الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الإبداع /

فهرس الموضوعات

الإبداع


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/29 ۱۳:۴۹:۴۳ تاریخ تألیف المقالة

اَلإبداع، مصدر علی وزن إفعال من فعل «بَدَع» بمعنی الخلق الأول أو المطلق لاعلی مثال (ابن منظور). وقد ردت هذه المادة مرّتین في القرآن بشکل «بدیع» بمعنی مُبدِع، ومرّة علی شکل «ابتدعوا» بمعنی أوجدوه من أنفسهم: … بدیع السموات والأرض … (البقرة / 2/ 117، الأنعام / 6/101)، … ورهبانیة ابتدعوها … (الحدید / 57/27). ففي الحالتین الأولیین وردت «بدیع» بمعنی خالق، أما کلمة «الخلق» فقد وردت في القرآن بصیغها المختلفة لتؤدي معنی الإیجاد ومنح الوجود علی الإغلب، کما قد تفید مادة فطر في بعض المواضع هذا المعنی أیضاً: … فاطر السموات والأرض (الأنعام/ 6/14 وغیرها)، ولاشک في أن هناک اختلافاً في الوحي الإلهي بین الخلق الأول، واستمرار الوجود، وإعادة الوجود:… إنه یبدؤا الخلق ثم یعیده… (یونس/ 10/4، وأیضاً 34).
أما کلمة «الإبداع» باعتبارها اصطلاحاً فلسفیاً فقد استعملها الفلاسفة المسلمون عامة، ولاسیّما الشیعة، وعلی الأکثر الإسماعیلیة والمفکّرون من أمثالهم، و کان أقل استعمالاً لها أهل الکلام ولاسیّما المعتزلة الذین کانوا یستفیدون علی الأکثر من اصطلاحات، الخلق والإیجاد والتکوین (الأشعري، 363، 365). وکذلک لاتبدو کلمة «الإبداع» في کتابات الأشاعرة، الألی. فالأشعري نفسه لم یتطرّق البتة إلی کلمتي الإبداع أو المُّدع في مسألة إثبات وجود الباري تعالی. ولکن کلمة الإبداع ومشتقاتها ما لبثت أن دخلت في الفترات التالیة في آثار هذه النحلة، فعبد الکریم الشهرستاني یقول مثلاً في أهم آثاره الکلامیة، نهایة الاقدام في علم الکلام: «إن مذهب أهل الحق بین جمیع الشعوب أن العالم محدث و مخلوق، والله تعالی أحدثه وأبدعه [أي] کان الله تعالی و لم یکن معه شيء. وکانت جماعة من أساطین الحکمة وقدماء الفلاسفة توافقه في هذه العقیدة (ص 5). ویقول في موضع آخرمن هذا الکتاب: «لیس قبل العالَم إلّا موجده و مبدعه بقبلیّة الإیجاد والإبداع، لاقبلیّة الإیجاب بالذات و قبلیّة الزمان. کما لیس فوق العالم إلا مبدعه فوقیة الإبداع والتصرف، لافوقیّة الذات ولافوقیّة المکان (ص 53).
ونجد من ناحیة أخری أن أول مصدر وردت فیه کلمة الإبداع هي أحادیث أئمة الشیعة (ع)، ومنها حدیث للإمام علی بن موسی الرضا (ع)، یتعلّق بمسألة الخلق، و یلقي بعض الضوءعلی مفاهیم کلمتي الصنع و البدیع القرآنیتین، حیث یقول: «إنّ معنی الإبداع والمشیئة و الإرادة واحد بأسماء ثلاثة، وأول إبداعه و إرادته و مشیئته الحروف، والتي هي أصل کل شيء ودلیل کل مُدرَک … ثم جعل الحروف بعد إحصائها وإحکام عدتها فعلاً منه، کقوله عزّ و جلّ: کن فیکون: و «کن» منه صُنع. عف الخلق الأول من الله عزّ وجلّ الإبداع لاوزن له و لاحرکة ولاسمعو ولالون ولاحسّ» (ابن بابویه، 435، 436). ومن المصادر الأولی التي استعملت فیها کلمة الإبداع، ماینسب إلی جابربن حیان، و یقال إنه کان تلمیذاً للإمام جعفر الصادق (ع)، فهو یشرح في أحد کتبه نظریة الکُمون والإبداع فیقول: «لایخلو من أن یکون تجنّسٌ من ظهور بعض الأشیاء من بعض کالجنین من النطفة، والشجرة من الحبة، والکم من الکم، والکیف من الکیف، ومابعد ذلک من أن یکون عن کُمون بعض في بعض، کقول المنانیة، أو عن استحالة وإبداع ثانٍ عن لیس.و هو قول أهل الإبداع عن لیس» (ص 299). ثم یضیف قائلاً: «إن ظهور بعض الأجساد عن بعض لایمکن أن یکون عن کُمون بعضها في بعض البتة. ومالم یمکن فهو ممتنع. وإن کان ذلک لعلّة غیر الکمون، فلم یبق إلا أن یکون القول کما قال أهل الإبداع…، فأما الذي یقول فیه أهل الإبداع فهم القائلون بالتوحید والمبطلون قول المنانیة وغیرهم ممّن قال بقولهم في کُمون بعض الأشیاء في بعض» (ص 300-301).
وکل ماتشیر إلیه مصادرنا أن کلمات الإبداع والابتداع والمُبدع والمُبدَع استعملت باعتبارها عبارات فنیّة و صارت متداولة في لغة الفلاسفة واصطلاحهم. منذ ترجم عبدالمسیح بن عبدالله بن ناعمة الحمصي (حيّ 220/835) کتاب اثولوجیا أو (في الربوبیة) الشهیر والمنسوب إلی أرسطو من السریانیة إلی العربیة، واستعمل فیه کلمات الإبداع ومشتقاتها مراراً. وإذا ما قارنّا بین بعض فقرات و جمل هذا الکتاب وبین نصوص التساعات (التاسوعات) الیونانیة وجدنا أن المترجم السریاني أولاً ومن ثم ابن ناعمة استعملا کلمة الإبداع مقابل الکلمة الیونانیة hè génnèsis (= التکوین، الخلق). وکلمة مبدع مقابل ho gennètés أو to gennèsan (= المکوِّن، الخالق)، وکلمة مُبدَع مقابل الکلمة الیونانیة to génnoménon (= المکوَّن، المخلوق) (ظ: پلوتینوس، V, 2, 1, V, 3, 16 أرسطو، «أثولوجیا» 134-136، مخـ).
 کما استعملت کلمة فاعل أیضاً مقابل to poièsan التي هي بمعنی الصانع (ن. م، 177). وهناک مصدر آخر ترجم من الیونانیة أیضاً هو کتاب الایضاح في الخیر المحض (أو کتاب العلل)، ینسب إلی بروکلوس (بُرُقلُس، 410-485م) وهو فیلسوف شهیر آخر من الأفلاطونیة الحدیثة. و هذا الکتاب مجموعة تشتمل علی 31 باباً من منتخبات متفرقة تعود إلی کتاب أصلي یدعی «عناصر الالهیات» لبروکلوس، وربّما جمعه أحد تلامذته أو المنتسبین إلی مدرسته الأفلاطونیة الحدیثة، ثم نسبه إلی بروکلوس. وهناک احتمال قوي أن اسحق بن حُنین (تـ 289/902) أو أبا علي عیسی بن زرعة (تـ 398/1008) ترجمه فیما بعد إلی العربیة. وقد وردت في هذا أیضاً کلمتا الإبداع والمُبتَدَع مقابل نفس الکلمتین الیونانیتین اللتین ذکرتا آنفا (ص 4-33؛ وأیضاً ظ: بدوي، 1-30).
وعلی هذا یمکن القول إن کلمة الإبداع استعملت اصطلاحاً فلسفیاً منذ القرنین 3 و 4/9 و 10، وأصبحت أفضل وسیلة للتعبیر عن «الإیجاد عن لیس» لدی الفلاسفة والعلماء المسلمین ولاسیّما الإسماعیلیة والذین وضعوا أسس العرفان النظري. «والإیجاد عن لیس، اصطلاح فلسفي عند بعض المدارس الیونانیة والفلاسفة السکولاسیّین في القرون الوسطی. أما أهل الکلام ولاسیّما الأشاعرة فقد تجنّبوا استعمالها و کانوا یستفیدون من کلمتی الإیجاد والخلق بدلاً منها، والإبداع بمعناه الدقیق هو قدرة الله الخاصة. ولها صلة لاتنفصم مع صفات الخالق الذاتیة کالمشیئة والإرادة. وبناء علی هذا فإن الله کما یقول بابا أفضل الکاشاني «هو خالق و مؤحد» الموجودات (ص 332).
إلا أن الفلاسفة المسلمین کانوا یفرقون منذ البدء بین معنی الإبداع والإیجاد. یقول یعقوب بن اسحق الکندي (حي ح 180-259/796-873) – وهو أول فیلسوف مسلم – في تعریف الإبداع: «الإبداع إظهار الشيء عن لیس» و یقول في موضع آخر «إن الفعل الحقّي الأول تأییس الأیسات عن لیس و هذا الفعل بیّن أنه خاصة لله تعالی الذي هو غایة کل علّة، فإن تأییس الأیسات عن لیس، لیس لغیره، و هذا الفعل هو المخصوص باسم الإبداع» (ص، 165، 182، 183). و هنا من الضروري للإیضاح الإشارة إلی أن معنی کلمة «أیس» في العربیة القدیمة، موجود أو حالة الوجود، و أن «لیس» مرکّبة من «لا» و «أیس» بمعنی «العدم» و «المعدوم و «غیرموجود» و بناء علی‌هذا صاغ الکندي فعل تأییس علی وزن تفعیل من کلمة أیس. و یمکن أن نجد أساس تعبیره هذا عند مترجم مابعدالطبیعة (متافیزیک) لأرسطو. فقد کان معاصراً للکندي، و ذکر في المصادر العربیة باسم أُسطاث، و یبدو أنه معرب من اسم یوستاثیوس الیوناني، و معلوماتنا عن حیاته و شخصیّته العلمیة یسیرة جداً. و کل ما نعرفه أن الکندي شجّعه فترجم له بحوثاً من کتاب ما بعدالطبیعة لأرسطو إلی العربیة. و قد أطلق علی ترجمته في المصادر العربیة المعتبرة اسم کتاب الحروف لأن کل قسم من أقسامه الأربعة عشر یقع تحت اسم أحد حروف الیونانیین (ابن الندیم، 251). و انتخب أسطاث في ترجمة مقالات من مابعد الطبیعة الکلمة العربیة أَیس مقابل الکلمة الیونانیة to ésti (= الوجود)، و کلمة آنیّة أیضاً مقابل to einai (= الوجود) والتي هي في الحقیقة معرّبة منها. و نحن نجد حتی کلمة أیسیة أیضاً في ترجمة مابعد الطبیعة مقابل الکلمة الیونانیة to einai والتي أخذها الکندي من هناک أیضاً و استعملها (ظ: ابن رشد، تفسیر …، 1/13، 3/1034، الهامش؛ ارسطو، متافیزیک، 266، 267، نصه الیوناني: الکتاب الثامن (اِتا)، الفصل الثاني، 1042b27, 1042b24؛ الکندي، 113، 123، 124). کما وضع أُسطات «انّه لیس» مقابل الکلمة الیونانیة ti mé einai (- العدم) و «الذي لیس هو» مقابل الکلمة  (= غیرموجود) ظ: ابن رشد، ن.م، 1/422، 2/737؛ قا: أرسطو، ن.م، 112، 201، و نصّه الیوناني: الکتاب الرابع، الفصل الخامس، 1010 a 17، الکتاب السادس، الفصل الثالث، 1027 b 29). أما یحیی (یوحنا) بن بطریق (تـ ح 200/815) فقد استعمل في ترجمة کتاب السماء لأرسطو کلمة أیس مقابل einai (= الوجود) و لیس مقابل mé einai (= العدم) (ظ: أرسطو، السماء والآثار العلویة، 217، 219، مخـ، و نصّه الیوناني، الکتاب الأول، الفصل 12، 283 a 28, 283 a 29). و هکذا نجد منذ تلک الفترة وما بعدها کلمة أیس عند الکندي و الفارابي و ابن سینا، و مؤلفي الآثار الفلسفیة الأخری و لاسیّما الإسماعیلیة منهم.
ولإِجراء دراسة مختصرة عن الإبداع تاریخیاً لابدّ من النظر إلی معناه و تعریفه لدی الفلاسفة و العلماء المسلمین الاخرین: یقول الفارابي في أحد کتبه: «الإبداع هو حفظ ادامة وجود الشيء الذي لیس له وجود لذاته، ادامة لاتتصل بشيء من العلل غیر ذات المبدِع» («العیون»، 56)، ویقول في کتاب آخر عن الله تعالی «فیکون علّة علی أنه مبدِع، والإبداع هو إدامة تأییس ما هو بذاته لیس، ادامة لایتعلق بعلة غیرذات المُبدِع» (الدعاوي، 4). ثم نلاحظ بعده أبحاثاً عن معنی «الإِبداع» عند ابن سینا، و الاختلاف بینهما أن الأخیر یفرّق بین معاني الإِبداع والتکوین والإحداث، و یخصّص في الإشارات فصلاً مختصراً لهذا الموضوع فیقول: «الإبداع هو أن یکون من الشيء وجود لغیره، متعلّق به فقط دون متوسط من مادة أو آلة أو زمان، و ما یتقدّمه عدم زماني، لم یستغن عن متوسط. و الإبداع أعلی مرتبة من التکوین والإحداث» (ص 95). ویضیف الخواجة نصیرالدین الطوسي في شرحه لقول ابن سینا: «التکوین هو أن یکون من الشيء وجود مادي، والإحداث هو أن یکون من الشيء وجود زماني … فإذن التکوین والإحداث مرتّان علی الإِبداع، و هو أقرب منهما إلی العلّة الأولی فهو أعلی مرتبة منهما» (ن م، 95-96). أمّا ابن سینا فیبیّن الفرق بین المُبدَع والمُحدَث في کتاب آخر قائلاً: «الأشیاء التي لایسبق وجودها عدم هي المبدعات، والتي یسبق وجودها عدم هي المحدَثات. وکلّ شيء لا تعلق له بمادة فلایصح أن یسبقه عدم» (التعلیقات، 176). وله معنی آخر للمُبدَع والإبداع أیضاً بتأثیر اتجاهه الأفلاطوني الحدیث المباشر حیث یقول: «المُبدَع علی الإطلاق هو الذي و جوده من شيء آخر و له من نفسه أن لایکون له وجود، ثم لیس یتوسط مادة قدّر فیها وجود ذلک، والمبدع علی الوجه المخصص هو الذي مثل هذا الوجود له عند المبدأ من غیر توسط واسطة أصلاً بوجه من الوجوده، ویکون وجوده هذا من الموجد له … و الإبداع نسبة المبدع إلی المبدّع من حیث هذا الوجد» («شرح علی أثولوجیا»، 59-60). ویؤکد هذا التعریف بوضوح «الإیجاد عن لیس» ویذکّر بمضمون الروایة «کانَ اللّهُ وَلَم یَکُن مَعَه شيء» وکذلک ینقل قسماً من أثولوجیا حول ذلک: «أما الحق الأول فکلّ ما یوجد عنه فهو معلوم له أنه یوجد عنه و یتبع وجوده وجوده، و یصیر به إمکانه و جوباً .. بل وجوده وجود یفیض عنه کلّ وجود علی ترتیبه و علی ما یعلم هو من الأصلح في وجود کلّ شيء و الأصلح لنظام الکلّ الذي نعلم أن فیضانه عن ذاته … وأن أحسن ما یمکن علیه أن یکون کذا فیصیر المعقول عنده» (ن. م، 62). ویضیف ابن سینا قائلاً: و هذا المعنی یسمّی «انبجاساً» من حیث اعتبار جانب الموجودات عن «الأول» و یسمی «ابداعاً» من حیث نسبة الأول إلیها (ن. ص؛ قا: «اثولوجیا»، 134).
وهنا یبدو بوضوح اللون الأفلاطوني الحدیث في أفکار ابن سینا الفلسفیة. الکتاب الآخر الذي یبادر فیه ابن سینا إلی البحث حول معنی الإبداع هو کتاب الشفاء، حیث یقول: «فإذا کان شيء من الأشیاء لذاته سبباً لوجود شيء آخر دائماً، کان سبباً له دائماً مادامت ذاته موجودة، فإن کان دائم الوجود کان معلوله دائم الجود، فیکون مثل هذا من العلل أولی بالعلّیة، لأنه یمنع مطلق العدم للشيء، فهو الذي یعطي الوجود التام للشيء، فهذا هو المعنی الذي یسمّی إبداعاً عند الحکماء. وهو تأییس الشيء بعد «لیس» مطلق فإن للمعلول في نفسه أن یکون «لیس» ویکون له عن علّته أن یکون «أَیس» … فإن کان وجوده بعد لیس مطلق کان صدوره عن العلّة. و کان ذلک الصدور إبداعاً. ویکون أفضل أنحاء إعطاء الوجود، لأن العدم یکون قد منع البتة، و سلّط علیه الوجود» (الالهیات، 1/266، 267).
والمصدر الآخر الذي یطرح فیه ابن سینا مسألة الإبداع ثانیة ویدرسها هو کتاب المبدأ و المعاد. فیسمّي أولاً الخالق والإله أو واجب الوجود «فاعل الکل» بناء علی أساس علم الوجود و معرفة العالم المشائیة – الأفلاطونیة الحدیثة الخاصة به، ولکنه لایعتبر هذا الاصطلاح کافیاً لله تعالی فیقول: «فإنا حینئذ لانسمّي نسبة الأول تعالی إلی الکل فعلاً، بل نطلب له اسماً زائداً علی هذا، دالاً علی معنی أجل من الفعل … وهذا الاسم هو الإبداع، فإن الحکماء اصطلحوا علی تسمیة النسبة التي تکون إلی الکل إبداعاً، والإبداع عند العامة بمعنی آخر، وهو الاختراع الجدید لاعن مادة، وأما الحکماء فیعنون بالإبداع إدامة تأییس ماهو باذته «لیس» إدامة لاتتعلّق بعلّة غیر ذات الأول، لامادة ولاآلة ولامعنی ولا واسطة. وظاهر أنّ هذا المعنی أجل من الفعل» (ص 76-77).
ومن ناحیة أخری فقد استعملت کلمات الإبداع والاختراع والفیض فیما کتبه إخوان الصفا الذین ثبت اتصالهم الفکري والعقائدي ببعض الجماعات والاتجاهات الإسماعیلیة. والذین دوّنوا رسائلهم الشهیرة بین عامي 350 و 375/961 و 985، فقد قیل في أحد المواضع مثلاً: «:ذلک العقل، أول موجود أبدعه الباري جلّ و علا و اخترعه» (3/203). وجاء في موضع آخر: «اعلم یا أخي… أن الله جلّ ثناؤه لمّا أبدع الموجودات واخترع المخلوقات…» (3/201). ونری في موضع آخر أیضاً: «وأما الباري تعالی فهو مبدع الجمیع و خالق الکُلّ» (3/198). ولکن یبدو أنهم کانوا یفضّلون کلمة فیض علی الإبداع خلافاً للکتّاب الإسماعیلیین الذین عاصروهم أو جاؤوا بعدهم، و یرجّح أنه من تأثیر الاتجاهات الفلسفیة الافلاطونیة الحدیثة: «فإذن یواجب الحکمة أفاض الجود و الفضائل منه، کما یفیض من عین الشمس النور والضیاء، ودام ذلک الفیض منه متّصلاً متواتراً غیرمنقطع، فیسمّی أول ذلک الفیض العقل الفعّال… وفاض من العقل الفعّال فیض آخر … وهي النفس الکلّیة… وفاض من النفس أیضاً فیض آخر … یسمّی الهیولی الأولی … ووقف الفیض عند وجود الجسم، ولم یفض منه جوهر آخر» (3/196-197). وجاء في موضع آخر أیضاً: «اعلم أن علّ جود العقل هو وجود الباري عزّوجلّ وفیضه الذي فاض منه. و علة بقاء العقل هو إمداد الباري عزّوجلّ له بالوجود والفیض الذي فاض أولاً» (3/185). وبناء علی‌هذا یمکن القول إن إخوان الصفا، یقصدون «الفیض» في کل موضع یستعملون فیه کلمة «الإبداع»، والتي لاعلاقة لها بکلمة الإبداع لدی الکتّاب الإسماعیلیین.
 

الصفحة 1 من3

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: