اکریدیر

تقع مدينة إكريدير ضمن شبه جزيرة ضيقة صغيرة إلى الجانب الجنوبي الغربي من بحيرة تحمل نفس الاسم على سفح جبل جاميلي (فياروس مونس)، الذي یطلق علیه اليوم اسم جبل إكريدير (IA ، ن.ص). تضم الناحیة جبلین مرتفعین هما جبل بارلا الذي يبلغ ارتفاعه 784‚2 متراً وجبل داوتاس بارتفاع يبلغ 635‚1متراً («دائرة المعارف التركية»، XIV/423). وتبلغ مساحة الناحية 840,1كم2 (YA,V/3514)، وترتفع 924 متراً عن سطح البحر (EI²، ن.ص؛ «دائرة معارف الديانة ... »، X/494).

خلفيتها التاريخية:  

لم تردنا معلومات وافية عن تاريخ المدينة في العصور الماضية، وكل ما نمتلكه في هذا الصدد هو أن المدينة كانت تخضع لحكم الحثيين والهلينيين (اليونانيين) والرومان قبل ميلاد المسيح (YA,V/3533). أما في القرون الوسطى، فكان يحكمها  البيزنطيون (أوزون چارشيلي، ن.ص). بعد معركة ملازكرد، هاجمت القبائل التركية تلك الناحية (الآقسرائي، 16) وتمكنت مـن فتحها، بعد هزيمـة الجيوش البيزنطية أمـام قلج أرسلان في ميريوكفالون (قرب أنقرة) شمالي بحيرة إكريدير عام 572ه‍/1176م (أونلو، 184)، أما في عام 600ه‍/1203م  فقد سقطت إسبرطة (مختصر ... ، 24؛ يازجي زاده، 62) وإكريدير بأيدي سلاجقة آسيا الصغرى (سلاجقة الروم)، وأحالوا إدارتهما إلى إحدى القبائل التركمانية بزعامة حميد بك (أوزون چارشيلي، ن.ص). وقد سعى الأمراء السلاجقة في إعمار المدينة واتخذوها مصيفاً يستجمّون فيه (IA ، ن.ص).

بعد انهیار دولة سلاجقة آسيا الصغرى وتفککها، خضعت مناطقهم للحکم الإیلخاني وأصبحت جزءاً منه وأقدمت القبائل التركية على تشكيل بعض الحكومات مدعومة بالعمال الإيلخانيين في الأناضول وبادر بنو حميد الذين كان یتزعمهم فلك الدين دندار آنذاك، بتشكيل حكومة ونقلوا العاصمة من مدينة بورلو إلى إكريدير، وأطلقوا علیها عنوان فلك آباد(شرف الدين، 426 ألف ـ426 ب؛ أبو الفداء، 379؛ أوزون چارشيلـي، 62). یقول حمد الله المستوفي(ص 99) إن المدينة كانت ترسل خراجها البالغ 0004, دينار إلى خزانة الإيلخان. فور وفاة أولجايتو، أعلن فلك الدين الاستقلال عن الحکم الإیلخاني غير أن والي الإيلخانيين في الأناضول، دميرتاش (تيمورتاش) تمکن في إلحاق الهزيمة به، وفتح المدينة عام 724ه‍/1324م. ومنذ ذلك الحين انقسمت رقعة حكم بني حميد وحاضرتها مدينة إكريدير إلى جزئين شمالي وجنوبي وبعد فترة استولى العثمانیون علی الجزء الشمالي بينما خضع الجزء الآخر من المدینة لسیطرة القراخانيين (بكمان، 47).

استولـی خضر بک، نجل دندار من جدیـد علی إکریدیر بعد أن غادرها تیمورتاش هارباً إلا مصر عام 725ه‍ . وحكم المدینة أمراء بني حميد لمدة معینة وسکوا العملة باسمهم، منها المسكوکة الحسامية المسماة باسم حسام الدين إلياس (أوزون چارشيلي، 63-64). وبدوره سک نور الدين محمد القراماني عملة باسمه في الجزء الشمالي من منطقة إكريدير، رقعة حكم بني حميد (م.ن، 17). وفي 792ه‍/1390م استولى السلطان العثماني مراد الأول على إكريدير (نشري، I/224 ؛ الإسترابادي، 314؛ بكمان، ن.ص). قرر تیمور الاستيلاء على إكريدير، خلال غزوه لآسيا الصغرى، ولما تناهى إلى سمعه أن أهل المدينة لجأوا إلى جزيرة نيس (نسين) ــ إحدى جزيرتـي بحيـرة إكريديـر ــ حاصرها وفتحها سنة 805ه‍/1403م (شرف الدين، ن.ص؛ سعد الدين، 1/211)، محیلاً إدارتها إلى محمد القراماني (أوزون چارشيلي، ن.ص). أخيراً وفي 828ه‍/1425م خضعت المدینة تماماً للحکم العثماني («دائرة معارف الديانة»، X/494 ؛IA,IV/199)، وباتت جزءاً من ولاية قونية الخاضعة للدولة العثمانية (سامي، 2/1013)، وفي نهاية المطاف انضمت المدينة إلى ولاية إسبرطة، بعد الإعلان عن الجمهورية.

بالرغم من أن المدینة فقدت ازدهارها وبريقها إبان الحكم العثماني إلا أنها کانت ذات أهمیة ومکانة متمیزة في العصور السالفة لاسیما في عهد السلاجقة وأمراء الأناضول («دائرة معارف الديانة»، ن.ص)، بحيث وصفها ابن بطوطة بأنها مدينة کبری، بعمارات وأسواق جمیلة وحدائق تلفت الأنظار، متحدثاً عن جمال بحیرتها ومستذکراً لقائه بالأمیر أبي إسحاق بن دندار(ص 294-295).

تضم المدينة عدداً من المعالم التاريخية منها القلعة، مسجد خضر بك، المدرسة الحجرية، مقبرة بابا سلطان على الطريق التي تربط إكريدير بإسبرطة (YA,V/3601؛ «دائرة معارف الديانة»، ن.ص). وكذلك خان إرتوكوش‌ ‌‌الواقعة على بعد 45كم عن طريق إكريدير وآق شهر (أوزبك، 293).

المصادر: 

  الآقسرائي، محمود، تاريخ سلاجقة (مسامرة الأخبار ومسايرة الأخيار)، تق‍ : عثمان توران، أنقرة، 1944م؛ ابن بطوطة، رحلة، تق‍ : محمد عبد المنعم العريان، بيروت، 1987م؛ ابن فضل الله العمري، أحمد، مسالك الأبصار، تق‍ : فؤاد سزگين، فرانكفورت، 1408ه‍/ 1988م؛ أبو الفداء، تقويم البلدان، تق‍ : دوسلان، باريس، 1840م؛ الإسترابادي، عزيز، بزم ورزم، إستانبول، 1928م؛ حمد الله المستوفي، نزهة القلوب، تق‍ : كي لسترنج، ليدن، 1331ه‍/1913م؛ سامي، شمس الدين، قاموس الأعلام، إستانبول، 1306ه‍ ؛ سعد الدين، محمد، تاج التواريخ، إستانبول، 1279ه‍ ؛ شرف الدين علي اليزدي، ظفرنامه، طشقند، 1972م؛ مختصر سلجوق نامه لابن بيبـي، تق‍ : هوتسمـا، ليـدن، 1902م؛ يـازجـي زاده، عـلـي، تـواريـخ آل سلجـوق، ( أوغوزنامه)، تق‍ : هوتسما، ليدن، 1902م؛ وأيضاً:

EI²; IA; Neşrî, M., Cihan-Nümâ, Ankara, 1987; Özbek, Ö., »Eğridir Mübarizüddin Ertokuş Kervansarayı«, Vakıflar dergisi, Ankara, vol. XI; Pekman, A., Perge tarihi, Ankara, 1973; Türk ansiklopedisi, Ankara, 1966; Türkiye diyanet vakfı İslâm ansiklopedisi, Istanbul, 1989; Ünlü.,N., Anahatlarıyla Islâm tarihi, Istanbul, Marmara üniversitesi; Uzunçarԫılı, İ. H., Anadolu beylikleri ve Akkoyunlu, Karakoyunlu devletleri, Ankara, 1984; YA.
علي أكبر ديانت/ه‍.

,