الصفحة الرئیسیة / المقالات / أبوعطاء السندي /

فهرس الموضوعات

أبوعطاء السندي

أبوعطاء السندي

تاریخ آخر التحدیث : 1443/1/7 ۱۲:۲۱:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

أَبو عَطاءٍ السِّنديّ، أبوجعفر مرزوق (أو أفلح) بنیسار (تـ منتصف القرن 2هـ)، شاعر عربي. دعاه ابن قتیبة (الشعر...، 2/652) بمرزوق، وأبوالفرج الأصفهاني (17/327) بأفلح وذکرت المصادر اللاحقة کلا الاسمین بتشکیک (مثلاً ظ: المرزباني، 456؛ البطلیوسي، 292، الذي ذکر أنه أبو جعفر ابن حبیب مرزوق). أما نسبته السندي، فقیها دلالة علی أصله. وأبوعطاء لیست کنیته الحقیقیة، ذلک أن عطاء – کما سنری – هو غلامه وراویته الذي تبناه و تکنّی به. فإن صحّ هذا فینبغي القول إنه دعي بهذه الکنیة، بعد أن بلغ منزلة سامیة في الشعر.

کان أبوه من أهل السند، ویبدو أنه لم یکن یجید الکلام بالعربیة (أبوالفرج، ن.ص)، لکن لیس واضحاً کیفیة انضمامه للقبائل العربیة: تزی هل أخذ أسیراًخلال المعارک التي وقعت قبل الفتوحات الکبری للهند (92هـ/711م)، ثم ولد له أبوعطاء فیما بعد؟ أم أنه أسر مع ابنه الصغیر وجيء بهما إلی الکوفة؟ (ظ: مصطفی، 21-22).

ولما کانت جمیع المصادر قد دعت أبا عطاء، الکوفي (أبوالفرج، المرزباني،ن.صص)، یمکن تصور أن أباه أیضاً کان یعیش في الکوفة وأن أبا عطاء ترعرع في کنف. وقد ترکت أجواء الأسرة أثرها العمیق في لغة الابن، ذلک أنه – وفقاً لما اعتاده الهنود – لم یکن غیر قادر علی لفظ بعض الحروف العربیة الخاصة مثل ع، ح، ظ، ض ... فحسب، بل کان عاجزاً أیضاً عن تلفظ بعض الحروف الشائعة في اللغات الشرقیة بشکل صحیح (مثلاً س بدلاً من ش؛ زبدلاً من ج ...، ظ: بقیة المقالة).

ویبدو أنه إلی الوقت الذي لم یکن فیه قد بلغ الشهرة، کان مولی لرجل من قبیلة بني أسد یدعی عنبر بن سماک (أبوالفرج، 17/329؛ المرزباني، البطلیوسي، ن.صص). وقد ورد في روایة أن مولاه لما رآه قد حصل علیثروة بعد عتقه إیاه، ادعی أنه لما یزل مولیً له، فاضطر إلی أن یشتري حریته مرة أخری (أبوالفج، 17/327)، وانتقم منه بأن نظم شعراً في هجاء بني عنبر (م.ن، 17/329؛ أبوعطاء، 140).

وقد برع هذا الشاب السندي الأسود الوجه القبیح المحیا القصیر القامة (المرزباني، ن.ص)- الذي لم یکن کلامه مفهوماً لدی العرب أحیاناً (أبوالفرج، 17/328) – في اللغة العربیة والشعر إلی الحد الذي وضع نفسه فیه بسرعة في مصاف کبار شعراء العصر وشق طریقه إلی مجالس الأمراء الأمویین. لکن لما رأی أن اللهجة الهندیة الخشنة التي لدیه ستجعل منه مثار سخریة في مجالس الأمویین، قرر أن یفعل مافعله کثیر من الشعراء العرب الکبار، وهو أن ختار له راویة فصیح اللسان لیقرأ شعره في مجالس الأمراء. ولأجل ذلک فقد شکا من لثغة لسانه في قصیدة خالیة من التکلف عذبة ذات لهجة صادقة کانت سبباً في ذیوع صیته أیضاً، مدح بها سلیمان بن سلیم أحد القادة الأمویین، وطلب إلیه أن یهدیه غلاماً فصیحاً، فأهداه سلیمان غلاماً بربریاً یدعی عطاء. وقد أضاف إلی هذه القصیدة ذات الثالثة عشر بیتاً، مقطوعتین أخریین طلب في إحداهما – التي لاتعدو کونها کلمات تخدش الحیاء – إلیه أن یهبه جاریة، وانبر في الثانیة لمدح سلیمان مر أخری. و منذ هذا الحین اشتهر الشاعر بکنیة أبي عطاء (أبوالفرج، 17/337-338؛ الصفدي، 9/299-300؛ أبوعطاء، 148-149).

ویبدو أن أبا عطاء کان علی صلة بیزید بن عمر بن هُبَیرة أکثر من غیره؛ وقد حکم یزید منذ 129هـ البصره والکوف وأخیراً قتل في 132هـ (زامباور، 63، 68). ومع کل ذلک فإنه لم یبق شيء من مدائح أبي عطاء التي نظمها في یزید. نجده مرة فقط مع یزید الذي منح – بعد بنائه مدینة علی الفرات – جمیع من حضر صلات، إلا الشاعر. فبادر الشاعر إلی عتابه بقصیدة مدحه بها، مما أدی إلی أن یعطیه الأمیر صلة أیضاً (ابن قتیبة، عیون...، 3/152؛ أبوالفرج، 17/333-334؛ أبوعطا، 142)، لکن تلاحظ له أیضاً مقطوعة في مدح والد یزید (ابن قتیبة، الشعر، 2/653، عیون، 3/141؛ أبوعطاء، 140)، ومقطوعة أخری في مدح ابنه المثنی (أبوالفرج، 17/334؛ أبوعلي القالي، 450؛ بشأن اختلاف الروایات، ظ: بلوچ، 143)، إلا أن الشعر الذي نال شهرة أکثر من غیره، المقطوعة التي نظمها في رثاء یزید (أبوتمام، 1/331؛ ابن قتیبة، الشعر، ن.ص؛ البلاذري، 3/147-148؛ الطبري، 7/456).

وخلال ذلک کان الشاعر یغادر الکوفة أحیاناً متجهاً إلی الأمیر المقتدر و الشاعر في خراسان نصر بن سیار، أملاً في نیل ثلاته الجزیلة (الزمخشري، 3/700)، لکن لایبدو أن نصراً کان یستقله بحرارة، ذلک أننا نراه حتی بمتنع مرة من استماع القصیدة التي مدحه بها (أبوالفرج، ن.ص).

واستناداً إلی شهادته هو (ظ: أبوالفرج، 17/339)، فإن فاقته هي التي کانت تسوقه نحو أمیر خراسان، لذا لاتبدو معقولة کثیراً روایة الزمخشري (ن.ص) التي تحدثت عن إعطائه صلة قدرها 1,000 دینار قام هو بدوره بتفریقها بین رفیقیه. وقد نظم الشاعر أیضاً قصیدة في رثاء نصر بن سیار (تـ 131هـ/ 749م) (أبوالفرج، 17/332- 333؛ 7 أبیات؛ البصري، 1/252).

والملاحظ هو أن هذا المولی السندي – خلافاً لأغلب الموالي – محب للأمویین، إلی درجة أنه شارک مرة في حرب ضد المسوّدة (أبوالفرج، 17/330؛ الصفدي، ن.ص؛ ابن شاکر، 1/202- 203). وفي الحرب التي نشبت بین الجیش الأموي والضحاک الخارجي في الکوفة، انتقد رجلاً قُتل أخوه بید الضحاک و مع ذلک ظل منقاداً للخوارج (الجاحظ، 1/293؛ الطبري، 7/320- 321؛ أیضاً ظ: مصطفی، 25).

إلا أن تأییده المخلص للأمویین، سبب له وضعاً صعباً خلال حکم العباسیین. فمن الواضح أن رجلاً شارک في الحرب ضد العباسیین ، ویبدو أنه فقد غلامه عطاء في هذه الحرب (أبوالفرج، ن.ص)، لم یکن بإمکانه أن یشق طریقه بسهولة إلی بلاط الخلفاء الجدد. و مع ذلک لم یستولِ علیه الیأس و نظم شعراً مبالغاً فیه بمدح بني العباس و بني هاشم، وهجا فیه هجاء مقذعاً أولیاء نعمته السابقین، إلا أن سوقه لم ترج لدی الخلیفة القلیل الذوق (ابن قتیبة، ن.م، 2/654؛ البلاذري، 3/164-165؛ البیهقي، 246).

بادر الشاعر الذي لم تکن له نباهة في دولة بني العباس، کما یقول أبوالفرج (17/329) إلی الهجاء اعتبر «جور بني مروان» أفضل من «عدل بني العباس» (ابن قتیبة، البلاذري، البیهقي، ن.صص؛ أبوالفرج، 17/333). ومع کل ذلک انطلق الشاعر بعد فترة إلی بلاط العباسیین مرة أخری ومدح المنصور الذي کان قد تولی الخلافة في 136هـ، فلم یعبأ به المنصور، وعندما عاد إلیه بقصیدة مدح مرة أخری، غضب الخلیف و قرأ علیه الأبیات التي کان قد نظمها في مدح نصر بن سیار وأیأسه من أي شکل من أشکال العطاء؛ فبادر الشاعر أیضاً إلیهجاء الخلیفة (م.ن، 17/332-333).

ویبدو أنه لم یتمکن إطلاقاً من أن یکیّف نفسه مع سیاسة العباسیین. فعندما أمر المنصورُ الناسَ بلبس السواد، ارتدی الشاعر السواد أیضاً، إلا أنه قال بیتین استهزأ فیهما بلبس السواد، کما ذکر أن بیعته أخذت قهراً (م.ن، 17/335). وقد نسب إلیه البلاذري (3/208؛ أیضاً ظ: الطبري، 7/491؛ المسعودي، 6/184-185) بیتي شعر في ذم أبي مسلم. صحیح أن المنصور – وفقاً لروایة المسعودي والطبري – قد قرأ هذین البیتین علی جنازة أبي مسلم، لکن نظراً للنقمة التي کان یکنها الشاعر في قلبه لثورة العباسیین ، فلیس غریباً أن یکون قد نظم هذین البیتین (لم یرد هذان البیتان في دیوانه). وعن علاقات أبي عطاء بکبار شخصیات عصره في تلک الفترة لیس لدینا سوی خبر آخر، روایة المزباني (ن.ص) التي ذکر فیها 3 أبیات له في مدح المهدي یحتمل أن تکون مختلقة (أیضاً : أبوعطاء، 141).

أما عن علاقاته بشعراء عصره، فلدینا عدة روایات أشهرها قصة لقائه بحماد الراویة و حماد عجرد و حماد بن الزبرقان و کذلک ببکر بن مصعب المزني في مجلس یحیی بن زیاد (ابن قتیبة، ن.م، 2/652؛ ابن عبد ربه، 6/471-472؛ ابن ظافر، 33-35؛ ابن خلکان، 5/282-283). وتختلف في المصادر أحیاناً أسماء الذین اجتمعوا في هذا المجلس (ظ: أبوالفرج، 17/330؛ ابن ظاهر، 33). والأمر الملفت للنظر في هذه الروایة أن الشاعر بعد اتخاذه احتیاطاتکي لاتعرضه لهجته النسدیة للسخریة، قرأ حماد الراویة له عدة ألغاز في قالب شعري، کان جوابها لامحالة کلمات تتضمن حروفاً عسیرة علی لسان أبي عطاء.ورغم أن الشاعر کان یرد علی الفور ببیت شعر لکل لغز، إلا أنه خلال تلفظه الکلمات المقصودة کان یلفظ الحروف بالشکل التالي: زبدلاً من ج؛ س بدلاً من ش؛ ذبدلاً من ظ؛ ذبدلاً من ض؛ همزة بدلاً من ع؛ هـ بدلاً من ح. والأمر الآخر الملفت للنظر في هذه الروایة هو أن أولئک الشعراء الماجنین الأمویین الذین لم یکن أحد ینجو من لدغ ألسنهم – خاصة حماد الراویة – لما رأوا الشاعر قد استولی علیه الغضب هدّأوه بشکل ما، وهربوا من خطر صولته و هجائه.

ویبدو أنه کان حقاً موضع احترام الشعراء، فقد ذمّ مرة شعر حماد الراویة وجاءه بشعر أفضل منه (هذه الروایة نقلها حماد نفسه، ظ: أبوالفرج، 17/336). وقرأ مرة أخری في مجلس سلیمان بن مجالد (الذي لانعلم إن کان هو نفسه القائد في العصر العباسي، أم شخصاً آخر) فيمدحه کلمة «فضلتُ» بشکل «فدلتُ»، ولم یکن أحد لیجرؤ علی الضحک من هذا التحریف المضحک (م.ن، 17/338-339). وحتی أبودلامة الشاعر الماجن الهجّاء یعرض عن الردّ علی هجائه المقذع (م.ن، 10/240؛ ابن ظافر، 120؛ ابن خلکان، 2/326). وقد صنع الکتّاب من مؤلفي النکات من حکایته مع أبي دلامة أکثر حلاوة، حیث ذکروا أن أبا عطاء هجا بغلة أبي دلامة، فخاف هذا أن تشتهر بذلک و یناله عارها، فباعها و بادر إلی هجائها أیضاً (أبوالفرج، 17/335- 336).

أثنی الکتّاب القدامی علی شعره (مثلاً ظ: ابن قتیبة، ن.ص)، واعتبروه المثیل له في نظم الشعر علی البدیهة (أبوالفرج، 17/330)، وصنع إبراهیم الموصلي لحناً لأحد آثاره (م.ن، 17/326). ولم یتحرج اللغویون من الاستشهاد بشعره (مثلاً ابن منظور، المواد حبب، عهد، أتم، رها).

أما الباقي من آثاره، فرصین حقاً وسلس و عذب، وهو بعید عن أي نوع من أنواع التعقید النحوي، أو الوعورة اللغویة. ومع کل ذلک – و کما أشار مصطفی (ص 29) – فإن هذا المقدار القلیل أیضاً لم یکن بمنأیّ عن اللحن: ففي أحد الأبیات (أبو عطاء، 149، السطر 16)، إذا لم نقرأ «دوابّ» بتخفیف الباء اضطرب وزن البیت؛ وابتلیت قافیة بیت آخر بالإقواء (م.ن، 142، السطر 13).

لم یذکر أحد السنة التي توفي فیها أبوعطاء، إلا أن أبا الفرج (17/329- 330) فقط أشار إلی أنه توفي أواخر خلافة المنصور (تـ 158هـ/ 775م).

ورغم کل الشهرة التي تمتع بها أبوعطاء، لم یبق سوی القلیل من شعره، وإن ماذکر في المصادر منها لایتجاوز مامجموعه 120 بیتاً. وقد جمع نبي بخش خان بلوچ السندي هذه الأبیات و طبعها سنة 1949م (للاطلاع علی نقد موجه لهذا الدیوان و النقص الذي فیه، ظ: مصطفی، 9-20).

 

المصادر

ابن خلکان، وفیات؛ ابن شاکر الکتبي، محمد، فوات الوفیات، تقـ: إحسان عباس، بیروت، 1973م؛ ابن ظافر الأزدي، علي، بدائع البدائه، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1970م؛ ابن عبدربه، أحمد، العقد الفرید، تقـ: أحمد أمین وآخرون، بیروت، 1402هـ/1982م؛ ابن قتیبة، عبدالله، الشعر والشعراء، بیروت، 1964م؛ م.ن، عیون الأخبار، بیروت، 1343هـ/1925م؛ ابن منظور، لسان؛ أبوتمام، حبیب، دیوان الحماسة، شرح الخطیب التبریزي، دمشق، 1331هـ؛ أبوعطاء السندي، دیوان (ظ: ملـ، بلوچ)؛ أبوعلي القالي، إسماعیل، ذیل الأمالي والنوادر، بیروت، دار العلمیة؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، دارالکتب؛ البصري، علي، الحماسة البصریة، تقـ: مختارالدین أحمد، حیدرآبادالدکن، 1383هـ/1964م؛ البطلیوسي، عبدالله، الاقتضاب، بیروت، 1973م؛ البلاذري، أحمد، أنصاب الأشراف، تقـ: عبدالعزیز الدوري، بیروت، 1398هـ/1978م؛ بلوچ، نبي بخش، مقدمة دیوان أبي عطاء (ظ: ملـ، بلوچ)؛ البیهقي، إبراهیم، المحاسن و المساوئ، بیروت، 1390هـ/1970م؛ الجاحظ، عمرو، البیان و التبیین، تقـ: حسن السندوبي، القاهرة، 1351هـ/1932م؛ زامباور، معجم الأنساب والأسرات الحاکمة، تجـ: زکي محمدحسن و حسن أحمد محمود، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ الزمخشري،محمود، ربیع الأبرار و نصوص الأخبار، تقـ: سلیم النعیمي، بغداد، 1400هـ/ 1980م؛ الصفدي، خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: ي. فان إس، بیروت، 1392هـ/ 1973م؛ الطبري، تاریخ؛ المرزباني، محمد، معجم الشعراء، تقـ: عبدالستار أحمد فراج، القاهرة، 1379هـ /1960م؛ المسعودي، مروج الذهب، تقـ: باربیه دي مینار باریس، 1871م؛ وأیضاً:

Baloch, N. B., «The Diwan of Abū ʿAṭā’ of Sind»’ Islamic Culture, Hyderabad-Deccan, 1949, vol. XXIII; Mustafa, H. Gh., «Abū ʿAṭā’ al-Sindi an Eighth Century Arabic Poet of Sindh», ibid, vol. XL(1).

آذرتاش آذرنوش/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: