اویس القرنی

أُوَیْسُ الْقَرَنيّ،   أبو عمرو (النصف الأول من القرن 1ه‍ / 7م)، من التابعین ومن أصحاب علي بن أبي طالب (ع) ويعرف بالزهد والورع عند الصوفية. كان من رهط قَرَن، من قبيلة بني مراد اليمنية (عن نسبه، ظ: الکلبي، 1 / 334؛ ابن سعد، 6 / 161؛ خلیفة، 146). وکان أبوه عامراً، و ورد اسمه في بعض المصادر أنيس، خليص أو عمرو (الطبري، 627؛ ابن درید، 414؛ الخلیلي، 2 / 542-543؛ الرافعي، 1 / 91). يبدو أن أويس كان يعيش في اليمن في عهد النبي (ص)، ولكنه لم یلتق به وتفید بعض الروايات أنه قدم برفقة وفد إلى المدينة من اليمن أو الكوفة. وقيل إن عمر بن الخطاب عرفه عندما قدم علیه استناداً إلى ما كان النبي (ص) قد وصفه به (ظ: ابن سعد، 6 / 162-163؛ الذهبي، 4 / 20 وما بعدها). ويبدو أن أويس أقام في الکوفة بعد هذه الرحلة، (أحمد بن حنبل، 478). وهناك روايات كثيرة بشأن مكان وفاته (م.ن، 479-480؛ ابن حبان، 4 / 52، النیشابوري، 99)، ویوجد في الرقة قبر منسوب إلیه وكذلك في أماكن أخرى مثل دمشق والإسكندرية و ديار بكر (یاقوت، 2 / 596؛ ابن بطوطة، 1 / 114). ومهما کان الأمر فإنه وإستناداً إلی غالبیة الروایات، فقد شهد معرکة صفین وکان في جیش علي (ع)، حيث وُجد جثمانه بين شهداء هذه المعرکة (الطبري، 628؛ أیضاً ظ: نصر بن مزاحم، 324). 
اختلفت الروایات بشأن تفاصیل حیاته، بحیث إن بعض الرواة ــ حتى في القرون الهجرية الأولى ــ اعتراهم الشک في شخصيته (ظ: ابن حبان، 4 / 53؛ أیضاً ظ: ابن الجوزي، 2 / 43-44). ومع كل ذلك، فقد قيل إنه روى عن علي (ع) و عمر بن الخطاب، وإن بعض رجـال القرن الأول ــ واغلبهم من الکوفییـن ــ أخذوا الحدیث منه (ابن أبي حاتم، 1(1) / 326، ابن حجر، 1 / 115). 
یحظـی أویس لـدى الشیعـة الإماميـة بمكانـة خاصة باعتبـاره أحد أصحاب الإمام علي(ع) ( الاختصاص، 6-7، 61، 81، 82 ؛ الکشي، 9)، حيث أنّ الشيخ المفيد وضعه في عداد من بایعوا علیاً (الجمل، 109). 
تقتصر أهمیة الروایات المتبقیة بشأن أویس القرني علی أنه من الزهاد الأوائل عند المسلمین حتی نال مکانة سامیة عند المتصوفة؛ بحيث إنه اشتهر بين التابعين باعتباره أحـد الزهاد الثمانية (مثلاً ظ: أبو نعیم، 2 / 87؛ الکشي، 97- 98). 
إن أقدم الروايات بشأنه تعرض لنا أکمل صورة شخصیة متوغلة في التصوف. تتفق جمیع الروایات في أنه ورغم شهرته کان فقیراً والهاً خامل الذکر دون أن تکون له ثیاب لائقة وهو من أسباب اعتزاله من الناس  (ابن المبارک، 293؛ ابن سعد، 6 / 161-165؛ أحمد بن حنبل، 475-477، 480- 481) وقد ورد في روايات أخرى أنه كان يلبس لباساً من الصوف (م.ن، 479؛ أیضاً ظ: مفید، الإرشاد، 306؛ الکشي، 98). وقد نسبت في هذه الروايات إلى أويس أقوال حكمية يدور مضمونها في الغالب حول زوال الدنيا وقرب الموت (ابن سعد، 6 / 164-165؛ أحمد بن حنبل، 479-480). 
یشغـل شـرح أحوال أویس حیـزاً کبیـراً مـن الأدب الصوفـي (ظ: أبو نعیم، 2 / 79-87؛ العطار، 19 ومابعدها). وما یجدر بالاهتمام هو الحديث المنسوب إلى النبي (ص): «إني لأجد نفس الرحمن مـن قبل الیمن»، حيث قيـل إن فيه إشـارة إلـى أويـس القرني (ظ: فروزانفر، 73؛ أیضاً ظ: عین القضات، 326، 349؛ قا: علاء الدولة، 365-366). استشف بعض المتصوفین من هذا الحدیث أن النبي (ص) کان یمیز بین أصحابه في إلقاء الحقائق والأسرار (أحمد جام، 319؛ أیضاً ظ: الآملي، 26) كما تفيد رواية أخرى بأن أويس كان یطلع علی أحوال الرسول (ص)، في حين أنه كان بعيداً عنه کل البعد (ظ: کرماني، 25-26). كما ظهرت تأويلات خاصة بشأن عدم إدراک أويس النبي (ص) (ظ: عین القضات، 34-35؛ شمس التبریزي، 1 / 276- 278). 
لقد جاء اسم أويس في لائحة عقلاء المجانين (ظ: النیشابوري، 94؛ أیضاً عین القضات، 349). كما أولى الصوفية اهتماماً كبيراً لعزلته ووحدته، ومكاشفاته واذواقه في هذه الأحوال، دون أن يكون قد أدرك «شیخاً من المشایخ» في السير والسلوك، وأدی ذلك إلى ظهور طريقة خاصة من التصوف تحمل اسم «الأويسية» (ن.ع). ومع كل ذلك، فقد أورد حيدر الآملي اسم أويس إلى جانب صفوة أصحاب النبي (ص) کسلمان وأبي ذر وعمار وأصحاب الصفة، وجعلهم متمایزین عن طبقات الصوفية التالية، معتبراً هذه الطائفة من الأصحاب «تلامذة للأئمة المعصومين» (ص 503، 614-615). 
کان أویس یحظی بمکانة سامیة عند کثیر من الفرق، بحیث اعتبره الأباضیة من أصحابهم استناداً إلی بعض مصنفاتهم (ظ: ابن سلام، 79). 

المصادر

   الآملي، حیدر، جامع الأسرار، تق‍ : هنري کوربن وعثمان یحیی، طهران، 1347ش / 1969م؛ ابن أبي حاتم، عبد الرحمن، الجرح والتعدیل، حیدرآباد الدکن، 1372ه‍ / 1953م؛ ابن بطوطة، الرحلة، تق‍ : محمد عبد المنعم العریان، بیروت، 1987م؛ ابن الجوزي، عبد الرحمن، الموضوعات، تق‍ : عبد الرحمن محمد عثمان، القاهرة، 1386ه‍ / 1966م؛ ابـن حبان، محمـد، الثقـات، حیـدرآبـاد الدکن، 1398ه‍ / 1978م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الإصابة، القاهرة، 1328ه‍ / 1910م؛ ابن درید، محمد، الاشتقاق، تق‍ : عبد السلام هارون، القاهرة، 1378ه‍ / 1958م، ابن سعد، محمد، الطبقات الکبری، بیروت، دار صادر؛ ابن سلام الأباضي، بدء الإسلام، تق‍ : ورنر شوارتس وسالم بن یعقوب، بیروت، 1406ه‍ / 1986م؛ ابن المبارک، عبد الله، الزهد والرقائق، تق‍ : حبیب الرحمان الأعظمي، مجلس إحیاء المعارف، 1385ه‍ / 1966م؛ أبو نعیم الإصفهانـي، أحمد، حلیة الأولیاء، القاهرة، 1351ه‍ / 1932م؛ أحمد بن حنبل، الزهـد، تق‍ : محمد سعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1409ه‍ /  1988م؛ أحمد جام، أنس التائبین، تق‍ : علي فاضل، طهران، 1368ش؛ الاختصاص، المنسوب إلی الشیخ المفید، تق‍ : علي أکبر الغفاري، قم، 1402ه‍ ؛ خلیفة بن الخیاط، الطبقات، تق‍ : أکرم ضیاء العمري، الریاض، 1402ه‍ / 1982م؛ الخلیلي، الخلیل، الإرشاد، تق‍ : محمد سعید عمر إدریس، الریاض، 1409ه‍ / 1989م؛ الذهبي، محمد، سیر أعلام النبلاء، تق‍ : شعیب الأرنؤوط وآخرون، بیروت، مؤسسة الرسالة؛ رافعي القزویني، عبد الکریم، التدوین في أخبار قزوین، تق‍ : عزیز الله عطاردي، طهران، 1376ش؛ شمس التبریزي، مقالات، تق‍ : محمد علي موحد، طهران، 1369ش؛ الطبري، محمد، «المنتخب من کتاب ذیل المذیل»، مع ج 11 تاریخ؛ العطار النیسابوري، فرید الدین، تذکرة الأولیاء، تق‍ : محمد استعلامي، طهران، 1366ش؛ علاء الدولة السمناني، أحمد، العروة لأهل الخلوة والجلوة، تق‍ : نجیب مایل هروي، طهران، 1362ش؛ عین القضات الهمداني، تمهیدات، تق‍ : عفیف عسیران، طهران، 1341ش؛ فروزانفر، بدیع الزمان، أحادیث مثنوي، طهران، 1361ش؛ کرماني، عبد الرزاق، «تذکرة مناقب حضرت شاه نعمت الله ولي»، مجموعة در ترجمۀ أحوال شاه نعمت الله ولي کرماني، تق‍ : جان أوبن، طهران، 1361ش؛ الکشي، محمد، معرفة الرجال، اختیار الشیخ الطوسي، تق‍ : حسن مصطفوي، مشهد، 1348ش؛ الکلبي، هشام، نسب معد والیمن الکبیر، تق‍ : ناجي حسن، بیروت، 1408ه‍ / 1988م؛ مفید، محمد، الإرشاد، قم، مؤسسه آل البیت (ع)؛ م.ن، الجمل، تق‍ : علي میر شریفي، قـم، 1413ه‍ ؛ نصر بن مزاحم، وقعة صفین، تق‍ : محمد عبد السلام هارون، القاهرة، 1382ه‍ / 1962م؛ النیشابوري، الحسن، عقلاء المجانین، تق‍ : عمر أسعد، بیروت، 1407ه‍ / 1987م؛ یاقوت، البلدان.        

                                                    علي بهرامیان / د.