الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن المعتز /

فهرس الموضوعات

ابن المعتز

ابن المعتز

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/6 ۲۰:۳۴:۱۸ تاریخ تألیف المقالة

ولابن العتز شعر کثیر في الطردیات کما هو الحال عند ابن الرومي وأبي نواس ففضلاً عن مقدرته الخاصة في الوصف و التشبیه، واستخدامه لهذا الفن علی أحسن وجه في طردیاته، فقد کان یمارس الصید منذ طفولته، وهو هوایة یمارسها الأمراء آنذاک (قا: الأمین، عبدالقادر، 314-316).

ولاتقتصر دائرة وصفه علی الخمریات والطردیات، بل تتسع لتشمل کافة الظواهر الصغیرة و الکبیرة التي تحفل بها بیئته، بدءاً من کنوز القصور العباسیة و انتهاءً بالأرضة التي التهمت کتبه والسیل الذي قوّض جدران داره. ووصفه وصف واضح جمیل، وکان یساعده في ذلک قدرة خیاله الواسع، ومعلوماته العامة الجمة، وتمکنه من الصرف والنحو واللغة، وبراعته في فن التشبیه و أنواع الاستعارة، وذکاؤه و فطنته.

وتشکل المعاتبات جانباً آخر من أشعار ابن المعتز، وفي هذا النوع من الشعر تعدّ الاختلافات العلویة – العباسیة أکثر المواضیع إقلاقاً وازعاجاً لابن المعتز (ظ: دیوان، 2/46، 62-63). ویضم هذا الجزء من الدیوان بعض شعره الهجائي أیضاً.

وله قصائد أیضاً في الزهدیات، تناول فیها وصف الشیخوخة والمقارنة بینها و بین مرحلة الشباب فضلاً عن القضایا الحافلة بالحکمة والعبرة (ظ: ن.م، 2/376-424). وتکشف دراسة هذا النوع من الشعر عن أنه کان یحاول مجاراة شعراء اشتهروا بالزهدیات کأبي العتاهیة (ن.ع).

وتفنّن ابن المعتز في «الشعر التعلیمي» أیضاً. وقد ابتدع أبان بین عبدالحمید (ن.ع) هذا النوع من الشعر، ثم أعقبه علي بن الجهم فصاغ أرجوزة تتألف من 300 بیت تناولت في الجزء الثاني منها تاریخ الإسلام و الخلفاء، الذي نُظم لأول مرة، وقد اتخذ ابن المعتز من هذه الأرجوزة قدوة له، فنظم أرجوزة أقوی منها في الخلفاء العباسیین، ولاسیما المعتضد و فرغ منها في 289هـ/902م (ن.م، 2/5-29؛ ضیف، ن.م، 251). ولابن المعتز أرجوزة أخری شهیرة في ذم الصبوح (ن.م، 2/30-37)، وأطلق علیها اسم «الأرجوزة البستانیة» (الحصري، 2/540)، وکانت کأرجوزته التاریخیة (ظ: آثاره) تستنسخ منذ القدم و تنتقل من ید لأخری (ظ: ابن الندیم، 130).

واشتهر ابن المعتز بالبراعة في فن التشبیه، واتخذ القدماء من تشبیهاته أمثالاً تُضرب کما هو الحال بالنسبة المدائح البتري و أهاجي ابن الرومي (الثعالبي، التوفیق …، 208-209، ثمار، 182). وکان قد أقسم أنه کلما خطرت مفردة «کأنّ» علی ذهنه أولسانه، فلن یُحجم عن الإتیان بالتشبیه والاستعارة اللتین تفیان بالغرض (ابن شرف، 33؛ الحصري، 4/1003-1005). وقد سلک وادي التشبیه، وامتزجتقریحته العشعریة به إلی درجة أنه کان یستعین بتشبیه أو عدة تشابیه في أي مجال یقول فیه الشعر. بعبارة أخری إن الشعر العربي قد دخل مرحلة جدیدة بأشعار ابن المعتز، و یمکن أن نعتبره مؤسس مدرسة الرسم بالشعر (الشکعة، 740؛ قا: ضیف، ن.م، 267-268). وربما أخذ الأصول النظریة لهذا الأسلوب عن الجاحظ (تـ 255هـ) والمبدر (تـ 286هـ). وکان الجاحظ أول خبیر بالشعر عرّف الشعر بأنه نوع من التلوین والرسم (الحیوان، 3/131-132؛ عباس، 98). والمبرد – أستاذ ابن المعتز – أول من قدّم بیاناً تحلیلیاً مسهباً عن فن التشبیه و أنواعه و أقسامه، وأشاد بتشبیهات الشعراء الجدد، وأثنی علی أبي نواس لبراعته في هذا النفن (3/32-57، 128-154؛ عباس، 93)، وانبری لتدریس و شرح إحدی قصائده (ابن المعتز، طبقات …، 195-200).

وأطری الحصري، علی تنوع تشبیهات ابن المعتز و کثرتها، و عد شعره لانظیرله – بعد ذي الرمة (تـ 117هـ) – في جما لالتشبیه و تنوعه (1/187). ورأی القلقشندي تشبیهاته في وصف الجواهر في نهایة الجمال و غایة الکمال، وأورد تشبیهاته في مواضع کثیرة من کتابه (2/98). کما أفرد أولئک المهتمون بجمع التشبیهات في الشعر العربي جزءاً کبیراً من آثارهم لأشعار ابن المعتز (ظ: ابن أبي عون، الفهرس). ولایمکن أن یکون هذا التناول الواسع للتشبیه في الشعر بمعزل عن الوضع النفسي لابن المعتز. فرغم رفاهیة طوال أغلب حیاته في القصور الفخمة، لکنه لم یکن مرتاحاً لدهره وزمانه، لهذا أراد من خلال هذه التشبیهات أن یصنع لنفسه عالماً ذهنیاً مثالیاً لکي یعیش في دنیاه الخیالیة. وبناءً علی ذلک فإن تشبیهاته لیست مجرد تصاویر تعکس البیئة التي عایشها، وإنما هي في الغالب من نوع التشبیهات الحیة النابضة بالإبداع الفني، حیث یلزم لفهمها بشکل صحیح الوقوف علی دنیاه التي یحلم بها (الکفراوي، 286-287). وظل ابن المعتز حتی یومنا هذا وبعد 11 قرناً لامنافس له علی صعید التشبیهف و لاتصل إلی مستوی تشیهاته أفضل تشبیهات لشعراء و استعاراتهم (ظ: ضیف، ن.م، 269). وقد تأثر الشاعر الإیراني منوچهري الدامغاني (تـ 432هـ) بشکل واضح بتشبیهات أشعاره (ظ: منوچهري، 73، 113). وکان الشیخ البهائي معجباً جداً بتشبیهات ابن المعتز أیضاً، ونقل منها الکثیر في کشکوله (ظ: الفهرس).

وکان ابن المعتز أول من نفخ روح الأرستقراطیة في جسد الشعر العربي، و بنفس المقدار الذي یدین به عالم الشعر والأدب العربي إلی ابن الرومي في دخول المفاهیم الشعبیة إلیه، یدین أیضاً إلی ابن المعتز في المضامین الأرستقراطیة (ظ: أبوالفرج، 10/274؛ البهیتي، 517-518). وکان عصره عصر ترجمة الکتب الیونانیة و الفارسیة إلی العربیة، وکان أستاذه البلاذري من بین المترجمین الذین ترجموا عدداً من الکتب الفارسیة إلی العربیة (کراتشکوفسکي، 1/161). ومن جانب آخر، کان استخدام المفردات و المصطلحات الفارسیة في الشعر العربي یعدّ نوعاً من التحدیث والتجدد. ونلاحظ في أشعار ابن المعتز الکثیر من المفردات الفارسیة التي ظهرت علی أحسن وجه في صیاغته الشعریة، بحیث لایتبادر إلی الذهن أنها مفردات أجنبیة (کمثال: نوروز، ظ: دیوان، 2/207؛ أیضاً شریف، 168).

وفضلاً عن مختلف التزویقات الشعریة، فقد اهتم أیضاً بإصلاح أشعاره و تشذیبها (الصولي، الأوراق، أخبار الراضي، 154). وانطلاقاً من ذلک، ورغم قابلیته علی الارتجال الشعري، والنماذج الشعریة العدیدة التي ارتجلها (ظ: أبوالفرج، 10/280-281)، إلا أنه کان یحبذ هذا النوع من قول الشعر (ابن ظافر، 8-9). ومع هذا فإن القیمة الفنیة لشعر ابن المعتز تتجلی في المزایا الظاهریة والبدائع اللفظیة. فالإشادة المطلقة بأشعاره، وما وصُف به من إمارة و صدارة لشعراء زمانه، إنما فیه نوع من المبالغة و ناجم غالباً عن تأثیر شخصیته الاجتماعیة، لأن شعره في الحقیقة لایصل في محتواه الفکري و الفلسفي إلی مستوی شعر أبي تمام، ولا إلی مستوی شعر البحتري من حیث الانسجام ورصانة التعبیرات (ظ: أبوالفرج، 1/274؛ قا: ابن رشیق، 1/130-131؛ ضیف، الفن، 265-266؛ المقدسي، 100).

ویحظی شعر ابن المعتز بقیمة تاریخیة أیضاً، فأرجوزته التاریخیة من أقدم المصادر التاریخیة وأکثرها وثاقة عن عصصر المعتضد العباسي، فقد کانت أرجوزته بحق وثیقة تکشف النقاب عن الفساد المستشري في تلک البرهة التاریخیة (أمین، أحمد، 2/23-27).

ولایقل نثره الجمیل البدیع عن شعره. وأورد أبوالفرج الدصفهاني (10/276-277) إطراء کثیراً لأحد أدباء عصر ابن المعتز علی نثره البلیغ. وأورد الصولي (الأوراق، أشعار، 287-293) نماذج عدیدة من مکاتباته. ونقلت المجموعات الأدبیة القدیمة و الحدیثة الکثیر من رسائله ومکاتباته و أحادیثه (التنوخي، 1/161؛ الشابشتي، 113-114؛ أبوحیان، 2(2)/637؛ الحصري، 1/185، 187، 2/445، 565-567؛ صفوت، 4/305-313، 344-351؛ مبارک، 1/98-99). کما أورد یاقوت (البلدان، 1/690-691) رسالة له في مدح سرّ من رأی وذم بغداد کتبها إلی صدیقه وفيالقرن 3 هـ، لاسیما أواخره، تمیزت کافة الکتابات بالسجع، وکان نثر ابن المعتز نثر زمانه أیضاً. أما المیزة التي انفرد بها نثره، فهي ماحواه من تشبیهات طغت علی نثره مثلما طغت علی شعره (کمثال، ظ: ماکتبه في وصف الربیع: ابن ظهیرة، 215). وکانت تربطه بکّتاب بني وهب وبني ثوابة الکبار أواصر صداقة ومکاتبات، ولهذا لم یکن یرید أن یتخلف عن هؤلاء في فنّ الکتابة (الشکعة، ن.ص).

وفضلاً عن کتاباته ورسائله، فقد کانت له سلسلة من الکلمات القصار کتبها بأسلوب الحکماء و الفضلاء (ظ: آثاره). ونقل کلماته القصار کل من أبي حیان (4/157)، والثعالبي (التوفیق، 141، ثمار، 150)، والثعالبي المرغني (ص 153) والحصري (2/565، 3/693-694، 790-791، 854-855) وابن الجوزي (6/84-85) وآخرین. تحدث ابن معصوم المدني (2/374) عن عدم إمکانیة قیاس بلاغة ابن المعتز ببلاغة الإمام علي (ع)، وهو مایمکن أن یکون إشارة إلی محاولات ابن المعتز في أن یشغل موقعاً بلاغیاً إلی جانب الإمام علي (ع) من خلال بعض القطع النثریة (کمثال، ظ: أبوحیان، 2(2)/637)، وصیاغة الکلمات القصار.

ویعدّ ابن المعتز من علماء الشعراء الصولي، ن.م، 107؛ ابن فضل الله، 7/255؛ أیضاً للاطلاع علی وصف کتابه البدیع، ظ: GAL, I/80)، غیر أن الشواهد الموجودة في أشعاره والتي تعتبر إشارة إلی بعض مصطلحات الفلسفة والنجوم وغیرها (ابن المعتز، دیوان، 1/498، 2/56، 117، 120)، لاتتجاوز مستوی المعلومات العامه التي هي من شأن الأدباء. کما أن دراسة أشعاره و مقارنتها بما نعرفه عن أحواله و أفکاره، تُقصح هي الأخری عن قصر باعه في علوم زمانه (قا: ضیف، ن.م، 262-263).

کان ابن المعتز شغوفاً بعلم الموسیقی، الذي هو علی صلة وثیقة بالشعر والشاعریة، من بین العلوم والفنون المتداولة آنذاک، وکان حسن العلم بصناعة الموسیقی (أبوالفرج، 10/276). وأشار أبوالفرج الأصفهاني (10/276-277) إلی رسالة له في باب الموسیقی أشاد بها کثیراً أحد أدباء عصره. وکان ابن المعتز یصنع ألحاناً لأغلب أشعاره (م.ن، 10/277)ف کما کان یصنع في بعض المناسبات ألحاناً لأشعار الآخرین إذا حظیت بإعجابه (م.ن، 10/278-282). وألّف کتاباً شرح فیه حال المغنیة شاریة وهي من عشیقاته، ونقل أبوالفرج الأصفهاني أخبار وآثار هذه الجاریة عن کتاب ابن المعتز فیها والذي یدعی أخبار شاریة (16/3-16). کما ألّف کتاباً شاملاً في علم الموسیقی (ظ: آثاره).

وکانت له مع عد من الشعراء و الأدباء مکاتبات و مراسلات ومبادلات شعریة وأدبیة، منهم أحمد ابن الخصیب (یاقوت، ن.م، 2/227) وأبوالعباس أحمد بن یحیی، المعروف بثعلب (الصولي، ن.م، 114-116) وابن المنجم (التنوخي، 4/110) وعلي بن مهدي الأصفهاني الکسروي (المرزباني، معجم، 149-150؛ یاقوت، الأدباء، 15-90-93) والقاسم بن أمد (المرزباني، معجم، 149-150؛ یاقوت، الأدباء، 15/90-93) والقاسم بن أحمد (المرزباني، ن.م، 219) وأبوالطیب النمیري (ن.م، 219-220؛ الشابشتي، 72-77) وعبیدالله بن عبدالله بن طاهر (م.ن، 112 و مابعدها).

وابن المعتز راویة کبیر لأشعار العرب وأخبارها (ابن الندیم، 129). وروی عن أساتذته وباقي الشعراء و الأدباء، کما روی عنه الآخرون، وأشهرهم الدمشقي معلمه وأستاذه، والصولي تلمیذه الوفي (الخطیب، 10/95). ویعد ابن المنجم أول من روی کتاب البدیع (ابن المعتز، البدیع، 58). کما کان ابن طباطبا صاحب عیار الشعر راویاً مغرماً بأشعاره (یاقوت، ن.م، 17/144). وقد أورد کافة مصنفي الکتب والرسائل الأدبیة والتاریخیة الذین تلوه أشعاره و أخباره وآراءه الأدبیة في آثارهم کالشمشاطي والعسکري والتنوخي والمرزباني والثعالبي وابن عبدالبر وأبو عبید البکري والراغب الأصفهاني وابن الصیرفي و النواجي والعباسي و الشیخ البهائي.

وکان النقد الأدبي قد وصل في القرن 3 هـ إلی حالة من الاستقلا لعن باقي المقولات الأدبیة. وظهر في هذا القرن نقاد کبار کان لکل منهم آثار مشهورة علی صعید النقد الأدبي کابن سلام الجمحي وأبي تمام والجاحظ و ابن المدبر و المبرد و ابن قتیبة و ثعلب و ابن شرشیر. و کان کل من المبرد و ثعلب اللذین ألفا علی التوالي کتابي الروضة و قواعد الشعر في النقد الأدبي (عباس، 82-83) من بین أساتذة ابن المعتز.

ویبدو أن نقاد الأدب في القرن 3 هـ قد اجتازوا حالة الجفاف والتصلّب التي تمیز بها نقاد القرنین الدول و الثاني، لکنهم لم یکونوا قدخرجوا بعد عن دائرة الشعر القدیم (م.ن، 77). وفي النصف الثاني من القرن 3 هـ - کما وضّح ابن المعتز نفسه (طبقات، 86) – فقد سأم أهل الشعر و الأدب من الإفراط في روایة اشعر القدیم، وأخذوا یمیلون إلی سماع و متابعة أشعار وأخبار المحدثین. ونجد الروضة للمبرد و البارع لهارون بن علي المنجم قد اختصا بأشعار المحدثین وأخبارهم (فراج، 5).

ویعد کتاب الطبقات من کتب ابن المعتز القیمة في مجال النقد الأدبي. فهذا الکتاب الذي یلي طبقات ابن سلام الجمحي من حیث سلسلة کتابة الطبقات، یختلف اختلافاً رئیساً عن کتاب ابن سلام من حیث اختصاصه بأشعار و أخبار الشعراء المحدثین، وهو في الحقیقة کشکول و کتاب نوادر قبل أن یکون کتاباً في طبقات الشعراء (ظ: ابن المعتز، طبقات، 47-48، 80).

ألف ابن المعتز هذا الکتاب بهدف جمع أشعار و أخبار الشعراء المحدثین (ظ: ن.م، 86)، وأولی أهمیة کبری للشعراء غیر المشهورین إلا أنهم معروفون لدی خواص أهل الأدب (ن.م، 47-48). وقد عقد فصلاً خاصاً لکل شاعر من هؤلاء والذین بلغوا 130 شاعراً، ثم أورد تدریجیاً مختارات من أخبارهم وأشعارهم في فصلهم الخاص (ظ: ن.م، 396، حیث یشتمل فصل «أخبار ابن أبي فنن» علی خبر واحد فقط). وکان یفکّر کثیراً في تلخیص هذا لاکتاب، وکما أشار هو إلی ذلک (ن.م، 80) کان یحبذ الاقتصار علی بیت أوبیتین من کل قصیدة. کما تستشف من الاسم الآخر للکتاب و هو الاختیار من شعر المحدثین (فراج، 13) وجهة نظر المؤلف هذه. ویبدو أنه کان ینوي تصنیف کتاب آخر عن الشعراء القدماء بعنوان طبقات الشعراء المتکلمین من الأدباء المتقدمین (ابن المعتز، ن.م، 18).

وأسلوب نقد ابن المعتز في الطبقات متأثر إلی قدر کبیر بوجهة نظر ابن قتیبة القائلة «أشعر الناس من أنت في شعره حتی تفرغ منه»، ویمکن أن نسمي أسلوبه النقدي هذا نوعاً من «النقد التأثري» (عباس، 115-117). وعلی ضوء المعیار الذي اتخذه ابن المعتز في تقییم شعر شعراء عصره و المبادئ التي اعتمدها في أسلوب تألیف الطبقات، لیس عجیباً أن نری تحدثه عن شعراء کالسید الحمیري و منصور النمري و دعبل الخزاعي الذین هجوا العباسیین و امتدحوا العلویین (ظ: ابن المعتز، ن.م، 32-36، 241-247، 267، 264-268). ویتفاوت أسلوب ابن المعتز النقدي في کتبه و رسائله الأخری عدا الطبقات تفاوتاً کاملاً. فهو في غیر هذا الکتاب ناقد متشدد للغایة، حتی جویه باعتراض أدباء عصره (ظ: العسکري، 189). وله انتقادات قاسیة علی قصائد امرئ القیس والنابغة والأعشی (المرزباني، الموشح، 32، 41، 51). کما أنه کتب رسالة مستقلة لبیان مساوئ أشعار أبي تمام و معایبها (ظ: آثاره)، والتي سبق أن أشاد بها في طبقاته (ص 285-286). انطلاقاً من ذلک یعتقد بعض الباحثین أنه ألف الطبقات في أواخر حیاته، و أن الآراء التي جاءت فیه هي آراء ابن المعتز في کهولته، حیث انصرف عن انقاداته اللاذعة وفقد حالة الاختیار أمام کل شعر لطیف (عباس، 118-119؛ إقبال، 585). ومنهم (شریف، 1/206-207) من أنکر بالکامل – ولأسباب ما – انتساب الطبقات إلی ابن المعتز (قا: إقبال، 587-588، الذي یرفض انتساب مقدمة الطبقات لابن المعتز).

واشتهر ابن المعتز في تاریخ علوم البلاغة بمؤلَّف یدعی البدیع. واصطلاح «البدیع» لیس جدیداً علی ذل العصر، ویعود استخدامه في قصائد الشعراء وکلام الأدباء إلی القرن 2هـ (ضیف، الفن، 178؛ ترجاني زاده، 118)، غیر أن ابن المعتز کان أول من ألّف البدیع بشکل مستقل، وکان عمره حین تألیف البدیع حوالي 27 عاماً، کماکان شغوفاً بموضوع بحثه إلی حد بعید (ظ: ابن المعتز، البدیع، 58). فالمؤلف الشاب والشاعر القدیر الذي اختزن الکثیر من شعر کبار الشعراء المتقدمین والبارعین من شعراء عصره، کان یری نفسه علی مشارف تطور عجیب في علوم البلاغة، ومن ثم في أسالیب النقد الأأبي الذي بدأه بشار (تـ 167هـ) و أبونواس (تـ 198هـ) و مسلم بن الولید (تـ 208هـ)، ووصل إلی ذروة الکمال في شعر أبي تمام (تـ 231هـ). وعقد ابن المعتز العزم علي تصنیف مؤلَّف مستقل في البدیع یحدّد فیه أولاً حدود البدیع، و یوسّع ثانیاً البدیع و یعممه من خلال انتقاد أبي تمام، ویوضح ثالثاً أن البدیع لیس من اختراع الشعراء الجدد، وإنما هو قدیم جداً (ظ: ابن المعتز، ن.م،3).

و«البدیع» من وجهة نظر ابن المعتز (زخرفة الکلام بالمعنی الأخص للکلمة)، یتألف من خمسة فنون (الاستعارة والجناس والطباق ورد العجز والمذهب الکلامي) فحسب. أما الفنون الأخری والتي تعرف بالصناعات الأدبیة والبدیعیة فهي لیست سوی محاسن الکلام لاغیر. ومع‌هذا فقد أجاز من لایأخذ برأیه أن یعتبر 12 فقرة من محاسن الشعر وتزویق الکلام والتي أوردها في نهایة مباحث البدیع (من ص 57 و ما بعدها)، في عداد فنون البدیع (ن.م، 58). ولم یلتفت أحد إلی رأیه الدقیق في تعیین حدود البدیع، لکن تجویزه حظي بالقبول وأدی إلی ظهور أسلوب متداول. وقد أضاف علماء عصره کقدامة بن جعفر والأدباء الذین تلوه کأبي هلال العسکري وابن رشیق وشرف‌الدین التیفاشي وابن أبي إصبع وغیرهم أعداداً أخری من المحسنات حتی بلغت 150 محسنة (همایي، 16-19).

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: