البانیا

ألْبانيا،   دولة تقع في جنوب غرب شبه جزيرة البلقان جنوب القارة الأوروبية.
تبلغ مساحة هذه الدولة حوالي 748,28 كم2 وحسب إحصائيات عام 2012م فقد بلغ عدد سكانها 000,200 نسمة. تقع ألبانيا على الساحل الشرقي لبحر الأدرياتيك وتحدها من الشمال جمهورية مونته نغرو (الجبل الأسود) ومن الشرق كوسوفو ومقدونيا ومن الجنوب اليونان ومن الغرب بحر الأدرياتيك وبحر اليونان (إيوني). عاصمة ألبانيا، مدينة تيرانا التي قدر عدد سكانها عام 2012م بحوالي 000,587 نسمة (ظ: «الموسوعة العالمیة»؛ إنكارتا؛ آلباني، 1). يشكل المسلمون 70٪ من سكان ألبانيا وهي بذلك الدولة الأوروبية الوحيدة التي يشكل المسلمون معظم عدد سكانها. يقطن المسيحيون الأرثوذكس شمال ألبانيا ويشكلون 20٪ من سكانها، أما الكاثوليك فيشكلون 10٪ من السكان ( إنكارتا). وعلى الرغم من هذا التباین، فقد منع التضامن الوطني من الصراعات الناجمة عن الخلافات الطائفية في هذا البلد، ويعيش المسلمون والمسيحيون جنباً إلی جنب البعض بسلام وفي تعايش سلمي (أرنولد، 128). عام 1967م، منعت الحكومة الشيوعية في ألبانيا النشاطات والدعايات المذهبية ونشر التعالیم الدينية مما أدی إلی إغلاق المساجد والكنائس کافة. ثم ألغيت هذه القيود عام 1990م واستأنفت المساجد والكنائس نشاطاتها.
اللغة الرسمية في ألبانيا هي الألبانية وتعتبر فرعاً من فروع اللغات الهندوأوروبية، وتضم لهجتين إحداهما الغيغ التي يتكلم بها سكان شمال ألبانيا والأخری التوسك التي تعتبر اللهجة السائدة في جنوب البلاد ( إنكارتا؛ EI2,I / 650؛ آلباني، 8).
تتميز ألبانيا بمناخها المتوسطي وصيفها الجاف والقصير وشتائها المعتدل وغزير الأمطار. تشهد المناطق الجبلية في الشمال والشمال الشرقي شتاءً بارداً يرافقه تساقط الثلوج والأمطار. يعتبر نهر درين أطول نهر في ألبانيا ومن الأنهار الأخرى فیها يمكن الإشارة إلى مات وأرجن وأشكومبين وسمان وفيوزه. أما البحيرات الهامة فیها، فهي سكوتاري وأوخريد وبرشبا وهي تشكل جزءاً من الحدود مع مقدونيـا واليونان ( إنكارتا؛ آلباني، 1-3؛ EI2,I / 650-651).
تعد ألبانيا واحدة من أغنى دول البلقان من حيث المصادر الجوفية والمناجم، بحیث یتم فیها إنتاج النفط والغاز واستثمار مناجم النحاس والنيكل والحديد والفحم الحجري والكروم. یقوم الاقتصاد الألباني على الزراعة بشكل أساسي ومن أهم منتجاتها الزراعیة الکرم والزيتون ( آلباني، 10-11؛ إنكارتا).

التاريخ:

تعود أولى العلامات التي تدل على وجود الإنسان في هذه البلاد إلى أواسط العصر الحجري القديم وحتى أواخره. ومن الشعوب الأولى التي نزلت في ألبانيا يمكن الإشارة إلى الإيليريايين وهم من الشعوب الهندوأوروبية التي نزلت حوض نهر الدانوب في البلقان في الألف الثاني قبل الميلاد. خلال القرنین 7 و 6 ق.م، أنشأ اليونانيون مستعمرات على السواحل الألبانية، أدت إلى نفوذ الثقافة اليونانية في المنطقة («دائرة معارف ... »، III / 384). عام 167 ق.م، استولى الرومان على ألبانيا. وفي عام 395م، وبعد تقسيم إمبراطورية الروم إلى الشرقية والغربية، انضمت ألبانيا إلى إمبراطورية الروم الشرقية، أو بيزنطة. لقد أشار إلى القوم الألباني لأول مرة ميكائيل آتاليات، المؤرخ البيزنطي في القرن 11م / 5 ﻫ ، حيث ذكر مشاركتهم في تمردات عسكرية حدثت في القسطنطينية عام 1043م / 434ﻫ (پولـو، 28). ظلت ألبانيـا خـلال القرون 4 ـ 9ﻫ  / 10 ـ 15م قضیة یتنازع عليها حکام البلغار والجيتا والإيبروس وناپولي (هرمان،360)، حتى وضع العثمانيون أقدامهم علیها في القرن 8ه‍ / 14م للمرة الأولى.
اقتحمت القوات العثمانیة عام 1386م / 788ﻫ كرويا وإيشوكودرا من المدن الألبانية، وهي خاضعة لحكام البندقية آنذاك؛ غير أنها لم تلبث حتى انسحبت منها تاركة وراءها عدداً من الجنود الأتراك بغية دعمهم الأمراء المحليين المتخاصمين واستطلاعهم المناطق الإستراتيجية (أوزون چارشیلي، 1 / 177-176). في عام 851ﻫ / 1447م جهز السلطان مراد الثاني جيوشاً لشن الهجوم على ألبانيا ونزل في سهل كوسوفو غیر أنه عاد أدراجه بعد زحف المجر نحو الحدود العثمانية (صولاق زاده، 181؛ أحمد رفيق، 243-245؛ هامر پورغشتال، 1 / 439). في أثناء ذلك، هرب غيرغي كاستريوتا، الأمير الألباني الذي كان يخدم في الجيش العثماني ويعرف في المصادر العثمانية بإسكندر بك، واستقر في مدينة كرويا (قزلجه حصار) وجعلها مقراً لمواجهة العثمانيين؛ ثم قام بدعوة رؤساء قبائل ألبانيا إلى كرويا ووحدهم ضد العثمانيين. واستطاع في عام 1443م / 846ﻫ ، أن یلحق الهزیمة بالقوات العثمانية التي توجهت نحوه بقيادة عيسى بك (ظ: عاشق باشازاده، 124-125؛ أوزون چارشیلي، II / 63). وبهذا الانتصار استطاع إسكندربك أن يستعيد أراضي والده. في عام 1444م / 847 ﻫ شنت القوات العثمانية من جديد هجوماً على ألبانيا بقيادة علي بك، حیث أجبرهم إسكندر بك على الانسحاب. وقد احتفل بذلك اليوم الذي صادف 29 من حزیران من نفس العام كبداية لاستقلال ألبانيا. لقد أخفق السلطان مراد الثاني في هجومه على ألبانيا عام 1447م / 851 ﻫ (م.ن،II / 65-66)، غیر أنه في عام 1449م / 853ﻫ تمكن من الاستيلاء على قلعة سيوه تيغرات ومحاصرة كرويا، ولكن لم يلبث حتى تخلى عن الحصار وعاد أدراجه. وفي السنة التالية جدد هجومه على أراضي ألبانيا، بيد أن هجوم المجر على الحدود العثمانية اضطره إلى الانسحاب (م.ن، II / 66-68). وفي ربيع 869ﻫ / 1456م، اقتحم السلطان محمد الثاني، الملقب بالفاتح ألبانيا بجیش جرار وحاصر كرويا عاصمة حكومة إسكندر بك (عاشق باشا زاده، 134-135). وفي تلك الأثناء، استنجد إسكندر بك بالمجر وحکام ناپولي والبابا وبدعمهم تمکن من هزیمة القوات العثمانية التي حاصرت كرويا (أوزون چارشیلي، II / 71-72). سار السلطان محمد الثاني في نفس السنة بجيشه إلى ألبانيا وحاصر جيوش إسكندر بك الذي كان مريضاً آنذاك وتوفي في جمادى الآخرة عام 872ﻫ / كانون الثاني 1468م. ورغم أن ألبانيا لم تخضع للحكم العثماني فور وفاة إسكندر بك؛ إلا أنها وبعد أن استمرت المنازعات فيها بين القوات العثمانية وحكام البندقية وأمراء ألبانيا لمدة 10 سنين، وقعت أخيراً تحت سيطرة العثمانيين وذلك في عام 883ﻫ  / 1478م (م.ن، II / 72-75). وبقيت علی حالها حتى نهاية الحكم العثماني في أواسط 19م حيث ظهرت نزعات استقلالية فيها ولم يلبث حتى أسس القادة الألمانيون في العاشر من حزيران عام 1878جمعية للدفاع عن حقوق الألبانيين في مدينة بريجرين في كوسوفو. وقررت هذه الجمعية الخط اللاتيني خطاً رسمياً لألبانيا (EI2,I / 42؛ «دائرة معارف»،  III / 386؛ إنكارتا). وبين أعوام 1910 حتى 1912م، شنت الدولة العثمانية حملات على ألبانیا، حيث كانت رافضة لحكمها الذاتي وفي عام 1912م وعقب أولى الحروب فـي البلقان نالت ألبانيـا استقلالهـا وعين إسماعيـل كمال بك رئيساً لها. وفي مؤتمر لندن سنة 1913م، اتفقت بريطانيـا وألمانيا على إيجاد حكومـة ملكية مستقلة باسم ألبانيـا ( إنكارتا؛ نقيب زاده، 124؛ موجل، 144-245). ثم وقع الجزء الشمالي من ألبانيا تحت احتلال بعض الدول الأوروبية في خلال الحرب العالمية الأولى وأخيراً استعادت استقلالها عام 1920م بعد انسحاب القوات الإيطالية منها ( إنكارتا).
تولى أحمد بي زووغولي المعروف بزوغلو عام 1925م الحكم في ألبانيا بمساعدة يوغسلافيا وأعلن عن قيام جمهورية ألبانيا وبقي رئيساً للجمهورية حتى عام 1928م، ثم شهدت ألبانيا تغيرات في هيكلها السياسي وحكمها زوغلو حتى عام 1939م بصفته ملكاً وعرف بالملك زوغ الأول. في أثناء الحرب العالمية الثانية احتلت ألبانيا من قبل إيطاليا عام 1939م، وفر أحمد زوغلو إلى اليونان ( إنكارتا؛ ن.ص، EI2)، وظهرت إثر ذلك العديد من الحركات التحررية لمواجهة قوات الاحتلال، وكان معظمها تحت قیادة الحزب الشيوعي الألباني. بعد انسحاب دول الائتلاف من ألبانيا عام 1944م، تولی أنور خوجه، الأمين العام للحزب الشيوعي الألباني الحكم. وألغى النظام الملكي عام 1946م وأسس جمهورية ألبانيا الديمقراطية الشعبية. كان أنور خوجه خلال تلك الفترة يتمتع بجمیع المساعدات السوفيتية ( إنكارتا؛ جهان معاصر، 387؛ صنعوي، 1 / 316-330). ولكن بعد موت ستالين، وخلال عهد خوروشتشوف في أواخر الخمسینات، ومع اتخاذ الحزب الشيوعي السوفيتي سياسات معادية لستالین، فترت العلاقات بين أنور خوجه والاتحاد السوفيتي حتی قام أنورخوجه بقطع العلاقات الدبلوماسية بين ألبانيا والاتحاد السوفيتي وذلک في عام 1961م (صنعوي، 1 / 330)، ثم خرجت ألبانيا من تحالف وارسو في 1968م. وتولی راميز عليا، الأمين العام للحزب الشيوعي الحكم بعد وفاة أنورخوجه في 1985م وحكمها حتى انهار الاتحاد السوفيتي سنة 1989م وإثر ذلك انحل النظام الشيوعي في ألبانيا وتأسست جمهورية ألبانيا عام 1991م. وفي العام التالي انهزم حزب العمل الألباني في الانتخابات البرلمانیة هزيمة ساحقة وانتقلت السلطة السیاسیة إلى الديمقراطيين. ترکت حرب الكوسوفو آثارها علی ألبانیا حیث انحدر إليها الآلاف من اللاجئین. تعتبر ألبانيا حالياً عضواً رسمیاً في الحلف الأطلنطي، الناتو وتطالب بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ( إنکارتا).

المصادر: 

  آرنولد، توماس، تاريخ گسترش إسلام، ﺗﺠ : أبو الفضل عزتي، طهران، 1358ش / 1979م؛ آلباني، دفتر مطالعات سیاسي وبین المللي، طهران، 1388ش / 2009م؛ جهان معاصر، ﺗﺠ : غلامحسين متين، طهران، 1361ش / 1982م؛ رفيق، أحمد، تورکیة تاریخي، إستانبول، 1342ﻫ / 1923م؛ صنعوي، قاسم، گاه شمار أروپاي شرقي، طهران، 1371ش / 1992م؛ صولاق زاده، محمد، تاريخ، إستانبول، 1297ﻫ ؛ عاشق باشازاده، درویش أحمد، تواريخ آل عثمان، (تاریخ)، تق‍ : عاطي‌بڪ، إستانبول، 1332ه‍ ؛ موجل، فرانسوا شارل وآخرون، تاريخ روابط بین الملل، 1815-1990م، ﺗﺠ : علي بيگدلي ومنصور رحماني، طهران،1377ش /  1998م؛ نقيب زاده‌شهر بابكي، أحمد، تحولات روابط بين الملل، طهـران، 1369ش / 1990م؛ هامرپورغشتال، یـوزف، تاريخ إمپراطوري عثماني، ﺗﺠ : میرزا زکي علي آبادي، ﺗﻘ : جمشید کیان فر، طهران، 1367- 1368ش؛ وأیضاً:

 
EI2; Encarta, Microsoft Corporation, 2009; Haarmann, H., Soziologie der kleinen Sprachen Europas,   Hamburg,  1973, vol.I;  Pollo, S. and A.Puto, The History of Albania from Its Origins to the Present Day, tr. C.Wiseman and G.Hole, London, 1981; Türkiye diyanet vakfı İslâma ansiklopedisi,  Istanbul, 1993;  Uzunçarşılı, İ. H., Osmanlı tarihi, Ankara, 1972; World Gazetteer, www. world-gazetteer. com (acc.jun / 30 / 2013)
مهرنوش أرزاقي / ح