الصفحة الرئیسیة / المقالات / الانفال /

فهرس الموضوعات

الانفال


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/4/14 ۰۸:۴۴:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَنْفال،   مصطلح قرآني وفقهي يطلق على ضرب من الأموال. وهذه الكلمة هي جمع «نَفَل» وقد ظهرت آراء مختلفة بشأن معناها اللغوي، ویمکن السبب في أن الکلمة لغة کانت معروفة في بدایة العصر الإسلامي إلا أن معناها الاصطلاحي طغی علی معناها اللغوي علی مر الدهور. وخیر شاهد علی استخدامها لغویاً  بيت شعر منسوب إلى لبيد بن ربيعة الشاعر المخضرم الذي اعتبر فيه تقوى الله «خير نَفَل»، واستناداً إلیه استنتج علماء اللغة معانيٍ مختلفة منها مثل الغنيمة والعطية أو الزيادة، (ظ: الفیومي، 2 / 130؛ ابن منظور، مادة نفل). وقد سعى البعض مثل الراغب الأصفهاني في استنباط معان أخرى من خلال اتخاذ مفهوم «الزيادة» أساساً (ظ: ص 524؛ أيضاً ظ: أبو هلال، 140).
ویجدر بالذکر أن النفل هو حصة الشخص من الغنیمة وقد استخدمت في هذا المعنی مراراً في الأحاديث وعلى مرّ القرون في   عرف الفقهاء الإمامية منهم والسنة، مع شيء من الاختلاف (مثلاً ظ: مالك، 362؛ الترمذي، 4 / 131-132؛ الطوسي، 2 / 189).
ويجب القول فيما يتعلق بمصطلح الأنفال إن أساس ظهور هذا المصطلح في الفقه الإسلامي هو الآية الأولى من سورة الأنفال والتي جاء فيها: «يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول...».


الأنفال في التفاسير والروايات

  يدل القسم الأكبر من الروايات ــ في نطاق أهل السنة، وبغض النظر عن بعض الأقوال المتفرقة، ــ على أن هذه الآية نزلت بشأن تقسيم غنائم معركة بدر؛ وقد نقل هذا المضمون بتعابير مختلفة عن الصحابة أمثال عبد الله بن عباس وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم في المجاميع الروائية المختلفة لأهل السنة، من كتب الصحاح وحتى المسانيد والتفاسير والسير (ظ: أبو داود، 3 / 77؛ أحمد بن حنبل، 5 / 322؛ ابن هشام، 2 / 322؛ الواحدي، 138؛ السيوطي، 9 / 4-8). وحصيلة هذه الروايات، أن الأنفال عبارة عن الأموال التي كان النبي (ص) قد خصصها مکافأة لبعض أصحابه وبنزول الآية الشريفة لم تدخل هذه الأموال في ملك الله والرسول، بل تم تفویض حکمها إلى النبي (ص)، حیث ألغی الحكم السابق وظل مخولاً بعد غزوة بدر في إلغاء منح الأنفال.
ترى جماعة من المفسرين المتقدمين، أن ما اعتبر في الآية الأولى من سورة الأنفال، لله ورسوله، وأطلق عليه اسم «الأنفال»، هو من ناحية الموضوع نفس «الفيء» الذي اعتبر في الآیة 7 من سورة الحشر وبتعبير مشابه، لله وللرسول، وذوي القربى، واليتامى والمساكين وابن السبيل. وقد نقل هذا التفسير عن عطاء بن أبي رباح والسُدّی من تلامذة ابن عباس (م.ن، 9 / 9). ونسبه أبو هلال العسكري إلى ابن عباس نفسه (ن.ص). وقد أيد أبو بكر بن العربي، في كتاب أحكام القرآن وجهة النظر هذه، واعتبره التفسير المقبول لدى الفقهاء المالكيين (ظ: 2 / 375 وما بعدها). وفي التفاسیر المنقولة عن التابعين الآخرين، حظي بإقبال کبیر الرأي القائل بأن الأنفال تعادل الغنائم وأن آية الخمس يجب أن تعتبر ناسخة لآية الأنفال وعلى هذا الأساس، فإن الغنائم الحربية كانت في البدء بموجب آية الأنفال ضمن صلاحيات النبي الأعظم (ص) وعلى إثر تشريع جديد، تم تخصيص خمسها فقط للمصارف السابقة (ظ: السيوطي، 9 /  8-10). وقد ترك هذا التفسير لآيات الخمس والأنفال، تأثيره على مباحث الماوردي في كتاب الأحكام السلطانيـة أيضاً (ظ: ص176-177). وإذا ماأردنا الاستنتاج من الأقوال المذكورة وغير المذكورة، فإن علينا أن نقول إن معنى الأنفال في الآية الكريمة، كانت تحيط به هالة من الغموض بالنسبة إلى المفسرین التابعين، حتى في العصر الإسلامي الأول، مما أدى ذلک الغموض إلى ظهور آراء متضاربة وعلى أي حال، فإن مفهوم الأنفال باعتباره مصطلحاً مستقلاً للغنائم والخمس لم يتوسع في فقه أهل السنة، ولم يشغل مكانة مستقلة.

الأنفال في فقة الإمامية

  اعتبر الشيعة الإمامية، واستناداً إلى بعض الروايات عن الأئمة الأطهار (ع)، الأنفال عبارة عن الأموال التي جعلها الله سبحانه تعالی في حیازة النبي الأعظم (ص). وفوض أمرها بعده (ص) إلى الأئمة (ع)، وهي في عصر الغيبة ملك للإمام الغائب (عج)، شأنها الأرض التي يسيطر عليها المسلمون دون حرب (فيء)، ویدخل بضمنها الأراضي الموات، سواحل البحر وقمم الجبال والوديان والغابات، والأموال الخاصة بسلطان الكفار التي وقعت بيد المسلمين (القطائع والصفايا)، وماغنمه البعض في إحدى الحروب دون إذن النبي (ص)، والإرث الفاقد للوراث وبعض الحالات الفرعية أكثر، حيث يعتبر كل ذلك من جملة الأنفال. وبالطبع، فإننا نلاحظ بين فقهاء الإمامية أنفسهم أيضاً اختلافات في بعض التفاصيل (عن الروايـات، ظ: الحر العاملي، 4 / 364 وما بعدها؛ لدراسة الآية، ظ: السيوري، 1 / 254؛ عن الفروع الفقهية، ظ: المحقق الحلي، 1 / 183-184؛ صاحب الجواهر، 16 / 115 وما بعدها).
وقد حظي موضوع الأنفال في فقه الإمامية بالاهتمام باعتباره باباً ملحقاً بمباحث الخمس. ومن خلال نظرة سريعة إلى المسائل المطروحة في هذا الباب، يجب القول إن البحث في موضوع المستحقين للأنفال، وكذلك الحديث عن أساس التصرف في أموال الإمام (عج) كانا يمثلان أهم محاور البحث، وأحياناً الاختلاف في هذا الباب الفقهي (مثلاً ظ: العلامة الحلّي، 206-210).
وقد هّيأ اعتبار الثروات الطبيعية مثل الموات والغابات من الأنفال والالتفات إلى العقيدة السائدة لدى الإمامية وهي أن الإمام الغائب (عج) أباح استغلال الأنفال للشيعة في عصر الغيبة، أرضية مناسبة للبحث حول القضايا القانونية لهذه الأموال وانتفاع عامة الناس منها، وبعبارة أخرى لتعريف أساسي تحت عنوان «الأموال العامة »، وقد أخذ هذا المبحث بنظر الاعتبار خاصة منذ العهد الصفوي واتجه نحو الاتساع والتفصيل، رغم بعض المعارضات في البدء. ویمكن الإشارة إلى «قاطعة اللجاج» للمحقق الكركي، كنموذج للنصوص الأساسية في هذا المجال (خاصة، ظ: ص 162 وما بعدها).

المصادر

   ابن العربي، محمد، أحكام القرآن، ﺗﻘ : علي محمد البجاوي، بيروت، 1392ﻫ / 1972م؛ ابن منظور، لسان؛ ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، ﺗﻘ : مصطفى السقا وآخرون، بيروت، 1975م؛ أبو داود السجستاني، سليمان، سنن، ﺗﻘ : محمد محیي الدين عبد الحميد، القاهرة، دار إحياء السنة النبوية؛ أبو هلال العسكري، الحسن، الفروق اللغوية، القاهرة، 1353ﻫ ؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1312ﻫ ؛ الترمـذي، محمـد، سنـن، ﺗﻘ : إبـراهيم عطـوة عـوض، بيـروت، 1407ﻫ / 1987م؛ الحـر العاملي، محمد، وسائـل الشيعة، بيروت، 1391ﻫ ؛ الراغب الأصفهاني، الحسين، مفردات ألفاظ القرآن، ﺗﻘ : نديم المرعشلي، القاهرة، 1392ﻫ ؛ السيوري، مقداد، كنز العرفان، ﺗﻘ : محمد باقر بهبودي، طهران، 1343ش؛ السيوطي، الدر المنثـور، بيروت، 1403ﻫ  /  1983م؛ صاحب الجواهـر، محمد حسن، جواهـر الكلام، ﺗﻘ : محمود قوچاني، طهران، 1394ﻫ ؛ الطوسي، محمد، الخلاف، ﺗﻘ : الكاظميني البروجردي، طهران، 1377ه‍ ‍؛  العلامة الحلي، الحسن، مختلف الشيعـة، طهران،‌‌ مكتبة نينـوی الحدیثة؛ الفيومي، أحمد، المصباح المنير، القاهرة، 1325ﻫ ؛ القرآن الكريم؛ مالك بن أنس، الموطأ، ﺗﻘ : فاروق سعد، بيروت، 1403ﻫ / 1983م؛ الماوردي، علي، الأحكام السلطانية، بيروت، 1405ﻫ / 1985م؛ المحقق الحلي، جعفر، شرائع الإسلام، ﺗﻘ : عبد الحسين محمد علي، النجف، 1389ﻫ / 1969م؛ المحقق الكركي، علي، « قاطعة اللجاج في تحقیق حل الخراج»، ضمن كلمات المحققين، طهران، 1402ﻫ ؛ الواحدي، علي، أسباب النزول، بيروت، دار الكتب العلمية.

محمد جواد حجتي الكرماني / خ.

 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: