الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن المعتز /

فهرس الموضوعات

ابن المعتز

ابن المعتز

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/6 ۲۰:۳۴:۱۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ الْمُعْتَزّ، أبوالعباس عبدالله (22 شعبان 247-2 ربیع‌الثاني 296هـ/31تشرین الأول 861-29 کانون الأول 908م)، شاعر وأدیب ورواو وناقد کبیر في الشعر والأدب خلال العصر العباسي الثاني. ولد بسامراء عاصمة الخلافة العباسیة آنذاک من أم رومیة علی مایبدو (EI2). وکان في الخامسة من عمره تقریباً عندما تولی أبوه المعتز بالله (حکـ 252-255هـ/ 866-869م) زمام الأمور کثالث عشر خلیفة عباسي. وکان المعتز مولعاً بالشعر و الموسیقی و بارعاً فیهما، وکان یمضي أغلب وقته مع الشعراء والمغنین و الموسیقیین (ظ: أبوالفرج، 9/318-320؛ الخطیب، 2/125؛ المرزباني، معجم ...، 400-401)، ولذلک لیس غریباً أن تنضج قریحة ابن المعتز الشعریة منذ طفولته وصباه و یبادر إلی إنشاد الشعر (ابن الجوزي، 6/85؛ ظ: فراج، 9). ویعترف ابن المعتز نفسه بأنه تأثر بشعر البحتري وإنَّ تمکّن کلامه من الخلیفة والأخرین قد بهره إلی أقصی حدود الانبهار (الصولي، أخبار البحتري، 104-105، 108)، سیما وإن بعض الشعراء کانوا یمدحونه إلی جانب أبیه (کمثال، ظ: البحتري، 1/614-616). وکان عبدالله محبوباً لدی أبیه إلی درجة أنه أمر أن تُضرب دنانیر ذهب باسمیه، وبهذه المناسبة أنشد البحتري قصیدة اقترح فیها علی المعتز أن یجعله ولیاً لعهده (2/670-673؛ الصولي،ن.م؛ 107).

ولم یبلغ ابن المعتز الثامنة من عمره حینما عزل الأمراء الأتراک أباه وقتلوه (ظ: الیعقوبي، 2/504)، ثم نفوه مع جدته و عدد من أولاد الخلفاء إلی مکة. وبعد حوالي عام من ذلک ولي المعتمد بالله (حکـ 256-279هـ/ 870-892م) الخلافة فأعادهم إلی سامراء (م.ن، 2/505)، فتولت جدته أموره تحت إشراف المعتمد. في حین اختص بتربیته و تهذیبه أبوالحسن أحد بن سعید الدمشقي الذي عُیّن معلماً ومؤدباً لأولاد المعتز (یاقوت، الأدباء، 3/46-49؛ الصولي الأوراق، أشعار …، 107). وبمرور الزمن أضحی بیته محلاً لتجمع العلماء والأدباء، وأخذ یتهافت علیه کبار العلماء آنذاک کمحمد بن عمران بن زیاد و الحسن بن علیل العنزي وأحمد بن صالح بن أبي فنن، فیلقّنونه علوم ذلک الزمان وفنونه. وکان المبرد – نحوي المدرسة البصریة الکبیر – یتردد کثیراً علی مجلسه، وقد یقیم عنده لبضعة أیام. وکان یختلف إلیه فصحاء العرب و علماء اللغة الذین یفدون علی سامراء، فکان یستقبلهم بحفاوة و یأخذ منهم الکثیر (الصولي، ن.ص، أخبار أبي تمام، 96، 202؛ الخطیب، 10/95؛ فراج، 9-10؛ قا: EI2). وکانت تلک الأوساط العلمیة والأدبیة التي تُعقد في دار ابن المعتز علی جانب کبیر من الجاذبیة بحیث دفعت بالبلاذري إلی الإعراب عن استعداده و بإصرار لتعلیم ابن المعتز (الیغموري، 340؛ یقاوت، ن.م، 3/47-48؛ ظ: کراتشکوفسکي، 1/161). وقد ادعی ابن المعتز في أشعار قالها في الثالثة عشرة من عمره و خاطب فیها أستاذه الدمشقي أنه تعلم من العلوم والفنون المتداولة مایمکنه من أن یفوق الأقران و یصبح وحید الزمان في أي علم أراد و علی أي صعید (الیغموري، 340-341؛ یاقوت، ن.ص؛ قا: حسین، 2/395-396).

فقد ابن المعتز جدته وله من العمر 17 عاماً، فانتقل إلی مَطیرة (EI2) وهي متنزّه بالقرب من سامراء (یاقوت، البلدان، 4/568). واستمرت إقامته في مطیرة حوالي 15 عاماً. وتحمل أغلب مؤلفات ابن المعتز ذکریات هذه الفترة بالذات، کما أشار کثیراً في أشعار السنوات الأخیرة من عمره إلی هذه الفترة (ظ: تتمة المقالة).

وکان ابن المعتز الذي تأثر کثیراً لمقتل أبیه، ویری کافة أعمامه وأبناء عمومته وأعیان ورجال الدولة مسؤولین عن قتله (دیوان، 2/340؛ الصابي، 131: أقوال الوزیر ابن الفرات)، یری نفسه ملزماً بالثأر لأبیه، ولهذا سعی الخلفاء الذین خلفوا أباه إلی إقصائه عن التدخلات السیاسیة وإشغاله عن ادعائه بالخلافة من خلال توفیر کافة وسائل الراحة واللهو، وتشجیعه علی طلب العلم والکمال والأدب (ظ: أبوالفداء، 2/62). ویبدو أن ابن المعتز کان مرتاحاً لذلک الوضع، وکان یعبّر عن شکره لاسیما للمعتمد والموفق من خلال مدائحه التي کان ینشدها بین فترة وأخری (کمثال، ظ: دیوان، 1/499-503). ولکن عندما انتقل مرکز الخلافة إلی بغداد (376هـ)، أخذ یعبّر و هو في مطیرة عن ضیق صدره وتأففه. وحینما ولي الخلافة ابن عمه المعتضد بالله (حکـ 379-288هـ/ 892-901م) أخذ یستأذنه في الانتقال إلی بغداد من خلال عدة مدائح (ن.م، 1/492-495، 506-507). وعندما وطّد المعتضد بالله أرکان حکمه، وفرغ من بناء قصر الثریا القریب من بغداد، طلب من ابن المعتز بشکل رسمي أن ینتقل إلی بغداد. فلبی هذه الدعوة یشغف وتوجه إلی بغداد (ن.م، 1/452)، فاستقبله المعتضد استقبالاً یلیق به وأسکنه في أحد أجنحة قصر الثریا. ومنذ ذلک الحین أصبح ابن المعتز في زمرة ندماء المعتضد. وأنشد أشعاراً کثیرة في وصف هذا القصر والبساتین المحیطة به، بل واعتبره لانظیر له ولا یرقی إلیه حتی القصر البلّوري لسلیمان النبي (ع) (ن.م، 1/477-479، 520-521).

لم یتخل ابن المعتز في بغداد عن الدرس والبحث والمناظرات العلمیة و الأدبیة، وأصبح محل إقامته ثانیة ملجأً لأهل العلم و الأدب (الصولي، الأوراق، أشعار، ن.ص). وقد أصبح أبوسعید محمد بن هبیرة الأسدي المعروف بصعوداء – و هو من أصحاب النحوي الفراء ومن فضلاء الکوفة – من خاصة ندمائه بعد قدومه إلی بغداد ودخلوه قصر ابن المعتز (القفطي، 2/85؛ السیوطي، 1/256). وکان ابن المعتز علی صلة بثعلب أیضاً، وکان یسأله في مهمات المسائل اللغویة و النحویة والأدبیة (الصولي، ن.ص؛ الخطیب، 10/95-96).

وبموت المعتضد، انتهت فترة الهدوء والدعة التي کان یعیشها ابن المعتز، لأنه لم یعد یری حامیاً له (ظ: ابن المعتز، دیوان، 2/330-331). ونصّب الأمراء الأتراک طفلاً للمعتضد خلیفة علی الناس ولقّبوه بالمکتفي بالله (حکـ 288-295هـ/901-908م)، وزجّوا بعبدالله ابن المعتز مع اثنین من أبناء الأمراء في السجن إلی حین قدوم المکتفي من الرقة إلی بغداد (ظ: التنوخي، 2/9-10؛ الخطب، 10/98). وعندما شاهد ابن المعتز الأوضاع علی هذه الحالة، ابتعد عن حیاة البلاط وسکن داراً قدیمة شبه خربة (ظ: ابن المعتز، ن.م، 2/172، 206؛ الصولي، ن.م، 116) علی ضفاف نهر الصراة (ظ: یاقوت، البلدان، 3/377-379). وامتنع خلال هذه المرحلة الأخیرة من حیاته عن حضور الاجتماعات العامة و حتی صلاة الجمعة و غیرها، وربما کان مراقباً في بیته من قبل أجهزة الخلافة (ظ: الخطیب، 10/96). ویبدو أن أشعاره التي یشکو فیها من الغربة ویذم بغداد ویمدح سامراء تعود إلی هذه الفترة من حیاته (ابن المعتز، ن.م، 2/38-47؛ الصولي، ن.م، 137-138). وکان یذرف دموع الحسرة في هذه الأشعار علی تلک الأیام الجمیلة التي أمضاها في مطیرة وبعض المناطق الأخری (ن.م، 2/55).

وبعد عزل المکتفي عقد بعض الأعیان و الشخصیات العزم علی مبایعة ابن المعتز بالخلافة، غیر أن معارضة الوزیر ابن الفرات – تحسباً للعواقب – دعتهم إلی التخلي عن ذلک؛ فأجلس شقیق المکتفي الذي لم یبلغ الثالثة عشرة من عمره علی سریر الخلافة في 295 هـ/ 908م و لُقّب بالمقتدر بالله (الصابي، 130-131؛ ابن الأثیر، 8/9-10؛ الذهبي، 1/131). ولم تمض علی ذلک سوی شهور عدیدة حتی قرر بعض القادة العسکریین و الکتّاب و القضاة مرة أخری خلع المقتدر و مبایعة ابن المعتز (الطبري، 10/140-141؛ المسعودي، التنبیه …، 326-327). ووافق ابن المعتز علی ذلک رغم أنه کان قد بایع المقتدر، إلا أنه اشترط علیهم عدم إراقة الدماء، فلقّبه عدد کبیر من الأعیان ورجال الدولة بالمنتصف بالله (أو المرتضی بالله، الراضي بالله …) وبایعوه خفیة وعیّن ابن المعتز وزیره وأرکان دولته، وأنذر في بیان له المقتدر بضرورة مغادرة دار الخلافة، غیر أن أنصار المقتدر لم یسمحوا له بالخروج منها و قاموا بمهاجمة أنصار ابن المعتز، ودارت بین الجانبین معرکه عنیفة أسفرت في النهایة عن القضاء علی جماعة ابن المعتز، کما ألقي القبض علی ابن المعتز في مخبئه و من ثم قتله (الطبري، 11/31-32؛ أبوعلي مسکویه، 1/5-9؛ ابن الجوزيف 6/69، 80-81؛ ابن الأثر، 8/14-19؛ ابن تغري بردي، 3/164-165). وقیل: إن ابن المعتز عندما أدخل علی المقتدر أمر به فطُرح علی الثلج عریاناً وحشي سراویله ثلجاً فلم یزل کذلک إلی أن مات (الکبیسي، 365). ثم دفن بدون أیة مراسم في خربة مجاورة لبیته (ابن خلکان، 2/264).

وبهذا لم تستمر خلافة ابن المعتز سوی بضع ساعات، ولذا لم یعدّه أغلب المؤرخین من الخلفاء العباسیین (ابن الطقطقی، 359؛ قا: ابن کثیر، 11/109)ف لکن اسمه قد سجل في فهرس نوادر الدهر بصفته «خلیفة کانت خلافته یوماً أو بعض یوم» (ظ: القلقشندي، 1/442؛ قا: حسین، 2/391). ولم یرفتع حزناً علیه سوی بکاء عدد من النساء، ولم تخرج علیه آهة من الصدور. ولم یُرث سوی ببیتین من الشعر، وقد اشتهر في کل مکان کاشتهار قتله ونُقشا في صفحات التاریخو و هذان البیات هما لعلي بن محمد ابن البسام و قد أعرب فیهما أولاً عن تعاطفه مع ابن المعتز، لکنه لم یلبث أن نال منه في نهایتهما (الخطیب، 10/101؛ ابن خلکان، أبو الفداء، ن.صص؛ ابن الوردي، 1/374؛ ابن فضل الله، 7/258). وقیل: إن ابن العلاف (ن.ع) کان قد رثا صدیقه ابن المعتز من خلال قصیدته الشهیرة التي رثا فیها بالظاهر هرّه الذي قتله لاجیران ثأراً لفراخ حمامهم التي أکلها (ظ: ابن خلکان، 2/107-111؛ الثعالبي، ثمار …، 152؛ قا: الصفدي، نکت …، 142). ولم یستمر هذه الجفاء العباسي حیال ابن المعتز ، ذلک المدافع العنید عن هذه الأسرة في مواجهة العلویین طویلاً (ظ: تتمة المقالة)، فقد أکرم الخلفاء العباسیون الذین خلفوا المقتدر ذکره وشعره (ظ: المسعودي، مروج …، 4/362-363؛ الزبیدي، 123-124).

کان ابن المعتز صبوحاً أسمر (ابن خلکان، 2/266؛ ابن شاکر، 2/240). وکان یزید من أناقته زینته وزیّه الأرستقراطي. وکانت أخلاق الخلفاء العباسیین وطبیعتهم و کذلک حضور الحفلات والسهرات قد أملت علیه الاهتمام بهندامه و زینته. و عندما ابیضت لحیته ورأسه یسبب الشیوخة المبکرة وهو في الثلاثین من عمره (ظ: ابن المعتز، دیوان، 1/253) لجأ إلی الخضاب الأسود (ابن خلکان، ابن شاکر، ن.صص) وعدّ الخضاب «من شهود الزور» (أبوحیان، 4/157)، وحاول من خلال ذلک عدم التفکیر بالشیخوخة التي هط من وجهة نظره مرحلة مرة (ابن المعتز، ن.م، 1/228). ولیس لدینا عن حاته الأسریة ولاعن زوجته وأولاده سوی قصیدة من 4 أبیان في رثاء النته (ن.م، 2/343-344؛ قا: حسین، 2/394). وکان ذا إباء ویری نفسه أسمی بکثیر من أن یدخل في صراع مع المنحطین من الحسّاد و ضیقي النظر، أو ینفعل بسبب بذاءة لسان هذا و أذی ذاک، ولهذا کان یتصف دائماً بنفسیة هادئة وإرادة حدیدیة (ابن المعتز، ن.م، 1/256، 274؛ قا: شریف، 170-171).وکان سخیاً إلی درجظ کبیرة، حتی إنه لایمتنع عن تقدیم العون و هو في أشد الظروف عسراً (ابن المعتز، ن.م، 1/268). وقدّم ابن المعتز نفسه في فخریاته النثریة علی أنه رجل من بني هاشم مهذّب وحر، جمیل و متّق، عامل بالواجبات ومنته عن المحرمات. وکان الناس غالباً یعرفونه بهذه الصفات أیضاً، بل اعترف سجایاه حتی خصومه و مناوئوه. فقد وصفه ابن الفرات بأنه رجل فاضل متأدب ذو معرفة بالأعمال و موقع الرعیة ومن أهل التدبیر. وانطلاقاً من صفاته هذه کان لایری تفویض الخلافة إلیه أمراً قائماً علی العقل و الحکمة (الصابي، ن.ص؛ أبوالفرج، 10/274-276؛ قا: شریف، 169-170؛ حسین، 2/394-395).

حظي ابن المعتز في ظل الإسلام بعزة النفس و قوة الإرادة، وأخذ عن أرومته درس المروءة، وعن جدته و أساتذته درس الأخوة والمساواة والإنصاف، وکان یقف بشدة إلی جانب الحیاة المسالمة بین الناس و بین کافة الطبقات (ظ: شریف، 169). لکن من وجهة نظره فإن کافة هذه الأصول النظریة و العلمیة تختفي تحت ظل إیمانه المتطرف القائم علی أفضلیة بني هاشم وآل محمد (طبعاً برید بآل محمد بني العباس) علی باقي الناس، حتی إن کافي أشعار في الفخر و المدح و غیرهما تنبئ عن هذه الحقیقة (کمثال، ظ: ابن المعتز، ن.م، 1/285).

ورغم ولائه للإمام علي (ع) و شعره الکثیر الذي أنشده في مدحه (ظ: الصولي، الأوراق، أشعار، 109-112) وکذلک أشعاره التي رثی فیها الإمام الحسین (ع) (ابن المعتز، ن.م، 2/352-353)، فقد کان في غایة الاستیاء من التطاحن بین العلوبین و العباسیین، وقیام العلویین علی الحککم العباسيف و کان یقسم لو أن یده وصتل إلی الطالبیین لأفناهم عن آخرهم (أبوالفداء، ن.ص). وقد عرض خطة لتوضیح قسمه هذا تتمثل في إجرار رجال العلویین علی الزواج من نساء العباسیین، وبالعکس، بحیث یمتزج فیه هذان الفریقان و یزول التمایز بنهما و یُحسَم النزاع (ظ: الصولي، ن.م، 109؛ التنوخي، 4/111)، ولایبدو أنه کان یرید القتل الجماعي للعلویین.

ورغم ظاهره الرصین و سلوکه الهادئ، إلا أنه کان حقوداً، فما أن وصل إلی الخلافظ حتی اتهم الشاعر ابن المنجم (تـ 300هـ) بشتم الرسول (ص) وعزم علی إساءة معاملته. و کان ابن المنجم قد عارضه یوماً في شعر له عبّر فیه عن اختلافه معه في آرائ السیاسیة وعندما قدم مع أولاده للبیعة هدده قائلاً «والله لأطعمن الطیر لحمک» (م.ن، 4/110-111). کما أنه قال في خطبة بدء خلافته: «قد حان للحق أن یتضح و للباط أن یفتضح» (الثعالبي، ثمار، 150)، وهو کلام مبهم لایوحي بل إلی غروره فحسب، بل إلی حقده القدیم المخبوء في صدره کالنار تحت الرماد. ولهذا لایُعرف ماذا کان سیحدث في بغداد و باقي المدن و البلاد الأسلامیة لو أن خلافته استمرت أکثر من یوم واحد.

قیل إنه حنفي أو حنبلي المذهب (ابن خلکان، ن.ص؛ ابن شاکر، 2/241؛ ابن فضل الله، 7/255-258)، لکن یبدو أنه کان ذا آراء خاصة و مذهب خاص لایناهض المذهب الشیعي فحسب، بل لایتفق أیضاً مع مذاهب السنة بشکل کامل، وإن کان یعبّر عن احترامه لکافة صحابة الرسول الأکرم (ص) و یدافع عن مکانتهم (الصولي، ن.م، 107).

قیل إنه «شاعر بني هاشم» و «شاعر الزمان الکبیر»، لأن أیاً من شعراء زمانه لم یصل إلیه من حیث التنوع الشعري (ن.م، 113). له مقطوعات و قصائد في الأغراض الشعریة العشرة وهي: الفخر والغزل والمدح والمعاتبات و الطردیات و الوصف و الخمریات و الرثاء و الزهد و الهجاء.

وفي باب الفخر – الذي جعله الصولي الباب الأول من دیوان ابن المعتز – نلاحظ أن أشعاره ترتکز علی قضیة تفضیل العباسیین علی العلویین. کما نجده فیها و من موقع المتحدث باسم العباسیین یدعو بخبث آل علي (ع) بـ «آل طالب» و یقول إنهم ورغم ما امتازوا به من فضیلة وکرامة، لاحقّ لهم في المطالبة بالخلافة التي کانت منذ البدایظ في ید العباسیین، والتي انتزعوها بالسیف من ید الأمویین قتلة الحسین بن علي (ع) وأنصاره. وإنهم إذا ما فکروا بالخروج علی الحکام العباسیین فسیباح إراقة دمهم الشریف. و کان أولی لهم أن لایکونوا «بني الغم» بدلاً من «بني الغم» بدلاً من «بني العم» (دیوان، 1/219، 221-222، 237، 252، 254-255؛ الصولي، ن.م، 108-109، 277؛ ابن شاکر، 2/241-242؛ الصفدي، تمام المتون، 248-249؛ ضیف، العصر العباسي، 340-341؛ قا: شریف، 176-177).

أما في باب المدح، فإنه لم یقل الشعر طلباً للمال أو إثارة لاهتمام الخلفاء والأمراء علی اعتبار أنه کان أمیراً وابن خلیفة یتمتع بکافة مواهب الحیاة. وهذه المواصفة قد أضفت علی مدائحه مکانة خاصة. وهنا یجب أن لانغفل عن أن الخوف علی حیاته وأسرته الذي لم یفارقه طوال حیاته، قد دفعه وفي أحیان کثیرة إلی مدح أعمامه و أبناء عمومته الذین کانوا علی رأس السلطة (الکفراوي، 286). وعلی أي حالف فقد مدح کافي الخلفاء العباسیین الذین عاصرهم، وبعض رجال وأرکان الدولة العباسیة و أمراء الجیش (ظ: دیوان، مخـ). ولعل الدافع الأصلي وراء هذه الأشعار کان الارتباط المعنوي الشدید بالخلافة العباسیة والتعصب الأعمی لها، ونظرته إلیه علی أنها حافظة للإسلام و العروبة. وتصدّر مدح المعتضد قائمة ممدوحیه، کما خصّه بأرجوزة ذکر فیها فتوحاته واحدة واحدة، وأشاد بسیاسته و تدبیره وبطولاته. وربما یکمن خلف کثرة مدیحه للمعتضد، هو ماقام به الأخیر من خطوات علی طریق إعادة قوة الخلیفة وقمع المتمردین. و یبدو أن ابن المعتز کان یری نفسه في عهده آخذاً بثأر جده و أبیه، ولهذا کان یشعر بحب و إخلاص قلبي خاص تجاه ابن عمه هذا.

وفي مراثیه خاصةً تلک التي رثا فیها أباه المعتز و ابن عمه المعتضد (ظ: دیوان، 2/360-363) تتجلی عواطفه العمیقة و الإنسانیة بشکل واضح، ویُستشعر منها الجانب المعنوي الذي یتمیز بنوع من الاستثنائیة قیاساً إلی شعره (ظ: شریف، 1/199).

ولم یشتهر ابن المعتز علی صعید الهجاء، فهو من جانب یری أن کافة الفضائل و الکمالات قد جُمعت فیه، ومن الطبیعي أن یبدو الآخرون أمامه حقراء ویستحقوا الهجاء، ومن جانب آخر فهو انطلاقاً من نفسیته الکئیبة الیائسة لابد له من تقریع هذا و مؤاخذة ذاک، غیر أن سجایاه الأخلاقیة الأخری خاصة إباءه کانت تحول دون توسّله بالهجاء. فکان یستعین بالصمت (ظ: دیوان، 2/430) أو اللجوء إلی مکتبته (ن.م، 2/41، البیت 13) في مواجهة تصرفات لاترضیه. وقد احتلت أشعاره الهجائیة باباً مستقلاً من دیوانه (قا: ضیف، ن.م، 339-340). کما تُلاحظ مضامین کثیرة ذات طابع هجائي في أشعاره الموزعة علی أبواب الفخر و المدح و المعاتبات. واحتل هجاء بعض المدن کبغداد و الکوفة و أهالیها موقعاً في شعره (ابن المعتز، ن.م، 2/27، 451-452).

وغزل ابن المعتز مزین بأنواع الأوصاف البلیغة والتشبیهات الجمیلة، لکننا لانجد فیه العشق الملتهب و الرغبة الصادقة اللذین نجدهما في غزل شعراء کابن الرومي و أبي نواس (ن.ع.ع). ولیس لابن المعتز من دافع وراء مقطوعاته الغزلیة الکثیرة سوی التسلیة و لفت اهتمام الجواري وإدخال السرور علیهن، وکان غزله لایتجاوز غرام أمیر مترف لجواریه المغنیات و العازفات اللائي یزیّنّ مجالس أنسه و طربه (ظ: ن.م، /314؛ أبوالفرج، 10/278؛ المسعودي، مروج، 4/293؛ قا: ضیف، ن.م، 341-342؛ أیضاً ظ: الشابشتي، 77-78). ورغم هذا فقد کان ابن المعتز من بین قلیل من الشعراء الذین اشتهروا بغزلیاتهم. هذا فضلاً عن أنه کان من الشعراء الذین یتغزلون بالغلمان و الجواري وقد برع في هذین الحقلین من الغزل (الصولي، ن.م، 114؛ أیضاً ظ: أبوالفرج، 10/281).

وبرع ابن المعتز في الخمریات، وربما لایوجد شاعر في القرن 3 هـ أنشد في باب الخمر بغزارة ما أنشده ابن المعتز (ضیف، الفن …، 108). فضلاً عن تعاطیه الخمر علی طریقة الخلفاء و الأمراء في حفلات البالط ومجالسه، وقضاء الأوقات علی موائد الخمر بین الشعراء و المغنین والموسیقیین، فقد کان یتردد أیضاً علی الحانات العامة و من أهمها دیر عبدون ودیر السوسي و دیر مطیرة و یمضي فیها أیامه (ظ: الشابشتي، 149-150؛ ضیف، ن.م، 108-109)، وقد قال (دیوان، 2/250) بأنه کان یلجأ إلی هذه الأدیرة هرباً من أحزانه التي لاتُنسی (الکبیسي، 358؛ أیضاً ظ: ابن المعتز، ن.م، 2/213، البیتان 10 و 11؛ شریف، 1/185-188).

یعتقد القدماء أن خمریات ابن المعتز تضاهي خمریات الأعشی والأخطل وأبي نواس و الحسین بن الضحاک (الصولي، ن.ص)، لکن التفاوت الرئیس بین خمریات ابن المعتز و خمریات أبي نواس هو أن أبانواس کان مغرماً غراماً حقیقیاً بالخمر، غیر أن ابن المعتز عندما یُشعر في الخمر، فإنه لایرید سوی التعبیر عن براعته الشعریة. فلیس مهماً عنده أن یقول شعراً في مدح «الصبوح» (ظ: دیوان، 2/232، 259؛ الصولي، ن.م، 190؛ ضیف، العصر العباسي، 342-343)، أو یذمّها في أرجوزته الشهیرة لأسباب عدیدة (ابن المعتز، ن.م، 2/30-37).

ورأی البعض (ابن فضل الله، 7/255) أن خمریات ابن المعتز إنما أربد بها توسیع نطاق الشعر و الشاعریة لاغیر. ووصف محمد بدیع شریف (1/184-190) ابن المعتز بأنه عالم معتکف علی قلم الوصف ودفتره، وقد أظهر براعته و قدرته الشاعریة في مدح الخمر انطلاقاً من کونه شاعراً. غیر أن دراسة آثاره و لاسیما کتاب فصول التماثیل (ظ: آثاره)، لاتدع مجالاً لمثل هذه الآراء. فقد وصف في خمریاته أنواع الخمر و مجالس الشراب و أحوال المدمنین علی الخمرة و آنیتها، وأضفی علیها تشبیهاته الجمیلة الکثیرة، حتی جعل من خمریاته خمریات لاتُنافس.

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: