ابن الخازن

اِبنُ الخازِن، أبوالفضل أحمد بن محمد (471-518هـ/1078-1124م)، شاعر و خطّاط بغدادي، أصل أسرته من الدینور، ولد ببغداد و توفي فیها. أرّخ البعض وفاته في 512هـ (ابن الجوزي، عبدالرحمن، 9/204؛ ابن الجوزي، یوسف، 8(1)/76؛ ابن الأثیر، 10/546)، حیث یحتمل خطأ و ذلک بالنظر لروایة عمادالدین الکاتب الجازمة (الورقة 53). امتدح عمادالدین الذي کان صدیقاً لولده أبي الفتح، شعره و أدبه و ظرافته و فضله، غیر أنه أکد علی خطه الحسن وکتب في حقه: «مابعد خط أبي الفوارس بن الخازن مثل خطه في الحسن وکلاهما یقال له ابن الخازن» (ن.ص؛ قا: الذهبي، 19/482)، بل اعتبره ابن خلکان (1/149) وابن شاکر (12/156) فرید عصره في هذا الفن.
مع کل هذا، یبدو أن حیاته کشعره، کانت متوسطة و خالیة من الأحداث المهمة، إذ لم ینخرط أبداً في بلاط الملوک و الأمراء الکبار واکتفی فقط بمدح شخصیات أمثال أبي نصر أنوشروان بن خالد (عماد الدین، الورقتان 53 و 55)، ومعتمدالدولة یحیی بن صاعد (م.ن، الورقة 54)، وأمین الدولة ابن صاعد (م.ن، الورقة 55)، وزین الکتاب أحمد بن رجا (ن.ص)، وکذلک عم عمادالدین الکاتب، عزیزالدین أحمد بن حامد (م.ن، الورقة 53).
وقد وصلتنا عدة روایات عن صداقته مع الأعیان والمشاهیر، تتحدث إحداها عن سفره إلی أصفهان في 506هـ/1112م بر فقه الراوي فقصدا دار شمس الحمناء الطبیب أبي القاسم الأهوازي؛ فأخلا الحمام، ثم إلی إیوان الدار رغم عدم جود صاحبها، فأنشد ابن الخازن شعراً في هذا المجال (ابن الجوزي، عبدالرحمن، ن.ص؛ ابن الجوزي، یوسف، 8(1)/77؛ ابن الأثیر، ن.ص). ونسب عمادالدین الکاتب هذا الشعر الذي لم یتجاوز أبیاتاً ثلاثة إلی الطبیب الأهوازي نفسه (وقد سقط مع الأسف هذا القسم من نسختنا)، غیر أن ابن خلکان (1/150) الذي نقل قصة ضیافة الطبیب بشکل آخر، أشار إلی هذا الانتساب في خریدة عمادالدین. ونقل ابن خلکان (ن.ص) روایة أخری حول العلاقة بین الشاعر والطبیب و کتب بما أن الطبیب قصده فآلمه، فإن الشاعر أنشده أبیات ساخرة وأرسلها إلیه. أما الصدیق الآخر لابن الخازن الذي أنشد شعراً في هجائه أیضاً هو العالم المعروف هبة الله البدیع الأسطرلابي (عمادالدین، الورقة 54) الذي کان محباً للأدب والأدباء فضلاً عن علم الفلک. وهو الذي جمع أشعار ابن الحجاج (ن.ع) الشاعر البغدادي الماجن.
کان ابن الحجاج، کما نعلم، شاعراً شیعیاً،حاد المزاج یقول السخف ولم یکن یأبي الکلام اللاذع إزاء زعماء بقیة المذاهب. وحینما أرادوا أن یخففوا من حدة لهجته تجاه هؤلاء الزعماء اختلقوا حکایة یری ابن الخازن فیها ابن الحجاج في النوم و یحتفظ في ذاکرته بجمیع الأبیات التي أنشدها هذا الشاعر في فساد مذهبه، و ذم الإمام علي (ع) له وندامته من تلک الأشعار اللاذعة، وحین قرأ بعد مدة تلک الأبیات للأدباء الآخرین، أذعن الجمیع أن هذا کلام ابن الحجاج، ولیس من إنشاد ابن الخازن (حول هذه الروایة، ظ: ن.د، ابن الحجاج).
لایتوفر الآن من مجموعة أشعار ابن الخازن شيء یذکر، لأنه لم یهتم کثیراً بهذا الأمر، و یبدو أنه نظم شعراً قلیلاً و لم یقل الشعر إلا في حالات خاصة (ظ: عمادالدین، الورقة 53). وعندما توفي، اهتم ابنه أبوالفتح بجمع آثاره المتفرقة بطلب من عمادالدین علی مایبدو. اعتبر أبوالفتح في مقدمة الدیوان قلة شعر أبیه و عدم اهتمام الناس به سبباً لمبادرته بهذا الأمر (ن.ص؛ قا:  ابن خلکان، 1/149؛ ابن شاکر، 12/156؛ الصفدي، 8/78). غیر أنه لم یبق من هذا الدیوان أیضاً سوی تلک الخمس عشرة أو الست عشرة صفحة التي اختارها عمادالدین و نظمها بحسب الحروف الهجائیة. یقع نصف هذه المختارات في المجلد الثاني من خریدة (قسم شعراء فارس … و بغداد) والنصف الثاني في المجلد الثالث. وقد سقط مع الأسف القسم الثاني من خریدة من نسخ جامعة طهران المصورة، غیر أن جمیع ماسقط من هذا القسم جاء تقریباً في المصادر الأخری کابن خلکان (1/149 فما بعد).
إن أشعاره الموجودة والتي هي مقاطع في المدح والهجاء والرثاء و … والتي هي أحیاناً تقلید لأسلوب السلف وأحیاناً تقلید لظرافة شعراء القرون 4 إلی 6 هـ في العراق و إیران، هذه الأشعار لاتمتاز بأیة خصائص بارزة، رغم قول ابن خلکان (1/149) إنها حسنة السبک و جمیلة المقاصد. وأحد الأسالیب التي اتبعها في شعره، هو إنشاد اللغز. ویمکن العثور علی نموذج من هذه الألغاز في خریدة (الورقة 55). والنموذج الآخر هي تلک التي تتکون من 4 أبیات کتبها في جواب عبدالوهاب بن یعمر (عماد الدین، «قسم شعراء الشام»، 2/266-267).
ویبدو أن ابن الخازن دوّن مجموعة تتضمن أشعار جماعة من الشعراء العرب، لأن عمادالدین نقل مراراً عن «مجموعة» أبي الفضل ابن الخازن (ن.م، 2/272، 297، 415). ونقل ابن کثیر أیضاً (12/184) روایة من تاریخ ابن الخازن ولایعلم من أي تاریخ وأي ابن الخازن نقل مانقل.
ویشار هنا إلی شخصین مختلفین باسم ابن الخازن عرف کلاهما یحسن الخط والشعر:
1. أبوالفتح نصرالله بن أحمد ابن الخازن، وتعود شهرته في الغالب إلی جمعه دیوان أبیه لعمادالدین. کان أیضاً ینظم الشعر و قد قرأ شیئاً منه لعمادالدین الذي نقل هو بدوره هذه الأشعار معتبراً إیاها تقلیداً لأسلوب مهیار الدیلمي (الورقة 35). یشیر عمادالدین إلی أن أبا الفتح اشتغل بالکیمیاء مدة وأنشد له في 550هـ/1155م شعراً في هذا الباب، غیر أنه ترک هذا العمل وتورع وسکن مسجداً بالأجمة (ن.ص). وربما دعته هذه الظروف إلی استغلال خطه في استنساخ الکتب، علماً بأن ذلک اقتصر علی کتاب المقامات (ولانعرف أي کتاب هو المقصود)، وقد استنسخ هذا الکتاب في نسخ کثیرة حتی أضحت نسخه علی حد تعبیر ابن خلکان (1/149) کثیرة بأیدي الناس. واعتب رابن شاکر (12/156) أن عددها بلغ 100 نسخة. أما الوظیفة الأخری التي نسبها الصفدي إلیه فهي إقامة الأذان في مسجد بغداد، إزاء أجر علی ذلک (فیصل، 2/266). لایعلم تاریخ وفات أبي الفتح ابن خازن ولکن من المسلم بأنه توفي بین سنوات 575هـ/1179م (ابن خلکان، 1/151) و 590هـ/ 1194م (فیصل، ن.ص).
2. أبو الفوارس الحسین بن علي ابن الخازن، المعروف بابن الخلّان (تـ 502هـ/1109). کان من کبار خطاطي عصره، وکتب 500 نسخة من القرآن الکریم. بالإضافة إلی هذه المعلومات نقل عماد الدین (الورقة 2) عدة أبیات من أشعاره أیضاً.

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الجوزي، عبدالرحمن، المنتظم، حیدرآبادالدکن، 1359هـ؛ ابن الجوزي، یوسف، مرآة الزمان، حیدرآبادالدکن، 1370هـ/1951م؛ ابن خلّکان، وفیات؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، عیون التواریخ، تقـ: فیصل السامر ونبیلة عبدالمنعم داود، بغداد، 1397هـ/1977م؛ ابن کثیر، البدایة؛ الذهبي محمد، سیر أعلام النبلاء، تقـ: شعیب الأرنؤوط، بیروت، 1405هـ/1985م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: محمد یوسف نجم، بیروت، 1391هـ/1971م؛ عمادالدین الکاتب، محمد، خریدة القصر، نسخة مصورة موجودة في مکتبة المرکز؛ م.ن، ن.م، «قسم شعراء الشام»، تقـ: شکري فیصل، دمشق، 1378هـ/ 1959م؛ فیصل، شکري، حاشیة علی خریدة القصر (ظ: همـ، عمادالدین)؛ الیافعي، عبدالله، مرآة الجنان، حیدرآباد الدکن، 1338هـ.

آذرتاش آذرنوش