امروالقیس

الشخصیات الأخری المسماة بامرئ القیس:
لقد أطلق اسم امرئ القیس بالإضافة إلی الشاعر العربي الکبیر علی عدد آخر من الأشخاص أیضاً ویبلغ عددهم في «أخبار المراقسة» للسندوبي 28 شخصاً وکان أشهرهم علی الإطلاق أمیر الحیرة (ظ: حمزة، 77-78؛ ابن الأثیر، الکامل، 1 / 390)، غیر أن وجود امرئ القیس الکبیر قد أخملهم جمیعاً وإذا کان لدیهم أشعار رائعة، فإن الرواة نسبوها إلی الشاعر الکبیر.
وهنا یمکن الإشارة إلی ستة من الشعراء الجاهلیین الذین وصلتنا منهم بعض الأبیات القلیلـة وهم: 1. امرؤ القیس بن بحر؛ 2. امرؤ القیس بن بکر الکندي؛ 3. امرؤ القیس بن حُمام الکلبي؛ 4. امرؤ القیس بن عمرو الکندي (من أقارب امرئ القیس الکبیر)؛ 5. امرؤ القیس بن کلاب العقیلي؛ 6. امرؤ القیس بن مالک الحمیري الذي وصلتنا قصیدة طویلة نسبیاً باسمه. غیر أنها نسبت إلی امرئ القیس المشهور (الآمدي، 6-9؛ السندوبي، 308، 348-354).
وکان الشاعر الجاهلي الشهیر المهلهل یدعی امرأ القیس أیضاً ویبدو أن المهلهل کان لقباً لقّب به. وهناک شخصیات أخری باسم امرئ القیس عاشت في صدر الإسلام ونالت شهرة لأسباب شتی. منهم امرؤ القیس بن عابس من حضرموت، حیث تنازع مع رجل یدعی ربیعة الحضرمي علی مال في حضرة الرسول (ص) ورغم أن المال أصبـح من حقه إلا أنه تناول عنـه ــ لأن الرسـول (ص) بشّـره ــ بالجنة. مما أدی إلی دخول اسمه في عدد کبیر من کتب الحدیث والأدب (مثلاً ظ: أحمد بن حنبل، 4 / 191-192، 317؛ الدار قطني، 3 / 1557؛ أبو نعیم، 2 / 438-439؛ ابن عبد البر، 1 / 104؛ ابن عساکر، 3 / 111؛ ابن الأثیر، أسد ... ، 1 / 115).
کما أنه في قضیة الردة وعندما امتنع أهالي حضرموت عن دفع الصدقة، فلم یلتحق بأقاربه الکندیین بل اشترک في عدة معارک ضدهم (الطبري، 3 / 330-342؛ ابن الأعثم، 1 / 55 وما بعدها). وقد وقف أمام الأشعث بن قیس وقام بنصحه وحذره من غضب خلفاء الرسول (ص) الذي سیتغلبون علیه لامحالة (ن.ص؛ ابن عساکر، 3 / 112).
وقد بعث امرؤ القیس رسالة إلی أبي بکر تتضمن 5 أبیات حول ردة حضرموت وقد نعته الخلیفة في رسالة «بالصالح» (ابن حبیب، 186-187). وقد روی ابن عساکر (3 / 111) أن امرأ القیس قد أقام فترة في بَیسان بالشام إلا أن شیوع طاعون عَمواس قد دفعه إلی العودة إلی کندة. ولایستبعد أن تکون إقامته في الشام قبیل ردة حضرموت وقد رحل في نهایات عمره حسب روایة ابن عساکر (3 / 112، نقلاً عن البخاري) إلی الکوفة. وقد قام شیخو (1 / 56-60) والسندوبي (ص 339-347) بجمع أشعاره وطبعه ولایتجاوز عدد أبیاتها بضعة وثمانین بیتاً ومن الممکن أن یکون بعضها لشعراء آخرین وبخاصة الفند الزّماني (مثلاً ظ: ابن عساکر، 3 / 114) وقد نسب ابن عساکر إلیه 6 أبیات (3 / 114-115) تبدو منحولة غیر أنها تلفت النظر للشبه الموجود بینها وبین أشعار امرئ القیس الکبیر الغرامیة.
وهناک شخصیتان أخریان تدعیان امرأ القیس امتزجت أخبارهما ویذکر الطبري رجلاً یدعی امرأ القیس بن الأصبغ تولّی إمارة قضاعة أو قضاعة وکلب من جانب الرسول (ص). وقد ارتد جمع من الکلبیین عند وفاة الرسول؛ ولکن امرأ القیس هذا ظل علی إسلامه (3 / 243؛ کذلک ظ: ابن عبد البر، 1 / 105-106؛ ابن الأثیر، الکامل، 2 / 344، أسد، 1 / 155؛ ابن حجر، 1 / 63). ویضیف ابن الأثیر في نهایة روایته: لقد بعث أبو بکر برسالة إلیه، حیث کان جد سکینة بنت الحسین (ع) ( الکامل، ن.ص). وهنا اختلطت  الشخصیتان إذ إن جد سکینة هو امرؤ القیس بن عدي. ویبدو أن هذا الرجل في الروایات الأخری رجل نصراني مهیب أتی إلی عمر وأسلم عنده وقد خطب الإمام علي (ع) في المجلس نفسه ابنته رباب للإمام الحسین (ع). وبهذه المناسبة ذکرت الکثیر من المصادر بالإشارة إلی فضائل رباب بیتین نظمهما الإمام الحسین (ع) یُظهر فیهما حبه لسکینة (ع) ورباب (أبو الفرج، 14 / 163-164؛ الصفدي، 9 / 383؛ ابن حجر، 3 / 113). وکان امرؤ القیس هذا قبل إسلامه أسیراً لفترة عند بني شیبان وأظهر هناک شجاعة کبیرة أنشد بیتین ذکرتهما المصادر فـي الغالب (الآمدي، 8-9؛ کذلک ظ: السندوبي، 355-357).
وقد اعتبرهما السندوبي (ص 35) شخصاً واحداً علی خلاف رأي السیوطي (2 / 456)، وقد جعل منهما شخصیة واحدة هي امرؤ القیس بن عدي المعروف بابن الأصبغ الکلبي. غیر أن مرتضی العسکري یری أن الشخصیتین مزیفتان صنعهما المؤرخون المغرضون ــ بخاصة سیف بن عمر الذي کان من مصادر مؤرخین کبار من مثل الطبري ــ لیقوموا بتحریف مسار تاریخ الإسلام حسب أهوائهم وتظهر الأخبار المتصلة بابن الأصبغ منذ القرن 4ه‍ وتبدأ بالتوسع تدریجیاً بمرور الزمن بینما کانت الروایة في أصلها قصیرة جداً وکانت من وضع سیف المذکور سابقاً (3 / 195-204، 4 / 23-24، 28-29).

المصادر: 

الآمدي‌، حسن‌، المؤتلف ‌والمختلف‌، تج‍ :  عبد الستار أحمد فراج‌، القاهرة، 1381ه‍‌ / 1961م‌؛ ابـن ‌الأثيـر، علـي‌، أسد الغابـة، طهـران، 1963م؛ م.ن، الكامـل‌؛ ابن ‌الأعثم ‌الكوفي‌، أحمد، الفتوح‌، حيدرآباد الدكن‌، 1388- 1398ه‍ ‌؛ ابن‌ حبيب‌، محمد، المحبر، تج‍ :  إيلزه لیختن شتیتر، حيدرآباد الدكن‌، 1361ه‍‌ / 1942م‌؛ ابن‌حجر العسقلانـي‌، أحمد، الإصابـة، القاهرة، 1327ه‍‌ ؛ ابـن ‌عبد البر، يوسف‌، الاستيعـاب‌، تق‍‍ : علي‌ محمد البجاوي‌، القاهرة، 1380ه‍‌ / 1960م‌؛ ابن‌ عساكر، علي‌، التاريخ ‌الكبير، تق‍ : عبد القادر بدران‌، دمشق‌، 1331ه‍ ‌؛ أبو الفرج‌ الإصفهاني‌، الأغاني‌، بيروت‌، 1390ه‍‌ / 1970م‌؛ أبـو نعيـم ‌الإصفهانـي‌، أحمد، معرفـة الصحابة، تق‍‍ : محمد راضـي بن‌ حاج ‌عثمان‌، الرياض‌، 1408ه‍‌ / 1988م‌؛ أحمد بن‌ حنبل‌، المسند، القاهرة، 1972م‌؛ حمزة الإصفهاني‌، تاريخ‌ سني ‌ملوك‌ الأرض‌ والأنبياء، بيروت‌، دار مكتبة الحياة؛ الدار قطني‌، علي‌، المؤلف‌ والمختلف‌، تق‍‍ : موفق‌ بن‌ عبد الله ‌بن ‌عبد القادر، بيروت‌، دار الغرب‌ الإسلامي‌؛ السندوبي، حسن‌، «أخبار المراقسة‌ وأشعارهم ‌فى‌ الجاهلية وصدر الإسلام‌»، مع شرح ‌ديوان ‌امرىء القيس‌، القاهرة، 1373ه‍‌ / 1954م‌؛ السيوطي‌، المزهر، تق‍‍ : محمد أبو الفضل ‌إبراهيم ‌وآخرون، القاهرة، 1406ه‍‌ / 1986م‌؛ شيخو، لويس‌، شعراء النصرانية بعد الإسلام‌، بيروت‌، 1924م‌؛ الصفدي‌، خليل‌، الوافي ‌بالوفيـات‌، تق‍ : فان‌ إس‌، بيروت‌، 1402ه‍‌ / 1982م‌؛ الطبري‌، تاريخ‌؛ عسكري‌، مرتضى‌، یکصد وپنجاه صحابي ساختگي، تج‍ : ع‌. م‌. سردارنيا، طهران، 1361 / 1982م.

آذرتاش‌ آذرنوش / گ.