الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / ابن سعید المغربي /

فهرس الموضوعات

ابن سعید المغربي

ابن سعید المغربي

تاریخ آخر التحدیث : 1442/11/15 ۱۷:۲۶:۵۹ تاریخ تألیف المقالة

اِبْنُ سَعید المَغرِبيّ، أبو الحسن نور الدين علي بن موسی بن محمد بن عبد الملك بن سعید العنسي المَذحجي الغرناطي القَلعي (610-685هـ/1214-1286م)، أدیب وشاعر ومؤرخ ورحالة وجغرافي أندلسي. عرف بالعمّاري لانتسابه إلی الصحابي المعروف عمار بن یاسر (ابن فضل الله، 8/382؛ تاج العروس، مادة عمر) وإن وردت هذه النسبة في بعض المصادر بشكل الغماري (مثلاً الصفدي، 22/253؛ ابن رافع، 145) وأحیاناً العمادي (حاجي خلیفة، ط فلوغل، 3/524). وعرف ابن سعید بالقلعي لأنه ولد في قلعة بني سعید قرب غرناطة أو لإقامة أسرته في ذلك المكان قدیماً (ظ: ابن فضل الله، ن.ص؛ بوتیرون، 3-2).

أول من حل بهذه القلعة من أجداد ابن سعید هو عبد الله بن سعید بن عمار، وكان أمیراً علی الیمانیة من جند دمشق، احتل قلعة اسطلیر في غرناطة مستغلاً اضطراب الأوضاع في الأندلس وأعلن استقلاله إلی أن قتله عبد الرحمن بن معاویة (حكـ 138-172هـ/756-788م) (بوتیرون، 4-5؛ العیادي، 41-42). ومنذ ذلك الوقت حكم أحفاد عبد الله ذلك المكان الحصین، وعرفت تلك القلعة بقلعة بني یحصُب (اسم قبیلة یمنیة)، أو بني سعید وتسمی الآن «آلكالا لارئال» (العیادي، ن.ص؛ EI2).

وكان من أسرته الصحابي والعالم (للاطلاع علی المشهورین من بني سعید، ظ: بوتیرون، 14-4؛ العیادي، 49-66). ویبدو أنه كان ولد هذه الأسرة الوحید، ونال اهتمام والده في تعلیمه وتربیته، وتعاطی نظم الشعر في زمن الشبیبة. ویبدو مثیراً للعجب قرضه الشعر وهو في تلك السن (ابن الخطیب، 4/154). سمع منذ صغره مناقب أجداده وحضر مجالس والده (العیادي، 69) ولزمه في أكثر رحلاته، فشاهد أغلب مناطق الأندلس، وتعرف إلی كبار رجال العلم والأدب (م.ن، 77-89). خلف ابن سعید أباه في حكم الجزیرة الخضراء سنة 631هـ (ابن خلیل، 2)، وقد اضطره تقلب الأضاع السریع في الأندلس آنذاك إلی التذبذب في اتجاه السیاسي في فترات قصیرة، وتهنئة قاتل ممدوحه السابق أحیاناً علی عادة ذلك العصر (القاضي، 14). وبعد وفاة المتوكل بن هود (635هـ/1237م) لم یتحمل ابن سعید ووالده الوضع القائم في الأندلس فهاجرا ككثیر من أهل العلم والقلم بالأندلس إلی المغرب (عنان، 453)، وكان سفرهما في 636هـ، وربما زار ابن سعید سبتة قبل هذا بسنوات أي بین 627 و629هـ (العیادي، 89-90). قضی الوالد والابن 3 سنوات في مختلف مناطق المغرب (مراكش) والمغرب الأوسط (الجزائر) وإفریقیة (تونس)، واتصل ابن سعید في تونس ببلاط أبي زكریا یحیی الأول الحفصي (حكـ 625-647هـ/ 1228-1249م) وأصبح مقرباً من السلطان وتولی منصب قراءة المظالم (م.ن، 93-94). ویبدو أن والده كان آنذاك في خدمة ابن السلطان أبي زكریا والي سبتة، وأن ابن عمه أبا عبد الله محمد بن الحسین (ظ: بوتیرون، 7-6) كان من المقربین إلی سلطان تونس. وقد أدت وشایة عدد من الحساد ومنهم ابن عمه أبو عبد الله إلی عزل الأب والابن من منصبیهما (العیادي، ن.ص)، فسارا نحو المشرق. ثم نجده في الإسكندریة في ربیع الأول 639 وهو في صحبة والده قاصداً الحج، إلا أنه تعذر علیه ذلك في تلك السنة (م.ن، 98-99) فتوجه إلی القاهرة، وعلم بوفاة والده في الإسكندریة (شوال 640)، فتوجه إلیها لتشییعه ودفنه (ابن سعید، المغرب، 2/172؛ القاضي، 14). وكان موسی قد كتب لابنه حینما أراد الذهاب إلی القاهرة وصیة لیجعلها إماماً له في الغربة، أوصاه فیها بأفضل الصفات الأخلاقیة والسلوك المطلوب استمدها من خلاصة العمر وما نال من علم وحنكة (المقري، 2/352-361). وقد نسبت خطأً بعض المصادر الحدیثة هذه الوصیة إلی ابن سعید وأنه كتبها لابنه (القمي، 62؛ مدرس، 7/564). ونُسب إلی موسی كتاب باسم واجب الأدب وهو تلخیص التاریخ للرقیق القیروانة، ومعجم في التراجم (بوتیرون، 14) نقل عنه ابن سعید (المقري، 3/130).

عاد ابن سعید في 640هـ إلی القاهرة (المغرب، 2/171) وقد سبقته شهرته إلی مصر، واستقبل في الأوساط العلمیة والأدبیة بالقاهرة استقبالاً حافلاً إما لاشتهاره بالشعر والكتابة، أو لشهرة والده وأسرته، وسرعان ما عقد صلات الصداقة مع مشاهیر عصره في تلك المدینة منهم جمال ‌الدين أبو الحسن الجزار المصري (تـ 679هـ) وابن مطروح (تـ 654هـ) والبهاء زهیر (تـ 656هـ) (ابن الخطیب، 4/155). ورغم أن ابن سعید لم یفلح في الالتحاق ببلاط سلطان مصر الملك الصالح نجم الدين أیوب (حكـ 637-647هـ/1240-1249م) غیر أنه اكتفی بالاتصال بنائبه في الشام جمال‌ الدين أحمد بن موسی بن یغمور (ت 673هـ)، وهو شاعر مصري معروف (ابن الخطیب، 4/155؛ ابن هذیل، 196؛ ابن سعید، رایات، 32)، وظل ابن سعید في مصر حتی 644هـ. وفي هذه السنة تعرف إلی كمال‌ الدين عمر، المعروف بابن العدیم، وكان قد أرسله الحاكم الأیوبي بحلب الناصر یوسف (حكـ 634-658هـ/1237-1260م) سفیراً إلی القاهرة، فأعجب كل منهما بالآخر إلی درجة دعت ابن سعید لمرافقة ابن العدیم عند عودته إلی حلب فعرّفه فیها إلی الناصر (ابن سعید، المغرب، 2/171-172؛ ابن الخطیب، ن.ص)، فأعجب الناصر بحسن صوته وبشعره فلقبه بالبلبل (م.ن، 4/157)، وألف ابن سعید عدة كتب باسمه (العیادي، 111)، ولازم بلاط حلب 3 سنوات (القاضي، 15) والتقی كبار رجال العلم والأدب هناك (ابن الخطیب، 4/157)، ثم غادرها إلی دمشق، وحضر مجلس أنس الملك المعظم توران شاه (حكـ 647-648هـ) ابن سلطان مصر، وفي أواخر 648هـ ذهب من دمشق إلی الموصل وبغداد، وسافر إلی نواحي البصرة وإلی أرَّجان في إیران (في غرب فارس وقرب بهبهان) (ن.ص؛ العیادي، 112-115)، وربما كان الدافع لسفره إلی المشرق مشاهدة الأماكن النائیة والحصول علی المعلومات الضروریة لتألیف تاریخ المشرق الأدبي (EI2) وكذلك وصف المشرق وصفاً بدیعاً ممن رحلوا إلیه كأبي العباس أحمد بن مفرج الإشبیلي، المعروف بابن الرومیة (تـ 631هـ) الذي أثار في نفس ابن سعید الشاب الرغبة في مشاهدة تلك الدیار (ابن خلیل، 181)، وكان في أسرته من سبقه إلی مثل هذه الرحلات، فعمه عبد الرحمن بن محمد زار بعد حجه الشام العراق وإیران ووصل إلی بخاری، وقتل فیها أثناء احتلال المغول لها في 616هـ/1220م (بوتیرون، 12-11).

رحل ابن سعید من العراق إلی دمشق وحلب ومنها قصد بیت الله الحرام ثم عاد من الحج إلی حلب (العیادي، 121-124). وفي 652هـ/1255م عاد إلی المغرب بإفریقیة (ابن الخطیب، 4/157-158) وبذلك انتهت المرحلة الأولی من رحلات ابن سعید إلی المشرق وكان كما یقول یلبس أحیاناً أطمار الصعلوك وأحیاناً شعار الملوك (ابن خلیل، 2). وهناك اختلاف واضطراب في ترتیب رحلاته وتواریخها بعد إقامته في مصر، وضیاع الكثیر من آثار ابن سعید یجعل ترتیب هذه الرحلات صعباً. فقد اختلفت المصادر القدیمة في ذكر هذه الأسفار، فورد في بعضها أنه سافر من مصر إلی العراق ومنها إلی الشام (مثلاً ظ: الصفدي، 22/253؛ ابن رافع، 145؛ ابن تغري بردي، 4/352). كما وردت هذه الروایة في المصادر الحدیثة أیضاً (ظ: EI2؛ العربي، 12؛ البستاني). ویبدو أن ابن سعید زار بلاد الشام قبل ذهابه مع ابن العدیم إلی حلب (العبادي، 124)، بناء علی تصریحه بأنه التقی الكناني القادسي في بیت المقدس في 643هـ (ابن خلیل، 213). ولذلك ذكرت بعض المصادر أنه حج عاد إلی المغرب بعد سیاحته في أطراف العراق وإیران دون إشارة لعودته إلی الشام (ابن الخطیب، 4/157؛ البغدادي، 1/714). وذكر أحیاناً أنه سافر إلی العراق مرتین أثناء رحلاته الأولی إلی المشرق وحج بعد الثانیة منهما (البستاني) واعتبرت هذه السفرة أحیاناً هي حجه الثاني (EI2) وذكر أیضاً أنه حج في 647هـ (المغرب، 2/173).

اتصل ابن سعید بعد عودته إلی إفریقیة في 652هـ بخدمة الأمیر عبد الله محمد المستنصر الحفصي (حكـ 647-675هـ/1249-1277م) ونال الحظوة لدیه (ابن الخطیب، 4/158)، إلا أنه جفاه بسبب ما اختُلس من أموال الدولة، فنظم قصیدة یطلب العطف منه، فرقّ له. وكان ابن عمه أبو عبد الله محمد بن الحسین وزیر السلطان في ذلك الوقت (العیادي، 125-126). وقد ربطت ابن سعید في تونس صلة بعلماء وأدباء تلك الدیار ولم ینقطع عن مكاتبة أصدقائه في المشرق (م.ن، 126-129). ویبدو مما أورده ابن الخطیب أن ابن سعید بقي في تونس حتی آخر حیاته وتوفي فیها (4/158)، ولكن ما ذكره المقري بالاعتماد علی عدة المستنجز ینم عن أنه عزم علی السفر إلی المشرق ثانیة في 666هـ/ 1269م بعد أن أقام 14 سنة في تونس (2/368)، وسمع في الإسكندریة أن المغول قتلوا مخدومه الملك الناصر، وذكر ما أصاب حلب من دمار علی أیدیهم. فسعی إلی مقابلة الحاكم المغولي هولاكو عن كثب، ولذلك توجه من حلب إلی أرمینیة والتقاه وحل ضیفاً علیه (م.ن، 2/369)، ثم سافر إلی إیران وجال ما بين عبادان وقزوین وعمان ونصیبین (ابن خلیل، 2)، حتی إنه وصل إلی خراسان (م.ن، 9). ویبدو من وصفه لبعض مناطق آذبایجان أنه زار هذه الدیار أیضاً (ابن سعید، كتاب الجغرافیا، 172). وبعد هذا یكتنف غموض عجیب حیاة ابن سعید، فلایعلم في أي وقت عاد من رحلته الثانیة إلی المشرق وإلی أین رجع، وكم كان عمره وفي أي مكان قضی بقیة حیاته، وكل هذه أسئلة أجاب عنها المتقدمون والمتأخرون إجابات متفاوتة، ویمكن الظن بالاعتماد علی ما جری من دراسات أخیراً أن ابن سعید عاد إلی تونس في حوالي 675هـ/1276م، وكان یحكمها آنذاك أبو زكریا الثاني الحفصي الواثق (حكـ 675-678هـ) وأهدی ابن سعید له كتاب القدح المعلی (العیادي، 131). ویبدو أنه قضی أواخر حیاته في التألیف بعیداً عن ضوضاء الحیاة الإداریة والبلاط، وتوفي في تونس (م.ن، 132-134). ویظهر مما ورد في المصادر أن ابن سعید لم یتخذ زوجاً، وقد أشار في مقطوعة نظمها إلی فوائد الحیاة ومزایاها بلا امرأة ولاأولاد (المقري، 2/268؛ قا: العیادي، 68).

لم یترك لنا ابن سعید برنامجاً خاصاً عن خط سیره التعلیمي في شبابه وأسماء الكتب التي قرأها علی أساتذة عصره. ویبدو من بعض ملاحظاته وكتبه المختلفة وما أورده المترجمون له أنه درس علوم زمانه، بما كان له ولأسرته من مكانة، وتتلمذ علی كثیر من علماء عصره (م.ن، 72). وكان أول وأهم من تتلمذ علیه والده موسی، فعلمه مبادئ العلم والمعرفة (م.ن، 69)، بالإضافة إلی الأصدقاء والعلماء الذین تعلم الكثیر علیهم في المغرب والمشرق، فقد ذُكر عدد من كبارهم في إشبیلیة هم: أبو علي عمر ابن محمد الشلوبین وأبو الحسن علي بن جابر الدباج وأبوالحسن ابن عصفور (ابن الخطیب، 4/153)، كما ذكروا من أساتذته أبا الحسن ابن مالك وأبا إسحاق إبراهیم بن قاسم الأعلم البطلیوسي وأبا عمران موسی بن علي الطریاني وأبا المتوكل الهیثم بن أحمد الإشبیلي وأبا العباس النیار الإشبیلي وأبا الحسن حازم بن محمد القرطاجني وأبا العباس أحمد بن الحاج الإشبیلي (القاضي، 13؛ العبادي، 73). وكان من أساتذته أیضاً أبو بكر ابن البناء محمد بن أحمد الإشبیلي (ابن خلیل، 118-119).

ویبدو أن ابن سعید لم یمارس التعلیم، ولذلك لانعرف أحداً من تلامذته، ولكنه كما كان یدخذ عن الآخرین من خلال صلاته الواسعة، فقد كان یأخذ البعض عنه في مجالسه، إذ أجاز في القاهرة مثلاً روایة المغرب لشرف‌ الدين أبي العباس أحمد التیفاشي (التونسي) الذي كان قد قام كابن سعید برحلات طویلة في المشرق (فروخ، 6/183). كما أعطی هذه الإجازة لغلام التیفاشي جمال‌ الدين أبي عبد الله محمد الفارسي الأرموي (المقري، 2/332). ویبدو أن ابن سعید قضی معظم أوقات فراغه بعد خروجه من الأندلس في التألیف، أو جمع المعلومات والمواد اللازمة لمؤلفاته الكثیرة، وكان یزور المكتبات الخاصة والعامة لدی وصوله إلی كل مدینة كبیرة.

 

آثاره

یذكر المقري أن عدد ما ألف ابن سعید یبلغ 400 مصنفاً (ظ: العربي، 14)، غیر أنها لم ترد جمیعها في أي من المصادر. ویتحدث ابن الخطیب الذي لایفصله عن ابن سعید أكثر من قرن أنه لم یصل إلیه بعضها (4/153)، فیذكر له حاجي خلیفة 12 تألیفاً (ط فلوغل، 2/103، 151، 3/524، 4/311، 5/127، 309، 498، 556، 6/108، ط إستانبول، 2/1925) والبغدادي 19 تألیفاً (1/715) وبروكلمان 7 مؤلفات (GAL, I/411; GAL, S, I/576) والقاضي في مقدمة رایات (ص 16-17)26 تألیفاً، وذكر العیادي في دراسته (ص 172-262) أكثر من 40 عنواناً من كتب ابن سعید الموجودة أو المذكورة في كتب الآخرین. وقد بدأ اهتمام الأوروبیین بكتب ابن سعید منذ القرن الماضي، فنشر المستشرقون أجزاء من بعضها، وترجمت أحیاناً إلی اللغات الأوروبیة (العقیقي، 1/279، 2/594، 610، 615، 633، 3/1042؛ العیادي، 172-173). وبادر الباحثون العرب بعد الحرب العالمیة الثانیة إلی تحقیق كتب أخری له ونشرها (م.ن، 173-174). ویمكن تقسیم كتبه حسب الموضوعات المتعلقة بالتاریخ والأدب العربي والجغرافیا والرحلات.

 

ألف- كتبه في التاریخ والأدب العربي

1. أهمها وأشهرها مؤلفه الكبیر المُغرب، ویبدو أن هذا الكتاب هو الذي أدی إلی شهرة ابن سعید في رحلته الأولی لمصر، وفتح باب أوساط العلم والأدب له، وربما عُرف المغرب في القاهرة قبل وصوله إلیها (EI2). وقد بادر ابن سعید إلی تألیف كتبه الأخری الشهیرة بالاعتماد علی هذا المؤلف الضخم ومن ثم بالاقتباس منه، ویكشف عن قصة تألیف هذا الكتاب الطویلة العبارة التي أوردها ابن سعید في مستهل كل جزء: «جزء… من كتاب المغرب، في حلی المغرب، الذي صنفه بالموارثة في 115 سنة ستة من أهل الأندلس»؛ أولهم أبو عبد الله محمد ابن إبراهیم الحجاري الذي ألفه في 530هـ/1135م بتشجیع من عبد الملك بن سعید وسماه المسهب في غرائب المغرب (ظ: ابن الخطیب، 3/435) ویدور حول أدباء الأندلس منذ الفتح العربي حتی 530هـ. وقد أعجب به عبد الملك وجعل قراءته دیدنه، ثم ثار في خاطره أن یضیف له ما أغفله الحجاري ویختصر ما لم یوافق غرضه، وخلفه ابناه أحمد (تـ 558هـ/ 1163م) ومحمد (تـ 591هـ/1195م)، فاقتقیا أثره إلی أن استبد به موسی بن محمد. فأضاف إلیه ما طالعه في الكتب والتقطه من الأفواه، وأسلمه إلی ابنه أبي الحسن علي (EI2)، فأضاف إلیه تراجم الشعراء في المغرب حتی القرن 7هـ/ 13م وأخرجه في صورته النهائیة (ابن فضل الله، 11/171؛ ضیف، 1/1-2). وقد ذكر ابن سعید أنه كان مكملاً لتصنیف هذا الكتاب (المغرب، 2/172، النجوم، 98، 106). وقیل إنه أتمه في مصر عام 641هـ. والحقیقة فإن تألیف هذا الكتاب وإكمال أجزائه المختلفة استمر سنوات بعد ذلك، ویبدو أن نسخته الأخیرة كتبت بین عامي 645 و647 بحلب (ضیف، 1/21)، ویقول حاجي خلیفة (ط إستانبول، 2/1747) إن المغرب في نحو 15 مجلداً. ولم یتم الحصول علی جمیع أجزائه حتی الآن. وقد خصصت الأسفار الستة الأولی منه لمصر تحت عنوان «الإكلیل في حلی وادي النیل»، بینما خصصت الأسفار الثلاثة الثانیة لبلاد إفریقیة وهي السابع والثامن والتاسع تحت عنوان «نفحات العنبر في حلی بلاد البربر» أما الأسفار الستة التالیة لذلك فخاصة ببلاد الأندلس، وهي تحت عنوان «وشي الطُرُس في حلی جزیرة الأندلس» (العیادي، 209). وكل قسم یقسم إلی أجزاء ولكل جزء تقسیمات أیضاً. ویتطرق المؤلف في حدیثه عن كل مدینة وبلد عن جغرافیة ذلك المكان، ثم تاریخه، ثم یذكر أبناء الملوك والطبقات الخمس: الأمراء والرؤساء والعلماء والشعراء واللفیف (مخصوصة بمن لیس له نظم من أي صنف كان ممن لایجب إغفاله) (ضیف، 1/9، 12).

وقد اعتمد ابن سعید في تألیف هذا المصنف علی ثلاثة أنواع من المصادر هي: المشاهدات (ولاسیما في الوصف الجغرافي) والروایة الشفویة (ولاسیما في روایة الشعر والأناشید) والمصنفات التي استمد منها المؤلفون. واستند في المُغرب علی كتب كثیرة من النوع الأخیر ذكرت في متنه (م.ن، 1/13-16). كما ألّف ابن سعید نفسه بعض أجزاء المغرب كتلك الخاصة بتاریخ الإخشیدیین والأیوبیین (العیادي، 207). ورغم أن هذا المصنف عرف بأسماء كثیرة، غیر أن ابن سعید ذكره باسمین: المغرب في حُلی المغرب (النجوم، 398) والمغرب في حلی أهل المغرب (عنوان المرقصات، 3؛ للاطلاع علی الاختلاف في تسمیة الكتاب، ظ: العیادي، 186). وأورد السخاوي المغرب في حلی المغرب، والمغرب في محاسن المغرب، باعتبارهما كتابین مستقلین لابن سعید (ص 279)، كما ذكر حاجي خلیفة له كتاباً باسم تاریخ المغرب بالإضافة إلی المُغرب (ط فلوغل، 2/103)، وكتاباً آخر باسم المغرب عن سیرة ملوك أهل المغرب (ن.م، 2/151) نقلاً عن ابن خلكان.

وفي أواخر القرن الماضي نشر فولرس لأول مرة جزءاً من المغرب الخاص بطولونیي مصر باسم الدر المكنون في حُلی دولة بني طولون مع ترجمته الألمانیة، ثم تلاه تالكویست فنشر الجزء الخاص بالدولة الإخشیدیة وترجمته الألمانیة باسم كتاب العیون الدُّعج في حلی دولة بني طُغج، بمناسبة العید المئوي لمولد المستشرق الإیطالي آماري كمانشر موریتس الجزء الخاص بجزیرة صقلیة باسم الألحان المسلیة في حلی جزیرة صقلیة (GAL, S, I/576؛ العیادي، 172). وحقق زكي محمدحسن بالتعاون مع شوقي ضیف والسیدة كاشف الجزء الأول من المغرب الخاص بمصر وطبع في القاهرة سنة 1953م، ونشر شوقي ضیف في القاهرة أیضاً الجزء الخاص بالأندلس في مجلدین في 1953 و1955م، أما الجزء الخاص بالقاهرة فقد حققه حسین نصار باسم النجوم الزاهرة في حلی حضرة القاهرة بمناسبة الاحتفال بالذكری الألفیة لبناء القاهرة، ونشر فیها عام 1970م.

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: