الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب الفارسی / آخوندزاده /

فهرس الموضوعات

آخوندزاده

آخوندزاده

تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/2 ۲۱:۴۲:۳۱ تاریخ تألیف المقالة

آخوندزاده، میرزا فتح علي (1277-1295ه/1812-1878م) کاتب و شاعر آذربایجاني.

 

حیاته

ولد في أسرة مرفَهة نسبیاً، وکان جده الحاج أحمد یقیم في مدینة رشت ثم هاجر إلی تبریز. کان أبوه میرزا محمدتقي مختاراً لقصبة خامنه و لکنه في 1226ه/1811م تعرض لسخط عبّاس میرزا نائب السلطنة و عزل عن منصبه؛ فترک عائلته و رحل الی مدینة نوخا في مقاطعة «شکي» التي کانت آنذاک تخضع لاحتلال القوات الروسیة. و کان جعفر قلي‌خان الخوئي حاکما استعملته الحکومة القیصریة علیها، عندها تزوج میرزا محمدتقي للمرة الثانیة في هذه المدینة من نعناع خانم کریمة أخ الآخوند الحاج علي أصغر. وکان فتح علي ثمرة هذا الزواج. وفي 1228ه/1813م ألحقت مقاطعة شکي مع العدید من المناطق الأخری بروسیا و ذلک بموجب معاهدة گلستان. و بعد سنة توفي حاکم المقاطعة جعفر قلي‌خان مما أَدَیٰ بالکثیر من اَهالي تلک المقاطعة الذین کانوا یتمتعون یحمایته الی معادرتها، و عاد میرزا محمدتقي أیضاً برفقة فتح علي و أمه الی قصبة خامنه. فضاقت نعناع خانم ذرعاً من العیش الی جانب ضرتها و غادرت المدینة مع ابنها فتح علي في 1233ه/1818م الی عمّها الحاج علي أصغر الذي کان یعیش آنذاک في مشکین التابعة لأردبیل. و منذ ذلک التاریخ لم یعد یری فتح علي أباه. و تبّناه الآخوند الحاج علي أصغر، و أصبح هذا الطفل یعرف بالحاج علي أصغر أوغلي أو الآخوندزاده. وقد أرسل رب العائلة فتح علي و أمّه الی قریة هوراند التابعة لقراداغ و بعد سنة سجل اسمه في الکُتّاب وقد بلغ السابعة من عمره. وفي 1236ه/1821م غادر الحاج علي أصغر هوراند متوجهاً برفقة فتح علي و أمه ال عشیرة انکوت. تم عاد في 1241ه/1825م معها، الی نوخا؛ ولکن لم یلبث أن غادرها الی گنجه. و بعد عدة أشهر بدأت المرحلة الثانیة من الحروب الایرانیة – الروسیة، ونهبت القوات الروسیة للمرة الثانیة أموال الحاج علي اصغر أثناء احتلال گنجه، ممّا دفعه للاقامة في نوخا سیّماوان جمیع هذه المناطق قد ضمّت الی روسیا بموجب معاهدة تُرکَمانچاي (شعبان 1243/ شباط 1828).

سافر الحاج علي أصغر في 1247ه/1832م الی مکة تارکاً فتح علي في گنجه عند الآخوند الملاحسین لیدرس الفقه و الأصول، و في نفس الوقت کان یتعلم فن الخط الدی معلم یدعی میرزا شفیع في مسجدشاه عباس في گنجه. و کان هذا الأخیر ملمّا بالفلسفة و العرفان و ینظم الشعر أیضاً و یتخلص بـ «واضح». وکان متهما في أوساط علماء الدین في گنجه بضعف في عقیدته و ایمانه. وقد تعلق فتح علي بمیرزا شفیع و اطّلع لدیه علی جانب من العرفان کما ساءت نظرته برجال‌الدین لما سمعه من انتقاد میرزا شفیع لهم. و انصرف عن الانخراط في سلکهم و تحقیق أمنیة والده بالتبني. و عاد الحاج علي أصغر من الحج في 1249ه/1833م فأعاد فتح علي الی نوخا حیث بدأ بتعلّم اللغة الروسیة في المدرسة الحکومیة المؤسّسة حدیثاً في المدینة، و لکنه لم یتمکن من مواصلة دراسته هناک لأکثر من سنة لکبر سنه. وفي 1250ه/1834م اصطحب الحاج علي أصغر فتح‌علي معه الی تفلیس و عرّفه علی البارون روزین القائد الروسي طالباً منه أن یعهد إلیه بعمل ما. فاستخدمه البارون روزین کمساعد مترجم للّغات الشرقیة و کان عباس قلي بیک المعروف بـ «بکي‌خان» کاتباً و مترجماً ترکیاً قدیماً و من موظفي الحکومة الروسیة في جیورجیا فطلب منه أیضاً أن یساعد فتح علي في اتقان اللغة الروسیة. و قد جاء في استمارة استخدامه المؤرخة في 13 تشرین الثاني 1834 م (11 رجب 1250 هـ) انه متضلع باللغات الفارسیة و الترکیة و العربیة.

و منذ ذلک التاریخ عمل فتح‌علي في خدمة القادة الروس. وفي رمضان 1252/ کانون الأول 1836 بدأ بتدریس اللغة الترکیة في المدرسة الحکومیة المؤسسة حدیثاً في تفلیس، وفي 1256ه/1840م أصبح مترجماً للّغات الشرقیة ثم عین مترجماً لدیوان حاکم القفقاس. و في 1262ه/1846م استبدل منصبه المدني بمنصب عسکري و رقي تدریجیاً من رتبة عریف الی عقید و منح أوسمة مختلفة. وکان عضواً في العدید من الهیئات السیاسیة و التحقیقیة للحکومة الروسیة طوال ثلاث و أربعین سنة من خدمته. و في 1252ه/1836م کان مرافقاً لوفد برئاسة الجنرال روزین الی آبخازستان (جزء من جیورجیا، الحالیة) و ذلک لرسم حدود سواحل البحر الأسود. وفي 1253ه/1837م توجه برفقة مارلینسکي الکاتب الروسي الی آدلر. کما سافر مرة الی شوشي (ن. م) و تعرّف هناک علی الشاعر قاسم بیک. و کان في 1255ه/1839م مترجماً للعقید نمیروویج دنچینکو في لحنة رسم الحدود الروسیة العثمانیة. کما سافر الی طهران في 1264ه/1848م بصفة مترجم للجنرال شیلینگ، ممثل القیصر، للمشارکة في احتفال تتویج ناصرالدین شاه. و التقی في رحلته هذه بالمیرزا تقي‌خان أمیرکبیر و مدحه فیما بعد بقصیدة و أقام في ایران مدة أربعة أشهر بعد عودة الوفد الروسي. کما شارک أیضاً في الهجوم العسکري الروسي علی‌الدولة العثمانیة في 1272ه/1855م و کذلک في لجنة تفتیش الدوائر الحکومیة في ایروان، و في العدید من المهمات الأخری.

وکان فتح علي یعیش حیاة مرفّهة، و تزوج من طوبی خانم بنت الحاج علي أصغر (1257ه/1841م) و أصبح أباً لابن و ثلاث بنات. وقد ساعده ابنه رشید لمدة سنتین بعد انهائه الدراسة الابتدائیة و المتوسطة؛ و في 1291ه/1874م سافر الی بروکسل لدراسة الهندسة. وقد توفیت إحدی بناته صغیرة و توفیت الأخری التي کانت تُدعی سیره بیکم شابة، أما الثالثة نساء خانم – زوجة باباخان ابن بهمن میرزا (شقیق محمدشاه) - فقد بقیت الی جانب والدها.

توفي فتح علي في تفلیس و دفن في مقبرة المسلمین بتلک المدینة. و قام البولیس السري القبصري بعد وفاته بتفتیش منزله فلم یعثر الّا علی مؤلفاته المطبوعة، حیث کان قد أخفی مؤلفاته الخطیة و مذکراته في بیت ابنته حذراً منه و احتیاطاً. و قد زعم البعض ان تفتیش منزل فتح علي بعد وفاته تم بسبب عدم ثقة السلطات الروسیة و سوءظنهم به، وهو زعم غیرصحیح اذلم یتعرّض أحد لکتاباته أثناء حیاته، وتم التفتیش بعد موته؛ و هذا طبیعي فالجهاز الحکومي کان یری خطراً في مذکرات فتح‌علی لمشارکته في مهمات سیاسیّة حساسة یخشی وقوعها في أیدي الآخرین، و یمکن القول أن السلطات الروسیة کانت تثق به و لاتثق بأخلافه (ظ: آدمیت ، 22).

 

التطّور الفکري و التکامل العقائدي

تأثر فتح علي بافکار میرزا شفیع في مدرسة شاه عباس بگنجه، و تنکّر للأفکار الاسلامیة و ترک تعلّم الفقه والاصول بعد أن اطّلع بشکل سطحي علی الفلسفة و العرفان. وقد ساهمت إقامته في تفلیس و خدمته في دوائر الحکومة الروسیة معاشرته للأصدقاء و الخلّان الذین تعرَّف علیهم في هذه المدینة في صرف ذهنه الی اتجاه آخر و تعیین نهحه الفکري حتی نهایة حیاته.

وکانت تفلیس في هذه الفترة مقراً للحاکم العام علی جمیع أرجاء القفقاس و تحتل الدرجة الثانیة من حیث الأهمیة في الامبراطوریة الروسیة؛ و قد أصبحت مرکزاً لنشر الثقافة الغربیة فأنشئت فیها مدارس جدیدة و مکتبات عامة کما انتشرت فیها المسارح. فاجتمع فیها عدد کبیر من الکتاب و الشعراء الروس و الأَرمن و الکرجیین و مجموعة من المثقفین الدکابریستیین، المنفیین و اللاجئین الیها. وقد زادت الضغوط الدکتاتوریة الفظّة التي کانت تمارسها الحکومة القیصریة علی هؤلاءالمشرّدین المثقفین من إعجاب فتح علي بالأفکار اللیبرالیة في أوروبا الغربیة، و لم یؤدِّ سلوک القساوسة السیّیء الذي کان یساعد علی تسریع عجلة الدکتاتوریة الی فقد الأحرار المبعدین عن أوطانهم الأمل بهم فحسب بل صبّوا نار غضبهم علی الکنیسة و القائمین علیها. کما آلت مثل هذه العوامل الی استیاء بعض الأحرار المسلمین. و کانت هذه الظاهرة التي عمت جمیع أرجاء القفقاس علی أشدّها في تفلیس. وکان لاثنین أثر عمیق علی فتح علي في مثل هذه الأجواء: اولهما عباس قلي بیک (بکي خان) المذکور و الکاتب و الترکي المسلم المتأثر بالحضارة الغربیة و الآخر خاچاطور أبوویان، الکاتب الأرمني المعادي للکنیسة. وبکي‌خان هو نفس المترجم الرسمي للحکومة الروسیة الذي ساعد فتح علي في اتقان اللغة الروسیة؛ وکان معجباً بالأفکار الغربیة، جاداً في نشرها و کان قد تعرف علی الفلسفة الغربیة و الثقافة الأوروبیة الحدیثة و یعتبر أول من ترجم الآثار الأدبیة الروسیة الی الترکیة و کانت له معرفة بالعدید من الکتّاب و الأدباء الروس أمثال گریبایدوف و پوشکین، و کذلک باثوار المنفیین القاطنین في جیورجیا. و قد عرّف فتح علي علی هؤلاء الأدباء و الأحرار ممهداً له السبیل الی الأوساط العلمیة و الأدبیة في تفلیس. و کان أبوویان من الأدباء الاحرار المجدّدین في أرمینیة. و کان في غایة الاستیاء من أعمال بعض القساوسة الجائرین و في صراع مستمر معهم، و أخیراً قضوا باعدامه وهو في السادسة و الثلاثین من عمره (1262ه/1846م) و زادت هذه الحادثة من حقد فتح علي علی رجال‌الدین.

وفي 1255ه/1839م توجه میرزا شفیع الگنجوي المعلم السابق لفتح علي الی تفلیس، فعهد إلیه فتح علي بتدریس اللغة الترکیة في المدرسة الحکومیة في المدینة بدلاً منه. عندها بادر الزملاء في المدرسة الحکومیة وهم: فتح علي و أبوویان و میرزاشفیع بمساعدة بکي‌خان و عدد من الشعراء و الأدباء الکرجیین الی تأسیس جمعیة کانت تنعقد في منزل میرزا شفیع. و کانوا یخوضون في هذه الجمعیة التي أطلقوا علیها اسم «دیوان العقل» في الحدیث عن الشعر و الأدب الفارسي القدیم، و یتدارسون فیها القضایا السیاسیة و الاجتماعیة، موجهین أشد الانتقادات و الحملات الی رجال ‌الدین و المتدیّنین بصورة خاصة. عاش فتح علي في هذه الأجواء عدة سنین وقد نفض یدیه من‌الدین بل و قلب له ظهر المحن. فوجدت الأفکار التحررّیة طریقها الی ذهنه و لکن صلاته بالجهاز الحکومي الروسي کانت تمنعه من تحقیق طموحاته.

و تجدر الاشارة الی صدیقین آخرین له هما: میرزا اسماعیل بیک المعروف بـ «کوتکاشنسکي» و حسن‌خان المعروف بـ «اوتسمیف»3. و کانا من الضباط المثقفین في الجیش القیصري و کان فتح علي یفتح لهما قلبه و یطلعهما علی اسراره في بعض الأحیان.

و قد طالع فتح علي خلال هذه السنین من عمره مؤلفات چرنیشفسکي و استروفسکي و مارلینسکي و لرمانتوف و گریبایدوف و گوگول و پوشکین و کرتسن و بلینسکي و دابرالیبوف؛ کما قرأ مؤلفات مولیر و اوحن سو و دوما و ولتر و مونتسکیو و روسو و میرابو و رنان و باکل و هیوم و میل، مترجمةً بالروسیة، و تعرَّف أیضاً علی آراء سیسموندي الاقتصادیة. و کان ممن أثربه من الایرانیین، ملکم‌خان و جلال‌الدین میرزا القاجاري و میرزا یوسف مستشار‌الدولة. وقد تعرّف فتح علي علی آراء ملکم‌خان عن طریق تبادل الرسائل التي سُرَّبها الی درجة أنه أطلق علیه لقب «روح‌القدس».

و یبدو أن فتح علي سبق ملکم‌خان في تأسیس الجمعیات الماسونیة وکان له باع طویل في هذا المجال، فقد بادر في 1262ه/1846م الی التشاور مع میرزا اسماعیل کوتکاشنسکي و حسن‌خان اوتسمیف لتأسیس مثل هذه الجمعیات. ولکن فکرته لم تدخل حیّز التنفیذ. و یبدو أن حسن‌خان قد حذَّر فتح علي من مثل هذه الاعمال. و لذلک فقد اتجه الی کتابة المسرحیات الانتقادیة، لیتمکن بواسطتها من اثارة الناس ضد الأعراف القدیمة البالیة و بعث روح الحریة و التطور و التقدم في أذهانهم. و ترک فتح علي هذا المجال بعد عدة سنوات و أخذ یسعی في طریق إصلاح و تغییر الخط و حروف الکتابة، و کان یعتبره حتی آخر حیاته السبیل الوحید للتقدم.

 

آثاره

کانت کتابة المسرحیات أهم المجالات التي أدت الی شهرة فتح علي، فبعد إتقانه اللغة الروسیة قام بمطالعة قصصها و مسرحیاتها و ترجمة آثار کتّاب أوروبا الغربیة، کشکسبیر و مولیر، کما ترجم بعضها الی الترکیة و أخرجها علی المسرح. و إثر إتقانه لهذا الفن، مال الی تألیف مسرحیات بنفسه، حیث یعتبر أول کاتب شرقي یقلّد الاوروبیین في کتابة المسرحیات. وقد کتب في الفترة من 1266ه/1850م الی 1273ه/1857م ست مسرحیات هزلیة انتقادیة و قصة واحدة، وهي: 1. ملاابراهیم خلیل کیمیاگر (الملا ابراهیم خلیل الکیمیائي)؛ 2. مسیو جوردان حکیم نباتات و درویش مستعلي شاه جادوگر ( السید جوردان الطبیب النباتي و الدرویش مستعلي شاه الساحر)؛ 3. وزیرِ‌خان سراب (تُرجمَت الی الفارسیة بعنوان وزیر‌خان لنکران)؛ 4. حکایت خرس قولدور باشان (خرس دزدافکن) (حکایة الدب صارع اللص)؛ 5. سرگذشت مرد خسیس (قصة الرجل البخیل)؛ 6. وکلاي مرافعه (محامو الدفاع)؛ 7. داستان یوسف شاه (ستارگان فریب خورده) (قصة الملک یوسف أو النجوم المخدوعة).

وقد ألَّف فتح علي هذه المسرحیات باللغة الآذریة. و نشرت أولاً في صحیفة «قفقاز» ثم طبعت بعد ذلک علی شکل مجموعة مستقلة (1275ه/1859م)، وقد عرضت جمیعها علی مسرح تفلیس في حیاة المؤلف. ثم ترجم فتح علي مسر حیاته فیما بعد الی اللغة الروسیة و عرض بعضها علی مسرح موسکو و بطرسبورغ. و إثر ذلک اکتسب شهرة في الأوساط الفنیة الروسیة. و قد ترجم میرزا محمدجعفر قراچه داغي هذه الحکایات السبع الی الفارسیة باشراف فتح علي نفسه و ذلک في الفترة (1287-1290ه/1870-1873م). کما ترجم بعضها الی اللغات الفرنسیة والانجلیزیة و الألمانیة و النرویجیّة.

ویفضح فتح علي في هذه المسرحیات أصحاب المکر و الخداع الذین یسیئون استغلال بساطة الناس و جهلهم و طمعهم؛ و یسعی في حثّ الناس علی اکتساب المعرفة و العمل و تعلم العلوم الحدیثة و ابتعادهم عن الترهُّل و طلب الراحة و الدعة. کما حارب انحرافات مدعي السحر و الکیمیاء؛ و ذم طریقة الحکم الدکتاتوري في الشرق و هاجم الحکام و سَحِرَ منهم و وصفهم بالجهل وعدم الکفاءة، کما وصف الوزراء و المستشارین بعدم الفهم و الطمع و-التملّق و اظهار الضعف و الخضوع أمام الملوک و الأمراء و قبول أيّ منصب یعرض علیهم و تکبّرهم علی مَن دونهم. کما صوَّر حیاة القرویین المرریة إزاء ظلم الموظفین و جور مسؤولي المحاکم و عدم اهتمام القضاة بالحق و العدل. کما توجد إشارات کثیرة في هذه المسرحیات الی حقوق المرأة و مکانتها الاجتماعیة و استقلالها.

وأما حکایة ستارگان فریب خورده (النجوم المخدوعة)، فتعتمد علی حادثة تاریخیة: فقد شوهد نجم مذنَّب في السنة السابعة لتولي الشاه عباس الأول الصفوي الحکم (1003ه/1595م) و أعلن المنجمون أن ظهور هذا النجم ینبیء بموت أحد الملوک. وقد وجد جلال‌الدین محمد الیزدي، رئیس منجمّي البلاط، الحل في أن یعتزل الشاه عباس الحکم عدة أیام و یولي شخصاً آخر مکانه لیبعد عن نفسه شؤم ذلک النجم المحتمل. و فعلاً فقد سَلطَنوا یوسف ترکش دور من أهالي قزوین؛ و یقال انه کان نقطویا ثم قتلوه بعد ثلاثة أیام. و علی أساس هذا الحدث التاریخي کتب فتح علي قصة النجوم المخدوعة. و لکنه مثّل یوسف شاه في قصّته مصلحاً یقوم بتغییرات جذریة مهمة في الجهاز الحکومي خلال فترة حکمه القصیر؛ فعزل الوزراء الجهلة و المتملّقین و ألغی منصب رئیس المنجّمین و منع العقوبات اللإنسانیة کالخنق بالحبال و قطع الأذن و الأنف و قلع العین و تنصیف الانسان (بالسیف)؛ و أقام محاکم عادلة في جمیع أرجاء البلاد و شرَّع قوانین جدیدة للضرائب. و لکن فترة اصلاحاته هذه لم تدم؛ حیث تأمر علیه الوزراء و الأمراء المعزولون و یطیحون بیوسف شاه و-یعود الملک الصفوي الی عرشه و قد انتقد فتح علي في الحقیقة بهذه القصة الوضع السيء في أیامه عارضاً و جهات نظره حول کیفیة تنظیم المجتمع و إدارته و تتمیز کتابات فتح علی بصورة عامي بسخریة لاذعة. و کان یعتقد اعتقاداً راسخاً بعدم جدوی النصیحة و الموعظة و ان الانتقاد و السخریة أجدی نفعاً کما جاء ذلک في رسالة وجَّهها الی میرزا محمدجعفر القراچه داغي (الفبای جدید و مکتوبات، «الحروف الهجائیة الجدیدة و-الرسائل»، 206، 213، 214).

جهوده الرامیة لاصلاح و تغییر الحروف و أسلوب الخط: یعتبر السعي من أجل اصلاح و تغییر الحروف و الخط في ایران و الدولة العثمانیة أهم عنصر في حیاة فتح علي. فکان أول من أقدم علی إصلاح و تغییر الحروف و الخط في العالم الاسلامي و خطا خطوات في هذا المجال. رغم أن فکرة اصلاح الخط لم تکن جدیدة بحد ذاتها. فقد أدخل بطرس الکبیر في روسیا قبل ذلک بمائة وخمسین سنة تغییرات جذریة علی الخط القدیم في ذلک البلد و مضی في خطواته رغم معارضة القساوسة و-الأشراف له. و قبل ذلک تحدث البعض في العالم الاسلامي عن الصعوبات و المشاکل التي یسببها الخط العربي.

و قد نشر فتح علي في صفر 1274/ تشرین الأول 1857 رسالة بعنوان الف باي جدید برای تحریرات السِنِة إسلامیة (الحروف الجدیدة لکتابة اللغات الاسلامیة)، حذف فیها النقاط من أبجدیته الجدیدة و أضاف الحرکات الثلاث إلی الحروف و جعلها متصلة. و قد أرسل فتح علي رسالته هذه في ربیع الثاني من تلک السنة الی میرزا سعیدخان مؤتمن الملک الأنصاري وزیر الخارجیة الایرانیة مع میرزاحسین‌خان (مشیرالدولة والسبهسالار [قائد الفیلق] فیما بعد) الذي کان یشغل منصب القنصل الایراني في تفلیس آنذاک و طلب من المسؤولین أن یناقشوا مشروعه هذا. کما استعان ببعض الرجال من ذوي النفوذ في البلاد لتحقیق مایصبو الیه. و لکن أحداً لم یهتم بمشروعه ولم یحصل فتح علي علی أیة نتیجة رغم الجهود التي بذلها في هذا المضمار.

وفي ذي الحجة 1278/ تموز 1862 تحدّث طاهر منیف باشا الأدیب الترکي و المترجم بوزارة الخارجیة العثمانیة في کلمة ألقاها أمام الجمعیة العلمیة العثمانیة عن ضرورة اصلاح الحروف الترکیة مؤکداً علی أن تقدم المجتمع یتوقف علی تنفیذ هذه الخطوة. و کان میرزا حسین‌خان مشیرالدولة صدیقاً لفتح علي منذ أیام خدمته في تفلیس و یشغل منصب وزیر مغوض ایراني في استانبول، فأحاطه فتح علي علماً بأن الظروف في‌الدولة العثمانیة ملائمة لتنفیذ مشروعه. فأسرع فتح علي في أواخر 1279ه/1863م الی استانبول بعد استئذان گراندُف میکائیل الأمیر الروسي و حاکم القفقاس و ذلک علی نفقة الحکومة الروسیة؛ و حلّ ضیفاً علی السفارة الایرانیة هناک، و قدم رسالته في الحروف الجدیدة إلی فؤاد باشا الصدر الأعظم العثماني بعد ما عرَّفه علیه السفیر الروسي في استانبول. و یمکن معرفة هذه العوامل الثلاثة التي تشیر الی حرص الحکومة القیصریة علی تغییر الخط العثماني من قصة حیاة فتح علي التي کتبها بنفسه (الفباي جدید و مکتوبات، 352). و مع هذا فان رفیع علي (میکائیل حسن أوغلي، مؤلف کتاب آخوندوف، موسکو، 1959م) یعتقد بان الحکومة الروسیة و الجنرال ورانسوف قائد قوات القفقاس لم یوافقوا علی مثل هذه الخطة. و انّ سفر فتح علي الی استانبول قد سبب فتوراً في العلاقات بینه و بین الحکومة الروسیة (آدمیت، 86). ولکن حیاة فتح علي الهادئة بعد عودته الی تفلیس وسعیه الحثیث المتواصل في هذا السبیل حتی وفاته، أي بعد 15 سنة من تاریخ سفرته تلک، لایشیر ان الی معارضة الحکومة الروسیة لخطته في اصلاح الکتابة ولا الی فتور في العلاقات بینه و بین الحکومة. وقد عرضت رسالة الفبای جدید (الحروف الجدیدة) علی الجمعیة العلمیة العثمانیة للمناقشة بموجب مرسوم أصدره الصدر الأعظم. و رغم استحسانها قیل إنها غیرقابلة للتنفیذ علی المدی القریب یجب القیام بمثل هذا العمل تدریجیاً خلال فترة طویلة نسبیاً. وقد أصدرت‌ الدولة العثمانیة مرسوماً بمنح فتح علي و سام المجیدیة و ذلک تثمیناً لجهوده المبذولة في مجال اصلاح الخط. وفي هذه الأثناء وقع اختلاف بین فتح علي و میرزا حسین‌خان مشیرالدولة إثر قیام فتح علي بتوزیع نسخ من مسرحیاته علی عدد من رجالات العلم و السیاسة في‌ الدولة العثمانیة تحمل طابعاً انتقادیاً لطریقة معاملة الهیئة الحاکمة الایرانیة لمواطینها، مما أزعج میرزا حسین‌خان الذي کان وزیراً مفوضاً لایران. ولم یغیّر أي منهما موقفه تحاه الآخر و کانت النتیجة أن غادر فتح علي السفارة الایرانیة احتجاجاً علی موقف الوزیر المفوض منه و أقام لمدة في مکان آخر ثم عاد الی تفلیس و عزا عدم نجاحه في تنفیذ خطته لاصلاح الخط في ‌الدولة العثمانیة الی میرزا حسین‌خان، و ادعی بان مشیرالدولة «یکنّ له عداء شدیداً منذ أن کان قنصلاً لایران في تفلیس» (الفبای جدید مکتوبات، ص 353)، و وصفه لدی الوزراء العثمانیین بأنه «حاقد علی‌الدین و الدولة الاسلامیة» (ن.م).

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: