الصفحة الرئیسیة / المقالات / الاصلاح السیاسی _ الاجتماعی و السیاسه الدینیه لاکبر شاه /

فهرس الموضوعات

الاصلاح السیاسی _ الاجتماعی و السیاسه الدینیه لاکبر شاه


تاریخ آخر التحدیث : 1441/10/22 ۲۳:۵۴:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

الإصلاح السياسي ـ الاجتماعي والسياسة الدينية لأكبر شاه:  عندما تسنم أكبر العرش كان قد ورث حكماً قلقاً وبلداً مضطرباً وواجه بادئ الأمر مصاعب جمة (ظ: شرما: «السياسة الدينية لأباطرة... »، 17). وفي  وقت  كان  فيه  الحكام  المغول المسلمون مازالوا يبدون غرباء في عيون الحشود من الهندوس لا أكثر (م.ن، «السياسة الدينية لأكبر»، 305)، بلغ أكبر بجهوده المتواصلة بإمبراطورية الهند مرتبة من القوة والرسوخ لم يبلغها سابقوه أبداً (ظ: پوليتلا، 24-25)؛ ولهذا السبب، وُصف بأنه المؤسس والمنظِّم الحقيقي للإمبراطورية (لين پول، 1)، بل وأبوالشعب وخالق فکرة القومية الهندية (نهرو، نگاهي ... ، 1 / 601).
وكان ألمع جوانب شخصية أكبر هو بعد نظره ورعایته للعدالة والحرية وروح التسامح لديه  (ظ: غراهام، 106-107؛ كريشنا مورتي، 55) والتي مكنته ــ إلى جانب انتصاراته العسكرية وطول فترة حكمـه ــ من إقرار سلسلة من السياسـات الإصلاحية الاجتماعية والدينية وتنفيذها (ظ: بنرجي، 51-55). مع ذلك كله ولما كان أكبر ذا شخصية غير عادية ومعقدة خاصة من حيث المعتقـد الديني (غراهام، 107)، فقـد عُدّ ــ في رأي فريـق من الباحثين ــ سياسياً بارعاً، بـل سياسياً داهية أكثر مـن كونـه مصلحاً دينيـاً (ظ: نهرو، ن.م، 1 /  609). وقد دعت هذه الخصيصة باحثين كثيراً إلى التأمل في شخصيته وإبداء آراء مختلفة بشأنه ترجع جميعها في نهاية المطاف إلى مصدرين رئيسين: الأول رأي أبي الفضل العلامي المؤيِّد الذي انبرى من خلال كتابي آيين أكبري وأكبرنامه بصفتهما التاريخ الاجتماعي لعهد أكبر للتقویم الإيجابي لجميع أعماله؛ والآخر رأي عبد القادر البدايوني، حيث انتقد إليوت في مختارات من كتابه منتخب التواريخ سلوك أكبر السياسي والاجتماعي والديني (ظ: إليوت، 277). ومع كل هذا واستناداً إلى مجموعة الروايات التاريخية يمكن القول إن سياسات أكبر الدينية وإصلاحاته كانت تدل من جهة على عزمه الواعي والقائم على فكر راسخ وهدف محدد (ظ: شرما، ن.م، 310)، ومن جهة أخرى کانت تتغیر حسب الظروف.

1. شخصية أكبر:

ما یجدر بالقول أن هناك عدة عوامل أثرت على تكوين شخصية أكبر تأثيراً هاماً ومن أهمها أنه قضى أيام الطفولة والحداثة في الأسفار الحربية برفقة أبيه همايون وهذا ما جعله صبوراً حليماً محنكاً كما منحه حالة وجدانية تأملية (أكرم، 87)؛ غير أن الفرص فاتته ليشتغل بالتعلم والدراسة ولذلك كان أمياً تماماً حين اعتلى العرش في الثالثة عشرة من عمره (رامپوري، 1 / 6، الهامش). لكنه تربی تحت أحضان أمه حتى أصبح رجلاً متديناً جداً ذا نزعة تقليدية (قرشي، 49) ومن ثم أبدی اهتماماً بالتصوف ومذهب الدراويش (ظ: توزك ... ، 1-2) وإنه كان مسلماً متديناً ملتزماً بالطقوس الدينية إلي أن بلغ نحو العشرين، فيمكن القول بأنه ترعرع في ظل بيئة خاضعة تماماً للسلطة الدينية التقليدية (ظ: شرما، «السياسة الدينية لأباطرة»، 16؛ أکرم، ن.ص) كما عاش في طوال هذه الفترة تحت سلطان بيرم خان ونفوذه وهو الوصي عليه وكان بيرم خان على مذهب الشيعة وله دور كبير في اعتلائه العرش (نوائي،3 / 316؛ فدائي،2 / 203-204). ويبدو أن أكبر بدأ منذ ذلك الحين وبفضل ذهنه الوقاد يكتسب تجاربه الروحية والاجتماعية والسياسية، حيث قيل إنه كان يسهر الليالي ليتأمل في الله وسبيل الوصول إليه (شرما، «السياسة الدينية لأكبر»، 306؛ إليوت، 278).

2. أكبر في مواجهة المجتمع: 

کان أسلاف أكبر علی المذهب السني الممتزج بالمعتقدات السائدة في آسيا الوسطى وفيما كان لهم باع طويل في المجالات الاجتماعية والسياسية والحكومية كانوا علماء متمسكين بالتراث والتقاليد، رافضين أي رؤية معارضة لهم، كما كانوا يتمتعون بالقوة السياسية والاقتصادية (غراهام، 110-111,113؛ أيضاً ظ: قرشي، 44-45). من جهة أخرى كان المجتمع الهندي المؤلف معظمه من الهندوس، يرضخ للخرافة والمعتقدات الخرافية التي كانت السمة الدينية الأبرز في ذلك العهد (غراهام، 113).كانت تتجلى تلك الخرافات في المجتمع من خلال تقاليد قاسية وغير إنسانية کحرق الأرملة مع جسد زوجها وحظر زواج الأرملة (نوائي، 3 / 319؛ بنرجي، 51-54). وکان یری أكبر في كل ذلك خروجاً عن جادة العدل والصواب لاسيما وأن الحكام
المسلمين كانوا يفرضون رسوماً على الهندوس، منها دفع الجزية ودفع الرسوم مقابل زيارة الهياكل الهندوسية (ظ: ن.ص؛ قرشي،49؛ پوليتلا،26). أما حسب آلية النظام الأرستوقراطي، فقد كان الأعيان من الأصول التركية يتصدرونه ويليهم الإيرانيون ومن ثم الهندوس والمسلمون الهنود الذین کانوا في تنافس ونزاع وخلاف دائم فیما بینهم (ظ: بدي،74-75 ؛ عالم خان،29-30 ) وكان هولاء الأعيان من القوة بمكان استطاعوا أن يثوروا مراراً في وجه الإمبراطورية الحاكمة وأن يثيروا تمردات وحركات خطیرة (بدي، 72).كل تلك العوامل والأسباب وكما أظهرت تصرفات أکبر فيما بعد، أوجدت لديه شعوراً بالحاجة الملحة للعمل في سبيل الإصلاح.

3. التطورات الروحية لدى أكبر؛ الدوافع والأفكار الإصلاحية:

لقد کانت التحرك بوعي نحو ترسيخ فكرة الوطنية الهندية بعيداً عن الفرقة المذهبية، الإنجاز الأعظم الذي حققته أفكار الإصلاحية، ما قاد المجتمع الهندي نحو الوحدة الوطنية (نهرو، كشف ... ، 1 /  438)، وهذا ما أشاد به العديد من المفكرين (مثلاً ظ: م.ن، نگاهي، 1 / 601؛ أيضاً خان، 1351ش، عد 1، ص 819). وكان أكبر يسعى إلى القبول بالدين بعد تبيينه وتبريره عقلياً (ظ: كريشنا مورتي، 58؛ نهرو، كشف، ن.ص). ومن خلال ذلك التوجه حيال الدين ،تكونت رؤيتان مختلفتان بشأنه، فهناك من اعتبره مسلماً ومن رآه خارجاً عن الدين (ظ: غراهام، 107-108؛ إليوت، 281-282 ).
یعتقد البعض أن أکبر قد أعرض وناء بجانبه عن الدین والمعتقدات الدینیة متأثراً بالفيضيين، أي الشيخ مبارك ونجليه أبي الفضل العلامي والفيضي الشاعر وأيضاً بالشعراء والمفكرين الذين أتوا إلى البلاط الهندي، قادمين من إيران (إليوت، 280-281؛ قرشي، 45-46). وما یجدر  بالذکر  أن  عدداً  کبیراً  من هولاء  الشعراء  والمفکرین  والعلماء الإیرانیین کانوا قد التجأوا ببلاط همایون وأکبر، هرباً من الظلم الصفوي والعصبية الدينية (إسکندر، 1 / 476؛ فلسفي، 3 / 49) وکان قد وصف معظمهم کمفکرین أحرار یتمیـزون برؤاهم الحديثة والمناهضة للتقليد (نظامي، «عن التاريخ... »، 24-25). إلا أن أكبر كان يحمل أفكاراً حديثة (پوليتلا، 23) ورغم عدم تلقيه التعليم المدرسي، ولكنه كان ولوعاً بالبحث المتواصل ومشغوفاً بالتعلم واكتساب العلم ومهتماً بالقضايا الدينية (غراهام، 113؛ لاو، 144). بالإضافة إلى أنه قد اتخذ بعض الخطوات في سبيل الإصلاح منها إعفاء الزوار الهندوس عن دفع الرسوم والجزية وهذا خير دليل على نفسيته المتسامحة (قرشي،49). كانت إحدى النتائج التي أفرزها إلغاء الرسوم والضرائب هي أن جزءاً كبيراً من الراجبوت المتمردين التحقوا بركب أكبر (عالم خان، 32)، هذه النتيجة وما تلاها من خطوات بما فيها عقد القران على إحدى نسائهم وتوظيف الهندوس في إدارة الشؤون البلاد، كانت تحركات الكبرى نحو الوحدة وبسط الإمبراطورية وتوسيعها رغم بعض التحفظ الذي أثاره لدی أوساط المسلمين المتمسكين بالتقاليد (پوليتلا، 25؛ لين پول، 26).

4. خطة الرئاسة الروحية:

لقد قطع أكبر شوطاً كبيراً في سبيل تعزيز ثقافة التسامح والتعقل في المجتمع بعد أن بادر بإنشاء دار للعبادة، أو رابطة الصحوة حيث شيد عمارة مميزة للرابطة في العاصمة فتح بورسيكري عام 983ه‍‍ / 1575م، ودعا إليها أولاً العلماء  من  أهل  السنة  واستقبل  تدريجياً علماء الأديان والمذاهب والفرق والملل كافة.  كانت  تلتئم  في  دار العبادة حلقات  متعددة مساء كل خميس بعـد الصلاة وكان أصحاب الـرأي يتناقشون فيها ويتباحثون وكان يتفقدها أكبر شخصياً ويشارك في مباحثاتهـا (أبو الفضل، أكبرنامه، 3 / 252-253؛ غـراهام، 113-114؛ إليوت، 278-279).
طرح أكبر بعد فترة وجيزة خطة جديدة، ففي شهر رجب من عام 987ه‍ ،جرى إعداد وصياغة محضر ــ وثيقة خطية ــ قيل إنه جاء بطلب من رجال الدين ولكن كان في الحقيقة بإشارة أكبر وإرادته يسمح له المفاضلة بين مختلف الفتاوي بشأن قضية ما حسب رأيه وبذلك أصبح أكبر فعلاً صاحب أعلى رتبة دينية في البلاد، حاله حال أي مجتهد من الطراز الأول ما يعادل الإمام العادل، هذا بالإضافة إلى السلطة الملكية التي كان يتمتع بها، دون أن يتجرأ أحد على إبداء المعارضة، أو الاحتجاج وفي نـفس العام، أسس سنة الخطبة (ظ: أبوالفضل، ن.م، 3 / 270-271؛ پوليتلا، 28؛ غراهام، 114-115؛ قا: إليوت، 289-291). ومنذ ذلك الحين استخدم أكبر جمیع تلك الإمكانيات في سبيل الترويج لآرائه وأفكاره. ولهذا اعتبر البعض كل ذلك بأنه قد يكون محاولة من أجـل بلـوغ مكانـة تـوازي مكانـة البابـا (لـدى المسيحييـن) (ظ: پوليتلا، 27,29) كما يعتبرون الدافع الأساسي لكل ذلك الحصول على السلطة المطلقة (قرشي،  61؛ عالم خان، 34).

5. الدوافع السياسية: 

لا تتوقف دوافع أكبر في الإصلاح السياسي والاجتماعي والتساهل الديني عند نقطة واحدة ولايمكن الاقتراب منها من جانب واحد فقط، بل ينبغي النظر إليها بالتوازي مع عوامل أخرى، حيث إن ذكاؤه ورؤيته الفذة وطموحه للقوة من أجل بسط الإمبراطورية وتعزيزها لم تكن سوى أحد أجزاء تلك الدوافع، إذ أنه وإن كان يتمتع بالحنكة العسكرية كان يفضل توظيف المشاعر بدلاً عن القوة في تحقيق مآربه (ظ: نهرو، نگاهي، 1 / 602). كان أكبر يحكم بلاداً تجاور الدولة الصفوية التي كان ملكها المرشد الأعلی والزعيم الروحي للبلاد (ظ: أطهر علي، 41). كما كان العثمانيون باسطين سيطرتهم على الجزء الأکبر من العالم الإسلامي وأجزاء من القارة الأوروبية بالسلطة الدينية وكان لكليهما أن يكونا أسوة حية لأكبر في ذلك العهد (ظ: پوليتلا، 29-30). ومن جهة أخرى كان رجال الدين المتواجدون في السلطة والمتمسكون بأذيال الماضي، يشكلون حجر عثرة أمام تعزيز سلطة أكبر وبسطها لنفوذهم في أوساط المجتمع. وعلى هذا كان يحاول أن يبني أركان سلطته على أسس مختلفة عن المؤسسة الدينية التقليدية، غير أنه قد يكون الموقعون على المحضر ــ وهم من علماء التسنن ــ الآنف الذكر، قد اتفقوا مع أكبر، ليس بسبب سطوته وضغوطه، بل من أجل تقويض نفوذ الإيرانيين الشيعة (م.ن، 30). ناهيك عن أن أكبر كان يتفاعل فقط مع رجال الدين المتساهلين مع أبناء بلاده الذين كان معظمهم غير مسلمين (خان، 1351ش، عد 1، ص 818). وكما  جرى  فيما بعد إن الكثير من رجال الديـن والقيادات الدينية التي عـارضت إبداعاته الفكريـة  قـد تخلص منهـم بالنفـي، أو القتـل بالخفـاء (ظ: قـرشي، 68-69).
أثارت خطوات أكبر وإجراءاته موجة من الاحتجاجات والتمرد في البلاد (أبو الفضل، أكبر نامه، 3 / 271؛ نظامي، «الدولة... »، 165؛ لاو، 146) فاتهموه بترك معتقداته الدينية والانتماء إلى التشيع والبرهمية ومن ثم اعتبروه كافراً وفي المقابل، رفض أكبر تلك الاتهامات وأكد على إسلامه (أبو الفضل، ن.م، 3 / 272؛ عالم خان، 35). ویبدو أنه قد انتقم من بعض الرجال الدين المعارضين بما فيهم الشيخ عبدالنبي وملا عبدالله سلطانبوري بطريقته الخاصة (ظ: أبو الفضل، ن.م، 3 /  278).
وأخيراً قد قضى أكبر على التمرد، مستعيناً بقواته العسكرية (بدي، 72,75-76). وبعد السيطرة على الأوضاع، تغير النظام الأرستوقراطي السائد والطبقات العليا في الإمبراطورية الهندية وتواكبت مع العصر وإن يري البعض أن أكبر كان يريد استبدال جماعة بجماعة أخرى أي رفع مكانة الراجبوت من خلال توظيف عامل الدين والدعوة إلى التسامح (ظ: غراهام، 118-119)، لكن أكبر  ومع  تحقيق  هذه  الغاية  وبعد التوقيع على ذلك المحضر، وجد الفرصة متاحة أمامه من أجل الترويج لأفكاره المتسامحة وتكريم العلم والوعي وأن يجمع بسهولة حوله الهندوس والمسيحيين والفرس وغيرهم (ظ: پـوليتـلا، 29) وأن يغتنم الفرصة من أجل نيل السلطة المطلقة سياسياً وروحياً، مستغلاً الفراغ الناجم عن نشوب الخلافات بين رجال الدين وانشغالهم بتبادل التهم فيما بينهم (غراهام، 111).

6. المرحلة التأسيسية لإبداع ديانة جديدة (الدين الإلٰهي):

تبنی أکبر بعد القضاء على التمردات الكبرى وتعزیز مكانته، سياسة مزدوجة وبدأ بالترويج لنظرية «السلام العام» واتجه نحو تنوير السياسة المذهبية دون إثارة أي ضجة وبعيداً عن الأضواء. وعلى ذلك قام بتنفيذ أهم خططه وأوجد ديانة جديدة أطلق عليها «الدين الإلٰهي» حيث كانت في تناسق تام مع باقي أفكاره بما فيها إنشاء دارالعبادة وحرية التعبير والمعتقدات والترويج لفلسفة السلام العام، كما أقدم علی تعديل التاريخ، إكمالاً لأجزاء هيكلة هذه الفكرة. فأمر عالماً ايرانياً يدعى أمير فتح الله شيرازي بتطبيقها واعتبر تاريخ تسلمه مقاليد الحكم كبداية التقويم الإلٰهي ـ العام الإلٰهي ـ (أبوالفضل، آيين أكبري، 1 / 193). لم تستند الديانة الإلٰهية التي أطلق عليها أكبر رسمياً عنوان التوحيد الإلٰهي إلى كتاب معين (شرما، «السياسة الدينية لأكبر»، 466؛ كريشنا مورتي، 53)، بل كانت مزيجاً من بعض التقاليد ومعتقدات مختلف الديانات وفي الحقيقة كانت نوعاً من الفلسفة الفردية للحياة التي استخرجها أكبر من خلال التوفيق بين المناقشات دارالعبادة (شرما، كريشنا مورتي، ن.صص؛ قا: إليوت، 282).
يربط البعض التغيير في تفكير أكبر بالأفكار التي تناولتها دارالعبادة وبالديانتين الهندوسية والبرهمية والاجتماعات العديدة بين علماء الديانتين وأكبر وأيضاً بالبعثات التبشيرية المسيحية بأفكارها الخاصة حول التثليث والبابا والمسيح (ظ: بدي، 72-73؛ إليوت، 283-284,287-288). وفي حين رأی البعض في أكبر أول باحث في مجال مقارنة الأديان (ظ: شرما، ن.م، 470)، رفض البعض الآخر مثل تلك الرؤية، رابطاً عجزه في الأبحاث المقارنة وعدم قدرته في إبداء المواقف العلمية والعقلية بشأن معرفة الأديان، بعدم تلقیه التعليم المدرسي والرسمي وعلى هذا لم تكن تصرفاته سوى إجراءات بدائية على أساس افتراضات وهمية، بحیث لم يستطع حتى فهم التناقض فيها (قرشي، 69,71).
ما تبقى من أحكام وأقوال من «الديانة الإلٰهية» يشير إلى أن مضمون تلك الأقوال والأفكار هو مبادئ وقوانين حول الدين بمعنی المسلك والطريقة. ولأن الهند والدول المحيطة بها كانت تعتبر مجتمعات دينية، فكان لابد من إضفاء طابع ديني لأي فكرة يراد من وراءها الإصلاح. كل ما قام به أكبر كان في الحقيقة أساليب اتخذها وتبناها من أجل تحقيق غايته الرئيسية وهي خلق الوحدة الوطنية وبسط القانون الواحد والعدالة العامة (قا: نهرو، کشف، 1 / 430-431؛ خان، 1351ش، عد 1، ص 818-819). كان يتطلع أكبر من وراء هذه الجهود إلى التقريب بين الفكر الإسلامي والتفكير المذهبي الهندوسي وهذا ما كان تدل عليه عناوين الكتب التي اختارهـا من أجـل الترجمـة مـن السنسكريتيـة إلـى الفـارسية (ظ: نظامي، «الدولة»، 19).
كان التوحيد الإلٰهي الذي جاء به أكبر عبارة عن مجموعة من القوانين الأخلاقية والاجتماعية كان من شأنها ضبط العلاقة بين الأفراد في المجتمع والطبقات الاجتماعية وأخيراً ضبط العلاقة بين الفرد والمجتمع من جهة والحكومة وعمالها من جهـة أخرى. ولـذلك يصعـب الحديث عنـه كـدين مـن الأديان إذ لم يكن له
حدود معينة وفي الحقيقة لم يكن ديناً (ظ: شرما، ن.م، 468-469 ؛ تشودري، 177)، کما لم تكن له مؤسسة روحية (م.ن، 180؛ پوليتلا، 41). كان أکبر يعتقد حقاً بإمكان عبادة الله بأي طريقة كانـت وبأن وحدانيته تنعكس فـي الأذهـان والخواطر وفـي قلـوب النـاس بشتـى الأشكـال وينبغي أن يكون اعتنـاق الدين بالاختيـار ولا عن طريـق الوراثـة (تشودري، 181؛ پـوليتـلا، 30).
عبر نظرة شاملة في آراء أكبر (ظ: أبو الفضل، آيين أكبري، 3 /  178-191؛ خان، 1352ش، عد 1، ص 70-72، عد 2، ص 136-140؛ دبستان ... ، 1 /  308-314)، يمكن استخلاص ثلاثة جوانب مختلفة في الديانة الجديدة التي جاء بها وهي: معرفة الله وتوحيده، المفاهيم الأخلاقية وأخيراً الأحكام العملية للحياة الاجتماعية. لقد استقی أكبر تلك الأفكار والقوانين من جميع الأديان والديانات، لاسيما تلك التي كانت سائدة في تلك البلاد بشكل كبير؛ كما استخلص العديد من الأحكام الأخلاقية والعملية للتوحيد الإلٰهي من العرفان والتصوف الإسلاميين بالإضافة إلى أن اسلوب اعتناق ديانة أكبر كان قريباً جداً من أساليب العلاقة بين المريد والمراد في الطريقة الصوفية (ن.م، 1 / 301؛ غراهام، ن.ص؛ تشودري، 181,187).
لقد اتسمت الديانة الأكبرية بالاعتقاد بالله والإيمان به والعقلانیة والفلسفة اللطيفة والمرونة من أجل توفير حاجات الحياة المادية (ظ: كريشنا مورتي، 58). من الواضح أن أفكار أكبر وأفعاله التي يراها الإنسان المعاصر بسيطة ويمكن القبول بها كانت بمثابة خروج عن المألوف والحياد عن الدين السائد في عهدها نتيجة صدامها بالمميزات التقليدية الخاصة والمكونة مسبقاً فـي المجتمع الهنـدي ولـذلک أثـارت معارضـة كبيـرة آنئـذ (ظ: پوليتلا، 30-31؛ نهرو، نگاهي، 1 /  604؛ أيضاً بنرجي، 50-51)؛ کما أن سیاسته الدينية وقيادته الروحية لم تلق صدى لدى أوساط الشرفاء والنبلاء والعلماء ولم يكتب لها النجاح في نهاية المطـاف ولم تحقـق أهدافهـا المرجـوة فـي عهدهـا إلا أن أكبر لم‌ يتطلع إلى ابتداع الديانات واختلاق الخرافات كما تحدث بعض الكتب بما فيها كتاب دبستان مذاهب (مدرسة المذاهب) حول أكبر وديانته (ظ: 1 / 287).

المصادر: 

  أبـو الفضل العلامـي، آيـين أكبري، لكنـاو، 1893م؛ م.ن، أكبر نامـه، تق‍ : مولـوي عبـد الرحيم، كلكتـا، 1886م؛ إسكندر بيك المنشي، عالم آراي عباسي، طهران، 1350ش؛ أكرم، محمد، رود كوثـر، لاهور، 1986م؛ تـوزك جهـانگيـري، تق‍ : محمـد هـاشـم، طـهـران، 1359ش؛ خــان، محمـد علـي، «جـلال الديـن محمـد أكبـر شـاه»، تج‍ : محمـد حسين سـاكـت، أرمغــان، طهـران، 1351-1352ش؛ دبستـان مذاهـب، تق‍ : رحيم رضا زاده ملك، طهران، 1362ش؛ رامپوري، محـمد، تاريـخ أوده، كراتشي، 1978م؛ فدائـي، نصر الله، داستان تركتـازان هند، ط حجرية؛ فلسفي، نصرالله، زندگاني شاه عباس أول، طهران، 1334ش؛ نهرو، جواهر لعل، كشف هند، تج‍ : محمود تفضلـي، طهران، 1361ش؛ م.ن، نگـاهـي بـه تـاريـخ جهـان، تج‍ : محمـود تفضلـي، طهـران، 1361ش؛نوائي، عبد الحسين، شاه عباس، مجموعۀ أسناد ومکاتبات تاریخي، طهران، 1366ش؛ وأيضاً:

Alamkhan, I., »The Nobility Under Akbar … «, JRAS, 1968; Athar Ali, M., »Towards an Interpretation of the Mughal Empire«, ibid, 1978; Banerjee, SK., »Social Reforms of Akbar«, The Indian Historical Quarterly, Delhi, 1953, vol. XXIX, no.l; Bedi, P.S., The Mughal Nobility Under Akbar, Jalandhar, 1986; Choudhury, M.L.R., The Din-i-Ilahi, New Delhi, 1985; Elliot, H.M., »Akbar’s Religious Views, as Described by Badauni«, History of India, London, 1907, vol. V; Graham, G.M., »Akbar and Aurangzeb …«, The Muslim World, Hartford, 1969, vol. LIX; Krishnamurti, R., »Akbar’s Philosophy of Life«, The Indian Historical Quarterly , New Delhi, 1944, vol. XX, no. 1; Lane-Poole, S., History of India, London, 1906, vol. IV; Law, N. N., Promotion of Learning in Muslim India, Lahore, 1985; Nizami, Kh. A., On History and Historians of Medieval India, New Dlehi, 1983; id, State and Culture in Medieval India, New Delhi, 1985; Politella, J., »Akbar: Warrior, Devotee and Mystic«, The Muslim World, Hartford, 1966, vol. LVI; Qureshi, I. H., Ulema in Politics, Karachi, 1974; Sharma, S.R., »Akbar’s Religious Policy«, The Indian Historical Quarterly, Delhi, 1937, vol. XIII; id, The Religious Policy of the Mughal Emperors, Lahore, 1937.
منوچهر پزشك / ه‍.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: