الأوضاع الاجتماعیة وصیانة أواصر العلاقات القومیة (جناب، 160). وهذه الأسرة هي إحدی أسر بني یاس المنتشرة في نواحي جنوب شرقي شبه الجزیرة العربیة. و کان رئیس أول مجموعة من آل نهیان الذي یعد مؤسس أبوظبي الحالیة، هو ذیاب بن عیسی آل نهیان (النهیان). وتکمن أهمیته في کون البنه الأکبر الشیخ شخبوط أول حاکم لأبوظبي امتد حکمه علی أفراد أسرة آل نهیان حوالي 23 سنة (1207-1231هـ/1793-1816م). وقد ازدادت هیمنة و سلطة آل نهیان و سلطتهم یوماً بعد یوم حتی أصبحت هذه الأسرة تحکم عملیاً جمیع أسر بني یاس. وکان المرکز الرئیس لأفراد بني یاس هو ظفرة الواقعة علی بعد 160 کم جنوب میناء أبوظبي. ورغم استقرار أسرة آل نهیان في أبوظبي، فإن أغلب زعماء أسریني یاس کانوا یعیشون في ظفرة. وفي أوائل القرن 19 م، أي في عهد حکومة شخبوط ابن ذیاب، زادت الأسرة السعودی من ضغوطها واعتداءاتها علی أفراد بني یاس الذین کانوا من أتباع المذهب المالکي، فاقترب بنویاس الذین لم تکن لهم القدرة علی المقاومة أمام الاعتداءات السعودیة، من مسقط وعمان التي کانت آنذاک تحت ظل الاستعمار البریطاني (م.ن، 160، 161، الهامش). وأصبحوا تدریجیاً ضمن موقّعي العهود و المواثیق الخاصة مع البریطانیین (م.ن، 162). وبعد الشیخ شخبوط بن ذیاب، حکم أبوظبي 11 فرداً من أبنائه وأحفاده ممن ذکر اسم کل واحد منهم ومدة حکمه في الجدول أدناه:

وخلال حکم الشیخ خلیفة بن شخبوط، احتدمت النزاعات الأسریة بین الأسرة الحاکمة و أسرة أخری من بني یاس تدعی بوفلاسة، أدت إلی هجرة أفراد الأسرة الأخیرة إلی دبي. وفي ذلک الحین ظهرت البریمي بشکل قضیة متنازع علیها بین حکام أبوظبي و بني یاس ووهابیي السعودیة، واستمرت مائة سنة. ومن بین الحکام المهمین المتنفذین من آل نهیان الذي استطاع ترسیخ دعائم الأمن و الاستقرار بینأسر بني یاس و توسیع مساحة أبوظبي إلی الحدود الجغرافیة التي هي علیها الیوم، هو الشیخ زاید الأول، الملقب بزاید الکبیر الذي حکم أبوظبي باقتدار طیلة 54 سنة، وقبیل وفاته عندما کان له من العمر 90 سنة، سلم أبوظبي إلی أولاده بشکل إمارة قویة مقتدرة. وقد أقام علاقات ودیة مع مظفرالدین شاه و تبودل بینهما الممثلون مع الهدایا، إلا أن البریطانیین الذین لم یکونوا راضین عن تطویر تلک العلاقات تدخلوا و منعوا الشیخ من مواصلة تقاربه مع البلاط الإیراني (م.ن، 164-165). وبعد وفاة الشیخ زاید الکبیر حکم أبوظبي أربعة من أبنائه کل منهم لفترة قصیرة (مجموعها 19 سنة). ثم أصبحت حکومة أبوظبي من بعدهم بید الشیخ شخبوط بن سلطان أحد أحفاد الشیخ زاید الکبیر (1928م). وخلال عهده انقطع صید اللؤلؤ الذي کان مصدر رزق لأهالي أبوظبي، فواجهت الإمارة أزمة أقتصادیة خانقة.