الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / ابراهیم بن سیار النظام /

فهرس الموضوعات

ابراهیم بن سیار النظام


تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/6 ۰۹:۴۸:۲۲ تاریخ تألیف المقالة

إبراهیمُ بنُ سَیّارٍ النَّظّام، أبوإسحاق ابراهیم بن سیّاربن هاني، المعروف بالنظّام، من کبار المعتزلة و علماء الکلام في القرنین 2 و 3/8 و 9. وتنسب إلیه فرقة النظّامیة إحدی فرق المعتزلة. و للنظّام آراء وأفکار خاصة في المسائل الطبیعیة والإلهیة المطروحة آنذاک. وقد اقترن بعضها باسم مثل نفي جوهر الفرد، أو الجزء الذي لایتجزأ، وإنکار السکون، والاعتقاد بالطّفرة، والکُمون، والتداخل، و جسمیة الألوان والطعوم والروائح. وإن کانت بعض الاعتقادات المنسوبة إلیه ولاسیما تقسیم الجسم إلی أجزاء غیرمتناهیة، ربّما نشأت من سوءالتفسیر أو الفهم أو من الإلزام، ولابدّ من دراستها بدقّة في رسالة أو کتاب مفصّل.
ولد النظّام في البصرة وفیها تکامل نموّه الذهني والفکري والثقافي، وکانت البصرة في القرن الثاني و النصف الأول من القرن الثالث الهجریین أکبر مرکز ثقافي و علمي في العالم الإسلامي. و یعتبر النظّام مع استاذه أبي الهُذیل العَلَاف (ن.ع) و تلمیذه الجاحظ أبرز من یمثّل مدرسة البصرة عقلیاً و أدیباً. والنظّام من «المَوالي»، واذا ما قبلنا روایة ابن خلّکان في نسبته إلی «بَلخ» (4/275) فإنه من الإیرانیین، وإن لم تشاهد هذه النسبة في المصادر التي سبقته.
ویعتبره ابن الندیم «مولی للزیادیّین من ولد العَبید» ویقول: قد جری علیه الرَّق في أحد آبائه (ص 205؛ علم الهدی، 1/187)، والزیادیّون من ولد زیاد بن أبیه، وکانوا یسکنون البصرة ولهم شهرة واحترام کما یظهر.
وقال ابن حزم (الفصل، 5/34) وابن حجر (1/67) إنه «»ولی بني بُجَیر بن الحارث بن عُباد الضُّبَعي» وقد قُتل بجیر بن الحارث، جدّ بني بجیر، في حرب بکر و تَغلِب في الجاهلیة (ابن حزم، جمهرة أنساب العرب، 320)، وکان من قبیلة بني قیس بن ثَعلَبة بن بکر بن وائل. وذکر الحِمیري أیضاً أنه مولی بُحارث بن عُباد من بني قیس بن ثَعلبة (ص 152).
ویدل علی أصله غیرالعربي عدم ورود ذکر لقبیلته أثناء الحدیث عن نسبه. فالعرب یعتبرون النسبة إلی القبیلة ذات أهمیة بمکان، ولایمیلون کثیراً الی النسبة إلی العمل ویعتبرون الحرف من أعمال الموالي. وقد ذکر کثیرون في ترجمته أنه لقّ بالنظّام لأنه کان ینظم الخرز والأحجار بسوق البصرة ویبیعها، وقال بعضهم: لقّب بذلک لحسن کلامه نظماً ونثراً، ویبدو أن هذا التعلیل مصطنع رغم ما روي من حکایات عن فصاحته و بلاغته. ویقول علم الهدی بعد أن یورد کلاماً له في مدح النخلة وذمّها: وهذه بلاغة من النظّام حسنة، فالبلاغة أن یوصف شيء بأعلی حدّ ممکن أن یقال فیه مدحاً کان أو ذمّاً (1/189).
ولیس هناک مایشیر بدقّة إلی تاریخ ولادة النظّام، ویری ماکس هورتن1 أنه عاش بین 60 و 70 عاماً، وأن ولادته کانت حوالي 160هـ/ 777م (أبوریدة، 5، 6)، ولکن هورتن لم یشر إلی المصدر الذي أخذ عنه، وربّما عین السنة بحساباته الخاصة، إلا أن ولادته لابد من أن تکون قبل 160 هـ لأسباب سنذکرها. وإذا کانت وفاته کما جاء علی لسان ابن شاکر الکتبي، عام 231/846 فإن سنّه حین وفاته ستکون أکثر من 70 عاماً.
یقول الحاحظ (الحیوان، 2/229) إن النظّام کان لمدة جلیس محمدبن علي بن سلیمان الهاشمي، ویصف الجاحظ هذا الشخص بقوله: «وکان ملکاً تُؤاتیه الأمور و تُطیعه الرجال»، ومثل هذا الرجل الذي کان ملکاً أو أمیراً في البصرة. وکان له کما یروی الجاحظ مثل هذا الجهاز والرجال، یأتون له بأنواع الحیوانات البرّیة م مختلف المناطق، فیلهو بإسکارها، لایمکن أن یکون سوی محمد بن سلیمان بن علي بن عبدالله بن العباس الهاشمي، والي البصرة المقتدر والثريّ وابن عم الخلیفة العباسي المنصور، وقد أورد الجاحظ اسمه خطأ محمد بن علي بن سلیمان (بدلاً من محمد بن سلیمان بن علي)، أو أنّ کاتب و ناسخ الحیوان، وقع في هدا الخطأ. وکان محمد بن سلیمان بن علي الهاشمي هذا والیاً مقتدراً في البصرة و معاصراً للنظّام والجاحظ، وقد ولاء علیها أبناء عمّه أي خلفاء بني العباس منذ 169 إلی 173/ 785 إلی 789 علی الأقل، وقبض هارون ترکته العظیمة من الأملاک والأموال بعد وفاته (ابن الأثیر، 6/119)، فلابدّ بالإعتماد علی روایة الجاحظ إذن من أن یکون النظّام جلیساً و ندیماً له بین عامي 169و 173هـ و لیس بعد ذلک فذلک أن القصة التي یرویها الجاحظ تتعلّق بفترة ولایته علی البصرة. ولابدّ من أن یکون النظّام آنذاک في سن البلوغ و بعد وصوله إلی مراکز علمیة عالیة و شهرة أدبیة، ولذا لابدّ من الافتراض بأن سنّه کانت أکثر من 20 عاماً، وولادته قبل عام 160 هـ بکثیر.
وکان یقصد بلاط محمدبن سلیمان الهاشمي هذا علماء ومتکلّمون آخرون منهم عمرو بن فائد الأسواري الذي یقول ابن الندیم عنه إنه کان یعیش عنده و إن وفاته کانت بعد 200/816 (ص 205). ومن الأدلة الأخری التي تؤکد علی أن ولادة النظّام کانت قبل 160 هـ، أن تلمیذه الجاحظ ولد بناءً، علی اعتماد بعض القرائن حوالي 160هـ، والمسعودي یذکر أن الجاحظ کان غلام النظّام [تلمیذه] (4/109) والجاحظ نفسه (الحیوان، 4/206) یعتبر «إبراهیم وأصحاب إبراهیم» أط النظّام وأصحابه روّاداً له، ویقول: «لولا إبراهیم وأصحابه لهلکت العوام من المعتزلة فقد أنهج النظّام لهم سبلاً … واختصر لهم أبواباً ظهرت فیها المنفعة وشملتهم بها النعمة». ویدل هذا الکلام علی تلمذة الجاحظ علی النظّام، وتقدّم النظّام علی الجاحظ في علم الکلام، کما یستنتج منه أن النظام کان أکبر سنّاً من الجاحظ وأن ولادته کانت قبل سنة 160 هـ بکثیر.
ویقول ابن الندیم (ص 205) عن النظّام «وکان یتعشّق أبا نواس» وإذا کان قوله هذا صحیحاً، فلابدّ من أنه کان أکبر سنّاً من أبي نواس، إلا أن کلمة یتعشّق لابد أنها تحریف لـ «یتعنّف» أو یعنّف» التي ذکرت في ذیل النسخة. والمعروف أن علاقة النظّام بأبي نواس لم تکن حسنة، فقد ورد في دیوان أبي نواس (ص 6-7) قصیدة خمیریة فیها هذان البیتان:
فَقُل لِمَن یَدَّعي في العلمِ فلسفة
حَفِظتَ شیئاً وغابت عنک أشیاءُ
لاتَحظُر العفوَ إن کنتَ امرءاً حَرِجّاً
فإنَّ حَظرکَهُ في‌الدین إزراءُ
وقد أشار مترجمو النظّام إلی أن المراد من «مدّعي الفلسفة في العلم، هو النظّام؛ فق اشتهر بعد معاشرته للفلاسفة وأخذ آرائهم في علم الکلام، وکان متشدّداً في نظرته إلی مرتکب الکبیرة.
کما وردت أَبیات أربعة اُخری في دیوان أبي نواس (ص 530) یهجو فیها النظّام بشرب الخمر و عشق الغلمان. إلا أن هذا هجو و اتهام فقط، والنظّام لایمکن أن یجهر بالفسق لمکانته الخاصة بین علماء الکلام، ودفاعه عن أسس التوحید في‌الدین الاسلامي، وإن رویت له أبیات في وصف الخمر ووجوه الغلمان الجمیلة. إلا أن شعر الوصف لایدل علی ارتکاب المعصیة، وقد قیل إن النظّام کان یعجب بأبي نواس للطف معانیه ورقّة طبعه. فقد روي عن الجاحظ أنه حینما أنشد شعر لأبي نواس في الخمر قال «کأنّ هذا الفتی جمع له الکلام فاختار أحسنه» (الأمین، 3/110). وقیل إنه حینما سمع النظّام هذین البتین:
تَرَکتَ مِنّي قَلیلاً        مِنَ القَـلـیـلِ أقَــلّا
یَـکـادُ لایتـجـزّا        أَقَلَّ في اللفظِ مِن لا
سأل عن بیت أبي نواس حتی دلّوه علیه، فقال له: «أنت أشعر الناس في هذا لامعنی، والجزء الذي لایتجزأ منذ دهرنا الأطول نخوض فیه، ماخرج فیه لنا من القول ماجمعته أنت فیه في بیت واحد» (ن. ص). والنظّاما کما سنذکر لایعتقد بالجزء الذي لایتجزّأ، و تأییده لقول أبي نواس في الأقل من «لا» لأن «لا» حرف «هجاء» وآخر أحرف الهجاء، وإذا جزّء لکان دلیلاً علی نفي الجزء الذيلایتجزّأ.
یقول ابن حجر نقلاً عن القاضي عبدالجبار المعتزلي أنه «کان أمیّاً لایکتب» (1/67)، إلا أن ابن حجر لم یدرک قول القاضي لأن عبارته کانت «وذُکر أنه کان لایکتب ولایقرأ، وقد حفظ القرآن والتوراة والإنجیل…» (فضل الإعتزال، 264). وعلاوة علی أن إبن حجر لم یدرک کلام القاضي فقد آضاف کلمة «أمّي» أیضاً، وهذا نابع من حقد أهل السنة والحدیث علی النظّام والمعتزلة. ویروی ابن حجر في نفس الموضع نقلاً عن ابن قتیبة في اختلاف الحدیث، أن النظّام «کان شاطراً من الشُّطار مشهوراً بالفسق» و کان ابن قتیبة من المتعصبین لأهل السنة والحدیث، ولایتحرّج عن توجیهه الاتهامات إلی مخالفیه ولو کذباً.
وکان أبو الُهذیل العلاف شیخ المعتزلة خال النظّام و أستاذه (الصفدي، 6/15)، وقیل إن الخلیل بن أحمد اللغوي المعروف کان أستاذه أیضاً. ویورد الجاحظ في کتاب الحیوان (7/165) کلاماً للنظّام ذکر فیه الخلیل ینتقده أشد الإنتقاد بل یذمّه في الحقیقة، و لذلک یمکن الشک في أن النظّام کان تلمیذاً له، إذ من المستبعد أن یقول في أستاذه «توحّد به العُجب فأهلکه و صوّر له الاستبداد صواب رأیه، فتعاطی ما لا یُحسنه، ورام ما لایناله، و فتنته دوائره التي لایحتاج إلیها غیره»، والمرداد من الدوائر، دوائر بحور العروض التي اختراعها الخلیل بن أحمد. ویورد الجاحظ (ن. ص) عن عالم اللغة الشهیر أبي عبیدة قوله: «ماینبغي أن یکون في الدنیا مثل النظّام» سألته و هو صبي عن عیب الزجاج فقال: «سریع الکسر بطيء الجبر»، ویمکن أن یستنتج من هذه الروایة أن النظّام ربّما کان تلمیذ أبي عبیدة.
بلغ النظّام کماله العلمي و العقلي في البصرة. یقول البغدادي (ص 79 عن منشأ عقائده أنه «عاش رفي زمان شبابه قوماً من الثنویة، و قوماً من السُّمنیة (من النحل الهندیة)، و خالط بعد کبره قوماً من ملحدة الفلاسفة … ثم خالط هشام بن الحَکَم الرافضي وأعجب بقول البراهمة بإبطال النبوات …» و عبدالقاهر البغدادي من خصوم النظّام، وأورد هذا الکلام لذمّه وقدحه، إلا أنه یدلّنا علی العلاقات الواسعة التي کانت بین النظّام و بین الفرق و أرباب الأدیان و المفکّرین في عصره. والمهم أنه کان یخالط الفلاسفة و یأخذ عنهم الکثیر. یقل الشهرستاني (1/56) أنه «طالع کثیراً من کتب الفلاسفة و خلط کلامهم بکلام المعتزلة».
وکان النظّام في عنفوان شبابه و شهرته فقیراً مدقعاً، فقد ذکر الجاحظ قصة عن فقره تحدّث فیها کیف أنه لم یستطع المقام في البصرة لشدة جوعه، فباع قمیصه وذهب إلی الأهواز، وفیها یراه إبراهیم بن عبدالعزیز أحد المخالفین لعقائده و آرائه، فیعرفه و یرسل له مبلغ 30 دینار (الحیوان، 3/451-453). و یتبیّن من هذه الروایة أنه کان مع شهرته في أشد الحاجة، وأن نفسه الأبیّة لم تسمح له بالبقاء في البصرة کیلا یطّلع أحد من أصدقائه علی حاله ومافیه من جوع. ویبدو أن النظّام تمتّع بعدها بالرفاهیة و الراحة. یقول الحصري إن السلطان کان یصله بالکثیر، وإنه کان یحبس لنفسه منه بلغة، ویفرّق الباقي في أبواب المعروف، وکان یقول عن المال: «الذهب لئیم لأن الشکل یصیر إلی شکله وهو عند اللئام أکثر منه عندالکرام» (2/523).
ویقول الجاحظ (ن. م، 1/281) أیضاً «کان شدید الشکیمة أبّاء للهضیمة»، ویقول: کان «مأمون اللسان و قلیل الزَّلَل والزیغ»، ویضیف قوله: مراده من أنه قلیل الزیغ انه لایزلّ أبداً، کقولک: فلان قلیل الحیاء، وأنت لست ترید هناک حیاء البتة وذلک انهم ربّما وضعوا القلیل في موضع لیس (ن. م، 2/229).
ویری الجاحظ أن عیب النظّام هوسوء ظنّه، ویقول إنه سریع القیاس فلو أنه التمس تصحیح الأصل بدل القیاس لکان أفضل «وکان کلامه إذا خرج مخرج الشهادة القاطعة لم یشک السامع أنه إنّما حکی ذلک عن سماع قد امتنحنه، أوعن معاینة قدبهرته». و یقول أیضاً إن النظّام کان «أضیق الناس صدراً بحمل السر و کان شرّ مایکون إذا یؤکد علیه صاحب السر، وکان إذا لم یؤکد علیه ربّما نسي القصة فیسلم صاحب السر» (ن. م، 5/187).
ویبدو من کلام الجاحظ أن النظّام کان جاراً للخراسانیین في البصرة (البخلاء، 28). وکانت البصرة آنذاک من المراکز التجاریة المهمة ومکاناً لتجمع التجار من جمیع أقطار العالم الإسلامي. وربّما عاش النظّام في حي الخراسانیین و «المراوزة» لکونه بلخیاً. وکان یعاشر في البصرة بعض علماء الکلام و منهم الجاحظ.
ولم یکن النظّام جلیس محمد بن سلیمان الهاشمي والي البصرة فقط، بل کان یجالس أحد افراد أسرة بني العباس أیضاً یعني أیوب بن جعفر بن سلیمان الهاشمي، وقد ناظر بین یدیه أبا شَمِر أحد کبار المرجئة، وکان أبوشَمِر إذا نازع، رابط الجأش رزیناً، حتی ناظره النظّام في ذلک المجلس فاضطره إلی الخروج عن حدود تزمّته ووقاره وتحریک یدیه و قیامه، وقد تغلّب النظّام في تلک المناظرة علی أبي شَمِر، وانتقل أیوب منذ ذلک الیوم من الإرجاء إلی قول النظّام (الجاحظ، البیان و التبیین، 89-90).
وکان النظّام یعرف بالقدرة علی الإستدلال و الإحتجاج. ویذکر أبوحیّان التوحیدي نقلاً عن أبي الُهذیل العلاف، أنه سئل: إنک لتناظر النظّام و تدور بینکما نوبات، وأحسن أحوالتا إذا حضرنا أن نتصرف شاکّین في القاطع منکما والمنقطع، وتراک مع‌هذا یناظرکَ زَنجویه الحمّال فیقطعک في ساعة. فقال: یاقوم إن النظّام معي علی جادّة واحدة لاینحرف أحدنا عنها إلا بقدر مایراه صاحبه فیذکّره انحرافه … ولیس هکذا زَنجویه الحمّال فأنه یبتدئ معي بشيء ثم یطفر إلی شيء بلا واصلة ولافاصلة وأبقی، فیُحکم عليّ بالانقطاع (2/90).
وکما قیل، فقدکان النظّام في البدایة تلمیذ أبي الهذیل، ثم اختلف معه في مسائل کثیرة، یقول البغدادي: إنه قال بتکفیره في کتابه الردّ علی النظّام و في کتاب آخر في الردّ علیه في الأعراض، وردّ نظریته حول الإنسان و الجزء الذي لایتجزّأ (ص 80).
ویروی ابن نُباتة قصة عن الجاحظ حول مناظرة حدثت بین النظّام وأبي الهُذیل، وأن أبا الهُذیل بصق في وجه النظّام و أن الأخیر شتمه (ص 227). ولکن من المستبعد أن تنتهي مناظرة بین عالمین أحدهما أستاذ و خال للآخر إلی هذه النتیجة، لاسیّما وأن نص هذه المناظرة التي یرویها ابن نُباتة لاتخلو من الغموض والاضطراب، وطالما لم یعثر علی نص صحیح و مستند سیلازم الشک روایة ابن نُباتة.  من المناظرات الشهیرة الأخری التي دارت بینه و بین أبي الهذیل کانت حول الجزءالذيلایتجزّأ و سیرد الحدیث عنها.
وکان هشام بن الحکم من الذین ترکوا أثراً في النظّام، وکان من کبار الشیعة و من أصحاب الإمام الصادق (ع)، و توفيّ عام 179 أو 199/795 أو 815. یقول البغدادي: إن النظّام أخذ إنکار الجزء الذي لایتجزّأ و جسمیة الألوان و الطعوم و الروائح عن هشام (ص 79). ویذکر المقدسي مناظرة دارت بین هشام بن الحکم والنظّام حول العروج بعد الموت، و هل الإدراک بالقوة الروحیة أم لا؟ و کان النظّام یعتقد بأن الروح لاتستطیع إدراک شيء وإلاحساس به بدون الحواس (2/23).
وبعد أن بلغ النظّام شهرة في المناظرة والجدل في المسائل الکلامیة، ذهب إلی بغداد و حضر مجالس الکبار فیها، فقد قیل إن جعفر بن یحیی الرمکي تحدّ یوماً عن کتاب أرسطو، فقال النظام إنه نقضه، فقال له جعفر: کیف و أنت لاتحسن أن تقرأه أو لم تقرأه جیداً؟ فقال النظّام: أیّما أحب إلیک أن أقرأه من أوّله إلی آخره أم من آخره إلی أوّله (القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال، 264؛ ابن المرتضی، 50). وقد بلغت شهرة النظّام في بغداد حدّاً دفع المأمون إلی الإشادة به (أبوالفرج، 21/80). ولذلک فإن ما قاله بعضهم إنه نبغ في زمان المعتصم، وبدأ بنشر عقائده في 221/836 لیس صحیحاً (لمزید من التفصیل، ظ: أبوریدة، 5).
لیس هناک من تاریخ دقیق لوفاة النظّام، فقد قیل إنه توفي بین 221 و 231 هـ (ن. ص)، في بغداد. ویقول ابن الندیم إنه توفي في منزل حَمَویه صاحب الطواویس (ص 206). ویقول المخالفون و هم من المحدّثین ومتعصبّي السنة و منهم الذهبي (10/542) إنه سقط من غرفة و هو سکران فمات. ولیس صحیحاً ما أورده المحدّثون و المخالفون للنظّام في هذا الشأن، و یدل علی عنادهم بالنسبة للمعتزلظ عموماً و للنظّام خاصة، و هناک مقابلها روایات المعتزلة و منها ما ذکره القاضي عبدالجبار (فضل الاعتزال، 264) و یروون أنه کان یردّد و هو یجود بنفسه: «اللَّهم إن کنت تعلم أني لم أقصّر في نصرة توحیدک ولم اعتقد مذهباً إلا شدته بالتوحید، اللّهم إن کنت تعلم ذلک فاغفرلي ذنوبي وسهل عليّ سکرات الموت».

 

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: