الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ازمیر /

فهرس الموضوعات

ازمیر

ازمیر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/12 ۱۲:۵۳:۱۳ تاریخ تألیف المقالة

إزْمير، اسم لمحافظة ولمركزها من موانئ غرب تركيا المهمة، تقع علی ساحل خليج بنفس الاسم من بحر إيجه.

 

موقعها و جغرافيتها الطبيعية

تقع محافظة إزمير بين خطي العرض 37°و45´-39°و15´ شمالاً و خطي الطول 26°و15´-28°و20´ شرقاً. يحدها من الشمال محافظة باليكسير و من الجنوب آيدين و من الشرق مانيسا و من الغرب بحر إيجه («إحصاء...»، خارطة تركيا؛ YA,VI/4242). و تبلغ مساحة هذه المحافظة 973,11 كم2 (5/1٪ من مجموع مساحة تركيا)، وتحتل المرتبة الثالثة و العشرين بين محافظات البلاد من حيث المساحة.

و محافظة إزمير محاطة بالجبال و الوديان التي كانت أحواضاً للأنهار و التي امتدت من الشرق نحو الغرب. وتشكل الجبال 60٪ و السهول 22٪ و الصحاری و الهضاب 18٪ من مساحتها (ن.ص، الرسم البياني رقم 1). و أهم جبالها: مادرا التي يبلغ ارتفاع أعلی نقطة فيها ــ قمة مايا ــ 344,1متراً؛ يونت، بارتفاع 075,1متراً؛ يامانلار، أو جبال قره‌داغ، حيث طول هذه السلسلة 40 و عرضها 15 كم، و أعلی نقطة فيها 513,1متراً؛ بوزدا‌غلار، الممتد من الشرق إلی الغرب و يطلّ سفحه الجنوبي على كديز، وسفحه الشمالي علی حوض مِندرس، و ارتفاعه 159,2متراً ويشكل أعلی نقطة في المحافظة. كما تشاهد هضاب قليلة الارتفاع مثل: آق‌داغ، ولي‌داغ، قوجه‌داغ و غيرها في شبه جزيرة قره بوزون يتراوح ارتفاعها بين 218-643متراً (ن.م، VI/4242-4243). كما يمكن أن نذكر من سهولها: زيتونلوك، بوزداغ و كوزاك (ن.ص).

و أنهار محافظة إزمير هي: كوچوك مندرس، و سعة حوضه 907,6كم2 و طوله 124كم ينبع من بوزداغ؛ كديز إيرماق، طوله 400كم و سعة حوضه 000,18كم2 ينبع من نهر مراد في الأناضول الغربية و يصب في البحر جنوبي في قضاء فوچه؛ باكرچاي، و طوله 128كم و يصب في البحر في خليج چاندارلي (ن.ص).

تقع محافظة إزمير ضمن الظروف الجوية المناخية المتوسطية و لهذا فإن صيفها حار جاف و شتاؤها معتدل غزير الأمطار، معدل درجات الحرارة السنوي في مدينة أزمير 6/17 درجة مئوية ومعدل سقوط الأمطار فيها 2/700 مليمتر («دائرة المعارف الحديثة...»، IV/1575؛A,VI/4249‍Y). و تشكل الأراضي الصالحة للزراعة مانسبته 6/97٪ من أراضي إزمير. و الغطاء النباتي لمحافظة إزمير يضم أشجاراً ذات أوراق شوكية و جذوراً طويلة مقاومة للجفاف، و تغطي الغابات 48٪ من أراضيها. يوجد فيها معادن الزئبق و الپرليت والأنتيمون و اللينيت والحديد. و تقع إزمير علی صدع، لذا حدثت فيها علی مدى التاريخ زلازل كثيرة (ن.م،VI/4245-4246).

 

سكانها

تعدّ محافظة إزمير أحد مراكز التجمع السكاني المهمة في تركيا. و كان عدد سكانها 770,694,2 نسمة بحسب الإحصاء العام لسنة 1990م، يعيش 816,134,2 نسمة منهم في المدن، و 954,559 نسمة في القری. و بحسب نفس الإحصاء فإن مدينة إزمير كان سكانها414,757,1 نسمة. و بذلك فقد كانت ثالث مدينة تركية من حيث السكان («إحصاء»، 6-7). ومقارنة بالإحصاء العام لسنة 1985م، فإن نسبة الزيادة في عدد سكان إزمير كانت حوالي 33٪ و خلال مجريات التاريخ كان عدد السكان عرضة للزيادة و النقصان. و أثناء الحرب العالمية الأولی و كذلك بعدها و في فترة الحروب الأهلية حدثت تغييرات مهمة في التركيبة السكانية لإزمير. و بعد احتلال اليونانيين لها غادرها المسلمون وهاجروا إلی المناطق الداخلية من الأناضول (YA,VI/4253).

 

تسميتها

كان أقدم أسمائها هو زمورنا التي هي كلمة في لغات الشعوب اللوفية. و كان هؤلاء أناساً يقطنون هذه المنطقة في الألف الثانية قبل الميلاد في الفترة التي سبقت العصر الهلنستي وكان اليونانيون يكتبون اسمها بشكل سميرنا و يقرأونها زمورنا، بينما كان الروم يلفظونها سميرنه. وقد حوّلها البيزنطيون إلی زميرني، ثم حولها اليونانيون بعد إضافة حرف التأنيث «i» إلی إيزميرني التي قرئت باللغة التركية إيزمير (إزمير) تدريجياً (أومار، I/23).

و أوردت جميع المصادر الأوروبية القديمة اسم هذه المدينة بشكل سميرنا (هيرودوتس، 6؛ بلوتارخس، IV/227,V/181؛ سترابون، V/237؛ أيضاً ظ: پاولي، LIV/727). كما ورد بأشكال: سميرنه، سميرني، سميرا، زميرا، إسميرا (IA,V(2)/1239,1243؛ «دائرة المعارف التركية»، XX/467)، لوميرا، لاميرس وسارهينيا (YA,VI/4299). و كتبها ابن بطوطة بشكل يزمير (1/334). ينسب تأسيس المدينة إلی الأمازونيين (پاولـي، ن.ص) الذين هُزموا فـي الحـرب أمـام الأركتيـدييـن ــ سكان هذه المنطقـة ــ وقد تزوجت ملكتهم التي كانت تدعی سميرنا من حاكم أركتيد وسميت هذه المدينة باسمها (YA,VI/4257). وبحسب رواية تاسيتوس، فإن إزمير بنيت في عهد تيبريوس علی يد تانتالوس، أوتسيوس أو أمازون. كما عُدّ اسماً لأحد المحلات القديمة في إفِس (أفَسُس). و بطردهم اللجيين السكان الأوائل هناك، قام الأفسسيـون ببناء هـذه المدينـة (تكسيـه، 2/156؛ آكورغـال، 55-56). كما عدّ سترابون (V/237,421) الأمازونيين البناة الأوائل لهذه المدينة و بقية مدن المنطقة، و قال إن هوميرس ولد هناك.

 

تاريخها

إن إزمير و المناطق المحيطة بها هي إحدی أقدم المناطق المأهولة في شبه جزيرة الأناضول. و تدل التنقيبات الأثرية علی أن هذه المنطقة كانت مأهولة في عصر ماقبل التاريخ أيضاً. و برغم أن بعض اللُّقی مثل الفأس الحجري يعود إلی العصر الحجري القديم، لكن قدم المنطقة يعود بشكل عام إلی الألف الثالثة قبل الميلاد. و قد عثر علی آثار هذه الفترة في قرية إيلديري، أو إريتراي الواقعة في شبه جزيرة قره بورون (بايبورتلو أوغلو، l؛YA,V/4257-4258). و في الألف الثالثة قبل الميلاد كان اليونانيون يسكنون إزمير. وقد ساعد المهاجرون الكلوفونيين علی توسيع المدينة (پاولي، V/244)، ثم حكم الحثيون المنطقة، وباندفاعهم نحو الغرب أخضعوا المناطق الصغيرة أيضاً لسيطرتهم. و هذه الفترة هي التي كانت فيها إزمير داخل حدود آسوفا التي يحتمل أن تكون هي منطقة أيونيا. و في 1334 ق.م شنّ الحاكم الحثي مورسيليس الثاني هجوماً علی منطقة آرزافا التي كانت تقع إلی الجنوب من إزمير و كانت عاصمتها مدينة أفسس. وأقامت إزمير التي كانت تتصل من الجنوب برقعة حكم دولة آرزافا، ومن الشمال ببلاد آسوفا، علاقات وطيدة مع الحثيين. ومن البديهي أن اللوفيين و الحثيين كانوا في الألف الثانية قبل الميلاد يعيشون في هذه المنطقة. و تتحدث المصادر القديمة عن وجود 22 دولة المدينة من بينها آسوفا، آهيافا وآرزافا.و قد اندثرت دول المدن هذه نتيجة اعتداء شعوب أخری علی الأناضول. و منذ ذلك الحين مرت المنطقة ولمدة 500 سنة بفترة مظلمة من حيث النمو الحضاري و الثقافي. و من سكان إزمير الآخرين، الأركتيديون الذين يحتمل أن يكون تانتالوس زعيمهم بحسب الروايات الشعبيـة الذي يختلـف بشأن كـون شخصيته حقيقيـة، أم أسطورية.

وعلی أثر الزلزال الذي حدث في القرن 14 ق.م أصيبت إزمير بأضرار جسيمة و هاجر جمع من سكانها. و في حوالي 1200 ق.م حدثت تغيرات واسعة في التركيبة السكانية لإزمير، فقد سكن قسم من الناس القادمين من تراقيا إلی الأناضول، علی ضفاف بحر إيجه. و في نفس الفترة هاجرت مجاميع عديدة من الأناضول إلی اليونان و بالعكس. كما أن الأمازونيين غادروا إزمير في نفس الفترة. و في حوالي سنة 1130 ق.م اندفع الأيونيون الساكنون في أفسس علی امتداد الساحل و وجدوا الموضع الحالي لإزمير مكاناً مناسباً للإقامة. و بعد ذلك و في 1102 ق.م استولی الإيوليون علی المدينة و سموها ناولُخُن. و في 727 ق.م عاود الأيونيون الاستيلاء علی إزمير و سموها أيضاً سميرنا و بادروا إلـى توسيع المدينـة (تكسيه، ن.ص؛ IA,V(2)/1243;YA,VI/4258-4259). و انتهى عصر الحكم الأيوني باستيلاء الليديين علی ازمير. حاول الحاكم الليدي كوكس الاستيلاء علی سميرنا، لكنه لم‌يفلح تكسيه، ن.ص). وبعد ذلك وحوالي 600 ق.م خضعت إزمير التي كانت موطناً للكلوفونيين، لهيمنة الليديين (هيرودوتس، 23؛ م.ن، 55؛ پاولي، ن.ص؛ ديورانت، 2/172-173؛ A,VI/4260‍Y؛ IA، ن.ص). و قد دمر الليديون مدينة إزمير بشكل تفرق معه سكانها لمئات السنين و سكنوا القری ولم‌يتم إعمار مادُمِّر (ن.صص؛ آكورغال، 66-67).

و ليس معلوماً علی وجه الدقة الموضع الذي كانت فيه إزمير القديمة، يری سترابون أن موضعها كان على بعد 20 إستديوم من مدينة إزمير الحديثة، و يحتمل أن تكون قد بنيت في الغرب علی سفوح الجبال الواقعة بين هذا الموضع و بايراكلي (پاولي، LIV/747، نقلاً عن سترابون؛ IA، ن.ص). و في الأساطير ينسب بناء المدينة الجديدة علی سفح جبل پاكوس إلی الإسكندر المقدوني ويقال إن فكرة بنـاء المدينة أوحيت إليه في المنام فشحذ همته لذلك بعد استيقاظه (تكسيه، 2/157؛ YA,VI/4427)؛ لكن من البديهي أن مدينة إزمير الجديدة بناها أولاً أنتيغونوس ومن بعده لوسيماخوس. و عقب سقوط حكومة الليدييـن خضعـت بـلاد أيونيـا ــ بمـا فيـهـا مـدينـة إزمـيــر ــ للإيـرانييـن فأرسل سكانها ممثلين عنهم إلی قورش و أعلنوا طاعتهم له (آكورغال، 67)، لكن طلبهم رُفض و احتل القائد الإيراني هارپاكوس (أربك) المدن الأيونية و منها إزمير (YA,VI/4260).

و على عهد داريوس الأول كانت إزمير و ماحولها جزءاً من المرزبانية الأيونية ـ الإيولية، و كان لسكانها علاقات وطيدة بالإيرانيين بحيث شاركت الكتائب الأيونية و الإيولية في حملات داريوس ضد السكيثيين في 513 ق.م و نصرته. و بدوره اختار داريوس أحد قادتهم المدعو هيستي‌آيوس مستشاراً واصطحبه إلی السوس (ن.ص). و في الفترة التي كانت فيها إزمير و ماحولها خاضعة لحكم إيران، ثار آريستاغوراس، ابن شقيق هيستي آيوس ضد الإيرانيين مستغلاً سوء الأوضاع الاقتصادية، لكنه هُزم في 494 ق.م أمام الأسطول الإيراني الذي كان مؤلفاً من 600 سفينة. و في 407 ق.م عيّن داريوس الثاني نجله قورش لقيادة القوات الإيرانية المتمركزة في الأناضول. و برغم أن قورش قتل في الحرب مع البيسيديائيين قرب مدينة كوناكسا في العراق، لكن أغلب مدن الأناضول الغربية خضعت له. و في 386 ق.م وبموجب معاهدة السلام، أصبحت إزمير و بقية مدن الأناضول الغربية مرة أخری تحت الهيمنة الإيرانية.

انتهی عهد الهيمنة الإيرانية علی إزمير في 334 ق.م باستيلاء الإسكندر علی سارد. وقد طلب الإسكندر إلی أهالي إزمير أن ينفقوا ماكانوا يدفعونه من ضرائب للإيرانيين، في إعادة بناء معبد آرتميس (ن.ص). و من بعد الإسكندر أصبحت إزمير ميداناً للصراع بين خلفائه؛ و أخيراً و في القرن 2 ق.م أصبحت تحت إدارة الدولة الرومانية (ن.م، VI/4261). و يری بعض المؤرخين أن فترة الثلاثمائة سنة التي تبدأ بسنة 575 ق.م و حتی بدء الحكم الروماني الفترة المظلمة في ثقافة إزمير و دوران ركودها؛ لكن اللُّقی التي عثر عليها في التلال القديمة في آداتپه و أطلال أكروبوليس، تظهر قيمة الآثار الثقافية لتلك الفترة. فمثلاً المسكوكة الفضية التي تعود إلی القرن 4 ق.م تدل علی وجود دار لضرب النقود في إزمير (آكورغال، 66-69).

و في 133 ق.م انضمت مملكة برغاما (پرغامون) أيضاً إلی الدولة الرومانية. و بذلك أصبحت منطقة الأناضول الغربية بأسرهـا ــ بمـا فيها إزمير ــ تابعة للرومان. و مع تولّي دولة پونتوس السلطة في الأناضول الشمالية الشرقية و سياسة التوسع التي انتهجها مهرداد السادس، أصبح الاصطدام بين الروم و دولة پونتوس أمراً لا مفرّ منه. و كانت فترة حكم الروم لإزمير فترة سلام و استقرار. فقد أولی الأباطرة الرومان إزميرَ اهتماماً خاصاً بحيث إن هادريانُس ذهب إليها و منها إلی أفسس. و اهتم ماركوس أورليوس بإعادة بناء، المدينة بعد زلزال 178م. و في القرن 3م قدم القوطيون عن طريق شبه جزيرة القرم إلی الأناضول و منها إلی بحر إيجه، فدمروا أفسس و أحرقوا معبد آرتميس (YA,VI/4260-4262).

و في 395م و بعد تقسيم الإمبراطورية الرومانية، أصبحت إزمير ضمن رقعة حكم الدولة الرومانية الشرقية. و عقب اعتناق الروم للمسيحية، أصبحت إزمير أحد المراكز المسيحية المهمة وواحدة من سبعة مراكز كنسية يُعتدّ بها (تافرنيه، 89؛ تكسيه، 2/158؛ IA، أيضاً YA، ن.صص؛ أيضاً ظ: رؤيا يوحنا، 1: 11). و هذه المدينة هي التي أحرق فيها القديس پوليكارپ في 155م (ميلر، 157- 158)، أو بحسب قول في 166م. ثم بنيت كنيسة علی موضع استشهاده، و مايزال قبره قائماً علی قمة تل في إزمير (هاكس، 63-64).

و علی عهد حكم البيزنطيين اكتسبت إزمير أهمية و أصبحت بمصاف القسطنطينيـة (إستانبول) و اتسمت «بالحكم الذاتي»، وجعلها الإمبراطور الروماني ليون عاصمة للمدن ماعدا القسطنطينية. و في القرن 6م و علی عهد الإمبراطور يوستينيانُس الأول أقيمت بازيليكا (مُصَلّی) بدلاً من الكنيسة الصغيرة فوق مقبرة يوحنا و هي أحد أشهر الأماكن المقدسة والمزارات المهمة في العالم المسيحي و التي تقام فيها سنوياً في 26 أيلول مراسم وفاة يوحنا. و في 608م شن الإيرانيون و من بعدهم العرب هجمات علی إزمير، و فتح المسلمون سورية علی عهد الخليفة عمر في 15ه‍/636م، و فتحوا جزيرة قبرص في 27ه‍/648م. وعندما أصبحت الظروف مؤاتية خلال العهد الأموي لفتح القسطنطينية، حاولوا السيطرة على إزمير و المناطق المحيطة بها، و أُنجزت أول خطوة من خطوات الفتح الإسلامي بالاستيلاء علی إزمير في 45ه‍/665م بقيادة عبدالرحمان، و في 51ه‍/671م أمضی المسلمون بقيادة محمد بن عبدالله، الشتاء في هذه المدينة و هم في طريقهم إلی القسطنطينية (YA,VI/4262). و في 52ه‍/672م احتل أسطول لجيش المسلمين إزمير مرة أخری (أستروغورسكي، 115). وفي 98ه‍/716م حاصر حبيب بن مسلمة الفهري المدينة، لكن هذه الهجمات و الحصار لم‌تؤد إلی فتح إزمير نهائياً. و منذ تلك السنة و إلی فتح ملازكرت في 463ه‍/1071م ظلت إزمير تحت الهيمنة البيزنطية (YA، ن.ص). ولغرض مجابهة المسلمين، رمّم الأباطرة البيزنطيون تحصينات المدينة (تكسيه، 2/160).

و بفتح ملازكرت علی يد ألب‌أرسلان و هزيمة الإمبراطور البيزنطي رومانوس (الآقسرائي، 16-18) و تضعيف الحكم البيزنطي، بدأ عهد جديد في تاريخ الأناضول و هو هجرة الشعوب التركية إلی هذه المنطقة، فاستولی سليمان بن قتلمش من الأمراء السلاجقة في 469ه‍/1076م علی البلاد الممتدة من قونية إلی أزنيق و من بعدها إزمير (مشكور، 343؛ IA,V(2)/1243؛YA ن.ص), كما استولی علی أنطاكية (الآقسرائي، 19-21). و بوفاة سليمان في 479ه‍/1086م (IA، ن.ص)، احتل إزميرَ چاكا‌بك أحد الأمراء الترك الذين شاركوا في الحروب الصليبية (رانسيمان، I/148-149). و أنشأ أسطولاً ضخماً، ذلك أنه كان يعتقد بأن السبيل الوحيد لإخضاع الروم هو تشكیل قوة بحرية. فاستولی في فترة قصیرة علی جزر أورلا و فوجه و ميدلّي و ساقز و رودس واتخذ من إزمير عاصمة له، فحصن قلعتها و دعا نفسه إمبراطوراً و لبس زي الأباطرة و شاراتهم (قفس‌أوغلو، 108-110). و أخيراً قتل چاكابك علی يد قليچ أرسلان. و عقب مقتله ظلت إزمير في أيدي الأتراك و كانت قاعدتهم. لكن طوال فترة الحروب الصليبية و هزيمة السلاجقة خضعت مرة أخری للبيزنطيين الذين قتلوا من الأتراك في مجزرةٍ 10.000 نسمة. و ظلت إزمير خلال 491-717ه‍/1098-1317م تحت الهيمنة البيزنطية (YA,VI/4263‍‍).

أدی استيلاء الصليبيين على إزمير في 601ه‍/1205م من جهة، و تضعيف قوة الإمبراطورية من جهة أخری، إلی حدوث الاضطرابات و الفوضی في سواحل بحر إيجه، فاحتلّ المغامرون الأجانب و من بينهم البنادقة و الجنويّون هذه المناطق و حكموا وفقاً لأهوائهم، و لم‌يتمكن حتی الإمبراطور البيزنطي من مجابهتهم (IA,V(2)/1243-1244)، و غنموا مكاسب كثيرة في إزمير بحيث كان لهم فيها محلة و كنيسة و حمام و حتی مخبز خاص بهم (هايد، 517). و لم‌تدم هيمنتهم علی مدينة إزمير طويلاً، ذلك أنه منذ بدء القرن 8ه‍/14م كان نفوذ الأتراك يتعاظم بسرعة علی الأناضول و بشكل خاص غربها. و في هذا التاريخ كانت مدينة إزمير تقسم إلی قسمين: قسم الميناء الذي كان في أيدي الجنويين، و القسم الجبلي، أي قلعة إزمير التي كانت في أيدي البيزنطيين (YA، ن.ص).

و في 705ه‍/1305م، أصدر يعقوب‌بك حاكم الأسرة الگرمية أمراً إلی أحد أمرائه المدعو آيدين أوغلومحمدبك باحتلال إزمير و بيركي (أوزون چارشيلي، 41-42). فاحتـلّ ــ وهو الذي لُقب بمبارز الدين ــ بيركي و من ثم القسم الذي يقطنه المسلمون من إزمير، و في 726ه‍/1326م احتل القسم الآخر منها و استولی علی سواحل بحر إيجه. و قد قسم محمد‌بك ممتلكاته بين أبنائه وأسند إزمير إلی ابنه الثاني عمر‌بك. فأنشأ محمدبك و من بعده عمر‌بك أسطولاً كبيراً في إزمير، و من هناك شنّا هجمات علی جزر ساقز، بوزجا آوا، عربگير، مورا و سواحل روم‌إيلي. و بعد وفاة محمد‌بك تولی عمر‌بك رئاسة إمارة آیدين ولُقب ببهاءالدين (م.ن، 104-105)، و نقل مقر الإمارة من بيركي إلی إزمير.

حدا تعاظم سلطة أمراء آيدين باللاتينيين الذين كانت لهم السيادة علی البحر المتوسط إلی أن يراجعوا حساباتهم، لذا طلبت الإمبراطورة آنّا من البابا كليمنت السادس العون للقضاء علی أمير آيدين و تعهدت له بأن يوحّد كنائس الأرثوذكس و اللاتين (الكاثوليك) في حال انتصارها. و أخيراً تحركت قوات البابا بمساعدة البنادقة و الجنويين و فوارس رودس و الأسطول الملكي القبـرصي ــ الـذي كـان مؤلفــاً مـن 20 سفينـةــ نحـو إزميـر. و لم‌يصمد عمر‌بك برغم مقاومته بادئ الأمر و بذلك سقطت مدینة إزمير بأيدي القوات المسيحية في شعبان 745/ كانون الأول 1344، و أُحرق أسطول آيدين. و لكون القسم الذي يقطنه المسلمون من إزمير كان مايزال تحت سلطة أمير آيدين، طلب البابا و لأجل مواصلة فتوحاته و احتلال المدينة بأكملها، المساعدة من الملوك المسيحيين الذين لم‌يعيروا طلبه اهتماماً. وأخيراً وقع الصلح بين أمير آيدين و البنادقة و بقية القوات في 748ه‍/1347م و أسلم فوارس رودس إزميرَ إلی أمير آيدين بعد حصولهم علی امتيازات، لكن البابا لم‌يقبل بهذا الاتفاق، فنشبت الحرب مرة أخری (749ه‍)، حيث قتل عمر‌بك فيها (م.ن، 107-109؛ تكسيه، 2/160؛ هايد، 602). و قد أورد ابن بطوطة أيضاً معلومات عن أسطول أميرآيدين وكيفية احتلال قلعة إزمير (1/337-338). و هكذا سقطت إزمير بأيدي المسيحيين وتعاظمت سلطتهم و نفوذهم، و نالوا حرية التجارة و نقلوا العاصمة من إزمير إلی أيا‌سلوق (YA,VI/4264). كما حكم بعض من آخر أفراد أسرة آيدين مثل قره حسن و جنيد المعروفين في التواريخ العثمانية ب‍ »إزمير أوغوللري» إزمير لفترة (أوزون چارشيلي، 111؛ عن أمراء آيدين، ظ: ن.د، 1/733-735).

و منذ أواخر القرن 8ه‍/14م يظهر العثمانيون علی ساحة التاريخ في الأناضول، و بذلك يبدأ عهد جديد في تاريخ هذه المنطقة. فقد قام أورخان الذي كان مقيماً في مانيسا باحتلال مدينة إزمير (تكسيه، 2/161). و من بعده أصبحت مدن الأناضول الغربية الواحدة تلو الأخری تحت هيمنة العثمانيين (إينالجيك، 121). و كان السلطان العثماني إيلدرم بايزيد و بعد أن تسلم مقاليد الحكم في 791ه‍/1389م (لمزيد من الاطلاع، ظ: هامرپورغشتال، 2/257 و مابعدها)، ينوي القضاء علی إمارات الأناضول و إلحاق رقعة حكمها بممتلكاته. و بغية تحقيق هذا الهدف استولی في 793ه‍ علی القسم الأعلی من إزمير أيضاً وأسنـد إدارته إلی أحد قادتـه المدعو سوبا‌شي حسـن (أوزون چارشيلي، 111-112).

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: