ابن نباتة، أبوبکر
cgietitle
1442/12/14 ۱۶:۲۹:۱۶
https://cgie.org.ir/ar/article/234516
1446/11/13 ۱۶:۵۷:۵۹
نشرت
4
اِبْنُ نُباتَة، أبوبکر جمالالدین محمد بن محمد الفارقي الحذاقي (الجذامي) المصري (686-7 صفر 768هـ/1287-13 تشرین الأول 1366م)، أدیب و شاعر و کاتب مشهور من عصر الممالیک. تحدث عنه المؤلفون القدماء أمثال الصفدي وابن حجة وابن حجر بشکل وافٍ نسبیاً، لکننا نعلم أن تراجم کهذه لاتغني المحقق المعاصر شیئاً، وهو دائماً یواصل البحث عن موضوعات أکثر أهمیة في آثار هذه الشخصیة. وقد تم إنجاز هذا العمل عن ابن نباتة علی ید عمر موسی باشا، لذا فقد اعتمدنا في هذه المقالة بشکل رئیس علی تحقیقاته.
وقد عدّ أغلب مؤلفي المصادر و منهم الفیروزآبادي (ظ: القاموس، مادة نبت) و ابن تغري بردي (النجوم، 11/95)، نُباتة اسم أحد أسلافه القدماء بضمّ النون أصح و أکثر تداولاً، إلا أن الزبیدي (ظ: تاج العروس، مادة نبت) ضبطه بفتح النون. واستناداً إلی أغلب المصادر القدیمة فإن ابن نباتة کان یلقب بجمالالدین، إلا أن البعض دعوه شهابالدین (ابن بطوطة، 72). وکنیته الشهیرة هي أبوبکر (ابن حجر، 5/485)، وفضلاً عن ذلک فقد کنّي أیضاً بأبي الفضائل (الذهبي، 2/278) و أبي الفتح (ابن حجر، ن.ص) و أبي عبدالله (السلامي، 2/312؛ ابن حجة، خزانة …، 290). ویشیر نسبه الفارقي، إلی میّافارقین مسقط رأس جده الأکبر عبدالرحیم ابن نباتة (ن.ع) (باشا، 117).
وأهم نص یمکن استناداً إلیه رسم السمات العامة لشخصیة ابن نباتة هو الإجازة التي کتبها للصفدي بطلب منه في أوائل شعبان 729 (الصفدي، 1/312-319؛ أیضا ظ: ابن حجة، ن.م، 289-293؛ ابن تغري بردي، المنهل …، 5/244-254). وطبقاً لقول ابن نباتة نفسه في هذه الإجازة (الصفدي، 1/317) ونقلاً عن أغلب المؤرخین المعاصرین له (الذهبي، ن.ص؛ الصفدي، 1/312؛ السبکي، 9/273)، فقد ولد في 686هـ بزقاق القنادیل من المحلات الراقیة في فسطاط مصر ونشأ هناک.
اهتم بتربیته أبوه الذي کان هو الآخر محدثاً و شاعراً و متولیاً لبعض الوظائف الدیوانیة (ابن حجر، 5/437)، فشق طریقه برفقة أبیه إلی حلقات مشایخ أمثال ابن خطیب المزة و عبدالرحیم بن الدمیري و ابن دقیق العید (م.ن، 5/485-486)، وسمع الحدیث من مشاهیر أمثال أبي الهیجاء غازي الحلاوي و أبي نصر عبدالعزیز بن أبي الفرج الحصري وأحمد بن إسحاق الهمداني الأبرقوهي (الصفدي، 1/317) وجده شرفالدین محمد (ابن حجر، 5/485). وقد درس فضلاً عن الحدیث کتب الأدب الشهیرة أیضاً (الصفدي، 1/318)، وروی الحدیث في هذا المضمار عن أساتذة أمثال علاءالدین [علي بن محمد] بن عبدالظاهر (م.ن، 1/312) و عبدالله بن عبدالظاهر و محمد بن إسماعیل التیتي الامدي و علمالدین بن سلطان الضریر و بهاءالدین محمد، المعروف بابن المفسر و نصیرالدین المناوي و سراجالدین عمر الوراق المصري (م.ن، 1/317-319) و معزالدین محمود بن حماد الحمووي (م.ن، 9/176-177؛ ابن حجر، 1/443). کما أخذ إجازة في الروایة بمصر و بلاد أخری عن أستاتذة کثیرین (الصفدي، 1/317)، لکن لیس لدینا شيء عن تاریخ الإجازات و لاعن أولها. ولم یُشَر إلا إلی إجازات عزالدین أبي العز عبدالعزیز بن عبدالمنعم الحراني و الفخر ابن البخاري و زینب ابنة مکي وابن المجاور وابن الزین (ابن حجر، 5/486)، لکن بعض هذه الإجازات أیضاً فیها نظر؛ فمثلاً أن أبا العز قد توفي علی مایبدو في نفس السنة التي ولد فیها ابن نباتة (ظ: الیونیني، 4/328).
وبدو أن ابن نباتة کان منذ ریعان شبابه أکثر میلاً للأدب، واجتهد في هذا المجال حتی فاق أقرانه (الصفدي، 1/312؛ ابن حجر، ن.ص) وقد ظهرت هذه النزعة لدیه أول مرةعند لقائه بابن دقیق العید قبل 700هـ (ظ: ن.ص). وأورد العاملي (1/42) بعض القصائد التي تبودلت بین ابن نباتة وابن دقیق العید.
انبری ابن نباتة منذ البدء لمدح کبار الشخصیات بمصر فمدح أفراد أسرة فضل الله العمري الذین شغلوا مناصب مهمة في دواوین سلاطین مصر و الشام (ظ: دیوان، 34، 365). ومن ذلک قصیدتان في مدح بدرالدین ابن فضل الله (ظ: ن.م، 211-212، 365-366)، إحداهما مقطوعة في 6 أبیات نظمها أثناء مرضه (ن.م، 234-235)، والأخری قصیدة في رثائه (ن.م، 460-461؛ أیضاً ظ: باشا، 140). ومن ممدوحیه الآخرین علاءالدین علي بن أحمد بن الأثیر کاتب السر لدی السلطان الناصر (ابن نباتة، ن.م، 212-216).
سافر ابن نباتة حوالي 715هـ (الصفدي، ن.ص) إلی الشام (قا: ابن حجر، ن.ص، الذي ذکره في حوادث 716هـ) و حط رحاله في دمشق. ومنذ هذا التاریخ بدأ فصل مهم من حیاة ابن نباتة استمر حوالي نصف قرن (ن.ص). وربما کانت هجرته إلی الشام بحثاً عن حیاة أفضل، ذلک أنه – کما سیشار لاحقاً – قد شکا الفقر مراراً في قصائده. و مع کل ذلک فلیس مستبعداً أن تکون هناک عوامل سیاسیة ذات علاقة بهذا الأمر، ذلک أننا نعلم أنه لم یکن علی وفاق مع السلطان الناصر محمد، ولم ینظم طیلة تلک الفترة – کما یشهد دیوانه علی ذلک – حتی قصیدة واحدة في مدحه. إضافة إلی ذلک فإن یغلب علی الظن أن بکون ابن نباتة قدتعرف بطریق ما إلی أبي الفداء الذي کان قد قدم القاهرة في تلک السنة، فمُهد السبیل لهذا السفر (باشا، 149-151). وعلی أیة حال فقد التحق هناک بأبیه الذي کان قد سبقه إلی دمشق و تولی دار الحدیث النوریة، وکان ینفق کل مایحصل علیه علی أولاد ابنه جمالالدین (الصفدي، 1/270-271؛ ابن حجر، 5/437)، إلا أن جمالالدین نفسه لم یجلس مکتوف الیدین، بل انبری لمدح کبار شخصیات دمشق سعیاً وراء المال (الصفدي، 1/312). وعلی هذا یلاحظ أن الشاعر أقام أولاً بدمشق، ومنها أخذ یتردد علی حماة و حلب و طرابلس و مدن أخری (ظ: م.ن، 1/312، 9/174؛ ابن حجر، 5/486).
وکان یفد کل سنة خلال سفره إلی حماة علی بلاط الملک المؤید أبي الفداء الأمیر الأیوبي و ینظم قصائد حساناً في مدحه (ظ: ابن نباتة، ن.م، 294، البیت 21، مخـ؛ الصفدي، 1/312؛ابن حجر، ن.ص). ولهذا السبب فقد عیّن له أبوالفداء – إضافة إلی ما کان یهبه له لدی وفوده علیه – ستمائة درهم سنویاً أیضاً (الصفدي، 9/174؛ ابن شاکر، 1/184؛ أیضاً ظ: ابن حجر، 1/444؛ قا: ابن حجة، ثمرات…، 124). ومنذ هذا التاریخ ولمدة 3 أو 4 سنوات تقریباً، أقام في حماة وصار في زمرة شعراء أبي الفداء (الصفدي، 9/176؛ ابن تغري بردي، ن.م، 2/401؛ باشا، 152-153). وتظهر الدراسة الدقیقة لقصائده و آثاره أنه بالإضافة إلی القصائد المؤیدیة التي تربو علی 42 مقطوعة وقصیدة، کتب جمیع مؤلفاته بطلب من أبي الفداء (م.ن، 152). قضی الشاعر في حماة أسعد أیام حیاته حتی إنه لقّبها في نهایة المطاف بقاهرته (ظ: ابن نباتة، ن.م، 131، 184، 187، 194، مخـ؛ قا: باشا، 153). ومن بین مشاهیر تلک الفترة الذین کان ابن نباتة علی علاقة بهم، یمکن الإشارة إلی شهابالدین محمود بن سلیمان (تـ 725هـ) کاتب دیوان إنشاء دمشق، وابن صصری أحمد بن محمد (ظ: ابن نباتة، ن.م، 363-364، 508؛ باشا، 165-166، 175-176).
وکان من ممدوحیه في تلک الفترة من حیاته جلالالدین محمد بن عبدالرحمان القزویني (تـ 739هـ) خطیب جامع دمشق و متولي القضاء فیها. فقد نظم ابن نباتة عدة قصائد في مدحه (ن.م، 198-199، 432-433، مخـ)، وقصیدة في رثائه (ن.م، 404-405). وفي نفس الفترة قصد الشاعر مدینة حلب للقاء ابن الزملکاني (تـ 727هـ) الذي کان قد تولی القضاء فیها، ونظم قصائد في مدحه (ابن بطوطة، ن.ص؛ ابن نباتة، ن.م، 67-71، 76، 297-299، 505-506). وقد أورد ابن بطوطة قسماً من القصیدة الهمزیة التي نظمها في أکثر من 50 بیتاً في مدح ابن الزملکاني (ص 72-73)، إلا أن هذه القصیدة لم ترد في دیوانه. وعلی إثرها توثقت عری الصداقة بین الشاعر و ابن الزملکاني إلی الحد الذي أثارت فیه غیرة البعض (ظ: ابن نباتة، ن.م، 506؛ باشا، 173).
وبوفاة أبي الفداء (732هـ) کان یُخشی أن تنتهی فترة الازدهار تلک؛ بذلک فقد تأوّه الشاعر بلوعة في القصیدة التي نظمها في رثائه (ابن نباتة، ن.م، 570-573). ولما حلّ الملک الأفضل ناصرالدین محمد (حکـ 732-742هـ) محل أبیه، هرع ابن نباتة إلیه وهنأه بتسلم الحکم و عزّاه بوفاة أبیه في قصیدة شهیرة (ظ: ن.م، 429-430). وذکّره خلالها بنعیمه الذي کان یرفل فیه في ظل أبیه، لعل الأمیر یولیه رعایته؛ ولم ینس الملک الأفضل بدوره عادة أبیه، فأمر له بدفع راتبه السنوي (الصفدي، 1/312). وقد أثارت هذه القصیدة إعجاب ابن حجة بشدة لکون أبیاتها یتعاقب فیها المدح والرثاء بین بیت وآخر (خزانة، 11).
وقد أثنی الشاعر في القصائد التي نظمها خلال تلک الفترة في مدح الأفضل علی الأسرة الأیوبیة التي اشتهر هو بفضل رعایتها (ظ: ن.م، 338-340). إلا أن أموره اضطربت نتیجة میل الأمیر الشاب للزهد (ظ: ابن الوردي، 2/473) و عدم اهتمامه بالشعر و الشعراء (الصفدي، 2/225). وقد انبری الشاعر في مقطوعة نظمها في تلک الدیام علی مایبدو مخاطباً بها أحد الوزراء للعتاب بسبب قطع راتبه (ن.م، 54)، وتأوه في قصیدة من همّ غربته و إملاقه وجوعه (ن.م، 563-564)، کما نظم قصیدة تعج بالألم في مرض جاریته (ن.م، 491؛ باشا، 195)، لکنه لم یکفّ عن مدح الأمیر حتی بعدما عزل الأفضل من ملکه وانتقل إلی دمشق وانتهی حکم الأیوبیین لحماة (ابن نباتة، ن.م، 543-544؛ باشا، 196-197)، وإثر وفاته (742هـ) نظم أیضاً قصیدة ملأی باللوعة (ن.م، 99-100).
غادر ابن نباتة بعد ذلک حماة وسکن بدمشق واعتزل الناس (الصفدي، 1/312). ویبدو أنه في نفس الفترة التي ارتدی فیها الأفضل مسوح الزهد و حُرم الشاعر من راتبه، أصبحت علاقته أوثق بالوزیر أمینالدین عبدالله القبطي الذي تولی الذشراف علی الدیوان بدمشق منذ 733هـ (باشا، 198). وفي 735هـ ولما قصد الوزیر القدس، علم بحزن الشاعر لوفاة ابنه عبدالرحیم واصطحبه معه خلا لسفره ذاک (ابن حجة، ثمرات، 358؛ باشا، 199). ثم عینه أمینالدین بعد ذلک مشرفاً علی کنیسة القمامة في القدس لیتفقدها مرة کل سنة (الصفدي، ن.ص). وقد أشار هو في أبیت إلی هذه الوظیفة (ن.م، 465) ونظم عرفاناً منه بجمیل الوزیر قصائد في مدحه (ن.م، 395-396). ومع کل ذلک فإن هذه الفترة لم تدم هي الأخری طویلاً حیث انتهت بقتل تنکز نائب حکومة الشام وقتل أمینالدین (741هـ) بأمر من السلطان الناصر محمد (باشا، 201).
وواضح في قصائد تلک الفترة التي انبری فیها لمدح کل ذان وقاص أن الشاعر کان بصدد التکسب: ففي إحدی مدائحه لقاضي دمشق تقيالدین السبکي، شکا من عسر رزقه (ن.م، 8-10، 94، 273-275؛ باشا، 217-218)، أو شکواه حاله و طلبه وظیفة في الدیوان في القصیدتین اللتین نظمهما في مدح محیيالدین ابن فضل الله کاتب السر لدی السلطان الناصر محمد في القاهرة (ن.م، 100-102، 564-566؛ باشا، 204-205)، حتی إنه و دون أن یصدر أمر بتعیینه انبری لفترة للکتابة في دیوان دمشق، و طلب أحیاناً خلال مقطوعات معبرة إلی شهابالدین ابن فضل الله تسنم منصب کاتب التوقیع (الصفدي، 1/330-331). وأخیراً تحققت و غبته تلک و عُیّن بذل المنصب أوائل 743هـ بأمر من شهابالدین رئیس دیوان إنشاء دمشق (م.ن، 1/330؛ ابن حجر، 5/486). وققد أورده القلقشندي نماذج کثیرة من توقیعانه التي کُتب بعضها في نفس تلک السنة (12/304-305، مخـ).
ویعزل شهابالدین و جلوس شقیقه بدرالدین محله في نفس تلک السنة (743هـ)، ظل ابن نباتة الذي کان ذا خط جمیل (الصفدي، 1/313؛ السبکي، 9/201، 237) یمارس عمله في الدیوان لفترة، إلی أن عزل سنة 745هـ کما یقول المقریزي (2(3)/671) من منصب کتابة التوقیع، ثم استعاد عمله مرة أخری بعد فترة. وقد ذکره ابن الوردي (2/ 494) ضمن حوادث 747هـ في عداد الموقعین بدمشق (قا: باشا، 207-208)؛ ومع ذلک فلیس معلوماً علی وجه الدقة تاریخ عزله وسببه.
وتدل القصیدة التي نظمها الشاعر عند دخول علاءالدین ابن فضل الله إلی دمشق في مدحه (ن.م، 450-452) علی أن علاءالدین قد أوکل إلیه مرة أخری مهمة الإشراف علی کنیسة القمامة، و هو الذي هیأ له سبیل العودة إلی دیوان دمشق( ظ: ن.م، 452؛ قا: باشا، 209-210). ومنذ ذلک الحین و حتی عودته إلی مصر لانمتلک معلومات واضحة عن حیاة الشاعر. وما یلفت النظر في شعره خلال تلک الأیام هو حدیثه عن مصر و شوقه لرؤیة النیل و الأهرام و أمانیه بالعودة إلی هناک. وکان یفصح عن ذلک في قصائده التي کان یقدمها آنذاک إلی الناصر حسن سلطان مصر و کاتب سره علاءالدین ابن فضل الله (ظ: ن.م، 15، 26-28، 31-32، 42، 195-198، مخـ). ولذا فقد دعاه السلطان إلی مصر في ربیع الأول 761 و أمر بإعداد مستلزمات سفره أیضاً ودفع رواتبه المتأخرة. وفي القاهرة أسند إلهی منصب في دیوان الإنشاء إلا أنه أعفي منه بسبب عدم قدرته علی الحضور في محل عمله (ابن حجر، 5/487). وقد أمر السلطان في تلک الأیام بجمع دیوانه و تدوینه (ظ: ابن نباتة، ن.م، 519؛ باشا، 224). ورداً من الشاعر علی حسن صنیع السلطان امتدحه بعدة قصائد (ظ: ن.م، 380-382، 491-493، 521، 579-582).
وإثر قتل السلطان الناصر حسن (762هـ)، کادت صداقة ابن نباتة لعلاءالدین ابن فضل الله – التي کانت السبب في التحاق زوجة الشاعر وابنه به علی مایبدو (ظ: ن.م، 227-228) – أن تتوتر بسبب دسائس المغرضین، ذلک أن العاملین بإمرة علاءالدین کانوا قد حاولوا حرمان الشاعر من راتبه الدیواني. وقد حاول ابن نباتة في القصیدة التي تعتبر من أواخر قصائده، تبرئة نفسه من افتراءات ذوي النوایا السیئة (ن.م، 199-202؛ باشا، 236-237). ومهما یکن فقد أمضی ابن نباتة الأیام الأخیرة من حیاته في حالة سیئة (ابن حجر، ن.ص)، و توفي أخیراً في المستشفی المنصوري بالقاهرة و دفن خارج باب النصر في مقبرة الصوفیة (السبکي، 9/273؛ ابن کثیر، 14/337؛ السلامي، 2/311-312؛ البشتکي، «د»).
أهنی الجمیع علی شعر ابن نباتة ووصفوه بأنه أدیب عصهر و حامل لواء شعراء زمانه (السبکي، ن.ص)، بل أفضل شعراء المشرق (ابن بطوطة، 73). وذکره ابن حجي بإعجاب وقال إنه سبق من تقدموه من العظماء ببیانه البدیع و الساحر (خزانة، 293)، وقارنه في مواضع أیضاً بکبار من أمثال المتنبي وأبي العلاء المعري والبحتري وأبي نواس (ظ: ن.م، 30، 55، 62). ویقول الصدفي الذي کانت له معه معارضة بشکل ما (ظ: ابن إیاس، 1(2)/62-63): تفرد بلطف و عذوبة اللفظ وجودةاً لمعنی (1/311-312). وکان ابن نباتة نفسه أیضاً یفخر بفنه، بحیث کان یدعو نفسه أحیاناً رب الشعر (ن.م، 489، البیت 18) وأمیر الشعراء (ن.م، 498، البیت 7). ویری نفسه حیناً في مصاف عظماء أمثال ابن عباد و ابن زیدون (ن.م، 505).
سلک ابن نباتة في النظم والنثر السبک الأدبي للقاضي الفاضل عبدالرحیم بن علي (تـ 596هـ) الذي أقیم علی أساس صناعة البدیع وخاصة التوریة (ظ: ابن حجة، ن.م، 241) وبلغ به درجة الکمال بشکل قلده فیه أدباء أمثال الصفدي و ابن الوردي و برهانالدین القیراطي و ابن الصائغ و ابن أبي حجلة (ن.م، 303). وبطبیعة الحال فإنه لم یکتف بتقلید القاضي تقلیداً أعمی، بل فتح طریق الاجتهاد والإبداع (ن.م، 293). ولذا فإنه من بین جمیع فنون البدیع بحظی البیان الرمزي و خاصة التوریة بمنزلة خاصة في شعره (ظ: ابن إیاس، 1(2)/62). فقد کان في التوریة یوصل المعنی إلیذهن السامع بعیداً عن الغموض والتکلف و التعقید اللفظي والمعنوي في أتم الانسجام. وهذه هي نقطة الاختلاف الرئیسة بین أسلوبه و الأسلوب الشائع في التوریة (ظ: باشا، 450). ویشکل فن «الاستخدام» الذي قلما استخدمه البلغاء لصعوبته واختلاطه بالتوریة (ابن حجة، ن.م، 54) قسماً آخر من البیان الرمزي لابن نباتة؛ وقد أورد ابن حجة شواهد منه (ن.م، 55). ومزج ابن نباتة أیضاً بین «الذیداع» والتوریة أو بقیة فنون البدیع (ابن حجة، ن.م، 377-378). ومثل هذا التزویق اللفظي یلاحظ غالباً في المقطوعات (ظ: ابن نباتة، ن.م، 56، 110-112، مخـ؛ باشا، 462). ولهذا السبب فإن شعر ابن نباتة بوصفه رئائد أحد المدارس المهمة في عصره، یستحق الدراسة.
یشکل المدیح أغلب شعر ابن نباتة، و هو یبدأ مدائحه و بحکم التقلید بالغزل في أغلب الأحیان – و یورده أحیاناً آخر القصیدة خلافاً للمتعارف – ثم ینبري بعد ذلک للثناء علی صفات الممدوح، فیمدح أکثر مایمدح مجده و شجاعته و علمه (باشا، 423). وهو مغرم بالمجون، و توجد في دیوانه مقطوعات عدیدة مشحونة بالأفکار الآثمة، ولعل ذلک هو السبب في کونه ینبري بین الحین و الآخر لمدح النبي الأکرم (ص) لیخلص نفسه من الشعور بالإثم (مبارک، 242-243؛ أیضاً ظ: ابن نباتة، ن.م، ص 183، البیت 8، ص 372، البیت 15). ولاتتعدی القصائد التي نظمها ابن نباتة في مدح النبي (ص) الست قصائد (باشا، 274؛ قا: مبارک، 229) التي نظم بعضها في معارضة قصائد لشعراء معروین أمثال کعب بن زهیر وحسان بن ثابت، لکنه قلما وجد فیها إبداع و معان مبتکرة (ظ: مبارک، 229-243).
وفضلاً عن أکداس القصائد التي نظمها فيمدح أبي الفداء و الملک الأفضل و جمعها في دیوانین منفصلین (ظ: آثاره)، فقد نظم مدائح کثیرة أیضاً في بقیة کبار شخصیات زمانه أیضاً و من بینهم تاجالدین السبکي (ابن نباتة، ن.م، 141-143، 309، مخـ) وبهاءالدین السبکي (ن.م، 159، 288، 446-447) و جمالالدین ابن الشهاب محمود (ن.م، 11-12، 108—110، مخـ) و ابن أبي حجلة (نن.م، 227، 304) و تاجالدین ابن الزین خصر (ن.م، 110-112، 154، مخـ) و جمالالدین ابن الریان (ن.م، 112، 398-399، مخـ).
أما القسم الاخر من شعر ابن نباتة فهو المراثي. وأکثر مراثیه لوعة هي التي نظمها في موت أبنائه المفاجئ، واستنداداً إلی الصفدي (1/312) فإن أبناءه کانوا یموتون و هم أطفال، وفقد بذلک 16 طفلاً. ولاشک في أن هذه الوقائع ترکت أثرها العمیق علی شخصیته و شعره إلی الحد الذي تحدث معه في المقطوعة التي یحتمل أن تکون ذکری آخر أیام حیاته، عن أبیه و أبناءه (ابن نباتة، ن.م، 320). کما تأوه في حظیرة الدنس لوفاة ابنه عبدالرحیم الذي مات و أبوه علی و شک السفر إلی القدس (ابن حجة، ثمرات، 360). وأمثال هذه المراثي کثیرة جداً في دیوانه (ظ: ص 18، 73-74، 156-157، 163، 217-220، 347-348، 480، 516-517، 557-558؛ باشا، 292-299). کما کان الشعر الذي نظمه في رثاء أبي الفداء یفیض لوعة (ظ: ابن نباتة، ن.م، 412، 570-573). وفي الحقیقة لانبالغ إذا قلنا إن رثاءه للملک الأفضل هو في الواقع رثاء أبي الفداء و جمیع الأیوبیین (باشا، 302-303).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode