أبخاز
cgietitle
1442/12/29 ۱۰:۴۰:۵۵
https://cgie.org.ir/ar/article/232140
1446/4/8 ۰۱:۴۴:۰۶
نشرت
2
أَبخاز، أو أبخازیة، منطقة في الشمال الغربي من القفقاس وعلی الساحل الشرقي من البحر الأسود. یطلق علیها الیوم اسم جمهوریة أبخاز ذات الحکم الذاتي، تبلغ مساحتها 8,600 کم2، (آکینر، 222) أو8,700 کم2 («سکان القفقاس»، II/373) و عدد سکانها 521,000 نسمة (إحصاء 1984م)، و یعیش في کل کم2 حوالي 60 نسمة وهذه الجمهوریة جزء من جمهوریة جیورجیا، وتشتمل هذه الجمهوریة التي تمتد من منطقة غاغرا، في الشمال إلی مصب نهر اینغوري في الجنوب علی مناطق من مرتفعات سلسلة جبال القفقاس حتی سواحل البحر الأسود. عاصمة هذه الجمهوریة سوخوم (وباللهجة المحلیة: سوخومي) وتقع علی ساحل البحر الأسود، ویبلغ عدد سکانها 124,000 (إحصاء 1984م) (آکینر، ن. ص).وقد ورد اسم أبخاز في اللغة المحلیة واللغة الروسیة بشکل أبخازیا (م. ن، 221)؛ «سکان القفقاس»، ن. ص). وفي الکتابات الفارسیة والعربیة بشکل أبخازیة. کما ورد هذا الاسم أحیاناً بشکل أبخازستان (TA, 1/74). وکان سکان شبه جزیرة الأناضول یطلقون علی قوم الأبخاز اسم آبازا5 (ن. م، I/14). وقد ورد في المصادر الآشوریة وغیرها من مصادر العصور القدیمة و منها الیونانیة ذکر لأجداد أهالي أبخازیة الذین کانوا یقطنون سواحل البحر الأسود في القفقاس یطلقون علی أنفسهم اسم آپسوا. وورد اسم ابخاز في کتب المؤرخین القدماء و منهم آریان وپلینیوس بشکل آباسکوي و أباسغي (بارتولد، II(I)/861). وذکرها بروکوپیوس مؤرخ القرن 6م بشکل أباسغي (II/533). وورد هذا الاسم في کتب مؤرخي وجغرافیي القرون الاسلامیة الأولی بأشکال مختلفة، فجاءت بشکل أبخاز في کتب ابن خرداذبه (ص 123) والاصطخري (ص 187) والمسعودي (1/226) و یاقوت (1/78، 858، 2/58)، وأبخز عند الطبري (2/101) و أبخاس عند أبي الفداء (ص 374). وذکرها ابن حوقل (2/348) بالصورتین اللایجان والأبخاز، ووردت في أحسن التقاسیم بشکل الأبخان، و یحتمل أنها من خطأ الناسخ (المقدسي، 374). وأوردها ابن رسته بشکل «لوغر» (ص139). ویعتقد مارکوارت أن لوغر تحریف لـ «أوغَز» و «أَوغَزیَة» وهي في الواقع نفس أبخاز و أبخازیة (ص 176). وذکر البلاذري هذا الاسم بشکل أفخاز و أفخاد (ص 197). وأشار أبو الفداء إلی وجود مدینة باسم أبخاس (أبخاز) بالإضافة إلی قوم و منطقة بهذا الاسم وقال «وهي مدینة في جبل علی شط بحر القِرِم (البحر الأسود) وفي جون داخل في البحر و هي شرقي سوخوم بمیلة إلی الشمال» (ص 388).تمتاز أبخاز بطبیعة متنوعة ومتباینة، وفي مناطقها الساحلیة انقطاعات یسیرة. وهي مختلفة و غیر متساویة العرض. و تمتد سلاسل الجبال ي بعض المناطق إلی البحر، وفي المناطق الأخری سهول واسعة، تغطّیها غابات کثیرة وکثیفة وتجري فیها أنهار غزیرة. وتمتد علی طول حدودها الشمالیة جبال القفقاس الشاهقة، تضفي قللها جمالاً علی المدینة. وأعلی قمم جبال القفقاس في هذه المنطقة قمة دومبای – اولغن الشهیرة التي ترتفع 4,046 متراً عن سطح البحر. ومن سلاسل هذه الجبال: غاغرا و بزیب و أبخاز و کودور. ومن قممها الرئیسة في هذه المنطقة کلوخور التي ترتفع 2,781 و ماروخ وارتفاعها 2,739 متراً ویمتد سهل کُلخید (لازیکا) الواسع من سفوح الجبال إلی سواحل البحر، وهو أکثر رطوبة من المناطق الجبلیة. ویبلغ معدل درجة حرارة المنطقة في الشتاء بین 4° إلی 7° وفي الجبال من 2° الی - 2°، و في الصیف من 22° الی 24° وفي المنطقة الجبلیة من 16° إلی 18°م. کما یبلغ معدل هطول الأمطار في السهول بین 1,300 إلی 1,500 ملم، وفي المناطق الجبلیة بین 2,000 إلی 2,400 ملم. وتصب أنهار أبخازیة في حوض البحر الأسود، وأکبرها کودوري وبزیب وکلاسوري وغومیستا. وتقع بحیرتا ریتسا و آمتکل في المنطقة الجبلیة وتعتبر ریتسا من أجمل البحیرات الجبلیة في العالم، وتسمی لؤلؤة القفقاس. وفي منطقة أبخاز التي تغطي الغابات أکثر من 55% منها، یوجد أکثر من 2,000 نوع من النباتات یمکن تقسیمها إلی عدة فصائل: 1. نباتات المناطق الساحلیة الرملیة الضیّقة؛ 2. نباتات المناطق الغابیة السهلیة؛ 3. نباتات المناطق الجبلیة التي تشتمل علی مناطق ترتفع بین 1500 إلی 2,100 متراً (BSE2, I/46-47; BSE3, I/41). وتغطي المناطق الساحلیة بساتین الحمضیات والفواکه والکروم ومزارع الشاي والتبغ وغیرها. ویوجد في منطقة بیتسوندا التي تنتهي برأسٍ بهذا الاسم غابة عظیمة من أشجار الصنوبر ذات الشهرة العالمیة (BSE3 ن. ص). وفي غابات أبخازیة أنواع من الحیوانات کالدببة والخنازیر البریة والقطط الوحشیة والغزلان والتیوس الجبلیة وبنات آوی. وفي أنهارها وبحیراتها أنواع من الأسماک منها السلمون والسلمون المرقّط والشبوط والفَرخ وغیرها.ویعود وجود الانسان في أراضي أبخازیة إلی أوائل العصر الحجري القدیم (منتصف الألف الثالث والألف الثاني ق. م). وقد کشفت الآثار التي عثر علیها في محطة یاشتوخا بالقر من میناءسوخوم عن إحدی أقدم النقاط التي عاش فیها الانسان في العصر الحجري القدیم. ویبدوبوضوح وجود آثار لحیاة الانسان في العصر الحجري الحدیث في منطقة کیستریک المأهولة بالسکان والواقعة بالقرب من غودائوتا. وربما کانت اللّوحة الحجریة لـ تیغلات پیلسر (پالاسر) الأول، ملک آشور الذي عاش في القرن 11 ق.م أقدم مصدر تاریخی مدوّن عن اقوام أبخازیة القدیمة. وقد ورد في هذه اللوحة ذکر لقوم أبشلا. ویعتقد بعض الباحثین أن أبشلاهم قوم ابسیلي أو (أبشیلي) الذین کانوا من الأقوام الأولی والأصلیة في أبخاز. وتؤید دراسة المعلومات المذکورة أن ظهور الشخصیة القومیة أدی في أواخر الألف الأول ق. م إلی اتحاد قومی ابازغ وأبسیل في أبخازیة. وکان یعیش الأول في الشمال والثاني في الجنوب علی امتداد نهر کوراکس (نهر کودوري الجالي). و في أواخر الألف الأول ق. م أصبحت أقوام أبخازیة تابعة لدولة کُلخید («سکّان القفقاس»، II/373-374). وقد ذکرت منطقة کولخ ( کُلخ) مراراً في لوحات أورارتو الحجریة. وکان یطلق علیها باللغة الجیورجیة اسم کُلیخدا (آروتونیان، 251). وبدأت تظهر بشائر زوال المجتمع البدائي في هذه المنطقة من القرنین 7 و 6 ق.م، وظهرت منذ القرنین 6 و 5 ق.م المستعمرات الیونانیة في أبخازیة وأنشئت المدینتان المستقلتان پِیتِی أونت (اسمها الحالي پیتسوندا) ودیوسکوریا (في موضع سوخوم الحالیة) (سکان القفقاس، II/374). وذکر هیرودوت أن منطقتي کُلخید ومیدیا متقاربتان، وأن المسافة بینهما لاتزید عن مسیر 30 یوماً، وتقع بینهما منطقة قوم ساسبیري («مؤرخو الیونان»، 66).کانت الأقوام المحلیة في أبخازیة تمارس في العصور القدیمة تربیة المواشي والزراعة والقنص وصید الأسماک، ویبیعون الجلود والأغنام والصوف والحبب والکتّان والخشب والأسماک، ویتلقّون بدلاً عنها القماش والأسلحة وأدوات الزینة. وفي أواسط القرن 2 ق.م أصبحت أبخازیة تابعة لدولة بونتوس (بنطس) التي کان یحکمها مهرداد السادس (میتریدات اوپاتور). ومنذ ذلک التاریخ تعرّضت مدنها المستقلة للأزمات وبدأ بالانحطاط شیئاً فشیئاً إلی أن آلت إلی الزوال في القرن 4م. ومنذ أواخر القرن الأول المیلادي توغل الرومان في أبخازیة وأخضعوها لامبراطوریتهم. ثم أخذ هذا الارتباط یضعف خلال القرنین 3 و 4م. وتغّلت دولة الروم الشرقیة (بیزنطة) تدریجیاً في أبخازیة خلال القرنین 4-6م. وکان الرومان یحملون من أبخازیة التي کانت تعتبر کما ذکر مؤرخوهم جزءاً من بلاد لازیکا، الجلود والرقیق إلی القسطنطینیة ویعاملون الأهالي بقسوة وکبریاء (بروکوبیوس، II(15)/387). وفي النصف الأول من القرن 6م بسط امبراطور الروم یوستینوس سلطانه علی الأبخازیین وأدخلهم فيالدین المسیحي (کائوختشیشڤیلی I/64) وأصبح منذ 523مالدین الرسمي لأهالي أبخازیة (آکینر، 221؛ وأیضاً ظ: بروکوبیوس، II(28)/523). وکان من الأعما لالسیئة والمشینة التي تمارسها امبراطوریة الروم الشرقیة في أبخازیة خصي الغلمان. وقد أورد أحد المؤرخین القدماء في جیورجیا قائلاً: کان عدد کبیر من الأبخازیین یخدمون في قصر الامبراطور، وکانوا یدعون کالعادة بالخصیان والمرد (کائوختشیشڤیلي، ن. ص). وکانت أبخازیة کغیرها من مناطق القفقاس موضع نزاع بین دولتي الروم الشرقیة وایران الساسانیة. وقد دفع ضغط الروم أهالي لازیکا وأبخازیة للّجوء أحیاناً إلی الملوک الساسانیین، ففي عهد یوستینوس بلغ ضغط الضباط الروم الشدید حداً دعا الأهالي إلی إرسال مندوبین سرّاً إلی بلاط کسر انوشیروان وأبدوا ندمهم من صلتهم بالرومان، حیث یعتبر هذا ذا أهمیة من الناحیة التاریخیة والعلاقات بین أهالي أبخازیة ودولة ایران. وقد نوّه بروکوبیوس في حدیثه عن شکوی مندوبيلازي لأنوشیروان قائلاً إن السفراء المذکورین توجّهوا سرّاً إلی ایران وحظوا بمقابلة کسری وقالوا له: أیها الملک إذا کان هناک قوم أشاحوا بوجوهم لفرط جهلهم عن أصدقائهم، والتحقوا بالأجانب، ثم وقفوا بعد فترة علی خطئهم وتوجّهوا بمنتهی الشوق والسرور إلی أصحابهم الأقدمین، فاعلم أن هؤلاء القوم هم أنالي لازي، ذلک أن أهالي کُلخید کانوا من قبل أصدقاء الایرانیین و حلفائهم، وقدّموا لهم خدمات کبیرة، لاتزال تفاصیلها في کتب التاریخ، ولایزال بعض هذه الکتب محفوظة عندنا الآن وبعضها الآخر في خزانة ایران الملکیة. ولکن لسوء الحظ قطع أسلافنا صلاتهم مع الایرانیین والتحقوا بالرومان لجهلهم أو لأسباب أخری نجهلها. والآن جئنا نحن و ملک لازیکا لإیداع أنفسنا وبلدنا بین یدیک لتعاملنا کیفما تشاء… فإذا بدا لک إنّنا کنّا في الظاهر أصدقاء للروم و في الباطن عبیداً لهم، وإننا تحمّلنا حتی الیوم من ظلمهم وجورهم مالاطاقة لنا به فانجدنا واقبل عبودیة أولئک الذین کانوا لک من قبلُ الأصدقاء المخلصین، واقطع دابر هذا الظلم و الفساد من أرضنا، حیث أن بسط العدالة یعتبر من سنن الایرانیین القدیمة (II(15)/389-395). ویشیر الطبري إلی هجوم قام به الأبخازیون علی ایران، وذکر أن أقوام بَنجَر وبَلَنجَر وآلان اتحدوا في هذا الهجوم فتجّهوا إلی أرمینیة لیغیروا علی أهلها. فسیّر أنوشیروان جیشاً لقتالهم فلم یبق منهم سوی 10,000 شخص وقعوا في الأسر، وأقاموا في آذربایجان وضواحیها (2/100). واعتب رنولدکه قوم بنجر من المجهولین لایعرف عنهم شيء (ص 308). إلّا أن آرتامونون مؤلف «تاریخ الخزر» ذکر أن هؤلاء القوم کانوا یسکنون علی ساحل بحر الخزر وأبدی شکّه فیما أورده الطبري وقال: لقد ذکر الطبري أن الأبخاز من الأقوام التي خضعت لأنوشیروان، ولکن یبدو عدم صحة هذا، ذلک أن الأبخازیین المقیمین علی ساحل البحر الأسود لم یکن في إمکانهم أن یتعاونوا مع الأقوام المقیمة علس سواحل بحر الخزر و منهم قوما بَنجَر وبَلَنجَر (ص 126). ورغم طلب أهالي لازیکا من أنوشیروان، إلا أنهم کانوا کما یبدو یلتزمون جانب الرومان علی الأغلب. ففي 624م بادر الایبریون واللازیون والأبخازیون إلی نجدة الرومان عندما کان الجیش الایراني یستعد لقتال هرقل (هراکلیوس) (م. ن، 144). ویبدو أن الأبخازیین توجّهوا نحو إمبراطوریة الروم الشرقیة بعد أنوشیروان وابنه هرمز الرابع، فقد ورد في أحد المصادر الأرمنیة في القرن 4/10 بعنوان «تاریخ لکاتب مجهول» ویبدو أن شخصاً ألّفه باسم متسعار هو شاپوخ شاپوخ باغراتوني قائلاً: بعد أن فرغ امبراطور بیزنطة موریکیوس (موریق، موریس) من الحرب في شرق أرمینیة احتل آلوان (ألبانیا القفقاس = أرّان) و أبخاز (ص 50). ثم یشیر المؤلف من خلال حدیثه عن الأعمال التي قام بها هرقل إلی أن ضم أراضي أرمنیة الکبری و أبخاز إلی بلاده (ص 52). وفي خلال القرون 6 إلی 8 م تصدی أهالي أبخازیة لنفوذ دولة روما الشرقیة ثم للعرب. وأدّی صراعهم هذا إلی تقارب الأبسیلیین والأباسغیین واتحادهم. وقد لعب الأباسغیون دوراً مهماً في هذا السبیل.ومنذ النصف الثاني للقرن 8م (2 هـ) نکاد لانجد ذکراً في المصادر للأبسیلیین («سکان القفقاس»، II/375). وفي 22/643 أمر عمربن الخطاب سراقة بن عمرو بفتح القفقاس، فأرسل سراقة حبیب بن مَسلَمة الفِهري إلی تفلیس ومنطقة جیورجیا (الطبري، 4/157). وحشد البطریق أرَمنیاقُس جموعاً کثیرة لقتال المسلمین. وانضم الی جیشه جماعات من أهالي آلان والأبخاز (أفخاز) وسَمَندَر من منطقة الخزر. فوجّه حبیب رسالةإلی أهالي تفلیس و جیورجیا یدعوهم فیها إلی دفع الجزیة (البلاذري، 197-198)، وبعد فترة من استیلاء المسلمین علی أراضي شرق جیورجیا، هاجموا لازیکا. وفي 86-93/705-711 لم یکتّفوا بعاصمتها بل احتلوا التحصینات الواقعة في وادي کُدور أیضاً. وفي 118-120/736-738 قامت جیوش بني أمیة بهجمات عنیفة وهدمت مدینة سوخوم، وذکر أیضاً أن القائد العربي مروان قرو (مروان الأصم) احتل ممرّي داریال ودربند وهاجم أبخازیة ففرّ أمامه ملکا جیورجیا (میر وأرجیل). فهدم مدینة سوخوم. إلا أن جیشه تکبّد خسائر کبیرة بسبب فیضان المیاه وانتشار مرض الاسهال وهجمات الأبخازیین والجیورجیین واضطر للعودة (EI2, I/100-101). ولابد من الإضافة أن تاریخ جیورجیا السنوي عارٍ للأسف من الدقّة ولایخلو من الشک فیبدو أن المراد من مروان قرو (الأصم) محمدبن مروان بن الحکم أو ابنه مروان بن محمد (البلاذري، 205، 207، 208). وإذا صحّ ذلک فإن ماحدث یتعلّق بأوائل القرن 8م (أواخر القرن الأول والنصف الأول من القرن 2 هـ) ولابد أن تاریخه کان کما یبدو قبل 122/739، ذلک أن العرب غادروا أبخازیة في أواخر العقد 4 من القرن 8 م (العقد 2 من القرن 2هـ) («سکان القفقاس»، ن. ص). ویبدو أن الابخازیین خرجوا علی طاعة الأمویین بسبب الوضع الجغرافي أو ربّما لعوامل أخری کثورة أبي مسلم الخراساني وسقوطالدولة الأمویة، وخضعوا ثانیة للبیزنطیین. إلا أن المصاعب الداخلیة التيکانت تواجهالدولة البیزنطیة دفعت الأبخازیین إلی انتهاج طریق الاستقلال.واستطاع الأمیر لاون الأول في النصف الثاني من القرن 8 م (القرن 2هـ) أن یحکم مناطق واسعة تمتد من سواحل نهر کلاسوري تقریباً الی شبه جزیرة تامان (ن. ص) ورغم أن أبخازیة کانت تابعة اسمیاً لدولة الروم الشرقیة، غیر أنها بدأت شیئاً فشیئاً تنتهج سیاسة مستقلة نسبیاً باعتمادها علی دولة اخلزریین وأعلنت استقلالها رسمیاً في 171/787 (آرتامونوف، 248). وقد تمّ ذلک علی ید لاون الثاني أمیر إریستهاڤي. وقد ورد الرومان باسم الیونانیین في مصادر جیورجیا التاریخیة، فذکر في أحد هذه المصادر أن لاون الثاني قائد أبخازیة وابن أخي لاون الأول أصبح حاکماً علی أبخازیة حینما آل الیونانیون (الرومان) إلی الضعف. فقد استطاع لاون الثاني حفید بنت حاکم الخزر أن یتخلص بمساعدته من قید الرومان. فاحتل أراضي أبخازیة وأعلن نفسه ملکا علیها (کائوختشیشڤیلي، I/70). وهو ما یعتقده آرتامونوف أیضاً، فذکر أن بنت حاکم خزران کانت أم لاون الثاني ولیست زوجته (ص 248). وقد اتخذ لاون الثاني في البدء من مدینة آناکوبیا ثم مدینة کوتائیسي عاصمة له (بارتولد، II(1)/861). ومع ذلک فقد کان أهالي أبخازیة یدفعون الجزیة الی «مرزبان» تفلیس، حتی کان عهد خلافة المتوکل (231-247/845-861)، حیث استطاعت جیوشه أن تقتل إسحق بن إسماعیل (239/853) الذي کان یأخذ الجزیة من أهالي أبخازیة بالقوة وینادي بالاستقلال. وأصبحت تفلیس عملیاً جزءاً من أراضي الخلافة العباسیة (المسعودي، 226، 227). وقد ازدهرت دولة أبخازیة ازدهاراً کبیراً في 236-339/850-950، وحکم ملوکها مناطق مینغرلي وایمرتي وکارتلي و بعبارة أخری جمیع أرجاء إیبري (جیورجیا) وکان لهم نفوذ کبیر في أرمینیة (بارتولد، II(1)/862). وقد حکم هذه البلاد منذ 979م (368هـ) أسرة باغراتیون، الجیورجیة وأصبحت أبخازیة جزءاً من دولة جیورجیا المتحدة التي کان یحکمها باغرات الثالث. وهو خلیفة دافید الثالث وابن أخت آخر ملک في ابخاز ومن أسرة أبخازیة جیورجیة (BSE2,I/48). ورغم أن الأبخازیین کانوا مستقلین اسمیاً، غیر أنهم أذعنوا لتفوّق الجیورجیین (آکینر، 221).وحلّت بین القرنین 11-13م (5-7هـ) الثقافة الجیورجیة في بلاد الأبخاز محل الثقافة البیزنطیة واستعملت اللغة الجیورجیة وأحرفها الهجائیة منذ ذلک الوقت في الکتابة والبیان لدی الأبخازیین. حتی إن أشراف الأبخازیین کانوا یتکلّمون بهذه اللغة، فحلت أخیراً محل اللغةالدینیة الیونانیة (ن. ص) وظلت أسرة باغراتیون تطلق علی نفسها عنوان ملک أبخازیة حتی عهد المغول. کما ورد في کتابات ذلک العصر البیزنطیة، أن ملک جیورجیا کان یطلق علی نفسه أیضاً عنوان حاکم أباسغي (أبخاز). وکانت أغلب عناوین حکام جیورجیا تبدأ بعنوان «ملک الأبخازیین» وهذا العنوان لاینحصر بمنطقة أبخازیة بل یشمل حکم الکارتڤلیین وأهالي جیورجیا الغربیة والشرقیة أیضاً (بارتولد، ن. ص). وقداستعمل الاصطخري عنوان «أبخازشاه» الفارسي من أجل حاکم أبخازیة و قال: ملک الأبخاز یعرف بالأبخازشاه» (ص 191).وربّما تغیّر عنوانشاه أبخاز بعد اتحاد بلاد جیورجیا؛ فقد ذکر فصیح خوافي خلال حدیثه عن حرب جلالالدین المنکبر ني في بلاد جیورجیا عنوان ملک أبخازیة بشکل «ملک ملوک الأبخاز و جیورجیا» (2/298). ویبدو أن فترة احتلال جلالالدین لأبخازیة کانت قصیرة، فقد ذکر ابن الأثیر أنه عاد الی تفلیس بعد احتلال مدینة آني ثم قصد منها فتح أبخازیة ویظهر أنه بقي في هذه المنطقة حوالي 10 أیام (12/460). وذکر النسوي أنه تمّ فتح أبخازیة في 622/1225 (ص 145). وفي حوالی 726/1325 أقطع حاکم باغراتي أبخازیة لأسرة شرواشیدزه، ویبدو أنهم من أحفاد الشروان شاهیة (ملوک شروان). وکان أمراء من هذه الأسرة یدیرون شؤون أراضي أبخازیة الأصلیة حتی القرن 17 م (11هـ)، بینما کان یحکم مناطقها الجبلیة المعروفة بـ «تسبِلدا» أمراء من أسرة مارشاني. أما منطقة سامورزاکان التي وردت في بعض الکتابات القدیمة بشکل سمور، وکان القفقاسیون یدعونها سامور، فقد حکمها فرع من أسرة شرواشیدزه أولاً، ثم ألحقت بمنغرلي وکانت تمتد من غالیدزغا إلی اینغورا علی ساحل البحر الأسود. (بارتولد، II(1)/861, 862). وفي القرنین 14 و 15 م (8 و 9 هـ) تأسست إمارة سوبدیانو، حیث خضعت لها محافظات غربي جیورجیا ومنها غوریا و مغرلیا وأبخازیة، ولاسیما المنطقة الجنوبیة الشرقیة منها. إلا أن هذه الإمارة لم تدم طویلاً وانفصلت أبخازیة عنها ثانیة، وعاد فحکمها أمراء شرواشیدزه وأصبح لهم مکانة خاصة في الشؤون السیاسیة في غرب جورجیا والمناطق الساحلیة من البحر الأسود (القفقاس). وفي أواسط القرن 15م (9 هـ) هاجم العثمانیون أبخازیة. و توغل الأسطول العثمانی في موانئها في 1451م (855هـ). ومند 1578م (986هـ) تحوّلت مناطق أبخازیة الساحلیة سیما میناؤها المهم سوخوم الی قاعدة عسکریة عثمانیة. وأقیمت في سوخوم تحصینات عسکریة أطلق علیها الأتراک اسم «سوخوم قلعة» («سکان القفقاس»، II/376). ومع دخول الجیوش العثمانیة انتشر الاسلام بین الأبخازیین، إلّا أن المسیحیة أیضاً حافظت علی وجودها (آکینر، 221). وقد قام أهالي أبخازیة بثورات علی العثمانیین في 1725م (1138هـ) و 1728م (1141هـ) و 1771 م (1185هـ)، تمخّضت عن احتلال قلعة سوخوم وإجلاء الجیش العثماني عنها (بارتولد، II(1)/863؛ «سکان القفقاس»، II/376). وکانت أبخازیة تنقسم قبل إلحاقها بروسیا إلی ثلاثة أقسام: الأول أبخاز الأصلیة وتقع علی امتداد البحر الأسود من غاغرا إلی نهر غالیدغا؛ والثاني یشتمل منطقة تسبلدا الجبلیة؛ والثالث یشتمل علی منطقة سامورزاکان من غالیدزغا إلی اینغورا التي ضمّت فیما بعد إلی مینغرلي (بارتولد، II(1)/861). و في 1770م (1184هـ) سعی لیڤان شرواشیدزه إلی کسب تأیید الامبراطوریة الروسیة التي کانت تحاول بسط نفوذها علی سواحل البحر الأسود، وتمّ للأبخازیین ذلک في 1225/1810 بقبولهم حمایةالدولة الروسیة. و غادر الجیش العثماني، أراضي أبخازیة. وبعد السیطرة الروسیة ظهرت إمارة شبه مستقلة یمتد نفوذها الی مناطق أبخاز الکبری و بزیب وغودائوتا و غوما ومنطقة سوخوم و سامورزاکان. أما أبخاز الصغری والحد الفاصل بین نهري بزیب و مزیمتا وأجزاء من المناطق الجبلیة فلم تکن تحت سلطة الأمراء المحلیین. و في 1864م (1281هـ) انتهت حروب القفقاس و سیطرتالدولة الروسیة علی جمیع أرجاء القفقاس سیطرة تامة. وانقرضت معها الدول التي انشأتها أسرة شرواشیدزه والأمراء المحلیون الآخرون («سکان القفقاس»، II/377)؛ وانقسمت محافظة سوخوم إلی ثلاث ولایات: بیتسوندا واچمچیری وتسبِلدا. وکان مهمة الجهاز الاداري في روسیا الحصول علی المعلومات الدقیقة عن وضع الأبخازیین المعاشي لتحدید مقدار الضرائب الجدیدة. وقد أدت أعمال العنف والتضییق التي مارستهاالدولة الروسیة في 1866م (1283هـ) إلی ثورة الأهالي. وبعد القضاء علی الثورة هاجر عدد کبیر من الأبخازیین و کان أغلبهم من المسلمین إلی البلاد العثمانیة (ترکیة الحالیة) (بارتولد، II(1)/864). وبعد الحرب الروسیة العثمانیة في 1294-1295/1877-1878 هجرت جماعة أخری من أهالي أبخازیة وطنها أیضاً واتجهت الی شبه جزیرة الاناضول (آکینر، 222-221). وبعد ثلاث سنوات ونیف من انقضاء الثنورة الروسیة، أعلن في 4 آذار 1921م الحکم السوفیتي بأبخازیة. وأصبحت في شباط 1922 جزءاً من جمهوریة جیورجیا. وفي 1930 م أعلنت استقلالها الذاتي باسم الجمهوریة السوفیتیة الاشتراکیة. ولکنها بقیت جزءاً من جمهوریة جیورجیا («سکان القفقاس»، II/378).
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode