الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأسماء و الصفات /

فهرس الموضوعات

الأسماء و الصفات

الأسماء و الصفات

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/19 ۲۱:۲۷:۱۹ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسْماءُ وَ الصِّفات، مصطلحان في علم الكلام المراد منهما أسماء ذات الباري و صفاته‌. سلكت المواضيع المتعلقة بالأسماء و الصفات طريقاً وعراً طيلة تاريخ علمي الكلام والتصوف؛ بحيث أن من غير الممكن تقديم تعريف شامل لمفاهيم هذين المصطلحين في العصور المختلفة بغض النظر عن هذا التطور التاريخي. و لا اختلاف في أن المعبود الواحد يسمى بأسماء مختلفة، و لكن الموضوع المهم هو النسبة التي تربط هذه الأسماء مع ذات المعبود و صفاته و التي أثارت نقاشات كثيرة في كل من علمي الكلام و التصوف الإسلاميين و في الأديان الكبرى الأخرى أيضاً.

تعد نشأت البحوث الكلامية و الصوفية حول الأسماء والصفات الإلٰهية بشكل رئيس من وجهتي نظر مختلفتين: الأولى من وجهة نظر معرفة الدلالة، على أساس تحديد المفاهيم الصحيحة للأسماء و الصفات، و الأخرى من وجهة نظر معرفة الوجود، فما هي العلاقة بين الصفات الإلٰهية و ذات الباري و بين الاسم و المسمى من حيث الوجود. و مما يبدو من المصادر المتعلقة بالنصف الأول من القرن 2ه‍/ 8م، يجب القول إنه كان كلٌّ من مصطلحي الأسماء و الصفات، قد تبلور في الأوساط الكلامية، و الاصطلاحية في هذه الفترة و على حد قول علماء هذا العصر كان مصطلح الأسماء يستخدم للأسماء الإلٰهية المشتقة مثل العالم والحي و...، فيما كان مصطلح الصفات يستعمل لمصدر اشتقاق هذه الأسماء مثل العلم و الحياة و ...، و ذلك من خلال الفصل بين الأسماء المشتقة و بين مصدر الاشتقاق.

و من جملة التفكرات ذات التاريخ الطويل في علم الكلام الإسلامي القول بكون الأسماء و الصفات الإلٰهية توقيفية؛ فقاطبة علماء أهل السنة، و أتباع مدرسة بغداد من المعتزلة و قسم مهم من متكلمي الإمامية يرون أن من غير الصحيح تجاوز الأسماء والصفــات المنصوص عليهـا فــي الكتـاب و السنة و الإجمـاع ــ وقول الأئمة (ع) لدى الإمامية ــ في تسمية الله و وصفه، في حين‌ أن البعض مثل معتزلة البصرة و طائفة من الإمامية، كانوا يـرون إشكالاً فـي تسمية‌ الله و وصفـه بغير نـص (ظ: البغـدادي، 203؛ المفيـد، 58-59؛ أيضـاً الكلينـي، 1/100 ومابعدها).

و قد أشاروا إلى أرقام مختلفة فيما يتعلق بعدد أسماء الله. وأشهر هذه الأرقام 99 و الآخر 001, 1 (ظ: عين‌القضاة، نامه‌ها، 1/190؛ عزالدين، 23؛ أبوالفتوح، 2/493؛ السنائي، 35؛ الميبدي، 5/632). و بالطبع فإن كلا هذين الرقمين لهما مصدر روائي (الجندي، نفحة...، 72). و رغم عدم وجود نص في الحديث النبوي حول رواية 001,1 و الذي حوّله البعض إلى 999 اسماً (محمد بن‌المنور، 1/241)، و لكن هناك أدعية مثل الدعاء المعروف بالجوشن الكبير الذي وثقه المحدثون الشيعة (الكفعمي، 402؛ المجلسي، 91/384 ومابعدها) تتضمن 1.001 اسم إلٰهي (ن.ص؛ قا: السبزواري، 43). وأما رواية الأسماء التسعة و التسعين اسماً فقد اشتهرت شهرة عامة على أساس الحديث المشهور: «إن لله تسعة و تسعين اسماً...» و مع ذلك، فإن أياً من هذه الأرقام والأرقام الأخرى التي ذكرت (ابن العربي، محمد، 2/343-350؛ اليماني، 171، 175)، لايمكن أن تعين عدد الأسماء الإلٰهية. وفيما يتعلق بالنسبة بين الأسماء و تصنيفها فقد طرحت أيضاً أبحاث تستحق التأمل (مثلاً ظ: الماتريـدي، 65-66؛ الجويني، 144؛ ابن‌القيم، مـدارج...، 1/32-33؛ أيـضـاً ظ: الـتـهـانـوي، 1/ 709؛ الطبـاطبـائـي، 8/354).

و نحن نواجه في مبحث أسماء الله و صفاته أولاً المسألة المتمثلة في العلاقة بين هذين المصطلحين: فهل الأسماء و الصفات متماثلان تماماً و يعبران عن معنى واحد، أم أن كلاً منهما له معنى خاص؟ فيرى المعتزلة أن هذين المصطلحين لهما معنيان مختلفان و أن اسم الله يتضمن صفته، و على سبيل المثال فإن أسماء مثل العليم و القدير و السميع هي أسماء علم و مترادفة و لاتدل إلا على الله (ابن القيم، الصواعق...، 298؛ ابن سلوم، 95-97). و على أي حال، يرى المعتزلة أن من الممكن تسمية الله بأسماء مثل الحي و العليم و القدير، و لكن لايمكن وصف الله بالحياة و العلم و القدرة (م.ن، 96). و خلافاً للمعتزلة، فإن أهل السنة لايعتبرون الاسم منفصلاً عن الصفة فحسب، بل إنهم يرون أن إثبات الأسماء هو أمر غير ممكن و غير قابل للمعرفة دون إثبات الصفات (الدارمي، 7؛ ابن القيم، ابن سلوم، ن.صص) و هكذا، فإنهم يرون أن الاسم هو عين الصفة و الفرق الوحيد بينهما أن الصفات لها خصوصية الاشتقاق و لكن الأسماء ليست كذلك (ابن العربي، محمد، 2/802-80.3)، و قد عين بعض المتكلمين من أهل السنة لكل اسم الصفات الخاصة به (السهروردي، 164؛ ابن تيمية، 163؛ ابن القيم، مدارج، 1/32-34). كما لم‌يفرق بعض محققي الشيعة بين الأسماء و الصفات و اعتبروهما كليهما يتضمنان حقيقة واحدة، فالحياة باعتبارها صفة تبين حقيقة صفة من صفات الله، كما أن الوحي باعتباره اسماً يبين كذلك حقيقة من ذات الله (الطباطبائي، 9/392).

 

أسماء الله في القرآن

لأسماء الله علاقة وثيقة بالنظرة العالمية التوحيدية في الإسلام و تعتبر من أسبابها الحتمية (اليماني، 168)، فبحكم الآيتين «قال ياآدم أنبئهم بأسمائهم...» (البقرة/2/33) و«وعلّم آدم الأسماء كلّها...» (البقرة/2/31) فقد علّم الله آدم الأسماء و أطلعه على جميع العلوم المستخرجة من الأسماء، بل إنه فضله على الملائكة بسبب معرفته للأسماء (أبوحاتم، 1/ 8؛ صدرالدين، 40؛ فيض، قرة...، 348). دارالحديث في القرآن الكريم 4 مرات بصراحة حول أن الله له «الأسماء الحسنى»، (ظ: الأعراف، 7/180؛ الإسراء/17/110؛ طه /20/ 8؛ الحشر/ 59/24؛ أيضاً ظ: البيهقي، الأسماء...، 11، الاعتقاد...، 30؛ فخرالدين، التفسير...، 15/65). و قد استند القرآن الكريم مراراً إلى موضوعية «اسم الله» و العلاقة بين الاسم و المسمى. و قد استخدم في بعض الآيات تعبير «ذكر اسم الله» خلال الحديث عن الأعمال العبادية مثل الصلاة و الحج والتضحية و ذلك عندما دار الحديث عن «الذكر» كشرط لذلك العمل (ظ: الحج /22/ 28، 40؛ الإنسان/76/ 25؛ الأعلى /87/15). وفي آيات من القرآن الكريم خلال الحديث عن الثناء على الرب، جاء تعبير «التسبيح باسم الرب» مراداً منه الرب العظيم و الأعلى (ظ: الواقعـة /56/74، 96؛ الحاقـة/ 69/52؛ الأعلـى /87/1؛ أيضـاً ظ: الرحمـان/55/ 78).

و يلفظ تعبير «بسم الله» الذي هو ذكر اسم الله في بداية الأعمال، للاستعانة و التبرك و التيمن و ما إلى ذلك في الغالب. وبالإضافة إلى تعبيري «إقرأْ باسمِ ربِّك...» (العلق/11/41) و«...اركبوا فيها بسمِ اللهِ...» (هود/11/41)، تجب الإشارة إلى عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم» التي جاءت في بادية فاتحة الكتاب، و في تضاعيف سورة النمل (27/30) و في بداية جميع سور القرآن الكريم، حيث كان المسلمون و مايزالون منذ بداية ظهور الإسلام و على مر القرون يبدؤون بها كل عمل كبير ومهم، فليس هناك من كتاب، أو رسالة، أو تصنيف، أو تأليف لم‌يبدأ بهذه العبارة.

و قد ذكر الكافرون في آية من سورة الأعراف (7/180) باعتبارهم أشخاصاً « يلحدون في أسمائه»، و هذه الملاحظة تدل على أن الإيمان بأسماء الله الحسنى، كان يعتبر من توابع التوحيد. إن ما اعتبر في القرآن أسماء الله الحسنى، كان يعتبر من توابع التوحيد. إن ما اعتبر في القرآن بوصفها أسماء حسنى، يشمل الأسماء العلم مثل الله و الرحمان (ظ: الإسراء/17/110)، أو الألفاظ المشتقة مثل الملك و القدوس و السلام و المؤمن والمهيمن والعزيز و الجبار و المتكبر و الخالق و البارئ والمصور (الحشر/59/23-24). و التي اعتبرت صفات أحياناً في اصطلاح بعض المتكلمين.

لقد حظي موضوع «أسماء الله الحسنى» و مكانة الأسماء في المعرفة القرآنية لله بالاهتمام في الدراسات الإسلامية من قبل ردهافس (ظ: ص 1-69) في القرن 19م، و من قبل أشخاص مثل ياكوبي في القرن الحالي؛ كما قام أشخاص بدراسات مستقلة لبعض الأسماء القرآنية مثل الرحمان و المهيمن (مثلاً ظ: بونيسكي، 463-475 زُميه، 361-384). كما قارن البعض مثل المبارك أسماء الله في القرآن مع نظائرها في النقوش السامية الجنوبية (ص 93-135).

 

أسماء الله في علم الكلام

اختلف المتكلمون فيما إذا كانت أسماء الله محدثة مخلوقة، أم قديمة و غير مخلوقة. فيرى أهل السنة أن أسماء الله قديمة و يرون أن الله كان موسوماً بأسمائه قبل كل فعل، لا أن يكون قد سمي باسم بعد القيام بفعل. كما كان خالقاً و رازقاً في الأزل، و لم‌يوسم بهذين الاسمين بعد الخلق والرزق (ظ: الدارمي، 8؛ الماتريدي، 65-66؛ ابن سلوم، 96-97؛ تورپشتي، 24). و خلافاً لهم، لم‌يكن يعتبر المعتزلة أسماء الله قديمة، فقد كانوا يرونها وليدة الاعتبار و التسمية من قبل الإنسان (الجويني، 141-142). كما كان بشر المريسي الذي كان من متكلمي المرجئة يعتقد أيضاً بخلق الأسماء، و كان يقول أن الله عرّف نفسه ببعض الأسماء بعد الخلق (ظ: نشار، 363-367). وكما كان بعض علماء الشيعة يعتبرون الأسماء مخلوقة استناداً إلى أخبار الأئمة (ع) (الكليني، 1/112، 113، 116)؛ رغم أن ابن بابويه (ص 188-189) كان يعتقد أن أسماء الله ليست حادثة و لاقديمة، و لذلك، فقد كان متكلمو الشيعة يرون أن علم الله بأسمائه هو دائمي و أزلي، و لكن حروف الأسماء و أصواتها لايمكن أن تكون أزلية، ذلك لأننا إذا اعتبرنا الأسماء قديمة كالذات، فإن هذا يتنافى مع التوحيد، في حين أن الله أظهر الأسماء كي تكون واسطة بين الخلق و الخالق، و يدعو الخلق الخالق بهذه الأسماء ويعرفونه بها (الكليني، 1/116). و توجد في هذا الخصوص أفكار أخرى أيضاً، فإن عين‌القضاة الهمداني ( نامه‌ها، 2/ 258-259) يرى الأسماء الأخرى غير اسم «الله» مخلوقة. و برأي عين‌القضاة، فأن جميع الأسماء، سوى «الله» كانت موضوعة في البدء لغير الله، ثم وصف الله بها (قا: ابن القيم، الصواعق، 300).

و أما المسألة الأخرى التي كان المتكلمون يبحثونها فهي هل إن الاسم عين مسماه و ذاته، أم غيرهما ؟ يرى الحشوية والكرامية و الأشعرية و الحروفية أيضاً أن الاسم عين المسمى، فلو كان الاسم غير المسمى، فإن علينا أن نقول بخلق الأسماء، وننفي أزليتها (فخرالدين، التفسير، 1/ 108-109؛ مجموعة...، 96-97؛ ابن سلوم، 99). و أما المعتزلة فقد قالوا بانفصال الاسم عن المسمى، و اعتبروا الأسماء غير ذات الحق تعالى، و قالوا إن الله لم‌يكن له في الأزل أي اسم و صفة، و إن الله عندما خلق الخلق، اعتبرت له على أثر ذلك الأسماء و الصفات؛ و بهذا المعنى فإن أسماءه و صفاته مخلوقة (الدارمي، 7- 8؛ أبويعلى، 70-71؛ ابن‌سلوم، 97). كما اعتبر الشيعة الإمامية كالمعتزلة، الاسم غير المسمى، و بينوا التوحيد في عبادة المسمى، لا في عبادة الاسم، أو الاسم و المسمى (الكليني، 1/113-114؛ أبوالفتوح، 2/493؛ الكاشاني، 5/322)، ذلك لأنهم يرون أن الاسم مؤلف من أصوات غير ثابتة وضعت للتعريف بالمسمى، و يمكن تبديلها و تغييرها، في حين أن المسمى ثابت و باق بالنسبة لأسماء الله. و فضلاً عن ذلك، فإن وجود أسماء عديدة لمسمى واحد، و كذلك تغير الأسماء المختلفة لله حسب اللغات المختلفة، ينفي عينية الاسم والمسمى (فخرالدين، لوامع...، 22-23؛ قا: أعجوبة، 51).

 

أسماء الله في التصوف

إلى جانب المتكلمين و الحكماء، فإن لرؤية المتصوفة و أهل السلوك حول الأسماء الإلٰهية صبغة خاصة، وطابعاً متميزاً. و ليس من باب المبالغة إذا قلنا إن السلوك الصوفي و النظرة العالمية الصوفية لاتبدوان مستحقتين للتحليل والتعليل في أي من مراحلهما و مراتبهما دون أخذ أسماء الله بنظر الاعتبار. و إن اعتبار الصوفية المعرفة العرفانية مرتبطة بمعرفة أسماء الحق و صفاته (الغزالي، روضة..، 92)، و اعتبارهم تأثر السالك الناشئ بأسماء الله المحك لاختبار باطنه و تقييمه، وبحثهم عن مناسبة بين باطنه و بين أسماء الله (ظ: فخرالدين، التفسير، 1/155)، و أن البعض منهم كان يجد الترقي في السلوك الخانقاهي ميسراً على أثر تلقين الأسماء الحسنى (اللاهيجي، 703؛ أيضاً ظ: الجندي، نفحة، 60)، و أنهم كانوا يجوزون السماع الصوفي نفسه للسالكين الذين كانوا مطلعين على الأسماء والصفات الإلٰهية (ظ: القشيري، ترجمة...، 603؛ الغزالي، إحياء...، 2/653)، كل ذلك يؤيد الأهمية الخاصة لهذا الموضوع، حتى أصبح مثلث معرفة الوجود و الكون و الإنسان الصوفية في هذا المذهب تطرح على أساس الأسماء الإلٰهية و ذلك بعد ظهور ابن‌عربي و أتباعه في دائرة التصوف الإسلامي.

و رغم أنه كان هناك اختلاف في الرأي بين الصوفية قبل ابن‌عربي فيما يتعلق بالأسماء و عينيتها، أو غيريتها عن المسمى مثل المتكلمين (ظ: الكلاباذي، 39؛ قا: ابن عربي، محيي‌الدين، الفتوحات...، ط القاهرة، 4/197- 198)، و لكن ابن‌عربي (ن.م، 4/231-232) و أتباعه يعتبرون حقيقة الاسم، أو عين المسمى صفة و نسبة، بل إنهم لايفرقون بين الاسم و الصفة، و يعدونهما لفظين مترادفيـن يـدلان علـى معنـى واحـد، و يقـولـون بعينيـة الاسـم و المسمى (اللاهيجي، 182؛ الشعراني، 76) بحكم بعض الآيات (الشورى، 42/10؛ الإسراء /17/110)، و لكن لأن حقيقة الاسم هي الصفة والنسبة و صفات الحق تعالى متكثرة، فإن أسماءه متكثرة أيضاً؛ ولكن من جهة أخرى، فلأن الصفات هي عين ذات البارئ تعالى وذاته واحدة، فإن الصفات أيضاً واحدة، و على هذه القاعدة فإن الأسماء تمتلك الوحدة أيضاً (ظ: ابن عربي، محيي‌الدين، ن.م، 4/294؛ اللاهيجي، ن.ص). و لذلك فإن ظهور الأسماء في مظاهر متعددة لايتنافى مع الاتحاد الذاتي، لأن الصفات ــ التي هي نِسَب ــ هي أمور عدمية تعود جميعها إلى ذات واحدة (ابن عربي، محيي‌الدين، ن.م، 1/163، الفقه، 102). و من جهة أخرى، فإن كل اسم من الأسماء الإلٰهية يتضمن على انفراد حقائق جميع الأسماء الأخرى، و إن الأسماء متساوية و متعادلة، و لايوجد بينها أي تفضيل و ترتيب بالنسبة إلى الذات، من حيث أن جميع الأسماء تعود إلى ذات واحدة، و ذلك في نفس الوقت الذي يكون فيه مستقلاً و يغاير كل اسم آخر باعتبار المعنى الذي يمتلكه. و لكن يوجد بينها طبعاً نوع من الترتب من حيث دلالة كل واحد من الأسماء على معنى خاص؛ و يقاس هذا الترتب علي اعتبار شمولها للأسماء الأخرى؛ فالأسماء الأربعة «الأول» و «الآخر» و «الظاهر» و «الباطن»، تسمى أمهات الأسماء بالنسبة إلى شمولها للأسماء الأخرى، و إن اسم «الله» و «الرحمان» يجمعان جميع الأسماء من حيث ذاتيتها و شموليتها للأسماء الأخرى، و يصنفان أيضاً في مرتبة فوق مرتبة أمهات الأسماء (ظ: ابن عربي، محيي‌الدين، الفتوحات، ط القاهرة، 1/101-163، فصوص...، 79-80، 180؛ الخوارزمي، جواهر...، 1/180-181؛ الجندي، شرح...، 40).

و من وجهة نظر الصوفية فإن الأسماء الإلٰهية ليست ألفاظاً وضعت للدلالة على شئ، أو أشياء، بل إنها جميعها تجليات الذات، أو تجليات المسمى باعتبار الصفات الوجودية، أو الصفات العدمية (عبدالرزاق، 7- 8؛ قا: شاه نعمة الله الولي، 4/ 9؛ السبزواري، 574)، و بالطبع فإن المقصود من الأسماء عندهم ليس صور ملفوظات الأسماء لأن الأسماء الملفوظة غير الأسماء نفسها (ابن عربي، محيي‌الدين، الفتوحات، ط القاهرة، 12/175؛ الخوارزمي، ن.م، 1/ 179-180، شرح...، 1/22؛ اللاهيجي، 178؛ أيضاً ظ: السبزواري، 81، 575). و لم‌يكن الوجود المطلق في مقام الهوية المطلقة، أو في حضرتها، لا اسماً، و لارسماً و لذلك فإن ذات البارئ تعالى لم‌تكن في هذا المقام معروفة و قابلة للمعرفة، وحتى إن إطلاق لفظ « الهوية» عليه ناجم عن ضيق مجال اللفظ و عدم معرفتنا به. و لكن لأن حضرة الهوية أراد التعريف بنفسه من باب المحبـة ــ التي يعتبرها الصوفية سبب وجود العالم ــ فقد تجلى أولاً في مجال أسمائه، و التجلي الأول، و الذي أراد به التعيّن الأول، و عين ذاته بجميع أسمائه وصفاته وهبط إلى حضرة الأحدية، الحضرة التي يجب اعتبارها مجرد الذات بعيداً عن ملاحظة «ماسواه» رغم استحسان الأسماء والصفات (ظ: الخوارزمي، جواهر، 1/ 159-160، 168-170؛ ابن‌عربي، محيي‌الدين، ن.م، ط القاهرة، 2/ 399، شرح، 23). و في هذه الحضرة أيضاً، ماتزال الأسماء و الصفات لايمكن تصورها متحققة بالتعين العيني، كما هو الحال بالنسبة إلى الشجرة في هيئة البذرة؛ و لذلك سماها الصوفية مرتبة «العماء» (الخوارزمي، ن.م، 1/260؛ عبدالرزاق، 124-126). و من الآن فصاعداً، فإن ذات الحق تقوم بالتجلي الثاني للتعريف بنفسها، وهو نزولها إلى مرتبة الواحدية، و هي ملاحظة الذات مع الأسماء والصفات و التي يسميها الصوفية باعتبارات مختلفة مرتبة الألوهية، و مقام الجمع، أو جمع الجمع أيضاً (الخوارزمي، ن.م، 1/165-184). و بهذا التجلي تظهر الأعيان الثابتة للممكنات و التي هي شؤون الذات لذاته، و يظهر التعين الأول للذات بصفة العالمية و القابلية ويتعين بالنسب الأسمائية، و يظهر الوجود بالتجلي الشهودي، و هو ظهور الحق بهيئة أسمائه في الأكوان والموجودات (عبدالرزاق، الخوارزمي، ن.صص). و بهذا الظهور يعرّف الله نفسه بالأسماء ومظاهـر الأسماء. و لذلك يرى الصوفية أن الطريق الوحيـد لمعرفـة الله هو طريق معرفـة أسماء الحق وصفاته (الجيلــي، 17).

الصفحة 1 من4

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: