الصفحة الرئیسیة / المقالات / الالغاز و الاحاجی /

فهرس الموضوعات

الالغاز و الاحاجی


تاریخ آخر التحدیث : 1441/10/22 ۱۴:۳۸:۲۹ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَلْغازُ وَالْأَحاجي، ضرب من ضروب المعميات (ن.ع) التي تسمى في الفارسية «چیستان» فالألغاز، جمع لُغَز (أو لُغْز، لَغْز، لَغَز) وأساس معناها، اللغوي، الغموض والالتواء وقيل إن اللغز هو الطريق الذي يلتوي ويشكل على سالكه وأصله الحفرة الملتوية يحفرها اليربوع (ظ: ابن الأثیر، 3 / 84؛ لين، VII / 2664) وهو اصطلاحاً كلام موزون فیه غموض وتعمية يدل على ذات شيء من الأشياء بذكر خواصه، أو لوازمه على سبيل الاستعارة والإيهام تطلب معرفته من المخاطب بدرايته وبالاستناد إلى تلك الأوصاف. ويشترط فيه أن يكون جذاباً يقبله الذوق السليم وأن يكون بمنأى عن الإطناب والتشبيهات الكاذبة والاستعارات البعيدة كي يستحسنه أهل البلاغة (ابن حجة، 393؛ ظ: التهانوي، 2 / 1295؛ طاشكبري زاده، 1 / 249-259؛ الجرجاني، 202؛ شمس قيس، 426؛ عن الألغاز في علم البلاغة، ظ: طاشكبري زاده، 1 / 251-252؛ الشيخ، 69-72).
واللغز يكون في النثر والنظم، وينقسم بشكل عام إلى قسمين:
1. الألغاز المعنوية، يشار فیها إلى الموصوف بذكر صفات الذات. وقد سمي اللغز البسيط، أو الوصفي. وتعتبر الألغاز التي تتعلق بالعلوم المختلفة مثل النحو والحساب والفقه، من ملحقات الألغاز المعنوية، حيث تسمى بالألغاز الفنية أيضاً (ظ: م.ن، 50-53).
2. الألغاز اللفظية، وترد فيها الإشارة إلى الموصوف من خلال ذكر كلمات تتضمن اسم الموصوف، أو بعض حروفه. ويمكن أن يتم ذلك بالتصحيف والقلب والحذف والتبديل (ظ: ابن الأثير، 3 / 86؛ الشيخ، ن.ص).
والأحاجي، جمع أُحجيّة وهي مشتقة لغة من الحِجا بمعنى العقل والفطنة وقوة الإدراك (ظ: لين، II / 523) وفي معناها الاصطلاحي تشارك الألغاز وهي نوع من الألعاب الفكرية القائمة على الحدس والظن یتعاطاه الناس بينهم وتعتبر من أنواع المعميات والقريبة من اللغز (الجوهري، مادة حجو؛ البغدادي، عبد القادر، 3 / 113؛ EI2,V / 806-807). ما یجدر بالملاحظة أن العلماء الإيرانيين قد ساهموا في تطور الأحاجي والألغاز ومایلحق بهما مساهمة کبیرة حتی أدت مساعیهم إلی اتساع نطاقها وانتشارها الواسع وذلک من خلال مؤلفات عدیدة ألفوها في هذا المجال باللغتین الفارسیة والعربية على مر العصور، كما وضعوا لها قواعد ودوّنوها وهذا ما اعترف به القدماء ومنهم عبدالقادر البغدادي، حيث اعتبر الأحجية نوعاً‌ من المعمى مصرحاً بأنه فن استنبطه أدباء العجم وأسسوا له قواعد حتى صار فناً متميزاً من سائر الفنون وأول من دوّنه شرف‌ الدين علي يزدي (830 أو850ﻫ ) مؤرخ الفتوحات التيمورية (ظفرنامه) باللغة الفارسية وقد أطلقوا عليه لقب الواضع له. ثم يرد عبد القادر البغدادي قول قطب الدين المكي بأن فضلاء العجم مازالوا يقتفون أثره ويوسعون دائرة الفن ويتعمقون فيه إلى أن ألف فيه عبد الرحمن الجامي عشر مسائل قد دونت وشرحت وكثر فيه التصنيف ثـم نبغ في عصره المولـى ميـر حسين النيسابوري (912ﻫ ) فأتى فيه بالسحر الحلال وفاق فيه وكتب رسالة تكاد تبلغ حد الإعجاز (3 / 114؛ الرافعي، 3 / 411). وكان قطب الدين المكي هو أول من ترجم طريقة المعمى عن الفارسية إلى العربية في رسالة سماها كنز الأسماء فـي كشف المعمى وتلاه تلميذه عبد المعين بن أحمد الشهير بابن البكاء البلخي، فألف رسالة سماها الطراز الأسمى على كنز الأسماء (م.ن، 3 / 412).
يرى البعض فروقاً قليلة بين الألغاز والأحاجي والمعميات (مثلاً ظ: التهانوي، 2 / 1082-1084؛ طاشكبري زاده، 1 / 251؛ البغدادي، عبد القادر، ن.ص؛ رشيد الوطواط، 70؛ أبوزيد، 288)؛ بینما لایکاد یوجد فرق كبير بينها في الاعتبار والاصطلاح ويلحق جميعها بالمعميات (ظ: ابن الأثير، 3 / 84، 85؛ البغدادي، عبدالقادر، 3 / 113) ولم يقصد من وراءها جميعاً سوى اختبار ذكاء المخاطب تفكهاً وتسلية والتلاعب بالألفاظ أحياناً. واعتبر حاجي خليفة الأحاجي من فروع علم اللغة والصرف والنحو، حيث يقول: الأحاجي هو علم یبحث فيه عن الكلمات المخالفة لقواعد اللغة العربية بحسب الظاهر وتطبيقها عليها (1 / 13). إن هناك أسماء أخرى تشارك في المعنى اللغز والأحجية والمعمى إلى حد كبير رغم الفروق الضئيلة التي ذكرت لها (ابن الأثير، ن.ص؛ الصفدي، 347) منها: المُعاياة والعَويص والرمز والملاحن والمرموس والتأويل والكناية والتعريض وغيرها (النويري، 3 / 162؛ الحسيني، 1 / 312-313).
وللغز في الثقافة السامية جذور موغلة في القدم، حيث وردت شواهد من هذا الفن في التوراة، مثل ما جاء به شمشون في «سفر القضاة» (ظ: العهد القديم، القضاة، 14: 9-12؛ الشيخ، 62).
ولعلنا نستطيع أن نربط الألغاز في اللغة العربية ببعض المفاخرات اللغوية، ذلك لأن الشعراء استعملوها من خلال الأساليب المعقدة المختلفة لأن يختبروا ذكاء المخاطب وفطنتـه (ظ: الشيخ، 29، 33). من أقدم شواهدها ما كان يردده الكهنة والعرافون في ثنايا خطبهم (م.ن، 63). وکذلک من الشواهد القديمة لهذا الفن ما نقلوه عن امرأة فی الجاهلیة تدعى هند كانت معروفة بالفصاحة والبلاغة وتحاجي الرجال (ابن قتيبة، 2 / 233؛ كحالة، 5 / 232). كما اعتبرت الأشعار التي تبادلها امرؤ القيس وعَبيد بن الأبرص من شواهد هذا الفن في العصر الجاهلي. وما  يجدر ذكره أن عبيداً استخدم في هذه المحاورة كلمة «الأوابد» بدلاً من «الألغاز» (ابن ظافر، 13-15؛ الجندي، 1 / 22).
لقد ألفت خلال القرنین  3و4 ﻫ عدة كتب باسم المعمى وما يلحق به بالإضافة إلى ما ورد من الألغاز والأحاجي في آثار الكتاب والشعراء أمثال أبي نواس (مثلاً ظ: الجاحظ، 3 / 537؛ حمزة، 188-194) ومن أشهرها: المعمى المنسوب إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي (ابن نباتة، 268)؛ العويص، لمحمد بن خالد بن عبد الرحمن البرقي (تـ 190ه‍ ( (البغدادي، هدية، 2 /  8)؛ كتاب المعاني الكبير، لابن قتيبة (حيدرآباد الدكن، 1368ه‍(؛ المعاريـض، ليحيی أبـي منصـور المـوصلي (تـ 292ه‍) (‌‌‌‌ن.م، 2 / 517)؛ المسكت فـي الألغـاز، للزبير بـن أحمد الـزبيري (تـ 317ه‍( (‌ن.م، 1 / 373)؛ اللغز، لمحمد بـن أحمد بـن عبد الله، الشهيـر بالمفجـع (تـ‍ 320ه‍) (ن.م، 2 / 31)؛ الملاحـن، لابـن دريـد (تـ 321ه‍( (‌القاهـرة، 1347ه‍(؛ في معرفـة المعمى من الشعر، لمحمد بـن أحمد بن محمد بن طباطبا (تـ 322ه‍ ) (ن.م، 332)؛ الألغاز، لعبد العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي (تـ 332ه‍ ) (ن.م، 1 / 576). وكذلك فتيا (أو فتاوي) فقيه العـرب،لابـن فـارس (تـ 395ه‍) (بتحقيق حسين علي محفوظ، دمشق، 1985م) يعد نوعاً من الألغاز (ظ: السيوطي، 1 / 622).
ظلت الألغاز یتعاطاها الناس بينهم خلال القرنين 5-6ه‍ كأسلافهم بينما كان الأشراف والوجهاء والعلماء يبدون اهتماماً أكبر لها ويتنافسون فيها. كما أصبحت موضع اهتمام الأدباء والشعراء في المغرب والأندلس باعتبارها فناً من الفنون الشعرية (عبد السوداني، 85؛ فريح، 47). ومن الآثار المستقلة التي تم تأليفها في هذا العصر في مجال الألغاز: ديـوان الألغاز، لأبي العلاء المعـري (تـ 449ه‍) (الشيـخ، 74-75)؛ الألغاز، لأبي أسد الفاروقي (تـ 487ه‍) (البغدادي، هـدية، 1 / 277)؛ الإعـجاز في الأحاجـي والألغـاز، لأبـي المعالـي سـعـد بـن علـي الـوراق الـخـطيري (تـ 568ه‍)؛ توجد مخطوطة منه في مكتبة آستان قدس (رقم 4297) (ظ: آستان ... ، 59)؛ حلية الطراز في حل الألغاز، لعبد الرحمن بن أبي البركات الأنباري (تـ 577ه‍ ) (البغدادي، هدية، 1 / 519).
وبجانب هذه الآثار لقد اندرجت كثير من الألغاز والأحاجي في طيات الكتب الأدبية والبلاغية على مر العصور كما أصبحت مقامات الحريري محط الأنظار وموضع اهتمام كبير بما فيه من الألغاز النحوية والفقهية وما سواها (عبد السوداني، 86). ومنذ ذلك الحين، اتسع نطاق هذا الفن إلى حد كبير، بحيث نكاد لانجد شاعراً في عصر المماليك، تخلو أشعاره من الألغاز والأحاجي. ويعتبر ابن عنين (ن.ع) ممن برعوا في هذا الفن وکان له باع طویل فیه، بحيث یتضمن دیوانه قسماً كبيراً من الألغاز (ظ: ص 149- 178؛ ابن خلكان، 5 / 17؛ موسى باشا، 597). ويدعو بعض المعاصرين إلى إطلاق اسم «ذوات الألغاز» على من اشتهروا بنظم قصائد خاصة في اللغز في عصر المماليك أمثال ابن الساعاتي (م.ن، 598).
يعتبر السيوطي أول من قدم تقسيماً تاريخياً للألغاز؛ فقسمها إلى أقسام عدة: 1. الألغـاز التي ابتكرها العرب؛ 2. الألغاز التي أبدعها كبار علماء اللغة؛ 3. الألغاز التي لم توضع بهدف اللغز، ولكنها تحولت إلى ألغاز صدفة. ويضيف السيوطي قائلاً: يقسم اللغز في الأصل إلى نوعين: 1. الألغاز التي يكون بناؤها الدلالي لغزاً. وقد سمي هـذا النوع «أبيات المعاني» أيضاً؛ 2. الألغاز القائمة على أساس اللفظ والتركيب والإعراب، ثم يذكر أمثلة لكل منها (1 /  578).
ومنذ القرن 7ه‍ وما تلاه ازداد عدد المؤلفات في مجال الألغاز والأحاجي ومنها: حلل مطرز در فن معما ولغز (بالفارسیة) لشرف الدین علي بن محمد اليزدي الذي أسلفنا ذكره وهو مؤلف ظفرنامه (حاجي خليفة، 1 /  688)؛ كنز الأسماء في فن المعمى لمحمـد بـن أحمـد قطـب الـديـن الـمكـي النهـروالـي (تـ 988ه‍( (ظ: GAL,II / 501)؛ جلاء الدياجي في المعميات والأجاجي، لإبراهيم بن عيسى الحوراني (تـ 1334ه‍(؛ وكذلك تسهيل المجاز إلـى فن المعمى والألغاز، لطاهـر بن صالـح الجزائـري (تـ 1338ه‍) (سورية، 1303ه‍).
یرى البعض أن واضع المعمى هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، بینما ذهب آخرون إلى أن واضع هذا الفن علي بن أبي طالب (ع) (ابن نباتة، 267؛ طاشكبري زاده، 1 / 253؛ أيضاً ظ: EI2,V / 806). وأما فيما يتعلق بالأحاجي، فقد قيل إن أول من وضعها واختار لها اسم الأحجية، هو الحريري (تـ 515ه‍(. وقد نظم في مقامة «الملطية» 20 أحجية (البغدادي، عبد القادر، 3 / 113). ومن الآثار القیمة التي ألفت في مجال الأحاجي كتاب الأحاجي النحويـة (أو المحاجاة بالمسائـل النحويـة) لجار الله الزمخشـري (تـ 538ه‍) وقد طبع في 1969م وكتـب عليه علي بـن محمد السخـاوي (تـ 643ه‍) شرحاً بعنوان تنوير الدياجي في تفسير الأحاجي وتوجد مخطوطته في مكتبة جامعة طهران المركزية (رقم 154) (المركزية، 2 / 355-357).

المصادر:  

آستـان قـدس ف،  الفهرست؛ ابـن الأثيـر، نصـر الله، المثـل السائـر، تق‍ : أحمد الحوفي وبدوي طبانة، القاهرة، 1381ه‍ / 1962م؛ ابن حجة الحموي، أبوبكر، خزانة الأدب، بيـروت، 1304ه‍ ؛ ابـن خلكـان، وفيـات؛ ابـن ظافـر، علي، بدائع البدائـة، تق‍ : محمد أبـو الفضل إبراهيم، القاهرة، 1970م؛ ابـن عنين، محمد، ديـوان، تق‍ : خليل مـردم بـك، دمشق، 1365ه‍ / 1946م؛ ابن قتيبة، عبد الله، عيون الأخبـار، تق‍ : يوسف علي الطويل، بيروت، 1985م؛ ابن نباتة، محمد، سرح العيون، تق‍ : محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1383ه‍ / 1964م؛ أبو زيد، علي، البديعيات في الأدب العربي، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ البغدادي، هدية؛ البغدادي، عبدالقادر، خزانة الأدب، بيـروت، دار صادر؛ التهانـوي، محمـد أعلى، كشـاف اصطلاحات الفنـون، تق‍ : شبرنغر،كلكتـا، 1862م؛ الجاحظ، عمرو، الحيوان، تق‍ : عبدالسلام محمد هارون، بيروت، 1388ه‍ /  1969م؛ الجرجاني، علي، التعريفات، بيروت، 1985م؛ الجندي، علي، أطوار الثقافة والفكر، تق‍ : محمد صالح سمك ومحمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1959م؛ الجوهري، الصحاح، تق‍ : أحمد عبد الغفور العطار، طهران، 1368ش؛ حاجـي خليفة، كشف؛ الحسيني الكاشانـي، عباس، حدائق الأنس، قم، 1400ه‍ ‍؛ حمزة الأصفهانـي، التنبيه علـى حـدوث التصحيف، تق‍ : محمـد أسعد طلس، دمشـق، 1388ه‍ / 1968م؛ الرافعي، مصطفى، تاريخ آداب العرب، بيروت، 1394ﻫ / 1974م؛ رشيد الوطواط، محمد، حدائق السحر في دقائق الشعر، تق‍ : عباس إقبال الآشتياني، طهران، 1308ش؛ السيوطي، المزهر، تق‍ : محمد أحمد جاد المولى وآخرون، بيروت، 1986م؛ شمس قيس الرازي، محمد، المعجم، تق‍ : محمد القزويني ومحمد تقي مدرس رضوي، طهران، 1338ش؛ الشيخ، أحمد محمد، كتب الألغاز والأحاجي اللغوية، طرابلس، 1988م؛ الصفدي، خليل، نصرة الثائر على المثل السائر، تق‍ : محمد علي السلطاني، دمشق، 1391ه‍ / 1971م؛ طاشكبري زاده، أحمد، مفتاح السعادة، بيروت، 1405ه‍ /  1985م؛ عبد السوداني، مزهر، الشعر العراقي في القرن السادس الهجري، بغداد، 1980م؛ العهد القديم؛ فريح، سهام، مقدمة لديوان ابن قلاقس، الكويت، 1408ه‍ /  1988م؛ كحالة، عمر رضا، أعلام النساء، بيروت، 1404ه‍ / 1984م؛ المركزية، المخطوطات؛ موسى باشا، عمر، الأدب في بلاد الشام، بيروت، 1409ه‍ / 1989م؛ النويري، أحمد، نهاية الأرب، القاهرة، 1975م؛ وأيضاً:

EI2; GAL; Lane, E. W., Arabic English Lexicon, Beirut, 1980
بابك فرزانه / خ

 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: