الصفحة الرئیسیة / المقالات / الامامیه /

فهرس الموضوعات

الامامیه


تاریخ آخر التحدیث : 1441/11/16 ۱۳:۵۹:۳۱ تاریخ تألیف المقالة

وفيما يتعلق بمبحث النبوة، تم التأكيد لدى الإمامية على معتقدات مثل عصمة الأنبياء (مثلاً ظ: الشريف المرتضى،تنزيه ... ، صفحات متعدده من الکتاب). ولكننا لايمكن أن نجد في خضم المنازعات العقائدیة بین المذاهب المختلفة، عقائد خاصة بالإمامية، إلا في المباحث الفرعية. وما یستحق الاهتمام هو أن الإمامية ومن خلال جعل وجهة نظرهم أساساً في باب الحجة كانوا يعتقدون بالحضور الدائم للأنبياء على الأرض، ولذلك، فقد تابعوا دوماً وصايـة الأنبياء طيلة التاريخ، باعتبارها سلسلـة مترابطة (مثـلاً ظ: العياشي، 1 / 306-311؛ المسعودي، 15-76).
وفي باب المعاد، فإن الإمامية من خلال الاستناد إلى مصادرهم النقلية العديدة وبدافع توثيق العلاقة بين الأئمة والأتباع في الحياة الأخروية، أكدوا على حقيقة أمور أخروية مثل الصراط والميزان، شفاعة الأنبياء والأوصياء، بل إنهم عرضوا معتقد «الرجعة» حتى في هذه الحياة الدنیویة. والرجعة التي عرفت منذ القرن 1 ه‍ باعتبارها إحدى خصائص المذهب الإمامي (مثلاً ظ: الذهبي، 1 / 379-383) هي عبارة عن أن الله سيبعث في آخر الزمان وعند ظهور المهدي الموعود (ع) جماعات من الأموات بينهم الصالحون البارزون والأشرار المعروفون؛ وسینال الصالحون في هذه الحیاة الجدیـدة العـزّ وسیـذوق المفسـدون طعـم الذل (ظ: المفيـد، ن.م، 89، مخ‍ ).

المواقف الفقهية والشعائر الاجتماعية: 

لقد اتجه فقهاء الإمامية في الكثير من المسائل الفقهية إلى آراء مختلفة من خلال موقف اجتهادي وقد كانت هذه الاختلافات نفسها في الفروع وعلى مستوى واسع، دافعاً إلى أن يعمد أشخاص مثل العلامة الحلي في مختلف الشيعة إلى الدراسة المقارنة في فقه الإمامية؛ وأما أهم الأحكام التي عرفت دوماً طيلة التاريخ باعتبارها خصوصية الفقه الإمامي في تعامل الإماميين مع المذاهب الأخرى، فهي: وجوب المسح على القدم في الوضوء، ترك المسح على الخُفين، ذكر «حي على خير العمل» في الأذان والإقامة، وجوب 5 تكبیرات في صلاة الميت، حِلّية نكاح المتعة، عدم وقوع الطلاق 3 مرات في مجلس واحد، تحريم الفُقاع وترك العول والتعصيب في تقسيم الإرث (مثلاً ظ: م.ن، «إلأعلام»، 320، 323-324، مخ‍). وقد تناول الشيخ المفيد في الإعلام والشريف المرتضى في الانتصار هذه المميزات بالتفصيل.
لقد احتلت الزیارات والأدعية أيضاً مكانة خاصة في الدراسة المقارنة بين آداب الإمامية المذهبية والمذاهب الإسلامية الأخرى؛ ورغم أن أصل موضوع الزيارة والدعاء لیس من اختصاصات مذهب الإمامية، إلا أن هذين الموضوعين انتشرا انتشاراً واسعاً بين الإمامية. فالزيارة تقتصر في الثقافة الإسلامية المشتركة على زيارة بيت الله الحرام وكذلك الحرم النبوي الشريف، لکنها تم تعميمها في الثقافة الإمامية على زيارة قبور الأئمة الأطهار (ع)، واكتسبت آداباً خاصة. وقد أدى اتساع هذه الآداب إلى أن يصبح مبحث الزيارات، أو «المزار» موضوع تأليف آثار عديدة باعتباره أحد المباحث الدينية المهمة، حيث يعتبر في هذا المجال كامل الزيارات لابن قولويه القمي (ط مکررة، ومنها في طهران، 1375ش) مـن أهم النصوص الموثقـة (عن فهرس هـذه الآثـار، ظ: آقا بزرگ، 12 / 77 ومابعدها، 20 / 316 ومابعدها).
في مبحث الدعاء، لابد لنا من الإشارة إلى عدد کبیر من الأدعية المأثورة عن الأئمة (ع) تم تدوینها؛ منها ما يعتبر مطلقاً، ومنها ما یختص بمناسبة، أو ظروف معينة. وقد عرفت بعض هذه الأدعية والتي اكتسبت شهرة خاصة بين أوساط الإمامية، بأسماء خاصة منها دعاء كميل الخاص بليالي الجمعة ودعاء أبي حمزة الثمالي للمناجاة في أسحار رمضان المبارك (عن نصها، ظ: الطوسي، مصباح ... ، 524-540، 774-781). ومن أهمها، مجموعة من الأدعية المأثورة عن الإمام زين العابدين (ع) تم تدوینها تحت عنوان الصحيفة السجادية وکذلک كتاب مفاتيح الجنان وهو مجموعـة من الأدعية والزیـارات، جمعها الشيخ عبـاس القمـي (تـ 1359ه‍ / 1940م)، فـإنه یحظی باهتمام خاص ولاسیما عند الإماميين الناطقين بالفارسية.
وخلال الحديث عن الشعائر، یمکن ذکر الاحتفالات الدينية التي شکلت تقويماً خاصاً للإمامية؛ فالإمامیة يحتفلون بالإضافة إلى الأعياد الإسلامية المشتركة، بمناسبات خاصة. وفي هذا المجال یجدر بالإشارة علی وجه الخصوص إلى عيد الغدير (18 ذي الحجة) وهو اليوم الذي أعلن فيه النبي الأعظم (ص) خلافة الإمام علي (ع) في موضع يدعى غدير خم، منتصف الطريق بین مكة المکرمة والمدينة. کما تعتبر أيام ولادة الأئمة الأطهار (ع) من الأعياد المذهبية الأخرى للإمامية وخاصة ولادة الإمام الثاني عشر (ع) (15 شعبان).
وکذلک تتمتع أيام العزاء بأهمية خاصة بين الأوساط الإمامية، حيث تقام شعائر العزاء، بمناسبة وفاة، أو استشهاد الأئمة (ع). ويتجسد أبرز مظهر للعزاء لدى الإمامية في يوم عاشوراء (10 محرم) يوم استشهاد الإمام الحسين (ع). وقد استمرت سنّة العزاء في عاشوراء طيلة التاريخ، حيث سجلت منذ عهد البویهیین باعتبارها شعيرة من شعائر الإمامیة (مثلاً ظ: الهمداني، 397). وكانت مهابتها في الظروف الزمانية والمكانية المختلفة، تتلاءم مع مستوى النفوذ الاجتماعي للإمامية.
كان التقويم المذهبي للإمامية الذي يضم الاحتفالات ومراسم العزاء، موضوع تأليف آثار مثل مسار الشيعة للشيخ المفيد (تم طبعه مع عدة نصوص متماثلة في مجموعة نفيسة، قم، 1406ه‍).

مسيرة الأفكار الكلامية وتطور علم الكلام: 

من أجل العثور على أقدم آثار الفكر الكلامي الشيعي، يجب البحث في الآثار والروايات المنقولة عن الإمام علي (ع)، حيث نلاحظ فيها نماذج مفصلة نسبياً للمباحث الكلامية؛ وبالطبع فإننا يجب، من ناحية التأليف التاريخي، أن نستند بشكل خاص من بين هذه الروايات، إلى النماذج التي يتمتع صدورها بقبول كاف من حيث الإسناد. وما يلاحظ بشكل متكرر من المباحث الكلامية في الروايات المنسوبة إليه (ع)، التعاليم في مجال التوحيد ونفي الصفات الجسدیة عن الله على أساس بيان المضامين القرآنية (مثلاً ظ: نهج البلاغة، الخطب 1، 65، 152، مخ‍ ؛ أيضاً الكليني، 1 / 134-136، مخ‍ ؛ ابن بابويه، عيون... ، 1 / 78- 79، مخ‍). كما يجب أن نلتفت إلى مسألة القدر التي حظيت إلى حدما بالاهتمام في عهد الصحابة، وانعكست أيضاً في الروايات المنقولة عنه (ع)؛ وعلى سبيل المثال، فقد تم الاستدلال في إحدى الروايات على نفي فكرة حتمية القضاء ولزوم القدر، بأن کلاً من الثواب والعقاب، والوعد والوعيد سيكون باطلاً في تلك الحالة (ظ: الكليني، 1 / 155؛ ابن بابويه، التوحيد، 380).
لقد وردت في الأدعية المنقولة عن الإمام زين العابدين (ع)، وخاصة في الدعاء الأول من الصحيفة السجادية، مضامين طريفة في باب الصفات الإلٰهية، الإبداع والمشيئة والإرادة.

التعاليم الكلامية للصادقين (ع):

یعتبر القرن 2ه‍ عصر التدوين الأول لعلم الكلام في تاريخ الفكر الكلامي، حيث تم في هذا العصر تأسيس المذاهب الكلامية الخالدة والمهمة. کما اتسع نطاق المباحث المعقدة والنظرية تماماً في المجالات الكلامية المختلفة، منها مبحث صفات الباري وخلق القرآن في أوائل هذا القرن (لتوضيح ذلك، ظ: ولفسن، 132-133، مخ) ويمكن تقسيم المذاهب الكلامية المختلفة من حيث كيفية التطرق إلى المباحث الكلامية إلى طائفتین رئیستین: طائفة مثل المعتزلة كانت تقدم فكرها الكلامي من خلال عرض مجموعة العقائد المنظمة والمدروسة  إلی حدّما باعتبارها منظومة دينية قائمة على رؤیة ذات نزعة عقلیة، وأما الطائفة الثانية فقد عمدت إلى اتخاذ المواقف في مجال المسائل الكلامية والنقاش حولها أحياناً، كرد فعل على أفكار علماء الكلام وتعالیمهم.
ومن المناسب فيما يتعلق بالأوساط الإمامیـة وتعاليم الصادقين (ع)، أن يدرس نوع تعاملهما مع المباحث الكلامية في عصرهما؛ فمن خلال نظرة عابرة إلى الأخبار المستفيضة المنقولة عن أئمة أهل البيت (ع) ومنهم الصادقان (ع)، يتضح أن الأئمة كانوا يؤكدون على فكر كلامي وموقف ذي نزعة عقلیة إزاء المباحث العقائدیة وقد استمر ذلك بمثابة سيرة بين أصحابهم والمقربين منهم.
قد اهتم الإمام محمد الباقر (ع) في فترة إمامته (95-114ه‍ /  714-732م)، بالتدقيق في تعاليم الشيعة وتفصيلها، ومنها العقائد وتدل الروايات الكثيرة المنقولة عنه (ع) في هذا المجال على أن التعاليم العقائدیة للإمامية اتجهت منذ عصر هذا الإمام إلى التدوين والتکوین؛ ولكن من الممكن ملاحظة استمرار هذه الحركة واكتمالها في عصر نجله الإمام جعفر الصادق (ع). وقد اقترن عهد إمامة الإمام الصادق (ع) (114- 148ه‍ / 732-765م) بعهد الانتقال السياسي وبالتالي بجو متناسب مع النشاطات الثقافية من جهة، ومع عصر تدوين العلوم الإسلامية من جهة أخرى.
لقد أوضح الإمام الصادق (ع) بتفصيل كامل تعاليم المذهب في المواضيع الكلامية المختلفة وخاصة حول الإمامة ومنزلة الإمام، کما یبدو ذلک من حشد الروایات المنقولة عنه (ع)، حیث تناولت الأقوال المنقولة عنه (ع) بشكل واسع مفاهيم مثل الإمام المفترض الطاعة، مسألة عدم خلو الأرض من حضور الإمام، عدم وجود إمامين في زمان واحد، فكرة الوصية والنص في سلسلة الإمامة وانحصـار انتقال الإمامـة من الأخ إلـى أخيه فيما يتعلـق بالحسنين (ع) فضلاً عن بیان مواقف الإمامیة في المسائل العقائدیة الخاضعة للبحث في عصره (مثلاً ظ: الكلیني، 1 /  168 وما بعدها).
لقد تحدث الإمام الصادق (ع) في المسائل الكلامية المتداولة في عصره أيضاً مثل صفات البارئ، القَدَر، ومنزلة الفاسق، وإنه نظر بشكل عام في المواضيع المثیرة للبحث في الأوساط الكلامية بنظرة معتدلة، حيث أكد على أزلية صفات الذات مثل العلم وفي الوقت ذاته أكد فيه على تنزيه ذات البارئ من كل نوع من الكيفيات والخصائص الجسدیة وذلك في مبحث الصفات، و في مواجهة التيارين المتطرفين التعطيل والتشبيه (ظ: م.ن، 1 / 82-83، 107- 108، مخ‍( وبالنسبة إلی موضوع خلق القرآن كمبحث خاص من مباحث الصفات، اتخذ الإمام (ع) موقفاً معتدلاً بين القائلين بخلق القرآن وقدمه، حیث عبر عن رأیه بأن «القرآن كلام الله محدث وغير مخلوق» (مثلاً ظ: ابن بابويه، التوحيد، 227).
فيما يتعلق بموضوع القدر المثیر للجدل فقد كان الإمام الصادق (ع) وأئمة أهل البيت (ع) الآخرين لهم رؤیة مشهورة وهي نفي الجبر والتفويض والأخذ بـ «أمر بين الأمرين» (مثلاً ظ: الكليني، 1 / 159-160؛ ابن بابويه، ن.م، 362). وقد عمد الإمام (ع) هو وبقيـة الأئمة (ع) إلـى بيان أنـه كيف يمكن أن يأمـر الله بفعـلٍ لم‌ تقع مشيئته عليه، وذلك من خلال التمییز بين مفهوم المشيئة والإرادة، وعـرض نوعين من الإرادة الإلٰهية: إرادة الحتم وإرادة العزم (ظ: الكليني، 1 / 150 وما بعدهـا). ومن المباحث الأخرى الشائعـة في ذلك العصـر، هو موضوع تعريف الإيمـان، حيث اعتبر (ع) الإسلام مفهوماً أعم من الإيمان، باتخاذه موقفاً معتدلاً ورأى أن منزلة مرتكب الكبيرة هي «الإسلام» مصرحاً بشأن الأعمال في تحقق الإيمان وسلب صفة الإيمان عن مرتكب الكبيرة (ظ: م.ن، 2 / 27).
من المباحث الكلامية الدقیقة التي عرضها الإمام الصادق (ع) والأئمة من بعده، مسألة الإبداع التي تتمتع بأهمیة خاصة في مجال الفلسفة. فقد کان التعبیر «خلق لامن شيء» الذي حل بشکل دقیق محل التعبیر السائد والمثیر للجدل «خلق من لاشيء» مرتبطاً بعلم الکلام عند الإمامیة ارتباطاً مباشراً، بحیث یلاحظ أقدم نموذج معروف من استخدام هذا التعبير، في روايات أئمة أهل البيت (ع) (م.ن، 1 / 114) کما فضله طائفة من العلماء أمثال الفارابي في القرون التالية على التعبير الشائع (ظ: الفارابي، 27). وفي الحقيقة، وخلافاً لما تصوره بعض الباحثین الغربیین (ظ: ولفسن، 367-368)، فإن هذه الفكرة التي انعكست على نطاق واسع منذ القرن 4ه‍ / 6م في مؤلفات المفکرین وعلماء الکلام من المسلمین وغیرهم من الأديان الأخرى، من الممكن أن تكون قد صدرت من المصادر الإسلامية القديمة (عن تحليل ذلك، ظ: پاكتچي، 159-160).
ويجب القول کتتمة للبحث حول علم الکلام عند الصادقين (ع) إن الأئمة من بعدهما واصلوا منهجهما الكلامي. وما یجدر بالملاحظة أن بعض أصحاب النص في القرن 2ه‍ ، سعوا إلى أن يصوروا أئمة أهل البيت (ع)، وخاصة الإمام الكاظم (ع) المعارضین للنقاشات الكلامية وأن يظهروا أنه (ع) نهى أتباعه عن المباحث الكلامية (مثلاً ظ: الكشي، 269-270)، ولكن منهج الأئمة (ع) في النصف الأخير من القرن 2ه‍ في المباحث الكلامية، لم یکن إلا امتداداً لمنهج الصادقين (ع).
مما یجدر بالذکر أن المباحث الكلامية الواسعة المنقولة عن الإمام الرضا (ع) التي تجلى قسم منها في المناظرات الكلامية، والقسم الآخر في تبيين المسائل. وعلى سبيل المثال مناظراته العديدة مع أتباع الأديان الأخرى وكذلك المدافعين عن المذاهب الإسلامية المختلفة حیث وصلنا نموذج منها عبر الروايات المنقولة في المجاميع الحديثية (مثلاً ظ: ابن بابويه، عيون، 1 / 126 وما بعدها؛ الطبرسي، أحمد، 396 وما بعدها). وأیضاً بعض النصوص المنسوبة إليه (ع)، ومنها خطبة مهمة له في باب التوحيد (ظ: ابن بابويه، ن.م، 1 / 123-126: نص الخطبة)، تضم مفاهيم معقدة نسبياً في مباحث التوحيد. کذلک من الآثار الكلامية المنسوبة إلى أئمة أهل البيت (ع) الآخرين، رسالة موجهة إلی أهالي أهواز في الرد على أهل الجبر والتفويض، منسوبة إلى الإمام الهادي (ع) (ظ: ابن شعبة، 341-356).

علماء الإمامية الأوائل في علم الکلام: 

یعود تاریخ تدوين علم الكلام وتأليف الآثار في هذا المجال إلی عهد قدیم بين الإمامية، مما لایرتقي إلیه الشک أن علماء الإمامیة لعبوا دوراً کبیراً في نشأة علم الکلام. کان خلال القرن 2 والنصف الأول من القرن 3ه‍ في الأوساط الإمامیة وخاصة في العراق، مذهب کلامي عریق یمثله أمثال هشام بن الحكم ويونس بن عبد الرحمن وعلي بن منصور وأبي جعفر السكاك والفضل بن شاذان (ظ: الكشي، 539؛ أيضاً النجاشي، 250).
وعند الحدیث عن الاتجاهات الكلامية الأخرى، يجب أولاً ذكر متكلمين أمثال محمد بن علي صاحب الطاق وهشام بن سالم الجواليقي وأکبر الظن أنهما ینتمیان إلى مذهب واحد (عن قرائن تدل على اتحادهما في المذهب، مثلاً ظ: م.ن، 433؛ ابن أبي الحديد، 3 / 223- 228) وكذلك زرارة بن أعين، وأبي مالك الحضرمي وعلي بن ميثم، لهم وجهات نظر خاصة في المباحث الکلامیة المختلفة ومنها القدر (ظ: الكشي، 145، مخ‍ ؛ الأشعري، 41 وما بعدها؛ البغدادي، 71 وما بعدها؛ النجاشي، 175؛ ابن حجر، 2 / 57). وقد ناقشوا في آثارهم، مواضيع كلامية مختلفة، خاصة التوحيد، القدر والإمامة، وأظهروا أحياناً رغبة في النقاش حول قضایا کالحدوث والقدم مثل هشام بن الحكم (ظ: الأشعري، ن.ص؛ ابن النديم، 224-225؛ النجاشي، 175، 205، مخ‍ ؛ أيضاً فان إس،I / 316 ff).
من أبرز وجوه التقابل بین هشام بن الحکم وهشام بن سالم والذي انعکس فی المصادر هو ما یتعلق بشأن مسألة الصفات الإلٰهیة (مثلاً ظ: الكليني، 1 / 105-106)، إن اختلاف آراءهما في بعض المواضيع الكلامية الدقيقة، مثل مسألة الجنة وجهنم (بشأن كونهما مخلوقتين على ما يبدو) ومسألة الأرواح حمل الحميري علـی أخذها بنظر الاعتبار فعمد إلـى البحث فیها بشكل مفصّل (ظ: النجاشي، 220). مما یلفت للنظر أن علماء الإمامیة الأوائل من کلا التیارین عرفوا بأهل التشبیه والتجسیم وذلک بالرغم من وجوه التمایـز الهامة بین مذهب الهشامیـن ــ وعلی وجه الخصوص في باب التوحید ــ وکذلک بسبب انعکاس آرائهم في الأوساط غیر الإمامیة بشکل غیر دقیق، وتعرضوا خلال القرن 3ه‍ / 9م، لانتقادات شديدة، في وقت لم یکن قد بقي لدیهم في المناطق المرکزیة من العلماء الأکفاء من یدافع عن مذهبهم، وقد شاع هذا الاتهام في الأوساط الكلامية شیوعاً کثیراً، بحیث صدّقه في القرون التالیة علماء کبار أمثال الشيخ المفيد والشریف المرتضـى (ظ: المفيد، «أجوبـة... »، 217؛ النجـاشي، 329؛ أيضاً ظ: ابن أبي الحديد، 3 / 223-224، 228؛ للدفاع عن الاتهام، ظ: الشريف المرتضى، الشافي ... ، 1 / 83 وما بعدها؛ أيضاً الحسيني، 14 وما بعدها).
إلى جانب المذاهب الكلامية القديمة، وخاصة مذهب هشام بن الحكم الذي ظل متبَعاً حتى القرن 3ه‍ ، انضم إلى الإمامية لفترة معينة، شخصيتان من علماء الکلام، وهما أبو عيسى الوراق وابن الراوندي (ن.ع.ع) حيث کانت آراؤهم الفكرية المعقدة طيلة حياتهما العلمية بمثابة لغز. ورغم أنهما ترعرعا في بیئة معتزلیة إلا أنهما انصرفا عن الاعتزال وعرضا آراء جدیدة في علم الکلام وبید أن أبا عیسی الوراق حظیت آراؤه بالتأیید والقبول عند الإمامية أکثر من صاحبه (مثلاً ظ: المفيد، «الإفصاح»، 131، الشريف المرتضى، ن.م، 1 / 89؛ النجاشي، 372). وقد ذکرت بعض المصادر، أن أبا عيسى کانت أستاذاً لابن الراوندي و مرشداً له (ابن النديم، 216؛ الخياط، 110)، غیر أن وجوه الاختلاف بین آرائهما تستحق الملاحظة أیضاً (ظ: ن.د، 3 / 116- 118). مما یجدر بالإشارة هو أن ابن الراوندي، كان يتخذ موقفاً معارضاً من مدرسة هشام بن الحكم وخاصة آراءه في باب التوحيد، فقد عمد إلى دحض معتقدات هذه المدرسة في عدة آثار (ظ: ابن النديم، 217).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: