الاوائل

الأَوائِل،   کانت بدایة ظهور الأشیاء والحوادث في العالم واستطلاعها منذ القدیم مثیرة للاهتمام حتی وُضع علم الأوائل عند المسلمین وامتد نطاقه إلی «الأدب». ففطن العلماء ورواة الأخبار إلی ظاهرة الأوائل منذ بدایة القرن 2ه‍ ووضعوا فیها العدید من المؤلفات التي تتضمن کمیات طائلة من المعتقدات العامة والخرافیة أو الملاحظات اللغویة في أبواب مصدّرة بـ «أوّل... ، أوّل من ... ، أوّل ما ...». ولقد کان علم الأوائل یقتصر علی وجهین: أولهما من الناحیة اللغویة مثلاً البکر: أول الأولاد؛ الطلیعة: أول الجیش ومقدمته؛ الوسمّي: أول المطر؛ وثانیهما من الناحیة التاریخیة (بجمیع جوانبها) والتي یبحث مختلف الظواهر الاجتماعیة ومن الطبیعي أن تکون واسعة النطاق جداً لأنهما قد تشمل جمیع الظواهر والموضوعات نحو: أول من تحدث بالعربیة، أول من قال الشعر العربي و... 
وبالطبع فإن المصدر الرئیس لمثل هذه الروایات هو الأوهام والخرافات التي وُجدت لأسباب متعددة مثل النزعات الدینیة أو العصبیات القبلیة. ومن ثم کلما نتقدم في الزمن یتسع نطاق الأوهام والخیالات ویزداد عدد مصنفات ومجموعات «الأوائل» حتی یواجهنا مصنف أبي هلال العسکري والذي اکتمل بدوره وبلغ نحو الکمال مستعیناً بالمؤلفات السابقة. 
وبناء علی ما أسلفنا ذکره فإن المصنفات الأولی في علم الأوائل تتمثل في رسائل صغیرة أو في عدة فصول من کتاب ما. وأقدم مصنف یحمل عنوان الأوائـل مانُسب إلـی هشام الکلبـي (تـ 206ه‍ / 821م) (ابن الندیم، 109؛ النجاشي، 2 / 399-400؛ یاقوت، 19 / 289) ویلیه المصنف المنسوب إلی المدائني (تـ 225ه‍ / 840م) (یاقوت، 13 /  138). ورغم أننا نفتقر إلی معلومات بشأن هذه المصنفات إلا أنها وعلی مایبدو کانت مجرد رسائل تنحصر في عدة صفحات والدلیل علی ذلک أن ما وصلنا من ذلک العصر لایتجاوز هذا الحد وفیما یلي نذکر بعض النماذج: 
لقد أورد عبد الله ابن أبي شیبة (تـ 235ه‍ / 850م) في المصنف باباً یحمل عنوان الأوائل (14 / 68 ومابعدها)؛ وقد خصص ابن قتیبة (تـ 276ه‍ / 889م) فصلاً من کتابه المعارف لهذا الموضوع (صص 551- 558)؛ ولابد أن یکون الأوائل لأحمد بن محمد البرقي (تـ 274 أو 280ه‍)، والذي أشار إلیه کل من النجاشي (1 / 206) ویاقوت الحموي (4 / 135)، فصولاً مختلفة من سائر مؤلفاته ومنها کتاب المحاسن. وقد أورد ابن رسته (تـ ح 290ه‍ / 903م) في الأعلاق النفیسة فصلاً موجزاً في باب الأوائل (ص 191-200). 
منذ بدایة القرن 4ه‍ أخذت کتب الأوائل تزداد عدداً بحیث بلغ إلی 8 کتب لم تصلنا منها إلا 3 مجموعات: 1. قد أتی البیهقي (القرن 4ه‍) في المحاسن والمساوي بفصل في موضوع الأوائل 2. لسلیمان بن أحمد بن أیوب الطبراني (تـ 360ه‍( کتاب في باب الأوائل توجد مخطوطة منه في بریطانیا (ریو، 395-396؛GAL,I / 279)؛ 3. الکتاب الشهیر لأبي هلال العسکري الذي یعتبر أهم کتاب في هذا المجال دون أدنی شک. إذا ما سلبنا من أبي هلال العسکري دور الریادة في فن الأوائل بالرغم من ادعائه هو، فلابد أن نعتبر جهوده في هذا المضمار منعطفاً في الموروث الثقافي الإسلامي. إذ أصبح کتابه هذا دافعاً لظهور مصنفات جدیدة في هذا الفن: کما صنف السیوطي الوسائل مستلهماً من أبي الهلال متمیزاً عنه بتبویب جدید وبعض الإضافات (ص 11). ثم جاء بدوره علی دده سکتواري لیصنف کتابه المحاضرة معتمداً علی السیوطي في تلخیصه (ص 3) وهو الذي اعتبر أبا هلال العسکري رائد هذا الفن ومحرز قصب السبق في علم الأوائل (67- 68) وکان أبو هلال نفسه علی هذا الرأي کما نستشف مما أورده في مقدمة کتابه قائلاً: إني رأيت الناس یسعون وراء الأوائل... فألفت هذا الکتاب (ص 15). 
لقد التزم أبو هلال في تصنیف کتابه بالترتیب الزمني شأن جمیع مؤلفي کتب الأوائل. فجعل في البابین الأول والثاني أخبار قریش وما یتعلق بالعصر الجاهلي وفي الباب الثالث سیرة الرسول الأعظم (ص) وفي الباب الرابع الصحابة والتابعین وفي الباب الخامس الملوک المعاصرین لصدر الإسلام. ثم جاء ترتیب الکتاب حسب رغبة المؤلف وعلی هواه إذ کان یتعذر له الالتزام بالترتیب التاریخي. یتضمن الکتاب کسائر مؤلفاته معلومات قیمة حول الثقافة الإیرانیة کما یحمل الباب التاسع عنوان «أول من اتخذ نیروزاً عیداً» (ص 326-327) فتطرق المؤلف فیه أولاً إلی التقالید السائدة في عصره ثم انتقل إلی ظهور المهرجان في عهد أفریدون (ص 327- 328) وإلی جانب ذلک أشار المؤلف في خلال هذا الفصل إلـی تغییر التقویم الإیراني فـي عهد کسری یزدگرد کما لم یغفل عن موضوع الدواوین في العراق ونقلها من الفارسیة إلی العربیة في عهد الخلیفة عبد الملک (ص 207، 330- 331). 
وأما المؤلفون الذین لم تصلنا آثارهم في فن الأوائل فهم: إسحاق بن سلیمان الإسرائیلي (البغدادي، 2 / 275)؛ المرزباني وکان کتابـه الأوائل یتضمـن أخبـار الفرس القدیمـة (یاقـوت، 18 / 270)؛ ابن بابویه (النجاشي، 2 / 312؛ البغدادي، ن.ص)؛ محمد بن عباس... بن ماهیار = ابن حُجام (الطوسي، 177). 
لقد استقصینا مایقارب 20 کتاباً منها ما نجا من آفات الدهر وأصبح بین أیدینا الیوم ومنها ما ضاع علی مر العصور وهذا غیر ما ذکرناه سابقاً. وهذه المصنفات تم تألیفها منذ بدایات القرن 5ه‍ حتی الأزمنة الأخیرة ونقدم فیما یلي لائحة من أسماء المؤلفین المساهمین في فن الأوائل ومحاسن مصنفاتهم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشبلي الحنفي (تـ 769ه‍(: محاسن الوسائل إلی معرفة الأوائل، المحفوظ بمتحف بریطانیا (ریو، 394-395؛GAL,S,II / 91). وکان إبراهیم السوبیني قد اختصره إلا أن اختصاره لم یصلنـا؛ عبد الرحمن بـن محمد العتائقي الحلـي (تـ 790ه‍(: توجد مخطوطة صغیرة له في مکتبة غرویة ومن الممکن أن یکون تلخیص الأوائل لأبي هلال علی حد قول آقا بزرگ (2 / 481)؛ القلقشندي: وإنه في کتابه صبح الأعشی وضع باباً موجزاً في فن الأوائل (ظ: 1 / 412 ومابعدها)؛ عبد الرحمن البسطامـي (تـ 858ه‍(: الفوائح المسکیة في الفواتح المکیة، المحفوظ في مکتبة حسن الصدقي الدجاني في بیت المقدس (المخلص، 357-359)؛ السیوطي (تـ 911ه‍(: الوسائل إلی مسامرة الأوائل وهو ملخص لکتاب الأوائل لابي هلال العسکري، طبع في بیروت (1994م)؛ علی دده سکتواري (تـ 1007ه‍(: محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر في قسمین ومطبوع في بولاق 1400ه‍ ؛ العلامة الشوشتري (تـ 1375ش) قام بتألیف کتاب الأوائل وهو لم‌ یختلف اختلافاً کبیراً عن مصنفات القدماء في هذا الباب إلا في بعض إبداعاته. نشره قیس آل قیس في طهران سنة 1372ش / 1994م. وأما الحلقة الأخیرة من سلسلة الکتب التي تم تصنیفها في فن الأوائل فإنه معجم الأوائل في تاریخ العرب والمسلمین لمؤلفه فؤاد صالح سید (بیروت، 1992م) حیث تطرق في مقدمة الکتاب ضمن عرض معلومات قیمة بشأن فن الأوائل وخلیفته التاریخیة إلی المنهج الذي اتخذه في تألیفه وتبویبه وبالرغم من أن المؤلف اعتمد کثیراً في هذا المصنف علی مؤلفات القدماء إلا أنه حاول أن لایخلو تألیفه من الإبداع ولذلک استقصی بعض الأوائل (مثل أول جریدة عربیة) وأضافها إلی لائحة الأوائل. 

المصادر

   آقا بزرگ، الذریعة؛ ابن أبي شیبه، عبد الله، المصنف من الأحادیث والآثار، تق‍ : مختار أحمد الندوي، بومباي، 1401ه‍ / 1980م؛ ابن رسته، أحمد، الأعلاق النفیسة، لیدن، 1309ه‍ / 1891م؛ ابن قتیبة، عبد الله، المعارف، تق‍ : ثروت عکاشة، القاهرة، 1380ه‍ / 1960م؛ ابن الندیم، الفهرست؛ أبو هلال العسکري، الحسن، الأوائل، تق‍ : محمد سید الوکیل، المدینة، 1385ه‍ / 1966م؛ البغدادي، الایضاح؛ السیوطي، الوسائل في مسامرة الأوائل، تق‍ : محمد سعید بن بسیوني زغلول، بیروت، 1405ه‍ / 1984م؛ الطوسي، محمد، رجال، تق‍ : محمد صادق آل بحر العلوم، النجف، 1380ه‍ / 1961م؛ علی دده سکتواري، علاء الدین، محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر، بیروت، دار الکتاب؛ القلقشندي، أحمد، صبح الأعشی، القاهرة، 1383ه‍ / 1963م؛ المخلص، عبد الله، «المخطوطات والمطبوعات لکتاب الأوائل»، مجلـة المجمع العلمي العربـي، دمشق، 1360ه‍ / 1941م؛ النجـاشي، أحمـد، رجـال، تق‍ : محمد جواد نائیني، بیروت، 1408ه‍ /  1988م؛ یاقوت، الأدباء؛ أیضاً: 

GAL, S; Rieu, C., Supplement to the Catalogue of the Arabic Manuscripts in the British Museum, Oxford, 1894. 
آذرتاش آذرنوش / ف.