الاوتاد

الأَوْتاد،   تطلق هذه الكلمة عند المتصوفة على الأشخاص الذین لهم في سلسلة مراتب الأولياء مرتبة أدنى من القطب والأئمة والأفراد، وأعلى من الأبدال والأبرار والأخیار. وتعني الأوتاد في اللغة المسامير. وقد وصف القرآن الکریم الجبال بأوتاد الأرض (النبأ  /  78 / 7)، حيث فسرت في الروايات بالجماعات المختلفة من الأولياء. 
أطلقت كلمة الأوتاد في روايات الشيعة حیناً على النبي (ص) والأئمة الأثنى عشر وحیناً آخر على جماعة من الأولياء تقع في سلسلة مراتب الأبدال والعّباد والسيّاح وهم من أحب العباد إلى الله. وعندما تستخدم هذه الكلمة بشأن النبي (ص) والأئمة (ع) فإنها تتميز لخصوصية تتمثل في أن الله يحفظ بسببهم سكان الأرض من الهلاك، فإذا غادر الأئمة الأثنا عشر الأرض، فإن الأرض سوف تخسف بأهلها. وقد جعل الله هؤلاء الأشخاص حجة على عباده وهم بأمر الله قائمون مستعدون، وقد كان خلقهم قبل جمیع الکائنات وعلى شكل أنوار على الجانب الأيمن من عرش الله‌ (الکلیني، 1 / 534؛ الحر العاملي، 1 / 460؛ الطوسي، 139؛ القاضي سعید، 121؛ المجلسي، 2 / 57، 10 / 155). 
واعتبر الأوتاد في الروايات الصوفية لأهل السنة جماعة من الأولياء يبلغ عددهم 4 أو 7 أو 40 شخصاً خلقوا على خُلق موسى (ع) أو على قلب جبرئيل، أو يتمتعون بيقين كيقين إبراهيم (ع) وببركتهم تمطر السماء ويندفع البلاء عن الأرض وبواسطتهم يرزق الناس (أحمد جام، 216؛ الخوارزمي، 1 / 33؛ اللاهیجي، 282؛ قاضي سعید، 118-119). كما قيل إن في المساجد أوتاداً يجالسون الملائكة وتزورهم الملائكة في مرضهم، وتعينهم عند الحاجة (أحمد بن حنبل، 2 /  418). 
لقد ورد في بعض النصوص العرفانية أن عدد الأوتاد هو 4، 7، 30 أو40، إلا أن الغالبية ذكرت أنهم 4 أشخاص (أبو طالب المکي، 2 / 155؛ المستملي، 1 / 94؛ الهجویري، 269؛ خواجه عبد الله، طبقات، 94؛ ابن عربي، 11 / 268-270، 276، مخ‍(. كما نلاحظ اختلافاً في الآراء حول مكانة الأوتاد ومراتبهم. وقد اعتبرتهم معظم النصوص في مرتبة أعلى من الأبدال وأدنى من الأئمة أو النقباء أو الأفراد (الهجویري، ن.ص؛ ابن العربي، 2 / 400؛ الآملي 1 / 273-274). ولكن البعض من الصوفية يعتبرونهم أعلى من الأبرار وأدنى من الأبدال (خواجه عبد الله، صد میدان، 22). والخصوصية المهمة التي تطالعنا في طبقات الأولياء المختلفة، هي أن شخصاً من طبقة الأبدال أو الأبرار يحل محل أحد الأوتاد في حالة وفاته. وقد ذکر ابن العربي في بعض آثاره أن الأشخاص المرتبطين بالطبقات الأعلى، أي القطب والأئمة هم من جملة هؤلاء الأوتاد (11 / 270) كما اعتبر أحياناً بعض الأوتاد الأربعة من ضمن الأبدال السبعة، حيث يتمثل الأشخاص الثلاثة الآخرون في القطب والأئمة (الآملي، 1 / 276). 
دار الحديث كثيراً في النصوص العرفانية حول تأثير وجود الأوتاد في العالم، استناداً إلى الروايات الدينية. ويمكن أن نجد معظم الأحاديث والتعبيرات في هذا المجال في آثار ابن عربي. وقد قيل إن الله يحفظ العالم بواسطة الأوتاد كما يحفظ البيت بواسطة أركانه (ابن العربي، 11 / 266). وجاء في بعض الروایات أن الله يحفظ الدين الحنيف بواسطة كل واحد من هذه الأوتاد الأربعة أي الإيمان والولاية والنبوة والرسالة وبواسطة مجموعها (م.ن، 11 / 269-270). ذکر ابن العربي أن الشيطان عندما قال إنه يراود أبناء آدم من 4 جهات، فإنه يشير إلى الجهات الأربع التي يحفظهـا الأوتاد، وهم بمنآی عـن تطاول الشیطان من هذه الجهات الأربع (11 / 277). كما اعتبر البعض الأوتاد موضع نظر مرحمة الحق وسبب معمورية الجهات الأربع (شاه نعمت الله، 4 / 13). 
ويعتبر ابن عربي إلياس وعيسى، وأدريس والخضر (ع) من الأوتاد إذ يحضرون في الدنيا بأجسامهم، حيث أن اثنين منهم إمامان وواحداً منهم قطب (11 / 268-270)، وفي موضع آخر يذكر ابن عربي شخصاً يدعى ابن جعدون باعتباره أحد الأوتاد، حيث رآه في مدينة فاس (11 / 276) ویشیر أحياناً إلی 4 أشخاص آخرين اثنان منهم رجلان فارسي وحبشي، والثالث شخص يدعى ربيع بن محمود المارديني والرابع هو نفسه (2 / 401، للتفصیل عن أسماء الأوتاد، ظ: 11 /  278-279، شاه نعمت الله، 1 / 150، 4 / 13). 
ويرى الهجويري أن الأوتاد الأربعة والأخیار والأبدال والنقباء والقطب، يعرف بعضهم البعض وهم بحاجة إلى إذن أحدهم الآخر في الأمور المختلفة، خلافاً للأولياء الذين يشغلون مراتب أدنی (ن.ص). ومن خصائص الأوتاد الأخرى أن كل واحد منهم یتخلق بأخلاق أحد الأنبياء مثل آدم وإبراهيم وعيسى (ع) ومحمد (ص) ويستمدون الروحانية من أحد الملائكة، كما إن كل واحد من أركان الكعبة متعلق بواحد منهم: فالركن الشامي خاص بالشخص الذي هو على قلب آدم (ع)، والركن العراقي لمن على قلب إبراهيم (ع)، والركن اليماني لمن هو على قلب عيسى (ع)، وركن الحجر الأسود للشخص الذي على قلب محمد (ص). ويعتبر ابن عربي نفسه صاحب الركن الأخير. ویکون استمداد الأوتاد الأربعة من روحانية إسرافيل وميكائيل وجبرئيل وعزرائيل. ويرى ابن عربي أن كل واحد من الأوتاد يتمتع بعلوم خاصة بلغوا بفضلها مرتبة الأوتاد (ظ: 2 / 401-404). 
ويتحدث الخوارزمي أيضاً عن الأوتاد السبعة الذين هم على خُلق موسى (ع) (1 / 33). كما اعتبر البعض قلوب الأوتاد على قلب جبرائيل (القاضي سعید، 121). ومن الخصائص الأخرى التي نسبت إلى الأوتاد، أنهم لايغفلون عن ربهم حتی لحظة ولایدخرون من الدنيا إلا على قدر حاجتهم، ولاتصدر عنهم الهفوات البشرية، ولاتجب العصمة فيهم (القمي، 2 / 438). 

المصادر

   الآملي، حیدر، المقدمات من کتاب نص النصوص، تق‍  : هانري کربن وعثمان إسماعیل یحیی، طهران، 1352ش / 1974م؛ ابن العربي، محمد، الفتوحات المکیة، تق‍ : عثمان یحیی، القاهرة، 1392-1410ه‍ ؛ أبو طالب المکي، محمد، قوت القلوب، القاهرة، 1381ه‍ / 1961م؛ أحمد بن حنبل، مسند، إستانبول، 1980م؛ أحمد جام، أنس التائبین، تق‍ : علي فاضل، طهران، مطبعة طوس؛ الحر العاملي، محمد، إثبات الهداة، تق‍ : أبوطالب تجلیل التبریزي، قم، 1399ه‍ ؛ خواجه عبد الله الأنصاري، صد میدان، تق‍ : قاسم أنصاري، طهران، 1358ش؛ م.ن، طبقات الصوفیة، تق‍ : محمد سـرور مولائي، طهـران، 1362ش؛ الخوارزمـي، حسیـن، شـرح فصوص الحکـم، تق‍ : نجیب مایل هروي، طهران، 1364ش؛ شاه نعمت الله ولي، رساله‌ها، تق‍ : جواد نور بخش، طهران، 1355-1357ش؛ الطوسي، محمد، الغیبة، تق‍ : عباد الله طهراني وعلـي أحمد ناصح، قم، 1411ه‍ ؛ القاضي سعید القمي، شرح أربعین، طهران، 1355ه‍ ؛ القرآن الکریم؛ القمي، عباس، سفینة البحار، طهران، مکتبة سنائي؛ الکلیني، محمد، الأصول من الکافي، تق‍ : علي أکبر غفاري، طهران، 1388ه‍ ؛ اللاهیجي، محمد، شرح گلشن راز، تق‍ : کیوان سمیعي، طهران، 1327ش؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بیروت، 1403ه‍ ؛ المستملي البخاري، إسماعیل، شرح التعرف، تق‍ : محمد روشن، طهران، 1363ش؛ الهجویري، علي، کشف المحجـوب، تق‍ : جوکوفسکي، طهران، 1358ش.  

                                  حسین لاشئ / خ.