الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / ابن الجراح /

فهرس الموضوعات

ابن الجراح


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/6/5 ۱۳:۳۰:۰۰ تاریخ تألیف المقالة

اِبنُ الجَرّاح، اسم عدد من الوزراء و المؤلفین و کتاب الدواوین من أصل إیراني عاشوا في القرن 3 و 4 هـ/9 و 10م و موطنهم الأصلي دیرقُنّی بالقرب من بغداد (الخطیب، 21/14؛ الصابي؛ الوزراء، 305) و یحتمل أنهم کانوا مسیحیین في البدایة. و ینسب فرع من هذه الأسرة إلی مَخلد بن الجراح، کما اشتهر کل من الحسن و سلیمان ابني مخلد (ظ: ن. د، ابن مخلد) بالوزارة و الکتابة، و بعض أفراد هذه الأسرة هم:

1. داود بن الجراح

لاتتوفر معلومات تذکر عنه. تولی أیام خلافة المتوکل (232-247هـ/847-861م) رئاسة دیوان الزمام فترة من الزمن (التنوخي، 1/212)، کما عُین أیام خلافة المستعین (248-252هـ) کاتباً له (ابن الندیم، 142). و یعد من کتّاب القرن 3هـ/9م فقد ألف کتاب التاریخ و یشتمل علی الأخبار المتعلقة بالإیرانیین و الشعوب الأخری (المسعودي، 1/22)؛ و أخبار الکُتّاب الذي یقال إنه أول تألیف من نوعه (فرّاج، «ن»)؛ و کتاب تاریخ الرسائل أو کتاب الرسائل (عزام، 16؛ ابن الندیم، ن.ص). کما کان متمکناً في إملاء الحدیث و روایته (ظ: ابن کثیر، 1/43). و هو جدّ علي بن عیسی وزیر المقتدر العباسي.

2. أبو عبداللّه محمد بن داود بن الجراح

(243-296هـ/857-909م)، ناقد أدبي و کاتب ووزیر. ورد ذکره في المصادر لأول مرة عندما أسس أحمد بن الفرات دیوان الدار (ربما کان في 279هـ)، حیث عیّنه مع ابن أخیه علي بن عیسی فیه (الصابي، ن. م، 148). و في 285هـ ذهب المکتفي مبعوثاً عن الخلیفةالمعتضد إلی بلاد الجبل (ابن الأثیر، 7/491) و کان معه عُبَید الله بن سلیمان، فأخذ الأخیر معه محمد بن داود الذي کان یتولی آنذاک رئاسة مجلس خراج الشرق في دیوان الدار و ذلک لمتابعة الأعمال الدیوانیة و إنجازها (الصابي، ن.ص). وقد أبدی محمد بن داود من الکفاءة و اللیاقة في هذه الرحلة ماجعله من خاصة الوزیر و تزوج ابنته (ن.م، 149). وقد و فّرت له هذه الحادثة مقدمات تألقه بین الکتّاب وأصحاب الدواوین؛ کما حدث في 286هـ، حیث یقال إن عبیدالله بن سلیما عین ابن الجراح رئیساً لدیوان المشرق الذي کان قد فصله بأمر من الخلیفة عن دیوان الدار (الطبري، 10/73؛ ابن الأثیر، 7/496). وسمت مکانة ابن الجراح في عهد خلافة المکتفي عما کانت علیه في أي فترة أخری فتولّی في 294 هـ رئاسة دیواني الخراج و ضیاع المشرق و کذلک دیوان الجیش. و أرسله الوزیر عباس بن الحسن بن أیوب إلی الکوفة لتعبئة الجیوش ضد القرامطة الذین کانوا قد هاجموا قوافل الحجاج (الطبري، 10/133؛ قا: القرطبي 15-16، الذي ذکر محمد بن داود في ذیل هذه الواقعة بصفته وزیراً). کما کان ابن الجراح في 296هـ أحد رؤساء الدواوین (دیوان الجیش: الصابي، ن.م، 109) و استشاره الوزیر عباس بن الحسن في تعیین الخلیفة الجدید إثر اشتداد مرض المکتفي حیث اقترح أن یکون ابن یکون ابن المعتز هو الخلیفة الجدید (أبو علي مسکویه، 1/2) و تحدث عن عقله و أدبه و تدبیره (ابن الأثیر، 8/9). ولما وصل المقتدر إلی سدة الخلافة، اتفق محمد بن داود و الحسین بن حمدان مع مجموعة من الکتّاب و القضاة و الأمراء علی عزل المقتدر و تنصیب ابن المعتز خلیفة حیث عین الخیفة الجدید محمد بنداود وزیراً له و لکنّ هذه الخلافة و هذه الوزراة لم تدوما إلا یوماً واحداً و هرب ابن الجراح و اختفی إثر هجوم أنصار المقتدر (الطبري، 10/140-141). و کتب من مخبئه رسالة إلی ابن الفرات وزیر المقتدر طالباً مساعدته. و نصح ابن الفرات محمداً بالبقاء في مخبئه حتی تهدأ الأوضاع کي یتمکن من حلّ قضیته (أبوعلي مسکویه، 1/10). کما قیل إن رجلاً ذهب إلی ابن الفرات و ادعی أنه علی علم بمخبأ ابن الجراح. فأوقفه ابن الفرات و أرسل سراً شخصاً إلی ابن الجراح لیغیر مخبأه، ثم أقام ابن الفرات الحدّ علی المدعي لکذبه (م. ن، 1/9-11). و یقال إن ذلک المدعي هو علي بن الحسین القُنّاي النصراني الذي کانت تربطه صداقة بمحمد ولکنه سلّمه أخیراً لسوسن الحاجب و صافي الحرمي اللذین کانا عدوین لابن الجراح لتهدیدهما له و لعله فعل ذلک بغیة الحصول علی الجائزة البالغة 10,000 دینار لمن یسلمه (القرطبي، 29؛ أبو علي مسکویه، 1/9-10). فأقي في السجن (الصفدي، 3/61) ثم قُتل بعد مدة وجیزة.
وکان لمحمد بن داود في الأدب و النقد باع طویل لاإضافة إلی نشاطاته السیاسیة، و کان یعدّ من الکتّاب العلماء والعارفین بأیام الناس و أخبار الخلفاء و الوزراء (الخطیب، 5/255)، و کان یتردد دائماً علی العلماء و الأدباء (ابن الندیم، ن.ص) و قد روی عن أشخاص مثل عمر بن شبة النعمیري و عبیدالله بن سعد الزهري و أبطیعلی زکریا بن یحیی المنقري کما روی عنه أشخاص مثل أحمد بن عبد الله بن عمار و القاضي عمر بن الحسن بن الأشناني و غیرهما (الخطیب، ن.ص).
وأهم أثر له یسمی الورقة، لایزال قسم منه باقیاً لحد الآن و یقال إنه نفس أخبار الشعراء الذي ذکرته بعض المصادر (السخاوي،200؛ کحالة، 4/295) و قد وجدت النسخة الفریدة من هذا الکتاب بطهران في 1345 هـ و تدل البحوث التي أجراها المختصون بالمخطوطات، أنها کتبت أیام ابن الجراح و کانت في 636هـ بحوزة محمد بن مده الدیلر و تعود إلی أبي علي مسکویه (عزام، 7-9) و طبعت في 1372هـ/1953م بالقاهرة بتحقیق عبد الوهاب عزام و عبدالستار أحمد فراج، و یبدو أن هذا الکتاب هو قسم من النص الأصلي للورقة، حیث شوهدت في مصادر أخری معلومات حول بعض الأدباء نقلاً عن الورقة و التي لایمکن العثور علیها في نسختها الموجودة حالیاً (علی سبیل المثال ابن خلکان، 1/45، 2/95، حول الصولي و أبي نواس). و علی کل حال فإن کتاب الورقة الذي بین أیدینا الآن یشتمل علی ترجمة 63 شاعراً أُلحقوا بأسماء 58 شخصاً. و کان هذاالکتاب في القدیم مرجعاض یستفید منه الکتّاب و یرجعون إلیه (علی سبیل المثال المرزباني، 379؛ الیغموري، 218؛ ابن حزم، 408). أما الآثار الأخری المنسوبة إلیه فهي: أخبار الوزراء أوالوزراء (أبوحیان، أخبار الوزیرین، 380؛ الثعالبي، 12)، و یقال إن إبراهیم بن موسی الواسطي نافسه في کتابة کتاب حول الوزراء (المسعودي، 1/24)؛ والشعر والشعراء (کحالة، 4/295) الذي یری فروخ (2/382) أنه نفس کتابي طبقات الشعراء (قا: الجهشیاري، 65) و أخبار الشعراء. ولهذا و کما ذکر السخاوي (ن.ص) فإن أخبار الشعراء هو نفس الورقة، و أن هذه الأربعة هي أسماء لکتاب واحد، رغم أن بروکلمان (GAL, S, I/225) ذکرها باعتبارها کتباً مستقلة؛ وکتاب من سمي من الشعراء عمرو في الجاهلیة و الإسلام (کحالة، ن.ص)، ضبطه بروکلمان (ن.ص) بشکل: من اسمه عمرو من الشعراء في الجاهلیة و الإسلام؛ وأخیراً تاب الأربعة (کحالة، ن.ص). و نقلت عن محمد بن داود أشعار (الصفدي، 3/62) إلا أنه یعتبر شاعراً مُقلاً و متوسطاً (فروخ، 2/382).

3. أبو إسحق إبراهیم بن عیسی بن داود بن الجراح

(تـ عبد 311هـ/923م). لاتتوفر معلومات عن بدایة عمله الدیواني. کان أیام وزارة عبید الله بن سلیمان (279-288هـ) مسؤولاً عن شؤون الزاب الأعلی نیابة عن أخیه علي بن عیسیثم أصبح رئیساض حتی عزله أبو العباس أحمد ابن الفرات (اصابي، الوزراء، 149). و لما تولی قاسم بن عبید الله الوزارة (288هـ) عینه رئیساً لشؤوندیوان الراذانَین (یقع الراذان الدکبر من و الدصغر بالقرب من بغداد) بناء علی اقتراح علي بن عیسی الذي عرّف إبراهیم بأنه رجل شهم و سدید الرأي ثم رئیساً لواسط. وقد اطّلع إبراهیم في عمله الجدید هذا علی وجود الکثیر من الأملاک لابني الفرات اللذین کانا قد تسترا علیها خوفاً من دفع الضرائب و استطاع الوزز أن یطلب أموالاً طائلة منهما عن هذا الطریق (ن.م، 150، 151). و یبدو أنهذا الأمر أدی إلی أن یبعد أبوالحسن علي بن الفرات، إبراهیم إلی الصافیة عندما صار وزیراً (ن.م، 152)، ولکنأخاه علي بن عیسی بن الجراح الذي عُین وزیراً أطلق سراحه في 301 هـ و عینه رئیساً لدیوان الجیش (القرطبي، 42). و صار أبوالحسن ابنالفرات وزیراً مرة ثانیة في 304 هـ و ألقی القبض علی إبراهیم و أمر بمصادرة 50,000 دینار من أمواله، ولکنه حصل فقط علی 30,000 دینار منها. ولزم إبراهیم منذ ذلک التاریخ بیته (الصابي، ن.ص). و بعد عزل ابن الفرات (306هـ)، قُدِّم اسمه إلی علي بن عیسی ضمن مجموعظ المرشحین للوزارظ و لکنه لم یعتبر إبراهیم شخصاً مؤهلاً لذلک (القرطبي، 72-73). وعاد ابن الفرات في 311 هـ مرة ثالثة إلی الوزارة و بعد أن أمر بمصادرة أموال إبراهیم عدة مرات (الصابي، ن.ص)، أرسله إلی ابنه مُحسِّن ابن الفرات الذي عذبه کثیراً ثم نفاه إلی البصرة (قا: القرطبي، 114) و فیها الوالي ابن أبي الأصبغ فقتله بدس السم له (الصابي، ن.م، 50، 152).

4. أبوعلي عبدالرحمن بن عیسی بنداود الجراح

ورد ذکره لأول مرة في أحداث سنة 299 هـ عندما کان أخوه علي یعیش مبعداً في مکة (ن. م، 159)، ویبدو أنه جاء مع علي إلی بغداد فیما بعد حیث نجد عبد الرحمن یرافق مؤنس المظفر الذي عینه أخوه کاتباً لمؤنس فذهب في 302 هـ إلی مصر للحرب (الهمداني، 14). و کان یتولی رئاسة دیوان منطقة السواد أیام وزارة أبي محمد حامد بن العباس (306-311هـ/918-923م) (الصابي، ن.م، 339) و عندما تولی ابن الفرات الوزارة ألقی القبض علی علي بن عیسی ولکنه لم یسطع العثور علی عبدلارحمن رغم بحثه الشدید عنه (ن.م، 50). و یبدو أن عبدالرحمن التحق بعد سنتین و خلال أیام وزارة أحمد الخصیبي (313-314هـ) بأخیه علي الذي کان یعیش في الشام، و ذلک لأنه کان معه أیضاً عندما قدم من الشام إلی بغداد (315هـ) لتولي الوزارة (ن.م، 336)، ثم تولی مع ابن عمه سلیمان بن الحسن بن مخلد من قبل أخیه الأعمال الدیوانیة لاسیما الإشراف علی دیوان المغرب (ن.م، 339). و لم یستمر طویلاً في هذا لامنصب حیث سجن مع أخیه علي في 316هـ (أبوعلي مسکویه، 1/185). و مع أنالخلیفة المقتدر تشاور مع علي بن عیسی في 318هـ حول انتخاب وزیر جدید و أن الأخیر رشح عبدالرحمن لهذا المنصب (م. ن، 1/205)، إلا أنه لم یکن معلوماً ما إذا کان لایزال في ذلک التاریخ سجیناً أم لا، و علی کل حال فقد انقطعت أخباره منذ ذلک التاریخ و حتی 322هـ حیث أصبح الراضي خلیفة في تلک السنة و من بدایة خلافته استدعی کلاً من علي بن عیسی و عبدالرحمن للاستشارة، فأخذا البیعة للخلیفة من القضاة و الکتّاب و الأ»راء (م.ن، 1/290). و یقول الصولي (ص 4)، إن الخلیفة طلب في بدایة أمره من علي بن عیسی أن یتولی الوزارة إلا أن الأخیر رفض ذلک واقترح أن یکون عبدالرحمن وزیراً بصورة رسمیة و أن یشرف الخلیفة بنفسه علی الأمور. و یعتقد ابن الأثیر (8/282، 283) بأن علي بن عیسی اقترح أن یتولی ابن مقلة هذا المنصب و بعد تولیه عین عبد الرحمن رئیساً للدواوین، إلا أنه عزل في صفر 323 (الهمداني، 87). و أخیراً و في 324هـ و بعد عزل ابن مقلة تولی عبد الرحمن الوزارة (الصوليف 81؛ الهمداني، 94) و ذلک بناء علی اقتراح من علي بن عیسی (أبوعلي مسکویه، 1/336)، في الوقت الذي کان الحکم یدار من قبل أخیه علي کما یقول أبوعلي مسکویه (ن.ص). کما سُلِّم إلیه ابن مقلة للتحقیق متعه عن أعماله التي ارتکبها أیام وزارته فأمر عبدالرحمن بمصادرة 1,000,000 دینار من أمواله (م.ن، 1/337). ومع کل هذا فقد ظل عبدالرحمن عاجزاً عن القیام بأعماله فعزل و سجن عن الزارة بعد 50 یوماً بسبب الأوضاع المالیة المتدهورة التي دعته إلی الاقتراض من الخلیفة (ابن شاکر، 10/343؛ الصولي، 84) وقد صادر أبوجعفر محمد ابن القاسم الکرخي الذي تولی الوزارة بعد عبدالرحمن 70,000 دینار من أموال الأخیر الذي لم یدفع له إلا 30,000 دینار (أبوعلي مسکویه، 1/338؛ قا: الصابي، الوزراء، 359). ویبدو أن عبد الرحمن لزم منزله 5 سنوات حتی سنة 329 هـ حیث طلب الخلیفة الجدید المتقي من عبدالرحمن أن یتولی زمام الأمور مع صلاحیات مطلقة و لک بعد أن یئس من إقناع علي بن عیسی لتولي الوزارة. غیر أن علیاً منع هذه المرة عبدالرحمن من قبول الوزارظ (الصولي، 203). و مع ذلک تولی عبدالرحمن إدارة الأمور عدة أیام دون أن یکون قد عین وزیراً بصورة رسمیة، حتی تولی محمد بن أحمد الإسکافي الوزارة بشکل رسمي (أبو علي مسکویه، 2/18-19). ولاتتوفر معلومات بعد هذا التاریخ عنه و لاعن مصیره أیضاً.
وکان عبدالرحمنبن عیسی رجلاً فاضلاً و عالماً. ألف کتاب سیرة آل الجراح و أخبارهم و أنسابهم في القدیم و الحدیث؛ والتاریخ الذي یحتوي علی أحداث سنة 270هـ و حتی أیامه، کما ینسب إلیه کتاب الخراج الذي بقي ناقصاً (ابن الندیم، 143). وقد نقل الصابي عنه کثیراً منروایاته حول وزارة ابن الفرات و علي بن عیسی بن الجراح (علی سبیل المثال الوزراء، 149، 152، 153، 311).

5. أبوالحسن علي بن عیسی بن داود بنالجراح

(245-334هـ/ 859-945م)، من رجال‌الدولة العباسیة المشهورین، تولی الوزارة مدة في أوائل القرن 4هـ/10م في بدایة اضطراب الأوضاع السیاسیة و العسکریة و التي انتهت بانهیار سلطة الخلافة.
لانعلم شیئاً عن طفولته و صباه. و علیالرغم مما یستنتج من حدیث باون (EI2) أنه تسنم في 265هـ أي عندما کان في حوالي العشرین من عمره بعض الأعمال الدیوانیة إلا أن الصابي (الوزراء، 148) یقول إن أحمد بن الفرات لما أنشأ دیوان الدار (من المحتمل أنه في 278هـ) عین علي بن عیسی عمه محمد بن داود کاتبین هناک. وقد اصطحب الخلیفة المعتضد القاسم بن عبید الله عندما ذهب في 285هـ إلی آمد و الحدود الغربیة لدولةالخلافة (ابن الأثیر، 7/491) و کان الأخیر یرید أن یأخذ معه کاتباً بارعاً فاختار علي بن عیسی باقتراح من ابن الفرات. وبعد مدة و عندما بانت للعیان کفاءة علي بن عیسی ولیاقته تمّ فصلُ دیوان المغرب عن دیوان الدار و یبدو أن ذلک کان بأمر من الخلیفة في شوال 286هـ (الصابي، ن.م، 148، 149) و عین علي بن عیسی رئیساً له کما تمّ تعیین عمّه محمد بن داود رئیساً لدیوان المشرق (الطبري، 10/73). وبقي علي بن عیسی مدة رئیساً لدیوان المغرب (الصابي، ن.م، 315) ولعله کان لایزال في هذا المنصب سنة 290هـ/903م حیث کان قد کتب من الرقة رسالة إلی المکتفي حول خروج القرامطة (العیون، 4(1)/182). وعلی کل حال فقد اختاره عباس بن الحسن الجرجرائي لاستشارته في أمر تعیین الخلیفة الجدید باعتباره أحد رؤساء الدواوین و ذلک في 295هـ إثر اشتداد مرض المکتفي (أبوعلي مسکویه، ½). و لابد اعتبار هذه الحادثة نقطة بدایة المنافسة بین عائلتي ابن الجراح و ابن الفرات حیث صار محمد بن داود کبیر آل الجراح من أنصار خلافة ابن المعتز في الوقت الذي کانت تمیل عائلة ابن الفرات إلی خلافة المقتدر أخي المکتفي و انحازت إلیه (م.ن، 1/3). و بانتصار جناح ابن الفرات و استقرا رالخلافة للمقتدر، عارضها محمد بن داود و طلب المساعدة من الحسین بن حمدان. و تولی ابن المعتز الخلافة أثناء تمرد مفاجئ أدی إلی قتل الوزیر العباس بن الحسن و هروب المقتدر فعیّن محمد بن داود وزیراً (الهمداني، 5) و علي بن عیسی رئیساً للدواوین (أبوعلي مسکویه، 1/6)؛ ولکن غلبة أنصار المقتدر أدی إلی الإطاحة بالمعتز الذي تولی الخلافة یوماً واحداً فاضطر محمد بن داود و علي بن عیسی إلی الهرب. ومع أن علي بن عیسی قد اعتقل بعد ذلک بمدة و جیزة إلا أن وزیر المقتدر الجدید علي بن الفرات الذي کان یربطه بعلي بن عیسی ودّ قدیم دافع لدی الخلیفة عن ابن الجراح و اعتبره بریئاً في حادثة ابن المعتز ثم أرسله إلی واسط (م.ن، 1/8)، ثم رشا سوسن الحاجب کي لایذکر علي بن عیسی عند الخلیفة و ألّا یثیره ضدّه. ثم أمر عامله علی واسط أن یستقبل ابن الجراح و یعامله باحترام و یقوم بخدمته (الصابي، ن.م، 29)؛ ولکن علي بن عیسی و بعد أن وصل إلی واسط استجاز ابن الفرات و ذهب إلی مکة عن طریق البصرة (الهمداني، 6) و اختار الإقامة فیها.
وفي أعقاب الاضطرابات السیاسیة و الاقتصادیة التي سادت أنحاء دولة الخلافة في هذه الأیام عزل ابن الفرات في 299 هـ و تولی أبو علي محمد الخاقاني الوزارة. ولم تمض مدة حتی بان اللعیان ضعف الخاقاني في إدارة الأمور بالإضافة إلی الوشایات التي وصلت الخلیفة ضده (العیون، 4(1)/241) و یبدو أن أنصار ابن الفرات الوزیر المعزول کانت لهم ید في ذلک و جعلوا الخلیفة یفکر فيإقالته و تعیین ابن الفرات من جدید. غیر أن مؤنس الخادم الذي کان رئیساً لشرطة بغداد و الذي کان یبغض ابن الفرات تحدث إلی الخلیفة عن تدیّن علي بن عیسی و أمانته و اقترح علیه أن یولیه الوزارة (الهمداني، 12). فوافق الخلیفة و أمر باحضاره (300هـ/913م). و دخل علي بن عیسی بغداد في أوائل عام 301هـ (ابن الأثیر، 8/68) و تولی الوزارة مباشرة براتب قدره 5,000 دینار شهریاً وضیاع العباسیة التي کانت خاصة بالوزراء (الصابي، ن.م، 306؛ القرطبي، 41). وقام ابن الجراح بإجراءات واسعة في بدایة عمله الجدید لإصلاح الأوضاع الاقتصادیة المتدهورة والتي کان سببها یعود علی الأکثر إلی إسراف المقربین من الخلیفة و الوزیر الأسبق و شیوع الرشوة أیام الوزیر السابق. و بعد أن أصلح أعمال الدواوین (الصابي، ن.ص) ألغی الإقطاعات و الرواتب الزائدة منالجیش و المقربین إلی الخلیفة و أشرف علی عمال جمع الضرائب مباشرة و دعاهم إلی مراعاة العدالة (العیون، 4(1)/253-254). وقد ألغی بعض الضرائب لازائدة کـ «المَکس» في مکة و «التکملة» في فارس و بعض المناطق الأخری و أبوعلي مسکویه، 1/28)، وطلب من عمال المدن أن یرسلوا الأموال التي بذمتهم إلی بغداد (الصابي، ن.ص) و عزل بعض أولئک الذین کانوا یؤذون الناس (القرطبي، ن.ص). کما أنه أرسل جیشاً إلی الحسین بن حمدان الذي رفض إعطاء المال الذي کان بذمته حتی قبض علیه (303هـ) و أرسل إلی بغداد (أبوعلي مسکویه، 1/36-37). وقد أدّت مثل هذه الإجراءات من جهة إلی استیاء الأمراء و معارضتهم لعلي بن عیسی و التحدث عنه بسوء (الهمداني، 13) و من جهة أخری فإن الموالین لابن الفرات الذین لم یروا تجاوباً من الوزیر مع أهدافهم، لم یدّخروا وسعاً في الوشایة به حتی أن بعضهم ذهب إلی الخلیفة و تحدث عن إعادة ابن الفرات إلی تولي الوزارة (أبو علي مسکویه، 1/39-40) و خشي علي بن عیسی العاقبة بعد اطلاعه علی هذه التحرکات فوقف أملاکه و حرر عبیده و أراد الاستقالة من الوزارة، إلا أن المقتدر رفض ذلک ووعده بدعمه (الصابي، ن.م، 307-308). ثم إنه أرسل رسالة إلی السیدة والدة الخلیفة عدم فیها خدماته في إصلاح الشؤون المالیة و الدیوانیة ورواتب الخدم و الحاشیة و الجیش و أوضح فیها عدم ضرورة زیادة رواتب الذین طالبوا بها وأنه کان صامداً في مواقفه و مصراً علیها و کان یتحمل کل عناء من أجل الخلیفة عن طیب خاطر (ن.م، 308-310). و مع کل هذا، فقد تفاقم التآمر ضد الوزیر خلال غیاب مؤنس الذي ذهب إلی المغرب لقمع العلویین (أبو علي مسکویه، 1/44)، و لاسیما الاستیاء الذي کانت تکنه أم موسی القهرمانة، التي کانت من النساء المتنفذات في البلاط، للوزیر والتي کانت تثیر المقتدر ضده لعزله. فألقي القبض علهی في أواخر سنة 304 هـ عندما کان قاصداً قصر الخلیفة و تّم عزله (الصابي، ن.م، 310). وعاد ابن الرات إلی تولي الوزارة ثانیة و بادر إلی حجز أموال حاشیة الوزیر المعزول و عماله و کتّابه و مصادرتها (الهمدانيف 17؛ العیون، 4(1)؟265)، ولکنه و علی الرغم من أن علي بن عیسی کان في قصر المقتدر (القرطبي، 61؛ أبوعلي مسکویه، 1/40) سجیناً (قا: الهمداني، ن.ص، الذي تحدث عن نفیه إلی دیر العاقول)، إلا أنه لم یُذکر شيء عن مصادرة أمواله، و یحتمل أن السبب في ذلک یعود إلی وقفها أو بسبب المیثاق الذي کان قد عقد بین علي بن عیسی و ابن الفرات و المتضمن مساعدة أحدهما للآخر و عدم إلحاق أي ضرر به (الصابي، ن.م، 320). ولکن جفاء الخلیفة و حجزه لعلي بن عیسی لم یستمرا طویلاً، حیث استطاع في 305هـ بسهولة أن یبرئ نفسه من تهمة الاتصال بیوسف بن أبي الساج الذي کان قد أعلن العصیان ضد الخلیفة وقد أدی هذا الأمر إلی عطف الخلیفة علیه و التخفیف من شدة سجنه (القرطبي، 67). و بعد مدة في 306هـ عزل ابن الفرات عن الوزارة الذي کان قد تأخر عن دفع رواتب الجیش بذریعة الحرب ضد یوسف بن أبي الساج لقلة واردات‌الدولة، و تولی الوزارة أبومحمد حامد بن العباس و ذلک باقتراح من أبي القاسم ابن الحواري (أبو علي مسکویه، 1/58). و بروایة أبي علي مسکویه (ن.ص) طلب ابن الحواري أیضاً من الخلیفة إطلاق سراح ابن الجراح و تولیته رئاسة الدواوین. و قد أناط الخلیفة رضاه برضا الوزیر الجدید، ولما أبدی حامد بن العباس ارتیاحه من هذا الاتقراح تمّ تعیین علي بن عیسی رئیساً للدواوین (العیون، 4(1)/277-278). و یقول القرطبي (ص 73-74) إن علي بن عیسی قد اختیر معاوناً لحامد بن العباس بسبب ضعف الأخیر و شیخوخته و إن الخلیفة کان قد کتب رسالة للوزیر الجدید أوضح فیها أ« عزل علي بن عیسی من الوزارة لم یکن بسبب خیانته أو قیامه بعمل یسوء الخلیفة، بل بطلب من علي بن عیسی نفسه.
وتعاظم عمل علي بن عیسی خلال تولیه رئاسة الدواوین بسرعة و بدأ یستقل في إدارة الأمور و لم یبق لحامد بن العباس شیئاً من الوزارظ سوی الاسم (أبوعلي مسکویه، 1/59)، حتی أن الخلیفة کان یتشاور مع علي ابن عیسی بحضور الوزیر نفسه (العیون، 4(1)/279). ولعل الذین قالوا إن ابن الجراح قد تولی الوزارة 3 مرات (ابن الندیم، 542)، قد عدوا هذه الأیام ضمن فترة وزارته. و بادر حامد بن العباس کردّ فعل منه إزاء تسلط  علي بن عیسی، علی إقطاع خراج الولایات و ضیاع الخاصة و العامة في العراق و إیران (العیون، ن. ص) و کان یظهر للخلیفة أنه أضاف شیئاً لمیزانیة‌الدولة (ابن الأثیر، 8/116)، إلّا أن اضطرابات بغداد الکبری في 307هـ (ن. ص؛ أبوعلي مسکویه، 1/73-75) و علی روایة أخری في 308هـ (العیون، 4(1)/291) أو في 309هـ (القرطبي، 85) جرّاء الغلاء و شحة المواد الغذائیة واحتکار حامد بن العباس وأمراء الحکومة للحبوب (ابن الأثیر، 8/117) أدت إلی زیادة أسباب تدنّي مکانة الوزیر ولهذا طلب من الخلیفة أن یفسخ الإقطاعات التي قام بها و یسمح له بالذهاب إلی واسط و یستقیل من الوزارة، فواق الخلیفة علی الاقتراحین الأولین ولکنه رفض استقالته (القرطبي، ن.ص) وأناط مهمة الإشراف علی الخراج و الضیاع بابن الجراح کما کتب الوزیر إلی عماله أن یسلموا وظائفهم إلی عمال ابن الجراح (أبوعلي مسکویه، 1/75).
 

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: