اوده

أَوَدْه،   من مراكز انتشار الثقافة الشيعية في شمال شبه القارة الهندية. اسم أوده مأخوذ من اسم مدينة قديمة هي «آيودهيا» التي كانت عاصمة لبلاد بنفس الاسم سميت فيما بعد كوسالا. أوده هي مسقط رأس «راما» أحد أبطال الأساطير الدينية للهندوس (مجومدار، 69-70؛ مهابهارت، 1 / 374؛ راماین، 1 / 65-64؛ سالتوره، I / 161). 
تشكل بلاد أوده قسماً كبيراً من الهضبة الغرینیة في شمال الهند والتي تبلغ مساحتها أكثر من 138,53كم2 وتقع على خطی عرض 25°و34´ حتى 28°و42´ شمالاً وطول 79°و44´ حتى 83°و9´ شرقاً وتحدها النيبال من الشمال، الله آباد من الجنوب، أكره من الغرب، بنارس وغوركهبور من الشرق. وفضلاً عن الأنهار الأربعة الكبرى وهي كنغ وغومتي وغوكرا ورابتي، تروي هذه المنطقة أنهار صغيرة تنبع غالبيتها من الهيمالايا. وتغطي الغابات قسماً واسعاً من أوده (الندوي، 8؛ بریتانیکا، I / 751؛ آسیاتیکا، VII / 59-60؛EI1,VI / 1014). بعد استقلال الهند، ومع تشكيل ولاية أوتاربرادش في 1950م، انضمت أوده إلیها ( بریتانیکا، ن.ص). كتب تسيانغ السائح الصيني في القرن 7م قائلاً إن آيودهيا كانت بلاداً واسعة وخصبة تتواجد فيها المعابد الهندوسية الكثيرة وكانت عاصمتها تتمتع بمكانة دينية بالنسبة إلى البوذيين (ص 224-229). 
لاتتوفر معلومات دقيقة عن دخول الإسلام في أوده. وقد رأى عبد الرحمن الچشتي أن فتح أوده يعود إلى عهد محمود الغزنوي (389-421ه‍ / 999-1030م)، حيث تم الاستیلاء عليها بقيادة سالار مسعود الغازي (ظ: EI2,VI / 1015). وذكر منهاج سراج أن الاستيلاء علـى أوده يعـود إلـى عهـد قطب الديـن أيبـك (تـ 607ه‍ / 1210م) (1 / 407، 422). وفي 797ه‍ / 1395م، استولى خواجه جهان الشرقي مؤسس السلالة الشرقية في جونبور على أوده وخضعت لحكم هذه السلالة حوالی 90 سنة. وفي 889ه‍ / 1484م أطاح بهلول لودي بالسلالة الشرقية وخضعت أوده لحكم سلاطین لودي (سیهرندي، 156-157؛ أیضاً ظ: عبد الحلیم، 44,45). 
وفي عهد حكم بابر (932-937ه‍ / 1526-1531م) كانت أوده جزءاً من بلاد المغول في الهند وكانت ترسل منها ضرائب ملحوظة إلی البلاط (بابر، 521,601-602؛ خان، 145). وفي عهد أكبر شاه (ن.ع) كانت أوده إحدى الصوبات الاثنتي عشرة وتضم 5 سرکارات، وفي 1010ه‍ / 1601م أسس الأمير سليم الملقب بجهانگیر قواعد في أوده (أبو الفضل، آیین ... ، 1 / 352، 433-441، أکبرنامه، 1 /  249-250، 289؛ برجس، 62). وبعد موت أورنگ زيب (1119ه‍ / 1707م) دب الضعف في حكومة الهند المركزية مما أدى إلى تعاظم قوة الحكام المحلیین، فأثر ذلک اكتسب النواب في أوده نفوذاً وقوة كبيرة وإنهم من أسرة شيعية إيرانية ینحدر نسبهم من الإمام موسى الكاظم (ع) حسب زعمهم. وكان الأمير محمد أمين الموسوي مؤسس سلالة النوابين في أوده وقد استطاع القضاء على سلطة الهندوس العليا في أوده مستغلاً ضعف الحكومة المركزية وبالاستعانة بجماعة من المسلمين. وقد اختار فيض آباد عاصمة له. وخلفه ابـن أخيه منصور الملقب بـ «صفدرجنك». وقد شغل منصب الوزارة لإمبراطورية المغول في الهند في 1152ه‍ / 1739م وأدى ازدياد نفوذ نواب أوده في جهاز الحكومة المركزية، إلى اتساع نفوذ الإيرانيين في جهاز حكم المغول في الهند. وقد كان ملتزماً إلى حد كبير بالآداب الدينية (هالیستر، 172-175؛ رامپوري، 1 / 12-13؛ رضوي، «تاریخ...»، II / 45,53-54). 
وتولى الحكم بعد صفدر جنك ابنه شجاع الدولة (1166-1188ه‍ / 1753-1774م). وفي عهده اتسع نفوذ شركة الهند الشرقية في أوده. وفي 1178ه‍ / 1764م دخل في حرب ضد الإنجليز وبعد هزيمته في بوكسار اضطر إلى الهروب من أوده. وقد أعاد الإنجليز شجاع الدولة إلى حكم أوده بعد السيطرة عليها. ذلك لأنهم كانوا يتجاورون مع مناطق الهند الأخرى وتحولت أوده إلى منطقة حائلة بين البنغال التي كان الإنجليز يسيطرون عليها وبين مناطق الهند الأخرى. وفي 1187ه‍ / 1773م ألحق شجاع الدولة الهزیمة بالمراتهة، ثم الروهيلة في السنة التالية بدعم من شركة الهند الشرقية. وفي 1185ه‍ / 1771م أعيدت الله آباد وكورا إلى شجاع الدولة، وذلك بموجب معاهدة بنارس (الطباطبایي، 2 / 768-770؛ قریشي، 128-129؛ لایل، 157-159؛ رضوي، شاه عبد العزیز، 13-14,20-21,25 ؛ سریوستوا، II / 1-4,12-14).
تولى الحكم بعد شجاع الدولة ابنه آصف الدولة (ن.ع) ثم أصبح وزيراً لدولة المغول وأعلن التشيع مذهباً رسمياً لحكومة أوده (هالیستر، 177-180؛ صدیق، 165). 
وفي عهد سعادت علي سيطرت شركة الهند الشرقية سيطرة تامة على أوده. وتولى الحكم بعد سعادت علي ابنه غازي الدين الذي أعلن في 1235ه‍ / 1820م استقلال أوده عن حكومة دلهي باقتراح اللورد فارن هيستینغز وأعلن نفسه ملكاً وضرب النقود باسمه؛ وإزداد نفوذ الشیعة في عهد أمجد علي أکثر من السابق، بحیث اختير مفتي أوده من علماء الشيعة وتم تطبیق الأحكام الشيعية (رضوي، ن.م، 35-37؛ «تاریخ»، II / 78-89 ؛ دادول، 350-352 ؛ هالیستر، 180-183). 
یعتبر عهد واجد علي (1263ه‍ / 1847م) نهاية حكم نوّاب أوده التي کانت آخر منطقة هندية تتمتع بالحكم الذاتي تم إلحاقها بالمستعمرات البريطانية (رابرت، 234-237 ؛ رضوي، ن.م، II / 85 وما بعدها؛ قریشي، 185). وقد أسفر انضمام أوده إلى مستعمرات بريطانيا وانتزاع الملكية من طبقة الإقطاعيين المتنفذة، عن اندلاع ثورة سنة 1858م في الهند. ورغم أن بريطانيا قمعت المتمردین إلا أنها أعادت الأراضي إليهم. اتسع نفوذ الأقطاعيين المسلمين فـي أوده فـي عهـد الاستعمـار وإنهـم کانـوا یدعمـون نشـر الأردو‌ ـ إسلامية في شمال الهند خاصة في أوده (رابینسن 16-20؛ رضوي، ن.م، II / 87-88 ؛ هومز، 173-174). 
ظهر في أوده شخصیات مسلمة بارزة کما بلغ اتساع الثقافة الإسلامية في هذه المنطقة ذروته في عهد نواب الشیعة وقد حققوا قسماً من شهرتهم من خلال الاهتمام بأهل المذهب والعلم والأدب والفن وکان بلاطهم محط آمال شخصیات شهیرة انحدرت إلیه من دلهي ومختلف أرجاء الهند، وقد شهدت أوده في هذه الفترة تحولاً في اللغة الأدبية لمسلمي الهند، حيث أدى مكانة اللغة الأوردية الرفيعة في بلاط النواب إلى انحسار دور اللغة الفارسية. 
ومن مشاهير أوده:  سراج الدين علي الملقب بآرزو (ن.ع)؛ أشرف علي خان الملقب بفغان وميرزا محمد رفيع سودا الشاعر والكاتب الناطق باللغتين الأوردية والفارسية، وهاريچاران داس مؤلف چهار گلزار شجاعي، وسيد محمد بلغرامي (سریوستوا، II / 346-350 ؛ صدیق، 167-168,171,173؛ رضوي، شاه عبد العزیز، 59). 
تضم أوده معالم أثریة ودینیة تعود إلى ماقبل الإسلام وإنها ذات أهمیة دینیة لدى الهندوس والبوذيين. ومن الآثار المعروفة في العصر الإسلامي قبل النواب في أوده، یمکن ذکر مزار شاه مينا في مجي بهون ومقبرة الشيخ إبراهيم الچشتي في لکناو ومسجد بابر بالقرب من مسقط رأس راما (سریوستوا، II / 313-314 ؛ EI2,I / 636 ؛ رامپوري، 1 / 45-46). 

أخذ الفن المعماري في أوده یزدهر منذ عهد النواب، حيث يعتبر بحد ذاته استمراراً للطراز المعماري في دلهي. وقد تبقت من ذلك العهد آثار كثيرة يتمتع معظمها بأهمية دينية، منها مراقد عديدة تعرف باسم إمام باره (ن.ع). وأبنیة تضاهي مراقد أئمة الشیعة في المناطق المختلفة (رضوي، «تاریخ»، II / 77-84 ؛ کخ، 132؛ هالیستر، 176-  178، 182-183؛ صدیق، 165-166 ؛ «دائرة المعارف ... »، X / 234). 

المصادر

   أبو الفضل علامي، آیین أکبري، تق‍ : ه‍ . بلوخمان، کلکتا، 1872م؛ م.ن، اکبرنامه، تق‍ : مولوي عبد الرحیم، کلکتا، 1879م؛ راماین، تق‍ : عبد الودود أظهر دهلوي، طهران، 1350ش؛ رامپوري، محمد نجم، تاریخ أوده، کراتشي، 1978م؛ سیهرندي، یحیی، تاریخ مبارک شاهي، تق‍ : محمد هدایت حسین، کلکتا، 1931م؛ الطباطبائي، غلام حسین، سیر المتأخرین، لکناو، 1866م؛ کخ، إبا، معماري هنـد، تج‍ : حسین سلطـان زاده، طهران، 1373ش؛ منهاج سراج، عثمان، طبقات ناصري، تق‍ : عبد الحي حبیبي، طهران، 1362ش؛ مهابهارت، تج‍ : میر غیاث الدین علي القزویني، تق‍ : محمد رضا جلالي نائیني و ن. س. شوکلا، طهران، 1358ش؛ الندوي، معین الدین، معجم الأمکنة، حیدرآباد الدکن، 1353ه‍ ؛ هالیستر، جان نرمن، تشیع درهند، تج‍ : آزرمیدخت مشایخ فریدني، طهران، 1373ش؛ وأیضاً: 

Abdul Halim, History of the Lodi Sultans, Delhi, 1974; Asiatica; Babur, Z. M., Bābur-Nāma, tr. A. S. Beveridge, New Delhi, 1970; Britannica ; Burgess, J., The Chronology of Indian History, Delhi, 1975; Dodwell, H. H., »Clive in Bengal, 1756-60«, The Cambridge History of India, New Delhi, 1987, vol. V; EI1; EI2; Encyclopedia of World Art, New York, 1965; Holmes, T. R., »The Greased Cartridges«, The Cambridge History of India, New Delhi, 1981, vol. VI; Khan, Zain, Tabaqat-i Baburi, tr. S. H. Askari, Delhi, 1982; Lyall, A., The Rise and Expansion of British Dominion in India, New Delhi, 1984; Majumdar, R. C., Ancient India, Patna, 1960; Qureshi, I. H., Ulema in Politics, Karachi, 1972; Rizvi, A. A., Shāh ºAbd al-ºAzīz, Canberra, 1982; id, A Socio-Intellectual History of IsnāºAsharī Shīs in India, Canberra, 1986; Roberts of Kandahar, An Eye-witness Account of the Indian Mutiny, Delhi, 1983; Robinson, F., Separatism Among Indian Muslims, London, 1974; Sadig, M., A History of Urdu Literature, Karachi, 1985; Saletore, R. N., Encyclopaedia of Indian Culture, New Delhi, 1985; Srivastava, A. L., Shuja-ud-Daulah of Awadh, Agra, 1974; Tsiang, H., Buddhist Records of the Western World, tr. S. Beal, Delhi, 198l. 
مجید سمیعي / خ.