الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / ابن قیم الجوزیة /

فهرس الموضوعات

ابن قیم الجوزیة

ابن قیم الجوزیة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/1 ۲۰:۵۷:۰۸ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ قَیِّم الجَوْزیَّة، أبو عبد الله شمس‌ الدین محمد بن أبي بكر بن أیوب الزُرَعي (7صفر 691-13رجب 751هـ/29كانون الثاني 1292-16 أیلول 1350م)، عالم حنبلي اشتهر لكثرة مصنفاته في شتی المیادین. وعرف بابن القیم نسبة إلی أبیه الذي كان قیّماً علی المدرسة الجوزیة (ابن كثیر، 14/234؛ الأرنؤوط، 1/15). ولاشك في أن والد ابن القیم كان عارفاً بآراء الحنابلة وآثارهم بحكم عمله في المدرسة الجوزیة، ویحتمل أن تكون هذه المعرفة قد انتقلت إلی ابنه منذ الطفولة، لأنه عُدّ في جملة أساتذة ابن القیم (ظ: ابن حجر، 5/137). لاتتوفر معلومات وافیة عن حیاة ابن القیم وكیفیة وصوله إلی النضج الفكري. ویبدو أن تلامذته كابن كثیر وابن رجب الذین ترجموا له، لم تكن لدیهم معلومات عن طفولته وعهد صباه، وأشاروا أكثر ما أشاروا إلی شخصیته الدینیة والعلمیة في مرحلة نضجه الفكري. كما أن كتاباته لم توضح الخطوطه العریضة لتلك الفترة من حیاته.

یبدو أن حیاته الثقافیة بدأت منذ أن لازم تقي‌ الدین ابن تیمیة (ن.ع). وهذا لایعني أنه لم یكن قد بدأ حیاة فكریة وثقافیة قبل ذلك، فمما لاشك فیه أنه كان علی اطلاع علی بعض علوم عصره في الأعوام الأخیرة من القرن 7هـ والعقد الأول من القرن 8هـ، وكان یدرس علی كثیر من أساتذة عصره، فقد قرأ كتباً في العربیة علی ابن أبي الفتح البَعلي (تـ 709هـ) ومجد الدین التونسي (تـ 718هـ)، والكتب الفقهیة علی مجد الدین الحراني (تـ 729هـ). وأخذ الأصول والكلام عن صفي‌ الدین الهندي (ابن حجر، ن.ص؛ الصفدي، 2/271؛ الداودي، 2/94). وسمع الحدیث عن ابن الشیرازي وابن مكتوم وابن عبد الدائم (تـ 718هـ) وتقي‌ الدین سلیمان والمطعم وشهاب‌ الدین النابلسي وفاطمة بنت إبراهیم بن محمد بن جوهر (ابن رجب، 2/447؛ الصفدي، ابن حجر، الداودي، ن.ص؛ السیوطي، 1/62). وإذا صحّ كلام المراغي (2/161)، فقد كان ابن قیم ینزع إلی التصوف قبل التحاقه بابن تیمیة عام 712هـ. ومع ذلك یستشف من مجمل كتاباته وأقوال الآخرین الموجزة والمسهبة حوله أن علمه قد تفتق واكتمل عندما التحق في عنفوان شبابه، أي في الحادیة والعشرین من عمره بطائفة من تلامذة ابن تیمیة. وقد انضم إلی ابن تیمیة في 712هـ عندما عاد الأخیر من القاهرة إلی دمشق (ابن كثیر، ن.ص) ولازمه 16 عاماً وأخذ عنه علماً جماً (المقریزي، 2(3)/834؛ المنجد، 372).

قیل إنه حُبس مدة لإنكاره شد الرحال إلی قبر خلیل الله‌(ع) (ابن رجب، 2/448). ولاندري علی وجه الدقة متی كان حبسه، ولكن من المسلّم به أن مثل هذه الآراء قد تبادرت له بعد تعرفه إلی ابن تیمیة. ولهذا یجب أن یكون سجنه الأول قد وقع قبل 726هـ، لأن سجنه الثاني مع أستاذه ابن تیمیة قد حصل في هذا العام (ابن كثیر، 14/140؛ ابن رجب، ن.ص؛ ابن حجر، 5/138).

وفي الحبس الثاني أمضی ابن القیم حوالي سنتین في قلعة دمشق ورغم أن ابن تیمیة كان محبوساً معه في القلعة أیضاً، إلا أنه كان منفرداً. وكان في مدة هذا الحبس مشتغلاً بتلاوة القرآن والتدبیر والتفكر فیه (ابن رجب، ن.ص). وكما تدل مصنفاته فقد ظل وفیاً طوال عمره لابن تیمیة حتی بعد وفاته (قا: ابن حجر، ن.ص). وعدّه البعض رئیس أصحاب ابن تیمیة (القنوجي، 419؛ الحسیني، 4/155)، كما قیل إن ابن تیمیة لم یخلّف مثله (الصفدي، ن.ص)، بینما وصف أستاذه بأنه من أعظم الذابین عن الإسلام (مختصر…، 143-144). قیل إنه كان حسن الخلق، كثیر التودد، لایحسد أحداً ولایحقد علی أحد، وكان عابداً وخاشعاً (ابن كثیر، 14/234-235؛ ابن حجر، الداودي، ن.ص). وكان في أوقات الراحة یستنسخ كتاباته وكتابات الآخرین (ابن رجب، 2/449)، وكان مغری باقتناء الكتب، فحصل منها علی ما لایحصر، حتی كان أولاده یبیعون منها بعد موته دهراً طویلاً (ابن حجر، نص).

ولاتتوفر معلومات دقیقة عنه منذ 728هـ وهي السنة التي أفرج عنه من سجن قلعة دمشق وحتی 731هـ وهو العام الذي حجّ فیه (ظ: ابن كثیر، 14/154)، لكننا نعلم أن الحنابلة كانوا یعدونه الممثل الصادق والناصر الوفي لابن تیمیة ویأتمّون به في المدرسة الجوزیة (ابن رجب، ن.ص). ولاشك في أنه قد انهمك خلال هذه الفترة بالتصنیف، كما كان یتقاطر علیه الحنابلة من أتباع ابن تیمیة لاستیضاح بعض فتاواه، ویحتمل أیضاً أنه قد أقام مجالس للدرس، ولكن الثابت أن حلقة درسه قد اكتسبت صفة رسمیة وعمومیة منذ عام 743هـ. فقد انبری في صفر من هذا العام للتدریس في المدرسة الصدریة، وهي إحدی مدارس الحنابلة المهمة في دمشق (ابن كثیر، 14/202). ویبدو أنه خلال تدریسه بهذه المدرسة أعلن عن بعض فتاوی ابن تیمیة مما استفز بعض مخالفیه. فبعد كتابه الذي ألفه قبل محرم 746 في «استغناء المسابقة عن التحلیل» (ظ: ابن رجب، ن.ص؛ الصفدي، 2/272) والذي أیّد فیه رأي ابن تیمیة، أحضره تقي‌ الدین السبكي وأجبره علی قبول رأي الجمهور بضرورة وجود محلل في المسابقة (ابن حجر، 5/140؛ ابن كثیر، 4/216). وأفتی مرة أخری عام 750هـ بمسألة الطلاق حسب ما یراه ابن تیمیة (م.ن، 14/235؛ لاؤوست، 67). ویحتمل أنه قد أنكر وقوع ثلاثة طلاقات في لفظ واحد، وقد سبق لابن تیمیة أن قال بذلك فعارضه فقهاء الشافعیة والحنفیة (ظ: زریاب، 113). وقد تصدی له السبكي هذه المرة أیضاً، وامتد الصراع بینهما فترة طویلة حتی أصلح بینهما الأمیر سیف‌ الدین بن الفضل البدوي (ابن كثیر، لاؤوست، ن.ص). ورغم كافة أنواع المعارضة التي جوبه بها ابن القیم، إلا أنه لم یتوقف عن جهوده ومثابراته العلمیة، فقد ترك عشرات المصنفات الصغیرة والكبیرة، وانتفع بعلمه الكثیرون (ابن رجب، 2/449).

ومن تلامذته: 1. ابن كثیر الذي قال إنه كان أصحب الناس له وأحبهم إلیه (14/234-235)؛ 2. ابن رجب، وقد أفاد منه حتی وفاته، ووصفه بـ «شیخنا» (2/447)؛ 3. شمس‌ الدین محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الجمّاعیلي (تـ 744هـ) وهو من مشاهیر محدثي القرن 8هـ (ظ: الأرنؤوط، 21-22)؛ 4. شمس‌ الدین محمد بن عبد القادر النابلسي الحنبلي (تـ 797هـ). وقد قرأ علیه أكثر كتابته وتعلم منه الفقه (م.ن، 1/22). ومن بین تلامذته أیضاً ولداه وهما: برهان‌ الدین إبراهیم (تـ 767هـ) وقد تعلم علی أبیه النحو والفقه، وكتب شرحاً علی ألفیة ابن مالك (ابن حجر، 1/65)، وشرف‌ الدین عبد الله وكان من فضلاء زمانه، حتی إنه جلس بعد وفاة أبیه للدرس في المدرسة الصدریة بدلاً منه (ابن كثیر، 14/235).

أمصی ابن القیم حوالي 8 سنوات مدرساً في المدرسة الصدریة، ویبدو أنه سافر للحج في أواخر هذه الفترة (قا: ابن رجب، 2/448؛ ابن العماد، 6/169). كما یظهر أنه درّس أیاماً في هذه المدرسة بعد عودته من الحج قبل وفاته (ابن كثیر، 14/234؛ الحسیني، 4/155) ودفن عند أمه في مقبرة باب الصغیر (ابن كثیر، ن.ص؛ ابن رجب، 2/450).

 

آراؤه

ونظراً لنزعته السلفیة في العقائد، فقد كان یرفض الكثیر من الأفكار الفلسفیة والعرفانیة والعلمیة التي لایجد دلیلاً علیها في أقوال السلف. وأساس آرائه التي تكررت في الكثیر من كتاباته هي مسألة التوحید. ویعود اهتمامه بالتوحید إلی أن هذه المسألة تشكل أهم المسائل الفكریة لدی السلفیین. ولم یكن اهتمامه بالتوحید من الناحیة العلمیة والألهیة فحسب، بل كان ینظر إلیه كمبدأ إنساني له دور كبیر في الحیاة الفردیة والسلوك الاجتماعي.

كما شكلت معرفت للقرآن وآراؤه علی صعید التفسیر ورفض التأویل جانباً مهماً من كتاباته، فهو لم یقتصر علی إثبات معتقداته اعتماداً علی النصوص القرآنیة فحسب، بل لجأ إلی كتابة تفاسیر لبعض السور القصیرة أیضاً. وقد اعتمد في تفسره كثیراً علی أقوال السلف وآرائهم نظراً لنزعته إلیهم، غیر أن هذا الاعتماد الكبیر علی كلام الصحابة والتابعین لایعني أنه لم یتناول الاستنباطات السلفیة والعقائدیة، أو لم یطرح آراءه الجدلیة في تفسیر القرآن، وهو یتحدث أحیاناً عن تأویلات في القرآن (مثلاً ظ: مدارج…، 1/83-85)، رغم اعتقاده بفساد تأویلات كافة الفرق الباطنیة (مختصر، 59) وعدّه التأویل جریمة حدثت في عالم الإسلام وخدعت المتأخرین من أهل الأصول والفقه (ن.م، 12)، وأنه یری بالفرق الضالة التي وردت في «حدیث التفرقة» هي الفرق التي تقول بالتأویل (ن.م، 53).

وأثنی بعض الكتّاب المعاصرین والمتأخرین علی ابن القیم لمعرفته بعلم الحدیث وجهوده فیه، وأولا أهمیة لعنایته الفائقة في هذا المجال (ابن كثیر، 14/234؛ النعیمیي، 2/90)، وتحدثوا عن اهتمامه بنصوص الحدیث ورجاله (ابن رجب، 2/448). ومما یشیر إلی معرفته بالأحادیث والأخبار هو انتهاجه أسلوب معرفة أخبار الآحاد (مختصر، 455-462) وإعطاء ضوابط لتمییز الأحادیث الموضوعة (المنار…، 43وما بعدها)، وكتابة سیرة النبي‌(ص) اعتماداً علی الأحادیث النبویة.

وكان ابن القیم الذي یعدّ من فقهاء عصره ویُنظر إلیه كمفتٍ یقول بنظریة تغییر الفتاوی والأحكام وأسالیب إدارة الأمور في الأزمنة المختلفة، فمن وجهة نظره أن السیاسات الجزئیة التي ینتهجها الحكام تختلف باختلاف الأزمنة، في حین یتصور البعض خطأً أن الإجراءات التي اتخذها رسول الله‌(ص) والصحابة في عصرهم، إنما هي شرائع أبدیة وعامة، ویعدّون التخلف عنها غیر جائز (الطرق…، 3-18)، ولهذا یجب دراسة كل تدبیر وصلنا من السلف بدقة، فهل هو تقنین دائم وعام، أم كان بحكم مصلحة تلك الفترة ومقیداً بالزمان والمكان. لقد دوّن ابن القیم كتاب الطرق الحكمیة لیثبت من خلال الأدلة الكثیرة كیف أفاد السلف من التدابیر العقلیة لضمان حقوق الناس علی صعید القضاء وإدارة شؤون المجتمع وتأمین مصالح المسلمین العامة، وأنهم لم یقصروا الأسالیب الجائزة علی ما ورد في الكتاب والسنة فقط.

ولم یتردد ابن القیم في طرح آراء لاتلائم الذوق العام وتعارض ما اعتاد علیه عامة الناس. ومن تلك الآراء إنكاره السفر لزیارة القبور، كما سبق وذكرنا أنه سجن لإبدائه هذا الرأي. وكان لایجیز تشیید المساجد والبقاع علی القبول (إغاثة…، 1/185).

وكان التفكیر الفلسفي حول الشرع وأصول‌ الدین من السنن الفكریة الرائجة في عصر ابن القیم، وقد شمّر عن ساعدیه لمحاربة هذه السنة واعتبرها سنة فكریة غیر دینیة، لكنه كان كباقي المتشرعین ینظر إلی الفلسفة بمعنی «الحكمة» وأنها نوعان: «قولیة» وهي كلام الحق، و«فعلیة» وهي فعل الصواب. فالحكمة عنده لیست إلا طریق الأنبیاء الذي یتضمن قول الحق وفعل الصواب (ن.م، 2/256-257). ویعتقد أن مثل هذه الحكمة التي لایهتم بها إلا القلیل من الفلاسفة كابن رشد وأبي البركات البغدادي، لاتتحمل آراء أرسطو في الإلهیات، وتُذعن بحدوث العالم، وتثبت الصفات الكمالیة والأفعال الاختیاریة للحق، وتحترم الرسل وشرائهم وتقبل العقل بطور وراء طور، وتتناول غالباً الریاضیات والطبیعیات وتوابعها، وتری أن التحدث في الإلهیات أمر خاص بالأنبیاء (ن.م، 4/256-259). وابن القیم متأثر في الحكمة بآراء ابن تیمیة وآثاره. وكان یعتمد في إنكار الآراء الفلسفیة علی كتابات أستاذه الذي صنّف عدة آثار في دحض أفكار وأقوال الفلاسفة. والفلسفة في تصوره ترجع في الأصل إلی ذلك العصر الذي تعارض فیه العقل والنقل مع شبهات إبلیس. ولما كان علی علم بشبهات إبلیس عن طریق نقد الشهرستاني ورأیه (ظ: مختصر، 175-181؛ قا: الشهرستاني، 23-27)، تصور أن الكثیر من الأفكار الفلسفیة وآراء المذاهب صادرة عن الشبهات المذكورة (مختصر، 180-181). صحیح أنه یری أن سقراط كان یقول بالتوحید بین مفكري الإغریق وأنه عالم بصفات الله ومعتقد بالمعاد (إغاثة، 2/264-265)، ویؤید أفلاطون الذي استنكر عبادة الأصنام وقال بحدوث العالم (ن.م، 2/266)، لكن عندما یرفض «العقلیة الیوناینة» (مختصر، 140-142) یصبّ اهتمامه علی أرسطو الذي قال علی رأي ابن القیم بقدم العالم وخدع باقي الفلاسفة (إغاثة، ن.ص) وكان یری أن أكثر الفلاسفة الذین اهتموا بكلام أرسطو وعدّوه «المعلم الأول» واعتبروا منطقه معیاراً للاستدلال العقلي إنما هم من «الملاحدة» (ن.م، 2/256-260).

ورغم معالجته السطحیة للفلسفة ولآراء عدد من الفلاسفة كالفارابي وابن سینا ومحمد بن زكریا الرازي ولاسیما الخواجه نصیر الدین الطوسي (ظ: إغاثة، 2/246، 260-267، اجتماع…، 45، مختصر، 143)، إلا أن محاربتة للتصوف وآداب الخانقاهات (الزوایا) ومجابهته للعرفان الفلسفي إنما كان علی الأكثر بدافع من الوعي والتأمل، وإن كان لایتمتع علی هذا الصعید أیضاً بمعرفة كاملة قائمة علی التحقیق. وكان عالماً بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم ویعرف بعض رجال الصوفیة (ابن رجب، 2/488؛ الداودي، 2/94). وهذ الفكرة تصدق علی ابن القیم إذا ما اعتبرناه عارفاً تشریعیاً حنبلیاً. أما ما قیل من أنه كان عارفاً صوفیاً (ابن الشطي، 68)، فهذا ما یُشك فیه، فرغم ما قیل عن كثرة عبادته وذكره (ابن رجب، ن.ص)، وما یسشتف من كلامه، فلاشك أنه لم یكن یقبل الأفكار العرفانیة والآداب الخانقاهیة التي لم یرد في الكتاب والسنة ما یدل علیها ولا في أقوال السلف ما یدعمها، بل ویقول بوجوب عرض مواجید الصوفیة وأحوالهم علی العلم لتمییز الغث عن السمین فیهما (طریق…، 324-325).

وقد تبلور نقده للآداب والتأملات العرفانیة وإنكارها وكذلك مجابهته المعتقدین بوحدة الوجود، عندما وقف علی آثار ابن تیمیة في هذا المضمار (ظ: «أسماء …»، 384، 386، 387). ورغم إشكاله علی بعض تأویلات الصوفیة وعدّهم من صنف الخوارج والمعتزلة (مختصر، 51-53)، لكنه یقرّ بأغلب الانتقادات الموجهة إلی بعض آداب الصوفیة ومصطلحاتهم وعقائدهم، وأنهم أهل سكر ومولعون بالتصوف العاشق. غیر أن كلام ابن القیم ینصب علی الخانقاهیین من الخَلَف الذین نسبهم إلی الجهل، في حین أن السلف من الصوفیة كالجنید وبایزید البسطامي والسري السقطي كانوا عنده من العارفین الذین ساروا علی نهج القرآن والسنة وسلكوا بینهما (إغاثة، 1/123-125).

 

آثاره

لاشك أن ابن القیم كان كاتباً غزیر الإنتاج وقد حظیت كتاباته بالاهتمام في حیاته وبعد مماته (ابن حجر، 5/139؛ ابن الشطي، 69؛ الحسیني، 4/155). ولابد من الإشاره إلی عدة ملاحظات حول مصنفاته:

أولاً، من المحتمل أن كتابته التي تتضمن جدالات دینیة ومذهبیة قد تعرضت إلی تحریفات وتغییرات أساسیة علی ید مؤیدیه في القرون المتأخرة، سیما أولئك السلفیین الذین كانت لدیهم استنباطات خاصة من آرائه، لذلك فإن أیة دراسة أو نقد صحیح لآرائه وعقائده یجب أن تكون علی أساس النسخ الأصلیة أو النسخ المحققة والمنتقدة لكتاباته. ثانیاً، لما كانت آراؤه وأفكاره الدینیة الثقافیة مستمدة من كتابات بعض السلفیین كابن الجوزي وابن تیمیة، فیا حبذا لو أفید من آثارهما وباقي آثار الحنابلة التي سبقته لدراسة آثاره ومراجعتها وحتی تصحیحها وتنقیحها. ثالثاً، یجب أن لایغضّ الطرف عن المشتركات والموضوعات التي كررها ابن القیم في دراسة آثاره ومعرفتها، لأنه اهتم بتكرار بعض المسائل في عدد من مؤلفاته بغیة التأكید علی أهمیتها، حتی إننا نجد أحیاناً طرحه لمسألة معینة في عدة آثار، بل وأحیاناً بنفس اللفظ والتعبیر.

وهناك اختلاف في عدد مؤلفات ابن القیم، كما یُفهم ذلك من إحصائیات معاصریه والمتأخرین (ظ: ابن رجب، 2/449-450؛ الداودي، 2/95-97؛ قا: ابن حجر، ن.ص). فالسخاوي أحصی له 52 أثراً (ظ: القنوجي، 419)، وبروكلمان (GAL, S, II/128) حذا حذوه كما یبدو. وأضاف المعاصرون عشرات العناوین الأخری لهذا الرقم (ظ: نمر الخطیب، 133-138). وقد ساعد علی صعوبة تخمین عدد مصنفاته أولاً، الاختلاف في كتابة اسم الأثر، فقد یُكتب باسمین أو أكثر، وثانیاً اقتطاع أجزاء من آثاره الطویلة وإعطاء عناوین مستقلة لكل منها. ورغم كل هذا فإن عدد آثاره الصغیرة والكبیرة یتجاوز ما أحصاه السخاوي وبروكلمان.

 

ألف- المطبوعة

1. اجتماع الجیوش الإسلامیة علی غزو المعطلة والجهمیة، من مؤلفاته الصغیرة في بحث الاستواء، طبعت هذه الرسالة في أمریتسار عام 1314هـ، وفي مصر عام 1351هـ، وفي بیروت، عام 1404هـ.

2. أحكام أهل الذمة، رسالة صغیرة طبعت بدمشق عام 1961م بتحقیق صبحي الصالح.

3. أخبار النساء، تلخیص لـ أخبار النساء الذي ألّفه ابن الجوزي، ولخّصه ابن القیم بحذف أسانیده، وقد شكك الزركلي في انتسابه إلی ابن القیم (6/56). طبع بالقاهرة (1307هـ/1889م) بتحقیق نزار رضا، وفي بیروت عام 1384هـ/1964م.

4. أسماء مؤلفات ابن تیمیة، رسالة كتبها المؤلف بطلب من محبي ابن تیمیة، وفیها نظم أسماء مؤلفات ابن تیمیة بحسب الموضوعات. طُبعت هذه الرسالة في المجلد 28 من مجلة المجمع العلمي بدمشق، تحقیق صلاح‌ الدین المنجد (1372هـ).

5. إعلام الموقعین عن رب العالمین، وهو أثر في الأصول والفقه الحنبلي، یُعرف أیضاً بـ معالم الموقعین (الصفدي، 2/271). طبع بالقاهرة 3 مرات: الأولی عام 1374هـ بتحقیق محمد محیي‌ الدین عبد الحمید، والثانیة عام 1968م بتحقیق طه عبد الرؤوف سعد، والثالثة عام 1969م بتحقیق عبد الرحمن الوكیل.

6. إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان، أثر صغیر اشتهر بین مصنفات ابن القیم بعد القرن 10هـ، نشر بالقاهرة عامي 1318 و1322هـ.

7. إغاثة اللهفان من مصائد الشیطان. ضبطه ابن رجب باسم مصائد الشیطان (2/450). وهو أحد كتاباته المسهبة في علاج أمراض القلب، طبع بالقاهرة (1358هـ/1939م) بتحقیق محمد حامد الفقي، وطبع ثانیة فیها (1961م) بتحقیق محمد الكیلاني.

8. الأمثال في القرآن رسالة صغیرة في تفسیر وتبیان بعض أمثال القرآن، طبع في بیروت (1981م) بتحقیق سعید محمد نمر الخطیب.

9. بدائع الفوائد، كتابات قصیرة في الفقه والنحو والتفسیر وردّ آراء المعتزلة والأشاعرة، ویحتمل أن أحد تلامذته قام بجمعها وتنظیمها طبعت لأول مرة في 4 أجزاء بحیدرآباد الدكن، ثم في مصر (1344هـ).

10. التبیان في أقسام القرآن، تحدث فیه عن أقسام القرآن معتمداً علی أدلة الكلام عند الحنابلة، طبع لأول مرة في مكة المكرمة (1321هـ)، ثم في القاهرة (1352هـ/1933م) بتحقیق محمد حامد الفقي.

11. تحفة المودود في أحكام المولود. هناك طبعات عدیدة لهذه الرسالة وقد حققها عبد القادر الأرنؤوط بدمشق عام 1971م.

12. تفسیر، فسّر ابن القیم بعض سور القرآن وكثیراً من الآیات تفسیراً طویلاً وقصیراً، مثل سورة «الفاتحة» في مطلع مدارج السالكین، كما فسّر سورة «الكافرون» و«المعوذتین». ویبدو أن العنوان الذي أورده الصفدي وهو الرسالة الشافیة في أسرار المعوذتین (2/272) إنما یراد به هذا التفسیر بالذات. طبع هذا التفسیر مراراً في بومباي (1955م)، وبیروت (1968م) ومصر ومكة المكرمة.

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: