ابن میمون، موسی
cgietitle
1442/12/14 ۱۲:۴۳:۳۸
https://cgie.org.ir/ar/article/234517
1447/1/10 ۱۱:۵۳:۵۹
نشرت
4
وبصمات التزویر واضحة في هذه القصة، لأنه – وکما لاحظنا في ترجمته – لم یذهب إلی دمشق أبداً علی مایبدو، کما أن محییالدین ابن الزکي قد ولي قضاء دمشق في 588 هـ حسبما ذکر ابن خلکان (4/229)، في حین وصل ابن میمون إلی مصر في 563هـ ولم یخرج منها – علی مایقال – حتی آخر عمره. هذا فضلاً عن أنه وصل إلی عکا في رجب 560، فکیف یکون بالمرکب في شهر رمضان ویصلي بالناس صلاة التراویح؟ (ظ: ولفنسون، 35). أضف إلی ذلک أن ولادة القاضي محیيالدین ابن الزکي (تـ 598هـ) کانت بدمشق عام 550هـ (ابن خلکان، 4/236)، وکان له من العمر 13 عاماً عند وصول ابن میمون إلی مصر.
ورغم هذا، لایمکن نکران إسلام ابن میمون کلیاً. فبعد فتح قرطبة علی ید الموحدین و ضغوطهم الموجهة ضد الیهود، ظلت أسرة ابن میمون لسنوات في المغرب، وأمضی ابن میمون أعواماً في القراءة علی علماء الإسلام. ولهذا یمکن القول إنه بعد إقامته في الفسطاط و اشتهاره بالطب وتولیه المنصب الیهودي الشرعي أصبح هدفاً لحسد بعض المسلمین و الیهود. ولایستبعد في مثل هذه الحالة ولأجل دحض تهمة الارتداد، أن یکون قد سافر سراً إلی دمشق واستحصل من قاضیها علی وثیقة تثبت إقامته فیها، سیما وأن والد القاضي محیيالدین، زکيالدین أبا الحسن علي (تـ 564هـ) کان قاضیاً علی دمشق أیضاً (ن.ص). وربما احتاط ابن میمون فأخذ قبل ذهابه إلی مصر وثیقة الإقامة تلک من القاضي المذکور.
وکما أورد ولفنسون (ص 28) فقد أثارت مسألة ارتداد وإسلام ابن میمون ضجة بین الیهود. ففي 1707م طرح العالم الیهودي باسناج في «تاریخ الیهود» قضیة إسلام وارتداد ابن میمون نقلاً عن أبي الفرج ابن العبري (ظ: ص 418). وانقسم الیهود بعد انتشار هذا الکتاب إلی مجموعتین: مجموعة دافعت عن رأي باسناج، وأخری نفت بشکل قاطع إسلامه وارتداده. ونقل أحمد زکي باشا في رسالة «الکأس الساحر» التي ألفها باللغة الفرنسیة قصة أبي العرب ابن معیشة بشکل آخر (ولفنسون، 36-37). وحول نقاشات علماء الیهود في هذا الموضوع یُراجع کتاب ولفنسون (ص 27-40).
وهناک شواهد أخری تُلقي ظلالاً من الشک علی قضیة إسلام أسرة ابن میمون. وکما ذکرنا في بدایة المقالة، فإنه وضع الخطوط العریضة لکتاب السراج أیام وجوده بالمغرب، کما أنه ألف خلال تلک الفترة أیضاً کتاباً في التقویم الیهودي، کما کتب مع أبیه رسالتین في الیهود الذین یُجبرون علی التخلي عن دینهم و تعزّز هذه الشواهد الرأي القائل بأنه کان علی الیهودیة عندما کان في المغرب، مع احتمال أن یکون قد أظهر الإسلام أحیاناً خوفاً علی حیاته.
وردت أهم آرائه الفلسفیة والکلامیة في کتابه الشهیر دلالة الحائرین (ظ: آثاره)، وسنورد هنا أهمها:
یقول ابن یمون في الفصل 71 من الجزء الأول من دلالة الحائرین بأن العلوم الشرعیة في البدایة لم تکن مدوّنة عند الیهود، لأنهم لم یکونوا یریدو ظهور الاختلافات و النزاعات من خلال کتابة هذه العلوم. لکن بمرور الزمن وإثر تسلط أقوام أخری علی الیهود انقرض علماء هذه العلوم، مما أدی إلی ضیاع الأصولالدینیة الیهودیة ولم یبق منها سوی إشارات بسیطة في التلمود و المدرشوت. وأما ذلک المقدار الیسیر الذي ظل لدی الجاؤونیین (رؤساء الأکادیمیات و المدارس الیهودیة) والقرائین، إنما أُخذ عن المتکلمین المسلمین، و هو یسیر جداً مقارنة بما کتبه علماء الکلام في هذا المجال. وکان المعتزلة متکلمي الإسلام الأوائل وقد أخذ الیهود عنهم علم التوحید والکلام. ثم جاء الأشاعرة، غیر أن الیهود امتنعوا عن الأخذ عنهم، لأنهم قبلوا برأي المعتزلة وعدّوه برهاناً (1/183-184).
أما علماء الیهود في الأندلس فقد سلکوا طریق الفلاسفة وأخذوا بآرائهم التي لاتتناقض مع الشریعة الیهودیة، ولهذا فإن أقوالهم تنطبق مع آرائنا (آراء ابن میمون ) في هذا الکتاب (ن.ص).
ظهر علم الکلام لدول مرة بین النصاری، لأن علماءهم وجدوا کلام الفلاسفة متناقضاً مع دعاویهم، فبادروا إلی تدوین علم الکلام، ولأجل إثبات عقائدهمالدینینة قاموا بوضع بعض المقدمات لدحض آراء الفلاسفة الذین یرفضون أساس دینهم. وبعد أن قرأ المسلمون ردود النصاری علی آراء الفلاسفة وسمعوا کلام یحیی النحوي وابن عدي في هذا الشأن، أخذوا بتلک الآراء، کما أخذوا من آراء الفاسفة ماوجدوه منطبقاً مع دینهم، وتصوروا أن هذه المقدمات یجب أن یُؤخذ بها في کل شریعة. وهذا دفع إلی انشتار علم الکلام بین المسلمین. واختلف المتکلمون المسلمون فیها بینهم ووضع کل منهم مقدمات لآرائه. وبعض هذه المقدمات مشترکة بین الیهود و النصاری والمسلمین کالاعتقاد بحدوث العالم والذي تصح المعجزات به. وبعض المقدمات خاص بأحد هذه الأدیان کموضوع الأقانیم الثلاثة الخاصة بالنصاری (ن.م، 1/185).
والخلاصة فإن علماء الکلام من النصاری والمسلمین لم یعدوا الوجود والطبیعة أصلاً و مبدءاً، بل فسروهما وفقاً لآرائهم، غیر أن المتأخرین لم یلتفتوا إلی ذلک. فقد قال ثامسطیوس إن عالم الوجود والطبیعة لیسا خاضعین لآراء الإنسان، بل إن الآراء و العقائد الصحیحة خاضعة لعالم الوجود. وأنا أیضاً ومن خلال دراستي لکتابات المتکلمین لاحظت أن طریق کافة المتکلمین واحد وقاعدتهم العامة هي الاعتبار لعالم الوجود، لأنهم یرون أن العقل یجیز عادةً خلاف ذلک. وقد یتبع هؤلاء المتکلمون الخیال و یتصورنه عقلاً فهؤلاء و طبقاً للمقدمات التي یضعونها یتوصلون إلی حتمیة حدوث العالم، وعندما یثبتون حدوث العلام فلایشکّون أن هناک صانعاً له، ثم یستدلون علی وحدة هذا الصانع وأنه لیس جسماً، وهذا هو أسلوب کافة المتکلمین الإسلامیین و هناک من الیهود ممن یسیر علی خُطاهم، قد سلک هذا السبیل أیضاً (ن.م، 1/185-187).
ویقول ابن میمون لما ذهب المتکلمون في هذا الطریق فکرت جیداً، فاشمأزّتنفسي منه، لأن کل ما کان في نظرهم برهاناً علی حدوث العالم، کان مدعاةً للشک، و لیس من مقولة البرهان، مالم یکن عند من لایفرقون بنی البرهان و الجدل والمغالطة. والعمل الوحید الذي بإمکان الباحثین في مجالالدین أن یقوموا به هو إبطال الرأي الفلسفي القائل بقدم العالم وأزلیته. وإذا استطاعوا فعل ذلک فقد قاموا بعمل کبیر جداً. فالباحثون الفطنون یعلمون أن قضیة حدوث العالم أو قدمه لایمکن إثباتها بالبرهان، حتی إننا نجد فلاسفة العالم یختلفون في هذه المسألة منذ 3,000 عام و حتی یومنا هذا. فإذا کان هذه المسألة غامضة إلی هذا الحد، فکیف یمکن عدّها من مقدمات إثبات الصانع؟ (ن.م، 1/187).
والطریق الصحیح من وجهة نظر ابن میمون هو إثبات وجود الخالق ووحدانیته عن طریق الفلسفة القائم علی فرض قِدَم العلام، لاعلی حتمیة قدمه. فعن طریق فرض قدم العالم یحصل برهان قطعي ویقیني بوجود الله وتوحیده و نفي التجسیم عنه، دون الالتفات إلی حتیمة قدم العالم أو حدوثه (ن.ص). و حل هذه المسألة هو أن نعتقد بقدم العالم عن طریق المصادرة (الموضوعة) (کما نجد في الهندسة الأقلیدسیة أن عدم تلاقي الخطین المتوازیین قائم علی المصادرة، لاالبرهان). فلو فُرض العالم قدیماً، أمکن البرهنة بالأدلة القطعیة علی وجود موجود – في عالم اللأجسام – لیس بجمس ولامادة وأبدي، کما أنه لیس بعلة ولایقبل التغییر و هو الله. ویتناول ابن میمون مقدمات المتکلمین في إثیات حدوث العلام و إثبات الصانع و توحیده و عدم جسمیته، ویشک في کافي هذه المقدمات. ثم یقدم 25 مقدمة برهانیة و مقدمة فرضیة واحدة مبتناة علی مصادرة أزلیة الحرکة، في إثبات الصانع و عدم مادیته. و هذه المقدمات الـ 25 مشهورة، وقد شرحها أبوعبدالله محمد بن أبي بکر التبریزي من بین المسلمین.
وتقوم مقدمات ابن میمون الخمس و العشرون علی امتناع اللانهایة للأبعاد، واممناع وجود مقادیر غیر متناهیة في آن واحد (دون التوالي والتعاقب) وعلی انتهاء کافة الحرکات بحرکة الفلک. وتقوم المقدمة السادسة والعشرون و هي فرضیة لابرهانیة، علی أزلیة وقدم الحرکة والزمان. والخلاصة فإن کل حرکة بحاجة إلی محرک، والفلک محرک کافة الحرکات، لکنه لیس بإمکانه أن یحرک نفسه. فمحرک الفلک یجب أن یکون خارجاً عنه وألا یکون جسماً. فالفلک إذن یمتلک محرکاً غیر مادي وغیر جسمي و هو صانع العالم.
ویری ابن میمون أن أرسطو لایعتقد بأن المقدمة السادسة و العشرین القائلة بقدم وأزلیة الحرکة والفلک برهانیة ویقینیة، بل یرجحها فقط. لکن أتباعه تصوروا أنه کان یعتقد بأن قدم العالم قطعي و برهاني (ن.م، 2/316-317). وقد استنکر أبونصر الفارابي قول من قال بشک أرسطو في قدم العالم وأنحی باللائمة علی جالینوس في هذا الشأن (ن.م، 2/319).
ویری ابن میمون أن آراء الناس في حدوث العالم و قدمه علی ثلاثة أنواع: فالرأي الأول هو أن العالم وکل مافیه حادث، وأن الله تعالی خلق کافة الأشیاء من العدم المطلق، أي إن العالم لم یکن له وجود قبل خلقه إطلاقاً، وخلق الله بقدرته من اللاشيء «شیواً»، بل وإن الزمان نفسه حادث لأنه عارض علی الحرکة، والحرکة عارضة علی الجسم، ولهذا لایمکن أن یکون مسبوقاً بزمان. فالزمان و الحرکة متعلقان بهذا العالم وحادثان. وهذا رأي أرباب الأدیان و شریعة موسی (ن.م، 2/308-309).
والرأي الثاني هو رأي أفلاطون القائل: من المستحیل أن یأتي شيء من العدم ویُعدَم، و کل شيء مسبوق بمادة و صورة، إلی مالانهایة. ولهذا فالعالم قدیم. لکن طبقاً لهذا الرأي لاتُعد السماء و الأفلاک قدیمة، بل حادثة، غیر أنها خُلقت من شيء آخر. ویقول ابن میمون: إن التفاوت بین رأیناو رأي أفلاطنون هو أننا نقول بأن العالم قد جاء من العدم المطلق، إلا أنه لایعتقد بأن شیئاً مامسبوق بالعدم (ن.م، 2/310-311).
والرأي الثالث هو رأي أرسطو القائل بأن السماء و الأفلاک قدیمة أزلیة و غیر قابلة للفساد. وأصحاب هذه الآراء الثلاثة یعتقدون بوجود صانع، غیر أن هناک من یعتقد بأن العالم غیر مخلوق ولیس له علة وجاء عن طریق الصدفة، و هذا رأي أبیقور و أتباعه (ن.م، 2/311-312).
ثم یشیر ابن میمون بعد ذلک إلی رأي أرسطو في ترجیح فدم العالم علی حدوثه، ویضیف: و هذا الدمر عند أرسطو – خلافاً لما یُتصور – لیس برهانیاً، لکن نقصه حسب رأیه أقل من الآراء الأخری. ولایعتقد ابن میمون نفسه بأن أدلة حدوث العالم أو قدمة کافیة و برهانیة، ویری أن أدلة طرفي القضیة قابلة للدحض والرد. لکن وانطلاقاً من قول شریعة موسی بحدوث العالم، کان لابد له أیضاً من الاعتقاد بحدوثه. ویرفض ابن میمون القاعدة المعروفة «الواحد لایصدر عنه إلا الواحد» مع لوازمها المتمثلة بالاعتقاد بالعقول العشرة، ویعتقد بطبیعیات أرسطو، أي کل ماقاله حول موجودات «تحت فلک القمر»، لکنه یری أن أقواله حول «فوق فلک القمر» مبتناة علی الحدس و الظن ولیست قائمة علی الیقین والبرهان (ظ: ن.م، 2/343-347).
یفرق ابن میمون بین الاعتقاد و بین الیقین الناشئ عن البرهان ویقول: الاعتقاد في الکلام شيء سهل، وما أکثر قلیلي الفهم الذین حفظوا عقائد و آراء بناءً علی الکلام فحسب، دون أن یتصوروا معاني تلک العقائد. غیر أن صاحب الهمة العالیة الذي یرید الوصول إلی وحدانة الله الحقیقیة بالبرهان والیقین لایکتفي بمجرد الاعتقاد، لأن الواحدنیة الإلهیة الحقیقیة لایمکن أن یکون فیها ترکیب و انقسام، ولهذا لایعتقد هؤلاء بوجود صفات لله. ویقول: إنه لاصفة ذاتیة له تعالی بوجه، وکما امتنع کونه جسماً، کذلک امتنع کونه ذا صفة، أما من اعتقاد أنه واحد ذو صفات عدة فقد قال إنه واحد بلفظه واعتقده کثیرین بفکرته (ن.م، 1/118-119). وخلاصة القول إنه تعالی واحد من جمیع الجهات، وإن الصفات المختلفة المعاني المتعددة هي من جهة کثرة أفعاله لامن أجل کثرة في ذاته (ن.م، 1/126). ویعتقد ابن میمون «أن وصف الله عزوجل بالسوالب، هو الوصف الصحیح الذي لایلحقه شيء من التسامح ولافیه نقص في حق الله جملة ولا علی حال. أما وصفه بالإیجابات ففیه من الشرک و النقص ماقد بیناه» (ن.م، 1/140).
ویعقتد ابن میمون أن مفهوم العلة و الفاغل شيء واحد، ویرفض قول المتکلمین الذین یسمون الله فاعلاً ولایسمونه علة، ویقول: لایرید أهل الکلام أن یعتبروا الله علة، لأن العلة یلزمها وجود المعلول، وإذا کان الله علة، فلابد أن یکون العلام معلولاً له بالضرورة و هذا ما یؤدي إلی الاعتقاد بقدم العالم. أما إذا اعتقدوا بأن الله «فاعل» فسوف لن یکون هذا المحظور لازماً، لأن «الفاعلیة» دلیل علی الاختیار، فلا یلزم بوجود الفاعل، أن یوجد المفعول معه، ویضیف: إنه لافرق بین العلة والفاعل، ذلک و إذا أخذت العلة «بالقوة» فستکون هي الفاعل نفسه، وإذا أخذت الفاعل فاعلاً «بالفعل» فسیکون هو العلة نفسها (ن.م، 1/174).
یقول ابن میمون: إنه تعالی لایصح أن یتجدد له علم حتی یعلم الآن مالم یعلمه قبل، ومن جهة أخری لاتصح أن تکون له علوم کثیرة متعددة بتعدد الموجودات. فیری المتشرعون في باب علم الله أنه تعالی ذو علم واحد وأنه بالعلم الواحد یعلم الأشیاء الکثیرة المتعددة، وتعدد الموجودات و المعلومات لایوجب تعدد علمه، کما لایوجب تعدد وجوده، ومن وجهة نظر المتشرعین أیضاً فإن الله یعلم بالأعدام و اللانهایة، أما الفلاسفة فبتّوا الأمر وقالوا إنه لایتعلق علمه بعدم ولایحیط علم بما لانهایة له، ولایتجدد علمه، ولایعلم إلا الشيء الثابت الذي لایتغیر. والخطأ الذي وقع فیه الفلاسفة هو أنهم جعلوا بین علمنا وعلم الله تعالی نسبة، وقاسوا علم الله بعلمنا، وهنا یجب تأنیب الفلاسفة. فالذین برهنوا أن ذاته تعالی لاتکثیر فیها، ولا له صفي خارجة عن ذاته، بل علمه ذاته، فکیف بمکنهم قیاس علمه بعلمنا وینسبون إلی علم الله کل مال لم یکن بإمکان علمنا أن یحیط به؟ و کما أن عقولنا قاصرة عن إدراک کنه ذاته، فهي قاصرة عن إدراک علمه أیضاً (ن.م، 3/543-546).
یقول ابن میمون إن الناس في النبوة علی ثلاثة آراء: 1. رأي یقول بأن الله تعالی یختار من یشاء من الناس فینبیه و یبعثه، لافرق أن یکون ذلک الشخص عندهم عالماً أو جاهلاً؛ 2. رأي الفلاسفة القائلین إن النبوة کما ما في طبیعة الإنسان؛ 3. رأي شریعتنا، و هو أن الذي یصلح للنبوة المتهیئ لها قد لایتنبأ وذلک بمشیئة إلهیة (ن.م، 2/392-394). فحقیقة النبوة وماهیتها هي أنها فیض یفیض من الله عزوجل بوساطة العقل الفعلا علی القوة العاقلة أولاً ثم علی القوة المتخیلة. ویلزم في النبوة کمال القوتین العاقلة و المتخیلة، وکمال القوة المتخیلة إنما هو تابع لأفضل مزاج (ن.م، 2/404-405).
الإنسان مدني بالطبع، أي أن طبیعته أن یکون مجتمعاً، فلما کانت طبیعته تقتضي أن یکون في أشخاصه هذا الاختلاف عن بعضهم بشکل کامل من حیث الجانب الروحي و النفسي بفعل تعقید ترکیب الإنسان، لهذا و من أجل أن یحدث في المجتمعات البشریة توافق وتطابق بین الطبیعة الاجتماعیة للإنسان و بین الاختلاف الروحي و النفسي للأفراد، فلابد أن یکون هناک شریعة و قانون. والحکمة الإلهیة تقتضي أن یکون الإنسان ذا قوة تدبیر و عزم في الأمور. فمنهم من یکون هو نفسه الذي أنبئ بذلک التدبیر و هو النبي، أو واضع القانون، ومنهم من تکون له قوة للإلزام بعمل وضعاه ذانک، وتبعه وأخرجه للفعل وهما السلطان الاخذ بذلک القانون، و«مدعي النبوة» الآخذ بشریعة النبي إما کلها أو بعضها (کأنبیاء بني إسرائیل في شریعة موسی).
وإذا وجدت شریعة ماغایتها انتظام الأحوال الدنیویة وصلاح الناس فحسب، فهذه لیست شریعة إلهیة، وواضعوها لایمتلکون سوی کمال القوة التخیلیة. فالشریعهة الإلهیة هي التي تنظر في صلاح الأحوال البدنیة وفي صلاح الاعتقاد بالله و الملائکة و الموجودات الغیبیة و تروم تحکیم الإنسان و تفهیمه و تنبیه حتی یعلم الوجود کله علی صورة الحق، لکن یوجد إلی جانب الأنبیاء الذین هم حملة الشریعة الإلهیة أقوام ادّعوا النبوة، وسبیل التحقیق فيادعائهم سهل یسیر، لأن الأنبیاء الحقیقیین یحترزون من ارتکاب اللذات البدنیة والشهوانیة (ن.م، 2/419-421).
یری ابن میمون أن آراء الناس تتفاوت حول العنایة الإلهیة و القضاء و القدر. وهناک 5 آراء في هذا الشأن:
1. قول من زعم أن لاعنایة أصلاً بشيء من الأشیاء في جمیع هذا الوجود. وبعبارة أخری لیست هناک أیة إرادة ومشیئة وإن کل مافي الوجود واقع بالاتفاق.
2. رأي أرسطو وأتباعه القائل بأن العنایة الأزلیة مقتصرة علی خلق الأفلاک والموجودات الروحانة و کذلک علی الإنتاج وبقاء الأنواع، و إن الأجزاء و الأشخاص و الجزئیات غیر تابعة للقصد والإرادة، فالحوادث الجزئیة مثل غرق السفینة الفلانیة ووقوع الزلزلة وحدوث العاصفة و غیرها أو موت الأشخاص لاتحدث عن قصد وإرادة ولها أسبابها الطبیعیة الخاصة.
3. رأي الأشاعرة، الذین یرون أن کل الأشیاء بما فیها الجزئیات تتم وفق قضاء وتقدیر إلهي. ویقولون إن کل شيء مقدر في مالم یز. وهذا الرأي فیهی کثیر من الفساد لأنه یؤدي إلی الجبر المطلق، وینفي اختیار الإنسان بشکل مطلق.
4. رأي المعتزلة، حیث یرون أن الإنسان مختار و ذو استطاعة وقدرة علی العلمل، وأن أفعال الله قائمة علی الحکمة والعدل ولایجوز علیه الجور، ولهذا الرأي شناعات أیضاً، لأن أصحاب هذا الرأي یعجزون عن حل مسألة الشر والنقص في العالم، ولیس بإمکانهم أن یقولوا لماذا وُلد الشخص الفلاني دصم و أبکم، وما هي الحکمة من وراء ذلک؟ والشيء الوحید الذي بإمکانهم قوله هو أننا نجهل تلک الحکمة.
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode