الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / ابن الحجاج /

فهرس الموضوعات

ابن الحجاج


تاریخ آخر التحدیث : 1443/8/4 ۱۴:۱۱:۰۲ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ الحَجّاج، أبو عبداللّه الحسین (الحسن: الثعالبي، 3/30) بن أحمد (تـ 22 جمادی الثانیة 391هـ/19 أیار 1001م)، شاعر شیعي أکثر شعره «السخف». ولد في محلة «سوق یحیی» ببغداد و أنشد فیما بعد قصائد متعددة في ذکر تلک المحلة (یاقوت، البلدان، 3/195).
جعل من المجون و قول السخف في الشعر، مدرسة له و برع في هذا الفن ولذلک یری بعض الکتاب القدماء أنه لایمکن مقارنته إلا بامرئ القیس أشهر و أقدم الشعراء العرب. ولم تذکر أي من المصادر القدیمة ترجمة شاملة و واضحة عنه. و رجعنا في ترجمة حیاته إلی حوالي 2,000 بیت موجودة في المصادر ضاربین صفحاً عن دیوانه المکوّن من 10 مجلدات والموجود في بغداد.
ولانعلم شیئاً عن أسباب تسمیته بابن الحجاج، فتصور الحر العاملي (2/88) استناداً إلی بیت له (الثعالبي، 3/75) أنه من ذریة الحجاج بن یوسف، إلا أن الحر العاملي نفسه الذي اعتبره من العجم، تردد في هذا النسب، خاصة و أن ابن الحجاج کان قد اختلط بالإیرانیین و یجید اللغة الفارسیة کما سنری. مع هذا فإن أحد أشعاره یؤید الرأي الأول، ویخاطب النهام الساعي به في بیت (م.ن، 3/45) قائلاً:
لاتغترر أنک من فارس/ في معدن الملک و أوطانه
مع هذا و کما یقول، لایمکن الاعتماد أبداً علی مثل هذه الأشعار، فمثلاً یقول في بیت (الصابي، 8/404):
فلست بکافر فیحل مالي/ ولاالحجاج جدّي من ثقیف
وکان أجداده جمعیاً من عمال و کتبة الحکومة (م.ن، 8/403؛ ابن الجوزي، 7/216؛ ابن تغري بردي، 4/204). وشغل هو أیضاً کأجداده وظیفة الکتابة، و أصبح في أیام شبابه بین یدي أبي إسحق إبراهیم الصابي (تـ 384هـ/994م) الذي کان من کُتّاب آل بویه و حجابهم في بغداد، إلا أنه أدرک سریعاً أن حرفة الشعر، و خاصة شعر «المجون والسخف» أکسب، فانصرف عن أبي إسحق. عثر الصابي (8/403-407) حفید أبي إسحق علی رسالة کتبها ابن الحجاج إلی أبي إسحق ونقلها. و هذه الرسالة نثر سلس و خال من أي نوع من التکلف و التصنع، إلا أنها کتبت ممزوجة بالهزل و جاء في بدایتها أربعة أبیات أیضاً حول موضوع البحث. ویبدو أن هذه الرسالة لم تکتب في أیام شبابه أثناء عمل الشاعر في جهاز أبي إسحق، بل کتبت بعد سنوات عدیدة من ذلک، لأن موضوعها یدور حول مصادرة بعض أمواله، حیث لم تتضح کیفیة ذلک ویقال إنه أصبح ثریاً في أواسط عمره.
ویقول ابن شهرآشوب (معالم، 149) إنه درس عند ابن الرومي (تـ 283هـ/896م)، إلا أن هذه الروایة تظهر عجیبة جداً، کما سنری. وتوجد من بین الروایات لامتفرقة روایات تبدو أقدم منها کلها و تشیر إلی علاقته بالمتنبي والمهلبي (تـ 352هـ/ 963م) وزیر معزالدولة. وکان المهلبي و هو الآخر شاعر بارع یجتمع مع فقهاء بغداد و قضاتها وشعرائها. وکان یحضر في هذه الاجتماعات ابن الحجاج و منافسه ابن سُکّرة (تـ 385هـ/995م). وقد سخر في إحدی هذه الاجتماعات من شعر المهلبي بألفاظ و تعابیره الخاصة (الثعالبي، 3/37). و عارض المتنبي أیضاً. جاء المتنبي إلی بغداد في 352هـ/963م و حضر مجلس الوزیر، إلا أنه امتنع في ذلک اللقاء و کذلک في اللقاءات التالیة عن مدحه. وسواء أکان سبب امتناعه هذا طمعاً بصلة کبیرة، کما یقول الصفدي (12/334)، أو مراعاة للظروف الاجتماعیة و السیاسیة، کما یذکر بلاشیر (ص 322)، فقد أغضب الوزیر مما دعا أدباء  شعراء المجلس أیضاً إلی تأجیج هذه النار و هاجم کل واحد منهم المتنبي بشکل ما (الصفدي، ن.ص). ولاشک أن غرور المتنبي الکبیر من جهة واستیاء معزالدولة منه من جهة أخری سهلالأمرعلی الأعداء. وکان لسان ابن الحجاج في هذه الأثناء یصب أشد اللسعات المسمومة إلی المتنبي. و تصور الصفدي (ن.ص) أن خروج المتنبي من بغداد کان هرباً من قبضة ابن الحجاج. وبلغ الأمر بابن الحجاج حداً جعله یسخر منه أمام الملأ العام في محلة الکرخ ببغداد و سکت المتنبي عنه (البغدادي، 1/386؛ بلاشیر، 324). وقد أثار هذا السکوت و الوقار أمام «حماقات ابن الحجاج» إعجاب ابن رشیق بالشاعر الکبیر (1/111).
ولم تکن علاقة ابن الحجاج بالمهلبي خالیة منالإخلاص علی مایبدو، لأن الشاعر رثاه بأبیات أخّاذة عند ماتوفي الوزیر في 352هـ/ 963م (ابن خلکان، 2/127؛ یاقوت، الأدباء، 9/138).
ویظهر أن وضع الشاعر قد تألق في أیام حکومة بختیار (356-367هـ/967-978م). فقد مدح بختیار و کذلک وزراءه المعروفین: أبا الفضل الشیرازي (تـ 362/973م)، وأبا الفرج ابن فسانجس و ابن بقیّة (استوزر من 362 إلی 366هـ/973 إلی 977م).
وقدم لبختیار قصائد متعددة بتعابیر قویة نوعاً ما و خالیة من الابتذال (الثعالبي، 3/45-46، 57، 59، 66-67، 80، 93-94). مع کل هذا، و رغم مکانته لدی حاکم العراق و رغم خوف الجمیع من لسانه المسموم، فإنه لم یستطع – مثل بقیة شعراء البلاط – أن یحظی بذلک القدر من المنصب والسلطة لتفتح بوجهه جمیع الأبواب. و قد شکی مراراً من حجب البواب له (م.ن، 3/81، 89)؛ فعندما خلا أبوالفضل الشیرازي و أبوالفرج ابن فسانجس مثلاً لاتخاذ قرار حول مصیر أعوان المهلبي لم یسمح له بدخول القصر و انصرف کالآخرین، خوفاً من النفط الذي أمر الحراس بتلویث ثیاب الذین یقتربون من الباب به و سلّی نفسه بعدة أبیات مضحکة (م.ن، 3/78). ویبدو أنه کان خائفاً من أبي الفضل الشیرازي الذي تولی منذ فترة طویلة وزارة معزالدولة ثم وزارة بختیار، حیث ابتعد عن «المجون» و«السخف» في القصائد التي أنشدها في مدحه (م.ن، 3/45)، إلا أنه مازح، أبا الفرج ابن فسانجس، الذي شارک الشیرازي في الوزارة فترة (م.ن، 3/40). و یبدو أنه استهزأ بأبي الفرج و مدح الشیرازي في 358هـ، حیث عزل أبوالفرج بعد عدة أیام من الوزارة وأصبح الشیرازي الوزیر الأوحد (ن.ص). وقد ذکر التنوخي الذي کانت له علاقة بابن الحجاجتفصیل هذا الحدث و ذکر أنه کان في شعبان 360(2/219-220). وکان أبوتغلب الحمداني (تـ 369هـ/979م) الذي لجأ إلی بختیار في بغداد مرتین، أحد الشخصیات التي مدحها في هذه الفترة. فقد مدحه الشاعر في قصیدة بدأت بالخمریات، حیث امتزجت في هذه الخمریة، المعاني البدیعة والشائعة في بدایة العصر العباسي بلغة لطیفة و سلسة مع معاني ابن الحجاج. کما نظم قصیدة أخری أیضاً في بغداد بهذا الأسلوب في تقدیم الشکر بسبب فرس أُهدي إلیه (الثعالبي، 3/96).
وفي 362هـ وصل أبوطاهر ابن بقیة إلی الوزارة. فسارع ابن الحجاج إلیه و مدحه. و قصیدتا المدح اللتان نقلهما الثعالبي (3/65-66، 94) خالیتان من «السخف» (قا: الأمین، 5/435). وبالاستناد إلی أحد أشعاره (الثعالبي، 3/67-68) یمکن القول إنه تولی في عهد هذا الوزیر حسبة بغداد (ظ: ابن شهرآشوب، معالم، 149؛ ابن الجوزي، 7/216؛ ابن خلکان، 2/168؛ الصفدي، 12/331)، إلا أنه کیف یمکن القبول بأن شخصاً مثل ابن الحجاج الذي یعتبر نفسه رسول «المجون و السخف» (الثعالبي، 3/32)، یقدر علی تولي حسبة عاصمة الخلافة و مهمة حساسة للغایة کالأمر بالمعروف و النهي عن المنکر. و ربما مهّدت لمثل هذه التعیینات سیاسة بختیار غیر الحکیمة و وضع بغداد المضطرب و تردّي الأخلاق فیها 0قا: بلاشیر، 319). وقد تکون آراء المؤلفین الشیعة المتأخرین، مننور الله الشوشتري إلی هذا الوقت صحیحة، حیث اعتبروا بشکل عام رجحان وقاره و تقواه و زهده علی سائر الأبعاد الأخلاقیة. ولیس من السهل تحدید الفترة التي تولی فیها وظیفة الحسبة. ففي 367هـ/978م، حیث کان بختیار قد أسر، حضر الشاعر بین یدي أبي الفتح ابن العمید، و أشار في شعر إلی محتسب بغداد الذي کان قد منع تعاطي الخمر، و یوضح الثعالبي هذه المسألة بأن ابن بقیة الوزیر کان یشرب النبیذ، وفي تلک الفترة کان ابن الحجاج محتسب بغداد (3/67-68). و یضرح ابن الجوزي (7/216؛ أیضاً ظ: ابن تغري بردي، 4/204) بوظیفته هذه في عهد بختیار (وماذکره الصنعاني، 1/399، من أنه عهد المهلبي، یبدو غیرصحیحاً)، أما ابن خلکان (2/168-169) الذي أورد روایات و عقّد الأمر کثیراً، نثلاً عن قول البعض، فیقول إنه عزل من هذه الوظیفة من قبل أبي سعید الإصطخري، الفقیه الشافعي، أما الصفدي (12/331-332) فقد أدرک غرابة هذه الروایة و یقول مات الإصطخري في 328هـ و ابن الحجاج بعد 63 عاماً منه (أیضاً قا: ابن کثیر، 11/329-330)، فکیف یمکن أن یکون الإصطخري سبباً لعزله؟ أما الأمیني (4/98-100) فیعتبر روایة ابن خلکان موثوقة و اجتناباً لمسألة الزمان فقد اضطر و لأسباب مختلفة إلی أن یُظهر ابن الحجاج قد عاش أکثر من 130 عاماً. و یبدو أن ابن الحجاج بقي في هذا المنصب عدة سنوات، ولکنه لم یوفق کثیراً، خاصة أنه لم یدع خلال ذلک السخریة في مقطوعة وذلک نظراً لعزله عن هذا المنصب (م.ن، 3/82-83؛ الصفدي، 12/335). ویعتقد الصفدي (12/331) أنه تولی حسبة بغداد عدة مرات، إلا أنه لایوجد دلیل یؤید قوله. ویُلاحظ بالمقابل أنه تولی وظائف متعددة أخری، لم یکن أي منها بمستوی حسبة بغداد، وللثعالبي إشارات في هذا المجال (3/77، 80-81، 82). یشیر الذهبي (17/60) إلی أنه تولی الکتابة أیضاً ونال جوائز، إلا أن الأخرین لم یؤید واقول الذهبي. والشيء المسلم به هو أنه اتجه إلی أعمال من قبیل المقاولات و کسب من هذا السبیل أموالاً کثیرة، فمثلاً، ضمن في فترة نهر قُلّا ببغداد و کما یشیر في بیتین فقد خسر في هذا العمل کثیراً (یاقوت، البلدان، 4/843). وأُقطع فترة أخری ضرائب (فرائض الصدقات) مزارع أطراف الفرات. و في هذا الوقت کتب إلی عامله في ناحیظ النیل، رسالة شعریة ملیئة بالشتائم والسخف (الثعالبي، 3/39). وبلغت ثروته من الکثرة حداً استطاع معها إقامة مأدبة کبیرة في عهد بختیار و دعا لها کبار رجال الدولة، ویسخر بخبائث من شعره بالذین أبوا قبول دعوته (م.ن، 3/42)، إلا أن ثروته الکبیرة التي أثارت انتباه بعض الکتّاب (مثلاً ظ: ابن الجوزي، 7/216)، سببت له المزید من المشاکل، خاصة أن الحکام لم یترکوه في راحة. إذ صادروا أمواله مرة (الثعالبي، 3/50؛ و سرقوا الغلة التي کان یملکها في تکریت مرة أخری (م.ن، 3/56)؛ و في یوم آ[ر حیث لم یکن عمله قد ازدهر بعد، هرب من أیدي الدائنین (م.ن، 3/49) و ربما تعود شکاواه الکثیرة التي أظهرها من الفقر و اضطراب الوضع (م.ن، 3/54، 57-58) إلی هذه الفترات لمانابه من ضیق الید.
لم یکسب أمواله بعمله الشخصي أو الحکومي فقط، بل إن المصدر الأصلي لمورده کان المدح و الهجاء و نیل المال من الأمراء و الوزراء. فیطلب من شخص عمامة، و یطلب من سهل بن بشر وابن قرة، دابة ومالاً (م.ن، 3/59، 60، 61)، و یطلب من وزیر أن یبني مسناة داره (م.ن، 3/58). و کان ممدوحوه أیضاً و خشیة من هجائه (م.ن، 3/45) یضطرون إلی إرضائه (قا: ابن الجوزي، 7/216). ولاشک أن أکبر صلة نالها ابن الحجاج، کانت تلک الألف دینار التي أرسلها إلیه «صاحب مصر» (الصابي، 8/404؛ ابن الجوزي، ن.ص؛ الذهبي، 17/60)، وربما وقع هذا الأمر في الفترات الأخیرة من حیاة الشاعر، حیث کان قد جمع أموالاً طائلة و کان کلامه نافذاً عند الأمراء (الصابي، ابن الجوزي، ن.ص) و في 364هـ حیث کان بختیار یعاني من الهزیمة، ذهب عضد الدولة بمعیة وزیره أبي الفتح ابن العمید إلی بغداد. و بعد أن تحسنت الأوضاع، عاد عضد الدولة و أبقی ابن العمید في بغداد. و کان ابن العمید یرغب بشدة في لقاء ابن الحجاج، إلا أنه قلق من اشتهار الشاعر بقول السخریة و اللامبالاة. وأخیراً دعاه إلی تناول الطعام في قصره و خلافاً لما توقع فقد شاهد رجلاً صبیح الوجه أنیق اللباس ذاحیاء ووقار و ملیئاً بالعظمة یعرف جیداً آداب الحدیث والسکوت في محضر الأمراء و لهذا انتابته الدهشة وشعر بالسرور (أبوحیان، 1/137). وبعدها التحق بابن العمید وأنشد بأسلوبه قصائد في مدحه (الثعالبي، 3/53-54، 69-70، 89)  ویقال إنه اکتفی في هذه الأشعار و کما أراد الأمراء، من المدح بإشارات و حصر شعره بمعانیه الهزلیة (ظ: ابن فضل الله، 15/263). ومما یدل علی ذلک دلالة واضحة، قصیدته التي أنشدها بهذا الأسلوب في مدح ابن العمید (الثعالبي، 3/69-70). ومع کل ماتتسم به حیاته من حالات عدم الثبات، نراه مرة أخری یدّعي بأنه یفضل العزلة وألا یحارب إلا النساء والغلمان و یرجح الناي علی صوت البوق (م.ن، 3/43-44). مع هذا فإنه یضطر أحیاناً لیخرج إلی الحرب أیضاً في رکاب الأمراء: والمقطوعة التي أنشدها حول فتح حصن أردُمُشت والمطعمة بالکلمات الفارسیة تدل علی مثل هذه الأسفار (م.ن، 3/91). وکان أبوتغلب ابن حمدان قد أعاد بناء و تحصین هذا الحصن الواقع في جزیرة ابن عمر قرب الموصل (یاقوت، البلدان، 1/199). وبناء علی هذا یحتمل أن تکون قصیدة ابن الحجاج هذه قد نظمت في 367هـ/978م حینما استولی عضدالدولة علی بلاد الحمدانیین و عاصمتهم الموصل.
لم یکن ابن العمید الشخص الوحید الذي أخذته الدهشة حین رأی ازدواجیة شخصیة ابن الحجاج. فقد کان منذ ذلک الیوم و لحد الآن سبباً لحیرة الباحثین و اضطرابهم، واشتدت هذه الحیرة بعد بضع مئة سنة من وفاته و بلغت أوجها في آثار المؤلفین الشیعة خلال القرنین الأخیرین، وسنتطرق إلی هذا الموضع قریباً.
ونتعرّف في أواخر عمره علی صداقته الوثیقة بالشریف الرضي. وتتضح هذه المسألة من الروایات المتعلقة بما بعد وفاته. ذهب ابن الحجاج في 391هـ، إلی قریة النیل في جنوبي بغداد و یحتمل أنه ذهب لتفقد أملاکه و توفي هناک (الصابي، 8/403؛ الخطیب، 8/14). فنقل جثمانه إلی بغداد و ووري الثری (الصابي، 4/403؛ یاقوت، الأدباء، 9/228؛ قا: الخطیب، ن.ص؛ ابن الجوزي، 7/217). ویمکن العثور في روایات القرن 6 هـ و ما بعدها علی عدة نقاط جدیدة. الأولی إنشاد الشریف الرضي رثاء في موت الشاعر (ن.ص؛ قا: یاقوت، الأدباء، 9/229، الذي یقول إنه ارتجل ذلک الشعر؛ ابن خلکان، ن.ص؛ الصفدي، 12/332-333). نقل ابن الجوزي 5 أبیات من هذا الرثاء (ن.ص). وجاءت هذه الأبیات ضمن قصیدة من 21 بیتاً في دیوان الشریف الرضي (2/862-864) بترتیب آخر. أشار الشریف الرضي في تلک القصیدة إلی لسانه اللاذع والمسموم، إلا أنه لم یذکر اسم الشاعر في القصیدة.
ویبدو أن یاقوت کان مصدر النقطة الثانیة في القرن 7 هـ (الأدباء، 9/228-229) و هي دفن الشاعر حسب وصیته عند رجلي الإمام موسی الکاظم (ع) والکتابة علی قبره: «وکلبهم باسط ذراعیه بالوصید» (قا: ابن خلکان، ن.ص؛ الصفدي، 12/332).
والنقطة الأخری هي رؤیا ابن الخازن (ن.ع). فقد ذکر ابن الجوزي (7/217-218) أن ابن الخازن رأی الشاعر بعد موته في المنام و قرأ له شعراً فأذاعه ابن الخازن (قا: ابن خلکان، الصفدي، ن.ص). و مضمون هذا الشعر جدیر جداً بالتأمل: فابن الحجاج یتحدث أولاً بأن أسلوبه غیر اللائق، أضاع مذهبه، ثم یضیف أن الإمام علیاً (ع) حزین جداً، لأنه سب أصحاب الرسول (ص) و أنه غاضب علیه. وکان ابن الحجاج متعصباً في تشیعه و ربما اختلق ابن الخازن أو آخرون هذه القصة ونظموا تلک الأشعار و أشعاعوها بین الناس بغیة التخفیف من شدة و حدة الأشعار اللاذعة المهینة التي قیل إن الشریف الرضي قد استاء منها، وخاصة أن ابن الجوزي الذي یعتبر أول مصدر لهذا الخبر (ن.ص)، لم یکن ینظر إلیه بعین الرضا واعتبر أشعاره الفاحشة دلیلاً علی خساسة النفس. وقد برّأه الذهبي (17/60) بأسلوب آخر.
وظهر ردّ فعل قصة ابن الخازن واضحاً في المصادر المتأخرة: إذ کانت علاقه الشاعر بأهل بیت النبوة من جهة، وحدة لسانه و جرأته وحتی عدم احترامه لأعداء الشیعة من جهة أخری، مبعث سرور الشیعة طبعاً. فتحدثوا عنه أولاً باحترام کبیر ویلیاقة. ثم لم یتحدثوا عنه بعنوان رسول السخف، بل أصبح شخصیة علمیة و مرموقة من أعاظم الشیعة ذا أخلاق حسنة وزاهداً ورزیناً و لم یأبه بأي خطر في الدفاع عن أهل البیت و محبیهم (ظ: الشوشتري، 2/544-545؛ الحر العاملي، 2/88؛ أفندي، 2/11؛ الخوانساري، 3/158). واعتبروا تولیته حسبة بغداد لعدة مرات، دلیلاً علی نزاهته و علمه الغزیر (الأمیني، 4/91-92).
 

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: