انورپاشا

أَنْوَر پاشا،   (1298-1340ه‍ / 1881-1922م)، من رجال الدولة العثمانیة وعضو في جمعية الاتحاد والترقي (عثمانلي اتحاد وترقي جمعیّتي).
تعتبر ملاحظاته ومذکراته التي ذكرها آيدمير في كتابه «أنور باشا من مقدونيا حتى آسيا الوسطى»، أهم مصدر لدراسة قسم من حياة أنور پاشا. ولد أنور پاشا في إستانبول؛ وانشغل بالدراسة في المدن التي کان یُوفَد الیها أبوه بسبب عمله الحكومي (آیدمیر، 462 ؛ تانسو، 212). التحق بالمدرسة العسکریة في مدينة مناستر ثم دخل الكلية العسكرية (مكتب حربیة). وبعد فترة وبسبب الکفاءة التي أبرزها، نقل إلى كلية أركان الحرب وبعد إكماله هذه الفترة التعلیمیّة بعـث للخدمة في جيش مقدونيا بعد أن نال رتبة نقیب (آیدمیر، 474،465-468). وفي مدينة سالونيك إنضم إلی «جمعية الحرية العثمانية» السرية، وأدّىٰ الیمین لإعادة الدستور المصادق عليه في 1293ه‍ / 1876م. ثم عاد إلى مناستر وانشغل بالنشاطات التنظيمية (م.ن، 510).
وبعد اندماج جمعية الحرّیة العثمانية في جمعية الاتحاد والترقـي (ظ: ن.د، 6 / 546 فما بعدهـا) ــ التي كان مقرها في باريس ــ بدأ أنور پاشا يمارس نشاطاته باعتباره عضواً في اللجنة المركزية («دائرة المعارف دیانت»، XI / 262) ولم یلبث حتی أعلن معارضته ضد الاستبداد والدکتاتوریة بعد أن أصدر بیاناً يحمل توقيع «المفتش التنفيذي للجنة الاتحاد والترقي فرع روم إيلي» (ظ: آیدمیر، 541). وقد كانت هذه الانتفاضة من أهم العوامل التي دفعت السلطان عبد الحميد الثاني إلی إصدار مرسوم لافتتاح مجلس المبعوثین وتشکیله من جدید في 1326ه‍ /  1908م (لاموش، 351). فأوقف أنور پاشا ورفاقه كفاحهم. وفي خلال هذه الأحداث قامت الحكومة بإرسال کبار الضباط في مهام مختلفة بغیة إبعادهم عن العاصمة وكان من جملتهم أنور پاشا الذي بعث إلى برلين في 1909م كملحق عسكري (أحمد، 164). وقد انبهر خلال هذه المهمة بالأوضاع العسكرية والاجتماعیه في ألمانيا («دائرة المعارف دیانت »، ن.ص)، بحیث ترک بصماته علی نشاطاته المستقبلية. وفي خلال حادثة 31 آذار (للتفصیل ظ: ن.د، 5 / 612-615) عاد أنور پاشا من ألمانيا إلى إستانبول والتحق بفرقة شوكت پاشا قائد الجيش الثالث التي کانت قد وصلت إلى بوابة إستانبول (بایور، I(2) / 204). ثم اجتاز بسرعة درجات الترقیة ونال رتبـة جنـرال («دائـرة المـعـارف دیـانـت»، ن.ص) حتـی لُـقـب بـ «صهر جلالة الملك» بزواجه من ناجیة سلطان، ابنة اخت السلطان (ن.ص؛ أحمد، 149؛ لویس، 313).
تزامناً مع بثّ الإشاعات بشأن تخلي الحکومة عن أدرنة وانضمامها إلی بلغاریا وجه عدد من الضباط المنتمین إلی جمعية الاتحاد والترقي بقیادة أنور پاشا، انتقادات عنیفة نحو الباب العالي في 13 صفر 1331ه‍ / 23 كانون الثاني 1913م مما أدی إلی استقالة الصدر الأعظم كامل پاشا (إینال، XII / 1874-1875 ؛ کوران، 318,329 ؛ أحمد، 119). وفي 1332ه‍ / 1914م عين أنور پاشا وزیراً للدفاع (حربيه ناظري) (م.ن، 145-146؛ تانسو، 213-214؛ لویس، 314 ؛ شاو، II / 299) كما تولی في نفس الوقت رئاسة أركان الحرب وقد رکز اهتمامه علی إعادة هیکلة الجيش العثماني وتنظیمه وفقاً لأسلوب الألمان الذي كان منبهراً به إلى حد بعيد (تانسو، 230؛ «دائرة المعارف دیانت»، ن.ص) وابتدع عناوين عسكرية جديدة وأسلوباً جديداً في كتابة الحروف المصوتة والصامتة عرف باسم «أنورية» (ن.ص).
إِبّان الحرب العالمیّة الأولی، أدخل أنور پاشا، الدولة العثمانیة في الحرب رغم معارضة رجال الدولة وحتّی بعض المنتمین إلی جمعیّة الاتحاد والترقي (شاو، II / 314-315 ؛ تانسو، 257 ff. ؛ «دائرة المعارف دیانت»، XI / 262-268)،  إلا أنه تكبد هزيمة فادحة في الجبهة الشرقية أمام الروس في مدينة ساري قميش الحدودية وتحملت القوات العثمانية خسائر فادحة (شاو، ن.ص؛ «دائرة المعارف دیانت»، XI / 263). وبعد هذه الهزيمة عاد أنور پاشا إلى إستانبول ولم يمارس نشاطاً ذا بال طيلة الحرب. وإثر استقالة حكومة طلعت پاشا في 1336ه‍ / 1918م، انتهت وزارته أيضاً وفي تشرين الثاني من نفس السنة هرب إلى خارج البلاد تقله غواصة ألمانية ویرافقه 7 من قادة الاتحاد والترقي وفي 1919م، تم عزله من الجيش العثماني (ن.ص). استوطن أنورپاشا لبعض الوقت برلين وموسكو ودخل مع زعماء روسيا (للتفصیل، ظ: سون یل،II / 4,13)
 في مفاوضات لم تسفر عن نتیجة. وفي 1338ه‍ / 1920م شارك في مؤتمر الشعوب الشرقية في باكو («دائرة المعارف الترکیة»، XV / 229).
توجه أنور پاشا بعد ذلك إلى بخاری عن طريق باكو‌ ـ عشق آباد بصحبة بعض رفاقه في الاتحاد والترقي مثل سامي بيك ومحيي الدين بيك (طوغان، 434). کان أنور پاشا من مؤيدي إقامة الدولة الطورانية الكبرى (تانسو، 256) وكانت هذه الفكرة تلازمه دوماً (م.ن، 437)، وقتل أخيراً خلال الحرب مع الروس في منطقة بيل جوان2 في طاجيكستان (ظ: طوغان، 451-454). ودفن في قریة آب دريا («دائرة المعارف دیانت»، XI / 264). ونقل جثمانه فيما بعد (في 1996م / 1375ش) من طاجيكستان إلى إستانبول ودفن في مرقد خاص به. تتضارب الآراء فيما يتعلق بحياة أنور پاشا السياسية والعسكرية بین مؤيدة ومعارضة. فإن انجازاته المتمثلة في نضاله ضد الاستبداد ونجاحه في الجبهة الليبية في مواجهة الإيطاليين، ومساعيه لاستعادة أدرنا، أدی کل ذلک إلى شعبيته على مستوى الرأى العام؛ لكنه تعرض للنقد القاسي بسبب إصراره على دخول الدولة العثمانية في الحرب وأخذه مصالح ألمانیا بنظر الاعتبار في هذه الحرب والهزیمة في الجبهة الشرقیّة وما إلی ذلک، وبلغ الأمر إلی اعتباره المسؤول عن هزیمة ترکیا وتجزئتها إبّان الحرب العالمیة الأولی (تانسو، 211-212 ؛ «دائرة المعارف دیانت»، ن.ص).

المصادر

   لاموش، لئون، تاریخ ترکیة، تج‍ : سعید نفیسي، طهران، 1316ش؛ لویس، برنارد، ظهور ترکیۀ نوین، تج‍ : محسن علي سبحاني، طهران، 1372ش؛ وأیضاً:

Ahmad, F., The Young Turks, Oxford, 1969; Aydemir, Ԫ. S., Makedonya, dan orta Asya’ya Enver Paşa, Istanbul, 1970; Bayur, Y. H., Türk inklâbı tarihi, Ankara, 1983; İnal, M. K., Osmanlı devrinde son sadrıazamlar, Istanbul, 1969; Kuran, A. B., İnkilâp tarihimiz ve Jön Türkler, Istanbul, 1945; Shaw, S. J. and E. K. Shaw, History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, Cambridge, 1985; Sonyel, S. R., Türk kurtuluş savaşı ve dış politika, Ankara, 1973; Tansu, S. N., İttihat ve terakki içinde dönenler, Istanbul, 1960; Togan, Z. V.,Bugünkü türkili Türkistan ve yakın tarihi, Istanbul, 1981; Türk ansiklopedisi,Ankara, 1968; Türkiye diyanet vakfı İslâm ansiklopedisi, Istanbul, 1995.
علي أکبر دیانت / خ.