اورنبورغ

أورِنْبورْغ،   قاعدة محافظة تحمل نفس الاسم في جمهورية روسيا الاتحادية. وقد شيدت في 1148ه‍ / 1735م قلعة في الموضع الحالي لمدينة أورْسْك وسمیت أورنبورغ. و«بورغ» هي كلمة مأخوذة من الألمانية وتعني المدينة، وعلى هذا، تعني أورنبورغ «المدينة المحاذية لنهر أور» (BSE3,XVIII / 502). وقد سميت هذه المدينة والمحافظة في الفترة بين سنوات 1938-1957م، تشاكالوف، ولكنها استعادت اسمها السابق في 1957م (ن.م، XVIII / 503).
وبمرور فترة قصيرة، انتقلت مدينة أورنبورغ التي كانت تقع في موضع القلعة إلى مكان آخر وظهرت مدينة جدیدة اسمها أورسك في الموضع الذي كان قد شيدت فيه قلعة عسكرية إلى جوار نهر أور. وفي 1153ه‍ / 1740م بدأ بناء مدينة أورنبورغ بالقرب من مصب نهر ساكمارا في نهر أورال و انتقل أهاليها في 1156ه‍ / 1743م إلى الموضع الجديد (ن.م، XVIII / 502). تبلغ مساحة محافظة أورنبورغ 124 ألف كم‍‍ 2 وکان عدد نفوس هذه المحافظة في 1985م، 000,141,2 وعدد سكان مدينة أورنبورغ 519 ألف نسمة («معجم ... »، 937؛ BSE3,XVIII / 503). تقع محافظة أورنبورغ على السفح الجنوبي من سلسلة جبال أورال، ويبلـغ معدل درجةحرارتها في كانون الثاني 14°ـ إلى 18°ـ وفي تموز 19° إلى 22° سنتيغراد («معجم»، ن.ص). يعتبر أورال أكبر الأنهار في المحافظة. والأنهار الأخری في هذه المنطقة هي ساكمارا وأور وكوماك، وإيلك وسامارا وكاما. وأما السهول المحیطة بالأنهار فإنها مغطاة بغابات تقدر احتیاطیاتها الخشبیة مایقارب 30 مليون مـ‍‍ 3 تبلغ نسبة الأمطار السنوية في شمال غرب المحافظة 450 وفي جنوبها 300 مليمتر. إلا أن متوسط هطول الأمطار في جنوب شرق المحافظة أقل من ذلک (BSE3 ، ن.ص).
انتشر الدين الإسلامي طیلة القرون 1-3ه‍ / 7-9م بين القبائل القزاقية المستقرة. وأثناء القرن 10ه‍ / 16م اعتنق كبار قبائل القزاق ورؤساؤها الإسلام متأثرین بالنوغائيين بالمتحالفين معهم آنذاك. ومع ذلك، فإن القبائل الرحل لم تكن قد أسلمت بعد. وقد أسلم القزاق أخيراً بسبب ضغوط الحكومة الروسية والدعوة الدينية المستمرة للتتار. وقد كان دافع الروس ذلك أنهم كانوا يشعرون بأن الإسلام من شأنه أن يجمع القبائل المتفرقة عن بعضها باعتباره عاملاً حضارياً موحداً وبالتالي فسوف يكون بإمكانهم السيطرة على القزاق بسهولة (أکینر، 289). وقد تم دعم بناء المساجد وعين إمام خاص لكل قبيلة. وتعزز نشاطات التتار وأصبحت لغتهم اللغة الرسمية للتواصل بين الروس والسكان الأصليين (ن.ص). وفي 1202ه‍ / 1788م أسست كاترين الثانیة الأمبراطورة الروسية مركزاً للإفتاء الديني يسمى «المجمع الروحاني المحمدي» في أورنبورغ (م.ن، 9). وفي نفس السنة تأسس بإذنها المجمع الروحاني المحمدي لأورنبورغ في مدينة أوفا. كان هذا المجمع يتمتع بالصلاحية القضائية في الشؤون الشرعية وبعض الشؤون المدنیة. وقد تم إعادة بناء المساجد والحوزات العلمية وزالت الكثير من العراقیل والقيود التجارية (م.ن، 58,78).
وفي أواسط القرن 13ه‍ / 19م تغيرت السياسة الروسية القائمة على تعزيز الإسلام بين القزاق، بحيث أن بناء المساجد كان يتوقف على رخصة رسمية من الحكومة، وقد تقلص عدد أئمة المساجد إلى حد كبير، وازدادت نشاطات البعثات التبشيرية المسيحية بشكل ملفت للنظر. ولكن الإسلام كان قد ترسخ بين القزاق حتى ذلك الوقت، فكانوا يقاومون كل محاولة لتغيير المعتقدات الدينية (م.ن، 289). وفي 1147ه‍ / 1734م تأسست في الموضع القديم لمدينة أورنبورغ (أورسك حالياً)، اللجنة الخاصة بالتحقيقات حيث كان الهدف منها تنظيم العلاقات التجارية مع حكام آسيا الوسطى. ومنذ 18 رجب 1187 و حتى 9 محرم 1188ه‍ / 5 تشرين الأول 1773 حتى 23 آذار 1774م حاصر القزاق المتمردون بقيادة بوغاتشوف مدينة أورنبورغ الجديدة لفترة ما (BSE3,XVIII / 502). وقد كانت أورنبورغ تعتبر في عهد قياصرة روسيا أحد المنافي في هذا البلد (ن.ص).
وفي عهد باول الأول إمبراطور روسيا (1796-1801م / 1211-1216ه‍ ( تم إرسال حوالی 500,22 شخص من قزاق دن إلی أورنبورغ بقيادة الجنرال فاسيلي أورلوف (رئوکین، 14) بغیة الزحف نحو بخارا وخيوه ومنها إلى الهند (ن.ص). وفي الحقيقة فإن أورنبورغ تحولت فيما بعد إلى قاعدة لنفود روسيا في آسيا الوسطى. وفي 1249ه‍ / 1833م ذهب الجنرال فاسيلي ألكسندرويتش بيروفسكي إلى أورنبورغ وانتهج منها سياسة فاعلة بهدف النفوذ في آسيا الوسطى وبقي في منصبه حتى 1258ه‍ / 1842م (م.ن، 18؛ باخروشین، II / 478). وقد سعى عدة مرات أن یتسلل في إمارة خوه. وفي رمضان 1255 / تشرين الثاني 1839، شن هجوماً علیها ولكنه عاد إلى أورنبورغ بعد أن خابت آماله (م.ن، II / 225-226).
وفي 1258ه‍ / 1842م شيد الجنرال فيلاديمير أوبروتشوف الحاکم العسکري لأورنبورغ، تحصينات ومعاقل على الساحل الشمالي لنهر سيحون (سيردريا). وقد ظل في هذا المنصب حتى 1267ه‍ / 1851م (رئوکین، 19؛ باخروشین، II / 477). وفي هذه السنة عين الجنرال بروسكي مرة أخرى حاكماً عسكرياً مقره في سامارا. وقد احتفظ بهذا المنصب حتى 1273ه‍ / 1857م، وواصل بحرص أكبر إجراءات الجنرال أوبرتشوف بهدف مواصلة النفوذ في روسيا (م.ن، II / 226,478؛ رئوکین، ن.ص). وقد أثارت إجراءات روسيا للنفوذ في آسيا الوسطى، مخاوف الله قلي خان حاكم خيوه. فاضطر إلى إبرام معاهدة تجارية مع روسيا وتعهد بتوفير الأمن للقوافل التي كانت تتردد بين أورنبورغ و خيوه (باخروشین، II / 224). وفي 1282ه‍ / 1865م خضعت مقاطعة تركستان لأشراف حاكم أورنبورغ العسكري (رئوکین، 22). وقد كانت العلاقات التجارية لبخارا وخيوه مع روسيا تتم عن طريق القوافل ومن خلال اجتياز مسافة
تبلغ حوالی 1380كم حتى مدينة أورنبورغ (باخروشین، II / 149).
ورغم أن أورنبورغ فقدت أهميتها السابقة كمركز عسكري رئيس بسبب اتساع نفوذ الحكومة الروسية في آسيا الوسطى، إلا أن مركزها الاقتصادي وثرواتها المعدنية العديدة تستحق الاهتمام. وتوجد في أورنبورغ بعض المصانع لإنتاج المعادن والمكائن، ومنشآت المحركات الكهربائية في أورال وغيرها. ويبلغ طول خطوط السكك الحديدية في محافظة أورنبورغ أكثر من 600,1 كم (BSE3,XVIII / 504).

المصادر

   رئوکین، مایکل، حکومت مسکو ومسألۀ مسلمانان آسیاي مرکزي شوروي، تج‍ : محمود رمضان زاده، طهران، 1366ش؛ وأیضاً:

Akiner, Sh., Islamic Peoples of the Soviet Union, London 1986; Bakhrushin, S.V., Istoriya narodov Uzbekistana, Tashkent, 1947; BSE3; Sovetskiǐ entsiklopedicheskiǐ slovar’, Moscow, 1987.
عنایت الله رضا / خ.