امریتسار

أَمْريتْسار،   أو أمريتسر، أمرتسر، أهم مدينة دينية للسيخ وحاضرة قضاء بنفس الاسم، تقع في القسم الغربي من ولاية البنجاب الهندية. تقع هذه المدينة على مسافة 378كم شمال غرب نیودهلي، على خطي العرض الشمالي 31°و37´ والطول الشرقي 74°و55´، وفي المنطقة ما بين نهري بياس وراوي، قرب الحدود الباكستانية، على بعد 47كم شرق لاهور ( آسياتيكا، I / 96؛  «أطلس... »، 107؛ أيضاً ظ: بريتانيكا، ميكرو، I / 330). تتميز هذه المدينة الواقعة في منطقة سهلية، بمناخ جاف نسبياً. ويتم تأمين ما تحتاجه من مياه للزراعة من قنوات الري في «باري دو آب» العليا (ن.ص).
سبب التسمية:  اشتق اسم أمريتسار من كلمة أمريتاساراس (السنسكريتية) وتعني «برکة الخلود» وتشير إلى مياه برکة واسعة شيدت المدينة حولها ويعتبرها السيخ مقدسة ( بريتانيكا، آسياتيكا، ن.صص؛ EI2,1 / 454 ؛  «منابع... »، 540).

تاريخها: 

لقد ربط تاریخ المدينة بتاريخ طائفة السيخ، حيث يعود إلى أوائل القرن 10ه‍ / 16م. وفي حین أسس بابانانک طائفة السيخ وسمي کل من خلفاؤه الغورو (= الزعیم الروحي) (سرکار، 244 ؛ سرکار، زین العابدین، 117- 118). کان رام داس، الغورو الرابع (982-989ه‍ / 1574-1581م) أول من خطط المدینة في عهد أكبر شاه، إمبراطور الهند المغولي، وإنه أحدث برکة کبیرة بجانب قرية تدعى الغورو، وبهدف إنشاء مركز لطقوس السيخ الدينية، حيث تحولت تدریجیاً إلى النواة المركزية لمدينة أمريتسار (واضح، 234-235؛ مجومدار، EI1,VII / 418;ERE,I / 399;499؛ «تقويم ...» 1985م، 509). وعلی هذا الاعتبار سمیت المدینة أحیاناً رام داس پور (EI1 ؛ آسياتيكا، ن.صص؛ دي، 218). ومما یجدر ذكره أن أرجان مال ابن رام داس وخلیفته المعروف بالغورو الخامس بذل مجهوده في توسیع المدینة وإکمالها (989-1015ه‍ / 1581-1606م) (ERE,EI2، آسياتيكا، ن.صص).
لقد اکتسبت مدينة أمريتسار أهميتها وشهرتها بسبب معبدها الذهبي الذي يعتبر المزار الرئيس لأتباع طائفة السيخ ( كلير... ، II / 106؛ سركار، 245؛ ERE, I / 400؛ زین العابدین، 116). وتم إنشاؤه في وسط برکة من البرک الخمس المقدسة وبأمر من أرجان مال (ERE, I / 399 ؛ سركار، 244-245). ويسمى المعبد المركزي في المدینة هار ماندار، أو معبد إله، وقد زیّنت جدرانه العلوية والسطح الخارجي من سقفه بزخارف ذهبیة. عرف المعبد وما فیه من المعالم «دربار صاحب» أو الحضرة المقدسة (ERE ، ن.ص).
یعلو البرکة ممرّ طوله 69 متراً وعرضه يبلغ حوالي 5 / 5متر یؤدي إلی المعبد حیث یودع فیه كتاب السيخ المقدس ( آداي غرانت) (ن.ص؛ سركار، 245؛ أيضاً ظ: آسياتيكا، I / 96).
يخدم المعبد الذهبي في أمريتسار 600 كاهن كمساعدين للزعيم الروحي (كلير، آسياتيكا، ن.صص). ويشكل عدد كبير من الرجال المکلفین بشؤون المعبد (ERE,I / 400) ویتولی رئاسته العليا أحد المبرزین من الطائفة السیخیة تعينه الحكومة (ن.ص). یتوافد علی المدینة كل سنة جموع غفیرة من السيخ من المناطق   المختلفة لأداء الطقوس الدينية ( كلير، ERE ،آسياتيكا، ن.صص).
لقد وفر التدهور السیاسي لإمبراطورية مغول الهند والهجمات المتتابعة لأحمد شاه الأبدالي (الدُرّاني)، حاكم أفغانستان على الهند وخاصة علی البنجاب، فرصة للسيخ كي يحولوا مدينة أمريتسار  إلى مقر لنشاطاتهم القومية (EI2,VII / 421؛ زین العابدین، 118؛ مجومدار، 735).
كان الأمير تيمور، ابن أحمد شاه الأبدالي وحاکم البنجاب، يعادي السيخ؛ ولذلك، شن هجوماً علی أمريتسار في 1169ه‍ / 1756م، وهدم المعبد الذهبي وردم برکته. کما اقتحم المدینة في 1176ه‍ / 1762م للمرة الخامسة ولم یکف عنها إلا بعد سفك الدماء ودماهار الشامل. لقد بقیت المدینة علی حالها حتی أعید بناءها في 1180ه‍ / 1766م وشيدت بعض التحصينات حولها (ن.ص؛ ERE ، آسياتيكا، ن.صص؛ ميل، 107؛ «تفوق ... »، EI2,I / 454;131).
ظلت أمريتسار لفترة ما من المراكز الهامة لكفاح الهنود ضد سياسة بريطانيا الاستعمارية وقد بلغت احتجاجاتهم ذروتها عندما احتشد جم غفیر في حديقة «جاليان والا» بجوار المعبد الذهبي. وفي 13 نيسان 1919، أطلق أفراد الجيش النار علی الناس بأمر قائد بريطاني وذلک إثر منع الحكام البريطانيين المهاتما غاندي من دخول البنجاب وبغیة تفرق المتظاهرین حیث أسفرت هذه الحادثـة عن مقتل حوالـي 400 شخـص وإصابـة عـدد كبيـر (تارا شاند، III / 479-480 ؛ حكمت، 375، 378؛ ميل، 153؛ مجومدار، 984؛ كلير، II / 106).
وفي العشرينات وبعد أن تصاعد الكفاح الوطني حدّته واستفحلت قضية السيطرة على معابد السيخ، حدثت اشتباكات بين السيخ والقوات الحكومية مما أدی إلى انعدام الأمن ونشوب الاضطرابات في أمريتسار. وفي العقود التالية وتزامناً مع استقلال الهند في 1947م، تهيأت الأجواء المناسبة لتأسيس ولاية السيخ المستقلة باسم خالصة أو خالصتان (خالستان)، إلا أنه تكبدت أمريتسار خسائر فادحة ودماراً كبيراً بسبب حدوث الاشتباكات بين المسلمين والهندوس والسيخ («تقويم»، 1985م، GSE,I / 361;509).
في عهد رئاسة وزراء أنديرا غاندي، في الشهور الأولى من 1984م، حدثت بعض الاضطرابات في أمريتسار نتیجة نشاطات السيخ المتطرفين المطالبين بالاستقلال، وبادر المتطرفون إثرها إلی خزن السلاح في المعبد الذهبي. وفي ليلة 5 من حزيران 1984م أمرت الحكومة الهندية الجيش باقتحام معبد أمريتسار علی رغم صمود المدافعين عن المعبد، إلا أنهم استسلموا بعد يومين. وقد أسفرت هذه الحادثة عن مقتل 554 من المدافعين وأهالي المدينة، وإصابة عدد کبیر. وفي 25 أيلول من نفس السنة غادر الجيش    المعبد الذهبي بأمر من أنديرا غاندي («تقويم»، 1985م، 509-510).
توجد في مدينة أمريتسار 3 مؤسسات مهمة تابعة للمعبد الذهبي: أولها «أكالبونغا» (البيت الخالد) حيث یحفظ الکتاب المقدس للسیخ فيه. والمؤسسة الثانية هي «بابا أتال» التي بدأ بناؤها في 1729م وهي تمثل البناء التذكاري لبابا أتال، ابن الغوروحارغوفیند (1606-1645م). والمؤسسه الثالثة هي «تاران تران» الواقعة في جنوب أمريتسار ويقام فيها معرض وسوق شهري. كما شيد بناء تذكاري آخر في مرکز مدينة أمريتسار في 1902م یعرف باسم «ساراغاي» (ERE,I / 400).

السكان: 

كان عدد سكان مدينة أمريتسار في بداية القرن 20م يبلغ 429 / 162 نسمة، حيث كان الهندوس يشكلون 40٪، والمسلمون 48٪ والسيخ 11٪ منه (ن.م، I / 399).
وفي 1921م كان یعیش 96٪ من مجموع السكان السيخ في نواحي ولاية البنجاب، ومنها مدينة أمريتسار (EI1,VII / 423). وفي 1947م، عقب استقلال الهند وانقسام شبه القارة إلى الهند والباكستان، نشبت في ولاية البنجاب نزاعات بين المسلمين والهندوس، فانقسمت ولاية البنجاب إلى قسمين البنجاب الشرقية (التابعة للهند) والبنجات الغربية (التابعة للباكستان). وهاجر المسلمون إلى البنجاب الغربية، والسيخ إلى البنجاب الشرقية وسكن غالبيتهم في أمريتسار. ومنذ ذلک التاريخ، طرأت تغييرات على تركيبة سكان مدينة أمريتسار ونسبتهم (حکمت، 230؛ EI2,I / 454)  وفي 1951م بلغ عدد سکان مدينة أمريتسار 326 ألف نسمة (ماير، II / 86) وفي 1981م بلغ 844,594 («تقويم»، 1987م، 667). وفي 1989م بلغ عدد سکان المدينة 756 ألف نسمة («أطلس»، 108).

المیزات الاقتصادية والثقافية:

  تعتبر أمريتسار مركزاً تجاریاً لولاية البنجاب (GSE، أیضاً ERE ، ن.صص؛ آمريكانا، I / 591b). وفضلاً عن سوقها الشهري، يقام فيها سوقان كبيران في الربیع والخريف يسميان «بايساكي» و«دیوالي» ینحدر إلیها عدد كبير من مناطق شمال الهند (ERE, I / 400). ولذلك، تحظی المدینة بموقع سياحي («دائرة المعارف ... »، III / 97). ترتبط المدينه بعلاقات تجارية مع التبت وكشمير وسينغ كيانغ وأفغانستان وبلوچستان وبعض بلدان آسيا الوسطى (كلير، ن.ص؛ ميدان لاروس، I / 474). تقتصر المحاصيل الزراعية فیها والحبوب وقصب السكر والقطن («أطلس»، 109؛ «تقويم»، 1985م، 510؛ بريتانيكا، ميكرو، I / 330).
تشمل منتجاتها الصناعية واليدوية المهمة، النسيج ومنتجات التبغ وحياكة السجاد كما يشيع فيها إنتاج الأقمشة الحريرية   والشال الذي يحاك من الصوف، والوبر التبتي الناعم في أكثر من 4 آلاف ورشة («أطلس»، 110؛ كلير، II / 106؛ حكمت، 353؛ آسياتيكا، I / 96؛ بریتانيكا، ن.ص).
ومن المؤسسات العلمیة والتعليمیة فیها کلیات الطب وطب الأسنان والفنون والهندسة (EI1,VII / 423 ؛ بريتانيكا، ن.ص).
ظهر عدد من العلماء والشعـراء في أمريتسار ومن أشهرهـم أبو الکلام آزاد الذي كان ينظم الشعر بالفارسية، وكذلك أنوري وعطا وخواجه عبيد الله المتخلص باسم أختر ومحمد إقبال وعبد الرحمن مينائي وعبد الرحمن خاكي ومحمد حسين عرشي وغلام مصطفى ولقبه الشعري «تبسم» (خواجه عبد الرشيد، 17-27، 443، 446-448).

المصادر:  

حكمت، علي أصغر، سرزمين هند، طهران، 1337ش / 1958م؛ خواجه عبد الرشيد، تذكرۀ شعراي پنجاب، لاهور، 1346ش؛ زين العابدين شیرواني، بستان السیاحة، طهران، 1315ه‍ ؛ ميل، پير، تاريخ هند، تج‍ : حسين عريضي، طهران، 133ش / 1957م؛ واضح، مبارك الله، تاريخ إرادت خان، تق‍ : غلام رسول مهر، لاهور، 1971م؛ وأيضاً:

Americana; An Atlas of India, Delhi, 1990; Asiatica ; Britannica, 1978; Britannica, Book of the Year, Chicago; Collier’s Encyclopedia, London, 1986; Dey, N. L., The Geographical Dictionary of Ancient and Medieval India, Oriental Reprint; EI1; EI2; ERE; GSE; Majumdar, R. C., An Advanced History of India, London, 1958; The Maratha Supremacy, Bombay, 1977; Meydan Larousse, Istanbul, 1987; Meyer ; Sarkar, J., »Aurangzib«, The Cambridge History of India , New Delhi, 1987, vol. IV; Sources of Indian Tradition, Delhi, 1972; Tara Chand, History of the Freedom Movement in India, Lahore, Book Traders; Türkiye diyanet vakfı İslâm ansiklopedisi, Istanbul, 1991.
غلام رضا استيفاء / خ